صفقة (من الأدب الفرنسي الساخر)اهداء الى ... اساى...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 12:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-03-2003, 10:21 PM

waleed500
<awaleed500
تاريخ التسجيل: 02-13-2002
مجموع المشاركات: 6653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صفقة (من الأدب الفرنسي الساخر)اهداء الى ... اساى...

    للكاتب الفرنسي: ج. د. موباسان
    ترجمة: مصطفى جميل مرسي

    مثَّل المتهمان «سيزار أزيدور برومنت»، و«بروسبر نابليون كورني» أمام محكمة جنايات «السين» لشروعهما عن عمدٍ في محاولة قتل امرأة «برومنت» المتهم الأول.

    وزُجَّ بهما في «قفص الاتهام» فراحا يقلبان نظرات حائرة، ويرددان أنفاسًا مضطربة .. وكان كلاهما من أهل الريف.

    وبدا «برومنت» ربعةً .. قصير الذراعين والساقين .. قاني الوجه .. مرصع الديباجتين بالبثور .. وقد التصق رأسه الأكبس (رأس أكبس : مستدير ضخم) بجسده القمئ الكروي .. وما بينهما من عنقٍ .. وكان يقطن مدينة «كاشقيل – لا – جوبل» في ولاية «كريكتوت» ويقتات رزقه من رعاية «الخنازير» وإنمائها !

    أمّا «كورني» فرجل ضاوي الجسم .. غير فارع القوام .. يتدلى من كتفيه ذراعان مفرطان الطول .. أشوه الوجه .. أضخم الشدقين .. أحول العينين .. يرفل في كساءٍ أزرق كالقميص .. يطويه حتى الركبتين .. وينسدل على جبينه العريض بعض شعيراتٍ مصفَّرة اللون .. تخلع على وجهه سماتٍ بغيضة .. تعافها النفس .. ويمجّها البصر .

    وكان القوم يدعونه بالقس لما أوتيه من براعة في ترتيل الأناشيد بين جنبات الكنيسة .. حتى هام به بعض الناس في «كريكتوت» .. وذابوا إعجابًا به . وشغفًا بتسبيحاته إلى الله ..

    واستقرت في «منصّة الشهادة» زوجة «برومنت» وهي فلاحة عجفاء بادية الهُزال .. تكادُ تخرّ من الوهن .. وتوشكُ أن تغرق في النوم .. وكانت واجمةً لا تحرك ساكنًا .. وقد عقدت راحتيها في حجرها .. وراحت حدقتاها تدوران في بلاهة واضطراب .. وتجلَّت في صفحة وجهها آياتٍ من الجمود ودلائل الخمود ..

    ابتدرها القاضي في صوت رفيقٍ رقيق .. مستأنفًا مسعاه في التحقيق :

    «لقد أدركـتُ – أيتها السيدة الفاضلة – أنهما اقتحما داركِ .. ثم ألقيا بكِ في «البرميل» المترعٍ بالماء .. فدعينا نُلِم بجلية الأمر في إسهاب .. تكرمي بالوقوف».

    فما إن همّت قائمة؛ حتى لاحت في قبعتها كعمود شاهق .. وطفقت تجأر بقصتها في صوتٍ ترسله على مهل :

    «بينما كنتُ أقشر الفول .. دلفا من الباب معًا .. فحدثتُ نفسي .. «إنّ الشرّ يزمهرُ في عيونهما .. ما أقبلا إلاّ لسوء .. وما أضمرا سوى الغدر .. سأمسك حذري منهما» .. ومكثا يختلسان إليَّ نظراتٍ شذراء .. وعلى الأخص «كورني» الذي لا يفتأ يشوب الحول عينيه .. فأحسستُ لمرآهما معًا بالكمد يأخذني .. والحسرة تُمِضُني .. فما كان أحدهما ممّن يُشرِّف المرء ويثير زهوَّه!

    ولم ألبث أن قلتُ لهما : «ماذا وراءكما ؟» .. فما نبس أحدهما ببنتِ شفه .. بل ظلّ سادرًا في صمته .. ممّا دفع الريبة إلى قلبي .. وهاجتِ الظنون في نفسي !»

    فصاح «برومنت» المتهم في حردٍ وجفاء :

    «لقد كنتُ أترنح وأنا سليب الوعي .. !» .. فألقى «كورني» بطرفه إلى شريكه في الاثم .. وقال له في صوتٍ عميقٍ .. كأنّه عزيف الأرغن (آلة موسيقية لا تخلو منها الكنائس) : «ما كنتَ مجانفًا للحقّ لو قلتَ .. كلانا كان مترنحًا سليب الوعي ..!».

    فانتهره القاضي في عنف ودهشة :

    «أوَتقولان أنّكما كنتما ثملين مخمورين ؟!».
    «برومنت»: «وهل في ذلك من حرجٍ ؟!! ».
    «كورني»: «إنّه يقع لكل البشر !! ».

    فكظم القاضي غيظه .. وهو يروم الشاهدة:

    «ناشدتك الله .. صلي ما انقطع من روايتك .. أيتها السيدة الفضلى !» .. فعادت المرأة تقول في صوتها الأجش .. وهي ترسله في تؤدة وعلى مهل :

    «ثم سألني «برومنت»: «هل لكِ في خمسة فرنكات ؟!!» .. فوافقته على سؤله .. لأنّك لا تعثر على خمسة تحت كل أيكة تصادفها .. فما لبث أن قال لي : «هلمّي معي .. وسوف أريك ما تفعلين» .. ثم مضى حينًا .. وعاد يدفع أمامه «البرميل» الضخم الذي نتلقى فيه ماء المطر .. ثم أقامه في وسط المطبخ .. وهو يقول : «هلاّ تملئينه حتى الشفا بالماء» .. (الشافا: الحافة) ..

    فشمَّرت عن ساعد الجد .. ولم آلُ جهدًا ساعة .. وأنا أسعى بالدلوين بينه وبين البحيرة أحمل مزيدًا .. ومزيدًا من الماء .. فقد كان من الضخامة .. حتى كأنّه بئر بعيد الغور ..

    أمّا هذان الزنيمان «برومنت» و«كورني» فقد مكثا طيلة الوقت يعبان في الخمر .. ويعلاّن الكأس تلو الكأس .. حتى لم أتمالك أن صحتُ فيهما .. «لكأنّكما أكثر امتلاءً بالخمر .. من هذا البرميل» .

    فأجابني «برومنت» : «لا تبالي بما نحن فيه .. وثابري على عملك أنتِ .. فلسوف يحين دوركِ» .. فلم أعره سمعًا .. لأنّي أعلم بما للخمر من عُقبى تسل العقل من إدراكه .. وتمنع النفس من صوابها .

    حتى إذا فاض «البرميل» بالماء .. قلتُ : «يا هذا .. لقد فرغتُ من عملي » .. فناولني «كورني» خمسة فرنكات .. «كورني» .. وليس «برومنت» يا صاحب السعادة .. إنّه «كورني» الذي منحني خمسة فرنكات أجري .. ولم يلبث «برومنت» أن قال : «هل لكِ في خمسة فرنكات أخرى» ..

    فقلت على الفور: «نعم» .. حتى لا تفلت من أناملي هذه الفرصة الذهبيّة .. فانثنى يقول : «هيّا انزعي ثيابك ..!».

    فصحتُ من الدهشة والعجب : «أنزع ثيابي !!!» .. فأجابني : «أجل» .. فسألته منكرة : «أأفضها كلها ؟!» .. فقال: «إن كان يثير إنزعاجك .. فأمسكي عليكِ قميصك .. إنّا لا نبغي نزاعًا» .

    حسنٌ .. خمسة فرنكات قدرٌ لا يستهان به .. فما عليّ بأسٌ لو فادعت هذين السفيهين .. فرفعتُ قبعتي من فوق رأسي .. ثم خلعتُ دثاري .. وسللتُ قدمي من النعلين .. وحينئذٍ قال «برومنت» : «ليس ثَمَّ داعٍ للخلاص من جواربك .. نحن قومٌ ورعون .. أولو تقى» .. فهتف «كورني» مرجِّعًا : «أجل .. نحن قومٌ ورعون .. أولو تقى !».

