أدونيس -- قراءة فى عالم السياب الشعرى

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-11-2003, 09:20 PM

THE RAIN
<aTHE RAIN
تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 2761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أدونيس -- قراءة فى عالم السياب الشعرى

    هذه القراءة، هى مقدمة لمختارات من شعر بدر شاكر السياب، صدرت عن دار الآداب ببيروت العام 1967، وقد نشرتها مجلة الآداب فى العدد الثالث، آذار - مارس 1967، أى بعد حوالى الثلاث سنوات من رحيل السياب

    ثم ضمنها أدونيس فى كتابه زمن الشعر الصادرعن دار العودة ببيروت، الطبعة الثالثة، العام 1983

    ولنقرأ مع أدونيس، شاعر الكتاب، وكاتب الشعراء، رؤيته عن السياب، نخلة العراق التى تساقط شعرا وضوءا لا يخبو ابدا

    ================================================================

    القصيدة عند السياب لقاء بين شكل يتهدم وشكل ينهض، فى هذه القصيدة، اللقاء يجد رمزا لحياته وشعره معا، وهو يعكس هذا الرمز، بنبرة حكيم مشرقى، فى (القصيدة والعنقاء) لا يكون الشاعر أو الشعر الا اذا اغتسل من ركام العادة، يحترق بناره، ينبعث من رماده، هكذا يتقطر الماضى كله فى الحضور، ويكون التجدد وتولد القصيدة.
    الحياة نفسها عند السياب قصيدة، لقاء بين شكل يتهدم وشكل ينهض، انها انبثاق اشكال لأنها انهدام اشكال، وهى كالقصيدة، شكل، وليس الشكل تمثيلا نقليا أو وصفيا، انه فضاء خارجى يحتوى فضاء داخليا وهو فيما يحتويه، يوحى بابعاده.
    التصاق الشاعر بالجماعة يؤدى الى ظاهرتين مترابطتين، تساهل الشاعر فلى اظهار خصوصيته وتقعيد الشعر. الانسان فى الجماعة يكبت ما يفرده، ويظهر ما يجمعه، الوعى ضمن الجماعة افكار ثابتة واضحة، قواعد، عادات، وهذا كله يستلزم الثبات فى اشكال التعبير عن هذا الوعى.
    وكان لنفاد الطاقة الابداعية عند شعرائنا فى العصور المتأخرة، وانعدام روح المغامرة، أن لجأوا الى تقليد الأصول القديمة، تقليدا ظاهريا سطحيا، واهمين أن الشكل الشعرى العربى وعاء فارغ يتقدم فى التاريخ، سائلا عن شاعر يملؤه وعن مادة يمتلئ بها، ومن هنا ساد الفراغ وبدا كأن الزمن نفسه توقف عن مسيرته.

    بدر شاكر السياب من شهودنا الأول على الحضور، ولادة محتوى جديد، وولادة تعبير جديد. من دلائل هذه الشهادة رفض الفصل بين التعبير والحياة، الشكل والمحتوى، أو التوكيد على ان هذا الشكل ليس وعاء المحتوى أو رداءه أو انموذجا أو قانونا، وانما هو حياة تتحرك او تتغير فى عالم يتحرك أو يتغير، فعالم الشكل هو كذلك عالم تحولات.

    غير أن تجربة الشكل عند السياب لم تبلغ استقلالها الكامل، كانت طاقة مشدودة الى الوراء فيما هى تتطلع الى الأمام، ومن هنا ظلت العادة مستسرة فى كثير من قصائده، لذلك ليس السياب جديدا دائما، وصل الى طرف العالم القديم لكنه لم يتجاوزه بل ظل عالقا به، لم يحيا فنيا على الشفير الذى يفصله عما سلف، ويقذف به فى هاوية ما يأتى.

    ولست اطالب هنا بضرورة الخروج كليا من الماضى، فمثل هذا الخروج مستحيل لأنه خروج من التاريخ، فنحن لا نبدع المستقبل الا فى لحظة تتصل جوهريا بالأمس والآن، واذا حاد عن الأمس فلغرض واحد، أن يتجه نحو المستقبل، فما اعنيه هو أن الماضى فى شعر السياب اقرب الى ان يكون زمنا خارجيا منه الى ان يكون زمنا داخليا.

    وهذا لا يعنى من جهة ثانية أن شعر السياب ليس جديدا، انه طليعة الجدة فى شعرنا، وهذه الجدة عميقة أصيلة ليست من الزى فى شئ، وهى من العمق والاصالة بحيث انها تنفى الزى، ذلك القفز فوق الجهود الهائلة التى تقتضيها الجدة، ذلم الاقتلاع الذى يسير كالنوم.

    ما اعنيه هو ان شعر السياب ليس اكثر من حياته او ابعد منها، انه يلبس حدودها فليس شعره حياة ثانية.

