… وفي العام الثالث بعد الألفَـين من ميلاد السيد المسيح ، هبطَ على
] الديار العراقية ، من سمتيّـةٍ أمــيركانيّةٍ ، آيةٌ من آيات الله ، ينتسب إلى مكّــةَ ، كانتساب أبي رُغالٍ إليها ، لكنه لم يُطِـل المكثَ ، إذ سرعانَ ما رفعته السمتيةُ التي جاء بها ، ليعود إلى دياره ، خائباً خاملاً ، حاملاً أوراقه التي اهترأتْ من طول تداوُلٍ وتناوُلٍ . والحقّ أن آية الله كنعان مكية ، كان ينتظر في الناصرية مَن يعرفه فلم يجد أحداً ، ولَربّـما كان مَرَدُّ ذلك أن الناس في الناصرية ناطقون بالعربية دارجةً ، وليس بالإنجليزية / الأميركانية رطانةً ، بينما المأثورُ عن آية الله هذا قوله إن العراق ليس عربياً . قولٌ حقٌّ أريدَ به باطلٌ ، أو قولٌ باطلٌ أريدَ له أن يُجرى مُـجرى الحقّ. والأمرُ في الحالَين واحدٌ ، كما يرى الـمَـناطقةُ . المصيبة التي أصابت آيةَ الله كنعان مكية أن الناس في الناصرية لم يستجيبوا إلى دعوته نحو إنصاف اللوطيين ، تلك الدعوة التي خرجَ بها في خان الهيلتون متروبوليتان اللندني ، وأعتقدُ أن سبب ذلك عائدٌ إلى أن النساء في الديار العراقية أكثرُ عدداً من الرجال ، بعد كل الحروب التي قضتْ على أجيالٍ وأجيالٍ ، لكن آيةَ الله ما كان ليعرف هذا فهو في حلٍّ ومرتحلٍ دائبينِ بين واشنطن وتل أبيب ، فكيف له أن يعرف ما حلَّ بالبِـنية الإجتماعية من جديدٍ ؟ الرجلُ معذورٌ ، فربما تصوّرَ الناصريةَ قريبةً من حيّ ســوهو ! ومـمّـا فاقَـمَ من خيبة الرجل أن المحتلين لم يسـلِّـموه مفاتيح غرفته في الأقل ( أعني حثالته "الديموقراطية ") ، وهي الغرفة التي تُؤوي سارقي مصارفَ ومهربينَ ومشعلي حرائقَ وناهبي متاحفَ ومكتباتٍ . آية الله كنعان مكية هدّدَ بأن يرفع الأمرَ إلى السيد الأعلى : جورج بوش الإبن ؛ فكيف يجرؤ الجنرال المتقاعد غارنر على إبعاد آية الله عن تصريف شؤون البلاد والعباد ؟ كيف يجرؤ الجنرال المتقاعدُ على هذا ؟ ألم يقرأ ما كتبه آيةُ الله؟ على أي حالٍ ، بلَـغني أن مستشاراً لبنانياً في دائرة غارنر ، حاكم العراق العام ، أشار إلى رئيسه بذلك ، متذرعاً بذرائع شتى ، من بينها أن ما كتبه آيةُ الله ليس بشيءٍ . هذا المستشار قال مثلاً إن كتاب " جمهورية الخوف " ليس كتاباً ، فهو يضمّ نثيراً ضئيلاً ممّـا يتداولُـه العراقيون عن تسلّط البعثيين . كلُ ما في الأمر أن الكتاب كان باللغة الإنجليزية ، وإن كان هذا يعني شيئاً خارج العراق ، فإن الكتاب غير ذي معنى في العراق . وقال المستشار أيضاً إن كتاب النُّـصُـب Monuments ليس كتاباً ينمّ عن تخصّصٍ عالٍ وتدقيقٍ . أمّـا كتاب " الصخرة " فإن المستشار يراه ضارّاً ، في الوقت الراهن ، من الناحية السياسية العملية ، ما دام الكتاب مبنيّـاً على فكرة أن المسجد الأقصى يعود تاريخيّـاً إلى بني إسرائيل لا إلى العرب المسلمين . " القسوة والصمت " في رأي المستشار اللبناني ، هو متابعةٌ لمسعى المؤلف في إبعاد العراق عن محيطه ، وهو أمرٌ ضارٌّ في الوقت الراهن ، ولا ينسجم مع الجهود الأميركية الآنيّــة . • مصيرٌ مؤلمٌ لآية الله كنعان مكية … بعد كل المشوار الذي قطعه ابتداءً بتروتسكي ، وانتهاءً بتل أبيب !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة