الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 08:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-17-2003, 09:29 PM

alrasikh


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم

    الاخوه الاعزاء تحيه ابعثها لكم و اتمنى لكم الصحه و العافيه اليوم تمر علينا الذكري العاشره لرحيل الاستاذوالشاعر المرهف صلاح احمد ابراهيم ولد شاعرنا في اسره سودانيه بسيطه و تشبع بعبق الحريه و الديمقراطيه وتخرج من جامعه الخرطوم كليه الاداب و التحق بالسلك الدبلوماسي وكان سفير السودان في الجزائر خرج من السودان ابان الحقبه المايويه معارض لسياسات النظام عمل مستشار ثقافي للسفاره القطريه في باريس حتي وفاته في 17/5/1993 وله كثير من القصائد ومن اشهر دواوينه الشعريه نحن و الردئ نسال المولي ان يرحم فقيدنا بقدر ما اعطي لشعبنا العملاق
                  

05-18-2003, 00:31 AM

أم سهى
<aأم سهى
تاريخ التسجيل: 09-29-2002
مجموع المشاركات: 1435

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)

    رائع ان تظل ذكري أدبائنا خالدة بيننا - رحم الله أديبنا بقدر عطائه - وشكرا يا أل راسخ
                  

05-18-2003, 07:34 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: أم سهى)

    نحن والردى

    صلاح أحمد إبراهيم

    كانوا يتساقطون واحدا إثر واحد دركا، بعد حياة كرست لمحبة الناس، وإسعاد الناس، وكف الأذى عن الناس، في صمت وإنكار ذات. فعملهم اليومي وطنية وعبادة، وحياتهم العادية بطولة وتضحية، ومصائرهم موصولة بمصير الشعب


    يا ذكى العود بالمطرقة الصماء والفأس تشظى
    وبنيران لها ألف لسان قد تلظى
    ضع على ضوئك في الناس اصطبارا ومآثر
    مثلما ضوع في الأهوال صبرا آل "ياسر"
    فلئن كنت كما كان أنت عبق
    فاحترق

    ***

    يا منايا حومي حول الحمى واستعرضينا واصطفي
    كل سمح النفس، بسام العشيات الوفي
    الحليم العف، كالأنسام روحا وسجايا
    أريحى الوجه والكف افترارا وعطايا
    فإذا لاقاك بالباب بشوشا وحفي
    بضمير ككتاب الله طاهر
    أنشبي الاظفار في اكتافه واختطفي
    وأمان الله منا يا منايا...
    كلما اشتقت لميمون المحايا ذى البشائر
    شرفى
    تجدينا مثلا في الناس سائر
    نقهر الموت حياة ومصائر

    ***

    هذه أجنابنا مكشوفة فليرم رامي
    هذه أكبادنا .. لكها وزغرد يا حقود
    هذه أضلاعنا مثلومة وهي دوامي
    وعلى النطع الرؤوس
    فاستبدي يا فؤوس
    وادخلي أبياتنا واحتطبي
    وأديري يا منايا كؤوسا في كؤوس
    من دمانا واشربي
    ما الذي أقسى من الموت؟ فهذا قد كشفنا سره، وخبرنا أمره
    واستسغنا مره
    صدئت آلاته فينا ولا زلنا نعافر
    ما جزعنا إن تشهانا ولم يرض الرحيل
    فله فينا اغتباق واصطباح ومقيل
    كفن من طرف السوق وشبر في المقابر
    ما علينا .. إن يكن حزنا فللحزن ذبالات مضيئة
    أو يكن قصدا بلا معنى فللمرء ذهاب بعد جيئة
    أو يكن خيفة مجهول فللخوف وقاء ودريئة
    من يقين ومشيئه
    فهلمي يا منايا جحافل
    تجدينا لك انداد المحافل
    القرى منا وفينا لك، والديوان حافل
    ولنا صبر على المكروه – إن دام – جميل

    ***

    هذه اعمالنا مرقومة بالنور في ظهر مطايا
    عبرت دنيا لأخرى، تستبق
    نفد الرمل على أعمارنا إلا بقايا
    تنتهي عمرا فعمرا
    وهي ند يحترق
    ما انحنت قاماتنا من حمل أثقال الرزايا
    فلنا في حلك الأهوال مسرى
    وطرق
    فإذا جاء الردى كشر وجها مكفهرا
    عارضا فينا بسيف دموي ودرق
    ومصرا
    بيد تحصدنا لم نبد للموت ارتعادا وفرق
    نترك الدنيا لنا ذكر وذكرى
    من فعال وخلق
    ولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الآخرين
    وولاء حينما يكذب أهلية الأمين
    ولنا في خدمة الشعب عرق
    هكذا نحن ففاخرنا، وقد كان لنا أيضا سؤال وجواب
    ونزوع للذي خلف الحجاب:-
    برهة من سرمد الدهر أقمنا ومشينا
    ما عرفنا بم أو فيم أتينا وانتهينا
    وخبرنا تفه الدنيا وما في بهرج الدنيا الحقير
    عرضا فان لفانين فما نملكه يفلت من بين يدنيا
    أو ذهبنا دونه حين بقى
    فكما كان لدنيا صار ملكا لسوانا، وغرور
    لغرير غافل يختال في الوهم الهوينى
    في حبور
    رب ينهل من بحر الغوايات ظمي
    والذي يملك عينين ولا لب - عمي
    والذي تسحره الدنيا ولم يدر المصير
    أبله يمرح في القيد وفي الحلم يسير
    ريثما توقظه السقطة في القاع ولا يعرف أينا
    كل جيل بهده جيل ويأتي بعد جيل
    بليت جدته، مرتقبا في غبطة أو غفلة أو قلق
    فقعة الأمال في جيل بديل
    طالع أو طامع مستبق
    أمس قد كنا سقاة القوم بالكأس المرير
    وغدا يحملنا أبناؤنا كي نستقى
    فالذي تخلى له مضيفة الدنيا سيدعى لرحيل
    حين يبدو قادم في الأفق
    وكلا الذاهب والقادم في دفترها ابن السبيل

    ***

    كل طفل جاء للدنيا أخي من عدم
    مشرق الوجنة ضحاك الثنايا والفم
    يسرج الساعات مهرا لاقتحام القمم
    سابحا في نشوة للهرم
    فإذا صاح به الموت أقدم
    كان فوت الموت بعض المستحيل
    عجبي من رمة ترفل بين الرمم
    نسيت سوء مآل الأمم
    وسعت في باطل عقباه غير الألم
    ومطيف الندم
    والسأم
    غصة الموت، وإن مد لها في فسحة العمر قليل
    فالذي يعقبه القبر، وإن طال مدى ليس طويل
    والسؤال الحق: ماذا بعد؟ ماذا بعد؟ ماذا بعد في هذا السبيل
    يرتجيه الآدمي؟
    أإذا متنا انتهينا للأبد
    غير ما يمسك دهر أو طبيعه
    أم بدأنا من جديد
    كيف أو أي سؤال هائل لن نستطيعه
    أفمن يذهب عنا سيعود
    مثلما تزعم شيعه
    ثم هل عاد أحد؟
    أم له في داره الأخرى خلود
    بعد أن يسترجع الله الوديعة
    بكتاب وأمد
    ظل من يبحث في سر الوجود
    بالذي أنرك أو فيه اعتقد
    فاجعل الموت طريقا للبقاء
    وابتغ الحق شريعة
    واسلك الفضل وقل يا هؤلاء
    خاب قوم جحدوا الفضل صنيعه
    إن للفضل وإن مات ذووه لضياء
    ليس يخبو - فاسألوا أهل النهى
    رب ضوء لامع من كوكب - حيث انتهى
    ذلك الكوكب آلافا وآلافا سنينا

