لم تعرف منظمات سرية أو شبه سرية مثل منظمة كتيبة الفرقان أو جماعة التكفير والهجرة أو ما شابههما ، لم تعرف طريقها للوجود في الساحة السودانية إلا بعد أن استولت جماعة الانقاذ التي تحتمي وراء شعار الإسلام على الحكم في هذا البلد· ولهذا فمع ارتفاع حملة الهــــوس الدينــــي التي قــــادها نظــــــام الحكــــم رداً عـــــلى بيـــــان القاهرة الثلاثي (قرنق-المهدي-الميرغني) أسفرت بعض تلك المنظمات المشار إليها عن ذاتها وخرجت إلى السطح، وكان من أعمالها أنها أصدرت منشوراً يهدر دماء عدد من القياديين السياسيين المعارضين وتحدد جائزة قدرها 10 ملايين من الجنيهات السودانية (نحو 4 آلاف دولار أميركي) لمن ينهي حياة أي من أولئك المستهدفين، وبينهم أساتذة جامعات وصحفيون وكتاب وغيرهم· ولخطورة هذا التهديد فإن الأمر برمته في يد القضاء لا سيما وقد حدد المهدّدون بالقتل أسماء بعينها يتهمونها بقيادة ذلك العمل· هذه الصورة تعكس لنا مدى التوتر في العلاقات بين القوى السودانية الحاكمة والمعارضة، وهي صورة من تجلياتها أن الحزب الحاكم يحس بعزلة واضحة بعد أن قربت الشقة بين أغلبية فصائل المعارضة في مواجهته والمناداة بضرورة اشراكها في مفاوضات السلام أو على الأقل الاستنارة برأيها في قضايا مصيرية مثل العودة للديمقراطية وتوفير الحريات والسماح للمعارضين بممارسة أنشطتهم الشرعية دون ملاحقة أمنية· وفي محاولة للخروج من هذه المواجهة فقد اقترحت الحكومة أن يخضع الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه في مشاكوس بينها وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان (قرنق) إلى استفتاء شعبى عام للاحتكام لـللأوزان السياسية الحقة وليس التاريخية حسب منطوق اقتراح الحكومة· كذلك اقترحت الحكومة أن تجرى انتخابات عامة خلال العام الأول للفترة الانتقالية· وإذا كانت الحكومة تهدف من وراء اقتراحها هذا إلى الخروج من نفق المواجهة وكسر العزلة أو حتى مجرد إرسال بالون اختبار للمعارضين· فإن النتيجة كانت عكسية إذ التقت أغلب فصائل المعارضة على رفض هذا الطرح منادين في ذات الوقت بأن أي استفتاء عام في ظل بقاء الحكم الحالي بكل مؤسساته وأجهزته المتشعبة في الحضر والريف لن تكون نتيجته إلا لصالح الحاكمين· كذلك يرى المعارضون أن الانتخابات العامة يجب ألا تجرى إلا بعد انقضاء فترة معقولة من مدة المرحلة الانتقالية مع توفير كل الضمانات لنزاهتها بعد أن تكون كل القوانين المقيدة للحريات قد ألغيت وتم الاتفاق على تكوين لجنة انتخابات عامة يعترف لها بالحيدة والنزاهة وحسن التقدير· هذا هو الواقع السياسي الماثل الآن بحقائقه التي ستكون الخلفية التي لابد أن يضعها المفاوضون في مشاكوس والراعون للمفاوضات بين تقديراتهم عندما يلتقون في الشهر المقبل·
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة