شعب أسطى ... بلد شامخ

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 01:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2003, 08:45 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شعب أسطى ... بلد شامخ

    قرية صغيرة قابعة في شمال السودان.
    جنوب غرب دنقلا بحوالى عشرين كيلو ( تسمى قعب اللقية ، أو قعب الباب ، يسكنها عرب القنقناب ). عرب أقحاح أشاوس ، يفوقون حاتم الطائي أريحية و كرما.
    ربما لم يسمع بها الكثيرين. قرية مهملة كباقي معالم السودان، لا موقع لها في خارطة السياحة. و لكنها إن كانت في أي بقعة أخرى من العالم ، لكانت تتصدر صفحات الصحف ،
    و نشرات الأخبار ، و المجلات السياحية.
    هذه القرية حباها الله برمال ساخنة طوال أشهر العام ، فيقصدها ( المكنكشين من الرطوبة ) بقصد العلاج. في خلال أسبوع ، تكون الرمال الساخنة التي يدفن فيها المريض قد عملت عمائلها. القرية صغيرة ، و إمكانات أهلها بسيطة ، لذا يتوجب على طالب العلاج الذهاب بذبائحه و دواجنه ، فالتغذية مهمة أثناء العلاج ، و خاصة الشوربة الدافئة.

    بعد هذه المقدمة ، أعرج بكم إلى إمرأة مصرية في العقد الثالث من عمرها ، بنت بلد ميسورة الحال ، أبتليت بمرض الروماتيزم في يديها ، مما جعل أصابع يديها تتقلص شيئا فشيئا.
    حاولت شتى أنواع العلاج ، فلم تجد نفعا. صرفت مالا كثيرا دون جدوى.
    عمها كان مدرسا بعطبرة في إحدى مدارس البعثة التعليمية المصرية ، سمع بهذه القرية في إحدى مناسبات عطبرة. أخبرهم المدرس المتقاعد بهذه القرية ، فتوجهت المريضة إلى أسرة سودانية مقيمة في القاهرة تربطهم بها صداقة حميمة و قديمة و تم الإتفاق للذهاب للسودان الشقيق و محاولة العلاج في هذه القرية ، فربما ، ( الأرضة جربتْ الحجر ).
    جاءت إجازة الصيف ، فشدت المصرية مع الأسرة السودانية الرحال للخرطوم لأول مرة في حياتها. و بعد عدة أيام في ضيافة الأسرة السودانية في الخرطوم ، تم الحجز في إحدى اللواري حيث لم تكن هناك في ذلك الوقت البصات السياحية المريحة كما هو الحال الآن.
    إبتسامة عريضة كانت تعلو وجه المصرية ، فقد كانت تعتقد أن الرحلة ستكون كرحلة القاهرة أسوان أو القاهرة الأسكندرية. لم تكن تدري ماهو السفر باللواري إلى الشمال في ذلك الحر الذي يلحم الحديد.
    لأنها ضيفة و مريضة ، أعطوها مقعدا بجانب السائق مع واحدة من الأسرة السودانية الصديقة. و بعد تفقد كرتونة الزاد و حفاظة الماء المملوءة بالثلج و بقية العفش ، تحرك اللوري على بركة الله .
    الصباح كان هواؤه باردا شيئا ما ، و المصرية روحها المعنوية عالية ، تطلق النكات ، و الونسة ( تقول يا ليل ).
    شيئا فشيئا ، بدأت معالم الحضارة تتلاشى ، و بدأت سلسلة المرخيات تعطيهم ظهرها ،
    و الونسة تخف وتيرتها كلما إرتفعت درجة الحرارة ، و تتطاقش كبايات الماء البارد من الحفاظ المملوء بالثلج.
    ثم بدأت مساحيق المكياج تذوب من وجه المصرية عندما إنتصف النهار.
    لا تسمع غير صوت الماكينة و هي تزمجر لتشق عباب الرمال المتلاطمة.
    قالت المصرية و القلق يبدو في عينيها : هو إحنا حنصل إمتى ؟
    رمقها السائق بنظرة خاطفة و إبتسم إبتسامة بدت معها سنة ذهبية تبرق في ضوء الشمس. فأزاح طرف العمة التي تغطي فمه و قال : إنت يا دوبك في أول الطريق. لو وصلنا بكرة في الليل يكون كويس.
    يا لهوي ، بكرة بالليل ؟ ليه ؟ هو أحنا راجعين مصر تاني ولا إيه ؟
    ضحكت السودانية و ضحك السائق و هو يرمي ترسا ثقيلا .
    بدأت المصرية تتوتر ، فالشعر الذي كان متماوجا بتسريحة جميلة ، صار ( كحلاوة قطن ) منفوشا ، لا لون له بفعل الغبار.
    الأيادي في حركة دائبة بالهبابات تستجدي هبة نسيم.
    الحذاء الجميل القطيفة ( أبو فيونكة ) إستبدلته بشبشب ( سفنجة ).
    إنتهى الثلج من الحفاظة ، و بقيت النشارة في القاع.
    أعطوها ماءا من البرميل ، فإذا هي تلفظه بفعل طعم الجازولين المخلوط به. ( حتى لا يستهلك الركاب كمية كبيرة من الماء ).
    قالت : إحنا لو مشينا كدة في الحر دة طول النهار ، أنا حأبقى كويسة من الشمس دية ، دة مش معأووول دة.
    و لا أحد يرد عليها.
    مافيش حمامات في الحتة دي؟
    و لا أحد يرد.
    عاوزة أشرب شاى. و عندما أعطوها كوب الشاى ، أزاحت الذباب بيدها ، و لكنه كان
    ( مكلبا ) بحافة الكوب بعناد ، فهو شريك في الكباية بحق الإستيطان في هذه المنطقة النائية.
    رشفت رشفة واحدة ، و قالت : إيه دة ؟
    شاى
    مش ممكن ، دة زى ما يكون كدة منقوع بهارات.
    صار شكلها مثيرا للشفقة من الإحباط الذي ألم بها.
    تصبرها السودانية بأنها بعد هذا التعب ستتعالج بإذن الله في القعب . فتهون عليها متاعب الرحلة.
    هناك صلة قربى بين السائق و اللوري و الجربكس و الماكينة و الدريكسون و الصاجات و المساعد و الرمال و القهاوي المنثورة على جانبى الطريق.
    و إلا ماذا تسمون هذا التناغم الذي يحدث بين كل هذه الأطراف ؟
    اللوري يغطس بلساتكه الأربعة في الرمال ، فتقول أن لا خروج ، فإذا بالمساعدين و الصاجات ، يفعلون العجب ، فينطلق اللوري كالمارد ينثر الرمال على جانبيه و ينطلق و هو يعوي بفعل الكوز الذي يربطه المساعدين في العادم. يعزف السائقون نغمات معينة بالبوري ، فيعرف أصحاب القهاوي و السائقين الآخرين ، و أطفال العرب ، إسم السائق القادم بنغمته. يتعطل اللوري ، فتحبس أنفاسك في ذلك العتمور ، و تقول أنك ماكث هنا إلى ما لا نهاية ، و تنعس بفعل الحر و التعب ، فتستيقظ بصوت دوران ماكينة اللوري. ألم أقل لكم أن هناك علاقة ما بين كل هذه الأطراف ؟ عشرة و عيش و ملح و جازولين و رمال و شاى أسود و زاد بايت.
    لم تتمعن المصرية في كل هذا ، كان كل همها في معاناتها من الرحلة و في يدها التي تنتح كالملسوعة من عقرب.
    هو إحنا رايحين فين بالظبط ؟
    لا أحد يرد.
    عندما وصلوا دنقلا ، إشتروا كل ما يتاجونه للأسبوع الذي سيمكثونه في القعب.
    عندما وصلوا القعب ، نظر أحد الشباب إلى المصرية و هو يحدر طاقيته الحمراء للأمام و هو يقول :
    بالله المرة بقت زى بصلة التقلية.
    أنظروا لهذا التشبيه البليغ و سرعة البديهة ، فبصل التقلية تخالطه حمرة مع بقاء بعض بياض البصل ، مع نشفان قليل بفعل التحمير ، تشبيه لا يضاهيه إلا سرعة بديهة أهلنا الرباطاب. فالمصرية صار وجهها بعدة ألوان ، مستسلمة للتعب.
    بعد كل هذا ، رجعت المصرية للقاهرة في تمام عافيتها ، و صارت لفترة طويلة تروج لقرية قعب اللقية أو قعب الباب ( و كانت تنطقها ( أعب اللئية ، دي حاقة ما حصلتش ) و لكن عندما يسألوها كيف الوصول إليها كانت تقول : أنتو بس روحو الخرطوم ، و من هناك حيوروكو توصلولها إزاى )
    كانت الرحلة جرحا في ذاكرتها ، و لكن كان عزاؤها في العلاج الذي لم تصرف فيه عشر ما صرفته في القاهرة.
    لا أعمل دعاية لهذه القرية ، فأنا ليس ( قنقنابي ) و لا من القعب ، و لكن ، ألا توافقوني ، بأن البلد شامخ و ذاخر ، و أن شعبنا شعب أسطى ؟
    تسلموا و تسلم يا حبيبي السودان.
                  

