لن ينساك المجاذيب ـ نقلا عن الرأي العام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 11:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-25-2003, 07:08 PM

عبدالقادر الكتيابي
<aعبدالقادر الكتيابي
تاريخ التسجيل: 08-28-2002
مجموع المشاركات: 442

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لن ينساك المجاذيب ـ نقلا عن الرأي العام

    جعفر عباس
    جريدة الرأى العام 25/6/2003

    لن ينساك المجاذيب يا ود الطيب
    كنت من من أسعدهم الحظ بالدراسة في آداب جامعة الخرطوم، في فترة كان فيها عبد الله الطيب عميداً للكلية، وكنا كسائر أهل السودان نسميه عبد الله الطيب (حاف) أي نقول اسمه غير مسبوق بألقابه الأكاديمية، ربما إدراكا منا بأن اسمه يغنيه عن تلك الألقاب، .. هو عبد الله الطيب وكفى، وربما لأنه كان دائما إنساناً بسيطا وابن بلد، ومع هذا كان يتمتع بهيبة وكاريزما عجيبة تجعلنا نتهيب الدخول الى مكتبه، بل وحتى طرح الأسئلة عليه اثناء المحاضرات، وأسعدني الحظ مرة أخرى بأن أقتربت منه كثيراً عقب ندوة مغلقة حول «فقه اللغة»، قدمها خواجة زائر وحضرها نفر من الأساتذة وعدد محدود من الطلاب كنت من بينهم، طرحت خلالها بعض الأسئلة من باب إثبات الوجود، وربما «استعراض» عضلاتي الرخوة في ذلك المجال، ولكن يبدو ان تلك الأسئلة راقت للبروف، فوقف معي طويلا بعد الندوة يناقشني حول أمور متعلقة بالندوة، وقد حسب ان قبتي تحتها شيخ، وكانت زنقة تصببت خلالها عرقا، ولكنه كان سعيداً لان بين طلابه من يقدر على الجدل الأكاديمي، وصار كلما لقيني في دهاليز الكلية حدثني في هذا الأمر او ذاك، حتى كبر رأسي وانتفخ: عبد الله الطيب شخصياً يتونس معي في الممرات؟ لابد ان أكون طالباً متميزاً ومش ساهل! وفي نهاية احد الأعوام الدراسية، رسب طالب كنت أعرف ظروفه جيداً في جميع المواد، وهو بالسنة الأولى، وكنت انا في السنة الثالثة،.. كان الطالب يتمتع بذكاء حاد، ويعتمد فقط على ذكائه للنجاح في الامتحانات، وكان من أسرة هي الفقر بعينه، وجاء الى الخرطوم وبهرته المدينة فهام بحب الباسطة والآيسكريم، ثم عرف طريق رويال وغيرها من الخمارات الشعبية.. فكان يقضي فيها ضعف الوقت الذي يقضيه في الكلية، ولو اقتصر الأمر على رويال وأخواتها، ربما لما أصابه ما أصابه من رسوب أدى الى فصله من الجامعة،.. انجر صاحبنا الى دنيا البنقو وصار مسطولاً بالنهار وسكراناً بالليل، وبالتالى أصبحت علاقته بالجامعة «ترانزيت»، يأتيها فقط في طريقه الى وسط المدينة بين الحين والآخر،..وكان الرسوب والفصل من الجامعة صدمة جعلته في حالة انسطال دون حاجة الى بنقو، وكان من حقه ان يعيد السنة كممتحن خارجي، ولكنني كنت اعرف انه بدون مسكن وطعام مجاني لن يتمكن حتى من اجتياز امتحان في الإملاء، وتحدثت معه عن نقائصه فأبدى أسفاً على انشغاله بملذاته كليا وانصرافه عن الدراسة، و.. و.. و..
    المهم توكلت على الله وتحصّنت بـ «يس» ودخلت على عبد الله الطيب وسردت علىه حكاية صاحبي ذاك مع الشيري والبنقو، وكونه مقطوعا من شجرة بائسة، وأنه ما لم يكن طالباً نظامياً فانه سيضيع الى الأبد،.. وكنت قد أعددت نفسي تماماً للمهمة بطريقة «لكل سؤال جواب»، ولكن ما ان فرغت من كلامي حتى قال لي ان بامكان الطالب ان يعيد السنة نظامياً أي مقيماً في الداخلية ومواظباً على المحاضرات،.. ولم ينس ذلك الطالب ذلك الجميل للبروف إذ لم يرسب قط في أية مادة الى ان نال البكالريوس! ذاك كان المربي عبد الله الطيب الذي كان يدرك ان اللوائح ينبغي ان تكون في خدمة الإنسان وليس ان يكون الإنسان عبداً للوائح كما هو حادث في كل مصلحة ووزارة ومنشأة في أيامنا هذه!! وبنفس الفهم فقد كانت محاضراته استطرادية ولا يتقيد فيها بـ «المنهج»، ومن ثم كنا نحس بالزنقة عند قرب موعد الامتحانات، ونحاصره بمخاوفنا فيقول ضاحكاً: لن يرسب إلا من نطلب منه ان يتحدث عن امرئ القيس الكندي فيتحدث عن كندا! وكان قد درسنا شعر المتنبي ونحن في السنة الثالثة وفي الامتحان فوجئت بسؤال إجباري عن الطبيعة في شعر المتنبي، ولم اكن احفظ له قصيدة في هذا المجال سوى «شِعب بوان»، وكنت اعرف ان اكتفائي بإيراد أبيات منها سيجعل موقفي صعباً أمام رجل يعشق المتنبي! تعمل ايه يا أبو الجعافر؟ توكلت على الله وعقدت مقارنات بين شعب بوان وعدة قصائد لشعراء رومانسيين إنجليز، فجاءت أكثر من ثلثي إجابتي على ذلك السؤال باللغة الإنجليزية،.. فعلت ذلك من باب البلطجة والفهلوة الأكاديمية، وعشت عدة ايام متوجساً وموقناً بأن تلك الورقة سـ «تجيب خبري»،.. ثم قيل لي أنني مطلوب في مكتب العميد، ففكرت في كتابة وصيتي وطلبت من زملائي ان يذكروا محاسني بعد رحيلي، ودخلت علىه فوجدته كعادته هاشاً باشاً وفاجأني بالإشادة بالمقارنة التي عقدتها بين ابي الطيب وكولردج وكيتس وويردزويرث و«إن عابها أنك لم تورد شواهد كافية من شعر المتنبي»، قلت في سري: منين يا حسرة، وخرجت منه، وأنا موقن بأنني الناقد الأدبي الذي سيغير خريطة الأدب في السودان! ذلك شأن الأستاذ الكبير الذي يجعل الطالب الصغير يحس بأنه «خطير».
    وأسعدني الحظ بأن زاملت زوجته الفضلى قريزيلدا في الجامعة، فقد التحقت بكلية الآداب وقد قاربت او ناهزت الأربعين، وكان أبناء جيلي يعرفونها لأن رسوماتها ولوحاتها كانت تزين كتب المطالعة والقراءة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة،.. وكانت لدينا أستاذة طيبة اسمها مس كوك كان عمرها قد ناهز السبعين، وكانت حنجرتها الضعيفة تحمل غالبيتنا على النوم الذي ينقض الوضوء، فكانت قريزيلدا تتغلب على الملل برسم مس كوك في أوضاع كاركاتيرية ثم تهديها تلك الرسومات فتفرح أستاذتنا بها فرحاً طفولياً، وكان عبد الله الطيب فخوراً بقريزيلدا وفي أحيان كثيرة كان يقول أمامنا انه سيستشيرها في هذا الشأن أو ذاك،.. وقد رحل عبد الله الطيب وترك لحبيبة العمر زادًا ورصيداً ضخماً من السمعة والصيت والكتب والحب، وملايين «المجاذيب» المريدين لشيخهم الراحل الجليل.. فحتى الذين لم يحالفهم الحظ ليتتلمذوا على يديه في الجامعة، عرفوه من اقصوصاته التي كانت في «سمير التلميذ» وأراجيز الأطفال التي كانت تضمها كتب المطالعة، وكان مع البروفسير الراحل احمد الطيب عبد الحفيظ أول من اهتم بأدب الأطفال الأصيل والمنقول عن الآداب الأجنبية.
    وسيكثر الحديث خلال الأيام القليلة المقبلة عن تكريم الراحل الكبير، وإقامة متحف لأعماله، ثم يصبح كل ذلك في خبر كان، لأن الأولوية ستظل للمصالحة الوطنية وهي الاسم الحركي لآلية توزيع غنائم الحكم


    الأستاذ الصديق جعفر عباس : ـ أحسن الله العزاء وتحياتي لك ـ وصلني هذا المقال عن طريق شقيقي الدكتور عبدالوهاب ـ فأثار ما أثار ـ سلم الله قلمك الحاذق

    أخوك كتيابي

    (عدل بواسطة عبدالقادر الكتيابي on 06-25-2003, 07:12 PM)
    (عدل بواسطة عبدالقادر الكتيابي on 06-25-2003, 07:13 PM)

                  

06-25-2003, 09:14 PM

KOSTA
<aKOSTA
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 3138

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لن ينساك المجاذيب ـ نقلا عن الرأي العام (Re: عبدالقادر الكتيابي)

    شكرآ يا كتيابى

    و مثل ذلك موصول للاخ جعفر عباس
    فقد اضاء معتمات ما لم نعرف عن كثب للراحل البروف عبدالله الطيب
    نسأل الله ان يسكنه الجنان
    و يلهمنا جميعآ - بفقده - الصبر و السلوان
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de