|
|
 الأضواء : تحقيق: توفيق البدري : ست شاي ببكالريوس آداب :
|
نقلا عن الأضواء اليوم الاثنين
حريجون في القطاع الهامشي
تحقيق: توفيق البدري
داخل مقهى لا تتجاوز مساحته الثلاثة امتار بأحدى الاسواق الشعبية كانت تجلس متجهة قبالة مدخل المقهى امامها تصطف اواني الشاي وموقد وضعت عليه «كفتيرة» تتصاعد ابخرة الماء الساخن من فوهتها وقد تحلق حولها عدد من الزبائن.. في البدء لم نكن مصدقين لمفارقة امتهان حاملة بكلاريوس آداب لمهنة «بيع الشاي».. ولكن تثبتنا بعد ان استمعنا لقصتها التي تعكس حال عشرات الخريجين في مختلف التخصصات يحسبونها نقطة انطلاق لحياة عملية حافلة بالعطاء ولكن سرعان ما تصطدم قناعاتهم برحلة مضنية من البحث عن العمل في مجال التخصص، فيمتهن البعض منهم الفاقة والعطالة وآخرون يستوعبهم القطاع الهامشي ويمتهنون اعمالا بعيدة عن تخصصاتهم.
«الأضواء» ترصد واقع هؤلاء الخريجين من خلال التحقيق التالي:
صور ووقائع
كانت اكبر اخواتها الثلاث، توفى والدهن منذ عشر سنوات، فاعالت والدتهن الاسرة من عملها في بيع الشاي حتى تخرجت هي في الجامعة ببكلاريوس الآداب بعد سنوات مريرة من الصبر والمعاناة.. أما والدتها فاقعدها المرض عن مواصلة عملها في بيع الشاي.. فكان لزاماً عليها ان تتولى الانفاق على الاسرة ولكن شهادتها الجامعية لم تشفع لها في الحصول على عمل، فامتهنت بيع الشاي مهنة والدتها.. ولا تخفى اعتدادها بهذا العمل تقول: «رغم ما اجده من مضايقات كثيرة في السوق إلا ان احساسي بأني اؤدي رسالة تجاه اسرتي يخفف من وقع هذه المضايقات على نفسي، وفي النهاية هي ارادة ومشيئة الله وأنا راضية بما قسمه الله لي».
يتجول بفرندة احد البنوك بشارع البرلمان ويهمس في اذن العابرين بصوت خافت «ريال دولار».. بعد توجس سرد تفاصيل حكايته:
تخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية في 1994 كان امله ان يجد عملا في مجال تخصصه، بعد البحث المضني يئس فامتهن تجارة العملة.. يقول: «لا املك الامكانات المادية التي تجعل مني تاجر عملة ولكني اعمل لصالح بعض تجار العملة الكبار، واعلم تماماً بأن هذا العمل خطأ ويضر باقتصاد البلد، ولكن ماذا نفعل، فالضروريات تبيح المحظورات، وانا لم اجد عملاً مناسباً غير هذا فمصادر الرزق اصبحت قليلة جداً والتجارة كاسدة فأية فكرة تنفذها تجد آلاف قد بدأوا في تقليدك، فعربات الركشة مثلاً بدأت باعداد قليلة والآن كل الشوارع امتلأت بها وكذا محال الاتصالات وتركيب العطور، أما تجارة العملة فتدر دخلاً لا بأس به.
يعمل بائعاً بمغلق بمحطة سبعة بامتداد الدرجة الثالثة محمد احمد محمد تخرج في جامعة السودان قسم المحاسبة قصد العديد من الجهات للحصول على عمل، كان آخرها معاينة في بنك التضامن الاسلامي ولكن كانت كسابقاتها ومنذ ذلك الحين اقلع عن التقديم لأية وظيفة.
عبد المنعم سليمان عامل مغلق تخرج في جامعة السودان كلية التجارة عام 1996 طرق جميع الابواب للحصول على عمل في مجال تخصصه فلم يوفق لم يكن امامه سوى العمل، كعامل في احد المغالق، يقول عبد المنعم «لو اتيحت لي فرصة العمل في مجال تخصصي ما ترددت لحظة، فغير منطقي ان تكون حصيلة كل تلك السنوات من الجهد والكد ممارسة عمل لا يتطلب حتى الحصول على الشهادة الثانوية».
ضآلة الفرص
وقائع عديد رصدتها «الأضواء» لخريجين استوعبهم القطاع الهامشي بعد ان ضاقت عليهم فرص الحصول على وظيفة في مجال التخصص ونسبة مقدرة من حملة الشهادات الجامعية آثرت الهجرة لدول الاغتراب البعض منهم بعقودات «تربية مواشي» و«عمال منازل» و«سائقين».
الوقائع تعكس خللاً كبيراً بين حاجات سوق العمل وبين سياسات التعليم العالي حيث تشير الاحصاءات خلال السبع سنوات الاخيرة ان عدد الخريجين من مؤسسات التعليم العالي لعام 1995 بلغ «20580»، والمسجلين للعمل بلجنة الاختيار «10385»، والذين تم استيعابهم في وظائف من لجنة الاختيار «2454»، يشكلون نسبة 11% من الخريجين الفعلين و23% من المسجلين بلجنة الاختيار.
وبلغ عدد الخريجين للعام 1996م، «22197» خريج والمسجلين للعمل بلجنة الاختيار «5054» والذين تم استيعابهم في وظائف من اللجنة «1527» نسبة 6% من الخريجين الفعلين و30% من الخريجين المسجلين باللجنة.
وعدد الخريجين لعام 1997 بلغ «26385» والمسجلين للعمل باللجنة الاختيار «2357» والذين تم استيعابهم من قبل اللجنة «1684» نسبة 6% من الخريجين الفعلين و71% من الخريجين المسجلين باللجنة.
وفي عام 1998 كان عدد الخريجين «31555» المسجلين منهم للعمل بلجنة الاختيار «3116» والذين تم استيعابهم في وظائف من قبل اللجنة «1844» نسبة 5% من الخريجين الفعلين و29% من المسجلين بلجنة الاختيار.
وفي عام 1999 بلغ عدد الخريجين «43217» والمسجلين للعمل بلجنة الاختيار «5365» والذين تم استيعابهم في وظائف من قبل اللجنة «1141» نسبة 2% من الخريجين الفعلين و21% من المسجلين باللجنة.
وفي عام 2000م «43217» خريج، المسجلين للعمل بلجنة الاختيار «4912» والذين تم استيعابهم في وظائف من قبل اللجنة «1904» نسبة 4% من الخريجين الفعلين و38% من المسجلين بلجنة الاختيار.
وعدد الخريجين لعام 2001م «48217» المسجلين للعمل بلجنة الاختيار «8661»، والذين تم استيعابهم في وظائف «3044» نسبة 6% من الخريجين الفعلين و32% من الخريجين المسجلين بلجنة الاختيار.
لجنة الاختيار
على ضآلة الفرص المتاح للتوظيف من قبل لجنة الاختيار كجهاز لتنظيم فرص التوظيف للقطاع العام إلا ان اتهامات عديدة طالت عمل اللجنة، تقول الاستاذ عواطف احمد بابكر رئيس لجنة الاختيار الاتحادية للخدمة العامة: ان الاختيار للخدمة العامة يعتمد على الجدارة كمعيار اساسي ويتم التعرف عليها من خلال المقابلات الشخصية والتي تعتمد على مكونات او مواضيع يتوقع ان تتوفر في الخريج طالب الوظيفة منها.
ما هو ثابت كدرجات المؤهل الاكاديمي بصورة عامة واقدمية التخرج ومنها ما هو متغير حسب الاداء وتتعلق بالمعلومات العامة والاكاديمية بصورة عامة دون تفصيل والالمام باللغتين «الانجليزية والعربية» وجوانب التربية والسلوك والثقافة والمقدرات الشخصية من حسن تصرف وقوة شخصية ومراعاة الآداب العامة والاسئلة ليست موضوعة في قالب معين وانما تأتي حسب مجريات المعاينة، وفي التخصصات النادرة لبعض الوظائف كالطب والهندسة والصيدلة والاسنان والمهن الصحية الاخرى يتم الاختيار لها حسب اسبقية التسجيل في الكشوفات.
أما لوظائف ذات التخصصات المتعددة كالوظائف الدبلوماسية والضباط الاداريين فهي غالباً تشمل امتحانات تحريرية لاختبار القدرات الشخصية وليست الاكاديمية والوظائف المهنية مثل الحاسوب والطباعة تعقد لها امتحانات عملية.
شروط تعسفية
وعن تعسفية بعض الشروط المتعلقة بالحد الاعلى من العمر المطلوب والدرجات العلمية تقول رئيسة لجنة الاختيار: اللجنة تلتزم بالشروط الواردة في الاعلان حسب الوظيفة تقتضيه طبيعة الوظيفة، فمثلاً وزارة الخارجية تحدد عمر اقصى للوظيفة، وفلسفة ذلك ان الشخص عندما يتم استيعابه فانه يحتاج الى تخريج واكتساب خبرات وتدريب وابتعاث خارجي وحتى لدرجة سفير قبل سن المعاش لابد ان يكون تم استيعابه في سن معقولة.
؟؟؟؟؟ مثل التقدير بدرجة جيد فما فوق تقتضيه طبيعة الوظيفة وشرط الوحدة المخدمة.
وحول بطء الاجراءات للاختيار للوظيفة منذ الاعلان عنها، تقول الاستاذ عواطف: تطويل فترة الاعلان مسألة قانونية، حتى يصل هذه الاعلان لاكبر عدد من الخريجين المستهدفين بالوظيفة، وقد يكون هناك تأخير في عقد الامتحانات وهذا يعود المادية من ايجاد قاعات للامتحان وتحضير واوراق وطباعة وتأخير اعلان النتيجة يعود الى الحرص مراجعة اوراق الامتحان والنتائج حتى نتفادى الخطأ.
فيما يختص بمدى التوافق بين سياسات التعليم العالي وحاجات سوق العمل تقول رئيس لجنة الاختيارك بداية ان التعليم العالي يهدف لرفع قدرات الفرد ثم لحاجة سوق العمل، وليس من السهولة وضع تيرمومتر ثابت لتحديد حاجة سوق العمل لانها مسألة متغيرة، ولكن التخفيض من القبول في الكليات النظرية والاتجاه للكليات المهنية من شأنه ان يسهم في حل الاشكالية.
الوساطة والمحسوبية
وحول ما يثار عن وقوع لجنة الاختيار في براثن الوساطة والمحسوبية، تجيب رئيس لجنة الاختيار: ان هذا الاتهام لا يقوم على اساس، لان الاختيار تتبع فيه كل الاجراءات القانونية من امتحان للقدرات واجراءات سرية وكنترول وليس هناك فرص للوساطة او المحسوبية ولكن مثل هذه الشائعات تردد من قبل بعض ممن يدخلون المعاينات ولم يوفقوا.
وتخلص الاستاذة عواطف الى انه من الاوفق انشاء جهاز اعلى لتخطيط القوى العاملة ليساعد معرفة الوظائف واتجاهات التنمية الاقتصادية.
|
|
 
|
|
|
|
فتحي البحيري
فتحي الصديق
Yasir Elsharif
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست