العاقب لقيام سلطة البشير و دي مبيور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 05:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2003, 08:28 PM

bilbila


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العاقب لقيام سلطة البشير و دي مبيور

    المصائر الوطنية في السودان
    العاقب لقيام سلطة البشير و دي مبيور
    د. أحمد عكاشة أحمد فضل الله - لاهاي

    *تهدف هذه المقالة لمناقشة ما قد يؤول إليه أمر البلاد حقآ بعد توقيع إتفاق سلام بين الحكم السوداني و الحركة الشعبية لتحرير السودان. و لا يعارض الباحث أي أمر نصت عليه الإتفاقات أو واقع سياسي تمخض عنها و لكنه يحاول تسليط الأضواء على ا لمستقبل السياسي للبلاد.
    و لا يشكل كتابتها موقفآ سياسيآ إزاء القضايا السياسية المطروحة و لكنها محاو لة لتناول مستقبل بلادنا من و جهة نظر علم ا لسيا سة. و لا تتوقع هذه المقالة أ ن يطرأ تغيير هام على الفكر أ و الوا قع السياسيين الحاليين.

    *لديٌ الوضوح الكامل فيما يتعلق بمواقف القوى السياسية الريئسية : حكمآ ، ثوارآ و معارضون
    سياسيون الى جانب مواقف القوى الدولية، فمشاكوس هي سبيلهم الى بسط السلم في ربوع السودان و لدى كل سياسي سوداني ناقد قناعة بأن لدي مبيور شأن يتزايد يومآ بعد يوم في السودان الذي سوف يتمخض عن ماشاكوس.
    كذلك لدى كافة الساسة القناعة التامة بأن هذه الإتفاقات سوف تسفر عن سودان ديمقراطي و مترف ( نتيجة الثروة البترولية و السخاء الدولي ). و كذلك تلقى ماشاكوس ترحيب الساسة السودانيين الرئيسيين لأنها حلت مشكلات الإحتراب الأهلي بالنص على تقاسم السلطة و الثروة القومية و كذلك إعتقدوا بأن الإحتراب الأهلي و التهميش كانت أهم المشكلات التي واجهت السودان و أ ن في حلها يستقر حال البلاد و يعودون الى دست الحكم من بعد. إن وجود أمور لا يبت فيها في المجال السياسي في حد ذاته مدعاة للتشكك حولها و البحث عن الصدق فيها. و تلجأ ا لمقالة للعلوم السياسية و أدواتها البحثية سعيآ وراء التحقق من توفر أو إنعدام الصدق فيما ترسخ لدى القادة السياسيين الرئيسيين من قناعات.

    * تتطلب المعالجة العلمية للأمر إثبات بعض و قائع الحياة السياسية السودانية القائمة اليوم و تشمل هذه :
    - إن إتفاقات ماشاكوس المثبتة و المحتمل إثباتها من تفاهمات قادمة هي ليست جهدآ وطنيآ و نابعآ من إرادة القوى ا لسياسية السودانية و إنما هي حل سياسي أملته أو سهلت إبرامه القوى الدولية الرئيسية من أهمها الولايات المتحدة الأمريكية ( القوى العظمى الخارقة و المتفردة).

    - عنت تفاهمات و إتفاقات ماشاكوس بمسائل يعدها الساسة الدوليون و الحكام ا لسودانيون و القادة السياسيون الرئيسيون من أهم المشكلات التي تواجه البلاد : الحروب الأهلية في مناطق شتى من السودان ، ضرورات إشراك الأعراق و الأديان و الأقاليم و الثقافات ا لسودانية في حكم البلاد و ثرواتها و بالتالي إعادة الإستقرار السياسي إليها و تخليصها من أثر الأصولية الإسلامية. و تهمل هذه الإتفاقات الظروف الإجتماعية القاسية و المشكلات الأخلاقية العميقة مثل البؤس ا للامحدود و الحيف الإقتصادي و شراسة ذوي السلطة و الجاه و القمع الممارس من طرف الثقافات المهيمنة و تردي التربية و التعليم و الثقافة و قمع المجتمع و إنتهاكات حقوق الإنسان و جرائم الحرب خاصة في مناطق النزاع المسلح.

    - لم تثر ماشاكوس و تفاهماتها و إتفاقاتها هذه المسائل على الرغم من مترتباتها الخطيرة على السياسة السودانية و على أوضاع البلاد. و كذلك أهملت هذه المشكلات رغم حقيقة أن الظروف السياسية و الإجتماعية القاهرة و المشكلات الأخلاقية العميقة هي نتاج حكم البشير و الأيدلوجيين المرتبطين تاريخيآ و لا يزالون بقوى الهوس الديني، و كذلك أهملت هذه المسائل على الرغم من أثرها السالب على البلاد و شملت آثارها المدمرة تلك :

    - الإدانة الدولية الواسعة و الإ ستنكار ا لعالمي لجرائم الحاكمين و فظائع الحرب الأهلية و الإضطهاد العرقي و الديني.
    - العزلة الدو لية الخانقة للبلاد و حكامها الذين أخضعوا للتهديد بالمحاكمات و التضمين في قوائم من يرعى الإرهاب، أو من ينتج أسلحة دمار شامل....الخ و أضطروا إزاء هذا للخضوع الى الإملاءآت الدولية ( لدرجة السماح للقوى الدولية و الإقليمية الرئيسية بصياغة النظم الدستورية للبلاد)، و عبر التدخل الدولي تعاد صياغة الحياة السياسية و الإقتصادية للسودان.


    - مأساوية التقلبات التي لازمت و لا تزال تلازم المواطنيين في مجالات شتى من الحياة إذ تتدني مستويات عيشهم و تهدر حقوقهم و يلحق الإملاق على نحو متسارع بالمزيد منهم.

    - و أخيرآ لم تعن ماشاكوس بضرورات إنهاء الواقع القمعي المرير و التغلب على الإضطراب الفكري و الأيدلوجي الذين أولدتهما الديكتاتورية و الأصولية الإسلامية و هو سهما الديني و خواؤهما الفكري المشتركان.

    و حقآ إذا ما أريد للتفاوض الجاري في ماشاكوس حول المشكلات السياسية الرئيسية للسودان، إذا ما أريد له أن يكون فعالآ فإن فعاليته تتطلب :

    ـ إنهاء كل تعصب عقائدي و ديني و عرقي و الهرطقات التي تعج بها الحياة السياسية و الفكر و الثقافة. و
    ـ أ ن تتعدى المباحثات و الحلول مسألة إصلاح النظام الحاكم و الوضع السياسي الخاسر القائم اليوم في السودان الى إصلاح الشأن السوداني بأكمله بدقرطة الحياة السياسية و تحرير الفكر و الثقافة و ا لمجتمع بأسره و تحقيق تقدم إقتصادي و إجتماعي حثيث.

    و هناك دلائل كثيرة الى جانب إغفال بعض المشكلات السياسية الهامة التي تشير الى أن ماشاكوس هي مناورة سياسية هدفها إصلاح الوضع السياسي الخاسر و ليس دقرطة الحياة السياسية و إستقرار البلاد و تحقيق تقدم إقتصادي ملموس فيها. و تشمل تلك الدلائل :

    ـ إستبعاد قوى سياسية شتى من طاولة التفاوض السياسي بماشاكوس.
    ـ جعل التفاوض تبسيطيآ ( عجز القوى المحلية على الإتفاق فيما بينها ، و من ثم حثها على القبول بالإملاءآت على نحو إستطرادي : جولات المباحثات ، الحلول المرحلية ، الفصل فيما بين المشكلات السياسية، الفصل فيما بين مطالب الأقليات و الأجزاء السودانية.

    وقائعية إتفاقات ماشاكوس : فقد إعتمدت هذه الإتفاقات نفوذ القادة العسكريين السودانيين و الأيدلوجيين الإسلاميين و سلطة و صلاحيات القيادات العسكرية و السياسية للفصائل المسلحة
    لجنوب السودان و المناطق المهمشة. و من هنا بدت هذه الإتفاقات مشروعآ سياسيآ منسجمآ مع واقع السياسة السودانية و بإبرامها سوف تستقر الأحوال السياسية في البلاد.

    و ليس ببعيد أن تجتمع هذه العوامل فتؤدي الى خبو إتفاقات ماشاكوس و تبرز من جديد ضرورات أساسية منها :
    ضرورة إثراء الفكر السياسي ا لسوداني ، و تجديد الممارسة السياسية و تحديث الإقتصاد و المجتمع و من هنا تأتي المطالبة الدائمة و الملحة للقيام بعمل سياسي جاد. و لن يستقر الحال السياسي في البلاد لأن جل المواطنيين السودانيين يطلبون و بإ لحاح حل المشكلات الوطنية الرئيسية و يعتبر هذا الحل شيئآ لا محيد عنه و عندما يقر أمر وطني بصورة لا علاقة لها بالمشكلات السياسية الرئيسية فأن الإتفاقات تعتبر عملآ سياسيآ متواطئآ إزاء المظالم و المشكلات التي يعانيها المواطنون السودانيون.
    إن الإنتقاص لا يقتصر على إتفاقات ماشاكوس أو على الجهود السياسية للقوى الدولية و الإقليمية أو على سياسات الحكام السودانيين و قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بل يشمل الفكر و الجهود السياسية لقطاعات سودانية واسعة ومن أهمها المعارضة السياسية لشمال السودان ، من بين أسباب تهافتها : تصالحآ مع النظام القائم، أو تقربآ مغ الحركة الشعبية لجنوب السودان أو تأرجحآ ما بين التجمع الوطني الديمقراطي و الأوعية الأخرى للعمل السياسي المطالبة بالإنضمام للمباحثات في ماشاكوس أو التقاوض رأسآ مع الحكم . و جميع هذه السبل لم تبرهن على فاعلية في التأثير على مجريات الأحداث أو في تكسير جدار الصمت السائد بخصوص المشكلات السياسية الرئيسية و لا يوجد لدى قادة المعارضة ا لسياسية لشمال السودان إدراكهم لحقيقة بروز ضرورة إيجاد حلول لمشكلات السودان و بروز ضرورة أن يصبح العمل السياسي مجديآ و فعالآ.

    و حقآ فأن الحقائق السياسية القائمة في سودان اليوم تجزم بأن مهمة العمل السياسي أضخم مما يعتقد اؤلئك الذين يعتبرونه أداة لمحاربة حكم عمر البشير و هيمنة الأصولية الإ سلامية ، و كما دلت المفاوضات الجارية في ماشاكوس على قصور العمل السياسي المناهض و العمل العسكري المعارض . فقد كان العمل السياسي المناهض عبارة عن تحركات نضالية و سياسية و إنفعالية و متعجلة، أما الكفاح المسلح فقد ظل رهين التعصب العقائدي و العرقية أو الإرتباطات الإقليمية و لهذا سهل على القوى الدولية دمجه في مخططاتها الهادفة إلى : التأثير على المصائر السياسية السودانية و التحكم في ثرواتها النفطية التي تبدو واعدة و العهد بالحكم السياسي فيها الى أوهن الساسة نفوذآ و شعبية : عمر البشير ( الذي كان و لا يزال ضابطآ ضعيف الفكر و المعتقدات ) و دي مبيور ( الذي على الرغم من نوهم تزايد نفوذه يظل كادي ليمزو - قائدآ لقوة عسكرية محلية- و حقآ فأن الرجل هو القائد الحربي لدينكا بور لا غير ).

    إن أهم ما يميز ماشاكوس هو إحلال القوى الدولية و الإقليمية جهدها محل جهد القوى السياسية السودانية في حل الأزمة السودانية.
    و لا يقصد بالإشارة الى ضعف التأييد السياسي لكل من البشير و دي مبيور التقليل من الشأن و
    لكن القوى الدولية و الإقليمية تدرك حقائق الأوضاع في البلاد و تشمل هذه :

    - إن وحدة القوى السياسية التي أتت بالبشير الى السلطة أو تلك التي ساهمت في الكفاح المسلح في جنوب السودان أن و حدتها قد تفتت : فقد إنقسمت الحركة الشعبية في عام 1992 و ما أن حلت نهاية القرن الماضي إنقسمت الجبهة الإسلامية القومية و أن تضامن هذه القوى لن يتحقق مره أخرى.
    - تعمر الساحة السياسية بمن يتطاول بقامته على القائدين العسكريين السياسيين، و تكفي الإشارة الى على طه أو بكري حسن صالح أو عبد الرحيم حسين أو العميد أحمد عباس و د. عصام البشير - نفرة المفلحين - ، و تعج الساحة السياسية في جنوب البلاد بـ : مشار ، ماتيب ، لام أكول ، بونا ملوال و الذين لا تتكئ بندقيتهم أبدآ. و يشكل هذا مصدر عدم إستقرار سياسي عظيم.
    - تدرك القوى الدولية و الإقليمية حقيقة أن أطر الهويات السودانية الأساسية ( شمال و جنوب خاصة ) قد إنفرطت نتيجة الهجرات و التهجير و التركيز الإقتصادي و النمو الحضري ...الخ و أن لهذا أثره على ا لمستقبل السياسي للبلاد بما فهيا مستقبل الحكم السياسي.

    - كذلك وقفت القوى الدولية و الإقليمية خلال التفاوض في ماشاكوس على حقيقة أن السلام ليس
    بخيار أحد من المتفاوضين ، فلا يزال هنالك الإصرار على الشرع و الوحدة القسرية و يسلح الأعوان جندآ و دفاعآ شعبيآ و مقاتلين. و أنه لا يزال يعطى للإقتتال الأهلي أبعادآ دينية أو عرقية و هو أمر لا يجعل القوى الدولية تعهد بأمر بلد نفطي و علت درجته الجيوسياسية ( أوضاعة الدولية و أهميته في الإقتصاديات الدولية ) أن يعهد بأمره الى أجل طويل الى عمر البشير و دي مبيور - الذين هما ليسوا بأشداء- .

    و يعود الى هذه العوامل مرد الحديث عن حكم إنتقالي مشترك قصير الأمد بإنتظار Indaba ( مجلس شورى إفريقي ) أو لويا جيرغا ( شورى الأفغان ) أو خيمة كبرى ( التشاور بين الحاكم الأمريكي و أهل الحل و العقد في العراق ) أو جمعية تأسيسية ...الخ تصيغ الحياة الدستورية الخالية من أثر الهوس الديني وسائر التعصبات العرقية و الثقافية و الإقليمية ...الخ و تؤدي الى بسط بعض السلم في ربوع السودان.

    و كذلك لم يخف على القوى الدولية و الإقليمية قصور الساسة السودانيين جميعهم:

    - إذ لا يزال كثير من الساسة السودانيين مصرآ على عقيدة أو مذهب بعينه إحادي الرؤية و لم يعيدوا إنتاج أنفسهم أو حركاتهم السياسية على نحو يمكنهم من الإسهام في عملية سياسية مغايرة قوامها تحقيق مطالب الأعراق و الثقافات و العمل على إستقرار الحكم و تحقيق تقدم إقتصادي ملموس.
    - لم تلمس القوى الدولية في إتصالاتها مع السا سة السودانيين إدراكآ لدى أي قائد سياسي بأن هنالك ضرورة لمنحى جديد للسياسة السودانية يتمثل في دقرطتها و إستيعاب قوى سياسية جديدة كانت مستثناه في السابق و أن التغيير السياسي المنشود يتعلق بنوع من الإتساق المتعايش بين القوى السياسية و الأجزاء و الأعراق و الثقافات السودانية قد يؤدي بمرور العهود الى خلق حياة
    سياسية جديدة.
    - أوضح التفاوض بماشاكوس أن هنالك سودانيون لا يدركون حقيقة أن الأقليات الكثيرة و المتواجدة في البلاد تطالب بالإعتراف بثقافاتها و لغاتها و عقائدها كمكون أساسي و فعال لهويتها في ظل تسق عام و طني جديد و أنه لا يجوز الحديث عن حياة سياسية جديدة دون إعتبار لمطالب الأقليات و الأجزاء السودانية جميعها.

    - أوضح التفاوض أن الحكم و الحركة الشعبية لم يكنا على إدراك تام بأغلب المشكلات السوداينة الرئيسية و لم تكن لدى أحد منهم سياسات تفصيلية بشأن إعادة صياغة الحياة السياسية و ضعفت إرادتهم حيال هذه المسألة و تمسك كل منهما بتزمته و فيما يتعلق بالحكم فإنه ظل و لا يزال على إرتداديته و الإصرار على حل و حدي أو على التدجين.

    - لاحظت القوى الدولية مظاهر المفارقة ، سوء الفهم و التفاهم بين القوى السياسية السودانية و و قفوا على حقيقة وجود تباعد ، تنافس و تنافر فيما بين القيادات السياسية الرئيسية.

    - و قفت القوى الدولية و الإقليمية على ما يفضله الساسة السودانيين، حيث يفضلون " إتفاقآ
    ليبراليآ " على الدقرطة الحقيقية للحياة السياسية و إعادة الصياغة السياسية و تخليصها من أنماط الإنعزال و التعصب و الإقليمية.

    و لعل الأمر الإ يجابي الفريد في ماشاكوس هو أن القوى الدولية و الإقليمية وحدها هي التي أدركت ضرورة وضع حد لتيار التجزئة ( مؤخرآ لم يمانع النظام في إنفصال جنوب السودان و لا يمانع بعض الجنوبيين في قيام دولة مستقلة ). تدرك القوى الدولية ضرورة إنهاء التطرف و التعالي العرقي و الديني و ذلك نسبة للدرجات العالية من عدم الإ ستقرار السياسي التي يولدها التطرف و التعصب دينيآ أم عرقيآ ( الأرهاب الدولي و جرائم الإبادة و التطهير العرقي في أجزاء كثيرة من المعمورة ). و كذلك توضح ماشاكوس تبعآ لإشراك البشير و دي مبيور في سلطة واحدة أنه لا يمكن لتيار تجزئي أن يشكل أساسآ لحكم مستقر ، و ان كل من الإنقاذ و الحركة الشعبية لا يملكان تأييدآ سياسيآ و اسعآ أو سوف يكون لأحدهما الثقل الإنتخابي المأمول بما يضمنه إستقرار البلاد و ديمقراطيتها.

    ليس ماشاكوس و إتفاقاتها و جولاتها التفاوضية بالأمر الهام وحده فهناك مسألة آفاق العمل السياسي ، خاصة و أن هنالك متغيرات جوهرية في الأحوال السياسية : لقد طرح المنفى ( منفى المعارضين و الصفوة السودانية - و نعني عيشهم في البلدان الأخرى-) طرح شكوكآ و مشاكل تواجههم و تواجه جهدهم السياسي ، فإن كل من يعيش بعيدآ يواجه مشاكل و شكوكآ أهونها فقد إطار الإرتباط المضاد. و ليس المنفى هو الإختيار الدراماتيكي لبعض المثقفين و الساسة فقد رمت الأزمات الإقتصادية و تردي مستويات العيش و الحياة الإجتماعية بحشود هائلة من المهاجرين السودانيين الى خارج البلاد. هناك الملايين من السودانيين الذين يبحثون عن سبل عيش و ملاذآ آمنآ في أرجاء و اسعة من المعمورة. و للمنفى مترتباته على الفكر و العمل السياسيين و يشمل هذا :
    - إن جل المعارضة السياسية تبقى منفية أمام أغلبيتنا الوطنية الكبيرة و يزيد من عزلتها تحريم العمل السياسي المعارض و القمع و آ ليات البطش و بيداغوجيا الطغاه السودانيين المشتملة على الأمينريا و الكذب.
    - و لعل أهم ما تكشف عنه تجربة المنفى أنه ليس هنالك ديكتاتورية تسقط دون إنزال ضربة حاسمة بها ( عملآ عسكريآ جسورآ و دقيقآ يأتي بالهلاك على الطغاه و من والاهم ) ، و مع غياب ضربة حاسمة ما من الخارج فأن العمل المعارض من الخارج يمكنه فقط أن يساعد.

    - أضحى في الظروف الدولية و الوطنية المعقدة أن مهمة المعارض المنفي الوحيدة هي التضامن مع العمل و النشاط السياسي الداخليين و تنشيطهما الى جانب فضح ما يجري في البلاد من مظالم و فساد. و نسبة لعدم فعالية العمل السياسي المنفي و قمع الحياة السودانية الداخلية أضحى جهد الكاهن دانفورث ( المبعوث الرئاسي الأمريكي ) و التهديد بفرض عقوبات أو التضمين في قوائم الإرهابيين أو المنتهكين للحريات الدينية و غيرها من الضغوط ، أضحت هذه الجهود الأمريكية السبيل الوحيد لتغيير الرياح الشريرة التي عصفت بالحياة السودانية و بالكيان الوطني.

    و يهدف التوسط الدولي ( الأمريكي في الدرجة الأولى ) الى إستقرار البلاد سياسيآ الى حد يسمح بإدارة أهم شئونها و إستثمار ثروتها النفطية الهامة و منع حدوث كوارث إنسانية هائلة فيها و كذلك منع تحويلها لقاعدة للإرهاب الأصولي الدولي - ألم يخرج بن لادن منها في بعثة أصولية فتاكة الى أفغانستان - . و تواضع الأمريكيون في طموحاتهم ( إذ أن أجندتهم كمحافظين جدد تشمل إشاعة الديمقراطية و التسامح و قيم الحداثة المعاصرة ) إلا أنهم وقفوا على التعقيدات البالغة للسياسة السودانية و على حقيقة أن حل جل المشكلات السودانية يتطلب حوار طويل و عنيف مع الأعراق و العقائد و الثقافات و اللغات المحلية و أن المظالم قد تراكمت الى حد أن كل جزء سوداني أضحى طامحآ الى إستقلال ذاتي و جزء من الموارد القومية و أن عدم الإ ستجابة يؤدي الى عنف سياسي متصاعد ( كما برهنت أحداث دارفور ) . وهكذا أهمل دانفورث و المبعوث الكيني ( بحجة إستبعاد المسائل الخلافية ) ا لمواضيع الأكثر إثارة لإهتمام السودانيين و تشمل هذه : الدقرطة الحقيقية للسياسة و الثقافة و الإ جتماع ، الملاحقة و الإدانة للعناصر التي إرتكبت جرائم تعذيب و إبادة و قمع ، و المنتهكين لحقوق الإنسان و جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية في مناطق النزاع. و هي جرائم قد تؤدي ملاحقة مرتكبيها الى قلاقل خطيرة.

    و لا يمكن لحياء و تردد و محدودية إتفاقات ماشاكوس أن تؤدي الى خلق وضع سياسي مغاير و إيجابي في السودان : إذ أن السبل الى هذا في أداء مهام سياسية أساسية لا تقدر على إنجازها إلا قوى سياسية غير تلك المجرمة التي تسلطت على مصائر بلادنا. و تشمل المهام السياسية الأساسية المطلوبه للنهوض بشعبنا ما يلي :

    - إنشاء ديمقراطية سياسية تعددية و نظام دستوري يقر الحريات و الحقوق السياسية و يضمن مشاركة الأقليات في التقرير بشأن المسائل القومية الرئيسية.
    - إيقاف التدهور الإقتصادي و المعيشي و البيئي و إبداله بالتقدم في جميع هذه المجالات و هو أمر ليس بالعسير إذ تتوفر الموارد الطبيعية و العائدات البترولية و مدخرات المغتربين.
    - تجديد الفكر و الثقافة و الحياة الإجتماعية و تخليصهم من التعصب و الهوس و التعالي العرقي و الديني.
    - حل مشكلات الديمقراطية السياسية على المستويات القومية و الإقليمية و المحلية فيما بين الأجزاء السوداينية.
    - القضاء على الفساد السياسي و العنف السياسي و الجريمة المنظمة و التسلح غير المجدي ( إستيراد الأسلحة الفتاكة من الدول الرئيسية بدون حاجة ماسة لها في الدفاع الوطني أو إستقرار البلاد ) .
    - حل قضايا الفقر و القضاء على إملاق الملايين من السودانيين.
    - تطوير أوجه هامة من الحياة الوطنية مثل الإتصالات ، التعليم الجامعي و البحث العلمي و الأدب و الثقافة بزيادة الفضاء الحر.
    - إعطاء شعبنا فرصة محاو لة إعادة أنتاج نفسه و حياته السياسية و ثقافته في ظروف جديدة.

    و هي مهام لا يقوى على حلها من إنصب جل همه على تشويه الحقائق الفكرية و السياسية و الإقتصادية عبر الدعاية السياسية و الإعلام و أجبر موسسات التعليم و الثقافة على إخفاء الواقع السياسي المرير . و كذلك لا يبشر إستبعاد و كبت و نفي المشكلات السياسية الرئيسية بهدف الجمع بين البشير و دي مبيور في سلطة و احدة إنتقالية قد تقتصر مهامها على إنهاء الحرب الأهلية بين شقي البلاد و ما أرتبط بها من مهام إغاثة و ترتيب الأوضاع السياسية قوميآ لتحقيق قدر من الإستقرار السياسي. أما إعادة صياغة الحياة السياسية للبلاد فهي مهام متروكة للزمن و هي مهمة لا تدخل ضمن مهام القوى الأجنبية بل كانت دائمآ و أبدآ مسئولية السودانيين أنفسهم لأنهم المهتمون بدرجة أكبر بنيل حقوقهم الديمقراطية و لديهم الرغبة في النهوض بمجتمعهم و بتحديث إقتصادياتهم. أما القوى الدولية و الإقليمية فإن ما همها من أمر السودان ما يلي :

    - درء تبعات الحرب الأهلية ا لسودانية على دول الجوار و البلدان المتقدمة - خاصة نزوح اللاجئين.
    - فك الإ رتباط بين الحكم السوداني و الأصولية الإسلامية الدولية و الإرهاب الدولي ( بن لادن ، الظواهري ، كارلوس ...الخ.
    - إختبار المقدرات الأمريكية في حل الأزمات الدولية و Nation building و Regime change و منع إنتشار أسلحة الدمار الشامل ( مصنع الشفاء ) ....الخ.

    و لا تشكل هذه الإهتمامات الدولية أساسآ لحكم ديمقراطي أو سبيلآ لتحقيق طموحات شعب أبي مثل شعبنا السوداني.
                  

05-27-2003, 05:19 AM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العاقب لقيام سلطة البشير و دي مبيور (Re: bilbila)

    لا فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de