    وهكذا قمتُ أمامهما على شبهٍ من أمّنا «حواء» ! .. فنهضا من جلستِهما .. تُرَنِحهما الخمر .. وهما لا يكادان يثبتان على أقدامهما .. عفوًا يا صاحب السعادة .. قلتُ لهما : «وماذا بعد ؟» . فصاح «برومنت» : «أوَ مستعدٌ أنت؟!!» .. فأجابه «كورني» : «مستعدٌ» .

    ثم لم يلبث «برومنت» أن أمسكني من رأسي .. وقبض «كورني» على قدمي .. كالشاة التي تُهيأ لغسلها .. فما أن هممتُ بالصياح حتى زجرني «برومنت» في قسوة قائلاً : «امسكي لسانك .. أيتها المرأة الوقحة» .. ثم رفعاني في الهواء .. وقذفا بي في «البرميل» .. فسرت في كياني قشعريرة جعلت الدم يضطرب في عروقي .. ويتصاعد دافقًا إلى رأسي .. فتصطك أسناني .. وأحس الجمد يعتريني من ناصيتي حتى أخمصي .

    وسمعتُ «برومنت» يقول: «ولكن رأسها ما برح لا يغمره الماء .. إنّ هذا يدخل في الحساب !» .. فردّ عليه «كورني» : «ضع رأسها إذن تحت الماء» .. فلم يلبث أن دفع رأسي في البرميل كمن يعمد إلى إغراقي .. فاستشعرتُ الماء يتسرب إلى أنفي .. وتراءى كأنّي أوشك أن أتخذ سبيلي إلى السماء !.

    وما انفك يدفعني .. حتى غمرني الماء .. ثم خالجه الخوف فجأة .. وساوره الندم .. وراودته الرحمة … فعاد يرفعني قائلاً : «هيّا جففي جسدك .. واخصفي عليكِ ثيابكِ .. يا ح**** العظام».

    فلم أكد أثوب إلى نفسي وأتمالك مشاعري .. حتى أطلقتُ لساقي الريح .. وهرعتُ إلى «راعي الكنيسة» .. ذلك الرجل الطيّب القلب .. الكريم النفس .. الوفي الخلق .. فأعارني دثارًا من ثياب خادمه .. وطفق يسري عني حتى أفرخ روعي .. ثم انطلق يدعو صاحب الشرطة .. والسيد «شيكوت» النائب.

    وعدنا أدراجنا جميعًا إلى الدار .. فألفينا «برومنت» و«كورني» يتقاتلان كزوج من الكِباش .. وكان «برومنت» يزمجر والغضب يتقدّ من عينيه «إنّ هذا وكسٌ .. لقد أخبرتك أنّها ليست دون «المتر المكعب» .. لقد أسأنا العمل .. وأخطأنا الوسيلة» .

    فضجّ «كورني» في حنق : «بل أربعة من الدلاء الممتلئة .. لا تبلغ نصف المتر المكعب .. إنّها حقيقة .. لا تملك لها إنكارًا .. ولا تجد منها خلاصًا .. » .

    فدنا منهما صاحب الشرطة .. وحال بينهما في صرامة .. وما كنتُ أحير شيئًا .. » .

    وتهالكتِ السيدة في مقعدها .. فانفجرت في قاعة المحكمة عاصفة من الضحك .. وتناظر المحلفون .. وقد رفّت على ثغورهم ابتسامات تحفّها الرزانة .. حتى إذا رانت السكينة .. وخيم الهدوء .. خاطب القاضي «كورني» المتهم :

    «يبدو أنّك المحرض على هذه المكيدة التي تفيض شناعةً .. وتدر خزيًا .. أوَ عندك من الدفاع ما تقدمه بين يدينا جِلاءً لِما قارفته».

    فهمّ «كورني» على قدميه قائلاً : «لقد كنّا ثملين .. تعبث برأسينا الخمر .. » .. فأجابه القاضي في رصانة وهدوء .. «إنّي أعلم هذا .. صل حديثك» ..

    «مهلاً .. سيواتيك ما لا تعلم .. حسنٌ !! .. لقد جاءني «برومنت» في تلك الصبيحة .. ودعاني إلى كأس من شراب «البراندى» .. فجلستُ إليه وأفرغته في جوفي .. وحفزني الأدب إلى أن أقابل فضله بمثله .. فدعوت له بكأس آخر .. فأجابني بكأس ثالث .. فرددتُ عليه برابع .. ودالت بيننا الخمر .. ودارت منّا الرؤوس .. حتى انتصف ميزان النهار .. فإذا بنا مخموران نترنح من النشوة !!

    وطفق «برومنت» يجأر بالصياح .. فخالجني الأسف له .. وأحسستُ إشفاقًا عليه ! .. فسألته عن جلية أمره ! .. فقال :
    «لا بدّ لي من ألف فرنك قبل الثلاثاء ..» . فانطويتُ على نفسي بالطبع .. بيدَ أنّه سكت غير طويل .. ثم قال في مثل هدوئك وشبه وقارك يا سيدي : «سأبيعك زوجتي ..» .. فأجبته : «حسنٌ» .. كنتُ ذاهب الوعي .. عاطل الرشد .. وكانت زوجتي قد لبّت داعي المنون .. فدار بخلدي – وهو مضطرب – أنّ من الخير أن أستحوذ على امرأته .. ما كنتُ أدري عنها شيئًا .. ولكن الزوجة دائمًا هي الزوجة .. فانثنيتُ أسأله :

    «وكيف تبيعها لي ؟» ... فتطامن رأسه وهو يفكر .. أو لعله خلع على ذاته سمات التفكير ومظاهر التدبير .. فالمرء إذا عانق الصهباء .. تبلبلت في ذهنه الآراء .. وعانت في جسده الأدواء .. ثم لم يلبث أن أشرق وجهه وانبسط جبينه .. وهو يقول :

    «سأبيعها لك بالمتر المكعب !» .. فلم يأخذني الدهش ... فما برحت نشوة الخمر تعربد بين جوانحي .. كما أني أستخدم المتر المكعب في تجارتي! .. إنّ المتر المكعب يقدر بألف متر .. فوافقتُ هواه .. بيد أنّ العقبة التي تنهض في سبيلنا .. هي الثمن !! .. وهو رهين ما يتمخض عن عديد الأمتار .. وعنّ لي أن أسأله :

    «وكم تود في المتر المكعب ؟» ... فأجابني : «ألفي فرنك» .. فوثبتُ من مجلسي كأرنب مروع .. ولكن جال بخاطري أن ليس في الوجود امرأة تجاوز في الكيل ثلاثمئة لترٍ .. فقلتُ له:

    «إنّك على شطط فيما عرضت !» .. فأجابني وهو يهز رأسه: «لا آخذ دون ذلك .. فإنّها لخسارة تفدحني» .

    كان يساومني كأنّه يبيعني إحدى خنازيره .. وإنّه لبارعٌ قدير على بضاعته .. هه .. هه .. قلت له: «إن كانت شابة فتيّة .. فلسوف أغضي ولا أبالي .. أمّا إن كانت أخت عجزٍ .. لطول ما أبليتها .. وأخلقت جدتها .. فما أدفع فيها سوى ألفًا وخمسئة للمتر المكعب .. ولن تمس دانقًا مزيدًا عليها .. أوَ ترضى ؟» .. فارتفع صوته هادئًا : «رضيتُ .. هيّا نتصافح».

    فهززتُ يده شدًا على العهد .. وانطلقتُ متأبطًا ذراعه .. لا بدّ للإنسان في زحمة الحياة الشقيّة .. وموكبها الصاخب أن يمد يد العون لأخيه الإنسان .. بيدَ أني ما لبثتُ أن أغرقت في الحيرة .. وفاض بي الدهش !! فانقلبتُ أسأله :

    «كيف تسعى لكيلها ؟ .. وما هي بسائل .. لسوف يعيينا أمرها» .. فأبان لي عن خاطر ما كان يتجلى من عقلٍ ثقلت عليه وطأة الخمر .. وشاعت في صفائه شوائب الثمل .. قال: « سآتي ببرميل .. وتملأه حتى يطفح منه الماء .. ثم نضعها فيه . ونقدر ما ينسكب من الماء .. فهو جرمها» .. فهتفتُ في إعجاب: «إنّه رأيّ سديد .. وفكرة صائبة .. ولكن كيف نقدّر ما ينسكب من الماء .. وما يتناثر من الرشاش .. ؟ ولسنا له بحاصرين».

    فرماني بالغباء .. ودعاني بالسخف .. وأخبرني أن كل ما نفعله هو أن نملأ «البرميل» تارة أخرى .. بعد أن ننتشل امرأته .. ثم نقدر ما نضيفه من الماء بعد ذلك .. إن كان عشرة دلاء .. فإنّ نظيرها متر مكعب .. آه .. ليس في الوجود امرؤ أحدّ ذكاءً .. وأمضى فطنة من هذا اللئيم .. والخمر ناشبة في رأسه ..جاثمة في عقله .

    وصفوة القول .. اتخذنا سبيلنا إلى بيته .. فلما وقع طرفي على المرأة .. رحتُ أحدِّق فيها وأنقضها ببصري في نظرات فاحصة .. لم تكن على مسحة من الجمال .. وهاهي ذي أمامكم .. فانظروها .. وحدثتُ نفسي .. «لا عليك .. سواء تفيض ملاحة أو تسيل قبحًا .. فإنهن يؤدين جميعًا الغاية المنشودة» .. أليس كذلك يا صاحب السعادة .. كما أنّها كانت عجفاء ضامرة الجسد كأنّها العصا اليابسة .. فساورني خاطر .. «أنّها لن تجاوز أربعة لترات ..» إنّي خبيرٌ بهذه الأمور .. فهي سرّ مهنتي ..

    وقدَّمتْ لكم ما حدث .. لم نجردها من قميصها وجوربها .. لما تعمر قلوبنا من الورع .. وما تزخر به نفوسنا من الحياء .. مع ما في ذلك من خسارة لي .. فلما بارحت «البرميل» .. مرقت من بين أيدينا .. وأطلقت لساقيها العنان تسابق الريح .. فصحتُ مشدوهًا : «وي ؟ .. «برومنت» .. إنّها تفرّ منّا» .. فأجابني في صوت هادئ : «لا تحفل بأمرها . فلسوف تنكص على عقبيها سريعًا .. فأمسكُ بها لك في هوادة .. دعنا نحسب النقص».

    فلم تتجاوز الدلاء أربعًا .. ها .. ها .. ها».

    وانطلق السجين في ضحك يهزه هزًّا عنيفًا .. حتى ربّت على ظهره جنديه الحارس في رفق .. فثاب إلى هدوئه .. وفاء إلى سكينته .. ثم استأنف حديثه:

    «وصفوة القول .. لم تأتِ الأمور على ما يشتهي «برومنت» فتصايحنا .. ودوّى صراخنا .. ثم تعطلت لغة الكلام .. فأمسك كلٌ منا بتلابيب الآخر .. يروم ضربه .. وطرحه على الأرض .. كنّا سكارى .. فحسبنا أن عراكنا سيدوم إلى يوم الحشد .. حتى فرّق بيننا الشرطي .. وقبض على كلٍ منّا وزجّ به السجن .. وإنّي لأطالب بالتعويض عمّا لحقني ..».

    وارتد «كورني» إلى مقعده .. فتهاوى عليه .. وكان «برومنت» يؤمئ برأسه بين الفينة والفينة مؤيّدًا شريكه .. مغززًا لما جرى على لسانه.

    وغاب المحلفون ساعةً يقلبون الرأي في روّية .. ويهيئون الحكم عن سداد .. وقد اكتنفتهم الحيرة .. ثم أعلنوا للملأ براءة كلا السجينين .. ولكنهم قرنوا ذلك بحدّ .. وهو أنّ الزواج رباط مقدس لا يبيح صفقات التجارة .. ولا يحل فيه البيع والشراء .

    وانطلق «برومنت» إلى عش الزوجيّة .. وزوجته في رفقته .. وعاد «كورني» طليقًا إلى حانوته.
                  

05-06-2003, 04:03 PM

asaay


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صفقة (من الأدب الفرنسي الساخر)اهداء الى ... اساى... (Re: waleed500)

    وليد..
    شكرا لك على الاهداء..وعلى المتعه التي تمنحنا بكل كتاباتك ..اتمنى ان تواصل قريبا..ربما بعد العوده من
    الرحله المرتقبه..اتمنى ان تستمتع بها ..واتمنى لك التوفيق
    تحياتي.................أسآي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de