|
Re: يزول الإرهاب بزوال أسبابه (Re: Elsadiq)
|
استحقاقات سعودية كبري 2003/05/16 عبد الباري عطوان تبدو تفجيرات الرياض، التي ادت الي مقتل اربعين شخصا علي الاقل بينهم ثمانية امريكيين، اخطر بكثير من مثيلاتها في نيويورك وواشنطن من حيث توقيتها وانعكاساتها الاقليمية، وما يمكن ان يترتب عليها من تبعات سياسية وأمنية مستقبلا. فاذا وضعناها في اطارها الصحيح وحاولنا دراستها دراسة متعمقة علي ضوء ما جري، ويجري حاليا في العراق، من احتلال امريكي رسمي، وفي فلسطين المحتلة من تراجع عن وعود السلام، وتجاهل لخارطة الطريق، وفتح الحرم القدسي الشريف امام المصلين اليهود، يمكن ان نخرج بمجموعة من النقاط الهامة نوجزها بالآتي: اولا: تنظيم القاعدة الذي يتزعمه الشيخ اسامة بن لادن ما زال قويا وقادرا علي مواصلة حربه الدموية ضد الولايات المتحدة الامريكية، رغم مرور عشرين شهرا علي بدء الحرب الامريكية في افغانستان. الجديد في الامر ان التنظيم بدأ ينقل معركته الي داخل الدول العربية، ويهدد الانظمة الحاكمة مباشرة، سواء بهز صورتها الامنية، وابراز ضعفها الداخلي وضرب علاقاتها بالولايات المتحدة. ثانيا: اطاحة النظام العراقي لم تؤد الي تقليص العمليات الارهابية ، مثلما تطمح واشنطن وتأمل، بل ربما تؤدي الي تصاعدها، لان حجم الاهانة والاذلال الذي لحق بالعرب والمسلمين سيدفع آلافا من الشباب الي التطرف، والانضمام الي التنظيمات الاسلامية المتشددة، مثل تنظيم القاعدة. ثالثا: جميع الدول العربية والاسلامية باتت مرشحة لكي تكون جبهات امريكية مفتوحة، تتدخل المباحث الفيدرالية الامريكية في ابسط شؤونها الداخلية بحجة مطاردة تنظيم القاعدة والبحث عن الارهابيين، فهناك حرب امريكية في افغانستان، واحتلال كامل للعراق، وآلاف الجنود الامريكيين في اليمن، ومئات من عملاء الامن الامريكي والبريطاني وحتي الاسترالي يتدفقون الي المملكة العربية السعودية. فلم تعد هناك سيادة او خصوصية لأي حكومة من حكومات هذه الدول، وربما لن تكون. رابعا: ستتقدم الحرب علي الارهاب علي كل الأولويات الاخري، وستستخدم كذريعة، سواء من قبل الانظمة، او الولايات المتحدة، لتعطيل الاصلاحات الديمقراطية لاطول فترة ممكنة من الزمن، وتأجيل اي وعود بايجاد حلول مقبولة تؤدي الي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. خامسا: تنظيم القاعدة حقق أول انتصاراته عندما قررت امريكا سحب قواتها من السعودية تجاوبا مع ضغوطه، وها هو ينجح مرة اخري عندما يجر الامريكان الي جبهة جديدة داخل المملكة، ويدفع الآلاف من الرعايا الغربيين الي الهرب نجاة بأرواحهم، ومن المؤكد، وبعد هذه النجاحات ان يتشجع لطلب المزيد. المملكة العربية السعودية بعد انفجارات الرياض دخلت مرحلة حرجة للغاية في وقت تبدو فيها غير مؤهلة، وغير محصنة داخليا وخارجيا لمواجهة استحقاقاتها الامنية والسياسية. ضرب التيارات الاسلامية الجهادية سيمثل مقامرة كبري غير محسوبة العواقب، لان الحكم في السعودية يقوم علي عقد اخلاقي بين الاسرة الحاكمة والمؤسسة الدينية الوهابية، بحيث تتولي الاولي شؤون الحكم، مقابل ان تطلق يد الثانية، اي المؤسسة الدينية في مواصلة امور الدعوة والحفاظ علي العقيدة الاسلامية في مواجهة تيارات التغريب. تصريحات المسؤولين السعوديين، ومقالات بعض الكتاب المقربين منهم، توحي بأن الاسرة الحاكمة باتت عاقدة العزم علي الرضوخ للمطالب الامريكية، واعلان الحرب علي الجماعات الاسلامية، والغالبية الساحقة منها متطرفة بالمقاييس الامريكية، وهذا يعني ان شرعية الحكم ستفقد العمود الأهم، وستبدو عرجاء بكل المقاييس. وعندما نقول ان الحكومة السعودية غير مستعدة، وغير مهيأة، لخوض الحرب ضد الاسلاميين في الوقت الراهن، فاننا نقصد ان الأوضاع الداخلية للحكم والمحكومين غير نموذجية، ونذهب الي ما هو أبعد من ذلك ونقول انها متوترة. فهيبة الدولة تراجعت في الأشهر بل والأيام الأخيرة، وشاهدنا الأقلية الشيعية تتظاهر وتحتفل بعاشوراء في وضح النهار، مثلما شاهدنا مثقفيها يتقدمون بعرائض تطالب بالاصلاح والمساواة، والغاء كل اجراءات التمييز ضدهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الأولي، أسوة بغيرهم. اما الأوضاع الاقتصادية فأقل ما يمكن القول بأنها متردية، فالدين العام يقدر بحوالي 180 مليار دولار، حسب الأرقام الرسمية، و250 مليارا حسب الأرقام غير الرسمية، والبطالة فاقت الثلاثة ملايين عاطل، والجريمة في تصاعد. الأسرة الحاكمة فوتت اكثر من فرصة لادخال الاصلاحات، وتحصين بيتها الداخلي من الضغوط الامريكية، فلو تجاوبت مع مذكرة النصيحة الأولي التي تقدم بها عدد من العلماء ورجال الدين والليبراليين وادخلت الاصلاحات السياسية والقضائية والاجتماعية، لما جاءت مذكرات الاصلاح الثانية والثالثة، ولما وجدت نفسها وحيدة دون سند حقيقي في مواجهة الضغوط الامريكي، وهجمات تنظيم القاعدة. عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يتدفقون علي المملكة حاليا سيدسون انوفهم في كل ملفات وزارة الداخلية، والمباحث العامة، وسيقلبون كل حجر في المملكة بحثا عن بن لادن واتباعه، تماما مثلما فعلوا مع حسابات البنوك وأرصدة الأفراد والجماعات الاســلامية واللــيبرالية بحجة تجفيف منابع الارهاب. الأسرة السعودية الحاكمة ستخوض الحرب ضد الارهاب تجاوبا مع الضغوط الامريكية، ومن المشكوك فيه ان تخرج منها منتصرة، او تنال الرضا الامريكي، انها معركة من الصعب النجاح فيها، والمسألة مسألة كسب وقت وتأجيل الاستحقاق الأكبر.
| |
|
|
|
|
|
|
|