    ***

    يا رياح الموت هبي إن قدرت اقتلعينا
    اعملي أسياخك الحمراء في الحي شمالا ويمينا
    قطعي مني الذؤابات ففي الأرض لنا غاصت جذور
    شتتينا، فلكم عاصفة مرت ولم تنس أياديها البذور
    زمجري حتى يبح الصوت، حتى يعقب الصمت الهدير
    اسحقينا وامحقينا
    تجدينا .. نحن أقوى منك بأسا ما حيينا
    وإذا متنا سنحيا في بنينا
    بالذي يبعث فيهم كل ما يبرق فينا
    فلنا فيهم نشور

    ***

    طفلنا حدق في الموت مليا ومرارا
    ألف الأحزان تأتينا صغارا وكبارا
    ومرى الدمع غزيرا، ورعى النوم غرارا
    ورأى والده يخطر للموت ونعشا يتوارى
    لن يراه مرة ثانية قط إلى يوم الحساب
    ذاكرا عنه حنانا وحديثا وابتسامات عذاب
    كشموس لا يني يأمل أن تشرق من باب لباب
    كل يوم ولنا في البيت مأتم
    وصغير ذبحت ضحكته يوم تيتم
    كلما مرت بنا داهية تسأل عيناه عن الشر المغير
    ويرى من حوله أمرا مريبا وغريبا ورهيبا فيثور
    أمه في جلد تدعوه أ ن يسكت لكن صوتها فيه اضطراب
    واكتئاب
    ومغاريق غضاب
    وهو يدري فيعون الأم للإبن كتاب
    وهو بالمحنة والموت الذي جندلنا جد بصير
    حلمه صار حكيما وهو طفل في سرير
    فهو يزداد بما حاق بنا حزنا وحزما ووقارا
    وانفعالا كلما عاث بنا دهر وجارا
    هكذا يطرق فولاذ البطولات ويسقى بالعذاب
    فله في غده يوم كبير
    يوم أن يدلج في وادي طوى يطلب نارا
    والجا هولا مهولا، خائضا نقعا مثارا
    وغمارا
    ضاحكا في حنك الموت على الموت عنوا واقتدارا
    وقد استل كسيف بارق جرحا عميقا في الضمير
    خبراني، لهف نفسي:
    كيف يخشى الموت من خاشنه الموت صغير

    ***

    في غد يعرف عنا القادمون
    أي حب قد حملناه لهم
    في غد يحسب منهم حاسبون
    كم أياد أسلفت منا لهم
    في غد يحكون عن أناتنا
    وعن الآلام في أبياتنا
    وعن الجرح الذي غنى لهم
    كل جرح في حنايانا يهون
    حين يغدو راية تبدو لهم
    جرحنا دام، ونحن الصابرون
    حزننا داو ونحن الصامتون
    فابطشي ما شئت فينا ما منون
    كم فتى في مكة يشبه حمزة؟

    ***

    بالخشوع المحض والتقديس والحب المقيم
    واتضاع كامل في حضرة الروح السماوي الكريم
    التحيات لها..
    وبعشق ابدي عارم ينزف من جرح أليم
    وامتنان لا يفيه قدره قول ولا فعل، حديثا أو قديم
    التحيات لها.
    ليت لي في الجمر والنيران وقفه
    وأنا أشدو بأشعاري لها
    ليت لي في الشوك والأحجار والظلمة زحفه
    وأنا أسعى بأشواقي لها
    ليت لي في زمهرير الموت رجفه
    وأنا ألفظ أنفاسي لها
    ليت لي من ألم طاغ محفه
    وأنا أحمل قربانا لها .. وهديه
    فأنادي باسمها الحلو بلهفة
    لك يا أم السلام.
    والتحية
    وجبيني في الرغام
    التحيات الزكيات لها، نفس زكيه
    رسمها في القلب كالروض الوسيم
    صنعتنا من معانيها السنيه
    وستبقى منبع النور العظيم
    يا قبورا في عراء الله، حسب البشرية
    إنكم من ذوقها العالي صميم
    سنوات عشتموها أينعت
    حفلا بالخير والحب الحقيقي
    ومضيتم فتركتم أثرا
    نبش إسماعيل في القفر السحيق
    يا أحبائي ويا نبض عروقي
    كنتم القدوة بالخير الوريق
    فاهنأوا، نحن كما أنتم على ذات الطريق

    ***

    رب شمس غربت والبدر عنها يخبر
    وزهور تتلاشى وهي في العطر تعيش
    نحن أكفاء لما مر بنا، بل أكبر
    تاجنا الأبقى وتندك العروش
    ولمن ولى حديث يؤثر
    ولمن ولي حديث يذكر



    ====
    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

    (عدل بواسطة sultan on 05-18-2003, 11:57 AM)

                  

05-18-2003, 07:42 AM

Ahlalawad
<aAhlalawad
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)


    نسال الله الرحمة للشاعر الفذ صلاح. أحتفظ بنسخة من ديوان غابة الأبنوس ، إلا أني أتوق إلى قصيدته في رثاء علي المك التي ينظر إليها على أنها رثاء لنفسه . ولكم جميعا التحية
    _________________

    أعتذر يا شباب ، يبدو أني كتبت ما كتبت قبل أن أقرأ مشاركة الأخ سلطان ، فهذه هي القصيدة التي أبحث عنها .

    (عدل بواسطة Ahlalawad on 05-18-2003, 07:45 AM)

                  

05-18-2003, 11:55 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Ahlalawad)

    أهل العوض

    السلام والتحية

    مرثية الراحل على المك اسمها -- على المك.. ومدينته

    وأول مقطع يقول




    مدينته الآدمية مجبولة من تراب

    يتنطس أسرارها

    واثب العين منتبه الأذنين

    يحدث أخبارها

    هل يرى عاشق مدنف في الحبيب

    أي عيب؟

    مدينته البدوية مجبولة من تراب

    ولا تبلغ المدن العسجدية مقدارها

    تتباهى على ناطحات السحاب

    بحي سما أصله لركاب

    فاح شذى من على

    ***



    والمعذرة فالقصيدة طويلة جدا


    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

                  

05-19-2003, 12:53 PM

رباح الصادق

تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Ahlalawad)

    نعم .. التحية لشاعرنا العظيم
    وقد كانت كتاباته في الستينيات ضمن ما اندرج في مدرسة الغابة والصحراء والتي أضافت شيئا للوعي بالثقافة الهجين في المركز، وقد لحقها وعى بالتعدد فليست ثقافة المركز هي الوحيدة الموجودة. ولكن يظل ذلك الوعي أول الخطوات نحو تلمس الواقع بقدم راكزة على الأرض
    وكنت مثلك أخي أهل العوض أود الإشارة لتلك القصيدة الرائعة التي نشرت في صحف الخرطوم حين رثائه للمرحوم علي المك..
    ألا رحم الله فقيدنا وأحسن إليه
    رباح
                  

05-18-2003, 12:19 PM

Ahlalawad
<aAhlalawad
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)

    ألف شكر سلطان
    نترحم على الراحلين العظيمين . فعلا كانا توأمي روح ، فقدهما مصيبة لوحدها
                  

05-18-2003, 06:52 PM

almohndis
<aalmohndis
تاريخ التسجيل: 05-05-2002
مجموع المشاركات: 2663

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Ahlalawad)



    .
    .

