حوار "البيان" يوم الثلاثاء

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 06:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-17-2003, 03:28 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار "البيان" يوم الثلاثاء

    د. الشفيع خضر القيادي في الحزب الشيوعي السوداني وتجمع المعارضة لـ «البيان»: بعض فصائل المعارضة بدأت تشم رائحة كراسي السلطة

    ما بين جولة مفاوضات فاشلة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، وبين إعلان في القاهرة ينبئ عن عودة حزب الأمة للتجمع، شهدت الساحة السياسية السودانية عددا من الأحداث المتلاحقة، فها هو رئيس الحركة الشعبية جون قرنق يقوم بجولة يدعو فيها القوى السياسية السودانية لتوحيد الرأي حول قضايا تفاوضية خلافية تواجهه،
    مما أحدث رد فعل غاضباً من مسئولي الحكومة في الخرطوم الطرف الآخر في المفاوضات، وجعلهم يطلقون تصريحات متناقضة حول حسم أو عدم حسم تلك القضايا..
    من أجل إستجلاء هذا، ومن أجل قراءة متأنية لـ «إعلان القاهرة»، وبحث أمور داخل معسكر الحزب الشيوعي السوداني، التقت «البيان» بالدكتور الشفيع خضر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وعضو هيئة قيادة التجمع المعارض وأحد أنشط المعارضين السودانيين والمتابع الملتزم لجولات التفاوض الثنائية بين الحكومة والحركة عقب توقيع بروتوكول ماشاكوس، حيث ألقى الضوء على بعض المناطق المعتمة التي خلقت تساؤلات في أذهان المتابعين للشأن السوداني وأحدثت بها تشويشا وهم يتابعون عقد الأحلاف وتغيير التكتيكات والاستعدادات لتوقيع اتفاق سلام نهائي يتذبذب ما بين نهاية يونيو ومنتصف أغسطس وربما نهاية العام.. أو ربما جاء مفاجئا كسابقه ماشاكوس.. وفي سياق الحوار يذكر الدكتور خضر ان الإجماع الوطني بدأ بصيغة التجمع و بإعلان نيروبي 93 ومؤتمر أسمرا 95 وليس بـ «إعلان القاهرة» 2003 واعتبر ان القضية العاصمة القومية شرك نصبه نظام الجبهة لتطبيق الشريعة - من وجهة نظره- على باقي الشمال ونفى محاورنا ضمناً اي اتجاه فعلى آني للتطبيع بين التجمع وحزب الزعيم الاسلامي حسن الترابي، قائلا في هذا الشأن «لم تقدم لنا الدعوة لتطبيع العلاقات مع المؤتمر الشعبي». وفيما يلي نص الحوار:


    ـ مع التوقعات بقرب التوصل لاتفاق سلام، بدأت الأطراف في حشد التأييد لمواقفها، تحديدا الحركة الشعبية، وبرزت قضية العاصمة القومية، هل استثناؤها من الشريعة الإسلامية يعني التسليم بتطبيقها على باقي مدن الشمال؟ مع ملاحظة التفسيرات التي تلت توقيع «إعلان القاهرة» فالمهدي قال تستثنى «إداريا» والميرغني نفى أن المراد بالاستثناء هو العلمانية.. فما هو رأيكم تجاه هذه القضية؟ ـ تعليق أي واحد من هؤلاء القادة على هذا الأمر، هو مسئول عنه، ومسئول عن شرحه للناس.. ما أفهمه هو أنه فيما يخص التشريع في بروتوكول ماشاكوس فإنه قائم على قوانين في الشمال مستمدة من الشريعة وغير ذلك في الجنوب.
    وطرحت في تلك الجولة قضية العاصمة، بمعنى أين تكون العاصمة؟ الحركة الشعبية قبلت أن تكون قوانين الشمال مستمدة من الشريعة والجنوب مستثني، وقامت بطرح قضية أين تكون عاصمة السودان؟ وليس عاصمة الجنوب أو عاصمة الشمال.. والسؤال هنا من وجهة نظرها بأنه لابد أن تكون عاصمة السودان مستثناة من الشريعة، باعتبارها منطقة التمازج ما بين المجموعتين، حيث تتكون الحكومة المركزية من الشمال والجنوب.
    عندما طرحت القضية عرفت العاصمة بأنها «الخرطوم»، باعتبارها عاصمة تاريخية، فاقترحت الحركة الشعبية مسألة استثنائها من قوانين الشريعة.. ويكمن هنا موضوع الخلاف.
    ومثلما توقعنا منذ البداية، بحكم أن القضايا لم تناقش بطريقة كلية وإنما مجزأة، فكان لابد أن تنشأ تفسيرات وتقديرات مختلفة، فمثلا اليوم في الصحف تصريحات المسئولين في السودان تقول بأن موضوع العاصمة حسم، مادام حسمت قضية التشريع في الشمال. في رأيي أن هذا حديث غير مسئول، لأنهم يتحدثون وكأنهم يتفاوضون في تسجيل لاعب لفريق المريخ أو الهلال.. المسألة لم تحسم.. والجميع يعرف ذلك، ومازالت قضية العاصمة من القضايا الست المعلقة حتى الجولة الماضية.


    الشئ الآخر أن الحكومة استنفرت، كالعادة، كل مناصريها للحديث عن أن هذه القضية تمس الاسلام، وأنها حسمت، لذا تجد بيانات أئمة المساجد المدفوعين من النظام، وليس المدفوعين من خدمتهم الطوعية كمسلمين، اضافة للمنظمات المختلفة التي تصب سياسيا في النظام، إضافة الى مزايدة النظام الذي أعتقد أنه فوجئ بالطرح الأخير من قوى اسلامية مثل الميرغني والمهدي اللذان أشارا إلى قومية العاصمة أو الحديث عن عاصمة تستثني منها تطبيقات الشريعة.. لأن النظام كان يزايد منذ البداية ويقول أن هذا هو مطلب جون قرنق الذي هو غير مسلم وبالتالي المسألة محسومة لكن كون جون قرنق يجد حلفاء له في هذه القضية في مثل قامة محمد عثمان الميرغني أو الصادق المهدي، أعتقد أن هذا أزعج النظام وجعله يتصرف مثلما يفعل الآن.،. ومن الشئ الطبيعي أن يبحث عن مناصرين لاطروحاته.. هذا من جانب.. وبالطبع تفاصيل لماذا قبل جون قرنق في البداية أن تكون الشريعة في الشمال ويستثنى منها الجنوب، وحصر المناقشة حول العاصمة.. الخ، يسأل عنه جون قرنق.


    أما بالنسبة لنا نحن «الحزب الشيوعي»، وأعتقد كذلك بالنسبة لمعظم فصائل التجمع، يمكن تلخيص القول في نقاط محددة للغاية.. اذا كنا بالفعل نريد وحدة السودان، ونسعى لتحول ديمقراطي حقيقي في السودان، فالقضية هنا ليست قضية العاصمة، لأن ما ينطبق على العاصمة يفترض أن ينطبق على بقية السودان. والمخرج لكل هذه «الغلوتية» هي أن قضية التشريع في السودان تقوم على أساس المواطنة، واحترام حقوق الانسان والمواثيق الدولية.. وهذا جوهر اتفاق نيروبي.


    ـ هنالك حديث يدور الآن عن الاجماع الوطني.. ما قولكم فيه؟


    ـ الاجماع الوطني بدأ بموافقة كل القوى السياسية على أسس التشريع في نيروبي 93 فيما عدا النظام الحاكم. كل القوى السياسية في السودان وافقت أن يكون التشريع في السودان يقوم على بندين أساسيين وهما أن كل القوانين في السودان تكون متماشية مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان، وكل السودانيين أمام القانون متساوون على أساس المواطنة بغض النظر عن العرق. هذا ما نريده نحن أن يحكم الخرطوم ويحكم الشمال، وهذا ليس بحديث عن العلمانية، هنالك ابتذال في التناول، حيث يصور الأمر وكأن الحديث عن علمانية الخرطوم أو قوميتها أو المطالبة بألا تحكم بالشريعة، كأنه مطالبة بفتح الخمارات، وهذا حديث في رأيي مبتذل. فالقضية هنا ترتبط بنقطتين أساسيتين: ترتبط أولا بحقوق الانسان بمعنى عدم استغلال الدين ووضع نفسك المفسر الأوحد له وبالتالي تحتقر الرأي الآخر على أساس ديني مما يهدر حقوقه، كذلك من أجل أن يكون هناك سودان موحد وحتى يقبل الجنوب أن يتعايش مع السودان الشمالي لابد أن يكون هنالك مصدر قانوني واحد بين الشطرين، ولابد أن تكون هناك إشارات في أن الشمال لا ينظر للجنوب على أساس ديني وإنما على أساس أنه مواطن سوداني.


    في نظري أعتقد أن هنالك فخاً ما ينصب، فمن يريد الاصرار على حصر مناقشة الأمر في قضية العاصمة أعتقد أنه وقع في شرك نصبته الجبهة الاسلامية، بحيث يحصر الأمر كله في العاصمة، وفي النهاية يمكن للجبهة الاسلامية أن تتنازل وتقبل أن تحكم العاصمة بقوانين غير الشريعة طالما ضمنت أن هذه العاصمة محاطة بجزيرة من قوانين دينية حسب وجهة نظر النظام.
    لن أمل من تكرار أن القضية الأساسية هي قضية حقوق الانسان ووحدة السودان.


    ـ عند قراءتكم ل«اعلان القاهرة».. ما هي المكاسب بالنسبة للتجمع الوطني، وما هي مكاسب الحكومة؟


    ـ أولا.. أي تقارب بين أي طرفين، أو طرف ونصف في اطار البحث عن صيغة للاجماع الوطني، يعتبر شيئا ايجابيا.. في رأيي أن «اعلان القاهرة» «لسنة 2003م، لأن القاهرة شهدت عدداً كبيراً من الاعلانات في اطار التجمع وبتوقيعات تشمل الموقعين على الاعلان الجديد..» هو خطوة ايجابية لأنه بالتأكيد ساعد في تقريب حزب الأمة والتجمع الوطني، باعتبار أن حزب الأمة فصيل مؤسس للتجمع الوطني الديمقراطي ومن واضعي المواثيق والأدبيات الرئيسية له.


    من زاوية أخرى هنالك نقطتان في «إعلان القاهرة» أحب مناقشتهما: الأولى وردت في إجابتي على السؤال الأول، جوهر «إعلان القاهرة» هنالك حديث عن التمسك بإعلان نيروبي، والتمسك بمقررات اسمرا المصيرية، وفي الوقت نفسه هناك حديث عن العاصمة في إشارة إلى مطلب الحكومة يجب أن تكون مضمنة لوجهة نظرها في تطبيق الشريعة الاسلامية.
    في رأيي ان هنالك تناقضا في ذلك، لأنه - من وجهة نظري - أن إعلان نيروبي ومقررات أسمرا هما لكل السودان، وبالتالي كان الحديث يكون أقوى إذا قيل أن ما يطبق على الخرطوم يطبق على بقية السودان بحسب إعلان نيروبي ومقررات أسمرا.
    الحديث عن قضية العاصمة بطريقة منفصلة هي مشكلة الحركة الشعبية في التفاوض، لأنها وافقت في التفاوض على الشريعة في الشمال، لكن قضية كل السودانيين هي مستقبل السودان بشكل عام، وهنا يبرز التناقض الذي أشرت له.


    النقطة الثانية هي الحديث عن الاجماع الوطني فلا يمكن أن نعتبر أن «إعلان القاهرة» هو بداية هذا الاجماع. في رأيي أن الاجماع الوطني في السودان بدأ في 30 يونيو 89، عندما وقفت كل القوى السياسية وقفة واحدة ضد حزب واحد أستولى على السلطة وتعزز هذا الاجماع الوطني في 21 أكتوبر 89 فكل القوى السياسية فيما عدا حزب واحد هو الحزب الحاكم وقعت على ميثاق حول الرؤية لمستقبل السودان.
    وتعزز أكثر في يونيو 95 في قرارات أسمرا عندما وقعت كل القوى السياسية بما فيها الحركة الشعبية - التي لم تكن موقعه على الميثاق السابق - حول حكم السودان.
    صيغة التجمع الوطني في شكلها ومضمونها تعبر عن الاجماع الوطني، سواء كان من حيث التركيبة «شرق، غرب، سمر، حمر، عرب، أفارقة.. الخ..».. أو سواء كانوا أصحاب خيار إسلامي موجودين، أو اصحاب توجهات لدولة مدنية ديمقراطية أيضا موجودين أو أصحاب تطلعات لمناطقه المهمشة موجودين أيضا.. هذه هي صيغة الاجماع الوطني.. و أعتقد أن الحديث عن أن «إعلان القاهرة» هو بداية للإجماع الوطني، هو حديث غير دقيق، خاصة وأن كل الناس تتساءل أين الجديد الذي أتى به الاعلان، قد يكون به الجديد بالنسبة للجبهة الاسلامية في أنه وبالرغم من الاشارة لمقررات أسمرا وغيرها، إهتمت القوى السياسية الموقعة على الاعلان في أن تكون معركتها هي معركة العاصمة فقط وليس معركة السودان ككل.


    ـ العمل الأخير لفصائل التجمع بطريقة منفردة، هل يمكن القول بأنه جمد عمل التجمع الجماعي لحين إشعار آخر؟


    ـ كل شخص له الحق في تخيل أي شئ.. ولكن تبقى الحقيقة موجودة وللإجابة على سؤالك أقول أن آخر إجتماع للتجمع كان في أبريل الماضي، حيث وضع برنامج عمل لفترة الـ 6 أشهر المقبلة تنتهي بانعقاد المؤتمر الثالث للتجمع في أكتوبر المقبل.
    والبرنامج يحتوي على أشياء كثيرة يمكن أن تتداول بالنشر ولا أعتقد أن هنالك تجميدا لعمل التجمع. لكن العمل السياسي به تعرجات، وهناك قوى سياسية مختلفة، في سياق أنها موجودة داخل التجمع يكون لديها حماس أكثر لبعض القضايا، مما يدخلها في أشياء تبدو للناظر أنها على حساب عمل التجمع، وقد يحدث بالفعل تجاوز، ولكنني أعتقد أنه من الناحية الموضوعية من الصعوبة تجاوز صيغة التجمع، ولنضرب أمثله، فحزب الأمة في فترة سابقة وفي إطار هامش الحركة المسموح به - وأنا أعتقد أن أي فصيل من حقه هذا الهامش ما دامت الأرضية هي الإتفاق مع الآخرين - انطلق حزب الأمة من هذا الهامش ووقع إتفاقات مع النظام «إعلان جيبوتي» في لحظة من اللحظات أصطدم هذا الاعلان مع التجمع وسار حزب الأمة في مساره الذي انتهى بخروجه المعروف. ولا أعتقد أن هذا الأمر حقق نجاحات لحزب الأمة، بالعكس أضعف التجمع وادى لتصدعات لاحقه في حزب الأمة.
    يمكن لهامش الحركة أن يحدث، طالما يصب في إطار تقوية العمل بشكل عام وتقوية الفصيل نفسه ونشاطه، المنطق يقول أنه يجب أن ننطلق مما توحدنا عليه في التجمع.. لذا الأمر ليس تجميداً لأن التجميد هذا لا يمكن أن يصنعه شخصان أو ثلاثة في التجمع، لكن هو محاولة من هذه القوى ولأسباب تخصها هي وتحليلات خاصة بها، أما الحديث عن إتفاقيات «الكبار» أو «القوى الرئيسية»، فهذه كلها أمور يحكم عليها الواقع وليس رغبتي في أن أقرر بأني «كبير» أو «صغير».


    ـ هل تعتبر ورشة العمل المقترحة في «إعلان القاهرة» بديلا للمؤتمر الثالث للتجمع؟


    ـ لا أعرف بالضبط ما هية هذه الورشة، لكنها ليست ببديل عن المؤتمر، أعتقد أن الفكرة هي أن تكون هناك خطوة في إتجاه العمل المشترك بشكل مؤسسي، لذا جاء اقتراح هذه الورشة لمناقشة القضايا الساخنة الحالية حول مستقبل السودان ووحدته وكنوع من التمرين المشترك. وهذا شئ إيجابي وهي ليست بديلاً للمؤتمر، وهذا لا يعني تأكدي التام من قيام المؤتمر.. قد لا يقام المؤتمر لهذا السبب أو ذاك، أو ربما يتأخر. في تقديري أن هذه الورشة تصب في إتجاه مزيد من التنسيق بين حزب الأمة والتجمع الوطني.


    ـ التحالفات والإتفاقات التي تحدث حاليا بين القوى المختلفة.. ما هي الضمانات في أنها ليست تكتيكا لاجتياز المرحلة الحالية، مرحلة ما قبل السلام؟


    ـ هنالك نقطتان للإجابة على تساؤلك.. أولا مسألة الضمانات هذه تمثل مشكلة دائمة.. ليس هنالك ضمانات عموما في أي إتفاق. قد أقول أن الضمان يعتمد على شرف الكلمة واتفاق بين القوى السياسية وخلافه.. لكن الصراع السياسي به تعرجات صعبة وفي رأيي أن الضمان في أي إتفاق أو لأي عمل هو أن يملك لجماهير الشعب التي يمكن أن تحقق هي ضمان إستمرار هذا الإتفاق أو ذاك.
    مثلا قرارات أسمرا المصيرية، ضمان وجودها وتماسكها هو أن يؤمن الشعب السوداني بها، بحيث أن من يحاول أن يسقطها تتخطاه هذه الجماهير حتى ولو كانت القيادات الموقعة عليها، وبالتالي ليس هناك ضمانات بمعنى الشراكة والتعاقد.


    النقطة الثانية من وجهة نظري الخاصة جدا، أنني أرى أن بعض الفصائل بدأت تشم رائحة كراسي السلطة في الفترة الانتقالية، وهذا يجعل الحسابات مبنية على اساس أن هنالك كراسي للسلطة قادمة، وهنا لابد من إعادة رسم تحالفات وبحث عن تحالفات جديدة.. الخ، وهذا شئ طبيعي لأي قوى سياسية وهو الوصول للسلطة لتحقيق برامجها..
    نحاول ويحاول معنا آخرون أن يرتبط الأمر بالفعل في ألا يتلخص كل الهدف في النهاية في إستيعاب كل القوى السياسية في السلطة.. الحكومة عندها مزاج، فعند قبولها حزبين تزيد الوزارات، وهذا شئ غير معقول. إذن يصبح الأمر في النهاية في حالة حدوث الاستيعاب إنشاء 90 وزارة، وهذا لا علاقة له بالسودان.. السودان ربما يحتاج إلى عشر أو خمس عشرة وزارة فقط.
    إذن القضية الأساسية هي البحث عن كيفية العمل خلال أي إتفاق يحدث، سواء كان في إطار ماشاكوس أو ماشاكوس موسع أن يكون من أجل تحول ديمقراطي حقيقي ومن أجل البداية الحقيقية لبناء الدولة السودانية التي هي فترة إنتقالية منذ عام 1956م.


    ـ الصورة التي شاهدناها يوم التوقيع على «إعلان القاهرة» زعيمان تقليديان وزعيم حديث، سودان قديم وسودان جديد.. هل تعني هذه الصورة أن كل شئ سيصير «تمام» في السودان؟


    ـ «ضاحكا».. هذه الصورة تعتمد على الكاميرا.. سؤالك هذا يطرح أسئلة، فمن هو التقليدي ومن هو الحديث؟ وما هي الحدود بينهما؟ ومن هو الذي يعمل من أجل سودان جديد؟


    في رأيي أن الثنائية مثل يسار - يمين، تقليدي - حديث، رجعي - تقدمي، لم تعد تكفي لوصف الحالة اليوم، لأن خط التقسيم غير واضح وكذلك الألوان لم تعد واضحة، مما يستوجب إعادة النظر في تلك الثنائيات.
    أنا أرى أن البرنامج الذي تستند عليه الثلاث قوى الموقعة للاعلان وهو اسمرا كما جاء في الاعلان، هو تعبير يضع هذه القوى جميعا في خانة القوى التي تريد سوداناً جديداً.. سواء كان الصادق، أو الميرغني أو الدكتور جون قرنق.
    أما الموضوع عن التركيبة الحزبية للقوى الثلاثة وهل هي تعبر عن قوى تقليدية أو قوى حديثة وكذا فهو موضوع طويل.


    ـ هل يمكن اعتبار أن هؤلاء هم «الكبار»؟


    ـ هذا يرجع لك وحدك.. أنا عن نفسي لايمكن أن أقول ذلك، ومثلما سبق وقلت أن الذي يريد أن يسمى نفسه «كبير» فليسمها كذلك. لكن في النهاية هذا أمر يقرره الشعب السوداني.


    ـ أين الحزب الشيوعي من كل هذه التحالفات والإتفاقات لماذا لا تسمع أي صوت أو تعليق له؟


    ـ لماذا افترضتي أنه يجب أن نكون في هذه التحالفات أو تلك التكتيكات؟ نحن موجودين دوما في كل مناحي العمل السياسي: اجتماع التجمع في أبريل كان الحزب الشيوعي موجودا، الحرب في دارفور أصدر الحزب الشيوعي وثيقة حولها، قضايا التشريد والجوع والمعاناة في السودان كان للحزب الشيوعي بيان بشأنها، قضايا الاعتقالات كذلك أصدر الحزب بيان، صحيفة «الميدان» تصدر كل شهر وباستمرار في الخرطوم حتى هذا الشهر الآن كوادر للحزب الشيوعي تعرضت للاعتقال من جراء إنزعاج النظام.. فلماذا نشغل أنفسنا بشيء يخص هذه الأطراف الثلاثة فقط؟

    ـ لم أعن «إعلان القاهرة» وإنما أية تحالفات أخرى.


    ـ نحن لا نعمل إلا في إطار التجمع الوطني الديمقراطي.


    ـ بالرغم من التقارب الواضح في الفترة الأخيرة مع الحركة الشعبية؟


    ـ نحن نتقارب مع كل فصيل من الفصائل بنفس الدرجة. ما دام هذا الفصيل يؤمن معنا بمواثيق ومقررات التجمع الوطني الديمقراطي، ليس هناك أي تقارب فكريا أو ايديولوجياً من نوع خاص مع أي فصيل من هذه الفصائل إلا ما يجمعنا في إطار التجمع، وهذا ما سيحكم تحركنا المستقبلي.


    ـ الدعوة التي أطلقها الحزب لنقل العمل المعارض لداخل السودان، هل ما زالت قائمة؟ أم ان اجتماع التجمع الأخير أجهضها؟


    ـ هذه الدعوة في رأيي -إعلاميا- تم اختصارها، فكل إعلامي أبرز الشيء الذي يعبر عن إثارة رآها. ولكن الفكرة في الأساس ليس ابتذالا للأمر وحصره في عودة بعض الأشخاص للداخل، وإنما هي نتاج تحليل للوضع. فماشاكوس هي واقع في الصراع السياسي السوداني، وهي جزء منه مثلها مثل وسائل العمل الأخرى للتجمع سواء كان العمل المسلح أو الانتفاضة، الخ، لكن هي بطبيعتها وبطبيعة القوى المشاركة فيها جعلت مركز ثقل النشاط السياسي يكون في داخل السودان. وهنا داخل السودان لا يعني الخرطوم فقط بل كل السودان. وبالتالي نحن قلنا تماشيا مع هذا يجب ان يعزز مركز ثقل النشاط المعارض في داخل السودان ايضا عن طريق دعمه من الخارج. وهذا الدعم يشمل عمل برنامج لكيفية المساعدة في الداخل، وكيفية توفير مزيد من الامكانات والمساهمة بكادر اكثر، وهذا هو ما طرحناه في اجتماع هيئة القيادة الأخير، حيث أوضحنا الأمر وذكرنا ان الحل لن يكون بقرار منفرد يتخذه حزب أو فصيل بالعودة للداخل، وانما الحل يكمن في قرار في إطار العمل السياسي المشترك مع القوى الأخرى. وقد وافقت كافة فصائل التجمع على طرحنا هذا وحولته إلى برنامج عمل احتوى على لجان وورش مختلفة لمناقشة طبيعة العمل في الفترة المقبلة ما بين الداخل والخارج، إضافة إلى عقد مؤتمرات عديدة مثل مؤتمر المرأة وكذلك المؤتمر الثالث للتجمع والمقترح له شهر أكتوبر المقبل.
    ولقد فهمنا البرنامج على هذا الأساس، ونعمل الآن في تطبيقه خلال الأشهر الستة المقبلة لحين عقد المؤتمر الثالث للتجمع أو اجتماع هيئة القيادة.
    هنالك الكثيرون الذين فسروا الدعوة من زاوية ضيقة للغاية، وكأن الأمر سيتم في إطار صفقة مع النظام، نحن لا نتحدث من هذا المنطلق، ما عنيناه هو استمرار العمل المعارض وبقوة في الداخل، كذلك هنالك من اختصر الأمر على تحديد فلان وفلان وفلان سيعودون للسودان، بالطبع هذا وارد ضمن برنامج العمل الذي ذكرته.
    بالنسبة لنا كحزب ومنذ البداية نعلم ان عملنا هو في الداخل، حتى ان كوادرنا جميعها هناك ما عدا ثلاث أو أربع من قيادات اللجنة المركزية هم الذين يتواجدون في الخارج، باقي كوادرنا تدخل السودان بشكل طبيعي بالرغم من عودة الاعتقالات بين صفوفنا في الفترة الأخيرة.


    ـ إمكانية حدوث إنتفاضة في هذا الجو السياسي الغائم، ما هي؟ وهل نعتبر ان ما حدث في دارفور بداية لإنتفاضة أطراف ستزحف للمركز لتعكس الصيغ السابقة للإنتفاضات في السودان؟ وهل ستعيد الانتفاضة ترتيب الأمور بحيث تصبح هناك تدابير أخرى غير ماشاكوس؟! ـ بالطبع سؤالك يحتوي على سيناريو خاص بك لإنتفاضة، وهو سيناريو مقبول يمكن مناقشته مثله مثل باقي السيناريوهات التي طرحت من قبل على اجتماعات هيئة القيادة في بداياتها، ولتدعيني أبدأ بترتيب مقلوب لهذا السيناريو، ففي رأيي ان هناك حقيقة وهي ان أي تغيير سيحدث في السودان سيعتمد على طريقة التغيير، بمعنى ان البديل الذي سيأتي في السودان سيعتمد على طريقة تغيير الوضع الحالي، فإذا ما كان إنتفاضة فبالتأكيد لن يكون مثل التغيير عن طريق الحل السلمي المتفاوض عليه، أليس كذلك؟


    ثانيا، دائما وابدا لا يسقط خيار الانتفاضة، قد يسقط في أذهان بعض الناس الذين يصعب عليهم الخيال ويعتقدوا ان الانتفاضة هذه عبارة عن مزيج من الأدوية موجودة داخل ثلاجة بخلطها تحدث الانتفاضة، أو يعتبروا ان أي هبة أو تظاهرة من مجموعة من الناس يمكن ان تكون انتفاضة، وعندما لا تحدث بهذا الشكل يحدث لهم إحباط.
    ايضا خيار الانتفاضة هذا قد يهتز في أذهان بعض الناس الذين يحددون تواريخ معينة لحدوثها، ان للانتفاضة عوامل ليست في أيدي الساسة أو القادة أو الزعماء مهما بلغت عبقريتهم، ان بها عوامل تتعلق بدرجة يقدرها الشعب، كيف ينتفض؟ وهل بلغ تلك المرحلة التي لا يستطيع التحمل بعدها؟، الخ وبنظرة بسيطة للانتفاضات التي حدثت سواء في السودان أو خارجه نرى ان هناك عوامل موضوعية بالطبع يجب ان تساعدها عوامل ذاتية في التخطيط وتوفير الامكانيات وتحويل العمل العفوي إلى عمل منظم.
    إذن بالعكس، فخيار الانتفاضة يزيد ويعلو في مرحلتين، الأولى مرحلة القمع المتواصل الذي يقود الجماهير لدرجة عدم التحمل أو العيش في ظله. ولذلك تراها تخرج مضحية بأرواح المئات والآلاف منها وهناك امثلة عديدة مثلما حدث في اكتوبر 64 او ابريل 85 وخارجيا مثلما حدث في رومانيا.


    الثانية، عندما يبدأ النظام في التهاوي وانفراط جو ومناخ لتحول ديمقراطي داخل البلد، هنا تكون الانتفاضة عاملا مساعدا للإطاحة بباقي النظام الموجود. وهذا ما يخشاه النظام الآن، فهو يعرف جيدا انه في مرحلة تهاو، وقد يعلل البعض هذا للمصطلح المعروف بهامش الحريات الذي يتيح فرصة للجماهير للتعبير عن نفسها، وللصحف في النشر، وللنقابات في إعادة صفوفها، ولقوى الانتفاضة في التحرك.

    اعتقد ان ما ننشده جميعا هو تجنيب بلادنا المزيد من سفك الدماء، والمزيد من الدمار والخراب، ولا اظن ان شخصا يقف عكس هذا إلا يكون شخصا دراكوليا، وبالتالي ما نصر عليه الآن هو الحرية والديمقراطية والمعيشة، هناك آلاف المطحونين وملايين الجوعى في السودان، بالتأكيد لن يكون قوتهم هو السلام، لأنه لا توجد وجبة تسمى «ماشاكوس»، الشعب بحاجة لطعام يأكله، ولتعليم، ولعلاج، الخ، حقيقي السلام سيضمن عدم إرسال الأبناء للحرب، إلا ان الحاجة للطعام وللعيش الكريم وللتعبير عن الهموم، ستظل مطروحة، وكل هذه أمور تجعل الواحد متفائلا ومصرا على تحقيق السلام حتى تأخذ هذه القضايا بعدا نوعيا آخرا في السودان.


    ـ الدعوة لتطبيع العلاقات مع المؤتمر الشعبي من قبل الحركة الشعبية، كيف تتعاملون معها؟ وهل هذا يعني ان مجرد ظهور المؤتمر الشعبي في الصورة ان الجميع تغاضى عما تسبب فيه في السابق؟


    ـ لم تتقدم الحركة الشعبية لنا بأي طلب من أجل التطبيع مع المؤتمر الشعبي، ولم يطرح أبدا داخل التجمع تصورا او اقتراحا بهذا التطبيع، الاحظ كما تلاحظين انت ايضا تطورا في العلاقة ما بين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي، وبالتأكيد لعبت الحركة دورا في مشاركة المؤتمر الشعبي في احدى ورش العمل التي نظمت خارج التجمع في أسمرا.
    بالنسبة لنا، لا نعتقد انه توجد في العمل السياسي خصومة مطلقة أو حرب مطلقة، لكن، لا يمكن عندما تكون هناك محطات كبيرة وعنيفة ودموية مثل انقلاب 30 يونيو -ونحن نعرف ان من قام به تنظيم المؤتمر الشعبي قبل ان ينشق- لا يمكن تجاوز هذه المحطات بسرعة، او بالطبطبة ونسيان ما حدث، وبالتالي نحن نرى ان هذا الأمر إذا ما قدم لنا لابد ان يخضع لمناقشة، في رأيي جادة جدا وطويلة جدا جدا، ومن منطلق عدم وجود خصومة مطلقة أو ابدية، وكذلك من منطلق انه لا يمكن ان نصبح نحن من يقصي الآخرين من العمل السياسي، لأن من يحدد مولد أو وفاة حزب معين في العمل السياسي ليس هذا الحزب او ذاك أو النظام وإنما الشارع السوداني.
    هنالك اشياء لابد ان توضع وبوضوح وهي مرتبطة بالصراع، مثل ما هي المسئولية عن هذا الانقلاب؟، وما هي حدود المسئولية عما ارتكب من فظائع عقب الانقلاب لم ترتكب من قبل في تاريخ السودان الحديث،؟ وما هي المسئولية في ربط السودان بشبكة الإرهاب العالمي والتوتر الفظيع الذي حدث بين السودان وجيرانه وباقي العالم،؟ وما هي المسئولية فيما حدث من تدهور في السودان من النواحي الاقتصادية والأمنية، الخ، لابد ان يجيب المؤتمر الشعبي على هذه الأسئلة. فإذا ما استمعنا الى الاجابات بذهن متفتح وبذهنية يحكمها المبدأ الأساسي الذي ذكرته سابقا، ستكون المناقشة موضوعية، وقد نصل إلى تطبيع في العلاقة وقد لا نصل، المسألة في النهاية تخضع لنقاش يشارك فيه كل حلفائنا في داخل التجمع الوطني الديمقراطي.


    ـ عودتهم للصورة خلقت نوعاً من الالتباس لدى البعض، فأهل الاقليم والخارج يرونها عودة للترابي وما يمثله، وأهل السودان يرون الوجه الآخر للنظام، كيف ترى ذلك،؟


    ـ يجب ألا ننسى انه في حال حدوث حل سياسي سيكون النظام ايضا موجودا، المسألة في النهاية تحددها الفصائل. إذا نجح المؤتمر الشعبي في فرض نفسه ووجوده والقبول به، فهذا شئ يخصه، وإذا كان هناك فصيل وبحسابات مختلفة يعتقد انه من المناسب ان يدخل في اتفاقات مع هذا المؤتمر الشعبي، فهذا أمر يخصه هو ايضا.وقد يكون من ابرم اتفاقا معه من قبل سواء حزب الأمة في فترة أو الحركة الشعبية الان، قد يكونوا استجلوا كل هذه النقاط معه واقتنعوا بها،! اما بالنسبة لنا فلم يحدث ولم يطرح لنا أو طلب منا أي تطبيع للعلاقة مع المؤتمر الشعبي.
    ما أريد توضيحه، ان ما أراه قد لا تقبله الفصائل الآخرى، ولكننا كفصيل سنعمل ما ذكرته سابقا في اخضاع الأمر لمناقشة وتقييم من كافة أطراف الحركة السياسية السودانية. لأن المحطة التي ارتبط بها هذا الفصيل محطة ليست سهلة.


    ـ ألم يحن الوقت لعقد مؤتمر الحزب الشيوعي؟ وكيف تنظرون لمسألة التجديد داخل الحزب الشيوعي؟ ـ الوقت حان منذ زمن بعيد، نحن ومنذ انتفاضة ابريل 85 فكرنا في عقده المؤتمر الخامس للحزب، وفي رأيي اننا قصرنا في عدم اقامته، لأسباب كثيرة منها اننا كنا خارجين من حفرة العمل السري والقمع المتواصل ونريد بناء حزبنا على المستوى الجماهيري، وهذه قضية كبرى؟، كذلك البحث والترتيب للامكانيات المادية والانخراط في الدفاع عن الانتفاضة، الخ.


    اعتقد اننا عندما فكرنا في عقد المؤتمر كنا نريده ان يكون كاملا، لذا اخذ منا وقتا أطول وحتى تم الانقضاض على الانتفاضة كانت هناك لجنة لم تنجز عملها في التحضير بعد. إذن كانت الاسباب ذاتية وموضوعية في نفس الوقت، وبالطبع جاء الانقلاب، ولا أعتقد ان هناك شخصا يمكنه تصور ان نعقد مؤتمرنا خلال فترة الانقلاب اللاحقة، لأنه تم التركيز وبقوة على قمع نشاطنا وبصورة كبيرة.
    الآن نحن نفكر في كيفية عقد المؤتمر، ولن أذيع سرا إذا قلت لك ان هذا هو الشغل الشاغل للعمل اليومي للهيئات الحزبية المختلفة.

    أما كيف أنظر لمسألة التجديد داخل الحزب فيمكنني تلخيص وجهة نظري في النقاط التالية:

    أولا: هنالك عدة تساؤلات منها:
    - إنهيار المعسكر الاشتراكي هل أدخل الفكر الذي كان يعبر عنه،الايديولوجيا، في أزمة؟ أم المسألة مجرد أخطاء في التطبيق؟ أو أن هنالك مؤامرة امبريالية دبرتها المخابرات الرأسمالية ونفذها عميل اسمه غورباتشوف؟ أليس هذا المنحى في التفكير ضد العلم وضد الماركسية ذاتها؟ العلاقة بين الممارسة والنظرية في نظرية المعرفة الماركسية.


    ـ هل العصر أفرز مستجدات ومتغيرات تستوجب تجديد الفكر الماركسي وتجديد الكيان التنظيمي المرتبط به، أي الحزب؟


    ـ تجربة الحزب الشيوعي السوداني: هل فيها ما يقتضي ويفرض ضرورة التجديد والتغيير في مجال السياسة والتنظيم والمنهج؟


    المعركة هي: هل نواصل وكأن شيئاً لا يعنينا ونواصل عملنا كالمعتاد؟ أم ندك الموضوع ونبدأ من جديد؟ أم نقول أن المرجعية انتهت وكل يسبح كما يرى فتعم الفوضى ونتفتت زرافات ووحدانا؟


    - هل هنالك بعد أخلاقي تجاه الجماهير التي ظللنا نمنيها بالاشتراكية ونصور لها جنة المعسكر الاشتراكي الذي انهار فجأة؟


    ثانيا: المناقشة الدائرة حول تجديد الحزب لا يمكن أن تحسمها قيادة الحزب أو حلقة كادره، وانما تتطلب مساهمة كافة عضويته وأصدقائه وحلفائه والقوى الوطنية المهتمة بقضايا تطور الثورة السودانية. انتهى عصر الموسوعيين.


    هذه المناقشة هي الاوسع والاعمق منذ تأسيس الحزب. وهذه المناقشة تتقاطع في ثلاث دوائر مكملة لبعضها البعض:
    الدائرة الأولى تغطي مساهمة الحزب في النضال مع الأطراف الأخرى من أجل دحر الديكتاتورية واستعادة الديمقراطية.


    الدائرة الثانية تغطي مساهمة الحزب في كسر الحلقة الشريرة، أي قضايا إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة. وهي قضايا فجرها الصراع السياسي الممتد منذ فجر الاستقلال، لكنها ازدادت تأزما.


    الدائرة الثالثة تغطي قضية تجديد الحزب على أساس الإقرار بالأزمة التي دخل فيها الحزب على مستوى التنظير والتنظيم، وعلى أساس مواجهة متغيرات العصر.

    هذه الدوائر الثلاث متداخلة ومتشابكة في تفاعل جدلي، بمعنى أن تجديد الحزب سينهل من معين نضالنا من أجل استعادة الديمقراطية وكسر الحلقة الشريرة، وفي الوقت نفسه فإن الحزب المجدد سيقدم مساهمة أكبر وأعمق في ترسيخ الديمقراطية وإعادة بناء الدولة السودانية الحديثة «كسر الحلقة الشريرة». العمل في الدوائر الثلاث يسير في تلازم، ولا يقبل بتأجيل أو تقديم دائرة على الأخرى، وبالطبع هنالك صعوبات جمة في ظل الديكتاتورية الراهنة.
    وبالتالي: فإن التجديد لن يأتي عبر مجرد حلقات نقاش أو تنظير في غرف مغلقة!
    بذرة التجديد ظلت موجودة في حزبنا لكن غطى عليها دثار الجمود وتأثير التجربة السوفييتية والمسئولية تقع على عاتقنا.

    ثالثا: فلسفة التجديد، أو إطاره النظري، تستند على عدد من النقاط أهمها في تقديري:


    النقطة الأولى: كنا في الحزب ننطلق من طرح يقول بأن هنالك نظرية عامة صالحة لكل زمان ومكان، هي الماركسية، لكنها تتجلى بأشكال مختلفة حسب القسمات الخاصة بكل بلد. ونحن نستمد القوانين الخاصة بتطور الثورة السودانية من هذه النظرية العامة. أعتقد ما نحن بصدده الآن هو عكس هذا الطرح. أي بدلا من الانطلاق من نظرية عامة لبناء واقع نظري خاص بالسودان، نبدأ من دراسة الواقع السوداني ومن هذه الدراسة نخرج بتعميمات نظرية. منهجنا هنا هو المنهج الديالكتيكي الماركسي. بمعنى أوضح أعتقد بضرورة التخلي عن الفهم القديم لصالح طرح جديد ينادي باستخدام الديالكتيك الماركسي للخروج باستنتاجات نظرية حول تطور الثورة الاجتماعية في السودان تبدأ من واقع تاريخ السودان وارثه العربي والإسلامي والإفريقي، وبالطبع أيضا من واقعه الراهن، وذلك في تلاقح وانفتاح على مجمل التجارب الإنسانية في العالم.

    النقطة الثانية: نتبنى طرحا ينادي بتقليص مساحة الايديولوجيا في الحزب على أساس زيادة مساحة البرنامج الواسع المستمد من الواقع وفق معطيات العلم وبمشاركة أصحاب المصلحة الحقيقيين كل في مجاله.


    النقطة الثالثة: نحن نتحدث عن تعدد المصادر النظرية للحزب،بمعنى الانتقال من كوننا حزبا ماركسيا فقط إلى حزب تكون الماركسية، أو بالأصح ما أثبته العلم والتجربة وصار جزءاً من الحقيقة في الماركسية، إحد مكوناته النظرية، وفي نفس الوقت لا يوصد ابوابه أمام الاطروحات النظرية الأخرى. وهكذا فان هدفنا من التجديد هو استبعاد ما تقادم و ما صار لا يتماشى مع تطور الظروف الموضوعية ومع ما أفرزته تطورات الثورة السودانية و مفاهيم السوسيوجيا، المرتبطة بقضايا الصراع الاجتماعي، وفي الوقت نفسه إدخال مفاهيم جديدة، ليس من واقع التنظير بشكله المطلق، و إنما من واقع التجربة، مفاهيم لا يمكن رفضها أو اعتبارها غير علمية لمجرد أن منبعها اطروحات نظرية أخرى.

    النقطة الرابعة: ننطلق من أن تطور الثورة الاجتماعية في السودان مرتبط بترسيخ مضامين الديمقراطية السياسية التعددية، وسيادة مفاهيم المجتمع المدني الديمقراطي، وأن هذا التطور لا يرتبط بحزب واحد ولا بطبقة واحدة، بل يرتبط بالمشاركة الواسعة، بتداول السلطة، بعدم إلغاء الآخر، أو إعلان أن التغيير يمكن أن ينجز بواسطة حزب واحد أو طبقة واحدة. وفي الحقيقة منذ فترة ونحن في الحزب نطرح أن الديمقراطية الليبرالية لم تستنفد أغراضها بعد، وأن المطلوب ليس نسخها واستبدالها، وإنما تطوير مفاهيمها لتتواءم مع التربة السودانية. ومن هنا نطرح: إصلاح النظام السياسي والبرلماني، المؤتمر القومي الدستوري، كيفية المواءمة بين اطروحات أحزاب الخيار الإسلامي وعدم قيام دولة دينية، قضايا القوى الحديثة، وضع قضايا المناطق المهمشة في صدر الأولويات، الخ. هذه القضايا، وغيرها، لن تحلها الديمقراطية الليبرالية وفق المنظور الغربي، ديمقراطية وستمنستر، لذلك لا بد من إعمال جهد نظري فكري يخرج بأطروحات تحافظ على جوهر الديمقراطية الليبرالية وفي الوقت نفسه تخاطب هذه القضايا المرتبطة بمجتمعات يتدنى تطورها كثيرا عن مجتمعات الغرب. وبالطبع هذا الجهد لا يقع عبئه على عاتق الشيوعيين السودانيين وحدهم.

    النقطة الخامسة: حتمية وجدلية العلاقة بين التنمية والديمقراطية. نحن نؤمن بأن أي تغيير ثوري للمجتمع لا بد أن ينطلق من ضرورة الحفاظ على كل ما اكتسبته الحركة الجماهيرية من حقوق وحريات أساسية، ونرفض أي حديث ينادي بتناقض التنمية والديمقراطية. مثل هذا الحديث استخدمته العديد من الأنظمة اليسارية واليمينية، فكانت النتيجة مصادرة الديمقراطية وتعثر التنمية بل وتقهقرها كثيرا. وفي الحقيقة ستظل الديمقراطية هي المدخل الوحيد لأي مفاهيم حول الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية.


    حاورته في القاهرة : رجاء العباسي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de