حـــــــــــــنين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-27-2003, 02:42 PM

Ridhaa
<aRidhaa
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10057

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حـــــــــــــنين


    أسامة معاوية الطيب/الشارقة
    [email protected]

    أجلس الآن ... تستغرقني الظلمة .. وأستغرقها .. أذوب فيها .. الماضي قطعة ظلامٍ تعرف طريقها للفجر الجديد .. أجلس متجرداً من أوهامي ... متجرداً من تعقيدات الحلم ... من ملابسي ... الملابس أحياناً أغلالاً في مواجهة عري الفكرة ... أتطلع للبحر ... الهادئ الصاخب .. آهٍ يا هاجر ... كيف تعرفين أن البحر يسكنني فتملئين الأفق بمراكب الذاكرة ... آهٍ وأنت تسافرين إلى نهايات احتمالي ... كنت أعرف كيف أكتب عن نفسي .. تاريخي .. هواجسي .. بما يشبه الصلاة .. وأكتب عن أحلامي بكامل اليقظة ... واليوم أصغي للبحر .. يحكي لي عني ... اصدق من يحكي عن الأشياء .. وأنا شئ يتكوّم على شاطئه باستهتار ... يصمت .. يصخب .. يدين الشاطئ بثرثرة ماضيه الطويل .. قطعة خشب سافرت عبره مئات الأيام والأميال .. تشربت ماؤه وملوحته وعظيم صبره .. أسلمت لونها لخيوط ملحه المستفزة وزرقة سماواته المترامية ... باتت تنسى بداية الرحلة .. أنا تلكم القطعة .. لا أعرف فكاكاً من ماضٍ يصرّ على الحضور .. متأبطاً أسلحته التي لا تعرف الهزيمة .. وأنا دائماً في مواجهتها أعزل إلا من ذاكرة تنحاز لها .. يخص البحر الشاطئ بذكريات لا يحكيها إلا له .. ولا يعيدها عليه .. والشاطئ لا يكترث لذلك .. فقط يحفظ عنه كلما تطاول الموج وأستقر عليه .. نادماً أو عازماً على الفكاك الكبير من بين حبائله .. الموج ينسحب جاراً ذيوله نحو أعماق قريبة .. بعيدة .. ومصطدماً مع ضفائر القادم أكثر عزماً .. بحكاياته ورغباته المجنونة .. والشاطئ ملقى على ظهره يتطلع صوب الشمس .. كل أسرار موجه تفتتها الأشعة المتمردة ... والشاطئ في استلقائه يستنشق رائحة الخشب المعطون بالملح .. وأسماك تطاولت على تاريخها وقفزت على تاريخه .. تحاول تغيير رئتيها بهواء السطح .. تستشهد .. في صخب .. وفي هدوء .

    كان البحر أعظم من كل الأحبار ورؤوس الأقلام .. على ورقة الشاطئ مستفزة الفراغ ... فيكتبها بجرة موجة .. ويمسحها بجرّات .. وأصمت وأنا مستغرقٌ في كتاب البحر للشاطئ .. كتاب السنين.

    آهٍ ... كم سنة تراها مرّت قبل أن التقي هاجر ؟ وكم سنة أخرى مرت بعد أن التقيتها ؟ كانت نافذة العشق .. كانت الموجات المتقافزة على شاطئ ذاكرتي .. أشبعت رمالي بخيوط ملوحتها وملاحتها .. جاءت لزواج قريبها .. كانت تقف في مكانٍ واحد كل أيام العرس .. تغيّر الفنان .. وموضع العروسين .. والاستعداد النفسي للحضور .. والحضور نفسه .. وفساتينها .. ولم يتغيّر مكانها .. وبريق عينيها .. والوعد الذي يخترقني .. ومكاني .. وبنطالي القديم .. كنّا لا نعرف من ليالي العرس إلا أعيننا المشرعة في بحار الصمت .. تتقافز موجاتها على رمالي .. فتترك خيوط العمر ، خيطاً .. خيطاً .. على الذاكرة الرملية .. تظل أسماكها المتمردة ترتعش على رمل وجودي .. لا أستطيع أن أعيدها إلي البحر .. ولا إلى الحياة .. تلبس كل يوم فستان أحمر .. هي تحب اللون الأحمر .. أنا لا أعرف إن كنت أحببته معها أم لعلاقةٍ أخرى أجهلها .. كانت فساتينها متغيرة .. مختلفة .. فستان عارٍ بسيور رقيقة على كتفيها .. الناعمين حد الغناء .. فستان بياقة وردية وتزيّن أطرافه ( كشكشة ) وردية كذلك .. لامع جذاب .. جاكت لافت الحمرة تحته بلوزة سوداء .. وكان بنطالي القديم والوحيد يتغيّر كل يومٍ ليوائم كل فستان .. لم تبتسم لي مرة .. طيلة أيام العرس .. ولكن عينيها كانتا دائمة الضحك .. عينيها أعمق من هذا البحر ورموشها أمضى من كل أسلحة التاريخ المشرعة الآن على الذاكرة المنهكة .. تفصلنا عن بعضنا بضع خطوات وبضع نساء يرقصن .. وأصوات تعلو وتعلو في صخب العرس .. وكذلك تفصلنا مسافات أخرى وأزمان سحيقة تتسرب إلى لوحة المكان يومها

    كانت أصغر مني بخمس سنين وأنا بعد في سنين الجامعة الأولى .. أطالع خيوط مراهقتي المتناثرة .. وتكمل لي فساتينها عشقي للون الأحمر بعد ذلك بوعي .. لم تبتسم ولكنها أرسلت عبر علو أصوات العرس همساتٍ باسمة .. حوّمت حولي .. ارتعشت .. ما أجمل أن تفرغ نفسك من ذاتها وتدلقها على رحيق العيون .. أحسّ بيدي تعبث بشعرها المخبوء خلف إيشارب وردي ناعم .. يختصرني بيت شعرٍ قفز لقلبي فجأة .. وأختصر أنا كل أبيات الشعر في نظرتي .. أشعل زيتٌ خفيف على شعرها .. رعشة أصابع قدمي .. كانت تنام في حياء داخل حذائي البالي .. ولكنها تمردت وتنفست عبر ثقوبه التي أرجعتني للصف الثاني في الحفل .. مهلكٌ هذا الجسد .. يفعل موته في الروح متى شاء .. ولكن عينيّ لم تسوّر بمكانها وحذائي وبنطالي .. حامت بحرية .. أرخت الإيشارب عن شعرها .. وكأنها تسمح لأحلامي بانسيابٍ جذّاب .. قالت لي بعد ذلك بسنين .. إنها كانت تحسّ بيدي على شعرها .. كنت أحسّ بيديها على قلبي وشعري وشِعري ..كنت واقفاً مكانها .. بحثت عن كرسي لأجلس حواسي المنهارة .. لكن حذائي لم يشجع أحد على منحي أي فرصةٍ لاستراحة .. غداً تكتمل مراسم العرس .. إذن لابد للقصيدة أن تكتمل اليوم .. أأختصرها في قصيدة ؟

    سار العروسان للنيل .. ارتفعت حول الموكب الصاخب جرائد النخل .. الأمهات يتفانين في غناءٍ صادق .. والبنات يحتسين النظرات المتلاحقة بكيفٍ بالغ .. العصر في أول ساعاته .. والطريق المتعرجة تثير الغبار وهي تحاول الوصول للنيل قبل العروسين .. الغبار يسكن أعالي النخل .. والسكون يسافر لعالمٍ آخر .. العروس بدأت توسع في ابتسامتها التي سجنتها لليالٍ خلت في خفر المهمة الجديدة .. يبدو أن سكون ساعات الليل الأولى هي التي تخلق صخب خيوط الفجر .. وفطور العريس الذي تتقافز حول مائدته خيوط السمن البلدي ( والسكسكانية ) .. كانت هاجر تحاول عبر حركاتٍ عادية أن تقاطع موكب النساء من أقصى أطرافه التي تسير فيها ، إلى الطرف الآخر ، حيث اخترت أن أسير ، لم ألمح عيوناً حائرة غير عينينا .. فقط لأني لم أجتهد في البحث .. الآن هاجر .. بقلبها وفستانها الأنيق ودقات قلبها وقوامها الذي تمنيت إحاطته بي .. وشفتها التي قالت ما لم يقله كل الصخب الذي يحيط بالمكان .. صغيرةٌ كوعدٍ جميل .. مكتنزةٌ كحلمٍ صاخب .. الآن أصبحت قربي تماما .. لفحت أطراف الإيشارب وجهي فماتت ألف قافية ... وحييت ألف قصيدة .. عثرتْ على رجلها .. قاصدة .. أمسكت بيدي .. هرب الكون من تحتي .. تصببت عرقاً وشعراً وحياة .. أطلت مسك يدها وأنا أوقفها .. يا ساتر ... يا ساتر .. إذن فهناك عيون كثيرة تراقبنا .. لماذا تقابل رعشتي دائماً بجرأة عينيها الحلوة ؟ مدت لي قطعة حلوى تلقفتَها من بين القطع التي نثرها العريس في الفضاء .. العريس مملوءٌ بفرحٍ مفضوح .. وأنا مترعٌ بفضيحةٍ مخبوءة .. فضيحة العشق الذي يتسرب من بين أصابع قدمي عبر ثقوب حذائي البالي .. أمسكت بالحلوى وبيدها .. فكتها بخجلٍ حلو .. وانتبهت حولها .. للمرة الأولى .. ولم افعل أنا .. حينها كان حذائي يسبح في طينٍ تجاوزه الكثيرون في الطريق .. لم أضع قطعة الحلوى في جيبي .. لأنه لا يقوى على حمل شئ ... أفسدته الثقوب حتى نسيته.. ولم استطع فضّ ورقتها .. فمثلها لا يؤكل .. أحالت السنين لونها للونٍ باهت .. لون ذاكرتي

    البحر صاخبٌ .. والليل ساكنٌ تماماً .. إلا من صوت الذاكرة .. وصفير الريح القاتل الذي يلفح وجهي بناعم الرمل .. صوت الذاكرة .. ذو الرائحة والطعم واللون .. أفسد وضوء الحلم الجديد .. إذن فصلاة العشاق دائماً تصطدم بحائل الذاكرة الكثيف .. مستلقٍ على الرمل .. وذاكرتي تكتبني بجرّات الموج .. وتمسحني .. والشاطئ مستغرقٌ في صمته الصاخب .. أغنيةٌ قديمة تعبت معي كثيرا حتى فقدت لون لحنها ورائحة شِعرها .. أصبحت تخرج من فمي لتدخل في محنتها معي .. من يعيدها لزمان لحنها مني .. من يعيدني لزمان لحني منها .. أنا والأغنية نستلق على رمل الحلم .. ننتظر المستحيل .. هاهي أعوامٌ وأعوامٌ مرّت ، منذ أن وضعت هاجر طفلتها الأولى .. وأسمتها "حنين".

    أسامة معاوية الطيب

    الشارقة 28/9/2002


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de