    [qb]
    عشرون دسته
    مضت الشهر الماضي الذكرى 47 شهدا عنبر جودة
    يوم 23/2/1956
    عبر شعرنا صلاح احمد إبراهيم عن هذه المحنه
    قال فيها

    لو انهم
    حزمة جرجير يعد كي يباع
    لخدم الإفرنج في المدينة الكبيرة
    ما سخلت بشرتهم أشعة الظهيرة
    وبان فيها الاصفرار والذبول
    بل وضعوا بحذر في الظل في حصيرة
    وبللت شفاهم رشاشة صغيرة
    وقبلت حدودهم رطوبة الانداء
    والبهجة النضيرة
    لو انهم فراخ
    يصنع من أوراكها الحساء
    لنزلاء الفندق الكبير
    لوضعوا في قفص لا يمنع الهواء
    وقدم الحب لهم والماء
    لو انهم ...
    لكن رعاع
    من الرزيقات
    من الحسينات
    من المساليت
    نعم رعاع
    من الحثالات فى القاع
    من الذين انغرست في قلبهم براثن الإقطاع
    وسملت عيونهم مراود الخداع
    حتى إذا ناداهم حقهم المضاع
    عند الذين حولوا لهاثهم ضياع
    وبادلوا آمالهم عداء
    وسددوا ديونهم شقاء
    واستلموا مجهودهم قطنا وسلموه داء
    حتى إذا ناداهم حقهم المضاع
    النار والرشوة والدخان
    والكاتب المأجور والوزير
    جمعيهم وصاحب المشروع
    بحلفهم يحارب الذراع
    يحارب الأطفال والنساء
    وينشر الموت على الأرجاء
    ويفتح الرصاص في الصدور
    ويخنق الهاتف في الأعماق
    وفى المساء
    بينما كان الحكام في القصف وفى السكر
    وفى برود بين غانيات البيض ينعمون بالسمر
    كان هناك
    عشون دستة من البشر
    تموت بالإرهاق
    تموت باختناق














    [/qb]

                  

05-18-2003, 10:36 PM

3mk-Tango

تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2374

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)


    صلاح شاعر لكل زمان....صلاح شاعر لكل زمان....صلاح شاعر لكل زمان....









    مريّه
    يامريّه:
    ليت لي ازْميل((فدياس)) وروحاً عبقرية
    وأمامى تل ُ مرمر
    لنحت الفتنة الهوجاء في نفس مقاييسك
    تمثالاً مُكبر
    وجعلت الشعر كالشلال : بعضُُ يلزم الكتف
    وبعض يتبعثر
    وعلى الأهداب ليلاً لا يُفسر
    وعلى الخدين نوراً يتكسر
    وعلى الأسنان سُكر
    وفماً كالأسد الجوعان زمجر
    يرسل الهمس به لحنا معطر
    وينادى شفة عطشى وأخرى تتحسر
    وعلى الصدر نوافير جحيم تتفجر
    وحزاماً في مضيقٍ ، كلما قلتُ قصيرُُ هو،
    كان الخصر أصغر
    يا مريه
    ليت لي إزميل ((فدياس)) وروحاً عبقرية
    كنت أبدعتك يا ربة حسنى بيديَّ
    يا مريه
    ليتني في قمَّةِ ((الأولمب)) جالس
    وحواليَّ العرائيس
    وأنا في ذُروة الإلهام بين المُلهماتْ
    أحتسي خمرةَ ((باخُوس)) النقيَّة
    فإذا ما سرتْ النّشْوةُ فيَّ
    أتداعى ، وأُنادى : يا بنات
    نقٍّّروا القيثار في رفقٍ وهاتوا الأغنياتْ
    لمريه
    يا مريه
    ما لعشرينين باتت في سعير تتقلب
    ترتدى ثوب عزوف وهي في الخفية ترغب
    وبصدرينا ((بروميثيوس)) في الصخرة مشدوداً يعذب
    فبجسم الف نار وبجسم الف عقرب
    أنتِ يا هيلينُ
    يا من عبرت تلقاءها بحر عروقي ألفُ مركبْ
    يا عيوناً كالينابيعِ صفاءْ...ونداوة
    وشفاهاً كالعناقيدِ امتلاءْ...وحلاوة
    وخُدوداً مثل أحلامي ضِياءْ ....وجمالا
    وقواماً يتثنّى كبرياءْ...واخْتيِالا
    ودَماً ضجَّتْ به كلُّ الشرايينِ اشتهاءْ..يا صبيَّة
    تَصْطلي منهُ صباحاً ومساءْ....غجريَّة
    يا مريّه
    أنا من إفريقيا صحرائها الكبرى وخطِّ الإستواءْ
    شحنتْني بالحراراتِ الشُموسْ
    وشوتني كالقرابينِ على نارِ المجُوسْ
    لفحتني فأنا منها كعودِ الأبنوسْ
    و أنا منْجمُ كبْريت سريعِ الإشتعالْ
    يتلظَّى كلًّما اشتمّ على بُعدٍ (تعالى))
    يا مريه:
    أنا من إفريقيا جوْعانُ كالطِّفلِ الصَّغيرْ
    و أنا أهْفو إلى تُفاحة حمراء من يقربها يصبح مذنب
    فهلُمي ودعي الآلهةَ الحمقاءَ تغضبْ
    وانْبئيها أنها لم تحترم رغبة نفسٍ بشرية
    أيُّ فردوسٍ بغيرِ الحبِّ كالصَّحراءِ مُجدبْ
    يا مريه
    وغداً تنفخُ في أشرِعتي أنفاسُ فُرْقة
    و أنا أزدادُ نأياً مثْل ((يوليس)) وفي الأعماق حرقة
    رُبما لا نلتقي ثانيةً
    يا ....مريه
    فتعالى وقّعي أسمك بالنار هُنا في شفتي
    ووداعاً يا مريه


    صلاح احمد ابراهيم
    .......
    تنقو





                  

05-19-2003, 12:16 PM

HAMZA SULIMAN
<aHAMZA SULIMAN
تاريخ التسجيل: 04-20-2002
مجموع المشاركات: 3278

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: 3mk-Tango)

    الله يرحمه ويغفر له
    صلاح احمد ابراهيم
                  

05-19-2003, 04:21 PM

Hozy

تاريخ التسجيل: 01-13-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)

    الف رحمة ونور
    تنزل على ابينا الاديب
    الكبير صلاح احمد ابراهيم
    والله مشكور الاخ الراسخ انك
    تذكر الناس بهذه الذكرى
                  

05-19-2003, 04:52 PM

معاوية الزبير
<aمعاوية الزبير
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 7893

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Hozy)

    بعد أيام من وفاة صلاح في عام 93 رثاه صديقه الشاعر البحريني قاسم حداد في صحيفة الاتحاد الظبيانية فقال ضمن ما قال إنه التقى بالراحل المبدع للمرة الأولى في مهرجان لشعراء الشباب في بيروت عام 1970. قال قاسم كانت تلك المرة الأولى التي يحاول أن يلبس فيها أفرنجي ويخلع الدشداشة الخليجية وبعد عدة محاولات فشل في ربط "ربطة العنق" فلفتت زوجته نظره إلى أنه ثمة سوداني أنيق ومهذب يقيم في نفس الفندق "فلنستعن به" وتم ذلك ولكن قاسم لم يشعر بالارتياح أثناء أداء بروفة مع صلاح قبل وقت قصير من افتتاح المهرجان فقال : نزع صلاح كرافتته ونزع عني ربطة العنق وألقى بهما على الكرسي قائلا "دعنا نذهب إلى الشعر بأعناق حرة". ألا رحم الله صلاح بقدر ما خلف من مجد للسودانيين. وبالمناسبة للمقيمين في الإمارات من البورداب لقد أجرى تلفزيون الشارقة مقابلة نادرة مع الراحل صلاح قبل عام ونصف تقريبا من وفاته، سجلت هذه الحلقة من التلفزيون وأهديتها لشقيقه الرشيد أحمد إبراهيم، ولكنه رحل أيضا بعد وقت قصير، لهما الرحمة ولمن سبقوهم من هذه الأسرة الكريمة، أقول بالإمكان طلب هذه الحلقة من برنامج لقاء الأسبوع وتعميمها للفائدة.
                  

05-19-2003, 06:59 PM

alrasikh


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)

    صلاح احمد ابراهيم وكان للاسم رنيين و للقصيده فيما بعد معني ـ ماريا و فدياس و باخوس و جبال الاولمب و من ثم غابه الابنوس وبعد ذلك غضبه الهبباي.
    شوى صلاح فيما بعدالناس بحروفه ورؤاه ..كان صادقا فيما يبدي في كفيه التمع الجمر التمع الصحو ولطالما هنالك النطع وايضا الجذوه فيه تمور باللهب.
    كان صلاح و منذ بداياته ـ زولاـصعب اذا رطن بالعربي وكان العربي وطن وكان فيهما اعجميان دنقلاويا يستنطق الصخر العصيا.
                  

05-20-2003, 09:25 PM

alrasikh


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)


    كرهت الحزن الرسمي وما ورددته و ما احببته فيه تكون للدموع مراتب وللمشاعر ارقام جلوس وللغنا صناعه و للايقاع توقيت الحزن الشخصي ياتي بلا رتوش ولاحسان يهزم الحزن الرسمي مشاعري و يذدري خصوصيتها الي عموميه ارفضها وبعض الذين يكتبون مقامات الحزن يقصون نبله ويقطعون قبضه و يا صلاح اشهد انك من اولاد هذه الارض .ومن قلب عناء فقراها ومن عمق نشيد ثورتها ومن فجر غفوتها... واشهد ياصلاح انك من انقى و اشجع و اقدر فرسانها..ولقد رفضت وابيت وتابيت علي كل محاوله واحتوى .ولم يكن غريبا ان تموت واقفا وان تحيا نازحا وان تعانق العطر في لحظه النزاع الاخير الرامك الله يا صلاح وتحفك سنديانه خضره واخضرار.
    من اقواله ...نترك الدنيا و في ذاكره الدنيا لنا ذكر و ذكري من فعال وفعل ولنا ارث من الحكما و الحلم وحب الاخرين وولا حينما يكذب اهليه الاخرين.
                  

05-24-2003, 11:32 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)

    الشرق الاوسط 24/5/2003
    http://www.asharqalawsat.com/view/art/art.html

    صلاح أحمد إبراهيم ... تراب وعرق.. ونسيان

    مرور عشر سنوات على رحيل الشاعر والدبلوماسي السوداني صاحب «غابة الأبنوس»





    د. صلاح آل بندر

    مرت عشر سنوات على رحيل الاديب صلاح احمد ابراهيم، وبقيت في ذهني بعض كلماته وعفار مواقفه وتدثرت ببعضها لقاءات متقطعة في العاصمة الفرنسية. في كل مرة قابلته فيها كان يحدثني عن تصوره المختلف ورؤيته المتفردة لاحداث السودان وحوادثه منذ صباه. كان قد زاد من تأجيجها في ذلك الوقت رسالته المشهورة للجنرال البشير التي اشاد فيها بانتصارات الجيش والدفاع الشعبي على «حركة تحرير شعوب السودان» في منتصف عام 1992. دافع صلاح وقتها عن فعله وعن تبرعه بخمسة آلاف فرنك دعما لجحافل الجهاد في جنوب السودان. لم استوعب تبريراته وتفسيراته ولماذا اقدم على ذلك، ولعل اكثرها يبقى الى اليوم خارج احساسي بها وقدرتي على النفاذ الى معانيها المستترة. ولكن اعادت الى ذهني ما قاله صلاح في عام 1986 وما زالت البلاد تتململ من التباطؤ في مواجهة تآمر سدنة الدكتاتورية المايوية ومن القيود التي خلفها انهيار نظام الجنرال نميري (1969 ـ 1985) وهو يتأمل في معنى حياته

    «هنالك اشياء جميلة ضاعت تستحق الأسى. ضاع صباي
    ما استمتعت به كثيرا. لم يكن هناك كثير لهو. كان غبار
    وعرق وكانت اجتماعات تتلوها اجتماعات. ارهاق تراكم
    على ارهاق. اين مراهقتي؟ اين يفاعتي؟ اين لهوي؟ لقد
    قصرت في حق نفسي بل ظلمتها.. لكن حين اغمض
    عيني للمرة الاخيرة سأغمضها مغتبطا وانا اهمس لنفسي
    لقد اختار صلاح ان يقصر في حق نفسه من ان يقصر
    في ما رآه واجبه من ان يقصر في ما رآه حق شعبه وحق وطنه»

    قفزت هذه الكلمات، مع الكثير غيرها، الى خاطري وهو يسرع الخطى ويقدمني لأزقة الحي اللاتيني، حيث عايش فيها مهجره، ولعلي وجدت فيها مخرجا ما قد يتجاوز بها تجربته الشخصية كأديب وسياسي وانسان. خاصة وقد أكد قوله بعد ذلك قائلا

    «كنت احلم بيوم خلاص الشعب ويوم تخفق راية اشتراكية
    حقة تقضي على الانانية والجور وينعم لها البائس والمحروم»

    فكلماته كانت دائما تقدم صورة لموقف سياسي ملتزم وحكمة قد تساعد عموم الناس على استيعاب معاني وقيمة ما قدموه خارج نطاق الندم والاحتجاج، بل التمرد على واقع مرير وايام خوال، ولكن تشعر بأنها تحمل في طياتها مرارة ورنة حزن عميق. وعلى الرغم من ذلك فإن رنينها ما يزال في اذني كأنها بنت الساعة، لقد قال صلاح «كنت احلم»!
    ولد صلاح في عاصمة السودان الوطنية أم درمان في الاسبوع الاخير من ديسمبر (كانون الاول) عام 1933، تحيط به اسرة ذات جذور تمتد الى شرق السودان، وعرفت بانغماسها في الفعل السياسي منذ اربعينات القرن العشرين. أسرة قدمت للسودان رجالا ونساء كانوا يحسبون دوما، وما يزالون، كطلائع لحركة البلاد الديمقراطية والثوروية. تخرج في كلية الآداب بجامعة الخرطوم في اواخر العقد الخامس من القرن العشرين وعمل اداريا وبالتدريس في جامعة اكرا في غانا خلال فترة حكم الرئيس نكروما، وعمل دبلوماسيا حتى اصبح سفيرا، وكان في آخر عقد عمره مستشارا لدى سفارة قطر بفرنسا

    قدم صلاح خلال حياته للقارئ «غابة الابنوس»، و«غضبة الهبباي»، و «محاكمة الشاعر للسلطان الجائر»، وطبع نفر كريم بعد مماته ديوانه «نحن والردى» في عام 2000. كما نشر بالاشتراك مع رفيقه علي المك مجموعة «البرجوازية الصغيرة» القصصية، كما شاركه ترجمة كتاب «الأرض الآثمة» للمناضل الافريقي باتريك فان رنزبيرج. وترك المئات من المقالات السجالية الادبية والسياسية التي تزخر بها الصحف والمجلات العربية في المهاجر والمنافي الاختيارية

    كان صلاح واعيا للمرجعيات الاجتماعية والثقافية والسياسية لأعماله واصبح ذلك متضاعفا وفائق الحساسية تجاهه بعد فصله من الحزب الشيوعي السوداني في عام 1958. فقد كان حريصا على ان يكون مقدار الاهتمام بمساهماته موازيا لأجل فك طلاسم نصوصه واستكناه عتباتها المعرفية والاستمتاع بأبعادها الجمالية. ولم يتردد في ان تكون كتاباته مصدرا للخلاف كما هي مصدر للاتفاق حول قضايا تشغل بال اهل السودان وترتبط بعشقهم للديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بل صارت منبرا يجتر فيه فواجعه السياسية. كما كانت اعماله تتعامل مع رمزية المكان ليس كمجرد بعد جغرافي، ولكن كحالة في التاريخ وارضية للتفاعل. لذلك اصبحت مدينة أم درمان، عاصمة السودان الوطنية، وتجربته الشخصية فيها، رمزا دلاليا عميقا في صياغاته الشعرية ومساهماته السياسية. وفي محيط اعماله يبرز دور الفكر اليساري في تشكيل وعيه بالحياة ومواقفه منها ورؤيته للتغيير وموقفه المتكامل اجتماعيا وسياسيا وثقافيا من القضايا التي شغلت جيله من مثقفي مرحلة ما بعد الاستقلال في دول العالم الثالث

    ولعل نشأته في بيت عرف عنه التدين وحفظه للقرآن ومعرفته العميقة بتقاليد الشعر العربي ومدارسه وتتلمذه على ايدي عمالقة تدريس الادب العربي من امثال الدكاترة احسان عباس وعبد المجيد عابدين ومحمد النويهي وعبد العزيز اسحق وعبد الله الطيب، أهّلته لتكوين تراكمات معرفية مكنته من الانغماس في التجريب وارتياد غير المألوف من نظم الشعر والنثر وملامسة مدارس تجديدية في الابداع الشعري من دون وجل.
    كان ديوانه «غضبة الهبباي» قد خرج للوجود بعد عام من ثورة اكتوبر (تشرين الاول) 1964، بعدما يقارب الخمس سنوات من صدور ديوانه الاول «غابة الابنوس»، وحملت صفحاته جراحات الماضي وتوجساته من انتكاسة شعاراتها وازدواجية معايير من تعاملوا معها. ولكن حملت معها ايضا موقفه الدائم من البحث عن التغيير. وعلى حد قول احد نقاد ادب السودان، ان الديوان عبر عن ثأرية صلاح الناشزة وبطره السمح بالشعب ولخاطره السمح بفقراء الشعب. وكانت روح ذلك الديوان دوما هي عموده الاساس الذي ارتكز عليه في مخاطبة الديكتاتور وفي اي مكان

    كمل كمل التقل ال جعلتو مصيرك
    واشرب من دم المظلوم تراه عصيرك
    في آية ألم تر كيف كان تبصيرك
    الديان أدانك وانت قايلو نصيرك
    يا خالق الخلوق خليها وقت ان ربت
    توصل اخرها، وعقب الخدود تتثبت
    لك المحبة والولاء يا شعبي العزيز

    وهكذا كان صلاح يردد دائما أن دون نظرة أمينة لما كان، لن تكون هناك نظرة ثاقبة لما سيكون. فقد كان حريصا على ان يؤكد ان جيلهم تميز ادبيا وسياسيا لأنه قدم انتاجا تحت تأثير استجابات فكرية مختلفة، واستخدم تقنيات فنية مغايرة ومنطلقات اسلوبية متباينة. ومن دون شك يؤكد ان الادب السوداني في كلياته يحمل خصائص مختلفة جذريا عن بقية الآداب العربية الاخرى، خاصة ان جذوره تمتد الى اعماق واقعه الافريقي بأبعاده كلها

    في مطلع عام 1994 اجتمع اهل السودان واحباب الفقيد في بريطانيا لتأبين الاديب صلاح بمبادرة كريمة من الراحل خالد الكد. وتواصلت جموع التأبين في مدينة اصيلة المغربية وفي أم درمان، وواكبها اهتمام كبير من صفحات الثقافة والادب في الاعلام العربي. وفي كل هذه المحطات التأبينية ردد الحضور كلمات الشاعر صلاح احمد ابراهيم

    بالله يا نجوم كيف حال اخوتي؟
    وكيف حال رفقتي، وكيف حال شعبي العظيم؟
    شعبي الذي احببته حب الذي عشقا
    كيف تراه الآن. هل تراه بات جفنه مؤرقا؟
    وهل تراه بات حبل شمله ممزقا؟
    وهل تراه بات في السجن القوا ومرهقا؟
    وهل تراه واجه النيران مثل كرري فاحترقا؟

    رحل صلاح احمد ابراهيم في يوم الاثنين 17 مايو (ايار) 1993، في المستشفى الاميركي في باريس اثر علة طارئة عن عمر يناهز الستين عاما، صرف اغلبها في المكابدة والحلم بالتغيير صبغت وجهه بحزن دائم. وترك خلفه ذكرى تضعه ضمن ابرز المثقفين العرب والافارقة في مهاجرهم ومنافيهم الاجبارية والاختيارية. وعلى الرغم من مرور السنوات فإنتاجه الادبي والفكري ما زال بعيدا عن التجميع والدراسة. وقد ذكر لي ان ذلك اصبح شغله وهاجسه في آخر مرة تقابلنا فيها في باريس قبل اسابيع من رحيله. حيث كان يعتبره شهادته للتاريخ وللاجيال القادمة. وقال لي كلاما لا يختلف في جوهره عن كلماته في مقام آخر

    هات لي الابريق والكأس ودعني اتغنى
    إن بي شوقا الى القافية الحسناء كالصهباء أدنيها لكم دنا فدنا
    إن بي شوقا الى الشعر الذي احمله رمحا طويلا ومُجِنّا
    إن بي شوقا الى لهبة مصباحي اذا ما الليل جُنَّ
    واذا الباغي تجنّى
    لسلاحي .. لسلاحي
    كن مع الشعب فإن الحكم للتاريخ في الآخر. والفعل الشهادة

    ======
    كاتب سوداني


    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

                  

05-24-2003, 03:10 PM

manubia
<amanubia
تاريخ التسجيل: 04-21-2002
مجموع المشاركات: 1284

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: sultan)

    بالله يا طير قبل ما تشرب تمر علي بيت صغير
    من بابهمن شباكه بلمع الف نور
    تلقي الحبيبة بتشتغل منديل حرير ..
    لحبيب بعيد
    تقيب لديها
    وتبوس يديها
    وتنقل اليها
    وفائي ليها...وحبي الاكيد
    رحم الله صلاح احمد ابراهيم،واحسنت صنعا الاخ الراسخ باحياك هذه الذكرة العطرة
                  

05-24-2003, 03:36 PM

sari_alail
<asari_alail
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 1507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)



    قال بلال الحسن(مجلة اليوم السابع):-

    هنالك اشخاص نعرفهم كثيراً ثم نكتشف فجأة اننا لا نستطسع ان تنحدث عنهم كثيراً، فهم النسمة وهم الطيبة ،وهم التواضع ، وماذا يستطيع الانسان ان يقول عن النسمة والطيبة والتواضع والصداقة؟

    لقد تعرفت على صلاح احمد ابراهيم عام 1984م وسعيت وراءه من اجل ان يكتب فى (( اليوم السابع)) وكنت قد قرأت له مقالات سياسية كثيرة ، ولكننى ألححت عليه ان لا يكتب فى السياسة. ولا ادري ان تخبئه هذه الجملة. وكنت احرص بدافع الفضول ان اقرأ مقالة صلاح فور وصولها ، لاكتشف ان كان لا يزال هنالك ((جديرون بالأحترام) يستطيع ان يكتب عنهم.

    واعترف..ان صلاح فتح امامى باباً واسعاً يطل على عالم الجديرين بالاحترام هذا. كانوا كثيرين اكثر مما تصورت ، وكانوا يخرجون من تحت معطفه بشراً احياء .كان من خلالهم يدافع عن الخير فى معركته الأبدية مع الشر، وبدأت اسمع ملاحظات الاعجاب بمقالة صلاح فى كل مكان اذهب اليه. وفوجئت حين كنت التقى بالشباب المغتربين وفيهم من لا يتقن العربية الا قليلاً ، وقد قرأوا مقالة صلاح وطربوا للغتها. وبدأت اشعر ان صلاح يستطيع ان يكتب لنا عن هؤلاء الجديرون بالاحترام دون توقف ، وحتى النهاية ، وقد كان هذا للاسف ، هو ما فعله تماماً ، باستثناء مقالة واحدة بقيت غائبة لم تكتب بعد عن صلاح احمد ابراهيم نفسه ، لتكون خاتمة السفر.

    لقد كانت حياة صلاح ، بقدر ما استطعت ان اعرف منه ، سلسلة من التحديات ، تحديات مع الأحزاب ، ومع السياسة ومع الحكام.

    انتمى للحزبية فى مطلع السيتينات ، فترة لا تتجاوز السنه الواحدة ، وغادر الحزبية بسبب ((شيبون)) وشيبون هذا شاعر سودانى ، وكان صلاح مليئاً بالاعتقاد انهم حاصروه وعزلوه حتى انتحر.

    ولم يكن مستعداً ان يغفر للحزبية ذلك ، وكان قاسياً فى نقده ، ومن اجله كتب قصيدته ((انانسي)) وبالكاد استطعت ان اعرف منه ان انانسى هذا عنكبوت من شرق افريقيا.

    لقد كانت هذه الرموز الافريقية تملأ شعر صلاح ، فغابة الأبنوس هى ديوانه الأول ، وهو الخشب الاسود الصلب الذى لا يكسر . وغضبة الهباباي هى ديوانه الثانى والهباباي هى الريح العاتية التى تهب في شرق السودان ، تماما مثلما كان الشعب السودانى يهب فى كل مره جارفاً كل ما هو امامه.

    وكان لصلاح تحد آخر مع السياسة ، رشح نفسه للانتخابات مرتين ، وخسر فى المرتين. خسر مرة بسبب الشيوعيين حين اكتسحوا دوائر الخريجيين عام 1965 . وخسر مرة ثانية بسبب الاسلاميين حين اكتسحوا الدوائر نفسها عام 1986م

    الانتخابات حزبية ، ولا مجال فيها لصلاح ولا للشعر. وكان لصلاح تحد آخر مع الحاكم . لقد ايد النميرى فى بداية عهده ، ثم ناصبه العداء. وكان أميناً مع نفسه حين استقال من منصبه كسفير للسودان فى الجزائر عام 1976م ، وبدأ حياة الاغتراب فى باريس ، وعاش حياة المنفيين ، رافضاً باصرار ان يطلب اللجوء السياسى.

    وظن نميرى أنه استراح من صلاح باستقالته. ولكن صلاح ملأ عليه الخرطوم بنهاراتها ولياليها، حاربه بالشعر بالشيء الوحيد الذى يملكه.

    مات صلاح ولم يمتلك اى شبر من الأرض فى السودان وان كان بامكانه امتلاك القصور..ولكنها عزة النفس السودانية متمثله فى هذا الشاعر الفذ




    هجليجة الحيّ

    أو تنساني وإسمي ظلّ محفورا عميقا في لحاها

    بلل الله ثراها

    هذه هجليجة الحيّ التي يقصدها((السّنبرُ)) إبان الخريف

    بعد تسفار مُخيف

    لبستى ثوب غبار ... عبقريّ النّسج ريفي

    جذرها فى الارض راسخ

    رأسها في الشمس شامخ

    وهي تحيا بالكفاف

    وبما دون الكفاف

    تحتها أضغاثُ شوك ، ونوى ناقفهُ مات ، وما عادت ثمار

    ونثير من حجار

    ظل يلُقيها الصِّغار

    ظلّلت حاجبها بالكفِّ تستفسرُ في همهمةٍ: من ذا اقترب

    فى عجب

    بعد ما شح المزار

    وراى المُبغضُ للخُضرة أن يقتطعوها.. ويبيعوها حطب

    حدست من ذا أتاها

    عرفت فيّ فتاها

    فأنا قلبي محفورُُ عميقا في لِحاها

    وعليه أحرفي:

    ((صادها)) عطشى جوار ((الألف))

    منذ ان كنت صبيا في الجوار

    عرفتنى من بعيد

    دمعت حين راتني مقبلا فى لهف

    ورمت لي في سخاء ثمرات

    خبّاتُها في مكان غامض منها خفي

    أفما ظلت تُعيدْ

    للسواقي...

    أنني آت إليها من جديد

    قبل أن يلحقها فأس ونار

    حينما يفرضُ ذاك المبغضُ الخضرة بالقوة تنفيذ القرار

    كيف أنساها وتنساني، وإسمي ظلّ محفوراً عميقاً في لِحاها

    فأنا أيضاً جناها

    وأنا الملحُ الذي تقتاتهُ، والماءُ، والحامي حِماها

    هذه هِجْليجةُ الحيّ..


                  

05-25-2003, 08:26 PM

alrasikh


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)


    الاخوه الاعزا بمناسبه لقاء زعماء السياسه في بلدنا في قاهره المعز اقدم لكم كلمه قدمها الراحل المقيم ..
    المعركه اشد ضراوه مما نظن لان الواقع صار اكثر تعقيدان الحلول التبسيطيه لن تبسط الاشكال.هل نحن اندادالتحدى؟قد يسقط القناع ولكن ماذا نفعل مع الوجه الذى يخفيه؟لماذا طال عمر هذا الهوان وماذااعددنا للهوان الجديد؟هل تحمل كل منا مسؤوليته بضمير مسوول...وهل هذه كل عده شعبنا وعتاده هل نستحق كل هذا؟هل يستحق شعبنا كل هذا ؟هل يستحق السودان كل اهذا ؟ ما المخرج ؟؟؟
    الخطه غير الانشاء والتعبئه غير النداء وتحقيق النصر غير الرجاء.
                  

05-26-2003, 12:00 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: alrasikh)

    قصيدة صلاح أحمد ابراهيم الشهيرة عن المنفى و الغربة و العنصرية
    ــــــــــــــــــــ


    (انفعالات شخصية)

    الىعبد الله الصومالي واخوته في الغربة أقدم هذه القصيدة:

    هل يوماً ذقت هوان اللون

    ورأيت الناس إليك يشيرون، وينادون:

    العبد الأسود؟

    هل يوما رحت تراقب لعب الصبية في لهفة

    وحنان

    فإذا أوشكت تصيح بقلب ممتلئ رأفة:

    ما أبدع عفرتة الصبيان!

    رأوك فهبّوا خلفك بالزفة:

    عبدٌ أسود

    عبدٌ أسود

    عبدٌ أسود.. ؟

    هل يوماً ذقت الجوع مع الغربة؟

    والنوم على الأرض الرطبه

    الأرض العارية الصلبة

    تتوسد ثنى الساعد في البرد الملعون

    أنّى طرفت تثير شكوك عيون

    تتسمّع همس القوم، ترى غمز النسوان

    وبحدّ بنان يتغوّر جرحك في القلب المطعون

    تتحمل لون إهاب نابٍ كالسُّبّه

    تتلوى في جنبيك أحاسيسٌ الإنسان

    تصيح بقلب مختنق غصان:

    وآ ذلّ الاسود في الغربة

    في بلد مقياس الناس به الألوان!

    ***

    أسبوع مرّ وأسبوعان

    وأنا جوعان

    جوعان ولا قلب يأبه

    عطشان وضنوا بالشربة

    والنيل بعيد

    الناس بعيد

    الناس عليهم كل جديد

    وأنا وحدي ..

    منكسر الخاطر يوم العيد

    تستهزئ بي أفكاري المضطربة

    وأنا وحدي

    في عزلة منبوذ هندي

    أتمثل أمي، أخواني،

    والتالي نصف الليل طوال القرآن

    في بلدي

    في بلد أصحابي النائي

    الرابض خلف البحر وخلف الصحراء

    في بلدي

    حيث يعزّ غريب الدار، يُحبّ الضيف

    ويخص بآخر جرعة ماء عزّ الصيف

    بعشا الأطفال

    "ببليل ،، البشر والإيناس اذا ما رقّ الحال(1)

    يا طير الهجرة .. يا طائر

    يا طيراً وجهته بلادي

    خذني بالله أنا والله على أهبه

    قصت أقدارٌ أجنحتي

    وأنا في زاوية أتوسّد أمتعتي

    ينحسر الظلّ فأمضي للظلّ الآخر

    ***

    لكن الطير مضى عنّي

    لم يفهم ما كنت أغنّي.




    --------------------------------------------------------------------------------

    هوامش النص:

    1-في المثل السوداني: "بليلة المباشر ولا ذبيحة المكاشر" وفي بعض الأماكن بمديرية كردفان بغرب السودان تفر المياه وتشح الى درجة تضطر الى جلبها من أماكن بعيدة وحفظها كأندر ما يكون شيء واستعمالها بتقتير.

    صلاح أحمد إبراهيم (1933 - 1993)

    ولد بامدرمان.

    تخرج في كلية الآداب بجامعة الخرطوم.

    نشر ديوانين هما غابة الأبنوس وغضبة الهبباى

    اشترك مع على المك في مجموعة البرجوازية الصغيرة القصصية، كما اشترك معه في ترجمة كتاب الأرض الآثمة لباتريك فان إنزبيرق
                  

05-26-2003, 12:07 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Adil Osman)

    هذا هو الكلام الجميل الذى كتبه الشاعر البحرينى قاسم حدّاد عن لقائه صلاح أحمد ابراهيم فى بيروت فى سبعينات القرن الماضى
    ـــــــــــــــــــ



    قاسم حداد


    الذهاب إلى الشعر بعنقٍ حرة

    تحية للشاعر السوداني
    صلاح أحمد ابراهيم ،
    لئلا يموت


    كنتُ في غرفة صغيرة بفندق (نابليون) في بيروت، كان شتاءً مدهشاً عام ،1970 حيث أشاركُ في الملتقى الشعري العربي الأول الذي نظمه "النادي الثقافي العربي" في لبنان. كانت التجربة بالنسبة لي جديدة على غير صعيد، فهي المرة الأولى التي أحضرُ فيها لقاءاً شعرياً خارج البيت، حيث التقيتُ كل الشعراء العرب، المعروفين آنذاك بإتصالهم بالشعر الحديث، (ولو كان السياب تأخرَ قليلاً لكان معنا، حسبَ تعبير أحدهم). أكثر من هذا، فهي المرة الأولى التي أتعرفُ فيها على بيروت، وهذا ليس قليلاً. لكم أن تتخيلوا فلاحاً يصابُ بدهشة المدينة، وتنتابه الاغماءة كل مساء لفرط التجربة. فبعد أن صدر كتابي الشعري الأول، لم يكن الوقت والخبرة كافيتان لكي أتمالك نفسي أمام تلك التجربة. ربما كنتُ أصغر المشاركين سناً (إذا سمح لي الشاعر وليد سيف)، ولم تنفع محاولات بعض زملاء الملتقى لتهدئة رَوعي أمام فكرة أن أحمل قصيدتي وأقرأ في حشدٍ من الشعراء، بدأ معظمهم الكتابة قبل مولدي تماماً. شعراء من كل البلاد العربية، بعضهم كان يترفق بي ليقول ببعض الشك "هل ثمة شعر حديث في بلادكم؟". ولكي لا أفقد حماس الشباب كنت أتهدّج فيما أصوغ جوابي الشعري الذي لم أكن متأكداً من قدرته على الاقناع. من المبالغة القول يومها أن الثقة كانت إحدى صفاتي، (إذا كانت هي حتى الآن. !).

    وما أن حان موعد الأمسية التي أشارك فيها، حتى ازدادت وتيرة إرتباكي، وفتحتُ حقيبتي أبحثُ عن ربطة العنق التي استعرتها من صديق لي في البحرين لكي (أكشخ) بها وقت الأمسية.

    بعضُ الأصدقاء في البحرين بالغَ في التأكيد على ضرورة أن أقوم بأداء طقوس المحفل الأدبي كاملةً وبأحسن ما يكون، فمن العيب أن يصعد الشاعر المنصة بدون ربطة العنق. ولم يكن أمام الفلاح المضطرب إلا أن يصدق ذلك.

    عندما سحبت ربطة العنق من بين ملابسي الشتوية المكنوزة في الحقيبة، فرطت العقدة، تلك العقدة التي إشتغلَ عليها ذلك الصديق ليلة كاملة، ووضعها معقودة الحلقة لكي أثبتها مباشرة في ياقة القميص (ربما على طريقة أنشوطة رُعاة البقر). لكن العقدة فرطت، فرطت، وأسقط في يدي (هل قيلَ هذا التعبير لهذا الموقف خـصوصـاً؟).

    كيف سأذهب إلى القراءة الشعرية بقميصٍ فالت العنق، أليسَ في هذا إساءة لسمعة المشاركة؟

    سيأخذ المحفل الشعري فكرة سلبية عن وضع الشعر في بلادنا، وليس بعيداً أن يعتبر النقادُ قصيدتي غير (المعقودة) مثلبةً لا يجوز للشعراء الوقوع فيها، وعندما تنشر صورة الشاعر في الصحافة، سيقال "أنظروا، هذا شاعرٌ من أهل النفط لا يمتلك ربطة عنق، لابد أنهم لم يتصلوا بعد بوسائل الحضارة !". ومن المتوقع أن يتهكم أحد محرري الثقافة مغمغماً "هه، كيف يمكن أن يكون شاعراً حديثاً، إنه بالكاد لم يسمع عن ربطة العنق !!"

    يا للعار... كيف سأواجه أصدقائي الذين سهروا يشرفون على كل صغيرة لكي أبدوا مبعوثاً لائقاً يمثل تجربتهم، ماذا سأقول لهم، وهم الذين ينتظرون تفاصيل هذه اللحظة بالذات؟ هذه لحظة لم أحسب حسابها على الاطلاق. فكرت بحواس اليائس، ربما كان علىّ أن لا أقبل المشاركة في هذا الملتقى أصلاً، بل أن خروجي من البيت لم تكن فكرة سديدة، وإلا فماذا أستطيع أن أفعل في هذا الموقف الأخرق، شاعر يقف عارياً في الغربة، عليه أن يقرأ شعراً هذه الليلة وبين يديه ربطة عنق فارطة، أية ورطة هذه.

    استعرضتُ الحلولَ المتاحة أمامي. حسناً، في الملتقى زملاء تقاربتُ معهم سريعاً منذ اليوم الأول، أحدهم يسكن في الغرفة المجاورة في الفندق. وتذكرتُ أنه يرتدي ربطة عنق بشكل دائم، لابد أنه سيكون قادراً على إصلاح (عقدتي)، وبالمصادفة كان اسمه "صلاح" أيضاً، إنه منقذي لا محالة. ولم أتردد، هذا موقف يستحق الاقدام والبسالة. حملتُ الربطة الفارطة وطرقتُ عليه، فتح الباب، لقد كان الشاعر السوداني صلاح أحمد ابراهيم. تنفستُ الصعداء، وتفاديت المقدمات والاعتذار المسبق عن الازعاج، ومددتُ له يدي بالشريط الأسود المجعلك لفرط العناية الفائقة التي تعرض لها محشوراً بين ملابس شتوية خشنة (فقد نصحني أصحابُ الخبرة أن أتسلحَ لمجابهة ثلوج لبنان، كمن يتحدث عن الأسكيمو). اختصرتُ لصلاح، في كلماتٍ قصيرة، المأزق الذي أعاني منه، كنتُ حاسماً و أرتعش في آن، مثل فرخ طير يشرف على هاوية. قلت له "لابد أن تسرع، فليس أمامنا إلا دقائق، السيارة تنتظرنا لكي نذهب إلى القراءة الشعرية". فانفجر صلاح بضحكة صاخبة مثل (غضبة الهبباي). وبسرعة مذهلة أقنعني أن الأمر لا يستحق كل هذا الارتباك. وقال "يا زول، ليست ثمة أهمية لأن تقرأ الشعر مرتدياً ربطة العنق". أشرت للربطة التي يرتديها كمن أسوق عليه الحجة، فقال "ماعليك، إنني متورط بها لأسباب ليست شعرية على الاطلاق، وبما أنك تبدأ حياتك، عليك، من الآن فصاعداً، أن تصرف النظر عن هذه العقدة، وليس في برنامج الدعوة نظام يجبر الشاعر على الذهاب بالملابس الرسمية" ولكي يؤكد لي جدية الأمر، حرّر عنقه من الربطة وقذفَ بها، هاتفاً بي "هيا، ينبغي أن نذهب إلى الشعر بأعناقٍ حرة."

    وسحب يدي مهرولاً نحو السيارة. قائلاً "إسمع، سوف تقرأ هذه الليلة قصيدتك بقميص أبيض وعنق ناصعة وصدر مفتوح، إن من في القاعة جاءوا لسماع الشعر وليس للتحقق من قيافة الشاعر".

    بعد أن قرأتُ قصيدتي بقدر لابأس به من التعثر والتلعثم والأخطاء (شـَهّرَ بها، مشكوراً، مؤيد الراوي في جريدة "إلى الأمام" آنذاك، إذا لم تخني الذاكرة). تركتُ المنصة لكي أجلس بجانب صلاح وأسمع منه تعليقاً ظريفاً: "أرأيت، لو أنك وضعتَ تلك الربطة في رقبتك لما تمكنتَ من التنفس أثناء القراءة" واستطرد ساخراً "كيف تزعم كتابة الشعر الحر وتتمسك بما يحبس أنفاسك؟ عليك أن تكتب الشعر بجسدك، ولا تتورط بما تورط فيه من سبقك من الشعراء، حياةً و شعراً".

    الالفة التي تولدتْ مع صلاح أحمد ابراهيم أتاحت لكلينا علاقة اقتحامية، وهيأتْ لي ثقة كفيلة بتجاوز بعض التهيب الذي صاحبني في السفر.

    منذ ذلك الملتقى الأول، تحررتُ من تلك العقدة، ولأسباب عديدة، غير هذه، لم أنس صلاح أحمد ابراهيم. لكن لندرة مشاركاتي في اللقاءات الشعرية وزهده الكامل في مثل هذه المناسبات، لم نلتق كل هذه السنوات، إلى أن قابلته في صدفة باهرة عام 1991 في مؤتمر الشعر العالمي بالقاهرة. وكانت المرة الثانية والأخيرة قبل أن يغادرنا. لماذا ينبغي علينا أن نلتقي بأصدقاء رائعين مثل صلاح ثم نفقدهم بمثل هذه الرهبة. لقد كان في لقاء القاهرة فتياً بحيث لا يجوز لي أن أصدق أن ذهاباً صاعقاً يمكن أن يأخذه بهذا الشكل.

    ترى هل ذهب صلاح إلى الشعر بالعنق الحرة ذاتها، تلك التي نجا بها من العمل السياسي والدبلوماسي، وهل ذهب إلى ذاكرتنا بالعنق الحرة الفتية التي حرّضني ذات أمسية على التحصّن بها ضد كل شيء ؟

    الآن، مثل ذلك الراعي الأفريقي الذي استحوذ على مخيلة صلاح منذ سنوات عمره المبكرة، نشرع القيثارة العاجية ونغني تلك الأنشودة التي تمنى شاعرنا أن يسمعها مجلجلة في (غابة الأبنوس).

    هل احتفظَ صلاح بعنقه حرة، إلى الحد الذي جعله يموت بعيداً عن وطنه.

    لكن ماهو وطن الشاعر ؟
    أليس هو وطن الطائر بالذات ؟
    إنه الحرية،
    والحرية ليست جغرافيا، إنها ضربٌ من طبيعة الحياة.
    صلاح،
    أهلاً بك هناك،
    حيث لا يذهب أحد إلا ليزداد حضوراً . *


                  

05-26-2003, 12:11 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Adil Osman)
                  

05-26-2003, 12:16 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Adil Osman)

    و أنظر الى قصيدته هذه. كم تعبر عن واقعنا المفجع
    ــــــــــــ

    الراحل صلاح أحمد ابراهيم والسودانويَّة

    ÿÿÿÿÿÿ



    وقبل أن تنكرنى أسمع قصة الجنوب والشمال

    حكاية العداء اوالاخاء من قدم

    العربى حامل السوط المشل للجمال

    شكال كل قارح

    ملاعب السيوف والحراب

    حلَّ على بادية السودان

    كالخريف .. بالسنة والكتاب

    خرَّب " سوبا " وأقام فى أنقاضها " سنار "

    والأخرى سوارها " تيراب "

    يحمل فى رحاله طموحه ولوحه

    وتمرتين فى جراب

    وشجر الأنساب

    لاقيته فى تقلى , فى الترعة الخضراء

    فى كاكا وتيجان الأقار والعلياب

    تفتحت حقيقة سمراء

    فى أحشاء كل أم ولدٍ منهن

    من بنات جدك الأكبر

    مما بذرته نطف الأعراب

    فكان منها الفور والفونج

    وكل سحنة فاحمة

    وشفة غليظة

    وشعر مفلفل ذر على اهاب

    حقيقة كبيرة عارية كالفيل كالتمساح

    كالمنيف فوق كسلا, سليطة الجواب

    كذاب الذى يقول فى السودان اننى الصريح

    اننى النقى العرق

    اننى المحض.. أجل كذاب

    ملوال صوت " رابح " يقول بلسانى

    رابح زينة جانقيك

    وفهد جورك الأباة .. شبل نمنمك

    " عبدالفضيل " تمساح جزائر النيل

    وقلب وطنى الجامد

    يا ملوال .. ابن عمك

    و " ثابت " الثابت حينما تحسس الردى ضلوعه

    فى طرف الخرطوم

    ربما كانت له قرابة بأمك

    وابن كبرياء هذا الشعب ..عينه ..لسانه ..ضميره ويده

    " على " العظيم

    فلذة من قومك

    تحطم البيان

    غير أن نغمات منه لاتزال تفعم الأثير

    لاتزال تفعم الأثير

    أسمعها باذن " وولت ويتمن " تقول :

    عيشوا إخوة .. برغم كل شئ إخوة

    وعمروا بالحب هذا البيت .. هذا الوطن الكبير

    أصداؤها تضج فى دمى :

    يا روضة أزهارها شتى

    أشم فيك عبق المستقبل الجميل

    حينما الجميع يلتقون

    فى التقاء الأبيض الحليم بأخيه الأزرق المثير

    أنظر يوم يقبلون

    عرباً وبجة ونوبة

    وفجلو وباريا وبرتة

    وبنقو وزغاوة وامبررو

    وانقسنا ودينكا وتبوسا

    وأشولى ونوير ومساليت

    وأنواك ولاتوكا وغيرهم غيرهم

    للبوش كل منهم يهدى

    ولكن باعتزاز

    شيئه الصغير

    ويوم أن يسود فى السودان

    صوت العقل .. صوت العدل

    صوت العلم واحترام الآخرين

    فكر معى ملوال

    أى مجد سوف ننشيه معاً على ضفاف النيل

    أى مجد لو صفت نياتنا الاثنين

    يتيه فى مروجنا الخضراء مثل " آبيس "

    الاله يملأ العين

    يسر القلب

    يهمز السماء بالقرنين

    فكر معى ملوال

    قبل أن تنتابنا قطيعة رعناء

    باسم عزة جوفاء

    أو باسم سداد دين

    يوغرها الأعداء بالذى مرَّ به الآباء

    فنقل براء .. نحن منها

    ننفض اليدين

    تفتحى يا أمنيات الشعب

    عن مستقبل نحن معانيه معاً

    وعن هناء الشمال والجنوب

    عن نضارة الاخاء فى هذين

    يوم لاتقوم بيننا السدود والحدود

    يوم لا يعذب الجدود فى قبورهم حاضرنا

    لا الدين ..

    لا الأصل ..

    ولاسعاية الغريب

    لا جناية الغبى .. لا وشاية الواشى تدب

    كالصلصال فى القلبين

    فكر معى ملوال
                  

05-26-2003, 12:44 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري العاشره لرحيل الشاعر الانسان صلاح احمد ابراهيم (Re: Adil Osman)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de