|
الشماسة والرندوق
|
نقلاً عن جريدة البيان الإماراتية: إحتفل العالم أمس بيوم الصحة العالمي تحت شعارتنشئة الأطفال في بيئة صحية ضمان للمستقبل
(الشماسة) الاسم الذي يطلقه السودانيون على اطفال الشوارع المتشردين, ربما لأنهم يسيرون تحت الشمس طوال النهار غير آبهين بحرارتها , ويتميز اطفال شوارع السودان بامتلاكهم قدرات ذهنية خارقة, ولغتهم تتسرب الى خطاب الأنس الاجتماعي بسرعة البرق, ما ان يبتدعوا مفردة إلا وتكون في اليوم التالي على كل الألسن, وعندما تحاول المنظمات الاهلية المعنية برعايتهم تدريبهم وتأهيلهم ويستجيبون لذلك يحققون المعجزات, فأحدهم حاز المركز الأول في مسابقة اقامتها (اليونسيف) لرسم لاطفال الشوارع على مستوى العالم, وآخرين دخلوا الجامعات, وبعضهم حققوا نجاحات بارزة في الاعمال الحرفية والفنية. في السودان نحو 80 ألف طفل متشرد (شماسي) دفعتهم الظروف الاجتماعية والاقتصادية الى الشوارع, اغلبهم من افرازات حرب الجنوب النازفة والصراعات القبلية المقيتة, ويتوقع مختصون ان يرتفع عددهم الى أكثر من هذا الرقم بكثير, حيث اشارت احصائية الى ان النظام التعليمي يبقى نحو (45%) من الاطفال في سن الدراسة خارج اسوار المدارس ويلحق بهم (18%) لعدم مواصلة التعليم الى المرحلة الثانوية لأسباب اقتصادية أو افرازات الحروب, وترسم هذه الاحصائيات صورة قاتمة لمستقبل الطفولة في السودان, وتدق ناقوس الخطر الذي ينتظر هذا القطاع الحي والحيوي في المجتمع. وتنشط المنظمات التطوعية الوطنية والاجنبية لمعالجة الظاهرة, وإستباقها أحيانا, لكن على جهدها لا يغطى أكثر من (8%) من حجم الظاهرة الحقيقي, ومع الازدياد المتواتر للاسباب المفرزة للظاهرة يكون هذا الحقل في حاجة الى عمل طويل وشاق ومضن, ورغم ذلك تطل الاجراءات التعسفية برأسها لتعيق ما تقوم به المنظمات لكنها لاتجد مناصاً في نهاية المطاف من اعادة (الخبز لخبازه). (البيان) فتحت ملف اطفال الشوارع في السودان واحاطت ببعض جوانبه, وان كان ماخفى أعظم, إلا ان ما خرجت به يرسم صورة بانورامية لحال هؤلاء الأطفال ومستقبلهم.
لغة ساحرة في السودان نحو 80 ألف طفل متشرد (شماسي) حسب الاحصاءات شبه الرسمية, يمتلكون قدرات ذهنية مذهلة ولغتهم الخاصة (الرندوق) تتسرب الى أحاديث سائر الطبقات الاجتماعية وتسري بسرعة البرق, تراهم تحت شمس الخرطوم الحارقة يجوبون الشوارع غير آبهين بحر الصيف ولا برد الشتاء ولا مطر الخريف الاستوائي العنيف ولا هواء الخرطوم الغابر مدى العام, يمارسون حياة شديدة الخصوصية, ويعيشون على التسول والخطف والنشل, يثيرون مشاعر متناقضة من العطف الى الرثاء الى اللعن, ويشكلون علامة بارزة من علامات الخرطوم كالنيلين الأبيض والازرق, وملتقاهما الساحر في المقرن, لا تخطئهم العين ولا الاسماع وهم يتجادلون بلغتهم الخاصة في الاسواق.
الفقر والحروب والنزوح لا يوجد سبب بعينه يدفع الاطفال الى الشوارع, ويقول المختصون ان الاسباب تبدأ من الاسرة, فالاطفال اللقطاء يحتضن بعضهم الشارع لمجرد انه لقيط, اضافة الى الاسباب الاجتماعية من مشاكل الأسر الى قسوة الظروف الاقتصادية والفقر, وتداعيات الحروب وحالات النزوح, وافرازات الصراعات القبلية, كل هذه الأسباب تدفع بالاطفال الى الشوارع. وقدّر اختصاصي في مجال معالجة ظاهرة التشرد لــ (البيان) ان كل ما تقوم به المنظمات التطوعية الوطنية الاجنبية لا يساهم بأكثر من 8% من حجم ظاهرة التشرد في السودان, وأضاف: هذا يعني ان الصورة قاتمة جدا
|
|
|
|
|
|