05-26-2003, 10:10 AM

البعيو

تاريخ التسجيل: 12-07-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شعب أسطى ... بلد شامخ (Re: ابو جهينة)

    الاخ ابوجهينة
    سمعت بهذه البلدة من احد الاخوان السعوديين الذى قام بزيارتها فى بداية الثمانينيات وذلك بنية العلاج وهو بخير الان
    تعرف دى لو كانت عند المصريين كانوا بدعوا لكن القسمه والنصيب
                  

05-26-2003, 11:13 AM

abuguta
<aabuguta
تاريخ التسجيل: 04-20-2003
مجموع المشاركات: 8276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شعب أسطى ... بلد شامخ (Re: البعيو)

    اخى ابو جهينة

    حلوة بصل التقلية دى ماشة مع رجلة عيون

    طيب مش مفروض نعمل ليها موقع على النت ودعاية ونبنى فيها فنادق

    ونستدعى اطبة عشان يعملو بحوث فى جوها العلاجى

    ونعمل ليها سكة حديد وكم رصيف ونربطها بابى سنبل بس لو سمعو بيها

    ناس الانقاذ بقمومو يبعوها للخواجات

    وتشكرا ياخى على تعريفنا بتلك القرية التى لم استطيع ان انطق اسمها

    التحية لها والى اهلها الذين لم يغادروها من اجل المدنية

    تسلم
                  

05-26-2003, 11:20 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شعب أسطى ... بلد شامخ (Re: abuguta)

    الأخ البعيو : تحياتي الخالصة.
    كثيرا ما نسمع عن سوداننا من أناس غير سودانيين.
    وصف لي أحدهم جبل مرة و هو مذهول ، يقول أنها سويسرا مجهولة.
    العيب في حكوماتنا ضيقة الأفق.

    أبوقوتة الحبيب.
    لو كنا نملك المقدرة ، و الله كنا عملنا بإقتراحاتك ، و المردود مضمون. و لكن العين بصيرة ، و الإيد نص كم.
    تسلموا.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de