    تجربة السياب مع ذلك ريادة، بدءا منها ومعها اخذ ينشأ الشعر العربى الجديد فى وسط تعبير جديد، وهو الان من القوة والسيادة بحيث انه يبدو ابداعا مستمرا. كان هذا الوسط وما يزال مفاجئا، الكلمة فيه هى غيرها فى معجم العادة، تغيرت، وتغيرت علاقتها بما قبلها وبعدها، وتغيرت دلالتها وتغير الإطار والتركيب اللذان تندرج فيهما، كأنما صارت اللغة العربية لغة جديدة.

    هذا مما باعد ويباعد بين الشاعر والجماعة، مما أدى ويؤدى الى انشاء زمنين متقابلين متجاورين ضمن الزمن الواحد، زمن الشاعر وزمن الجماعة.

    زمن الجماعة خارجى تاريخى، زمن الشاعر داخلى وخارجى وتاريخى، ويتجاوز التاريخ فى آن، العمل زمنى. القصيدة زمن يتضمن ما هو أكثر من الزمن، لحظة الشاعر الروحية لا تتلاقى بالضرورة مع لحظته التاريخية اليومية، بل ربما ناقضتها. لهذا قد لا تتحد القصيدة بالعمل بل قد تسبق القصيدة الفعل، قد تكون منارة الفعل.

    ويسكن الشاعر فى منطقة من الزمن ليست بالضرورة تاريخ عصره.

    تجربة السياب حياة وشعرا، لقاء بين عالم يتراجع وآخر يتقدم، آتيا من المستقبل، وتتم هذه التجربة فى وسط يجسد هذا اللقاء، وتعبر عن نفسها بأشكال تجسد حركة التفتت والنمو فى آن. هذا الوسط هو

    (1)
    مدينة السندباد
    مدينة السراب
    قافلة الضياع
    أم البروم
    مدينة بلا مطر

    لكنها فى الوقت نفسه، المطر والنهر والبعث، فلحظة تبدو ساحات هذه المدينة ودروبها مليئة بالحفر والعظام، وحدائقها مزروعة برؤوس الناس، والأسوار مضروبة على كل شئ فيها، نسمع قطرة همست بها نسمة، تقول أن هذه المدينة، أن

    بابل سوف تغسل من خطاياها

    هذه القطرة هى التعويذة التى يحملها السياب فى حياته وشعره لكى يتغلب على افقر والجوع والعبودية والظلم، والتى ستدخل فى سلسلة من التحولات آخرها الموت، الذى سيكون البداية، بداية الزمن الجديد والحياة الجديدة.

    ويدعونا السياب فى طريقه الشعرية، الى ان نعانى معه ابعاد هذه المدينة، البعد اليومى الاجتماعى كما تعبر عنه قصيدة عرس فى القرية، والبعد الحياتى البورجوازى كمت تعبر عنه قصيدة أغنية فى شهر آب، والبعد السياسى القومى كما تعبر عنه قافلة الضياع، والبعد السياسى الثورى كما تعبر عنه رسالة من مقبرة، ويلح علينا علينا أن نرى الى ابعاد اليباس كيف تغطى المنظور كله، وتحول المدينة الى مقبرة، الى جبال من الطين والنار، يمضغن قلب الشاعر.

    هكذا ينهض السور بين وبين المدينة، انه الياس، انه تمام الغربة فى الداخل، والحياة غير ممكنة فى مكان ليس اكثر من مقبرة مسورة.
    قصيدة غريب على الخليج، تصور تخليه عن هذا المكان، اى غربته فى الخارج، وفى قصيدته مدينة السراب، تتخذ غربته بعدا شخصيا حميميا، الحب ذاته يصير مدينة سراب، حتى حين يعانق حبيبته ويصهر جسمها الحجرى فى ناره، تظل بينه وبينها، صحارى من الثلوج.

    ومع ذلك لا تغلبه الوحدة، فهو لا يستطيع أن يكون نفسه، اذا لم يكن الآخرين، فى الوقت ذاته، فليست مأساته فى انه يرفض الآخر أو يتعذب، وانما هى فى استحالة انقطاعه عن الآخر. فلا خلاص امامه، لكن لا هرب كذلك. هذا مما كان يزيد حنينه الى التواصل مع الآخر، شدة وتفتحا. غير انه لن يتوجه هذه المرة الى الآخر مباشرة، بل الى الكون، سيغمر الانسان ويحضنه، فيما يغمر الكون كله ويحتضنه.

    التناقض بين الياس والرجا، العذاب والفرح، الضعف والقوة، هو ما يشكل النفس الفاجع فى شعر السياب، هذا التناقض شهادة على الحياة لا معها، واذ يتساءل السياب مباشرة أو مداورة، عما اذا كانت الحياة تستحق تعب الانسان من اجلها، فان تساؤله يتضمن الرغبة فى تسويغها، وتخليصها بشكل أو آخر من التناقض. وكيف يزول التناقض، أى هل يمكن محو الألم؟ ربما الى من يتشبث بظاهر العالم مكتفيا به، يزينه ويزخرفه ويحيطه بمجد الشكل المصنوع المتألق. غير أن السياب رأى نفسه يتغلغل فى طريق ثانية، يتخطى ألق الخارج لكى ينصهر فى الداخل، فى الكيان الأول، فى الغياب، فى الجسر العائم المتحرك بين الموت والولادة، اليباب والبعث، فى ابدية الرمز وحركيته. وفى هذا ما يفسر النسيج الأسطورى فى شعره وبخاصة ما اتصل منه برمز الموت والبعث.

    ان نموذج الانسان فى تجربة السياب ليس من يتحقق ضمن ظاهر العالم، بل هو من يكون بمثابة قرار العالم وعمقه، حيث يجئ الأخرون ويبنون فوقهما، وبوحيهما، ظاهر العالم والحياة الانسانية. انه الانسان البذرة والمستقبل. وهذا الانسان فى جوهره فاجع بل هو انسان الفاجعة.

    العمل الثورى بخاصة، هو الذى ينقل هذا الانسان البذرة الى الحصاد والصيرورة فى الحياة. العمل هو صعود العمق لكى يصير شكلا على الأرض. وهو تجسيد الفكرة. ويصور لنا السياب فى شعره الفشل الكامل فى حركة هذا التجسيد ويصور لنا كذلك استحالته.

    فى قصيدة النهر والموت، يصور السياب حنينه الى الموت، الى أن يكون فعلا يرتبط بالأرض كانهر. كأنه يحن الى توكيد الحقيقة التى لم يستطع أن يؤكدها فى ايامه بين الناس، فالموت من أجل الحقيقة اعمق ما يضيئها، ينوجد ما كان تصورا، ويتجسد ما كان ممكنا، بل يصير الانسان كالنهر، كالماء، حيا يولد من ذاته، يدخل فى تكوين العالم، فى نسيجه الكونى، الحياة الميتة تنقلب الى موت حى، لا يعود هناك غير الماء، غير الولادة المستمرة.

    الموت فى النهر حياة تتجاوز الموت، تخلص، تبدى وتعيد. والموت فى النهر سفر مزدوج فى الذات وخارج الذات، فى الكون. والموت فى النهر نرجسية كونية تتحد بالماء الكونية، والماء امومة، فالموت فى الماء حنين الى الامومة.

    هذا الحنين الى الموت فى قصيدة النهر والموت، ينقلب فى قصيدة المسيح بعد الصلب الى موت وقيام رمزى بالتضحية، الانسان هنا حى اكثر منه فى الحياة، فليس الموت هو ما يحول دون الحياة، بل الحياة نفسها هى التى تحول دون الحياة.

    جيكور (قرية الشاعر) هى اذن مكان الراحة الأخير.
    جيكور البيت، مأوى الحلم، حصن الحالم، قوة تجمع الضائع، تمركز المبعثر، ضمان وحماية، سعادة دائمة.
    وتتخذ جيكور فى شعره شكلا انسانيا تسرى فيه طاقة الروح والفعل، هى رمز العمل لوجه العمل، كالسماء والمطر والعشب.

    المهد بداية اليقظة من السديم، اللحد نهاية البقظة، وفى الحنين الى المهد حنين مضمر الى اللحد، وحنين السياب الى الغياب فى احضان الأمومة، حنين الى مصالحة اخيرة بينه وبين الآخر، بين النفس والعالم، السماء والارض، المجهول والمعلوم، الابدية والزمان. فاذ يغيب الانسان فى احضان الأم يصبح الى الأبد حاضرا فى الكون، يدخل فى نهر الرموز.
                  

06-12-2003, 08:11 AM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أدونيس -- قراءة فى عالم السياب الشعرى (Re: THE RAIN)

    THE RAIN

    شكراً ، اخي
    قدرك ان لا تكف عن إرواءنا
    تقديري الكثير

    كنت ساكون سعيدة باجابة طلبك لرفع القصيدة التي طلبتها
    عند عودتي للبيت بعد العمل وجدتها تضيء واجهة البورد
    فالشكر لك ولمن قام برفعها

    (عدل بواسطة الجندرية on 06-14-2003, 06:37 AM)

                  

06-14-2003, 06:30 AM

THE RAIN
<aTHE RAIN
تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 2761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أدونيس -- قراءة فى عالم السياب الشعرى (Re: THE RAIN)

    الجندرية

    شكر وإمتنان كثيرين لك، وجدت النص فعلا، ولك السبق

    دمتى
                  

06-27-2003, 08:07 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أدونيس -- قراءة فى عالم السياب الشعرى (Re: THE RAIN)

    فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de