حزب الأمة المؤتمر العام السادس في الفترة ما بين15-17 أبريل 2003
برنامج الحزب للفترة القادمة: وثبة جديدة لبناء الوطن
محتويات الوثبة رقم الصفحة المقدمة : 1 عوامل التردي في السودان - حزب الأمة المتجدد- المستجدات الملف الأول: البطاقة الفكرية: 8 رؤى الحزب الفكرية و ملامح فكره - منطلقات الانتماء الحزبي. فكر حزب الحزب في الوثبة الجديدة:الواقع العالمي- الواقع الإقليمي- الصحوة الذاتية السودانية. الملف الثاني: السلام العادل 26 الشريعة والوحدة الوطنية- التوزيع العادل للثروة- اللامركزية- التنوع الثقافي- المناطق المختلف عليها في التفاوض- الاتفاق القومي- التحول السلمي وبث ثقافة السلام والتسامح- تسكين الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان- الرقابة والضمانات الداخلية- التوازن الإقليمي- الرقابة والضمانات الدولية - أخرى. الملف الثالث: الآلية الانتقالية 32 الفترة قبل الانتقالية- الفترة الانتقالية- إزالة آثار الحرب- دولة الوطن- المساءلة والمحاسبة- التعداد السكاني- والانتخابات. الملف الرابع: التنمية المستدامة 35 الإجراءات الفورية - تمويل التنمية - إصلاح بعض السياسات الحالية – الديون - البنيات الأساسية – البيئة- المناطق الأقل نموا - سياسات القطاعات الاقتصادية (الاقتصاد الكلي، النظام المصرفي، التجارة الخارجية، الاستثمار، الزراعة والري)، الصناعة، قطاع النقل والاتصالات، البترول، السياحة. الملف الخامس: الاستثمار البشري (الخدمات) 49 الصحة – التعليم- الكهرباء والمياه- التخطيط العمراني والإسكان. الملف السادس: التنمية الاجتماعية 59 الخدمة الاجتماعية- محاربة الفقر- البيئة- النازحون- المرأة- الأطفال- الشباب- الرياضة- السكان – الإحصاء- سودان المهجر- المجتمع المدني والمنظمات الملف السابع: الديمقراطية المستدامة 75 الديمقراطية في السودان الخيار الوحيد - الديمقراطية المستدامة - الإصلاحات المطلوبة (الحرب الأهلية – التوازن الاجتماعي- الانتخابات- الأحزاب- النقابات - الميثاق الاجتماعي- الصحافة- القضاء - القوات المسلحة) الملف الثامن: نظام الحكم: 79 الدستور الديمقراطي- حقوق الإنسان- الحكم اللامركزي- الحكم المحلي- الإدارة الأهلية الملف التاسع: الخدمة المدنية: إصلاح الخدمة المدنية 84 الملف العاشر: القوات النظامية والفصائل المسلحة: 85 القوات النظامية (القوات المسلحة - جهاز الأمن- الشرطة- السجون- وقوات حماية الحياة البرية) - الفصائل المسلحة. الملف الحادي عشر: العلاقات الخارجية: 87 واقع السياسة الخارجية السودانية- الدبلوماسية السودانية- العلاقات الإقليمية- السياسة الدولية. الملف الثاني عشر: الثقافة والإعلام: 102
وثبة جديدة لبناء الوطن مقدمة إن لشعبنا حضارة عريقة هي أقدم حضارات الإنسان بدليل الحفريات الجديدة. وكان وطننا علي طول تاريخه ملتقى أديان، وثقافات، وإثنيات، حتى لكأنه عصبة شعوب تلاقحت وتمازجت واتخذت أخلاقيات إنسانية كالكرامة، والنجدة، والتسامح …أخلاقيات حفظت النسيج الاجتماعي رغم الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد. حققت بلادنا في تاريخها القديم إنجازات فريدة كالسبق الحضاري، والتعايش السلمي مع الدولة الإسلامية التاريخية الفاتحة، والتمدد السلمي الإسلامي والعربي، والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات والإثنيات، وفي مرحلة التكالب الاستعماري علي إفريقيا والشرق حقق شعبنا ثورة قياسية للبعث والتحرير في القرن التاسع عشر الميلادي. وفي تاريخنا الحديث حققت بلادنا صحوة الخريجين، والحركة الوطنية التي أعقبتها بقيادة الأحزاب الوطنية حدثين سياسيين لا مثيل لهما في إفريقيا والعالم العربي هما: استقلال كامل السيادة، وحكم ديمقراطي كامل الدسم. لقد كانت التجربة الاستعمارية في السودان مع ما صاحبها من مظالم عديدة أقل فداحة من التجارب الاستعمارية في إفريقيا والعالم العربي. لقد كان السودان في فجر الاستقلال وبفضل الديمقراطية والدولة الحديثة الواعدة مكانا لحالة من الازدهار والتفاؤل العظيم،استمرت حتى ما بعد ثورة أكتوبر التي قال قائلها: من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر من غيرنا ليغير التاريخ والقيم الجديدة والسير من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة جيل العطاء المستجيش ضرواة ومصادمة المستميت على المبادئ مؤمنا المشرئب إلى النجوم لينتقي صدر السماء لشعبنا جيلي أنا جيل العطاء لعزمنا حتما يذل المستحيل وننتصر وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوى ونحمل عبء أن نبني الحياة ونبتكر ولكن بعد أربعين عاماً من عمر السودان المستقل تردت حالة البلاد بكل المقاييس وعمتها حالة من التردي والقنوط قال قائلها: يميع وطن كقطعة الثلج وقد شواها لهب الظهيرة ونحن حوله على رؤوسنا الطير وفي العيون حيرة مطفأة ودمعة كسيرة نجول بين الحبل والجلاد منفيين في البلاد هدنا الوهن وفي الجوانح الإحن نسائل الدمن: هل التي تعممت أرجلنا؟ أم الرؤوس انتعلت أحذية؟ هل القميص ما نلبس أم كفن؟ وطن وطن كان لنا وطن عوامل التردي في السودان: ثلاثة عوامل هي المسؤولة مباشرة عن هذا التردي هي: الأيديولوجيا الواهمة- والدكتاتورية الباغية- والحرب الأهلية. الأيديولوجيا الواهمة إن النظامين الأكثر إفسادا للحال الوطني –نظام مايو ونظام الإنقاذ- كانت وراءهما قوى أيديولوجية واهمة نظرت للقفز فوق الواقع عبر الانقلاب على الشرعية الديمقراطية. في النظام المايوي كانت الأيديولوجيا الماركسية والحزب الشيوعي وراء الانقلاب: كان الكادر العسكري للحزب مشاركا في الانقلاب - وفي مهد الانقلاب قررت اللجنة المركزية للحزب المشاركة في حكومته- وأصبحت واجهات الحزب الشيوعي (اتحاد النساء السوداني- واتحاد الشباب السوداني وغيرهما) المنظمات المدنية المساندة للنظام، وكانت سياسات النظام الجديد الداخلية والخارجية نسخا كربونية من برنامج الحزب الشيوعي- والخبرات المستخدمة في هندسة الدولة الشمولية مجلوبة من مصادر شيوعية على نمط دول شرق أوروبا ومن الناصرية- كما أصبح الراعي السوفيتي هو الأب الروحي للنظام الجديد. لقد كان التحالف بين الحزب الشيوعي وحلفائه في نظام مايو يحمل تناقضا أساسيا انتهى بصدام يوليو 1971م حيث انتهى فشل محاولة الانقلاب الشيوعي إلى مذبحة رهيبة تشبه ما مارسه النظام بمعارضيه من مذابح جرت بيد التحالف في بدايته: الجزيرة أبا وودنوباوي .. تلك التجربة الأيديولوجية الواهمة والتي سرعانما لقت حتفها على يد حليفتها الشمولية كانت أول من فتح المسرح الدموي في السودان الحديث، والدولة الشمولية المبنية على أيديولوجية رسمية تنفي الآخر، وحزب متحكم يقمع المخالفين، ودولة بوليسية تحميها آلة أمنية ضخمة تسيس مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية لصالح سياسات النظام الحزبية. دولة أدارت الاقتصاد بصورة غوغائية أورثت البلاد تركات اقتصادية ثقيلة الديون، وقطاع عام مترهل عديم الجدوى، وقيمة للجنيه السوداني تتدنى بعجلة خرافية.. صحيح، لقد غير نظام مايو إهابه شرقا ثم غربا وانتهى في حضن المعسكر الغربي يحمل الشعار الإسلاموي كوسيلة لتخويف المعارضين،ولكن كانت وراءه فكرة أيديولوجية يسارية نظرت للقفز فوق الواقع. ومن جديد كانت الأيديولوجية الواهمة-الإسلاموية هذه المرة وبيد الجبهة القومية الإسلامية- وراء إنقلاب الإنقاذ، وقد قاد التناقض -من جديد أيضا- بين قيادات الجبهة الإسلامية إلى قرارات صفر ثم رمضان 1422هـ التي أقصت فريقا لصالح الآخر، ولكن تبقى الأيديولوجيا الواهمة وراء البرنامج الإسلاموي الذي فرض رؤى أحادية باسم الإسلام ونفى الآخرين، وربط الدين بالتفسيرات المنكفئة في الجهاد والعلاقات الخارجية ومسألة المرأة وغيرها من النواحي، كما نشر ثقافة العنف وارتبط بالإرهاب العالمي، وأصاب الاقتصاد السوداني في مقتل ... سياسات وضعت السودان على حافة ألا يكون، صحيح رجع الإنقاذيون –حقا أو مناورة- عن شعارات الوهم بدءا بالعام 1997م، ولكن تبقى الأيدلوجية الواهمة وراء تلك المغامرة غير المحسوبة التي دفعت البلاد ثمنها باهظا. الديكتاتورية الباغية: لم تكن للنظام الأوتقراطي الأول (نظام عبود 58-1964م) أيديولوجية سياسية معينة فكوّن أوتقراطية عسكرية بسيطة ولكنه لم يكون حزبا للجيش ولم يقم دولة بوليسية. وقد كان الخطأ الأول الذي وقع فيه النظام بالإضافة إلى تعليق الحريات الأساسية وإنكار حقوق الإنسان هو سياسته نحو الجنوب التي أدت للإشتعال الأول للحرب الأهلية في عام 1963م، ذلك أن التمرد حتى عام 1955م لم يكن يشكل حربا أهلية بل كان تعبيرا عن الاحتجاج من القيادة الجنوبية العسكرية. الديكتاتورية الثانية (مايو 1969- 1985م) هي التي فتحت صفحة الأنظمة الشمولية. كان الاقتصاد الوطني قبل مايو مجديا فدمرته ومحقت فائض الميزانية، هذا أول تركات مايو التي جعلت التنمية معتمدة على العون الخارجي والذي جاء من الغرب والشرق والخليج فأهدرته وأدخلت البلاد في الدين الخارجي الذي بلغ 8 بلايين من الدولارات ونما مع عدم السداد والفوائد المركبة المتراكمة ليصل إلى 20 بليون دولار.. ومن السخرية المرة أن ما تم الترويج له كأبرز إنجازات النظام المايوي –الأداء الاقتصادي واتفاقية السلام- ارتدت لتشكل أسوأ مخلفات النظام: الكارثة الاقتصادية وكارثة الحرب الأهلية.. إن النظام الذي وقع اتفاقية 1972م التي أنهت حربا أهلية محدودة النطاق لحركة تمرد ضيقة الإمكانيات، هو نفسه الذي نقض اتفاقه وانتهك الاتفاقية بمرسوم لتقسيم للجنوب متغول على صلاحيات مجلس الجنوب التنفيذي، مما تسبب في قيام الحرب بيد الجيش الشعبي لتحرير السودان ذي السند الإقليمي والدولي المتمثل في حلف عدن والمعسكر الشرقي، وهو الذي عمق تلك الحرب عبر قوانين سبتمبر 1983م مما زود حركة الجيش الشعبي بمبررات إضافية وحماسة فائقة.. الديكتاتورية الثانية حطمت جدوى الاقتصاد الوطني وافتتحت حربا أهلية أكثر ضراوة وأطول عمرا ولا يزال أوارها متقدا. الديكتاتورية الثالثة (منذ يونيو 1989 وحتى الآن) هي التي فاقمت السوء في كل الملفات التي بدأت مايو خرابها. فمن الناحية الاقتصادية، بدأت الإنقاذ بتركة مايو التي جعلت التنمية معتمدة على العون الخارجي، ولأسباب عديدة راجعة لسياسات الإنقاذ جفت مصادر هذا العون الخارجي في عقد الإنقاذ الأول، وبالرغم من أن النظام استفاد من 1.5 بليون دولار جلبها النظام الديمقراطي السابق، ومن العون الإنساني من مختلف المصادر الأجنبية والذي زاد رغم جحود النظام، فإن سياسات النظام الاقتصادية المتخبطة والمتركزة حول تمويل أمن النظام ومحاسيبه أدت إلى توقف التنمية في حقبة الإنقاذ الأولى، واستمر التضخم في الانطلاق بعجلة رهيبة حتى تقلصت أجور الموظفين لتغطي حوالي 3% من مصروفاتهم الضرورية، وقفزت نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 95%.. وحتى الإنجاز الاقتصادي الوحيد لحكومة الإنقاذ –- استخراج البترول- فإنه خاضع للمحق عبر سياسات الصرف الخاطئة بالتركيز على الجانب الأمني وعبر السياسات المبهمة التي تصب في جيوب المحاسيب. ومن ناحية الحرب ساهم الخطاب الإسلاموي العروبي الأحادي في تنفير كل القوى المعارضة وتحفيزها لحمل السلاح، إذ سمى مجهوده الحربي جهادا، وأعلن عدم الاستماع لأي رأي فالسلاح هو الحاكم، وربط نفسه إقليميا ودوليا بقوى الإسلام الهجومي.. لقد اتسعت الحرب الأهلية على يد هذا النظام فتعددت جبهاتها جنوبا وشرقا وغربا، وتشكل تركته في الحرب الأكبر فداحة من ناحية المرارات والقتلى والرقعة، فهل يكفر عن تلك الفواحش بالإقدام على عمليتي السلام العادل والتحول الديمقراطي بقلب سليم ومراجعة حقيقية لا ظاهرية للخطاب القديم؟. وعلى يد هذا النظام شهدت البلاد أسوأ الأوضاع لعلاقاتها الخارجية الإقليمية والدولية. وصار الجواز السوداني هو الأفضل لنيل فرص إعادة التوطين في دول اللجوء الغربية – عطفا على الشعب المقهور- فيتكالب عليه الناس من الجنسيات الأخرى من جيران السودان للإفادة من ذلك العطف، كما صار هو الأسوأ للمواطن السوداني الذي يتهم في المطارات ومختلف المرافق بالإرهاب، فقد كانت حكومة السودان في وقت ما كريمة في إعطائه لكل حلفائها المتشددين عبر العالم. ..هذا بعض ما قدمته الديكتاتورية الباغية للسودان. الحرب الأهلية الحرب الأهلية داء مستفحل الآن في إفريقيا. لقد بدأت إفريقيا بعد الاستقلال بداية خاطئة، وفي واقع الأمر فإن بعض الدول الإفريقية قد انهارت فعلا، والسودان يتهدده هذا المصير المشئوم. الحرب التي بدأت عام 1963 وكانت نزاعا محليا محدودا في عقدها الأول حتى عام 1972م،وأضحت سلاما باردا في عقدها الثاني حتى عام 1982م تحولت إلى نزاع أخذ بعدا إقليميا في عقدها الثالث،ولكن ومنذ أوائل التسعينيات حتى اليوم استفحلت الأمور وتردت إلى درك الحرب الأهلية الشاملة التي تلقي بظلالها على كل القارة..أدرك الموت في هذه الحرب أكثر من مليون نفس، وأعاقت مئات الآلاف من السودانيين شيبا وشبابا ونساء وأطفالا، وشردت 3 ملايين نزحوا إلى مناطق أخرى داخل السودان، ولجأ أكثر من مليون شخص إلى الخارج، ودمرت البني الأساسية المادية والاجتماعية لكثير من أجزاء الوطن المنكوب. تضم أفريقيا في أحشائها 5مليون لاجئ أفريقي اليوم، أما عدد النازحين في إفريقيا فيقدر بـ 15 مليون تزيد أو تنقص قليلا.ويقدر عدد اللاجئين السودانيين في إفريقيا والأجزاء الأخرى في العالم بثلاثة ملايين، بينما يقدر عدد النازحين السودانيين بخمسة ملايين.. هذا العدد الضخم من اللاجئين والنازحين في السودان يظهر حجم الكارثة الإنسانية في السودان. لقد ساهمت السياسة البريطانية بعدة مواقف في تكوين أو تعقيد مسألة الحرب في الجنوب: سياسة المناطق المقفولة للجنوب منذ عام 1918م، ثم التغير المفاجئ من سياسة المناطق المقفولة والتخطيط لإلحاق الجنوب بشرق ووسط إفريقيا في 1947م، هذا غير مساهمتها في إلقاء الريبة في نفس الشريك المصري تجاه الجنوب وإمكانية عرقلة السودان لحصول مصر على حصتها من ماء النيل، يفسر هذا العامل الأخير موقف مصر غير المتفهم لأي مفاوضات عن تقرير المصير بين السودانيين واعتبار ذلك خيانة لمصر!. وساهمت الرؤية الشمالية للسياسات البريطانية وللتنوع الثقافي باعتباره عارض بسبب تلك السياسات يزول معها، ومحاولة الأنظمة الوطنية السودانية المتعاقبة -مع اختلاف في الدرجة- لتوحيد الهوية السودانية حول العروبة والإسلام..ساهمت هذه العوامل في تعميق الخلاف. وكانت إضافات الأنظمة الديكتاتورية لأوار الحرب أوقع كما أشرنا آنفا. والنتيجة أن الحرب الأهلية هي النزيف البشري والمالي والمعنوي السوداني الذي يوشك بالبلاد الآن على الانهيار.. على هذه الحرب أن تقف عبر مشاكوس أو غيرها..وبأي ثمن، حتى ولو كان تقرير المصير!. غير أن الوطنيين المخلصين يعملون على ألا يكون الثمن وحدة البلاد ليس برفض تقرير المصير بل بأن يهندس تقرير المصير بصورة تؤدي للوحدة. حزب الأمة المتجدد الأحزاب هي قنوات المشاركة الشعبية، ومنابر تحديد الخيارات أمام الشعب، وأدوات التنافس الديمقراطي، والجهات المساءلة عن الأداء السياسي، وحوض تفريخ الكوادر القيادية. لذلك لا مشاركة شعبية بدون أحزاب سياسية. ولا ديمقراطية بدون مشاركة. كل نزعة لإلغاء الأحزاب السياسية هي نزعة لتكريس القرار السياسي في حزب واحد أو في شخص واحد.. إنها نزعة لإلغاء الآخر. الأحزاب يمكن أن تكون قوية أو ضعيفة، صالحة أو فاسدة، ولكنها ضرورة سياسية. وبقدر نجاحها في استقطاب قواعد شعبية تنال الشرعية السياسية. لذلك كانت ولا زالت الأحزاب السياسية ذات الشعبية الواسعة هدفا لمغتصبي السلطة من الانقلابيين فإنهم لفقدانهم الشرعية يحاولون خلق شرعية لأنفسهم عن طريق: إدعاء أنهم الأقدر على تحقيق المطالب الشعبية بوسائل ثورية مجسدة في أطروحة أيديولوجية - وإدانة الأحزاب السياسية مستودع الشرعية بأنها عاجزة أو طائفية، أو تقليدية. لقد أثبتت الدراسات الموضوعية بما لا يدع مجالا للشك أن أداء الأنظمة الديمقراطية أفضل من أداء الأنظمة الشمولية. إن الهجوم على الأحزاب حيلة مكشوفة يلجأ إليها المتسلطون لتبرير تسلطهم. لقد لعب حزب الأمة أدوارا مهمة في تاريخ السودان، وكان وراء أهم القرارات التي شكلت تاريخ السودان الحديث ابتداء من قرار السودان للسودانيين، إلى قبول التدرج الدستوري، إلى قرار الاستقلال. وغيرها. و استطاع أن يكون الرقم الانتخابي الأول في كل انتخابات عامة حرة أجريت في السودان. كما كان الرقم المعارض الأول لكل النظم غير الديمقراطية التي حكمت السودان فقام بدور هام في هدم شرعيتها والتعبئة الجماهيرية ضدها، وفي كتابة الوثائق الأساسية التي قوضتها: ميثاق أكتوبر، وميثاق رجب/ أبريل، ومواثيق التصدي للنظام الحالي في السودان. هذا الثقل التاريخي لم يدفع بالحزب للرضا عن الذات والترهل، بل: · نال حزب الأمة في أول انتخابات عامة خاضها (في 1953م) 21 مقعدا بينما نال منافسه الأول الحزب الوطني الاتحادي 42 مقعدا. وبعد ثلث قرن من تلك الانتخابات أجريت انتخابات عامة حرة -هي الأخيرة- في 1986م- نال حزب الأمة فيها 105 مقعدا بينما نال منافسه الأول الحزب الاتحادي الديمقراطي 64 مقعدا.. هذا معناه أن حزب الأمة تطور مع الزمن. فلو كان حزبا معتمدا على الولاء الوراثي لكان تآكل مع الزمن. · كانت ثورة أكتوبر 1964م محطة تاريخية فيها انتقلت الراية في كثير من المجالات من جيل إلى جيل. وفيها برز الدور السياسي لأحزاب القوى الحديثة (الحزب الشيوعي، وجبهة الميثاق الإسلامي).. الحزب السياسي الكبير الوحيد الذي جرى فيه أكبر انقلاب سياسي ديمقراطي لصالح جيل جديد هو حزب الأمة. انتخب الحزب قيادة جديدة من جيل جديد بدعم قاعدي عريض رغم تحفظ القيادات التقليدية في الحزب. · ومنذ تجديد تأسيسه للمرة الثالثة في عام 1985م وعقد مؤتمره العام في عام 1986م التزم الحزب نهجا واضحا بحيث صارت قياداته كلها منتخبة. كما أن نوابه في الجمعية التأسيسية كانوا جميعا مرشحين من اللجان القاعدية في الدوائر دون تدخل مركزي. · منذ قيام نظام "الإنقاذ" قاد حزب الأمة الجهاد المدني في الداخل. وتولى أهم الخطوات في هندسة التجمع الوطني بالخارج وفي تزويده بأفكار هامة لصياغة وثائقه التاريخية. · وحزب الأمة هو الذي عقد أوسع المشاورات في الداخل رغم ظروف القمع الشديدة. وعقد أكبر عدد من المؤتمرات بالخارج بلغت أربعة مؤتمرات. وعقد أكبر عدد من ورشات العمل الفكرية –أكثر من 20 ورشة عمل- وكان الحزب الأكثر مشاركة في كل أنشطة منظمات المجتمع المدني السوداني. · وحزب الأمة هو الحزب الوحيد الذي دعا للتأصيل الديمقراطي بشكل جاد فرفع الشعار الإسلامي مع تمسك أصيل بالديمقراطية والحريات الأساسية واعتبارهما آليات تنزيل الحرية والشورى والعدل: أهم الفرائض السياسية في الإسلام. · وحزب الأمة هو الأكثر أرشفة وتوثيقا من بين القوى السياسية بما في ذلك الأحزاب العقائدية. · وفي ظروف المحنة كان حزب الأمة من أكثر القوى السياسية استجابة مبدعة للمستجدات. تجلى ذلك في عدد من المواقف منها: * إعلان الجهاد المدني وقيادة أكبر حملة داخلية لتعرية النظام ومشروعه الحضاري والحكم عليه فقهيا. * عملية تهتدون التي شكلت صفعة أمنية وسياسية للنظام. * تكوين جيش الأمة للتحرير. إن ظروف الشمال مع رفضها في الغالب للنظام الحاكم ليست ثورية مثلما هي ظروف الجنوب، لذلك لم تهرع الجماهير في الشمال لحمل السلاح بل أدرك كل الذين حاولوا استقطاب قوى بشرية في الشمال للقتال مدى الصعوبة في ذلك. مع ذلك استطاع حزب الأمة أن يكون القوة العسكرية الثانية بعد الجيش الشعبي وأن يفوقه من حيث أنه استحدث وسائل تحرك سريع، وشبكة اتصالات لاسلكية حديثة، وقوة نارية متفوقة. وابتدع جيش الأمة أسلوبا فعالا مختلفا عن النمط التقليدي الذي درج عليه الجيش الشعبي.. أسلوب التسرب والتحرك من وراء خطوط العدو. · وكون حزب الأمة وحدة للمعلومات والإعلام الإلكتروني في يونيو 1999م. وكان سباقا في اقتحام هذا المجال التحديثي بريادة كوكبة من الشباب النابه. وقبل ذلك كان الحزب أول حزب سوداني يصمم موقعا على الإنترنت وذلك عام 1996م. · قراءة المستجدات قراءة مبكرة وتبني الحل السياسي الشامل في الوقت الذي بدا فيه أن المواجهة قد أثمرت انفراجا سياسيا في الداخل مثلما أثمرت خطا ضيق فرص العمل المضاد للنظام في الخارج. رفع الحزب في هذه الفترة شعار "الطريق الثالث" لتجاوز المعارضة الحربية أو الانخراط في النظام، كسبيل لتوحيد الجميع حول الأجندة الوطنية. .. لقد تميز حزب الأمة بغزارة ورصانة الإنتاج الفكري وبالمصداقية وبالديمقراطية والحس الوطني والرصيد النضالي وبالقراءة الصحيحة للمواقف وبالحس التاريخي والاستفادة من عبر الماضي وبالقدرة على ممارسة النقد الذاتي ومراعاة آداب الاختلاف الفكري والسياسي وهذه هي المقاييس التي تقاس بها القوى السياسية. إن أهمية حزب الأمة لا تكمن فقط في تلك الإنجازات ولكن أيضا في كونه صمام أمان لوحدة واستقرار السودان : فهو يشكل أكبر حلقة وصل بين سودان وادي النيل والسودان الغربي. وأكبر حلقة وصل بين الشمال والجنوب. وهو الذي تتعايش فيه في انسجام القوى التقليدية والقوى الحديثة. وتتعايش فيه في تكامل وانسجام الأجيال المخضرمة والأجيال الشابة. وهو الذي تميزت ممارسته: بعفة اليد، واستقلال القرار الوطني والنهج القومي والمبادرة الوطنية. وهو الذي يشكل الآن رابطا بين سودان الداخل وسودان المهجر لثقل عضويته في كل منهما. وهو الذي يبشر بغرس الفكر العادل نوعيا داخل الثقافة التقليدية وداخل المؤسسات التقليدية. حزب الأمة والوثبة الجديدة لبناء الوطن: مر ربع قرن من الزمان ما بين تكوين الأحزاب السياسية السودانية في الأربعينيات وثورة أكتوبر 1964 ، وظهرت مستجدات كثيرة لذلك أدت ثورة أكتوبر إلي قيام حركة تجديد واسعة في كثير من الكيانات السياسية. وكالعادة جسد حزب الأمة هذه التطلعات بصورة واضحة: أولاً: كان التوجه المحافظ في أوساط حزب الأمة بعد سقوط الديكتاتورية الأولي في أكتوبر 1964 أن يجري تشاور محدود ثم تقوم القيادة بتعيين رئيس حزب الأمة وأمينه العام ومكتبه السياسي. لكن رأياً تجديدياً قام علي دعوة من بقي حياً من مؤسسي الحزب وممثلين لكيان الأنصار وللكيانات القبلية وللقوي الحديثة ليشكلوا اجتماعا تأسيسياً ثم يخاطبهم الإمام الهادي ويكلفهم بتجديد تكوين الحزب علي أساس ديمقراطي بحيث ينتخبون رئيسه وأمينه العام ومكتبه السياسي. وقد كان. ثانياً: استوعبت القيادة المنتخبة المستجدات وقدمت مشروع برنامج درسه ثم أجازه المكتب السياسي تحت عنوان "نحو آفاق جديدة". نحن الآن في هذا العام 2003 يفصل بيننا وبين المؤتمر العام السابق في 1986 سبعة عشر عاماً ظهرت فيها مستجدات كثيرة داخلية وإقليمية وعالمية. المستجدات على الصعيد الداخلي: حدثت في هذه الفترة مستجدات داخلية كثيرة أهمها ما جاء نتيجة لسياسات نظام الإنقاذ. وهي: أ. اتساع الحرب الأهلية لتشمل أربع جبهات: جنوبية- شرقية شمالية - شرقية جنوبية - غربية. هذه الجبهات مرتبطة ببعضها بعضاً وكذلك بالخارج إقليمياً ودولياً. ب. تضخم عدد النازحين داخل البلاد وعدد اللاجئين خارجها فراراً من الحرب الأهلية أو من القهر أو من الفقر مما جعل للسودانيين وجوداً كبيراً في المهجر في أركان الأرض الأربعة. ج. حدثت متغيرات ديمغرافية كبيرة تمثلت في: · زيادة نسبة الشباب. · تمدد الحضور النسوي. · النزوح من كثير من الأقاليم بسبب الجفاف أو انهيار الخدمات. · تضخم سكان المدن سيما العاصمة بصورة مرضية أدت إلى ترييف العاصمة. د. حدة التفرقة الاجتماعية بسبب الخلل في التوازن التنموي، وتصفية دولة الرعاية الإجتماعية، وآثار الخصخصة، وزيادة نسبة العطالة، مما خلق استقطاباً حاداً عزز الآثار الأحادية الثقافية وأدى لتغذية احتجاج المهمشين. ه. الحرص علي خطاب إسلاموي حزبي حاد خلق استقطاباً داخل الجسم الإسلامي بين المفاهيم الإسلامية الوافدة والمستوطنة. و. الخطاب الإسلاموي الحزبي الحاد خلق مزيداً من الإستقطاب الإسلامي العلماني المعهود. ز. الخطاب الإسلاموي الحاد في بيئة قام فيها توازن لطيف بين المسلمين والمسيحيين أدى لظهور إحتجاج كنسي واسع النطاق. ح. الخطاب الثقافي الأحادي الإسلامي العربي أثر في العلاقات الإثنية السودانية وادي لإحتجاج إثني إفريقوي واسع النطاق. ط. الاحتجاجات الكنسية، والإثنية، وتداعيات الحرب الأهلية، والتعديات علي حقوق الإنسان ولجوء عدد كبير من السودانيين المتظلمين للخارج هي العوامل التي أدت لظهور لوبيات في أكثر بلدان الغرب معنية بالشأن السوداني ومحتضنة تلك الإحتجاجات. لوبيات تمد هؤلاء بدعم معنوي ومادي واسع. ي. تداخل التحركات السياسية بين السودان وجيرانه بصورة لم تعهد بهذا النوع والحجم في الماضي خلق واقعاً إقليمياً جديداً يؤكد تأثير السودان وتأثره بما يجري في كثير من دول الجوار. ك. إعلان النظام للجهاد وما صحبه من ردود فعل وتعدد آليات العمل العسكري المؤيد للنظام والمعارضة له وسع نطاق التدريب العسكري والتسليح في السودان وبث ثقافة عنف واسعة النطاق. المستجدات على الصعيد الإقليمي أ. تجربة إفريقيا المريرة مع النظم الإستبدادية أدت في إفريقيا مثلما أدت قبل ذلك في أمريكا اللاتينية إلي تبين قيمة الديمقراطية وحتميتها مما جسدته الشراكة الجديدة من أجل التنمية (النيباد). ب. والنقد الحاد لكثير من نظم الحكم في العالم العربي لا سيما النقد الموضوعي الذي جاء في تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية بعنوان التنمية البشرية في العالم العربي في 2002م، أن العالم العربي يحتاج إلى الحكم الصالح القائم علي المشاركة، والمساءلة، والشفافية- أي الديمقراطية. المستجدات على الصعيد العالمي أ. الحقائق التي تأكدت لكثيرين بأن للإرهاب الدولي جذوراً ومصادر وأن القهر من مصادره الهامة. ب. العولمة التي ربطت العالم وصارت معها الحكومات تحت رقابة عالمية مباشرة، وصعبت مهمة كتم صوت الشعوب بالنسبة للديكتاتوريين. ج. قيام منابر عالمية تدعو للربط بين الديمقراطية والمساعدات الاقتصادية –مثلا اتفاقية كوتونو مع الاتحاد الأوربي. د. تصاعد الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان وبالديمقراطية، وزيادة المنظمات والمؤسسات العاملة في هذا الصدد. ه. أحداث 11 سبتمبر وما تلاها والوضع الذي أملته على العالم عامة، والمواجهة بين تيار الاستعلاء في الحضارة الغربية من جهة، وتيار الانكفاء في العالم الإسلامي والحكومات المستبدة من جهة أخرى.. هذه المواجهة التي جعلت العالم العربي والإسلامي أمام ثلاثة خيارات عديمة الكسب: التدخل الأجنبي أو الانكفاء الطالباني
05-17-2003, 03:50 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
أو التسلط الدكتاتوري، مما أبرز ضرورة إيجاد خيار رابع كاسب هو حكم الشعوب لأنفسها. هذه العوامل جميعها أدت إلي إعلاء شأن الديمقراطية. القوي السياسية الواعية المواكبة لحركة التاريخ هي التي تستطيع مخاطبة هذه المستجدات بجدية. إن حزب الأمة وقد جسد تطلعات شعبه في المراحل الماضية كما أوضحنا يتطلع لتجسيدها في هذه المرحلة التاريخية الحرجة. لقد عمل حزبنا في عمل دؤوب امتد إلي أكثر من عام لإعادة تنظيم صفوفه بصورة ديمقراطية قومية واسعة كما عكف عبر لجان وورشات عمل علي دراسة كافة مشاكل البلاد فأدى هذا الجهد المتصل للدعوة لهذا المؤتمر العام الجامع لانتخاب أجهزته وفق الهيكل الجديد الذي سوف يقره بعد دراسته، ولدراسة هذا البرنامج ثمرة الجهد الجماعي الكبير. هذه التجربة بهذه الدقة والشمول لم تعهد في الحركة السياسية السودانية لا بل ولا في إفريقيا والعالم العربي. هذه التجربة هي ثقافة سياسية غير مسبوقة نخاطب بها المرحلة الجديدة لبناء الوطن. إنها ثقافة سياسية جديدة. بعد هذه المقدمة نقول إن البرنامج المطلوب لمخاطبة المرحلة القادمة يتكون من اثني عشر ملفا: البطاقة الفكرية - السلام العادل- الآلية الانتقالية- التنمية المستدامة - الاستثمار البشري: الخدمات - التنمية الاجتماعية - الديمقراطية المستدامة - نظام الحكم - الخدمة المدنية - القوات النظامية - العلاقات الخارجية - والثقافة والإعلام.
الملف الأول: البطاقة الفكرية رؤى الحزب الفكرية منذ تكوينه تشكلت أول رؤية فكرية للحزب حول مقولة "السودان للسودانيين" متحدية الاستعمار الثنائي بشقيه: الأطماع البريطانية من جهة ومقولة الاتحاد تحت التاج المصري من جهة أخرى، وتركزت داخل المبادئ الاثني عشر المضمنة في مذكرة الخريجين لعام 1942م والتي كانت تطالب بالحكم الذاتي وبجملة مطالب تنموية وتعليمية وتضاد سياسة المناطق المقفولة في الجنوب. وفي 1953 حمل الحزب شعار "إعلان الجمهورية"، وفي 1957م كان شعاره "بناء الوطن"، وكانت القفزة الفكرية الأولى للحزب هي ما بعد ثورة أكتوبر 1964م حيث أصدر برنامجا بعنوان "نحو آفاق جديدة" يستصحب فيه المستجدات ويتبنى مسألة التنمية المتوازنة والوعي بالتنوع الثقافي والديني والمظالم التنموية في المناطق المهمشة. بعد انتفاضة رجب أبريل 1985م أصدر الحزب "نهج الصحوة" كبرنامج انتخابي احتوى على رؤية فكرية تدعو لقراءة معينة للإسلام والقومية والأفريقية وتبشر بصحوات إسلامية وتنموية واجتماعية.. وقد واصل الحزب عطاءه الفكري في حقبة "الإنقاذ" فشارك في بلورة الرؤية الفكرية التي التفت حولها التنظيمات السياسية السودانية المعارضة "مقررات أسمرا للقضايا المصيرية" كما حاور النظام فكريا ووصل معه لبرنامج حد أدنى " نداء الوطن".. وأثرى الحزب المكتبة الفكرية والسياسية السودانية بالعديد من المطبوعات من كتب لوثائق لمقالات وساهم في حركة تبادل الآراء داخل وخارج البلاد وكان آخر ما سعى له الحزب في هذا الصدد هو تجميع القوى السياسية في الحكم والمعارضة حول مبادرة التعاهد الوطني: ملامح فكر حزب الأمة: q الدعوة لسيادة الشعوب فلا تخضع للوصاية الخارجية -التبعية أو الاستعمار- أو الوصاية الداخلية -الدكتاتورية العسكرية أو المدنية- والاعتراف بالشرعية الديمقراطية كأساس لنظام الحكم. q القومية، والدعوة لتجميع الآراء حول برنامج حد أدنى يتفق عليه الجميع لبناء الوطن. q التأصيل والتحديث بشكل يرفض الانكفاء على المعارف التقليدية ويرفض الاستلاب للرؤى الخارجية. q التكامل والتوازن، والدعوة لمراعاة كافة حاجات الإنسان فلا يغرق في الاهتمام بالجانب الروحي فقط- كما تفعل بعض الجماعات الدينية- أو بالجانب المادي فقط –كما بشرت بعض الفلسفات، أو الجانب الاجتماعي فقط .. فالإنسان له عشر حاجات هي: الروحية، الخلقية، المعرفية، المادية، الاجتماعية، الفنية، العاطفية، البيئية، الرياضية، الترفيهية. ينبغي إشباع تلك الحاجات بصورة متوازنة، وتراعي كل البرامج والسياسات التي تهدف للرقي بالإنسانية هذه الحقيقة. q العدل: الدعوة للعدل الاجتماعي، والسعي لإنصاف الشرائح المستضعفة، ورفع المظالم عن المناطق المهمشة. والدعوة للعدل الإنساني فلا يظلم الرجل المرأة ولا يظلم البالغ الطفل. q التطور: تطور الأطروحات السياسية وتجددها تبعا للمتغيرات. منطلقات الانتماء الحزبي: تنطلق الرؤية الفكرية للحزب من نظرة لدور الإنسان في عمارة الأرض، واعتراف بحاجات الإنسان العشرة -الواردة أعلاه- الواجب إشباعها، وتأمين على ضرورة الانتماء المشترك (للجماعة الحزبية، وللقومية الوطنية، ولحلقات الانتماء الإقليمية، وللإنسانية العريضة) كأساس للالتفاف حول مبادئ معينة والعمل من أجلها. إن انتماءات الإنسان التي تلزمه ذاتيا وتفسر تحركاته تقع في ثلاثة محاور: المحور الأول: يتعلق بالولاءات الدينية والإثنية والثقافية الموروثة. المحور الثاني: يتعلق بالأيدلوجية التي يؤمن بها الإنسان. المحور الثالث: يتعلق بالمصالح الفردية أو الطبقية التي يسعى الإنسان لتحقيقها. عندما أطلت الثورة الصناعية في أوروبا الغربية ونما النظام الرأسمالي بدا كأنما النظام الجديد سوف يطرد كافة الولاءات الموروثة الدينية والقومية لتصبح انتماءات الإنسان طبقية أو أيدلوجية تحددها أيدلوجيات تخدم المصالح الطبقية.. هذا التصور افترضته الأيدلوجية الماركسية- وبنت عليه تصوراتها لمستقبل الإنسان وسارت بهديه الكتلة الشرقية طيلة الفترة (1919-1991م). تصور آخر إن انتماءات الإنسان سوف تهددها يد السوق الرأسمالية الخفية، وليس ببعيدة عنا أطروحة "نهاية التاريخ أو خاتم البشر " التي صكها فرانسيس فوكوياما التي افترضت إن مستقبل الإنسانية قد صب على القالب الرأسمالي الغربي. لقد شهد القرن العشرين أضخم صراع عرفته الإنسانية بين المجتمعات الإنسانية الأكثر تملكا للقدرات المادية على أساس أيدلوجي وطبقي. وبعد حمامات دم أودت بملايين الأرواح وحطمت العمران على نطاق واسع في الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) ساد العمران نظام عالمي مستقطب بين النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي فخاض الحرب الباردة (46-1991م) على أساس صراع أيدلوجي ومصلحي كلف الإنسانية من الدموع والدماء والأموال تكاليف غير مسبوقة. وبعد الحرب الباردة ظهر واضحا أن انتماءات الإنسان الدينية والقومية والثقافية لم تمت كما كان متوقعا بل برزت أهمية الانتماء الديني كمحرك فكري واجتماعي للبشر وتمددت ظاهرة الأصولية الدينية فعمت كل الأديان. والسبب الدافع لها هو تمسك الجماعات الدينية بعقائدها وقيمها الخلقية في وجه هجمات فكر وثقافة علمانية نافية لها. وفي تقرير لجنة الجنوب - أي جنوب الكرة الأرضية - التابعة للأمم المتحدة عن التحدي للجنوب في عام 1990م، جاء ما فحواه أن التنمية في بلدان الجنوب أخفقت لأنها لم تراع الجوانب الثقافية في تكوينات هذه المجتمعات. وفي نوفمبر 1995م جاء تقرير اللجنة العالمية للثقافة والتنمية المعنون " تنوعنا البشري الخلاق" النص الآتي: إن مجهودات التنمية غالبا ما أخفقت لأن العامل البشري: تلك الشبكة من العلاقات، والمعتقدات، والقيم، والدوافع التي تجسدها الثقافة- قد أهمل في التخطيط للمشروعات المختلفة. وجاء في التقرير: إن تقرير لجنة برندلاند قد أشار لأهمية العلاقة بين التنمية والأيكلوجيا، ولأسباب مماثلة ينبغي أن نراعى العلاقة بين الثقافة والتنمية. ولأهمية الجانب الثقافي في حياة الإنسان اقترح التقرير أن يراجع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لإضافة الحق الثقافي إليه. جاءت الأحداث التي صحبت انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة فظهر فيها وزن الانتماءات الدينية والاثنية والثقافية فأدى ذلك لتحليلات جسدها الكاتب الأمريكي صمويل هنتتجتون في كتابه "صدام الحضارات، وإعادة تكوين النظام العالمي" خلاصة أطروحته: إن السياسة الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة سوف تدور حول الحضارات وعلاقاتها تنازعا، وتعاونا، وتنافسا، وصداماً". لا يوجد مقياس واحد لسلوك الإنسان. نعم سيكون للانتماءات الدينية والثقافية المكونة للحضارات دور في تشكيل العلاقات بين المجموعات البشرية كما سيكون للمصالح والأيدلوجيات دورها. وبالنسبة لحزب الأمة فقد قام في منشئه على تحالف بين قطاعات مختلفة جذب بعضها للحزب انتماءه الديني المرتبط بالمهدية أو المصلحي المرتبط ببعض القبائل أو الأيدلوجي الداعي للاستقلال لدى بعض الخريجين. الإنتماء لحزب الأمة ويفتح الحزب الآن أبوابه على مصراعيها ليشكل بحق "مسار الوسط" السوداني الرابط بين سوداني النيل والغرب، وسوداني الشمال والجنوب، وسوداني التقليد والحداثة، وسوداني الداخل والمهجر وسوداني المرأة والرجل، وسوداني الشباب والمخضرمين. فكر حزب الأمة في المولد الجديد: بلدان عالم الجنوب تتطلع للنهضة واللحاق بالركب العالمي.. هذه النهضة مربوطة بواقع عالمي معين وآخر إقليمي، ولكنه يبدأ بصحوات ذاتية في تلك البلدان. وفي السودان فإن المولد الجديد مرتبط بصحوة ذاتية للسودانيين تحت ثنائيتين هامتين: ثنائية التحديث والتأصيل. وثنائية الوحدة والتنوع. إن الخريطة الفكرية للحزب في المولد الجديد تحاول الإجابة على الأسئلة التالية: ما هو الواقع العالمي المطلوب؟ وما هو الوضع الإقليمي المنشود؟ وما هي مقومات الصحوة الذاتية؟ المحور الأول: الواقع العالمي: في أعقاب نهاية الحرب الباردة تشكل النظام العالمي الجديد الذي وجدت فيه أطروحة "صدام الحضارات" تربة خصبة مع نهاية الثنائية القطبية والبحث عن منطق عالمي جديد. وتصاعدت الأصوات التي ترشح الصدام المحتمل أن يدور بين حضارتين بالذات هما الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية.. لماذا؟ أولا: ميزات خاصة بالحضارتين عن غيرهما: أنفردت الحضارتان الإسلامية والغربية بثلاثة أمور هامة هي: الأول: الانتشار السريع، والثاني: تجاوز الهوية إلى العالمية. الثالث:إنهما اشتملتا على محتوى سياسي بينما اكتفت الحضارات الأخرى بأن استقرت في الوجدان الروحي والخلقي والثقافة الفنية.. هذه الصفات المشتركة جعلتهما متنافستين وأعطت التنافس بينهما خصوصية، وجعلت مستقبل الصدام والوئام بين الحضارات يدور حول مستقبل العلاقة بينهما. ثانيا: تاريخ العلاقة بين الحضارتين: أيضا، تاريخ العلاقة بين الحضارتين يشكل طينة صالحة لمنطق الصدام.. لمدة ألف عام كانت القوة السياسية والعسكرية الإسلامية خطرا مباشرا على وجود واستقلال دول أوروبا الغربية. ومع محافظة دول أوروبا على استقلالها السياسي والعسكري، فإن فكرها وثقافتها وحضارتها استمدت كثيرا من عناصرها ومكوناتها من الحضارة الإسلامية. لهذه الأسباب صارت نظرة الحضارة الغربية للحضارة الإسلامية محملة بأعباء وخصوصيات وآراء ومشاعر مختلفة عن رؤيتها لأية حضارة أخرى. كما شهد تاريخ العلاقة بين الحضارتين أيضا الحروب الصليبية التي ارتكب فيها القادة الأوروبيون أفظع الجرائم بحق العرب والمسلمين، ثم الاستعمار الأوروبي للعالمين العربي والإسلامي وما فيه من مظالم واستغلال.. تاريخ يغذي مشاعر العداء المشتركة. مشاعر تؤججها تيارات الاستعلاء في الغرب وتيارات الانكفاء في العالم الإسلامي. إن العالم لا يشكل –في أي من بقاعه- كيانات مقفلة، ففي الغرب تيارات مستنيرة تدرك مصلحة الإنسانية ومصلحتها المستدامة في العدل العالمي والتعاون والحوار، بجاب تيارات الاستعلاء والهيمنة عالية الصوت. وفي العالم الإسلامي تيارات مستنيرة تدرك أن مصلحة شعوبها والعالم في سيادة منطق الحوار والتحديث المؤصل، إلى جانب تيارات الانكفاء التقليدية التي تؤجج منطق الصدام، وتيارات الاستلاب التي تدعو للتبعية للغرب وقبوله "بخيره وشره". أحداث 11سبتمبر وما بعدها: لقد شكلت أحداث 11 سبتمبر الفالقة والفارقة لدى الكثيرين مصداقا لنبوءة "صدام الحضارات" إذ اندفعت الولايات المتحدة الأمريكية في حرب افغانستان (بتاريخ 7أكتوبر 2001م) فلم تكتف برد العدوان وتعقب الجناة بل خرقت قوانين الحرب العالمية وقصفت بدون تمييز للمدنيين. كما أنها وحلفائها تدخلوا –بعد نهاية الحرب- في تشكيل الحكم الأفغاني بحيث تم إقصاء القوى الإسلامية التقليدية ودفعها لمعسكر طالبان، وجيء بنظام حكم لا يعبر عن التركيبة الأفغانية بقدر ما يعبر عن الأماني الغربية. وفي الساعات الأولى من صباح الخميس 20مارس 2003م بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها حرب العراق الأخيرة بحجة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وبدون الرجوع للشرعية الدولية، وانقسم الشارع العربي والإسلامي إلى تيار شعبي عارم يرفض الحرب ويقف مدافعا عن النظام العراقي بشكل عاطفي متأجج، يقف أو يتقاطع معه التيار الذي أيد من قبل طالبان وحمل صور بن لادن على الرؤوس، ثم تيار لا يرى بدا من التدخل الأجنبي مهما كان مجردا من الشرعية الدولية طالما أنه سيخلص الشعوب من قهر الحكم الديكتاتوري المستبد. إن موقف الحزب الفكري والمبدئي من هذه الحرب هي أن كل الخيارات المتاحة الآن في الشارع الإسلامي والعربي (التدخل الأجنبي-الحكم المستبد - والانكفاء الطالباني) خيارات خاطئة، وأن على المسلمين إيجاد خيار رابع: خيار الشعوب والحكم الديمقراطي الخالي من الانكفاء الماضوي الطالباني، ومن التبعية الأجنبية، في ذات الآن. هذه الأحداث تضعنا أمام بيت الداء العالمي الآن: سيادة منطق الصراع. والمطلوب - لتجاوز ذلك المنطق وللعمل من أجل نظام عالمي أعدل وأفضل - عملية معقدة متشابكة يمكن الحديث عنها عبر: إصلاح النظام العالمي الذي تتحكم فيه الحضارة الغربية ثم الحديث عن المطلوب من الحضارة الغربية من جهة، والمطلوب من الحضارة الإسلامية من الجهة الأخرى. المطلوب لإصلاح النظام العالمي: أولا: تجاوز رواسب الحرب العالمية الثانية نهائيا وحسم كل المسائل المتعلقة بها فالذين كانوا يواجهون بعضا في خنادق الحرب اليوم أصدقاء في نطاق سلام واحد والمطلوب أن تقنن الحدود والحقوق نهائيا بحيث لا يسمح بالعودة لظروف ما قبل الحرب. القوى التي خسرت الحرب كألمانيا، واليابان، ينبغي ألا تعامل من الآن فصاعدا على أساس ماضيها ولكن على أساس وضعها الراهن فأجيالها الحالية لا تقبل أن تعاقب على جنايات أجيال سبقت وأي محاولة لفرض ذلك عليهم ستأتي برد فعل مضر للسلام العالمي. ثانيا: النظام الدولي الحالي الذي تجسده الأمم المتحدة نظام أقامه المنتصرون وهو نظام خطا بالعلاقات الدولية في الاتجاه الصحيح. ولكن ينبغي الآن على ضوء تجربة الخمسين عاما الماضية، وعلى ضوء آراء الذين لم يشاركوا فيه مشاركة تأسيسية من الدول التي هزمت ودول العالم الجنوبي، أن يراجع ليصبح بحق برلمانا دوليا. كما يراجع تكوين مجلس الأمن ليصبح أداة للسلام والتعاون الدولي عادلة التمثيل للأسرة الدولية. إن الفكر الليبرالي قد وضع مقاييس لكيفية النيابة والقيادة وهي مقاييس عادلة لا يجوز أن تكون المؤسسة الدولية الأولى نابية في تكوينها عنها. في هذا الصدد فإن العالم محتاج بحق إلى شرطة دولية وهو دور ينبغي ألا تقوم به أية دولة منفردة مهما عظمت قوتها ولكن تقوم به الدول ضمن ضوابط النظام الدولي والقانون الدولي. الدور واجب وإهماله تفريط في السلام الدولي وممارسته بضوابط عادلة ضرورة. ثالثا: لقد تطورت المنظمات المتخصصة للأمم المتحدة تطورا صحيا والتزمت بمقاييس التمثيل العادل مثل منظمة الصحة العالمية، منظمة الفاو، اليونسكو، وغيرها ولكن هذه المنظمات أقعدت بها الإمكانات المادية والفنية دون تحقيق درجات أعلى من العطاء. إن مرجعية نظام الأمم المتحدة بحيث يخرج عن كونه ظلا لهيمنة المنتصرين بعد الحرب العالمية الثانية سوف يوظف موارد مادية أوسع لتمويل المنظمات المتخصصة.. هنالك قضايا خطيرة جدا استجدت على الساحة الدولية وزاد خطرها مثل: الحروب الإقليمية –العنف الدولي- الدين الخارجي- المخدرات- تدهور البيئة- التوازن السكاني- الجفاف والتصحر- الفقر- الأمراض الفتاكة لا سيما الإيدز. هذه القضايا ينبغي علاجها في إطار دولي ليتعاون الجميع وفق رؤية متفق عليها لمواجهتها بحزم شديد وكفاءة عالية. رابعا: لقد لعب البنك الدولي دورا إيجابيا، كذلك صندوق النقد الدولي ومنظمة القات للتجارة العالمية. ولكن المطلوب تطوير هذه المؤسسات على نحو توصيات برانت- وزيادة- لتناول وحل مشاكل ما كانت في حسبان الذين خططوا لهذه المؤسسات. إن ثروة العالم اليوم قائمة على وجود نظام اقتصادي، ومالي، وتجاري، عالمي حر مستقر. إن النظام الحالي الذي يقعد به أنه منحاز لمصالح مخططيه. الآن توجد فرصة كما لم تكن في الماضي أبدا للتخطيط لنظام اقتصادي عالمي حر يرتضيه الجميع بعد أن يشاركوا في التخطيط له ويجنبوه مظالم وأخطاء التجربة التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية. خامسا: إن في عالم الجنوب في أمريكا الجنوبية، وفي بعض بلاد آسيا، وفي أفريقيا مشاكل تنموية من نوع خاص في كل إقليم منها بحيث أن أسوأها مشاكل أفريقيا جنوب الصحراء. هذه البلاد تعاني من مشاكل هيكلية لا يمكن حلها إلا في إطار تعاهد بين دولها وجهة دولية متخصصة ومؤهلة، ومشاكل استثمارية ينبغي حلها في إطار تفاوض بين الدول الفقيرة والشركات الاستثمارية العالمية للاتفاق على برنامج استثماري تقبل عليه الشركات وترتضيه الدول المعنية. المطلوب في هذا الصدد هو تكليف هيئة متخصصة مؤهلة لوضع أسس تتعاقد عليها الدول المعنية لإحداث حقنة تنموية لتعالج المشاكل المزمنة في العالم الجنوبي وتنتشله من الهاوية وتعده للمساهمة في بناء حضارة الإنسان. إن العالم الغني المستنير المدرك لوحدة مصير الإنسان مطالب بتطوير نظرته لمشاكل العالم الجنوبي على نمط الأسلوب الذي عالج به مظالم الفقر والتظلم الاجتماعي داخل مجتمعاته الوطنية. أي درجة من الاهتمام أقل من ذلك لا تجدي. سادسا: إن للقوة العسكرية حدودا في تحقيق الأهداف السياسية، هذا هو الدرس المستفاد من التجربة الأمريكية في فيتنام وروسيا في أفغانستان. ولا جدوى لسباق التسلح لأن ما تحقق من توازن الرعب جعل كل طرف قادرا على تحطيم الآخر ولا يستفيد البادئ بل كلاهما يواجه مصيرا واحدا هو الدمار الشامل النتيجة لن تكون غالبا ومغلوب ولكن مغلوبين. هذه الخطة ذات الستة أضلع هي الأرضية التي تمهد للحوار بين الحضارات بإنهاء أوجه الغبن التنموي والاستعلاء الغربي، ولكنها محتاجة لمتطبات ذهنية للغرب في قبول الآخر واحترامه واحترام دوره وطوعية خياراته الحضارية هي: المطلوب من الحضارة الغربية: أولا: أن يدرك الغرب ويعترف بأن الحضارة الغربية الحديثة مركبة ساهمت كل حضارات الإنسان السابقة لا سيما الحضارة الإسلامية في تكوينها. ثانيا: الاعتراف بأن الحضارات الإنسانية والثقافات الأخرى لها دورها في بناء حاضر ومستقبل الإنسانية، ولا يجوز التعامل معها ككائنات منقرضة أو في طريقها للانقراض الوشيك. ثالثا: التسليم بأن منجزات الحضارة الغربية الحديثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية التي نضج عودها في الغرب والصالحة لاستصحاب البشر لها في كافة البلدان، سيتم استصحابها برؤية ذاتية لا بالإكراه، والرؤية الذاتية هذه تشتمل على أقلمة ثقافية واجتماعية تحددها الشعوب المعنية باختيارها. رابعا: إدراك أن الظلم الاجتماعي على صعيد الدولة الواحدة مثل الظلم الاجتماعي على صعيد العالم. كلاهما يقوض الاستقرار والسلام. إن إزالة الغبن التنموي عن عالم الجنوب والسعي الحثيث لدعم التنمية في عالم الجنوب المتخلف ضرورة لحفظ السلام العالمي. خامسا: إقامة علاقة حوار إيجابي بالحضارات الأخرى عن طريق تبادل الآراء و التعليم المتبادل. سادسا: التواصل عن طريق حوار متكافئ قدر المستطاع للاتفاق على غايات إنسانية وأيكولوجية مشتركة. سابعا: إدراك أن الغرب كان سببا أساسيا في عدد من بؤر النزاع الساخنة مهما كانت مسئولية الأطراف المحلية عن استمرار تلك البؤر الملتهبة فإن اعتراف الغرب بدوره في تكوينها واستعداده للقيام بدور تكفيري في علاجها أمر هام وعتبة نحو علاقات دولية سليمة وسوية. ذلك النهج الغربي المطلوب يشكل لنا بيئة خارجية صالحة. ولكن الأهم منها أن يقف جميع أهل الحضارات وقفة صدق مع الذات يحاسبون أنفسهم ويحسبون أخطائهم لأن تجديد دورهم الفاعل في الحياة يبدأ بصحوة ذاتية. الواقع الإسلامي المطلوب: الواقع الإسلامي يتطلب صحوة ثقافية وعلمية تسفران عن أقلمة لمنجزات الحضارة الحديثة واستصحابها بصورة مؤصلة في العالم الإسلامي.. ويتطلب اتفاق حد أدنى للمسلمين حول أهم القضايا التي يختلفون حولها وتؤجج الصراع بينهم. مجالات الصحوة الثقافية: الصحوة الثقافية الإسلامية تشمل تغيير المفاهيم في ستة محاور: أ. مفهوم الإسلام إن اعتراف الإسلام بقيمة دينية للأديان الأخرى يعزز خصوصيته على مستوى أعلى من الفهم ولا يجحدها. ب. مفهوم المعرفة: الإسلام يذكر ويقر كل وسائل المعرفة الإنسانية: الوحي، الإلهام، العقل، التجربة. النظرة الصحيحة أن نقر وسائل المعرفة الأربع ونقول أن الإنسان يوفق بين نتائج معارفه المتعددة المصادر عن طريق ملكات وهبها الله للإنسان هي: الحكمة والميزان، والقسط. وهي ملكات لا مندوحة عنها للفلاح في الحياة. ت. مفهوم الأخلاق: الأخلاق هي مراجع النفس الإنسانية وركائز تماسك المجتمعات، الفكر العلماني يقيم الأخلاق على المنافع، والفكر الإسلامي المنكفئ يقيمها على أوامر الشارع ونواهيه فقط. الفهم الصحيح أن للأخلاق أسس موضوعية تبدأ في أدنى حالاتها بالمماثلة، وتتدرج سموا لتقوم على إثبات المعروف ونفي المنكر، وتسمو لتبلغ درجة الإيثار. هذه أسس موضوعية للأخلاق يقرها الشرع الإسلامي ويسبغ عليها قيمة روحية ويترتب على إتيانها جزاءا أخرويا ورضا إلهيا. ث. مفهوم الجهاد: الفهم الضيق للجهاد يجعله قتالا هجوميا.. الجهاد هو بذل الوسع كله لإعلاء كلمة الله في: نفس الإنسان (الجهاد الأكبر) وفي كل دروب الحياة: الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة، مغالبة الجهل والفقر والمرض، والقتال لاتقاء الفتنة في الدين أو للدفاع عن النفس والأرض والمال والعرض... الجهاد بهذا الفهم الواسع ليس حصة في الحياة إنه كل حياة المسلم، إنه رهبانية الأمة. ج. مفهوم الدولة في الإسلام: إن في الإسلام مبادئ سياسية وأحكاما ولكن ليس فيه شكل معينا للدولة. الدول التي حكمت المسلمين في الغالب كانت دولا استبدادية غير آبهة بمبادئ الإسلام السياسية - الشورى، والعدالة، والحرية، والوفاء بالعهد - حتى كاد أن يطوي تلك المبادئ النسيان. أما على الصعيد النظري فقد نشأت نظريات حول الدولة الإسلامية أهمها نظريتان: النظرية السنية، والنظرية الشيعية، هاتان النظريتان لا تصلحان أساسا لدولة عصرية. الدولة هي شعب وأرض وسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، بهذا الفهم لا توجد دولة إسلامية ملزمة للمسلمين، ولكن توجد مبادئ سياسية إسلامية.. إن مبادئ الإسلام السياسية تجعل المسلمين مسئولين عن اختيار الحاكم وهم مسئولون عن محاسبته أي أنه حاكم مدني مفوض أمره للجمهور. ح. مفهوم الاقتصاد الإسلامي: المشكلة الاقتصادية واحدة تتعلق بندرة السلع والخدمات وسعة حاجة الناس لهما. الإنتاج الذي تشترك فيه عوامل عديدة: الخامات، ورؤوس الأموال، والأيدي العاملة يسعى لإنتاج السلع والخدمات لكي تلبي حاجة الناس. عملية الإنتاج تواجه مشكلتين، الأولى: اختيار الاستخدامات البديلة للموارد والثانية: توزيع عائد الإنتاج بين العوامل المساهمة فيه. هنالك مبادئ إسلامية ذات محتوى اقتصادي كالتعمير والملكية والتكافل، وهنالك أحكام إسلامية ذات أثر اقتصادي كالزكاة وتحريم الربا، والمواريث، تحول دون تعطيل المال وتساهم في عدالة توزيع الثروة بين الناس. الكثير من أشكال الأحكام الإسلامية ذات المضمون الاقتصادي تحتاج للاجتهاد الذي يأخذ المستجدات في الحسبان ولكي تتحقق مقاصد الشريعة في ظروف العصر الحديث. مهام الفكر والأداء الاقتصادي الآن هي: تحقيق التنمية بمعدلات عالية – - العدالة الاجتماعية- وقيام علاقات اقتصادية دولية في كل المجالات تحقق مصلحة مشتركة لكل أطرافها. آلية الاقتصاد الحديث ستقوم بالدور الأهم في تحقيق التنمية ولكن التنمية تتوقف على دوافع سلوك العنصر البشري. الانضباط الخلقي والسلوك غير الاستهلاكي – وهما من شروط تحقيق التنمية - يعتمدان على قيم خلقية مستفادة من الإسلام.آليات التنمية تركز على الربح والتنافس ولكن العدالة الاجتماعية مطلوبة في حد ذاتها كقيمة خلقية وإنسانية، ومطلوبة لأنها شرط للسلام الاجتماعي وهي من العوامل الغائية التي يحث عليها الإسلام وتتطلبها النظرة الحكيمة للتنمية.. العلاقات الاقتصادية الدولية ينبغي أن تقوم على أسس مصالح متبادلة ومتكافئة، هذه المعاني تجعل العلاقات الاقتصادية الدولية مستدامة وهي تجد من الإسلام على قاعدة (لا تظلمون ولا تظلمون) سندا روحيا خلقيا. اتفاق الحد الأدنى الإسلامي: بعد تنفيذ شروط الصحوة أعلاه ينبغي أن تجتمع كافة التنظيمات والحركات والتيارات المستنيرة على اتفاق حد أدنى حول المعاني الآتية: أولا: الالتزام بالقطعي ورودا والقطعي دلالة من نصوص الوحي في الكتاب والسنة وتحرير الاجتهاد فيما سوى ذلك. ثانيا:الاتفاق مع الآخر المذهبي على القطعيات والتسامح معه حول الاجتهادات. ثالثا: الأحكام الإسلامية لا تطبق قهرا ولا ارتجالا بل تقننها مؤسسات منتخبة مستهدية باستشارات فقهية فنية. رابعا: ثلث المسلمين يعيشون أقليات في بلدان العالم وفي غالبية الأقطار الإسلامية توجد جماعات وطنية ذات أديان خاصة بها. المواطنون في هذه البلدان أهل عهد مواطنة على نمط صحيفة المدينة التي كتبها النبي (ص). المواطنون سواسية في عهد المواطنة. والتعامل بينهم يقوم على (لا إكراه في الدين) وعلى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن..الأية) خامسا: الجهاد قائم حتى قيام الساعة والجهاد هادف لتكون كلمة الله هي العليا. وهو قائم بكافة وسائل العمل. ولا يصبح قتالا إلا دفاعا عن النفس على أساس: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير). سادسا: العلاقات الدولية تقوم على العهد لا التفرقة بين دار سلام ودار حرب. والعهد يقوم على أساس: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) سابعا: نهضة العصر الحديث مؤسسة على ثلاث ثورات: ثورة سياسية حققت كفالة حقوق الإنسان والحريات العامة وثورة اقتصادية حققت التنمية وثروة معرفية حققت حرية البحث العلمي والتكنولوجي. هذه المنجزات ينبغي استصحابها في تحديث مؤصل وليس تبعيا.. ثامنا: العولمة هي المرحلة الحالية لتطور الإنسانية واستصحابها ضروري واحتواء سلبياتها مطلوب. تاسعا: هناك حقائق جديدة كالوطنية، والقومية، للوطنية دور إيجابي كأساس لتنظيم الأمن والتنمية والخدمات، كما للقومية دور إيجابي جمعي تنموي وثقافي. ينبغي التعامل الإيجابي مع الوطنية والقومية ورفض ما قد يلحق بهما من سلبيات نتيجة العصبية. عاشرا: وحدة المسلمين هدف مطلوب ويمكن أن يتحقق منه ما يتكامل مع المصالح الوطنية، والقومية والدولية. حادي عشر: الغرب ليس كومة صماء، على المسلمين إدراك الوضع الحالي بكل تناقضاته والسعي لإقامة العدالة فيه عبر الدعوة بصوت عال لإزالة المظالم الاقتصادية العالمية الاقتصادية التي تلحق بكل عالم الجنوب والسياسية التي تلحق بالمسلمين على وجه الخصوص.. هذه الدعوة يجب أن تتخندق مع كل يقظى الضمير في العالم، وأن تدرك أن في الغرب بؤرا مستنيرة ترفد دعوتها العادلة. ثاني عشر: الشريعة الإسلامية واسعة التطبيق علما بأن هامش الالتزام الإسلامي واسع: يمتد من "الجهر بالكفر" لـ "من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" إلى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" ويمتد من "فاتقوا الله ما استطعتم" إلى "اتقوا الله حق تقاته" ويمتد من "كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة" إلى "وجاهدوا في الله حق جهاده" ويمتد من "لكم دينكم ولي دين" إلى " ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه" ويمتد من تعليق أحكام الإسلام في ظروف معينة خوف الفتنة –مثلا رفع الجزية عن نصارى نجران لأسباب سياسية، وتجميد الحدود في عام الرمادة- إلى الالتزام الكامل بها. ويمتد من "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" إلى "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله". ويمتد من تخصيص النص بأسباب النزول أو بظروف معينة، إلى إطلاق النص. التطبيق المطلوب الآن هو ذلك الذي يراعي حقوق المواطنة للآخرين والمغايرة الدينية، ويستصحب مستجدات العصر، ويشرع بوسائل ديمقراطية. ثالث عشر: التعامل مع ظاهرة العنف والتطرف الديني يكون بإزالة المؤثرات التي أحدثته، يتم ذلك بالسعي نحو التحول الديمقراطي والعدالة الاجتماعية وأقلمة الحداثة بخطى ثابتة تشيع الحريات وتوفر الشفافية وتشيع العلم، وتقطع دابر القهر والعنف المضاد. التمسك بنهج الاستنارة الإسلامية ضروري لتجفيف منابع الشر والضر.. إن غلبة هذا النهج ضرورية لسيادة الحوار والتعايش بين الحضارات محل الصراع والاحتراب. المحور الثاني: الواقع الإقليمي المطلوب السودان داخل إقليميه: كان شمال السودان مشدودا لشمال وادي النيل، وكان شرق السودان مشدودا للسودان الغربي والمغرب العربي، وجنوبه مشدودا لشرق ووسط أفريقيا. ومنذ حرب التحرير ضد الإمبراطور هيلاسيلاسي والدكتاتور منقستو ظهر عنصر جيوسياسي بشري آخر هو لجوء الإريتريين والأثيوبيين بأعداد كبيرة للسودان الشمالي. وبعد قيام نظام "الإنقاذ" دفعه الهوس لسياسة إقليمية توسعية فتحت أبواب دول الجوار في القرن الأفريقي للمقاومة السودانية بكل فصائلها الشمالية والجنوبية. إن التداخل السياسي والبشري بين الشعب السوداني ودول القرن الأفريقي وعوامل أخرى سياسية وعسكرية ودبلوماسية أبرزت وجود فضاء جيوسياسي جديد واسع هو حوض النيل طولا وحزام السافنا عرضا. إلى جانب هذه التطورات ظهرت مشروعات تكتل اقتصادي جيوسياسي أوسع تكتل أفريقي بانتيونيلي يمتد من جنوب السودان شمالا إلى جنوب أفريقيا جنوبا على حد تعبير الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني. وتكتل في حوض البحر الأبيض المتوسط يتطلع لمصير متوسطي مشترك لدول الحوض ويحسب شمال السودان جزءا منه. هذان التصوران يقومان على قسمة قديمة لأفريقيا، قسمة أفضت إلى تصورين أيدلوجيين أحدهما يربط الأفريقانية بالعزة الزنجية أو النجرتيود ، وقد بلوره الرئيس السنغالي سنغور والآخر يدعو لأفريقيانية قارية وقد بلوره الرئيس الغاني نكروما. هذان التصوران سوف يتصارعان لتحديد المصير الأفريقي. علاوة على هذا الصراع الثقافي الذي تواجهه إفريقيا (بين النجرتيود والإفريقانية)، هنالك تحد ثقافي آخر يواجه الإقليمين العربي والإفريقي. تحد يواجه قيادات الفكر والسياسة فيهما وهو كيفية بلورة خطاب ثقافي يجمع بين الاتجاهات المفرقة في دعوات الإحياء والنهضة مثل العزة الزنجية "النجرتيود"، والأفريقانية، والقومية العربية والصحوة الإسلامية والتي تدور حول الذاتية والعصرية والديمقراطية المؤقلمة والعدل الاجتماعي، والنزعة للتكتل والاتحاد. خطاب ينجح في استقطاب الفئات الحديثة والمثقفة ويلهب الجماهير في المدن والبوادي والأرياف. كبر هذا التحدي يكمن في أن الخطابات المستنيرة في الوطن العربي وأفريقيا غالبا معزولة وصفوية والخطابات الأكثر جماهيرية هي الخطابات الإنكفائية. عجز المؤسسات الإقليمية الرسمية: وبغض النظر عن الرؤى المتضاربة بشأن الصلات الإقليمية بالسودان فإن الواقع الإقليمي العربي والأفريقي يؤثران على السودان. هناك تحديات في المجال الإقليمي للسودان للشعوب والدول على السواء، هناك مشاكل في المجتمعات العربية والأفريقية تعرقل عطاءها. وهنالك عجز كامل في المؤسسات الرسمية التي أقامتها الدول العربية والأفريقية والإسلامية كجامعة الدول العربية ومؤتمر الدول الإسلامية ومنظمة الوحدة الأفريقية وخلفها الاتحاد الأفريقي وما تفرع من تلك المؤسسات من منظمات متخصصة. هذا العجز ليس ظاهرة خارجية معزولة بل هو مرآة لعجز الدول الأعضاء ومؤسساتها الرسمية. إن المؤسسات الخارجية عاجزة بعجز المؤسسات الداخلية ضعيفة بضعفها لأنها الوليد الشرعي لأحوالها. والدول من جانبها تعكس ضعفا في المجتمعات
05-17-2003, 03:51 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
يظهر عجز المؤسسات العربية والأفريقية في مجالات عديدة منها: عجز القرارات المتخذة، ضعف العلاقات البينية، عجز الاجتهاد السياسي بسبب الأوتقراطية وانعدام الشرعية، وانعدام الحيوية بسبب عجز الدول. عجز الوساطات الإقليمية وفتح الباب للدور الدولي الغربي بدون توازن يدعوان الوطنيين في هذه الدول للعمل على تجاوز الوضع الإقليمي الحالي في المجالين العربي والأفريقي. الإقليم العربي: هناك تعريف للعروبة بالعرق والتعريف الأفضل للعروبة بالثقافة. مشاكل المجتمعات العربية: غياب الديمقراطية: أكبر مشاكل العالم العربي هو سيادة نظم الاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان وتقييد الحريات العامة وما يستتبع ذلك من مضار. لقد وضع تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية -المشار له في المقدمة- وضع نظم الحكم العربية من حيث توفر الحكم الصالح بمقياس ديمقراطي في خانة الإدانة. أربع مقولات تحاول دفع هذه الإدانة هي: الأولى مقولة هجومية تعتبر الديمقراطية غزو ثقافي "مع أن رفض المفاهيم والنظم بحجة أنها آتية من مصادر غير إسلامية ينافي مبادئ الإسلام وتجربته التاريخية" والثانية مقولة تبريرية ترى أن الديمقراطية لا تناسبنا بسبب الحرية اللامحدودة مع أنه لا توجد ديمقراطية تعمل بدون سقف، و الثالثة مقولة اعتذارية بأن الديمقراطية تفشل في مجتمعات متخلفة مع أن التجربة أثبتت أن الأوتوقراطية أكثر فشلا ثم الرابعة مقولة تسوق حجة هيكلية مفادها زيف الديمقراطية أصلا واستحالة النيابة، مع أن الديمقراطية هي الطريقة المؤسسة الوحيدة المتاحة لإدارة الاختلافات سوءا الموروثة أو الفكرية أو الطبقية الحتمية بين الناس. الكساد الاقتصادي: أيضا المجتمعات العربية تعاني من كساد اقتصادي مظاهره ارتفاع نسب النمو السكاني مقارنة بالاقتصادي. بلدان النفط العربية ريعية الاقتصاد- مع ارتفاع نسبة الأموال المغتربة- المشاكل الاجتماعية: وتوجد مظاهر اجتماعية سالبة مثل تهميش النساء والشباب والعطالة والتطلع الكبير للهجرة للغرب. الفجوة المعرفية: فالاستثمار في المعرفة في العالم العربي لا يتناسب مع المستوى التنموي في غالب الدول بل هو أقل منها. أزمة الحكم في البلاد العربية الإسلامية: نظم الحكم في العالم العربي الإٍسلامي في حصار متعدد الجبهات من: التيارات الحركية الإسلامية ومطالبها - التيارات الليبرالية العلمانية ومطالبها- وتيارات الصحوة الإسلامية، إضافة إلى تعرية التطورات الاستراتيجية في عدة مواقع لنظمها الرسمية، ونهاية رضا الغرب عنها بعد أحداث11 سبتمبر، وحصار المطالب الديمقراطية العالمية.. استمرار هذا الحال كما هو عليه مستحيل. الاحتمالات هي: حيثما توجد مؤسسات مجتمع مدني قوية يمكن حدوث ثورات- أو حدوث انقلابات عسكرية بدعم أجنبي- أو تحول سلمي ديمقراطي. المطلوب على الصعيد العربي: الاحتمال المأمون والأفضل هو التحول الديمقراطي المحسوم الذي يوجب التعددية والالتزام بالمواثيق الدولية والتسامح الديني والسياسي واستقلال القضاء والانتخابات النيابية الحرة وتكوين نظم دستورية توفق بين التأصيل والتحديث. هذه الحركة نحو الديمقراطية ينبغي أن تتزامن معها وتدفع باتجاهها حركة داخل الشعوب تستصحب الصحوة الثقافية التي أشرنا لها في المجال الإسلامي، تفتح الباب أمام التحديث المؤصل وتغطي فجوة المعرفة وتساعد على تجاوز العجز الرسمي. الإقليم الأفريقي: تعريف الأفريقية: يوجد تعريف للأفريقية مربوط باللون أو الاثنية وهو ذلك الذي تدعوا له النجرتيود. التعريف الأشمل للأفريقية هو الأفريقانية وهو تعريف جغرافي يؤكد تنوع الثقافات الأفريقية مع وجودها على ذات القارة بشكل أصيل. في أفريقيا تنوع حضاري لأنه لا توجد حضارة واحدة عامة في أفريقيا شمال وجنوب الصحراء بالنسبة لأفريقيا شمال الصحراء تغلب الحضارة العربية، وفي أفريقيا جنوب الصحراء بالرغم من غياب وحدة حضارية فهناك مراجع تؤكد أن ثمة معالم مشتركة بين اللغات واللهجات الأفريقية، كما أن ثمة عوامل مشتركة بين الأديان الأفريقية. تناولت بعض الدراسات التراث الأفريقي جنوب الصحراء باعتباره مكونا من ثلاثة عناصر هي: الأفريقانية- الإسلام-الحضارة الغربية. هذه المعالم المشتركة سميت الأفريقانية الأفريقانية كونت الذهنية الأفريقية ولونت تعاطي أفريقيا مع المكونات الوافدة وبنفس المنطق يمكن أن تضم ثقافات أفريقيا شمال الصحراء لتياراتها. مشاكل أفريقيا: ضعف البناء القومي: التكوينات القبلية وضعف الشعور القومي من مشاكل البلدان الأفريقية الظاهرة ويؤدي مع غيره من العوامل إلى الحروب الأهلية ويودي بالاستقرار. الفقر والتخلف: تأتي غالبية بلدان القارة في قائمة الدول الأقل نموا (الدول الأقل نموا 49 دولة 33 دولة منها في أفريقيا منها السودان) وتستتبع هذه الحالة انتشار الأمراض والأوبئة أهمها الإيدز الذي يشكل خطرا يتهدد القارة خاصة جنوب الصحراء. الحكم الاستبدادي: الواقع الأفريقي أفضل حالا من العربي الإسلامي من هذه الناحية ولكن تبقى الحكومات المستبدة أحد الملامح الموجودة في القارة. الانفصام داخل القارة: من أهم المشاكل التي تواجه القارة الانفصام الذي تغذيه رؤى أيدلوجية مختلفة بين شمال القارة وجنوبها، من ما يجعل الجزء الشمالي مشدود للإقليم المتوسطي أو المشرقي بصورة تتجاهل الرابط الجيوسياسي الأفريقي. عجز المؤسسات الرسمية: سواء كانت منظمة الوحدة الأفريقية أو الاتحاد الأفريقي الذي خلفه وينطبق ذلك على الشراكة الجديدة من أجل التنمية " النيباد" بالرغم من بداية النيباد بداية صحيحة بالتركيز على الحكم الصالح والديمقراطية كأساس للتنمية. المطلوب على الصعيد الأفريقي: أن يكون الحكم الديمقراطي الصالح أساس الشرعية. أن تدرك المجتمعات الأفريقية أن طريق النهضة لا يكون باقتفاء أثر الحضارة الغربية أو أي حضارة أخرى، بل لكل حضارة وكل ثقافة طريقها الخاص نحو النهضة، يجب أن يكون الطريق للنهضة إبداعيا وبتشجيع الإبداعية في كل مجالات الحكم والسياسة والفكر والفنون. فتسعى لتأصيل جذورها الثقافية مع عمليات التحديث الضرورية للنهضة. هذا لا يمنع التلاقح الحضاري ولا الاستفادة من الوافد بعد أن يتم تمثله داخل الثقافة المعنية. والمطلوب تشجيع التعاون بين شقي القارة والتبشير بمفهوم الأفريقانية. إن حركة التنمية والثقافة والسياسة في القارة مرتبطة حيويا بين شمال القارة وجنوبها، وإغفال هذه الحقيقة غفلة من الدول وتضييع لمصالح الشعوب. المحور الثالث الصحوة الذاتية السودانية: بعد استعراضنا لما يدعو له الحزب على الصعيدين الدولي والإقليمي يبقى لنا الحديث عن صحوة السودانيين الذاتية، وهي كما هو واضح مربوطة بصحوة إقليمية عربية أفريقية وأخرى عالمية تتأثر بها وتؤثر فيها لأن لما يجري في السودان أصداء على عالميه العربي والأفريقي وأثر على ما يحدث في العالم وأهم محورين من الصحوة الذاتية المطلوبة هما مجال التأصيل والتحديث ومجال الوحدة والتنوع ثنائية التأصيل والتحديث: شعوب عالم الجنوب تفجؤها الحضارة الغربية الشمالية بمنجزات إنسانية عظيمة "الحداثة- حقوق الإنسان- دعوة التعايش بين الأديان – دعوة التعايش بين الحضارات-العلاقات الدولية القائمة على السلم والتعاون - الدعوة لسلامة البيئة والعولمة" ولكنها مخلوطة بسمات ذاتية غربية تجعل العولمة في بعض أوجهها نشرا لثقافة التسلية في الغرب. تقع الجماعات في مجتمعات الجنوب في حيرة وانفصام بين جذورها والتجديد الوافد بل يقع الأفراد في تلك المجتمعات أمام تلك الحيرة الخيارات المختلفة التي تتخذها الجماعات والأفراد والفعل ورد الفعل المتبادل بينها يدخل مجتمعات عالم الجنوب في حرب أهلية باردة وساخنة أحيانا تثمر أحداث العنف الديني في مرات عديدة. هذا الانفصام يوجد بشكل أكبر يبن البلدان الإسلامية وذلك في حوار الطرشان بين جماعات الاتباع للغرب من جهة وجماعات الانكفاء على الماضي من جهة أخرى والسودان كان في تاريخه الحديث حلبة لهذه الصراعات تفجرت إبان إعلان نظام مايو عن تشريعات سبتمبر 1983م الإسلاموية وتفجرت بصورة أكبر على عهد الإنقاذ والمشروع الحضاري الذي اتخذ نهجا إسلامويا أحاديا نفى الآخر الإسلامي والآخر الملي بشكل حاد. إن الحكمة العالمية قد أدركت الآن أن طريق النهضة والتحديث لا يكون عبر تقليد الوافد بل بتلمس طريق إبداعي يستند على الجذور. والسودان بحكم تعدد انتماءات أهله الدينية والثقافية والاثنية مؤهل لأن تكون دعوة التأصيل فيه باب للفتن. وهو مؤهل لتأجج العاطفة الإسلامية لدى مسلميه، ومنشأه الحديث على يد الدولة المهدية ودعوتها الدينية، وسياسات الاستعمار الثنائي المداهنة للعاطفة الدينية إيثارا لسلامتها، مؤهل لتفجر دعوات التأصيل بصورة عاطفية مرتجلة وغير مدروسة وغير مراعية للعواقب. كل هذه الاعتبارات تجعل دعوة التأصيل أمر لا مناص منه لكل أهل الانتماءات الدينية في السودان. تقابل دعوة التأصيل دعوة التحديث: إن الدعوة للتحديث واستصحاب منجزات الحضارة الحديثة هي من طبيعة الأشياء ولا ينتظر أن توقفها دعاوى التجاهل مهما علت الأصوات التي تنادي بذلك. ولكن الدعوة للتحديث يجب أن تنطلق من أرضها، وتعبئ جمهورها. وقطاعات الشعب السوداني الجماهيرية قطاعات تقليدية. وكذلك نشاطاته الاقتصادية والتعليمية والثقافية والطوعية جزء كبير منها يقع في المناشط التقليدية: الزراعة المطرية، المسيد أو الخلوة، النشاط الفني التقليدي في العمارة والصناعات اليدوية، الرعي، الطريقة الصوفية وبرامجها الاجتماعية، هذه كلها نشاطات تقليدية تشكل حياة الناس في السودان، ولكنها بعيدة عن التخطيط للتطوير وعن الدعم الرسمي.. إن عملية التحديث التي تغفل دور القطاع التقليدي ولا تأبه به إنما تلعب بشعار التحديث وحسب. هذا الوضع يتوجب أن تحل ثنائية التحديث والتأصيل فيه بشكل مدروس واع وسابق لتفجر القنابل الموقوتة، أو ضياع الدعوات حسنة النية لسوء التدبير. التأصيل: التأصيل لدى السودانيين معناه أن تتلمس كافة الثقافات المتنوعة تأصيل جذورها. التأصيل لدى السوداني المسلم الملتزم واجب مفروض مثل ما هو حق إنساني مشروع ولكن هنالك تأصيل منكفئ وتأصيل مستنير. التأصيل المنكفئ يناقض حقائق العصر، وينكر حقوق الأديان والثقافات الأخرى، ويتناقض مع حقوق المواطنة المتساوية مع الآخرين. أما التأصيل المستنير فإنه يسلم بحقوق المواطنة للكافة ويتعايش مع التعددية الدينية والثقافية جماعة الإنقاذ وقد استولوا على السلطة وبرروا العدوانية والعنف باسم الدين خلقوا ردة فعل ضد الإسلام وضد العروبة في الفكر السياسي السوداني. وصار في هذا الفكر اتجاهات واضحة لا تقف عند حد نقد تجاوزات الإنقاذ بل تحاكم الإسلام والعروبة أيضا: - اتجاه علماني قوي يرى في إبعاد الإسلام نهائيا من السياسة شرط الاستقرار السياسي في السودان. - واتجاه يجعل تخلي عرب السودان عن عروبتهم شرطا لتحقيق الوحدة والسلام. التناول الصحيح لهذا الموضوع لا ينطلق من تجاوزات النظام الحالي لمحاكمة الإسلام والعروبة. بل يقف موقفا يضبط العلاقة بين الدين والسياسية والدين والدولة كالتالي: إقرار المواطنة أساسا للحقوق الدستورية. · ألا يكون هنالك تمييز بسبب الدين أو الثقافة أو الإثنية. · ألا يسمح بقيام حزب سياسي يسعى للسلطة السياسية ويستبعد مواطنين آخرين لأسباب دينية أو ثقافية. · القوانين التي تطبق على الجميع في البلاد يجب أن تكون مصادرها مقبولة للجميع والقوانين خاصة المصادر يكون تطبيقها خاصا. · تراعي الدعوة للتأصيل الإسلامي شروط الصحوة الثقافية الواردة آنفا. وتراعي الدعوة للتأصيل لدى الثقافات الأخرى شروطا مماثلة تعلي من حقوق الإنسان والتعايش بين الأديان. · الحركات السياسية التي يغلب عليها الاتجاه الإسلامي تلتزم بنقاط اتفاق الحد الأدنى الواردة آنفا. والحركات السياسية الأخرى التي تتحدث عن أجنحة روحية لكياناتها السياسية تلتزم بكل الشروط الواردة أعلاه. · التأصيل الديني حق من حقوق الديانات وتلتزم الجماعات الدينية في سعيها له بالميثاق التالي: الميثاق الديني: التجربة السودانية بما فيها من نزاعات أوجبت الاتفاق على مجموعة من المواثيق لتكون بمثابة دروس مستفادة من التجربة ولبنات صالحة لبناء الوطن. وفي مجال اتقاء النزاعات الدينية وتثبيت التعايش بين الأديان وكفالة الحقوق الدينية يلتزم جميع أهل الأديان في السودان ويلتفوا حول النقاط التالية : أولا: الاعتقاد الديني ضرورة إنسانية. ضرورة للطمأنينة النفسية، وللرقابة الذاتية، ولتحصين الأخلاق، وللتماسك الاجتماعي، ولإقامة هوية جماعية تؤنس وحشة الأفراد.. الإيمان حق إنساني اختياري لا يجوز إجبار الإنسان عليه ولا حرمانه منه لأنه غذاء الضمير فلا يشبع إلا إذا كان اختياريا. إن للحياة الإنسانية معان كثيرة مادية، ومعرفية، واجتماعية، وعاطفية، وجمالية ورياضية، وترفيهية، وبيئية، كذلك إن لها معان روحية وخلقية نزلت بها رسالات الوحي أو تفتقت عنها الفطرة الإنسانية المتطلعة دائما لإيجاد قيم للأشياء ولاكتشاف غاياتها الغيبية. ثانيا: لكل دين عقائد وقيم ومبادئ يحددها بوسائله.. هذه العقائد والقيم والمبادئ ينبغي الاعتراف بها كما يحددها أصحابها. وعلى المجتمع كفالة حرية الاعتقاد الديني، وكفالة حق أصحابه في تطبيق شرائعهم وإقامة شعائرهم وتأسيس معابدهم ونشر تعاليمهم دون عائق على أن يلتزموا جميعا بالامتناع عن فرض تلك العقائد بالإكراه أو نشرها بالقوة. وأن يلتزموا بالتعايش مع المذاهب الأخرى داخل الملة الواحدة، ومع العقائد الأخرى بين الملل والدعوة لعقائدهم بالحسنى وبلا إكراه. ثالثا: إن الإله الذي تؤمن به الأديان الإبراهيمية الثلاثة واحد مما يسهل أمر التعاون الروحي والخلقي بينها. رابعا: أديان الثقافات الأفريقية على تنوعها تؤمن بإله واحد مهيمن وإن اختلطت به رموز تعددية في بعضها، وهي تحرص على مفاهيم التواصل بين أجيال البشر حاضرها وماضيها ومستقبلها، وعلى التواصل بين البشر والبيئة الطبيعية حولهم، ولأصحابها حقوق دينية. خامسا: المسيرة الإنسانية أوقعت ظلما على بعض الشرائح الإنسانية: اضطهادا لونيا، ونوعيا، وثقافيا؛ وشرائح إنسانية مستضعفة لصغر سنها أو لكبر سنها أو لأنها معاقة.. إن الضمير الديني يتبنى إنصاف هذه الشرائح دعما للإخاء الإنساني. سادسا: إن على الأديان الاعتراف بحرية البحث العلمي واعتبار المعرفة العلمية في مجالها وهو اكتشاف حقائق العالم الحسي الزمان المكاني معرفة تجريبية وعقلية صحيحة. سابعا: العولمة باعتبارها سوقا عالميا حرا موحدا بوسائل الاتصال الحديثة تمثل حلقة نافعة وجديدة في تطور الإنسانية ولكن للعولمة سلبيات اجتماعية وبيئوية يجب التخلص منها، كما لا ينبغي إغفال الخصوصيات الدينية والثقافية للبشرية. ثامنا: على الصعيد الوطني ينبغي كفالة حرية الأديان، والالتزام بحقوق المواطنة المتساوية كأساس للحقوق الدستورية. ولا يجوز للدستور أو القانون أن يمنح امتيازا أو يفرض حرمانا لأية مجموعة سودانية بسبب انتمائها الديني. تاسعا: الالتزام على الصعيد الدولي بمواثيق حقوق الإنسان العالمية والمطالبة بإبراز جذورها الروحية والخلقية ترسيخا لها في النفوس. عاشرا: إن للروابط الدينية علاقات أممية ينبغي الاعتراف بها على ألا تكون على حساب حقوق المواطنة المتساوية ولا على حساب المواثيق العالمية لحقوق الإنسان. حادي عشر: تكوين آلية مستقلة تمثل الطيف الديني في السودان لمتابعة الالتزام بهذه المبادئ والعمل على أن تكون جزءا لا يتجزأ من اتفاقية السلام العادل. التحديث: ينبغي أن ترتبط دعوة التحديث بالدعوة للإبداعية والانصراف عن تقليد الوافد بل أقلمته للواقع الثقافي والاجتماعي. مجالات الحضارة الحديثة الواجب استصحابها هي: الحداثة- حقوق الإنسان- التعايش بين الأديان- حوار الحضارات- العلاقات الدولية القائمة على التعاون- سلامة البيئة- العولمة. تستصحب تلك المنجزات بعد أقلمتها للواقع السوداني، وهي تقتضي إقامة النظام السياسي الديمقراطي الحر والشفاف، وصحوة اقتصادية تقيم التنمية الاقتصادية.. كما تقتضي صحوات ثقافية داخل الثقافات السودانية كلها (مجالات الصحوة الثقافية بالنسبة للمسلمين وردت آنفا). ينبغي لدعوة التحديث أيضا مراعاة التالي: - أن رسالة التحديث التي تغفل دور القطاع التقليدي سواء كان الاقتصاد أو الإدارة أو الثقافة التقليدية لن تحقق النهوض. فالاقتصاد التقليدي مثلا (الزراعة والرعي والصناعات التقليدية) يمثل القطاع الأكبر من حيث الأيدي العاملة فيه والذي يؤدي دوره خارج الرصد وبدون الدعم الرسمي. - إن سياسات التعليم والتدريب الحديثة يجب أن توجه جانبا من مقرراتها لتفهم المعرفة التقليدية في مختلف النشاطات، ولتوثيقها. - في المقابل، لا بد من وجود خطة لتدريب ناشطي القطاعات التقليدية وتسليحهم بالخبرات الحديثة، سواء أكان ذلك في مجالات الاقتصاد أو التعليم أو الثقافة والفنون. - ضرورة زوال الفجوة بين القطاع الحديث والقطاع التقليدي والاستفادة والحوار والتعلم المتبادل بينهما. ثنائية الوحدة والتنوع: السودان أرض التنوع: السودان بلد متنوع لغويا وإثنيا ودينيا وطبوغرافيا ولذلك فهو بلد متعدد الثقافات، وهو يكاد يكون إفريقيا مصغرة وإفريقيا قارة التنوع. إن موقع السودان في الجزء الأوسط من حوض النيل جعل سكانه خليطـاً من عناصر مختلفة تواريخ استيطانها للبلاد مختلفة. والسودان من أكثر بلاد إفريقيا بل ومن أكثر بلاد العالم تنوعا إثنيا وثقافيا. وبالسودان ثلاثة من العوائل اللغوية الخمسة في إفريقيا (العائلة النيجر كنغولية- العائلة النايلو صحراوية- العائلة الآفروأسيوية- العائلة الخوسانية - والهندوأوروبية) تمثل الآفرواسيوية في السودان العربية، والعائلة النايلوصحراوية تمثلها مجموعات عديدة منها اللغات النيلية، والنوبية الشمالية، والعائلة النيجر كونغولية تشمل فرع المجموعة الكردفانية وتمثلها لغات بجبال النوبة. وتعداد المجموعات الإثنية تختلف تقديراته وتكاد تجمع على أنها تزيد على 500 مجموعة قبلية أو إثنية مختلفة. كما تختلف تقديرات التنوع اللغوي من الحديث عن أكثر من مائة إلى أكثر من 900 لغة. وهنالك الحقائق التالية المأخوذة من إحصاء 1956م: اللغة العربية يتحدث بها 51% من السكان. اللغات النيلية يتحدث بها 17،7% من السكان. 11% يتحدثون بلغة الدينكا- ويتحدث 12.1% بلغات غير العربية في الشمال. البلدان الجنوبية واقعة كلها تقريبـاً داخل نطاق العناصر الزنجية، وإلي الشمال من السودان طغت السلالة القوقازية ، وتأثرت بلاد الشرق بالهجرات الحامية، إلي الغرب الصحراء الليبية وفيها جماعات لها صفات البربر. والكثير من قبائل السودان مشتركة بينه وبين جيرانه، مثلا: البني عامر في الشرق مع إرتريا، النوبة في الشمال مع مصر، المساليت في الغرب مع تشاد، الدينكا (جيينق) في الجنوب مع يوغندا وكينيا. وفي السودان أيضا تنوع ديني حيث المسلمين أكثر من 80% من السكان، الأديان الأفريقية المحلية يتبعها أكثر من 10% والبقية مسيحيون. وتوجد بين المسلمين طرق صوفية وأنصار وجماعات سلفية وحركية مختلفة، كما توجد بين المسيحيين الكنائس القبطية والأسقفية والإنجليكانية والكاثوليكية. وتتنوع الأديان الإفريقية حسب ثقافة الجماعة المعنية.. هذه الأديان تعيش في تسامح ذلك أنها دخلت للبلاد سلميا وليس عن طريق الغزو والإجبار. الممالك النوبية السودانية تحولت للمسيحية من دياناتها القديمة طوعا. والممالك الإسلامية السودانية قامت على أكتاف السودانيين أنفسهم. والسودان متنوع في مناخاته وتضاريسه وموارده الطبيعية: الصحراء في شمال السودان وبقاع في شرقه وغربه. والأراضي الممتدة من منطقة الخرطوم شبه الصحراوية شمالا ومتدرجة حتى الاستوائية تزداد الأمطار فيها وفترة هطولها كلما اتجهنا جنوبا حتى نصل لمناطق ممطرة طول العام.. مناخ البحر الأبيض المتوسط يوجد على ساحل البحر الأحمر وفي إقليم الجزو بشمال غرب دارفور. والسودان أراضيه منخفضة غالبا ولكنه محاط بحدود مسطحة ضخمة وبه سلاسل جبلية في مناطق ثلاث: سلاسل البحر الأحمر شرقا، جبل مرة في الغرب وجبال الديدينجا وسلسلة الدونجوتونا والأماتونج جنوبا. كما توجد جبال أخرى في جنوب وسط السودان هي جبال النوبة وجبال الأنقسنا. وجبل مرة في غرب دارفور. وبه هضاب مثل هضبة اللونبوما في أقصى الجنوب الشرقي. وأراض رملية (القوز) في الجزء الجنوبي من غرب السودان. وأراض طينية في الوسط تمثل أكبر المساحات الصالحة للزراعة في السودان. والهضبة الحجرية الحديدية في الإقليم الجنوبي..هذا التعدد التضاريسي والمناخي يتضافر مع تعدد الموارد الطبيعية من موارد مائية وثروة سمكية ومعدنية وثروات غابية وحيوانية برية وأليفة، كما يتضافر مع تعدد الإثنيات والأديان واللغات والتواريخ ليرفد تعدد الثقافات ويجعله مسألة حتمية. يمكننا الحديث عن ست عوائل ثقافية (تندرج داخل كل عائلة ثقافات متميزة عن بعضها مع وجود الرباط العائلي بينها) وهي: الإسلامية العربية الموجودة في الوسط وشمال الوسط وفي بقاع متعددة في الشمال، والنوبية في أقصى الشمال، والتبداوية المرتبطة بحضارات حوض البحر الأحمر في الشرق، والنيلية المرتبطة بالثقافة البانتو نيلية في الجنوب، والزنجية المرتبطة بشريط السودان التاريخي وبغرب افريقيا في الغرب، والمسيحية (القبطية والأنجلوفونية). هذا التنوع يزداد حدة بين الشمال والجنوب فيما يشبه شرخا غذته عوامل مختلفة. الشرخ الشمالي/ الجنوبي: إن للشرخ الشمالي/ الجنوبي وجودا تاريخيا معلوما. الاستعمار زود هذا الشرخ بهوية جديدة هي الهوية المسيحية الأنجلوفونية. الوعي الوطني السوداني الذي تبلور في الشمال تصدى للهوية الجديدة واعتبر واجبه استئصالها. هذا التوجه بلغ أقصاه في عهد نظام "الإنقاذ". يواجه السودان اليوم استقطابا حادا حول هذا الأمر وهي مواجهة تزيد من حدتها عوامل: · دعم إسلامي عربي للموقف الشمالي. ودعم مسيحي غربي أكبر للموقف الجنوبي. · تفاوت تنموي بين الشمال والجنوب، صنعه الاستعمار واستمر فيما بعد. · جفوة اجتماعية ترفدها عوامل كثيرة. · استعلاء ثقافي شمالي يواجهه الجنوبيون بشتى أنواع الاحتجاج. · مرارات كثيرة وتهم متبادلة وجراحات غائرة سببتها وزادت منها الحرب الأهلية. · إحساس جنوبي شائع بأن الوحدة فرضت عليهم دون أخذ رأيهم في تحديد شروطها وضماناتها. هذه المواقف بلغت حدها الأقصى الآن. وصار الجنوبيون يرون أن يملكوا حق القرار في مصيرهم. بعضهم يراه مصيرا انفصاليا، وبعضهم يرى مضار الانفصال، لذلك يريد وضع أسس جديدة للوحدة وضمانات لمصالح الجنوب في ظلها. هذه القضية متحركة يمكن للشمال ومن يقف وراءه أن يحرصوا على نجاح خيار الوحدة بمواقف وأعمال معينة يحققونها. ويمكن أن يعجزوا عن ذلك فيتركون للمخاوف الجنوبية بسند إقليمي ودولي التحرك في اتجاه انفصالي وعدائي. أمام السودانيين –حكومة ومعارضة- فرصة ذهبية لمخاطبة المناخات الجديدة بموجباتها، أو التخلي عن ذلك ركونا لمصالح ذاتية وحزبية ضيقة، ففتح الباب واسعا أمام تمزق وطني وإتاحة حرماته لأقدام دخيلة. هذه هي حقيقة التنوع، وحقيقة تحوله ليصير بابا نحو التصدع، فما هي حقائق الوحدة؟. الوحدة السودانية لم يولد التماسك القومي في أية بلدة كاملا من يومه الأول. إنها عملية تاريخية عبر مراحل محددة. هكذا ينبغي أن ننظر لمولد وتطور الشعور الوطني السوداني. إذا أمعنا النظر في مسيرة هذا الشعور لوجدناها غير مكتملة ولأدركنا أن التكوين القومي السوداني محتاج لبلورة وتشكل على أسس سوية ترضي الجميع وتتجاوز زلات الماضي وتستصحب إشراقاته. إن تاريخ السودان القديم لم يعرف بعد وهنالك من الآثاريين من يقول بوحدة تاريخ السودان منذ أزمان قديمة، ولكن التواريخ المتأخرة تظهر تعددية تاريخية، فالسلطنات الزرقاء التي حكمت السودان منذ القرن السادس عشر تزامنت وشكلت وحدات سياسية مختلفة (الفونج- الفور- تقلي- المسبعات- الكنوز- والمشيخات القبلية)، والحكم التركي غزا أقاليم السودان المختلفة في تواريخ مختلفة تراوحت من عشرينيات وحتى سبعينيات القرن التاسع عشر. ولكنه كان المحطة الأولى في التاريخ الحديث نسبيا لتوحد السودان بحدوده الحالية تحت إدارة واحدة. وكانت أول تجربة لحكومة وطنية للسودان الحالي هي فترة المهدية، وهذا تاريخ قريب.. ولكنه شكل بطموحه للتوحيد وتذويب الولاءات والانتماءات الخاصة لأجل الكيان العام.. شكل مولدا للقومية السودانية. القومية التي تغذت من طبيعة عمل الطرق الصوفية، وتغذت من صيحات المهدية التوحيدية، وتغذت من تكوينات المدن السودانية المختلطة، ورفدت لاحقا من حركة الخريجين ومن الدعوات السياسية الشعبية الداعية لاستقلال السودانيين بالحكم لأنفسهم.. هذا الشعور القومي الذي تنامى ورفد من نيل الاستقلال، ومن الثورات الشعبية في أكتوبر وفي أبريل والتي نصبت الشعب السوداني سيدا على إقليمه، كل ذلك غذى الشعور القومي وجعل الحرص على تحقيق الوحدة حلم الجميع.. فما هي الأسس التي تبنى عليها هذه الوحدة؟ أسس الوحدة السليمة في ظروفنا الحالية ينبغي أن نضع أسسا للوحدة الوطنية ونعمل على بناء الوطن عليها. هذه الأسس هي ما يشار إليها بالثوابت القومية أو الوطنية. عبارة ثوابت في نطاق المعاملات البشرية تستخدم مجازا لأنه لا ثوابت إلا في قوانين الطبيعة، أما الثوابت الغيبية فهي –بالنسبة للمسلمين- قطعيات الوحي والسنة ورودا ودلالة. ما عدا ذلك فالحياة خاضعة للحركة وللتعددية. ولكن بعض المبادئ والمفاهيم والنظم ينبغي أن يكون لها ثبات نسبي وتسمى ثوابت مجازا. ولذلك فما نطلق عليه هنا الثوابت القومية هي ثوابت بفهم نسبي أي أنها ثوابت في إطار الدولة الوطنية، والمناخ الفكري السائد، والنظام العالمي الماثل، وكلها عوامل قابلة للحركة. ولكننا في المستقبل المرئي ينبغي أن نتعامل معها "كثوابت" ونعقد لها التأييد ونحول دون الإخلال بها لأن الإخلال بها يضر بالوحدة الوطنية. لقد كانت أبرز التحديات أمام الوحدة الوطنية السودانية هي مسائل التباين الثقافي والديني والتشوهات الهيكلية في الدولة السودانية التي أدت لنشوب الحرب في الجنوب. ولكن مهددات الوحدة الوطنية تزحف نحو جهات أخرى لذات الأسباب، وهي تجد لنفسها موئلا في ضعف الدولة السودانية قياسا بالمجتمع، مما يسمح للروابط الأدنى - الأسرة ، القبيلة والجهة - والروابط الأعلى - الأمة، الحضارة- أن تعصف بالرابطة الوطنية وتطغى عليها. أسس (ثوابت) الوحدة الوطنية هي: 1. السيادة الوطنية واحترامها كحقيقة دستورية 2. تحقيق وحدة الشعب والتراب الوطني على أسس طوعية جديدة. 3. كفالة الحرية الدينية وضبطها بالميثاق الديني الذي يضمن التعايش وعدم المساس بحقوق المواطنة (ورد آنفا). 4. الهوية الثقافية: يضبط مسألة التنوع ميثاق ثقافي نفصله لاحقا. 5. التنمية العادلة. 6. العدالة: إزالة المظالم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والنوعية. 7. حقوق الإنسان والحريات الأساسية والعامة تضمن وتكفل دستورا 8. قومية مؤسسات الدولة النظامية والمدنية 9. اللامركزية 10. التداول السلمي للسلطة. 11. الشرعية الدستورية. 12. التوازن البيئي. 13. حسن الجوار. 14. المجتمع المدني وحريته المنضبطة بمواثيق تنظم حركته. 15. الشرعية الدولية والالتزام بها والدعوة لإصلاحها وفق نظمها 16. قيام السياسة الدولية والعلاقات الخارجية على الخصوصية بالنسبة لبعض الدول وعلى التوازن بالنسبة للأسرة الدولية. هذه الثوابت الستة عشر مبادئها عامة ينبغي الحصول على تأييد عام لها تأييد اختياري لأن أية محاولة لفرضها أو فرض بدائل لها بالقوة سوف تأتي بنتائج عكسية. ومع ضرورة الاتفاق على هذه المبادئ العامة فإن مجال الاختلاف حول التفاصيل واسع ومقبول، ومتاح للتنافس بين الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية وحلقات الضغط. لقد مرت بلادنا بتجارب تأرجحت ما بين: نظم ديمقراطية فتحت باب الاختلاف على كل شيء مما خلق خللا وتشتتا. ونظم شمولية طابقت بين ثوابتها الحزبية والثوابت القومية فخلقت استقطابا حادا داخليا ومدخلا للنفوذ الأجنبي. ولأول مرة سنحت الفرصة بمناخ يسمح ببحث هذه القضايا بحرية بغية الوصول لفهم واضح والتزام اختياري بثوابت وطنية مستدامة. برغم القيود المفروضة على الحركة السياسية والتي صارت في ازدياد بعد انكماش. لقد بادر الحزب بالدعوة لذلك الاتفاق في "مبادرة التعاهد الوطني" ولكن تلك المبادرة لم يلتف حولها الجميع بعد وإن حققت جمعا للكثير من التنظيمات السياسية السودانية. وسواء أكان عن طريقها أو عن طريق غيرها، فإن واجب الالتفاف حول الثوابت القومية من أجل الوحدة فرض عين على كل السودانيين. التنوع داخل الوحدة الوحدة الوطنية لا توجد في المجتمع بشكل طبيعي كرابطة الأسرة، ولكنها تتطلب وعيا بمقتضياتها وغرسا لمفاهيمها عبر رموز معينة، وآليات معينة، وتربية، وإعلام وهي عوامل ينبغي تحديدها وتطبيقها. لقد كانت هذه الإجراءات في الماضي تتم بصورة قهرية يفرض فيها أصحاب الثقافة المركزية تصورهم الذي يهيمن مع الزمن، أو يتمرد عليه الآخرون. أما في عالم اليوم فإن الأمر ينبغي أن يتم على أساس من الحوار والاتفاق لا سيما في حالة وجود انشطار بين المجموعات الوطنية. إن وعي المجموعات الوطنية، ومواقف الوضع الدولي الراهن جعل إقدام أية دولة ذات ثقافة مركزية معينة على فرضها على مواطنيها بالقوة محاولة مستحيلة. ولتجاوز ظروف الاستقطاب الديني والثقافي التي صحبت التاريخ السوداني الحديث وعمقتها تجربة "الإنقاذ" فإننا نقترح ميثاقا ثقافيا يكفل التنوع داخل الوحدة ويجعله قوة بدلا من مصدر تهديد للوحدة وتفتيت للوطن: الميثاق الثقافي: انطلاقا من هذه الرؤى، نورد النقاط الآتية أساسا لميثاق ثقافي يدرس ليتبناه الرأي العام السوداني وقنوات الإرادة الفاعلة فيه، وليصبح بعد ذلك من مكونات المولد الجديد: أولا: السودان وطن متعدد الأديان والثقافات والإثنيات. المجموعات الوطنية السودانية الدينية، والثقافية، والإثنية، تعترف ببعضها بعضا وتمارس هويتها الثقافية بحرية على أن تلتزم بأمرين: الأول: عدم المساس بحق المواطنة حقا يتساوى فيه الجميع. الثاني: التعايش مع حقوق الآخرين وعدم السعي لتحقيق امتيازات على حسابها. n ثانيا:. برامج البلاد التنموية، والتعليمية والإعلامية، تأخذ في حسبانها التنوع الثقافي السوداني، وتسعى للتعبير المتوازن عنه، وتسعى لتمكين الثقافات السودانية من التطور، ولإشراك كافة الجماعات الإثنية والثقافية والجهوية والدينية وحماية حقوقها ومصالحها، والاهتمام بها في السياسات التعليمية والإعلامية والتنموية واللغوية وفي السياسات العامة مثل تمليك الأراضي. n ثالثا: السياسة الثقافية في البلاد تتخذ طابعا يوفق بين أهدافها المركزية واللامركزية ويدعم التفاف المواطنين حول المواطنة. ويتم القيام بحملات تعبوية لنشر الوعي الجماهيري بالمواطنة. والتأكد من تمتع الجميع بالحقوق الأساسية المكتوبة على أرض الواقع. n رابعا: الثقافات على تعددها وتنوعها ينبغي أن تتفاعل مع غيرها لتزيد ثراء وإبداعا. الاعتراف بالهوية الثقافية والاهتمام بها لا يعني منع التلاقح ولا رفض الوافد. هنالك قيم إنسانية عظيمة : الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمعرفة، والنهج العلمي، وكافة القيم المشتركة بين الحضارات. وهناك قيم خلقية عالمية مثل الحكمة، والعفة، والصدق، والإيثار. القيم المذكورة والقيم الخلقية ينبغي أن تسعى الثقافات السودانية باختيارها لاقتباسها وغرسها تربويا في الأجيال. n خامسا: حقوق الإنسان ينبغي أن تهضمها الثقافات الوطنية وتجعلها جزءا لا يتجزأ من وسائلها للتعبير الثقافي. إن ثقافتنا الوطنية تعاني من كعب أخيل مشترك –مع اختلاف في الدرجة- هو انتقاصها لحقوق المرأة.. ينبغي الاعتراف بهذا العيب النوعي وغرس المساواة الإنسانية في كافة الثقافات. n سادسا: تشجيع التسامح الديني الذي يقوم على الحسنى ويرفض الإكراه، وإجراء حوارات بين الأديان لتحديد المعاني المشتركة بين الأديان الإبراهيمية. كذلك تحديد القيم الأفريقية التي تؤسس علاقات خلقية بين الغيب والإنسان، بين البشر والطبيعة، بين العقلاني والفطري، وبين الأجيال الحاضرة والماضية.. لتدخل في تيار اليقظة الروحية والخلقية في السودان. n سابعا: اللغة العربية هي لغة التفاهم الأولى بين أهل السودان. وهي اللغة الأفريقية الوطنية الأولى. اللغة العربية هي لغة السودان الوطنية. اللغة الإنجليزية هي اللغة العالمية الأولى، اللغة الإنجليزية هي لغة السودان العالمية الأولى. اللغات واللهجات السودانية لغات محلية يعترف بدورها في أقاليمها وتشجع المجموعات الوطنية السودانية على الإلمام المتبادل باللغات السودانية. n ثامنا: تعكس سياسة البلاد الخارجية التنوع والتعدد الثقافي في السودان، وتسعى نحو التعاون الثقافي بين شعوب حوض النيل، وحزام السافانا، والشعوب العربية والأفريقية والإسلامية، والدولية على نطاق أوسع، وتشجيع الإلمام المتبادل باللغات السائدة في تلك البلدان. n تاسعا: صك قوانين لمحاربة الاستعلاء الثقافي والعنصري والديني والنوعي –باستحداث عقوبات شديدة على الجرائم التي يحركها الاستعلاء الثقافي أو العنصري أو الديني أو النوعي. n عاشرا: تمثيل كل المجموعات الثقافية والدينية والاثنية في الأجهزة المناط بها تنفيذ السياسات –لا سيما الشرطة التي تباشر حماية الجماعات المهمشة على أرض الواقع. واستخدام وسائل لضمان مشاركة الجميع مثل المسح الإثني والديني للتأكد من مشاركة أصحاب الثقافات والإثنيات والديانات المختلفة في الوظائف العامة. n حادي عشر: استيعاب مقاصد العولمة الحميدة وبناء الدفاع الثقافي ضد العولمة الخبيثة وبرمجة التعامل الثقافي مع العولمة. ثاني عشر: رفض حتمية العداء بين الأديان على الصعيد العالمي، ورفض حتمية صدام الحضارات الذي تؤدي إليه نزعة الهيمنة في الثقافة الوافدة، ونزعة الإنكفاء في الثقافات الوطنية مما يقود حتما إلى ظلامية عالمية. والالتزام بحوار الأديان، وحوار الحضارات.. لإقامة علاقات
05-17-2003, 03:53 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
مستنيرة تحقق الإخاء الإنساني وتليق بمستقبل الإنسان أعز وأكرم الكائنات..
الملف الثاني: السلام العادل: بلغ التوجه الخشن والذي اتخذته الحكومات الديكتاتورية للتخلص من الهوية المسيحية الأنجلوفونية المستحدثة في الجنوب، بلغ درجة عالية في أواخر عهد النظام المايوي، وكانت المعارضة السياسية للنظام المايوي مستنكرة لتوجهاته الأيديولوجية الإسلاموية، وقد ساهم حزبنا في تعرية تلك التوجهات وبيان تشويهها للإسلام، ولذلك حدثت في عهد النظام الديمقراطي الذي أعقب نظام مايو أكبر محاولة لحل سلمي متفاوض عليه عبر مؤتمر قومي دستوري حدد له 18/9/89 موعدا. انقلاب 30 يونيو1989 وضع حدا لهذا المشروع واستأنف فرض أجندة أيديولوجية إسلامية عربية شبيهة بما كان عليه الحال في العهد المايوي ولكنها أكثر جدية ومنهجية فأحدثت استقطابا قياسيا حادا في البلاد. أيديولوجية نظام الإنقاذ استقطبت ضدها القوى السياسية التي كانت تحكم السودان في عهد الديمقراطية والقوى التي كانت تحمل السلاح. وفي مناخ هذه المعارضة المشتركة واصلت القوتان حوارات السلام الذي كانتا طرفين فيه.حوارات بلغت قمتها في المؤتمر العام للتجمع الوطني الديمقراطي بأسمرا في يونيو1995 وانتهت لقرارات مصيرية تقوم على الاعتراف بالتنوع الديني والثقافي والاثني في البلاد، وعلى المواطنة أساسا للحقوق الدستورية، وعلى الوحدة الطوعية، وعلى النظام الديمقراطي اللامركزي المتوازن أساسا للحكم. بعد عشر سنوات من مواصلة أجندته الأيديولوجية تبنى نظام الإنقاذ هذه التوجهات ووقع مبادئ الإيقاد الستة،وأبرم اتفاقيات السلام من الداخل.لكن فجوة الثقة التي باعدت بين كثير من أطراف النزاع حالت دون التوصل لحل سياسي سوداني متفاوض عليه مما استدعى الحاجة لطرف ثالث وسيط.مهمة حاولتها مبادرة الإيقاد،ثم المشتركة، ثم الإيقاد برافع دولي. الأسس الوفاقية التي أثمرتها الاجتهادات والحوارات السودانية ومجهودات توسط الإيقاد برافع دولي هما أساس نجاح مباحثات ماشاكوس الأخيرة. هذه المحادثات اتفقت على نقاط مجملة دون تفصيل،واختلفت حول نقاط،ولم تطرق نقاطا أخرى مطلوبة لاتفاق سياسي شامل. إن السلام العادل الدائم يقوم على مخاطبة جذور الأزمة السودانية وإزالة أسبابها وبالإجماع الوطني على أسسه وبحمايته بوسائل وضمانات داخلية وخارجية. لقد بادر حزب الأمة بالدعوة لبلورة رؤى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والشخصيات المستقلة السودانية للخروج من أزمة الوطن الطاحنة، وللوصول إلى موقف متحد تجاه محادثات السلام التي تجري تحت رعاية إقليمية ودولية في كينيا والتي أسفرت عن توقيع بروتوكول ميشاكوس في يوليو 2002م ولا زالت جولاتها تترى. وصلت المباحثات التي تمت تحت رعاية الحزب إلى "مبادرة التعاهد الوطني" التي شكلت إجماع الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات التي شاركت فيها. اشتملت المبادرة على واحد وثلاثين محورا، وفيما يلي الأسس المقترحة للسلام العادل وهي: التوفيق بين الشريعة والوحدة الوطنية باعتماد المواطنة أساسا للحقوق والواجبات، والتوزيع العادل للثروة والمشاركة العادلة في السلطة ضمن إطار حكم ديمقراطي والاهتمام بالمناطق الأقل نموا، واحترام التنوع الثقافي والاثني، والاتفاق القومي على تلك الأسس، والتحول السلمي وبث ثقافة السلام والتسامح،ومعالجة وضع الحركة الشعبية ودور الرقابة الدولية والإقليمية والضمانات الداخلية، وأسس علاقات البلاد الخارجية على النحو المفصل الآتي: 1) الشريعة والوحدة الوطنية: 1. دستور السودان دستور مدني ديمقراطي لا مركزي. 2. المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات الدستورية. 3. الاعتقاد الديني ضرورة إنسانية للطمأنينة وللرقابة الذاتية وللأخلاق، وللتماسك الاجتماعي، وللهوية الجماعية. والإيمان حق إنساني اختياري لا يجبر عليه الإنسان ولا يحرم منه. 4. بالنسبة للتشريع: أ. القوانين المراد أن يكون تطبيقها عاماً على البلاد يجب أن تكون مصادرها عامة. ب.القوانين المراد أن يكون تطبيقها خاصا بمجموعة معينة يمكن أن تكون مصادرها خاصة بتلك المجموعة. 三. عاصمة البلاد هي الخرطوم بحدود إدارية معلومة يتفق عليها وتمثل العاصمة الإدارية القومية وتخضع للقوانين المستمدة من الدستور الاتحادي. 四. ولاية الخرطوم الحالية يختار لها رئاسة ولائية أخرى. 五. تسري أحكام التشريع(أ و ب) أعلاه على الولاية ولا تسري على الخرطوم العاصمة القومية الإدارية. 2) التوزيع العادل للــثروة: تتكون الثروات الكامنة في باطن الأرض المكتشفة من الآتي: البترول والحديد والذهب والنحاس والغاز والكروم والمانجنيز والمياه الجوفية والسطحية. وتلك التي في ظاهر الأرض والمستغلة في المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية والحيوانات البرية وحياة الأنهار والغابات والضرائب والجمارك والموارد البشرية. ويمكن أن نعرف الثروة القومية بأنها مجموعة القيم التي يمكن تحويلها إلى مال زائدا مجموعة المصارف. إن أقاليم السودان المختلفة تتفاوت في مقدرتها المتمثلة في وجود الكادر البشري الكفء المدرب والقادر على التخطيط وإدارة المشروعات التنموية وإحداث التطور المشهود في الإقليم المعني. وإن ما يحدث الآن هو تفتيت لهذه المقدرات على قلتها وتبديد للموارد. إن الوضع الأمثل أن تجمع كل الموارد والقدرات التخطيطية في موقع واحد يخطط لعمل أنموذج لمشروعات تعمل على تحقيق تنمية متوازنة في كل السودان. بحيث تأخذ المناطق الأقل نموا أكبر حظ من هذه المشروعات. ولتحقيق العدالة بين الأقاليم المختلفة لا بد من وجود معيار واقعي يبنى عليه توزيع عائد الثروات وللوصول لهذا المعيار يمكننا الاستناد على عدد من المؤشرات مثلا من هذه المؤشرات: 1) حجم الموارد في الإقليم أو المنطقة. 2) تعداد السكان. 3) مستوى الخدمات المقدمة الآن للمنطقة ( مستوى الرفاهية الذي يتمتع به مجتمع المنطقة مقارنا بمجتمعات المناطق الأخرى.) والذي يقاس بمستوى التعليم وخدمات المياه الصحية والصحة…الخ. 1/ جهاز التخطيط :بالضرورة وجود أجهزة فاعلة ذات كفاءة عالية جدا للقيام بهذا الأمر وتتمثل في جهاز تخطيط أعلى يناط به: أ. تصنيف الولايات حسب نموها بدء بالأقل نموا إلى الأعلى. ب. تحديد احتياجات كل إقليم من مشروعات التنمية. ت. إعداد هذه المشروعات من الناحية الفنية والإشراف على تنفيذها حسب الدراسات التي أعدها. ث. تدريب وإعداد الكوادر البشرية لتنفيذ وإدارة هذه المشروعات. ج. إعداد خارطة استثمارية للسودان. 2/ صندوق يسمى صندوق حصيلة الموارد الطبيعية: اعترافا بحق المناطق الأقل نموا في التنمية والخدمات ورفعا لمستوياتها التنموية حتى تلحق بباقي المناطق ينشأ صندوق حصيلة الموارد الطبيعية. تجمع حصيلة كل الموارد الطبيعية في هذا الصندوق والذي يرجى أن يدار بشفافية تامة ودرجة إفصاح عالية على أن توزع حصيلة هذا الصندوق كالآتي: 15% تخصص لخزينة المنطقة المنتجة للمورد الطبيعي. 10% تستغل لصالح تنمية وتطوير المجتمعات القاطنة في المنطقة المنتجة للمورد الطبيعي ومعالجة الآثار الضارة على البيئة والمجتمع والتي ينتج عنها تهجيرهم وقفل الطرق ومجاري المياه وتخريب مراعيهم ومزارعهم 10% لصندوق تنمية الجنوب. 20% لصندوق الإعمار القومي، هذا الصندوق يعمل بالتضامن مع مجلس التخطيط الأعلى ويمول المشروعات حسب تصنيف مجلس التخطيط بحيث تأخذ الأقاليم الأقل نموا أكبر قدر من التمويل. 10% لصندوق تركيز أسعار الموارد الطبيعية. الجنوب سوف يأخذ نصيبه ضمن تصنيف مجلس التخطيط. باقي حصيلة هذا الصندوق يذهب للخزانة العامة والتي سوف يكون لكل أقاليم السودان حظ فيها حسبما يتم توزيعه بواسطة الحكومة الاتحادية. بالضرورة أن تكون هناك ضمانات كافية بألا تذهب المبالغ المرصودة حسب النسب لتمويل مشروعات استهلاكية عامة. 3) اللامركزية: إقامة نظام لا مركزي ديمقراطي يكفل المشاركة العادلة في السلطة والتوزيع العادل للثروة على نحو ما سيرد في محور نظام الحكم في بند اللامركزية. 4) التنوع الثقافي: السودان وطن لثقافات وإثنيات متعددة. يعترف الميثاق الثقافي بذلك التنوع ويكفل التعايش الإيجابي والتعبير عن ذلك التنوع في كافة المجالات كما هو موضح بالميثاق الثقافي الوارد في ملف البطاقة الفكرية. 5) المناطق المختلف عليها في التفاوض: أ. المناطق المختلف عليها في التفاوض: منطقة جبال النوبة وآبيي وجنوب النيل الأزرق مناطق تتبع جغرافيا للشمال وفق حدود 1956 ولكنها مرت بظروف استثنائية تستوجب معاملة استثنائية. ب. يجب أن يكون تعريف هذه المناطق جغرافيا وليس اثنيا. ت. يجب أن تتم إصلاحات تنموية وخدمية وإدارية لإزالة المظالم. ث. بالنسبة لمستقبل هذه المناطق يتم إرجاء أي قرار لحين وصول قيادات منتخبة من هذه المناطق تحدد ما يريده أهل هذه المناطق. 6) الاتفاق القومي: أ. تمثل النقاط الواردة في هذا الملف - نقلا عن مبادرة التعاهد الوطني - جزءا مهما من قومية اتفاق السلام المزمع. ب. الآلية القومية لاعتماد الاتفاق: يجب أن يجيز الاتفاق ملتقى قومي يمثل الإنقاذ والأحزاب المتوالية – الحركة الشعبية لتحرير السودان – القوى السياسية الممثلة في الجمعية التأسيسية 1986م – القوى التي أفرزتها المقاومة المسلحة للإنقاذ-القوى السياسية التي أفرزتها معارضة الإنقاذ – الشخصيات الوطنية المتفق على عطائها الوطني والديمقراطي. ج. يقوم عمل الملتقى القومي وفق الضوابط الآتية: 1. قبول كل جزء في اتفاقية السلام كان جزءا من اتفاق سابق. 2. قبول أي جزء من الاتفاقية يشكل ضرورة للتوفيق بين وجهتي نظر أثناء التفاوض. 3. إذا أجمع كل أعضاء الملتقى القومي ما عدا الطرفين المتفاوضين على رأي فإن ذلك يوجب مراجعة الاتفاق. 4. وضع لائحة تجعل الملتقى أقرب للاتفاق. 5. يوقع أعضاء الملتقى على الاتفاقية بعد إجازتها ويلتزمون بالدفاع عنها. (7) التحول السلمي وبث ثقافة السلام والتسامح: 1. يجب أن تتفق كل القوى السياسية على أن التحول السلمي المتفق عليه أفضل من التغيير المفاجئ لأن وسائل التغيير الأخرى تفتح أبواب الضغائن والانقسامات ولأن بلادنا مشحونة بعوامل تجعل انفجارها واردا مثلما ما حدث لغيرها. 2. الحوار هو الخيار الأنسب والوحيد لبحث قضايا البلاد. 3. في المرحلة القادمة يجب التركيز على بناء دولة الوطن على نحو ما سيرد لاحقا (ملف الخدمة المدنية) وعليه تسعى القوى السياسية لخلق مناخ ينأى عن الاستقطاب وروح الانتقام ويلتزم بالآتي: أ. ألا تكون هناك ملاحقات جنائية إلا في إطار ما هو مطلوب لمعرفة الحقيقة والتصالح والتقاضي أمام المحاكم العادية في حالات الشكاوى الجنائية والمدنية. ب. ألا يكون هناك عزل سياسي. تسكين الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان اتفاقية السلام تفتح بابا لطي صفحات الماضي وبداية عهد جديد تتحقق فيه الأهداف الوطنية العليا: السلام والتنمية والديمقراطية والوحدة الطوعية. تسكين الحركة الشعبية: الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان فصيل يغلب عليه الطابع العسكري وهو طابع فرضه واقع معين. يجب الاتفاق على الآتي فيما يتعلق بمشاركة الحركة الشعبية في السلطة السياسية: 1. في المرحلة الأولى يتم الاتفاق على مشاركتها في السلطة حسب التفاوض الجاري في مشاكوس. 2. مراعاة لخصوصيتها وحتى يتم تحولها إلى حركة سياسية يتم اتفاق القوى السياسية على وضع للحركة الشعبية يتم بموجبه إشراكها في كل مستويات الحكم. 3. يجب ألا تشكل نتائج الانتخابات عائقا أمام المشاركة وألا يحدث عزل للحركة بناء على نتائج الانتخابات. 4. يجب على الجميع - بما فيهم الحركة - نبذ الشمولية ومحاصرة أصحابها وعد م التحالف معهم لأنهم في النهاية سينقلبون على حلفائهم. الشمولية جزء من مشاكل السودان والتخلي عنها أحد وسائل العلاج. النهج الوفاقي القومي هو الأصلح وأي نهج ثنائي يهدف لإقصاء الآخرين لن يكون مستداما وسيفتح الباب لاستقطابات مضرة بالبلاد. 9) الرقابة والضمانات الداخلية: تشكل المؤسسات والهيئات التالية ضماناً للمراقبة ولتنفيذ الاتفاق: 1) الهيئة القومية المستقلة لحقوق الإنسان. 2) الهيئة القومية المستقلة للانتخابات. 3) القضاء المستقل. 4) الهيئة التشريعية. 5) الإعلام. 6) آليات الرقابة الشعبية الممثلة في الأحزاب والنقابات والمنظمات الطوعية. 10) التوازن الإقليمي: هناك اهتمام إقليمي ودولي بالشأن السوداني تمثل في مبادرات آخرها ما يجري بمشاكوس. إننا نرحب بمفاوضات مشاكوس وبالاتفاقات التي تمخضت عنها ونرحب بالدور المساعد للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية .ولتوسيع المشاركة ولتحسين فرص السلام يتم تحقيق الأهداف الوطنية. لخلق هذا التوازن يجب عمل الآتي: 1. تكملة المساهمة الإقليمية بمشاركة دولتي المبادرة المشتركة- مصر وليبيا- في الإجراءات المقبلة. 2. لقد كان لنيجريا ولجنوب أفريقيا دور هام في السعي للسلام في السودان. لذلك ينبغي إلحاقهما في المراحل المقبلة هذا الإلحاق يشمل الرقابة والمشاركة في الهيئات المختلفة المعنية بالمتابعة وضمان التنفيذ. 3. هناك دول ذات شأن مثل روسيا ودول ذات علاقة خاصة بالسودان مثل السعودية والصين وماليزيا ودولة الإمارات وقطر والكويت. هذه الدول ينبغي أن تشرك بصورة محددة في عملية السلام والاستقرار في السودان. 4. ينبغي أن يتوج الأمر بمباركة الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وأن يرعى البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة والصناديق العربية والمنظمات الطوعية العالمية مشروع دعم برنامج السودان لإعادة التعمير والتنمية بعد إحلال السلام والتحول الديمقراطي. 11) الرقابة والضمانات الدولية: القضايا والآليات التي تتطلب رقابة دولية بحسبان أنها تشكل الضمانات المطلوبة لإنفاذ اتفاقية السلام الشامل بأكبر قدر من الإجماع القومي والدولي، هي: 1- وقف إطلاق النار : هناك خياران للتنفيذ: الأول: الاستهداء بتجربة جبال النوبة مع أهمية التمثيل القومي بالإضافة للحكومة والحركة وضرورة إشراك دولتي المبادرة المشتركة مع دول الإيقاد والوسطاء. ولتحقيق التوازن الإقليمي والدولي المطلوب نرى إضافة دول ذات شأن كالاتحاد الروسي ومنظمات أو دول ذات علاقة خاصة بالسودان كالصين- ماليزيا- السعودية- دولة الإمارات العربية المتحدة- دولة قطر- دولة الكويت- الجامعة العربية- الاتحاد الأفريقي- نيجريا- جنوب أفريقيا. الثاني: أن تتولى منظمة الأمم المتحدة الأمر وهذا يتطلب دعوة رسمية من حكومة السودان مع موافقة الحركة. والأسباب الموضوعية لذلك هي: أ. لتجربتها التراكمية في هذا المجال. ب. لتوزيع أعباء التمويل. ج. أكثرية الدول الوسيطة والمراقبة أعضاء دائمون في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وهذا يشكل بعدا ذا ثقل على صعيد المجتمع الدولي. 2- لجنة مستقلة للرقابة والتقويم: نص بروتوكول مشاكوس على تكوين لجنة مستقلة للرقابة والتقويم خلال الفترة ما قبل الانتقالية لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام وأن تقوم بإجراء دراسة تقويمية بنصف الفترة فيما يتعلق بترتيبات الوحدة المضمنة في اتفاقية السلام.وتتكون اللجنة من عضوية متساوية العدد ما بين حكومة السودان والحركة وما لا يزيد عن ممثلين اثنين من بين المجموعات الآتية: دول الإيقاد أعضاء اللجنة الفرعية الخاصة بالسودان وهم: جيبوتي- إريتريا- أثيوبيا- كينيا- يوغندا. زائدا الدول المراقبة وهي إيطاليا- النرويج- المملكة المتحدة- الولايات المتحدة. وأي دول أخرى أو منظمات إقليمية أو دولية تتفق عليها الأطراف. إننا نؤمن على قيام هذه اللجنة الهامة ولكن يجب تأمين التمثيل القومي داخل هذه اللجنة. 3- الانتخابات: لابد من وجود رقابة دولية للانتخابات العامة القادمة لضمان نزاهتها. ويمكن أن تتشكل الآلية من الأمم المتحدة أو من الدول الراعية لاتفاق السلام كما هو مقترح في بند وقف إطلاق النار أعلاه. 4- الاستفتاء: كذلك لابد من وجود رقابة دولية لعملية الاستفتاء مثل الرقابة على وقف إطلاق النار والانتخابات. 5- حقوق الإنسان: 1) التأكيد على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عن" حالة حقوق الإنسان في السودان" والداعي: أ- لأن تكون حقوق الإنسان عنصرا أساسيا في محادثات السلام باعتبار أن السلام المستدام لا يمكن تحقيقه بدون احترام حقوق الإنسان. ب- لتدعيم مشاركة المجتمع الدولي في الأنشطة الداعمة لاحترام حقوق الإنسان في السودان وخاصة لجنة القضاء على ظاهرة اختطاف النساء والأطفال ولمواصلة دعم الجهود الوطنية لبناء الهياكل الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني وأن تضع تصورا لكيفية توسيع صلاحيات مكتب المندوب السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في السودان لتشمل دورا رقابيا في المرحلة القادمة. 2) إنشاء الهيئة القومية لحقوق الإنسان مع التأكيد على أهمية أن يكون لها دور تنسيقي مع لجنة حقوق الإنسان والمقرر الخاص التابعين للمنظمة الأممية ليتكامل دورهم الرقابي جميعا. خاصة وأن منظمات المجتمع المدني من أحزاب سياسية ونقابات وهيئات غير حكومية ومنظمات شعبية أصبحت ذات تأثير ونفوذ كبيرين تحت ظل العولمة. 6- آلية للشكاوي: تكوين آلية للشكاوي من بعض الشخصيات العالمية من ذوي الحكمة والخبرة والتأثير الدولي (حكماء) بتمثيل أفريقي، عربي، أوروبي، آسيوي. 7- العقوبات: تكون مثل صيغة جبال النوبة لمراقبة وقف إطلاق النار. لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تتولى مراقبة حقوق الإنسان في السودان. 13) أخرى: المحاور أعلاه تشكل الرأي حول بنود اتفاقية السلام المرتقبة، هنالك محاور أخرى تتعلق بالاتفاقية هي: الآلية الانتقالية- نظام الحكم- الديمقراطية المستدامة- التنمية المستدامة- الخدمة المدنية- القوات النظامية والعلاقات الخارجية، ترد في هذا البرنامج مفصلة في الأبواب اللاحقة.
الملف الثالث: الآلية الانتقالية الحكومة الانتقالية: يقترح حزب الأمة أن تكون الحكومة الانتقالية على النحو التالي: 1) الفترة قبل الانتقالية: مدتها ستة أشهر يستمر فيها الرئيس عمر حسن أحمد البشير يتم الالتزام فيها بالآتي: أ. احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والأساسية. ب. رفع حالة الطوارئ. ج. الالتزام بالنهج القومي في إدارة البلاد. د. تهيئة المناخ ليناسب المرحلة الجديدة بالآتي: إجراء تعديلات دستورية وقانونية في مجالات قانون الأحزاب والنقابات والأمن وغيرها. بث ثقافة السلام وتأكيد معاني التصالح الوطني. مد جسور الثقة ووقف العدائيات وتجنب اللغة الاستقطابية. إطلاق سرح المعتقلين. نبذ العنف. 5. تكوين المؤسسات والآليات المنصوص عليها في اتفاقية السلام، وهي: أ. تكوين اللجنة القومية للدستور. ب. وضع الإطار الدستوري للفترة الانتقالية. ج. تكوين الهيئة القومية لحقوق الإنسان. 2)الفترة الانتقالية: ومدتها ست سنوات تنقسم لفترتين: الفترة الأولى: 1. تبدأ مباشرة بعد الفترة قبل الانتقالية وتنتهي باكتمال أجل ولاية الرئيس البشير الحالية. 2. يتم فيها تكوين حكومة وحدة وطنية برئاسة البشير تشمل القوى السياسية الآتية: الإنقاذ – الحركة الشعبية لتحرير السودان – القوى الممثلة في الجمعية التأسيسية 1986م حسب ثقلها – القوى التي أفرزتها المقاومة المسلحة للإنقاذ – القوى التي أفرزتها معارضة الإنقاذ المدنية –القوى المتوالية – الشخصيات الوطنية المتفق على عطائها الوطني والديمقراطي. كما يتم حل المجلس الوطني والمجالس الولائية ومجالس المحليات ويتم تشكيل مجالس وحدة وطنية بنسب يتفق عليها وتعيين ولاة من التكنوقراط يتفق عليهم. الفترة الثانية: في هذه الفترة يتم تنفيذ المهام التالية: أ- برنامج لإزالة آثار الحرب. ب- برنامج للإغاثة وإعادة توطين النازحين واللاجئين. ج- وضع برنامج قومي للتنمية وإعادة التعمير والتنمية المتوازنة وعقد مؤتمر مائدة مستديرة يضم أصدقاء وأشقاء السودان لتنفيذ ذلك البرنامج. د- إقامة دولة الوطن على أساس قومي: الخدمة المدنية- القوات النظامية- الاقتصاد- المؤسسات…الخ. ه- الفصل بين القوات المتحاربة. و- القيام بالترتيبات الأمنية بما يحفظ أمن البلاد. ز- التحضير للانتخابات العامة بوضع قوانين جديدة للانتخابات وتكوين هيئة مستقلة للانتخابات وآليات رقابة. ح- إجراء الإحصاء السكاني. ط- مساعدة القوى السياسية والنقابية لإعادة تنظيمها على أسس قومية ديمقراطية حرة. ي- تجرى الانتخابات في نهاية هذه الفترة. يجب قبل الانتخابات: أ. أن تلتزم كل القوى السياسية التي تخوض الانتخابات باتفاقية السلام. ب. أن تلتزم بكل التطمينات اللازمة لقوى الإنقاذ وللحركة الشعبية لتحرير السودان. ت. أن تلتزم بالنهج القومي في الحكم مهما كانت نتيجة الانتخابات. ث. أن تلتزم بمراعاة حساسية الأطراف المتظلمة. ج. أن تلتزم بإجراء الاستفتاء في موعده المحدد. ح. أن تلتزم ببرامج قومية لتعزيز خيار الوحدة. خ. أن تلتزم بموجبات الميثاق الوطني والميثاق الثقافي والميثاق الديني والمواثيق الأخرى "المتفق عليها". د. عمل مشروع قومي للعودة الطوعية للمهاجرين السودانيين يعمل على الاستفادة من خبراتهم في التنمية وإعادة التعمير تصحبه حوافز لهم لتكفل نجاح المشروع. إزالة آثار الحرب: تعرف مناطق الخلل الأمني الذي نتج عن المواجهات المسلحة بأنها كل المناطق التي حدث فيها خلل للنسيج الاجتماعي لسكانها وأدى لنزوحهم أو لجوئهم ولإزالة هذه الآثار عن هذه المناطق لا بد من: 1) العمل على نشر ثقافة وبناء السلام وذلك بعقد اللقاءات والمؤامرات والتصالح بين سكان هذه المناطق باثنياتهم المختلفة وإعادة التحالفات السابقة لخلق الإلفة ومد جسور التواصل بينهم. 2) عقد مائدة مستديرة لتنظيم واستيعاب الدعم المالي والوطني والدولي ( صناديق الأمم المتحدة والبنك الدولي والصناديق العربية والأفريقية) لتوطين النازحين واللاجئين وإنشاء صندوق لذلك. 3) إنشاء مشروع تنموي خاص لهذه المناطق بحيث يكون فيه حافزا للعودة ومن ثم يمكن تلك المناطق من البناء والتنمية. 4) إعادة التوطين الاختياري للنازحين واللاجئين وإعادة تأهيلهم وتزويدهم بوسائل كسب العيش وبرامج خدمات صحية وتعليمية وتخصيص صندوق خاص لذلك. 5) تنفيذ مشروعات صغيرة لخلق عمالة وعائد لهؤلاء العائدين على ألا تكون هناك مشاركة في تمويل هذه المشروعات من المواطنين حتى مرحلة الاستقرار الكامل. 6) إعادة التعمير وتأهيل البنيات التي تحطمت وتأهيل المجتمع لدخول دائرة الإنتاج. 7) معالجة أمر الفاقد التربوي بسبب الحرب عن طريق التدريب الحرفي للذين تجاوزوا سن التعليم وإيجاد فرص للدراسة للذين مازالوا في سن الدراسة. إيجاد فرص خاصة للتعليم المهني لأبناء المناطق المتأثرة بالحرب( الطب والصيدلة والهندسة والزراعة والبيطرة) وذلك لكي يتمكنوا من قيادة التنمية في هذه المناطق. فتح المسارات ومناهل المياه والمراعي والمحطات والطرق التي قفلت. 9) مناطق التماس مناطق متأثرة بالحرب ويجب إعطاؤها اهتماما في برامج التنمية والخدمات وإزالة آثار الحرب والبرامج الإعلامية لبث ثقافة السلام. دولة الوطن: إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس قومي عادل ومتوازن. مؤسسات الدولة الدائمة هي: 1) الخدمة المدنية بكل فروعها. 2) القوات النظامية بكل فروعها. 3) الاقتصاد الوطني. 4) البنية التحتية للخدمات الاجتماعية. وسيأتي الحديث المفصل عنها في أبوابها. المظالم والمساءلة: لا جدال أن هنالك مظالم تاريخية عانت منها المجموعات السودانية المختلفة تمثلت في صور التعدي على الدستور والقانون وفي نقض العهود والتفريط في السيادة الوطنية واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة ، كما تمثلت تلك المظالم في جرائم ضد الإنسانية وحقوق الإنسان وفي جرائم ومخالفات جنائية ومدنية تقتضي مخاطبتها بالآليات المناسبة لتصفية وتنقية حياتنا السياسية والاجتماعية من المرارات والمظالم والتجاوزات وطي صفحة الماضي باتخاذ التدابير والإجراءات التي تحقق ذلك والتي يمكن إيجازها في : 1. الاعتراف بالمظالم السابقة والاعتذار عنها وفتح الطريق لعلاقات أخوية ودية بين أبناء الوطن. 2. اعتراف نظام الإنقاذ بالتعديات التي مارسها على كل السودانيين والاعتذار عنها. 3. إنشاء آلية قومية للحقيقة والمصالحة تقوم بتقصي الحقائق عن كل التجاوزات منذ الاستقلال، على النحو التالي: أ. إنشاء آلية/ آليات قومية عادلة تتولى إعداد ملفات حالات المظالم والتجاوزات والانتهاكات خلال لجان فنية تتولى التحقيق والتقصي يتم اختيارها من ذوي الكفاءة والخبرة والحيدة والموضوعية بحيث تنأى بنفسها عن الكيد السياسي وعن تصفية الحسابات الشخصية وغيرها وأن تتحرى الصدق والبعد عن الشائعات والأقاويل تفادياً للآثار السلبية التي تترتب على أخذ الناس بالشبهات أو على تبرئة ساحة المتهمين أو المشتبه فيهم من التهم الموجهة إليهم بدون استحقاق للبراءة. ب. رصد المظالم والتجاوزات والانتهاكات وحصر وتحديد مرتكبيها أو من شاركوا أو ساعدوا في ارتكابها وجمع البينات والأدلة من وثائق ومستندات وتقارير ذات صلة بالشكوى محل النظر . ج. أن تلتزم الآليات المناط بها التحقيق والتقصي والتوصية والفصل في حالات المظالم والتجاوزات والانتهاكات محل النظر ، أن تلتزم بتطبيق القانون إعمالاً لمبدأ سيادة حكم القانون ، بحيث تشكل أساساً لاستقرار المجتمع ضماناً لمصالحة اجتماعية وتصفية الضغائن وإزالة المرارات والحيلولة دون أخذ المتضررين القانون بأيديهم . كما يساعد ذلك على طي صفحة الماضي والتطلع لمستقبل واعد خالٍ من تركة مثقلة بالمرارات وتحصن المجتمع من التجاوزات والانتهاكات في المستقبل . د. أن تتولى الآلية القومية في ضوء ما يتوفر لديها من بينات وأدلة ، تتولى أخذ الإقرارات والاعترافات وعرض المصالحة والعفو كاملاً أو مشروطاً أو منقوصاً مقابل اعتراف المتهمين بما ارتكبوا والاعتذار عما ارتكبوا من انتهاكات وتجاوزات جنائية ومدنية في حق الوطن والمواطن . ه. تسعى آلية الحقيقة والمصالحة ، مقابل اعتراف المتهم/ المتهمين بما ارتكبوه والاعتذار عما ارتكبوا من مخالفات أو تجاوزات أو انتهاكات في حق الغير مما يقتضي المساءلة القضائية ، تسعى للصلح والتوفيق بين المتهم / المتهمين والمتضررين بجبر ما أصاب الأخيرين من أضرار، مادية كانت أو معنوية، في أنفسهم أو في أموالهم ، سواء كان ذلك بمجرد الاعتراف والاعتذار أو مقابل تعويض مادي أو بكليهما . و. في حالة فشل الآلية / الآليات في البت في أي حالة أو حالات مظالم أو تجاوزات أو انتهاكات لرفض المتهم/ المتهمين التعاون معها أو الاعتراف أو الاعتذار لما ارتكبوا أو لتعذر إخطار أو إعلان أو القبض على المتهم / المتهمين لاخفاء نفسه / أنفسهم أو لهروبه/ هروبهم خارج البلاد أو لأي سبب من الأسباب، وبناءٍ على توصية اللجنة الفنية المعنية، يجوز للآلية توجيه الشاكين أو المتضررين لتحريك دعواهم / شكواهم أمام القضاء الوطني أو القضاء الإنساني الدولي، حسب الأحوال، طالما تعلق الانتهاك بالجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب والتعذيب، والإبادة الجماعية والتطهير العرقي وغيرها من الجرائم التي يجوز محاكمتها أمام القضاءين الوطني والدولي . ز. سواء تم تحريك إجراءات قضائية أمام القضاء الوطني أو الدولي لابد من الحرص على محاسبة / محاكمة المسئولين، عن وضع السياسات واتخاذ الإجراءات التي تنجم عنها الانتهاكات والتجاوزات والمظالم بدءاً بالتخطيط والأعداد والمشاركة وانتهاءً بالتنفيذ ، وفي كل الأحوال لابد من الإعداد الكافي للملفات والاستعانة بذوي الكفاءة والخبرة في هذا المجال بدلاً عن تحريك دعاوى تنتهي بتبرئة المتهم وتفادياً للآثار السلبية التي تترتب على التبرئة ، ولنا في محاكمات مدبري انقلاب مايو عبرة وعظة. ح. أخيراً ، ومع حرص الكل على ملاحقة ومساءلة ومعاقبة كل من ارتكب جرماً في حق الوطن والمواطن ، أينما كان وحيثما كان ، إلا أن الحرص على استقرار البلاد وضمان وحدة شعبه وأرضه والتطلع لمستقبل ولحياة تسودها روح الإخاء والمودة وقيم التسامح وقبول الآخر يدعونا لانتهاج نهج جنوب أفريقيا لتجاوز مظالم ومرارات الماضي عبر آلية " الحقيقة أولاً ، ثم الاعتذار والتعافي المتبادل ". 4. يشرع في تكوين هذه الآلية وتبدأ في عملها منذ بداية الفترة الانتقالية. 5. تنشا آلية خاصة بالتعديات المتعلقة بالمال العام. التعداد السكاني: الاتفاق على آلية مناسبة بمساعدة دولية لإجراء الإحصاء السكاني في السودان قبل الانتخابات العامة. الانتخابات: على نحو ما سيرد في محور الديمقراطية المستدامة.
الملف الرابع: التنمية المستدامة رزئت بلادنا بنظم شمولية اقتطعت ثلاثة أرباع عمرها منذ الاستقلال،تردت فيها البلاد إلى درك سحيق وتردت فيها تلك النظم من سيئ إلى أسوأ. وجد النظام المايوي اقتصادا سودانيا قويا في قطاعيه العام والخاص: فقد بلغت مساهمة القطاع العام 40% من الإيرادات الحكومية من فائض أرباحه، وبلغت مساهمة القطاع الخاص 60% من صادرات البلاد، وكانت قيمة العملة الوطنية- الجنيه- تساوي 3،3 دولارا، فترك البلاد وقد انمحق فائض الميزانية مما جعل التنمية معتمدة على العون الخارجي. وانمحقت قيمة الجنيه فصار يساوي 14 سنتا. وأثقل كاهل البلاد بديون بلغت 8 مليار دولار، فتوقفت التنمية وانهارت الخدمات وتدنى الاستثمار وعانت البلاد عجزا دائما في الميزان الداخلي والخارجي وسجلت المؤشرات الاقتصادية تراجعا عاما حتى بلغت نسبة نمو الدخل القومي –12،8%. ورث النظام الديمقراطي هذا الوضع البائس فعمل على إصلاحه بنهج علمي قومي رشيد يشرك المختصين والخبراء ويشرك القوى السياسية والنقابية ويفتح الباب لعون الأشقاء والأصدقاء فحقق إنجازات اقتصادية نقلت البلاد من شفا المجاعة إلى توفير مخزون استراتيجي بلغ 15 مليون جوال من الذرة. ونقلت مؤشرات الاقتصاد من خانة السلب إلى الإيجاب فعلى سبيل المثال تحول نمو الدخل القومي السالب من 12،8% تحت الصفر إلى موجب 12،3% . ثم أتى نظام "الإنقاذ" الذي تسببت سياساته الاقتصادية الخاطئة في تدني الإنتاج كما تسبب توسعها في الصرف الأمني والعسكري في إهدار الموارد الشحيحة فانهار الاقتصاد وتوقفت التنمية. وألغى نظام الإنقاذ دولة الرعاية الاجتماعية بجرة قلم. وبعد أن كان عجز الميزان الداخلي مليار جنيه سوداني وكان الميزان الخارجي متوازنا في العهد الديمقراطي، صار عجز الميزان الداخلي 190 مليار جنيه وعجز الميزان التجاري مليار و136 مليون دولار في عام 1998 . وبعد أن كان السودان يخصص للتنمية مليار دولار سنويا توقف ذلك أو كاد الآن. وللخروج من هذا المأزق لابد من تبني سياسات وموجهات اقتصادية واتخاذ تدابير فورية لوقف الانهيار وتحقيق التنمية المستدامة. 1) التنمية المستدامة: تقاس التنمية الاقتصادية المستدامة بأربعة معايير بالإضافة لمعيار التنمية الاقتصادية التقليدي وهو الزيادة في دخل الفرد.تلك المعايير هي: 1) انعكاس الزيادة في الدخل على الرفاهية الاجتماعية: تحسين الخدمات الاجتماعية، زيادة متوسط العمر وغيرهما. 2) التزام التنمية بالاستغلال المتوازن للموارد الطبيعية واهتمامها بالبيئة. 3) الاهتمام بالبعد الثقافي للتنمية. 4) الاهتمام بالتوازن في خطط التنمية. دور الدولة وآلية السوق الحر: إن نجاح اقتصاد السوق الحر في تحقيق التنمية الاقتصادية لا يعني إلغاء دور الدولة. فبالرغم من أن الدولة لا تستطيع أن تقوم بدور السوق الحر إلا أن لها دورا هاما في قيادة وتوجيه التنمية المستدامة وتهيئة المناخ للسوق الحر ليقوم بدوره بصورة صحية. ولتحقيق ذلك يتعين على الدولة القيام بالتدابير التالية: إقامة حكم القانون والمحافظة على حرمة الملكية والعقود لتأمين الأساس القانوني للمجتمع. اتباع سياسات اقتصاد كلي تشجع الاستثمار، والإنتاج، وتضبط النظام المالي، والنقدي، والمعاملات التجارية وتحافظ على النشاط الاقتصادي في درجة عالية. ترقية وتطوير البنيات الأساسية المادية في مجالات النقل، والاتصالات، والطاقة. إصلاح اختلال التوازن التنموي الإقليمي.
05-17-2003, 03:54 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
حماية شرائح المجتمع الضعيفة.. حماية البيئة. تحقيق الانتفاع التنموي بالعولمة والحماية من سلبياتها. استصحاب التفاعل الإيجابي بين التنمية والثقافة. الإجراءات الفورية: هنالك إجراءات فورية مطلوب اتخاذها بشأن الاقتصاد الوطني هي: § تأسيس نظام مالي منضبط يعمل في جانب الصرف على : إيقاف الصرف الأمني والعسكري الذي اقتضته طبيعة النظام الشمولي. ومثل ذلك ينبغي عمله في التوسع الإداري الذي ضخم الصرف دون معني. وفي جانب الإيرادات: العمل على إصلاح النظام الضريبي لجعل التدفق المالي متمشيا مع العدالة، والتخلص من الضريبة المزدوجة. وفي حالتي الإيرادات والمصروفات ضرورة الفصل بين ما هو مركزي وما هو لا مركزي في مجال الإيرادات والمصروفات. § إصلاح النظام المصرفي لتمكين المصرف المركزي من أشراف حازم على المصارف. ومن ضبط لها. والتزام المصرف المركزي بسياسات لتحجيم الكتلة النقدية التي تهدف ضمن إصلاحات أخرى لاستعادة قيمة العملة الوطنية. § إعادة تأهيل المشروعات الزراعية والمنشآت الصناعية والمرافق العامة وتوفير مدخلات الإنتاج اللازمة لها. § الدين الخارجي اقترضه نظام غير شرعي وصرفه بطرق غير منضبطة مما يبرر طلب إعفائه. § إعادة تأهيل وتعمير المناطق المتأثرة بالحرب الأهلية. تمويل التنمية: وعلى الرغم مما حل به فإن السودان واعد وقادر على تحقيق التنمية المستدامة فهو يتمتع بثروات طبيعية ضخمة وبموارد بشرية غنية ورصيد ضخم من النوايا الحسنة من الأسرة الدولية وبرأس مال وطني مغترب ضخم.وبهذا يمكن أن يتم تمويل برنامج التنمية المستدامة من المصادر الآتية: 1. المدخرات الوطنية. 2. موارد المغتربين السودانيين. 3. وكالات التمويل الإقليمية ( مثر البنكان الإسلامي للتنمية والأفريقي). 4. وكالات التمويل الدولية 5. البنوك الدولية 6. التسهيل الإئتماني 7. الجهات المانحة 8. الاستثمار الخاص المباشر 9. التدفق المالي عبر البورصة 10. المنظمات غير الحكومية إصلاح بعض السياسات الحالية: هناك سياسات استنها النظام وهي صحيحة من حيث المبدأ ولكن تطبيقها كان خاطئا ومضرا.يجب الاستمرار في تلك السياسات مع إصلاحها ومراجعة أسس تطبيقها: 1) تحرير الأسعار وإلغاء الدعم لتحرير السوق: هذه السياسة طبقت بقسوة دون أية محاولة لتخفيف العبء عن الشرائح الضعيفة. 2) الخصخصة:يجب أن تتم على أسس واضحة وموضوعية تراعي الآتي: تحديد المؤسسات التي يراد خصخصتها بناءا على أسس واضحة منها الجدوى الاقتصادية فليست كل مؤسسات القطاع العام عديمة الجدوى وتحديد المؤسسات التي يجب أن يديرها القطاع العام. اتباع الإجراءات الصحيحة في الخصخصة مثل ضمان القيمة الحقيقية للمنشآت المراد بيعها وسلامة إجراءات البيع من علنية وشفافية وكفالة التنافس الشريف حفظا للمصلحة العامة. مراعاة الجانب الاجتماعي وتقليل الآثار السالبة للخصخصة على العاملين وعلى المواطنين بصفة عامة. أن تراعى أهمية عدم جعل ذلك المرفق أو المؤسسة المخصخصة وسيلة للاحتكار سواء أكانت لسلعة أو لخدمة. 3) سوق الأوراق المالية: إصلاح السوق بتوفير الشروط الملائمة لنشاطه من استقرار السياسات الاقتصادية وضمان حقوق الملكية واستعادة البلاد لعلاقات خارجية طبيعية مع الأسرة الدولية. الديون: بلغت ديون السودان الخارجية في بداية عام 2000 حوالي20 مليار دولار الأصل حوالي11 مليا دولار والباقي يشكل خدمات الدين المتمثلة في الفوائد والعقوبات الجزائية. أصبح هذا الدين عبئا ثقيلا على الاقتصاد السوداني مما كبل حريته ونموه وبات من الضروري إلغاء هذا الدين بشتى الطرق للأسباب: 1) أصل هذه الديون قروض استلفت لمشروعات استهلاكية ومجالات غير منتجة بيد عهود بائدة وليس من الحكمة أن تتحمل الأجيال القادمة أعباء لا دخل لها بها. 2) هذه القروض استلفت بواسطة حكومات غير شرعية ولم تؤيد بواسطة الشعب أو ممثليه في البرلمان ولم يشرف على كيفية استغلالها بل استغلت بطريقة غير شرعية و في مجالات غير معروفة وقد شابها الفساد والإجرام وتعتبر هذه القروض جريمة ارتكبت في حق الشعب السوداني. 3) الدول الأوروبية الكبرى استنفدت طاقات وموارد وفوائض الدول الفقيرة في الحقبة الاستعمارية. 4) البنوك التجارية حققت أرباحا خيالية تفوق ديون العالم الثالث التي حولت كلها في النهاية إلى البلاد المتقدمة فقد ساعدت هذه البنوك الفئات غير المنتجة والنخب الحاكمة في تهريب الأموال وإيداعها فيها. إن الشعب السوداني لن يتحمل أوزار جلاديه مرتين ولذلك فانه يطالب بإلغاء هذه الديون. البنيات الأساسية: توضع خطة شاملة ترسم وتقر مشاريع البنيات الأساسية(مثل الطرق والجسور والخزانات) على أن يتم تنفيذها عبر برامج قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى كما هو في ملف الخدمات. البيئة: تتطلب التنمية المتوازنة اهتماما بالبيئة يفصل الحديث عنه في ملف التنمية الاجتماعية. المناطق الأقل نموا: هي المناطق التي عانت إهمالا من الحكومات المركزية -بدرجات متفاوتة- مما تسبب في تخلفها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.فقد كانت قاعدة التنمية الاقتصادية التي أحدثها البريطانيون ضيقة للغاية إذ أهملت من أجزاء الوطن ما ابتعد عن المشاركة المباشرة في إنتاج و ري وترحيل القطن. ولم تتمكن الحكومات الديمقراطية من تصحيح ذلك الخلل لقصر فتراتها، بينما لم تكتف العهود الاستبدادية بذلك بل فاقمت الأوضاع سوءا بسياساتها. إن محاولة تعريف هذه المناطق تعريفا اثنيا محاولة خاطئة ومضرة، الصحيح أن يوضع مقياس موضوعي لتلك المناطق مثل دخل الفرد، نسبة الخدمات الاجتماعية لتعريفها. يجب أن يعترف الجميع بالمظالم والاختلالات التي عانت منها هذه المناطق مع الاستعداد والعمل لإزالتها بالإجراءات الآتية: أ. في مجالي التنمية الاقتصادية والمشاركة السياسية: 1o تبني مشروع مارشال لتحقيق التنمية الشاملة في البنيات التحتية والخدمات والتنمية البشرية وغيرها وإلحاق هذه المناطق ببقية القطر. 2o تبني مبدأ التمييز القصدي الإيجابي لضمان المشاركة العادلة لأهل تلك المناطق في كل المجالات السياسية والاقتصادية. 3o ضمان تمثيل هذه المناطق على جميع المستويات المركزية والإقليمية والمحلية. 4o العمل على تشجيع المشاريع الصغيرة والمدرة للدخل وتمليك المواطنين وسائل الإنتاج. 5o تحسين الخدمات الزراعية والبيطرية. ب. في مجال التعايش السلمي: q عقد مؤتمر قومي يضم كل المجموعات السكانية لبناء ثقافة التعايش السلمي. q تطوير دور منظمات المجتمع المدني في هذه المناطق لتلعب دورا في السلام والتنمية والتعايش السلمي واستخدام الموارد الطبيعية. q مراجعة نظام الإدارة الأهلية بما يحقق التعايش السلمي. ج. في مجال السياسات الثقافية: الالتزام بالميثاق الثقافي الوارد في ملف البطاقة الفكرية في مجالات السياسات التعليمية واللغوية والإعلامية. 2) سياسات القطاعات الاقتصادية: يتضمن هذا الجزء المحاور التسعة الآتية: (أ) الاقتصاد الكلي (ب) النظام المصرفي (ج) التجارة الخارجية (د) الاستثمار (هـ)الزراعة والري (و) الصناعة (ز) النقل والاتصالات (ح) البترول (ط) السياحة. أ) الاقتصاد الكلي: الاقتصاد الكلي الآن منهار ويعاني من الآتي: · انعكس عدم الاستقرار السياسي والممارسات القمعية والسياسات غير المدروسة سلبا على بيئة الاقتصاد الداخلية والخارجية. · وكذلك كان أثر عدم ثبات السياسات الاقتصادية. · وأرهقت زيادة الصرف العسكري والأمني الخزينة العامة. · واستنزف الفساد المالي والإداري موارد الدولة المالية. · وأدى ذلك لانهيار المشروعات المنتجة وتدني الإنتاج. سياسات الاقتصاد الكلي المطلوبة: 1) الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي وتحقيق السلام سيقلل الصرف الأمني والعسكري ويتيح المجال للاستثمار وتدفق الموارد الخارجية. 2) معالجة شاملة لهياكل الاقتصاد تشمل الإصلاح المالي والإداري والفني على كل المستويات والمؤسسات. 3) الاعتماد على موارد حقيقية وإيقاف التمويل بالعجز. 4) دعم القطاعات الإنتاجية. 5) الإصلاح الضريبي. ب) النظام المصرفي أدت السياسات الخاطئة في القطاع المصرفي لانعدام الثقة فيه: q فزادت الكتلة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي. q وهربت رؤوس الأموال للخارج. q وانعكس ذلك سلبا على المصارف. ضيقت السياسات الحكومية فرص الاستثمار بالنسبة للبنوك مثل إيقاف التجنيب من موارد الصادر، وتحديد سقوف التمويل وإرهاق البنوك بالتبرعات القسرية وغيرها. الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفي: بالإضافة للإصلاحات الكلية أعلاه يتم تبني السياسات المصرفية الآتية: 1) إصلاح بنك السودان ليعود مؤسسة قومية ورفع قدرات العاملين به. 2) إعادة هيكلة المصارف المتخصصة برأس مال من المالية وبنك السودان. 3) تقوية المصارف بالصورة التي تمكنها من منافسة البنوك القادمة من الخارج. 4) العمل على ترقية الأداء في الجهاز المصرفي فنيا وتقنيا ورفع قدرات العاملين به مهنيا. ج) التجارة الخارجية: السياسة المطلوبة: 1) تنمية وتطوير البنيات التحتية التي تسهل انسياب السلع إلى العالم الخارجي مع إنشاء شركات تعمل في مجال الخدمات المساعدة كالتخزين والنقل والتأمين. 2) الاهتمام بتنمية الصادر وبصناعة الصادر. 3) حل المعوقات التي تتعلق بالإنتاج الزراعي والاهتمام بالسلع الاستراتيجية التي لها ميزات نسبية في مجال التجارة الخارجية. 4) وضع سياسات واضحة مبنية على الدراسة المتأنية والمعلومات الدقيقة وتحسين شروط التبادل التجاري لتفادي التأثيرات السالبة لحركة التجارة الخارجية. 5) وضع قوانين مرنة توجه الاستثمار نحو الأنشطة الاستراتيجية تدعم التجارة الخارجية وتشجع جذب مدخرات السودانيين العاملين بالخارج. 6) مواكبة العولمة وثورة تقنية المعلومات وتدريب الكوادر. 7) تكوين جهاز أعلى للصادرات. وضع ترتيبات خاصة مع دول الجوار لضبط تجارة الحدود والحد من التهريب. 9) تحسين العلاقات الثنائية وتطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الدولية. د) الاستثمار: السياسات المطلوبة هي: 1) حل مشاكل البنيات التحتية. 2) العمل على تشجيع السياسات التي تؤدي للاستقرار الاقتصادي. 3) عمل خارطة استثمارية توضح أولويات الاستثمار في السودان والترويج لها إعلاميا وعبر منابر الدبلوماسية الرسمية والشعبية. 4) مراجعة قوانين الاستثمار مع الاهتداء بتجارب الدول الرائدة في هذا المجال. 5) منح إعفاءات ضريبية لأرباح الأعمال والصادر ورسوم الإنتاج وأية رسوم محلية مع ثبات تلك الإعفاءات لمدة معقولة. 6) منح تخفيضات أو إعفاءات جمركية عن واردات المشروعات الاستثمارية. 7) أن يحدد قانون الاستثمار الحد الأدنى لرأس مال المستثمر الأجنبي. تشجيع الاستثمار بدعم مدخلات الإنتاج. هـ) الزراعة والري أولا: الزراعة القطاع الزراعي الآن في تدهور فظيع يعاني الإهمال. ومع أن السودان قطر زراعي فقد تم تحويل موعد الميزانية لتبدأ في يناير بدلا من يوليو الذي يكون موقف المحاصيل الزراعية فيه قد اتضح فحصاد القطن يتم في الفترة من مارس- مايو. كما تم رفع الدعم عن الزراعة بتبني النظام لسياسة التحرير الاقتصادي متفوقا في ذلك على الدول الرأسمالية (تدعم الولايات المتحدة وأوربا الزراعة بمبلغ 700 مليار دولار سنويا!) واتبعت سياسات زراعية خاطئة منها: 1. زيادة الضرائب على الزراعة التي أدت لارتفاع تكلفة الإنتاج. 2. تخلي الدولة عن واجبها في التمويل الزراعي. 3. الصيغ الجائرة في التمويل: مثل السلم والتي أدت لإعسار المزارعين والزج بهم في السجون وإحجامهم عن الزراعة في المواسم التالية. السياسات الزراعية المطلوبة: عمل برنامج زراعي يهدف لتنمية وتطوير القطاع الزراعي بشقيه الزراعي والحيواني لتحقيق : · الأمن الغذائي وتوفير فائض للتصدير · زيادة الصادر من المحاصيل الزراعية النقدية ومنتجات الثروة الحيوانية. · التركيز على التنمية الريفية المتوازنة مع توفير مياه الشرب للانسان والحيوان. · تحقيق التوازن البيئي والاجتماعي. محاور البرنامج الزراعي: 1) سياسات عامة مصاحبة للبرنامج 2) السياسات القطاعية: q - برنامج إسعافي q - وبرنامج متوسط المدى. (1) السياسات العامة المصاحبة للبرنامج: 1. الإسراع بعمل الخريطة الاستثمارية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني. 2. إجراء تعديلات جذرية في كل القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي (الضرائب- الجمارك- رسوم الميناء- قوانين العمل وقوانين الأسعار) لتواكب وتساعد على التوجه نحو الإنتاج. 3. مراجعة سياسة التحرير لخلق التوازن بين المنتج والمستهلك. 4. إجراء تعديلات في أسس التمويل المصرفي ودعم البنك الزراعي. 5. إعادة هيكلة أجهزة التخطيط الاقتصادي. 6. مراجعة سياسة الخصخصة والتدرج فيها. 7. تعلية خزان الروصيرص كأولوية قصوى. 8. إنشاء قناة جونقلي وخزان الحمداب وخزان ستيت. 9. رفع معدل الاستثمار في البحوث العلمية والتطور التقني. 10. إدخال التقنية الحديثة المناسبة في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني. 11. تطوير قطاع الخدمات الزراعية (البحوث الزراعية والإرشاد والتدريب والوقاية). 12. تطوير البنيات التسويقية. 13. تعمير مشاريع الري الفيضي كأولوية في تنمية تلك المناطق وتشمل: خور أبو حبل والقاش وطوكر ووادي شلنقو- وادي غلة- وادي النقع- وادي المقدم- وادي أزوم- وادي الملك والوديان الأخرى في السودان. (2) السياسات القطاعية: أ) قطاع الزراعة المروية: البرنامج الاسعافي: 1. دعم وتوفير المدخلات الزراعية قبل وقت كاف من تاريخ الزراعة. 2. جدولة وبرمجة ديون المزارعين لتشجيعهم لمزاولة نشاطهم بصورة فاعلة. 3. تنفيذ برنامج تأهيل إسعافي لمنشآت الري. 4. توفير التمويل المناسب وفي الوقت المناسب. 5. إعادة تأهيل طلمبات وقنوات الري بمشاريع الطلمبات النيلية. 6. تكثيف العمل الإرشادي والاستفادة من مفتشي الغيط كمرشدين زراعيين. 7. التوسع في تجربة جمعيات مستخدمي المياه. 8. توحيد الري بالمشاريع المروية تحت إشراف ومسئولية وزارة الري. 9. إعادة إنشاء مجالس الإنتاج لمتابعة تنفيذ العمليات الفلاحية. 10. مراعاة الشفافية في تعيين الإدارة بالمشروع لاختيار من يتصف بالخبرة والكفاءة. 11. خلال فترة التأهيل تسند عملية تمويل العمليات الزراعية للبنك المركزي بضمان وزارة المالية. 12. عمل علاقات إنتاج جديدة في المشاريع المروية. البرنامج الاسعافي لقطاع الري الفيضي: 1. دعم وتوفير المدخلات الزراعية قبل وقت كاف من تاريخ الزراعة. 2. تنفيذ برامج تأهيل إسعافي لمنشآت الري. 3. توفير التمويل المناسب وفي الوقت المناسب. 4. تكثيف العمل الإرشادي وإنشاء مجالس إنتاج لمتابعة العمليات الفلاحية. 5. أثناء فترة الإنشاء أو التأهيل للمشاريع القومية تسند عمليات التمويل للبنك المركزي بضمان وزارة المالية. البرنامج الاسعافي لقطاع الزراعة البستانية: 1. توفير ودعم المدخلات الزراعية (بذور محسنة- مبيدات حشرية وحشائشية وأسمدة). 2. تأمين قنوات التخزين والتبريد والترحيل إلى مواقع الاستهلاك داخل وخارج البلاد. 3. توفير المعلومات عن الأسواق المحلية والخارجية. 4. دعم الصادرات البستانية وتحسين بنيات الصادر. 5. توفير وتحسين مواد التعبئة. 6. تحسين الإنتاج لمقابلة طلبات الأسواق العالمية. البرنامج متوسط المدى لقطاع المشاريع المروية: 1. معالجة مشاكل الاطماء خلف الخزانات. 2. تجميع مشاريع الطلمبات النيلية وكهربتها. 3. تحسين استخدامات مياه الري. 4. إعادة النظر في التركيبة المحصولية في المشاريع المروية على حسب الميزة النسبية والاستفادة الكاملة من مياه الري المتاحة. 5. إخضاع علاقة الإنتاج (الحساب الفردي) بالمشاريع المروية لدراسة عميقة لمعالجة السلبيات. 6. دعم وتفعيل عمل اللجان الفنية بالمشاريع المروية وتوسيع قاعدة مشاركة المزارعين بها. ب) قطاع الزراعة المطرية البرنامج الاسعافي: · الزراعة المطرية الآلية: 1. توفير التمويل بالقدر المناسب وفي الوقت المناسب قبل الزراعة. 2. توفير الوقود والزيوت وبقية المدخلات الزراعية بأسعار مدعومة. 3. دعم وقاية النباتات بالإمكانيات التي تمكنها من حصر ومكافحة الآفات بمناطق تواجدها قبل وقت مبكر. 4. تخفيض الضرائب والرسوم. 5. جدولة وبرمجة ديوان المزارعين المعسرين. 6. تفعيل دور البحوث والإرشاد الزراعي. · قطاع الزراعة المطرية التقليدية: 1. تعزيز استخدام المياه الريفية بما يحقق القضاء على مشكلة العطش. 2. دعم البنك الزراعي لتقديم تمويل متكامل لصغار المزارعين والرعاة. 3. أن يكون التمويل بضمان الجمعيات التعاونية واتحادات المزارعين أو الرعاة. 4. إنشاء بنوك القرية أو المخازن الريفية لخدمة المزارعين ومحاربة ظاهرة "الشيل". 5. صيانة الحفائر والدوانكي لتوفير مياه الشرب للإنسان والحيوان. 6. دعم وقاية النباتات لمكافحة الآفات. 7. توفير البذور المحسنة. 8. فتح خطوط النار. 9. تنشيط ودعم زراعة الحريق. 10. تكثيف البحوث في الزراعة التقليدية. 11. تفعيل ودعم وتحسين أداء الجمعيات التعاونية وإدخال النظم الحديثة في مجال الائتمان الزراعي في المجتمعات الريفية. البرنامج متوسط المدى لقطاع الزراعة المطرية: 1. ينشأ جهاز للزراعة المطرية بوزارة الزراعة الاتحادية يعني بالتخطيط ووضع سياسات تنمية الزراعة المطرية وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة بالمركز والولايات. 2. إعادة تخطيط الزراعة خارج التخطيط وفق دراسات يراعى فيها التوازن البيئي وحقوق الرعي وحرم القرى ومسارات الرحل وإزالة التضارب بين المزارعين والرعاة. 3. توفير موارد المياه (حفائر- دوانكي) في خطوط المرعى والمسارات عبر المشاريع الآلية وفي داخل المشاريع وذلك لضمان استفادة المواشي من مخلفات الذرة بعد الحصاد. 4. قفل مشاريع الزراعة الآلية التي تدهورت وقلت خصوبة أراضيها والأراضي الرملية (العزازة) وتسليمها للهيئة القومية للغابات لإعادة استزراعها مع كفالة العدالة للمستثمرين. 5. ربط مناطق الإنتاج بطرق معبدة تصلح للاستخدام في فصل الخريف. 6. التشجيع على توفير ورش لصيانة الآلات الزراعية بمناطق الإنتاج ومدها بقطع الغيار. 7. إدخال التقنية الحديثة المناسبة ومكننة الحصاد. 8. تصميم وتنظيم حلقات تدريبية لصغار المزارعين وتكثيف الإرشاد الزارعي. 9. دعم محطات إكثار البذور لإنتاج البذور المحسنة. 10. عمل الأحزمة الشجرية داخل المشاريع الآلية. ج) الغابات: البرنامج الاسعافي: 1) توفير الدعم اللازم لتأهيل واعادة تعمير الغابات المحجوزة بطريقة اقتصادية وعلمية وحمايتها والمحافظة عليها وتكملة حجز الغابات المقترحة. 2) استنفار الجهدالشعبي لزراعة الغابات. 3) توفير الدعم اللازم لتطوير العمل الارشادي الغابي. 4) تفعيل آليات مكافحة تهريب الصمغ العربي والقطع العشوائي للغابات. 5) تشجيع تشجير المدن. 6) تحديد أسعار مجزية لمنتجي الصمغ العربي. البرنامج متوسط المدى: 1. تفعيل قانون الغابات لعام 1989م الذي يلزم المشاريع المطرية والمروية بإقامة الأحزمة. 2. زيادة المساحات المشجرة سنويا بما في ذلك الأحزمة الشجرية. 3. إعادة تأهيل حزام الصمغ العربي وأنواع الصمغ الأخرى. 4. ترشيد العلاقة بين الغابات الاتحادية والولائية. 5. تنشيط دور المنظمات والجمعيات الشعبية في مجال الغابات. 6. زراعة الأشجار سريعة النمو في المناطق الهامشية بالمشاريع المروية وذلك للاستفادة من مياه الصرف. د) المراعي: البرنامج الاسعافي ومتوسط المدى : 1. جمع ونثر الحشائش بالطائرات. 2. فتح خطوط النار لحماية المراعي. 3. استغلال فائض المياه لإعادة تعمير المراعي المتدهورة. 4. وضع برامج لإعادة تعمير المراعي واستثمارها. 5. دعم بحوث المراعي. 6. توفير الحازمات (Balers) لحصاد وحزم الأعلاف الخضراء للصادر.
05-17-2003, 03:55 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
هـ) قطاع الثروة الحيوانية: البرنامج الاسعافي: 1. توفير الأدوية البيطرية والأمصال والشفخانات البيطرية المتحركة. 2. العمل على نشر مصانع الألبان المتحركة لمتابعة حركة الرعاة لتصنيع منتجات الألبان من كميات الألبان الفائضة. 3. إعادة مؤسسة تسويق الماشية ودعمها لأداء دورها بفاعلية. 4. إعادة المؤسسة العامة للإنتاج الحيواني لتكون مسؤولة من تقديم الخدمات البيطرية فقط والتخطيط ويترك الانتاج للقطاع الخاص. البرنامج متوسط المدى : 1) التوسع في انتاج اللحوم لمقدرتها التنافسية في التسويق. 2) تشجيع قيام مصانع لمنتجات لحوم وجلود الابل لحماية المربين للحصول على دخول مجزية ومحاربة التهريب خاصة الاناث. 3) تأهيل المنطقة الخالية من الأمراض وزيادة مواعين الصادر من محاجر ومسالخ ليواكب السودان متطلبات المنظمات العالمية. 4) التوسع في عمليات التلقيح الصناعي. 5) دعم الأبحاث البيطرية. 6) الاهتمام بتنمية وتطوير صناعة الأسماك. 7) الاهتمام بالحياة البرية. ثانيا: الري إن المحدد الرئيسي للتنمية الزراعية في السودان هو الماء وليس الأرض. وتتضح أهمية هذا المحدد من أن المحاصيل الرئيسية مثل القمح والقطن والخضروات تعتمد بدرجة شبه كاملة على الري من التخزين في حين أن محاصيل الفول والذرة تتطلب مياه الري في فترات الزراعة والنضوج الحرجتين لضمان انتاجية مستدامة. الواقع المائي للسودان: تمتد الأراضي السودانية من شمال صحراء إفريقيا الكبرى إلى جنوبها حتى خط الاستواء. بالنسبة لمنطقة شمال الصحراء فإنها تعاني من نقص في المياه. وبالنظر للمياه كمورد حيوي استراتيجي في طريقه أن يتحول لسلعة نادرة تفوق أهمية النفط، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تجابه فقرا خطيرا تجاه هذه السلعة. والنصيب النسبي للدول العربية من المياه سوف يتضاءل إلى حد كبير خلال العقود القادمة. ففي تقرير صدر عن البنك الدولي خلال شهر مارس 1996 يرد أن سكان الشرق الأوسط وشمال افريقيا والذين يشكلون 5% من سكان العالم لا يتجاوز ما لديهم من ماء 1% من المياه الدولية. والسودان يشكل أكبر البلدان العربية اعتمادا على المياه السطحية: النيل والأمطار والبحيرات العذبة (بنسبة 97.7%) والبقية الضئيلة من اعتماده هي على المياه الجوفية، ولا يعتمد على التحلية أو معالجة الصرف. للسودان موارد مائية متعددة ترد تفاصيل إيراداتها في بند المياه لاحقا تتمثل في كميات كبيرة من المياه الجوفية والأمطار، وبحيرات عذبة خاصة في الغرب، كما يشقه النيل بروافده. ويقع ضمن الاستغلال الأمثل لتلك الموارد المائية تخزين مياه النيل والأمطار. والسودان بالنسبة لمنطقة شرق إفريقيا أقل في مصادره المائية لأن مناطق حوض النيل في القرن الإفريقي ومنطقة البحيرات مبللة بالمياه، غزيرة الأمطار، لم تكن تحتاج للرى الآلي –وبالتالي لتخزين المياه- حتى أصابت المنطقة نوبات الجفاف والتصحر التي اتخذت شكلا دوريا في خلال السبعين سنة الأخيرة، وطالت نوباتها أحيانا كما في نوبة الجفاف التي ضربت الهضبة الإثيوبية والمنطقة عموما في الفترة 79-1985م. لقد أدت تلك النوبة الممتدة إلى كارثة حقيقية في القرن الإفريقي تلافاها السودان جزئيا بسبب التخزين في الروصيرص. الوضع الحالي: يعاني الوضع الحالي للري من الآتي: · استخدام الأمطار بشكل غير مخطط وبدون تخزين. · الري عبر الخزانات على النيل وروافده اتخذ سياسة مضطربة، فقد كانت الأولوية القصوى لتعلية خزان الروصيرص وتم تجاوز ذلك والبدء بمشروع خزان مروي "الحمداب" قبل إتمام التعلية. · التخزين على النيل وروافده أقل من حصة السودان حسب اتفاقية 1959م. التخزين ضرورة لتلافي كوارث الطبيعة وعلى رأسها الجفاف الذي صار مع المخاطر البيئية المحدقة جراء ثقب الأوزون وغيره من العوامل حقيقة تواجه المنطقة بين فينة وأخرى. · تفاقم الخلاف بين دول حوض النيل ومطالبة دول أعالي النيل بحصص في المياه بعد موجات الجفاف في العقود الأخيرة. · عدم الاستفادة من المياه الجوفية كما يجب. ولتجاوز تلك المشاكل ينبغي اتباع استراتيجية مدروسة للري تحقق السياسات الآتية: × التأكيد علي أيلولة الإشراف علي الموارد المائية إلي وزارة الري والموارد المائية مع وجود أجهزة متخصصة بكل من قطاعي الموارد المائية السطحية ( النيل والأنهار وروافدهما) والموارد المائية الجوفية. × إجراء الدراسات والبحوث التي تبحث في كيفية الاستفادة من كافة مصادر المياه المتوفرة للري على أسس: الجدوى الاقتصادية التي تأخذ في اعتبارها تكلفة استغلال الأراضي والمياه على السواء- التوازن البيئي – والاتفاقيات الدولية. × إكمال مشروع تعلية خزان الروصيرص في أسرع وقت ممكن وإعطائه الأولوية القصوى. وتنفيذ بقية المشروعات المخططة حسب الخطط المدروسة. × الوصول إلى معاهدة شاملة مع دول حوض النيل حول تنظيم الاستفادة من مياه النيل وتطويرها (نص المعاهدة المقترحة في ملف العلاقات الخارجية).. × الدعوة لتسعير المياه والتعامل مع الماء كسلعة استراتيجية وما يصحب ذلك من سياسات للري وتقنيات حديثة تقلل من نسبة البخر في مياه الري. و) الصناعة عانت الصناعة في السودان انهياراً فظيعاً. فنسبة المصانع العاملة قليلة وطاقتها العاملة تتراوح بين 12-15% من الطاقة الإنتاجية الكلية. ولم تتجاوز مساهمة هذا القطاع في الناتج الإجمالي المحلي 7% للأسباب التالية: - ارتفاع الضرائب على الصناعات بصفة عامة واستخدامها سياسياً في بعض الحالات لمضايقة غير الموالين لها. - الانخفاض المستمر لقيمة العملة الوطنية. - ارتفاع أسعار المدخلات الصناعية المحلية : (المياه والكهرباء والبترول والفيرنس والسكر والقطن . - ضعف البنيات التحتية (لاسيما الإمداد الكهربائي) ومشاكل التمويل. سياسات تطوير القطاع الصناعي: وللنهوض بالصناعة يجب القيام بالآتي: 1. مراجعة السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وما يتصل بالصناعة والاستثمار خاصة السياسات الائتمانية في بنك السودان. 2. التركيز على البحث العلمي والاستفادة من الخبرة الأجنبية والتدريب خاصة في مجال التخطيط الاقتصادي القومي والمؤسسات الاقتصادية والمصارف. 3. تأهيل البنية التحتية المساعدة للإنتاج. 4. حماية الصناعات القائمة وإيجاد التمويل الميسر لها بغرض التحديث والتأهيل. 5. تخفيف العبء الضريبي على القطاع الصناعي. 6. وضع خارطة مالية تجاه القطاع الصناعي ومتطلباته. 7. وضع خريطة استثمارية تغطي جميع أجزاء السودان لتحقيق التنمية المتوازنة. 8. دعم الصناعات التحويلية. 9. وضع برنامج لتنمية القوى البشرية والتدريب ونقل التقنية في مجال الصناعة. 10. تطوير وتمويل قطاع الحرفيين والتوسع في التعليم الفني. 11. تفعيل هيئة المواصفات ودعمها بالمعدات والتدريب حماية للاقتصاد الوطني من إغراق البلاد من المواد والأطعمة الفاسدة. ز) قطاع النقل والاتصالات: السياسات في مجال السكك الحديدية: 1. وضع خطة اسعافية لصيانة وتأهيل القاطرات والعربات. 2. توفير معدات الورش واستجلاب الجديد منها للإحلال والصيانة. 3. إصلاح وتأهيل الاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة الإشارات. 4. شراء قاطرات سفرية جديدة وقاطرات مناورة. 5. مد خطوط جديدة. سياسات النقل النهري: 1. تأهيل الأسطول العائم وبناء جرارات وبواخر. 2. تأهيل المواني النهرية والأحواض العائمة. 3. شراء أجهزة اتصال لربط المواني والأسطول العائم والمقار الإدارية. سياسات في مجال الطرق: 1. خطة اسعافية لتكملة ما تم البدء فيه من طرق وكباري مع الاستمرار في الصيانة وتأهيل الطرق المشيدة حاليا. 2. الاهتمام بالشركات الوطنية العاملة في مجال الطرق ودعمها فنيا وماليا. 3. الاهتمام بتأهيل الكوادر العاملة من المهندسين والفنيين وإدخال برامج لتدريس صناعة الطرق بالجامعات. 4. إنشاء مجلس قومي للنقل كافة يضم وسائط النقل المختلفة. 5. مراعاة توفير متطلبات السلامة لكل وسائط النقل. سياسات المواني البحرية والنقل النهري: 1. المضي في إنشاء المواني المدرجة في الخطط المرحلية لتواكب التطور الاقتصادي المرتقب وخاصة في مجال البترول. 2. تأهيل المواني البحرية لنقل الركاب والبضائع ذات الأحجام الصغيرة وعلى وجه الخصوص ميناء سواكن. 3. دعم الأسطول المملوك للخطوط البحرية السودانية بتشجيع دخول القطاع الوطني والأجنبي. 4. إنشاء المزيد من المخازن ومدها بالرافعات الشوكية ووسائل المناولة الأخرى. 5. الاهتمام بالتدريب وإعادة التأهيل للعاملين داخل وخارج البلاد. سياسات في مجال النقل البري: 1. صيانة الطرق المعبدة لتقليل تكلفة صيانة الشاحنات. 2. تنفيذ برامج مد الطرق الجديدة تمكينا للنقل البري وانتشاره في جميع أنحاء البلاد. 3. وضع قوانين صارمة لإلزام أصحاب الشاحنات بالمواصفات القياسية وعلى وجه الخصوص الأوزان المحورية لضمانة سلامة الطريق وطول عمره. 4. تذليل العقبات العديدة التي تعوق عمل هذا القطاع الهام وذلك بتخفيض الجمارك ورسوم المواني لخفض التكلفة. 5. الاهتمام بالتدريب والتأهيل للعاملين والمهندسين. سياسات في مجال النقل الجوي: 1. صيانة وتأهيل المطارات الموجودة حاليا وإنشاء المزيد من المطارات. 2. تشجيع المستثمرين الوطنيين والأجانب لارتياد هذا المجال خصوصا في مجال التصدير. 3. الإسراع بتكملة إجراءات تحويل الناقل الوطني إلى شركة مساهمة عامة. سياسات في مجال التخزين: 1. إنشاء صوامع غلال جديدة في بعض مواقع الإنتاج الأساسية. 2. الاهتمام بالتخزين المبرد بسعات كافية للحوم والأسماك والفاكهة والخضراوات بمناطق إنتاجها. 3. تشجيع النقل المبرد وذلك بتمليك القطاع الخاص والعام وسائل النقل المناسبة. 4. إنشاء مطارات خاصة للصادر من مناطق الإنتاج. السياسات في مجال الاتصالات والبريد والبرق والهاتف والإنترنت: 1. فك الاحتكار في مجال الاتصالات المختلفة مع تشجيع الشركات الوطنية. 2. توطين التكنولوجيا العالمية (Hitch) وتوفيرها للمواطنين والمؤسسات التعليمية والتجارية والعلاجية بأجر مناسب. 3. إعادة النظر في القانون الأعلى للاتصالات بما يحقق تفعيل دوره وفق المواصفات العالمية. 4. تحديث شبكة الاتصالات الهاتفية بتطبيق نظام (ISDN) ونظام (VDIT) في خط واحد ليقدم خدمة عالية الجودة وبأسعار معقولة. 5. تطوير بنية معلوماتية وطنية موحدة (المركز القومي للمعلومات) 6. تأهيل ورعاية خدمة البريد والبرق لتغطية الأماكن النائية. 7. تشجيع التنافس الحر للشركات بما يقلل التكلفة لصالح المواطن. ح) البترول: الاستراتيجية على المدى الطويل: يجب استثمار عائد البترول في الزراعة ويجب الحرص على تسويق البترول في نطاق دول الجوار سيما دول القرن الأفريقي خاصة بما يخلق مصالح مشتركة ويمكن أن تتحد معها شبكة الكهرباء لاستغلال طاقاتها الهائلة للإنتاج الكهرومائي. يجب أن يدعم البترول الإنتاج الزراعي عن طريق توفير الجازولين والإنتاج الصناعي بتوفير الفرنس بأسعار مناسبة. وينبغي أن يقسم عائد البترول قسمة عادلة بحيث تخصص نسبة لإزالة آثار الحرب وحماية البيئة .ونسبة لمناطق استخراج البترول.والنسبة القومية توجه لدعم الإنتاج الزراعي وتوفير المدخلات الصناعية.هذا ينطبق على عائدات التعدين الأخرى كالذهب. السياسات المقترحة في مجال البترول: 1) قيام جهاز مركزي (مجلس أعلى للبترول) يتولى رسم السياسة العامة للاستثمارات البترولية برئاسة رئيس السلطة التنفيذية ويضم في عضويته وزير الطاقة ووزراء القطاع الاقتصادي وحكام الأقاليم ذات الصلة . 2) إنشاء شركة وطنية للبترول تكون هيئة عامة لها مرونة الشركة الخاصة تقوم بكل الأعمال الفنية في الاستثمار في مجال البترول وتساهم في شركات وطنية وأجنبية.وتكون هذه الشركة هي الآلية التي عبرها يتم تدريب وتأهيل الكوادر الفنية وتبادل الخبرات. 3) توزع عائدات البترول وفق المعادلة المقترحة في بند قسمة الثروة (محور السلام). ط) السياحة: يتميز السودان بإمكانات ومقومات تشكل رصيدا سياحيا ضخما. وذلك لأن: · السودان مولد حضارة الإنسان ويتمتع برصيد آثاري كبير ويمكن تطويره بصورة أكبر. · ومن الناحية الطبيعية والجغرافية: × السودان متحف لتعدد المناخات والطبيعة. × وبه ثروة برية هائلة. × ويمكن للسودان أن يكون مشتى عالميا. · أما من الناحية البشرية والثقافية:فالسودان متحف بشري يشكل ثراء تراثه الشعبي والثقافي أرضية سياحية جاذبة. · كما يتمتع السودان ببيئته المتسامحة وترحيبه بالأجانب وهي ميزة مهمة للسياحة اليوم. ومع ما يشهده قطاع السياحة العالمي من ازدهار مع تطور وسائل المواصلات والاتصالات في ظل العولمة، وما يمكن أن يلعبه هذا القطاع في السودان كمصدر من مصادر الدخل القومي وفي التعريف بالسودان وفي جذب الاستثمارات وغيرها من الأدوار ،يجب الاهتمام بقطاع السياحة . برنامج السياحة المطلوب: في مجال التخطيط والتمويل السياحي: 1) إنشاء وتطوير البنيات الأساسية المادية. 2) مراجعة القوانين المتعلقة بقطاع السياحة لتنشيطه وتفعيله. 3) وضع خارطة سياحية تشمل المناطق السياحية وأنواعها. 4) الاهتمام بتمويل الخطط والبرامج السياحية من قبل الدولة وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في مجال السياحة. 5) قيام هيئة قومية للترويج للسياحة. في مجال الآثار: 1) رفع الوعي القومي بالآثار عن طريق البرامج التعليمية والإعلامية. 2) ترقية وتدريب الكوادر العاملة في الآثار. 3) حماية المواقع الأثرية والاستفادة من المؤسسات الدولية في صيانتها والحفاظ عليها. في مجال السياحة والثقافة: 1) ترقية وتشجيع الأنشطة الثقافية المصاحبة للسياحة من فنون شعبية ومسرح ومتاحف للتراث الشعبي وغيرها. 2) إقامة قرى سياحية نموذجية لعرض التراث الشعبي في المناطق المختلفة. في مجال الحياة البرية: 1) رسم خارطة لأماكن الحياة البرية السياحية. 2) العمل على تطوير الحظائر والمحميات البرية. 3) العمل على تيسير الوصول إليها وتجهيزها بالخدمات السياحية المناسبة. 4) التأكيد على حماية البيئة والحياة البرية.
الملف الخامس: الاستثمار البشري (الخدمات) لقد ثبت بالتجربة خطأ الزعم القائل بأن التنمية الاقتصادية تتطلب في بادئ الأمر التضحية بالخدمات الاجتماعية. وأصبح من المسلمات أن الاستثمار في الخدمات الاجتماعية يعني استثمارا في رأس المال البشري ويحقق أقصى عائد تنموي. ولكن نظام الإنقاذ تبنى سياسات في مجال الخدمات أدت لانهياره مما يتطلب جهدا كبيرا في إعماره. في هذا الملف نتطرق للخدمات الآتية: الصحة- التعليم- الكهرباء والمياه- والتخطيط العمراني والإسكان. (1) الصحة: شهد الوضع الصحي في السودان في العقد الماضي انهيارا مريعا شمل كل الأوجه. وتسببت عدة عوامل في ذلك الانهيار منها الانهيار الاقتصادي وما يتبعه من نتائج وخيمة على قطاع الصحة ومنها تطبيق سياسات التحرير الاقتصادي وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي إذ تم رفع الدعم عن الخدمات الصحية. ومن أسباب ذلك الانهيار تطبيق النظام الفدرالي وتخلي وزارة الصحة عن دورها ومسئوليتها عن الصحة للوزارات الولائية مع قلة موارد الأخيرة. 1) المؤشرات العامة: سجلت كل المؤشرات العامة لقياس الوضع الصحي تدنيا مريعا ففي مجال التغذية يسجل السودان أدنى النسب في مؤشرات التغذية مثل الوزن المنخفض للأطفال وقصر القامة والوزن المنخفض عند الولادة مقارنا بدول الإقليم، وكذلك في مؤشرات الصحة العامة مثل مياه الشرب الصالحة والسكن الصحي والصرف الحكومي على التحصين وكذلك الحال في معدل وفيات الأطفال. 2) الخدمات: أ. الطب الوقائي: تشهد كل خدمات الطب الوقائي انهيارا تاما بعد أن رفعت الدولة يدها عن تمويلها. وتدنت صحة البيئة لاعتمادها في التمويل على ميزانيات المحليات التي لا توليها عناية إذ لا تمثل أولوية صرف، بينما بقيت بعض خدمات الطب الوقائي بصورة جزئية لاعتمادها على التمويل الخارجي (منظمة الصحة العالمية -قلوبال 2000 العاملة في مكافحة دودة الفرنديد- صندوق جمعية السل النرويجية- مؤسسة TLM GERMANY الألمانية العاملة في الجذام…) والذي لا يفي بمتطلبات السودان في مكافحة تلك الأمراض. وشهدت البلاد تفشي الأمراض نتيجة لتدني صحة البيئة مثل الملاريا التي شملت كل القطر وأصبحت تشكل 30% من الحالات القادمة للمرافق العلاجية و23% من حالات دخول المستشفى للعلاج السريري كما اكتسب طفيلها مناعة ضد الأدوية المعالجة واكتسب البعوض الناقل لها مناعة ضد المبيدات. وأصبحت الملاريا تشكل مشكلة صحية وعبئا اقتصاديا: تكلفة العلاج –تدني الإنتاج للغياب عن العمل…إلى آخر الآثار الاقتصادية. وما حدث في الملاريا يحدث في كل الأمراض المتوطنة الأخرى التي تشهد تزايدا في الحالات: كالسل والتهاب الكبد الوبائي والذي لا يوجد اليوم برنامج قومي لمكافحته والتمدد الجغرافي لمرض اللشمانيا بعد أن كان محصورا في النيل الأزرق وأعالي النيل والقضارف، وازدياد البلهارسيا بعد توقف مشروع النيل الأزرق الصحي. أما في مجال الأمراض الوبائية فيمكن تلخيص الوضع على النحو التالي: 1. ضعف الرقابة على الأمراض الوبائية والشاهد تدني نسبة التبليغ عن تلك الأمراض حتى وصلت 23-48%. 2. إنهيار برنامج الاستعداد للطوارئ الوبائية سنة 1989م. 3. انخفاض مساهمة الحكومة في برنامج التحصين والاعتماد على تمويل منظمة الصحة العالمية واليونسيف، مما أدى لانخفاض نسبة التحصين وكذلك الحال في مجال الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة. ب. الطب العلاجي: نظريا يمكن وصول 70% من المواطنين في الحضر و20% في الريف لمؤسسات العلاج ولكن عمليا فإن تكلفة العلاج المرتفعة بالمقارنة مع الدخل قللت كثيرا من إمكانية الوصول واستعمال المؤسسات العلاجية. كما أدى تدني كفاءة المؤسسات العلاجية الحكومية إلى انتشار المؤسسات العلاجية الخاصة (إضافة إلى سياسات الحكومة المتجهة نحو الخصخصة وتحرير الاقتصاد). فتضاعفت المؤسسات الخاصة أضعافا كثيرة. وأدى غياب التكامل بين الطب العلاجي والوقائي (نسبة للغياب التام للطب الوقائي) لتبديد الموارد الشحيحة القادمة من المواطنين والعون الخارجي. إذ تشكل الأمراض الناتجة عن الفقر والجهل الصحي وتدني مستوى الصحة والنظافة 90% من الأمراض في السودان. هذا بالإضافة لعدم توفر المرافق العلاجية في أجزاء كثيرة من السودان. ج. التمويل: في عام 1992م أعلنت الحكومة سياسة التحرير الاقتصادي ورفعت بموجبها الدعم عن الخدمات الصحية على كل المستويات. ويشهد التمويل الحكومي لقطاع الصحة تراجعا مستمرا فبعد أن كان يتم توفير 24% من ميزانية الصحة عام 1993-1994 استمر التراجع سنويا عن تلك النسبة، فعلى سبيل المثال: في عام 1994-1995 صار يتم توفير 12% من ميزانية الصحة. في عام 1995-1996م صار يتم توفير 9% من ميزانية الصحة. في عام 1998م صار يتم توفير 4% من ميزانية الصحة. وللمقارنة بالوضع إبان الديمقراطية الثالثة فقد كان التمويل الحكومي لقطاع الصحة في عام 86-1987م: 32،887،000دولار.بينما أصبح في عام (93/1994م) حوالي 678.000 دولار. وزاد الطين بلة تدني المساعدات الخارجية من 800 مليون دولار (89-1990م) إلى 50 مليون دولار. ونتيجة لكل ذلك تم التحول من نظام الرعاية الاجتماعية إلى سياسة فرض الرسوم على الخدمات الصحية بعقلية تجارية، وأصبحت السياسات الصحية موجهة لخدمة جهات معينة: منظمات ومؤسسات في القطاع الخاص. كما أن تلك الرسوم المفروضة لا تذهب لتحسين الخدمات الصحية بل في أوجه صرف أخرى لا سيما في المناطق الريفية. كذلك تخلت الحكومة عن الدور الرقابي على الخدمات الصحية ونوعيتها وأولوياتها. أما التمويل بنظام التأمين الصحي: فهناك الكثير من السلبيات في تطبيقه بالرغم من إيجابيات النظام ومن صحة مبدأه. من تلك السلبيات: أن المبلغ المقتطع لا يتناسب مع حجم الخدمات إذ يتم اقتطاع 4% من المرتب ولا يشمل النظام الخدمات ذات التكلفة العالية في العلاج ( إذ يتم استبعاد العمليات الجراحية-أمراض القلب- الفشل الكلوي –الأطراف التعويضية- الأسنان- السرطانات). وحتى في باقي الأمراض قليلة الكلفة يقوم المستفيد بدفع 25% من رسوم الدواء. ومن سلبياته التطبيقية من واقع الممارسة رداءة نوع الخدمات المقدمة وقلة مراكز تقديمها مقارنة بإعداد المستفيدين. د. الكادر الصحي: من المؤشرات الهامة على إنهيار الوضع الصحي في السودان تدني الكادر الصحي من حيث الكم والنوع، أما من حيث الكم فقد شكلت هجرة الكادر الصحي ظاهرة مقلقة، فعلى سبيل المثال بعد أن كان في السودان 10 ألف طبيب عام 1989م (تقرير المجلس الطبي السوداني). صار في 1999م هناك 2ألف طبيب فقط، وذلك بالرغم من التوسع غير المدروس وغير الممول في كليات الطب، وبالرغم من تخريج أعداد كبيرة من الأطباء مما يعني انخفاضا كميا ونوعيا. وبالإضافة لتدني عدد الأطباء ( طبيب لكل 11.000)، فهناك عدم العدالة في توزيع الأطباء على القطر حيث يتركز 95% من الأطباء في المدن. يسهم في هذا تدهور بيئة العمل وتدني شروط الخدمة والعزلة عن المجتمع الدولي العلمي وضعف فرص التدريب، وكل هذه عوامل إحباط طاردة تدفع بالكوادر الصحية للخارج أو للقطاع الخاص. هـ البنيات الأساسية: هناك قلة في المؤسسات العلاجية منسوبة للسكان، كما أن هناك اتجاها نحو زيادة القطاع الخاص على حساب الحكومي وهناك غياب لبرامج التأهيل للمؤسسات القائمة نسبة لغياب التمويل كذلك هناك عدم توازن في التوزيع (30% من المستشفيات تقع في الخرطوم والجزيرة). و. الصحة المهنية: شهد قطاع الصحة المهنية طفرة في الفترة من 86-1989م من حيث البرامج والخطط والنشاط وتأهيل قسم الصحة المهنية بالاستفادة من دعم الصندوق القومي للتأمين ومنظمة الصحة العالمية. ولأول مرة تم إنشاء معهد عالي للصحة المهنية والسلامة (معهد هلال العالي للصحة المهنية). وفي عام 1989م سلم النظام الجديد بعد الانقلاب قسم الصحة المهنية لقسم الصيدلة وتم إقفال معهد هلال العالي بعد أن تم فصل المدير و4 من كبار أخصائيي الصحة المهنية، وفقد بقية الكادر العامل وظائفه وهكذا. والآن هناك ضبابية في وضع القسم الإداري المتأرجح بين الإدارة العامة للرعاية الصحية الأولية وقسم الطب الوقائي. ز. في مجال الصيدلة: أدت سياسات التحرير إلى فوضى في هذا القطاع إذ أصبح استيراد الدواء يتم بدون الخضوع للشروط العلمية من اختبارات معملية وغيرها مما أدى إلى دخول أدوية مخالفة للشروط الصحية. كما تم احتكار استيراد الدواء. أيضا يتم التعامل مع الدواء كسلعة خاضعة للجمارك والضرائب وتم إلغاء الامتياز القديم الممنوح للأدوية وسعر الصرف الخاص مما أدى لزيارة أسعار الأدوية بصورة كبيرة. كذلك هناك غياب للجهات الصحية في مسائل ضبط الجودة للأغذية و مياه الشرب. نحو استراتيجية صحية قومية: لإصلاح الخراب الذي حاق بقطاع الصحة يجب تبني استراتيجية صحية قومية صادرة عن مؤتمر صحي قومي تعمل على: · الالتزام بالبرامج والسياسات الدولية المتعلقة بالصحة مثل (الصحة للجميع) واتفاقيات حقوق الطفل. في مجال الطب الوقائي: v عمل برنامج قومي للرعاية الصحية الأولية v الاهتمام بصحة البيئة v عمل برنامج قومي لمكافحة الأمراض المتوطنة،ودعم البرامج القومية القائمة مثل الإيدز والدرن والملاريا وعمل برامج قومية للأمراض التي لم يتم عمل برامج لها مثل التهاب الكبد الوبائي. v العمل على توفير مياه الشرب الصحية الصالحة للشرب. v برنامج الاستعداد للطوارئ الوبائية. في مجال الطب العلاجي: v وضع برنامج لدعم المؤسسات العلاجية العامة وتأهيلها. v العمل على تصحيح ورفع نسبة المؤسسات العلاجية للسكان. v تحقيق التوازن بين المؤسسات العلاجية الخاصة والحكومية. v الاهتمام بالمؤسسات العلاجية الريفية وضمان التوزيع العادل للموارد الصحية. v وضع استراتيجية قومية للخدمات العلاجية المتخصصة. v إصلاح وتوسيع مظلة التأمين الصحي. v في مجال الصحة المهنية: v تنفيذ توصيات المؤتمر القومي بشأن الصحة المهنية فيما يتعلق بالتشريعات والسياسات التي تكفل سلامة العاملين وتنظم الحقوق. v إنشاء معهد عالي للصحة المهنية. v في مجال الصيدلة: v وضع استراتيجية قومية لاستيراد الدواء وفق الأولويات الصحية القومية وعمل ضوابط لدخول الدواء واستيراده. v تبني سياسات وتشريعات اقتصادية وجمركية تكفل توفير الدواء وسهولة الحصول عليه والقدرة على شرائه بالنسبة للمواطنين. v رفع كفاءة مؤسسات ضبط الجودة والمواصفات والتأكد من مطابقة الأدوية واستيفائها لتلك الشروط. v تشجيع صناعة الدواء السودانية لتوفير الأدوية الأساسية محليا. v تشجيع وتطوير أبحاث النباتات الطبية. في مجال الكوادر الصحية: v الاهتمام بالتعليم الصحي والتدريب والتأهيل. v العمل على عودة الكوادر الصحية المهاجرة وذلك بتحسين بيئة العمل وتحسين شروط الخدمة وتوفير فرص التدريب والتأهيل.
05-17-2003, 03:57 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
(2) التربية والتعليم: الإنسان هو غاية التنمية ووسيلتها في الوقت ذاته، والتعليم إحدى وسائل التنمية البشرية وهو لذلك من أكثر ما تعول عليه الأمم في نهضتها. وتعتبر نسبة الأمية إحدى المؤشرات المعتمدة لقياس نمو الدول. كما أن الحق في التعليم أحد الحقوق الإنسانية المنصوص عليها في مواثيق حقوق الإنسان. هذه الحقائق جعلت من التعليم أولوية قصوى وخصته بأكبر الموارد المادية والبشرية في أكثرية دول العالم. عند نيل السودان استقلاله اتضح أن النظام التعليمي الموروث عن المستعمر يعاني من ثغرات أساسية وعند السودنة أقدمت الحكومة الوطنية الأولى على مراجعة نظام التعليم في السودان وكونت لذلك لجنة في عام 1954م، كما أشرفت لجنة من منظمة اليونسكو على تقييم ومراجعة النظام التعليمي السوداني، كان نتيجة كل ذلك أن أدخلت إصلاحات أساسية على النظام التعليمي بالسودان. إن النظم الشمولية تهوي أول ما تهوي بالتعليم ذلك أنها وفي غمرة اندفاعها لتثبيت أيدلوجيتها تعمل على توظيف التعليم لخدمة ذلك الغرض فيفقد التعلم كادره المؤهل ذا الخبرة بسبب سياسة الإحالة للصالح العام. في العهد المايوي أقدم النظام على ما أسماه الثورة التعليمية في 1970م رزء التعليم بسببها بأمراض عاقت حركته ردحاً من الزمان. وفي العهد الحالي أعيدت صياغة السياسة التعليمية وأدخلت تغيرات جذرية على النظام التعليمي كله شملت الهيكل والمحتوى مدخلة تغيرات أساسية على المناهج والسلم التعليمي تم بموجبها التخلص من المرحلة المتوسطة في التعليم العام أما التعليم العالي فقد حدث فيه توسع كبير دون دراسة أو استعداد مما اسفر عن مشاكل جمة نتعرض لها في محلها. التدهور في مجال التعليم العام 1- النسبة العالية للأمية في السودان. 2- الارتفاع الكبير في نسبة التسرب من المدارس لمختلف الأسباب. 3- هبوط المستوى الأكاديمي والثقافي للكادر الذي يخرجه نظام التعليم العام. 4- لم يعد التعليم يقوم بدوره متكاملاً في التربية الوطنية والروحية والبدنية والفنية والثقافية، وأصبح التركيز جله على النواحي الأكاديمية التي شهدت مع ذلك تدنياً في المستوى. 5- عدم مراعاة النظام التعليمي للتنوع الثقافي والإثني والديني واللغوي في السودان. 6- تدهور نسب تحصيل الطلاب في الشهادة السودانية مما اضطر معه النظام إلى إيجاد معالجات لا تعكس حقيقة الوضع ( إضافة درجات لنسب الطلاب، مما أودى بمصداقية النتائج). 7- ضمور التعليم لحكومي في مقابل التعليم الخاص، وتباين السياسات التي تتبعها الوزارة تجاه كل من التعليم الحكومي والخاص. 8- معاناة الكادر العامل في مجال التربية والتعليم بسبب ضعف المرتبات والتأخر في صرفها الشيء الذي انعكس سلباً على العملية التعليمية خاصة في الأرياف. 9- فقدان التعليم العام الحكومي الكوادر المؤهلة ذات الخبرة إما لتحولها للمدارس الخاصة أو بسبب الهجرة. 10- أصبح التعليم يشكل عبئاً اقتصادياً على الأسرة السودانية لا يطيق مقابلة نفقاته إلا الموسرون. 11- انهيار التعليم الفني وذلك للأسباب الآتية: أ. ارتفاع تكلفة التعليم الفني مع رفع دعم الدولة عنه. ب. تشكل ثقافة تقلل من قيمته على الرغم من أهمية التعليم الفني خاصة في واقع كواقع التعليم في السودان، والذي يشهد نسبة عالية من التسرب كما ذكرنا، هذا فضلاً عن كونه يشبع رغبات وميول شريحة كبيرة من الطلاب. التدهور في مجال التعليم العالي: شهد التعليم العالي تدهوراً لا يقل عن التعليم العام على الرغم التوسع الكبير في مؤسساته، أي مؤسسات التعليم العالي، والارتفاع الكبير في أعداد المقبولين به. الحقائق الآتية توضح معالم هذا التدهور. 1. اضطرت الجامعات الجديدة إلى التساهل في الشروط التي تضمن المؤهلات الأكاديمية المطلوبة لعضوية هيئات تدريسها، وذلك بسبب الافتقاد لهيئات التدريس المؤهلة. فتم تعيين بعض الخريجين الجدد كرؤساء للأقسام أو حتى كعمداء للكليات لمواجهة النقص في هيئات التدريس. كما تم إجبار الجامعات على توظيف مدرسين دون أسس الأمر الذي أضعف من قدرة المدرسين على متابعة أداء الطلاب. 2. الارتباك الواضح في برامج منح درجة البكالوريوس وبرامج الدبلومات حيث دمجت السياسة الجديدة الكليات في الجامعات. 3. النقص الخطير في البنى الأساسية للمؤسسات التعليمية الجديدة فيما يتعلق بقاعات التدريس، المعامل، الورش والمكتبات. كثير من الجامعات الجديدة تشغل مباني لم يتم تصميمها في الأصل للوفاء بالاحتياجات الجامعية. فوق ذلك، تعاني هذه المؤسسات من نقص حاد في معايير السلامة. 4. بالنسبة للمؤسسات الجامعية الموجودة أصلا تناقصت ميزانياتها فصارت كسورا مئوية من ميزانياتها الأصلية إذا حسبت بالعملة الصعبة، هذا مع مضاعفة أعداد المقبولين أدى لتدهور فظبع في إمكانياتها وللنقص الواضح في كتب التدريس، المراجع، الدوريات، الكوادر المؤهلة، المعدات الجديدة، أجهزة النسخ، الحاسبات الآلية الخ. 5. سوء الاستفادة من الموارد البشرية والمالية المحدودة المتاحة بسبب تباعد الجامعات -جغرافياً- عن بعضها البعض، إلى جانب صعوبة إدارة الكليات التي بعثرت على امتداد الأقاليم دون تسهيلات للنقل. 6. عدم مراعاة التوسع للهدف المرسوم والخاص بتوفير موازنة بين نصيب العلوم الاجتماعية والعلوم التطبيقية. ونتيجة لذلك، فإن حصة طلاب العلوم التطبيقية لم تتجاوز 16% من نسبة إجمالي الطلاب في المدارس الجديدة. 7. استمرار نزيف هجرة الكوادر العاملة في مجال التدريس إذ أصبحت مهنة التدريس مهنة غير جاذبة مما أدي إلى النقص في هيئات التدريس بسبب الاستقالات، التغيب أو رفض العودة للعمل عقب انتهاء فترة تعاقد الدراسة والذي بلغ 753 حالة في الجامعات الخمس القديمة للبلاد، أي 54% من هيئة التدريس. 8. التدني الواضح في مستوى تأهيل الخريجين. يعود هذا التدهور العام في قطاع التعليم في مجمله للأسباب الآتية: · السياسات الاقتصادية التي تخلت بموجبها الدولة عن دورها في دعم الخدمات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم. · النظام الفدرالي الذي تخلت بموجبه وزارة التربية والتعليم الاتحادية عن مسئولياتها تجاه الوزارات الولائية. · غياب الكادر التربوي المؤهل إما بالإبعاد لصالح محاسيب النظام، أو بالهجرة. · ضعف الميزانية المرصودة من قبل الدولة لقطاع التعليم. إن التعليم هو أعظم استثمار للدولة الحديثة ولا مجال لأي نهضة لا تولي التعليم اهتماماً يستحقه. إن النهوض بقطاع التعليم كقطاع استراتيجي بالدولة يستوجب تبني السياسات الآتية: أولاً: في مجال الأهداف: التعليم نشاط متكامل يهدف إلى نقل المعرفة والقيم و بناء المهارات وتدريب الأفراد وتكملة قدراتهم في كافة جوانب الحياة ويجب أن يمتد أثر التعليم إلى ما بعد مرحلة التعليم المؤسسي. وفق هذه المعاني يجب أن يعمل التعليم لتحقيق الأهداف الآتية: v محو الأبجدية الهجائية كهدف استراتيجي. v إشباع الحاجات الأكاديمية والثقافية والفنية والرياضية للطالب. v تنمية روح الخلق والإبداع لدى الطالب. v ربط الطالب بالعلوم العصرية. v تأهيل الطلاب في المجال الحرفي بتمليكهم بعض المهارات عن طريق التعليم الفني. v سد الفجوة التعليمية بين البنين والبنات. v احترام التنوع الثقافي والديني والإثني واللغوي بالسودان والسعي للتعبير المتوازن عنه. v تربية الأجيال على التسامح الديني ونفي الإكراه واحترام الرأي الآخر. ثانياً: في مجال التعليم العام والتعليم الفني: 1- الاهتمام بالتعليم العام بوصفه استثماراً طويل الأجل وتخصيص نسبة عالية من موارد الدولة لإعادة تأهيله. 2- تعميم التعليم الأساسي وإتاحته للجميع والعمل على تضيق الهوة القائمة بين تعليم البنين والبنات. 5- الاهتمام بالتعليم في الأرياف خاصةً والعمل على تعليم الرحل. 6-الاهتمام بالتعليم قبل المدرسي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من التعليم العام وتأهيل مؤسساته. 7- الاهتمام بتعليم أصحاب الحاجات الخاصة وتأهيل المؤسسات التي تعنى بهم. 8- إعادة تكوين المجلس القومي للتعليم والمجلس القومي للمناهج والكتب وجعلهما قوميين حقا.ً 9- إعادة تكوين المجلس القومي لمحو الأمية وتعليم الكبار بصورة قومية. 10- تكوين مجلس يعني بشئون التعليم غير الحكومي وإخضاع التعليم الخاص والتعليم الأهلي غير الحكومي للإشراف القومي لوازرة التربية والتعليم. 12- مراجعة المناهج بحيث تشمل التربية الوطنية والروحية والبدنية والفنية والثقافية. 13- الاهتمام بالتعليم الفني وإعادة تأهيل بنياته التحتية بإنشاء المدارس الفنية والحرفية، وتدريب وتأهيل الكادر العامل فيها. 14- الاهتمام بالمعلم والعمل على توفير أسباب استقراره المادي والمعنوي ووضع برنامج لتدريبه أثناء الخدمة. 15- إعادة المصداقية لنتائج الامتحانات القومية. 16- العمل على استقطاب العون الدولي لتمويل التعليم عامة والتعليم الفني خاصة. 17- تشجيع القطاع الخاص للاستثمارفي مجال التعليم ووضع الضوابط اللازمة في هذا المجال. ثالثاً: في مجال التعليم العالي: 1-التأكيد على استقلالية مؤسسات التعليم العالي وحرية البحث العلمي. 2- ربط التعليم العالي باحتياجات التنمية في السودان. 3- تأهيل مؤسسات التعليم العالي بما يمكنها من تحقيق أهدافها وأداء رسالتها وذلك بتأهيل القاعات والمكتبات والمعامل وغيرها. 4- تحقيق المساواة في فرص الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي. 5- التمييز القصدي في مجال التعليم العالي لصالح الولايات الأقل نمواً. 6 - الاهتمام بتحسين أوضاع هيئات التدريس من ناحية شروط الخدمة والامتيازات الأخرى. 7- إتاحة المجال للطلاب للقيام بأنشطتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية والفنية والرياضية بحرية ومسئولية. 8- حماية النشاط الطالبي بمؤسسات التعليم العالي بمختلف أوجهه وترشيد النشاط السياسي للطلاب بحيث ينبذ ثقافة العنف ويجنح للحوار والتسامح. 9- إعادة تكوين المجلس القومي للتعليم العالي بصورة قومية. 10- تشجيع القطاع الخاص للعمل في مجال التعليم العالي ووضع الضوابط اللازمة في هذا المجال. 11- الاهتمام بالتعليم العالي الفني وتشجيع قيام معاهد تقنية وسيطة ذات تخصصات مختلفة توزع على مختلف بقاع السودان مراعية ظروف التنمية بالولايات المختلفة. 12- الاهتمام المجلس القومي للبحوث وتأهيله بما يمكنه من القيام بدوره. 13- إخضاع المراكز البحثية المتخصصة لإشراف الحكومة القومي. 12- إنشاء مراكز للمعلومات. رابعا: التعليم التقليدي والديني: الخلاوي والمعاهد الدينية: كنا قد ذكرنا أن صحوة السودان الذاتية رهينة بمخاطبة ثنائية التأصيل والتحديث بشكل يرفض الانكفاء على المعارف التقليدية ويرفض الاستلاب للرؤى الخارجية. وأوضحنا كيف أن أغلبية جماهير السودان تنحدر من قطاعات تقليدية وأن كثير من نشاطاتها الإدارية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والطوعية تقع في المناشط التقليدية، وتأتي الخلوة أو المسيد ضمن هذه المؤسسات التقليدية. انطلاقاً من فكرة الحزب تجاه هذه الثنائية، والتي تنطلق من تطوير المؤسسات التقليدية وتحديثها وليس القفز من فوقها، يأتي اهتمام هذا البرنامج بالتعليم الديني عامة والخلاوي خاصة. مؤسسة الخلوة في السودان قديمة وراسخة وهي من إحدى مظاهر التنوع والتعدد الثقافي السوداني، فهي تتخذ أشكالاً ونظم إدارة وسبل إعاشة تختلف في الوسط عنها في الشمال والشرق والغرب حسب مقتضيات كل بيئة. لم تحظ الخلاوي للأسف بكثير اهتمام من قبل ولم تظلها وزارة التربية والتعليم بمظلتها وهي تتبع حالياً لإشراف وزارة الشئون الدينية والأوقاف على الرغم من كونها مؤسسة تعليمية تربوية في المقام الأول يلتحق خريجها بالمؤسسات التعليمية الأكاديمية في التعليم العام بل والعالي أيضاً. ولأهمية هذه المؤسسة يعمل الحزب على الآتي: 1. الاهتمام بالتعليم الديني بصفة عامة والخلاوي بصفة خاصة من حيث تأهيلها ودعمها خاصة فيما يتعلق بنظام الإعاشة فيها. 2. العمل على أن تتبنى وزارة التربية والتعليم الخلاوي وفق خطة استراتيجية واضحة. 3. تطوير المناهج في الخلاوي فلا تركز على تحفيظ القرآن دون غيره، بل يوضع منهج متوازن بين العلوم الدينية من فقه وتفسير وسيرة وحديث ولغة. 4. إدخال بعض عناصر التحديث بإضافة العلوم العصرية عليها ومراعاة اختلاف بيئات السودان في ما يناسبها من التحديث. 5. تحسين فرص العاملين في الخلاوي من حيث شروط الخدمة ومخصصاتها. 6. تشجيع ودراسة وتقييم تجربة التحديث الحالية (تجربة المدارس القرآنية) من حيث الإيجابيات والسلبيات. 7. وضع استراتيجية واضحة لضمان حفظ فرص خريجي الخلاوي في الالتحاق بالتعليم الأكاديمي. 8. مراعاة التعدد اللغوي والثقافي السوداني بالدعوة لتدريس بعض اللغات المحلية السودانية ببعض الخلاوي. 9. مراجعة ووضع ضوابط لنظام القبول بالخلاوي. (3) الكهرباء والمياه: أولاً: المياه: زادت الكثافة السكانية المرتفعة ومقتضيات التنمية الزراعية والصناعية والصرف الصحي، وسائر استخدامات الماء العذب من حاجة الدول للمياه زيادة هائلة فلم تعد تتعامل مع المياه كمادة شائعة وافرة بل طورت القوانين والنظم والاتفاقيات الدولية والإقليمية لتنظيم استخدامات المياه وحماية مصادرها من سوء الاستغلال والتلوث، كما طور القانون الدولي أحكاماً ومبادئ عامة تحكم استخدامات المياه وتبين الحقوق والواجبات بشأنها. إن المياه ثروة قومية هامة يحتاجها السودان كغيره من الدول لأغراض الزراعة والصناعة وللاستخدام في المدن وخدمات البلدية ولإنتاج الطاقة الكهرومائية. في هذا الملف نتطرق للمياه للاستخدامات المختلفة ما عدا الري فقدتم التطرق لذلك في ملف التمية المستدامة، محور الزراعة والري. لقد اهتمت الديمقراطية الثالثة بمسألة المياه وحققت في ذلك إنجازات عدة تمثلت في: 1- برنامج مياه العاصمة و الذي شرعت في تنفيذه بالفعل فعملت على: أ- إعادة تأهيل وتوسيع محطة المقرن. ب- تأهيل محطة بحري ـ والبدء في إنشاء محطة الخرطوم. ج- إنشاء محطة القماير. د- برنامج تحديث الشبكات بالعاصمة. 2. مشروع مياه بورتسودان بتكلفة 310 مليون دولار شارك في تمويله البنك الدولي والصناديق العربية وبنك التنمية الأفريقي وألمانيا الاتحادية. 1. مشروع مياه الأبيض من بارا . 2. توسعة مياه الفاشر. 3. مياه النهود. 4. وضع برنامج مكثف للمياه الريفية حيث تم حفر آبار جوفية وسطحية بما يبلغ آلاف الوحدات المائية. يعتبر السودان من أكثر الدول تمتعاً بثروة مائية غنية تتمثل في نهر النيل ورافديه النيل الأبيض والأزرق وروافدهما والتي يقدر متوسط إيرادتها بحوالي 86 إلى 93 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. والمياه الجوفية والتي تغطي أحواضها حوالي 95% من مساحة السودان، ويقدر مخزونها من المياه بأكثر من 5 مليار متر مكعب. ومع كل ذلك فقد ارتفعت أسعار المياه الآن لأكثر من 5000% مما انعكس سلباً على التنمية في السودان خاصة في مجال الصناعة. لقد صار لزاماً العمل على المحافظة على الموارد المائية السودانية واتخاذ التدابير اللازمة لحماية مصادرها من سوء الاستخدام والتلوث والممارسات الضارة على أن يتم إشراك المواطنين في تخطيط وتنفيذ البرامج المتعلقة باستخدامات وصيانة الموارد المائية.وفي هذا الإطار يجب مراعاة الآتي: 1- سن التشريعات والقوانين التي تضبط وتحكم استخدامات المياه. 2- إنشاء جهاز مركزي يكون مسئولاً عن كل ما يتعلق بالموارد المائية مع وقيام هيئات ولائية وضبط العلاقة بينهما. 3- إعداد الدراسات والبحوث والإحصاءات والمسوح العلمية في كل ما يتعلق بالموارد المائية لحصرها وتصنيفها. 4- تأسيس وتحديث شبكات الرصد المائي ويشمل ذلك مسح الحوامل المائية الجوفية وقياس مناسيب تصريفات الوديان. 5- إنشاء وتأهيل محطات رصد وقياس الأمطار والحرارة والرطوبة والتبخر والهايدرولجيا السطحية والجوفية. 6- استقطاب العون الخارجي لتحقيق التطور الذاتي في مجال الاستغلال الأمثل لموارد المياه. 7-ترقية استخدامات المياه في مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني. 8- إنشاء محطات مياه بالريف والحضر، وتأهيل المحطات القائمة. 9- توفير معدات حفر وصيانة الآبار وأجهزة السمح الجيوفيزيائي وأجهزة قياس صلاحية المياه للاستخدام. 10- دعم الإدارات المتخصصة وتوفير الكادر الفني المؤهل اللازم لإدارة مرافق المياه وتأهيله. العمل على مواكبة التطور التكنلوجي العصري في مجال إدارة المرافق المائية. ثانياً الكهرباء: أصبحت الطاقة الكهربائية في عالم اليوم من متطلبات النهضة الحضارية والصناعية والخدمية العصرية إذ لا يمكن أن تقوم لهذه النهضة قائمة بدونها. لقد قامت الديمقراطية الثالثة في مجال الكهرباء بإنجازات فأقامت خط النيل الأبيض البديل الذي يمد النيل الأبيض بالكهرباء شرقا وغربا من الرنك إلي القطينة ضمن الشبكة الشرقية. وهو مشروع تم تمويله من البروتوكول اليوغسلافي وبدأ العمل فيه. كما تم إدخال التوربين السابع بخزان الرصيرص. وبدأ تنفيذ مشروع الخط الدائري بالخرطوم الذي كان سيحل مشكلة توزيع الكهرباء التي تعاني منها العاصمة وكهرباء الأبيض والقضارف والنهود وقد مولت هذا المشروع دولة الكويت بحوالي 42 مليون دولار. واليوم يعتبر السودان من مناطق الجوع الكهربائي، فوفقاً لتقديرات الأمم المتحدة يحتاج الفرد إلى ما بين 2 إلى 5 كيلواط من الطاقة الكهربائية كحد أدنى بينما ينتج السودان حالياً حوالي 1000 ميقاواط من الكهرباء أي ما يقارب 17% من الطاقة الكهربائية اللازمة لحاجته. إن الوضع المعجز للطاقة الكهربائية بالبلاد تدفع ثمنه غالياً عجلة التنمية السودانية والمواطن السوداني في حياته اليومية. فقد ارتفعت أسعار الكهرباء لأكثر من 3200%. مما يوجب العمل الجاد للنظر في توفير المزيد من الطاقة الكهربائية بالسودان. مصادر توليد الطاقة الكهربائية بالسودان: تنحصر مصادر توليد الطاقة الكهربائية في السودان في الآتي: 1- المصادر الحرارية: وهي تعتمد على مشتقات المواد البترولية من غاز وديزل وفيرنس، ويبلغ متوسط انتاجها بواسطة الشبكة القومية 540- 660 ميقاواط، بينما تنتج المحطات الكهربائية خارج الشبكة حوالي 38 ميقاواط في المتوسط. وهنالك مشاريع لرفع التوليد الكهربائي الحراري في السودان خلال الخمس سنوات القادمة إلى ما يقارب الـ1.300 ميقاواط موزعة على النحو التالي: كهرباء يتم نقلها عبر الشبكة القومية تقدر بحوالي 1132 ميقاواط. كهرباء من خارج الشبكة القومية تقدر بحوالي 157 ميقاواط. 2- المصادر المائية: وهي من أفضل وسائل إنتاج الطاقة الكهربائية وذلك لعدم إضرارها بالبيئة. يتفاوت حجم الطاقة المنتجة من المصادر المائية ما بين 35 إلى 300 ميقاواط ويتوقف كلية على حجم إيرادات مياه النيل الأزرق. إن الواقع يقول بأن المصادر المائية السودانية واعدة بإنتاج حوالي 80.000 ميقاواط في المتوسط، وهو رقم يفوق احتياجات السودان. هنالك مشاريـع المقترحة لزيـادة التوليـد الكهـربائي المائي في السودان خلال الفترة العشرية الحالية إلى قرابة ال1.300 ميقاواط إضافة إلى تحسين التوليد الكهربائي في محطة الدمازين بعد إكمال تعلية خزان الرصيرص. هذا فضلاً عن مشاريع تحسين خطوط النقل وإكمالها. على الرغم من أن هذه المشاريع تعد إضافة مقدرة لحجم الكهرباء المنتجة بالسودان إلا أنه يلاحظ عليها التفاوت الحاد في تكلفة الوحدة الكهربائية المنتجة. هذا التفاوت الحاد يعكس عشوائية ومجافاة للتخطيط والتنفيذ العلمي الدقيق في هذه المشاريع. 3- الطاقة الشمسية: على الرغم من أن الطاقة الشمسية هي أكثر بدائل الطاقة مواءمة للبيئة، إلا أن استخداماتها في السودان لا تزال محدودة ويمكن حصرها في استعمالها للإنارة وتشغيل ثلاجات حفظ الأمصال وأجهزة الاتصال الريفي ومضخات المياه لأغراض الشرب كما تستعمل في أندية الاستماع والمشاهدة خاصة بالأرياف. إن الطاقة الشمسية في الواقع المتاح يمكن الاستفادة منها لمقابلة احتياجات المناطق شبه الحضرية والتجمعات السكنية الصغيرة ومجتمعات الرحل لتحسين منتجاتهم الحيوانية وحفظها. كما يمكن على المدى البعيد الاستفادة منها في مختلف المجالات الاقتصادية الزراعية منها والصناعية. وللعمل على سد النقص في مجال التوليد الكهربائي ليقابل احتياجات البلاد لا بد من أخذ النقاط التالية في الاعتبار: 1- ضرورة وضع خطة طويلة المدى لتوفير طاقة كهربائية تعين على إحداث الطفرة الصناعية والزراعية بالبلاد وتكفي لسد حاجة المرافق الخدمية للمواطن. 2- العمل الجاد لتكملة مشروعات تحسين مرافق الكهرباء وإنشاء محطات جديدة. 3- العمل على تكملة تعلية خزان الرصيرص لضمان استمرارية التوليد الكهربائي المائي منه. 4- تأهيل التوربينات والشبكات المائية. 5- إقامة سد مروي. 6- التوسع في الشبكة القومية لتوزيع الكهرباء لربط المناطق الحضرية خارج الشبكة ومناطق التجمعات السكانية. 7- إنشاء وتكملة محطات إنتاج الكهرباء بالمناطق الحضرية والمدن خارج الشبكة القومية. 8- توفير الغاز كأحد مشتقات البترول بما يمكن من عمل محطات كهرباء تدار بواسطة الغاز. 3- التخطيط العمراني والإسكان: التخطيط العمراني هو خلق مستوطنات بشرية حضريه كانت أم ريفية ترتبط مع بعضها البعض لتكوين شبكات عمرانية تتبادل المنافع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. والإسكان هو توفير السكن الصالح الذي يتوفر فيه الحد الأدنى لمتطلبات الحياة الكريمة لكل المواطنين. لأجل التخطيط العمراني السليم وإعداد السكن المناسب يجب مراعاة الآتي: 1. تفعيل دور أجهزة التخطيط العمراني والإسكان علي المستوى الاتحادي والولائي. 2. تعديل وتفعيل قانون التخطيط العمراني والأراضي الحالي. 3. اتخاذ سياسات تعمل على تضييق الفجوة بين الريف والمدن. 4. حماية البيئة من التلوث بإعادة النظر في مناطق الصناعات المختلفة. 5. وضع سياسة عمرانية سليمة تتجنب مجاري المياه الطبيعية و أراضي الجروف وسهول الفيضانات والوديان. 6. تأهيل المناطق السكنية التي أصابها التدهور في الريف والحضر وجعلها اكثر مواءمة وذلك عن طريق مدها بالخدمات الاجتماعية خاصة الصحية والتعليمية منها. 7. تشجيع صناعة مواد البناء محليا وفقاً للمقاييس والمواصفات العالمية وذلك بتنشيط مراكز الأبحاث لتطوير مواد بناء رخيصة وعملية. 8. تحديث وتطوير أساليب البناء وذلك بإقامة مؤسسات تدريبية للعاملين في مجال هذا المجال. 9. وضع ضوابط كابحة تمنع التغول علي الأراضي الزراعية المستثمرة. 10. تشجيع القطاع الخاص للعمل في مجال الإسكان خاصة بتشجيع التوسع الرأسي في العمران. 11. الاهتمام بالتشجير ووضع مساحات خالية تعمل كمتنفسات عند تخطيط وإعادة تخطيط المدن. 12. اتخاذ سياسات إسكانية وعمرانية تعمل على تعزيز التمازج القومي السوداني.
الملف السادس: التنمية الاجتماعية تحتوى التنمية الاجتماعية بمفهومها الجديد كلا من تنمية المجتمع للمناطق الريفية وبرامج الرعاية الاجتماعية للمناطق الحضرية. وهي تشمل مناشط التنمية البشرية والتخطيط الاجتماعي والخدمات. وإذا كنا قد أفردنا ملفا خاصا بالخدمات (التعليم- الصحة- المياه- الكهرباء- والإسكان) فإن هذا الملف يتعلق ببقية ملفات التنمية الاجتماعية المتمثلة في مجالات التنمية والتخطيط الاجتماعي عبر 12 محورا هي: الخدمة الاجتماعية- محاربة الفقر- البيئة- النازحون- المرأة- الأطفال- الشباب- الرياضة- السكان - الإحصاء- سودان المهجر و المجتمع المدني والمنظمات (1) الخدمة الاجتماعية بلد مثل السودان شاسع واسع متنوع الثقافات والعادات متنوع مصادر الدخل والحرف هش في تماسكه القومي يحتاج إلي جهاز قوي للتخطيط الاجتماعي من أجل التنمية البشرية . ومفهوم التخطيط الاجتماعي يتمثل في معالجة مشكلات التخلف وتحقيق معدلات سريعة للتنمية وبأقل قدر من الضياع في الموارد المالية والبشرية كما أن التخطيط الاجتماعي يهدف إلي التغيير الاجتماعي المقصود باشراك أفراد الشعب وقادته الممثلين له أصدق تمثيل ، وبالاستعانة بالخبراء والمتخصصين في القطاعات المختلفة تجنباً للتغير العشوائي الذي تنجم عنه مشكلات يصعب علاجها. لقد كان ملف الخدمة الاجتماعية من أكثر الملفات التي تدخلت فيه سياسات النظام مراعية لأهميته ومحاولة لتوظيفه في دعوتها الشهيرة حول "إعادة صياغة الإنسان السوداني". فغزته بكوادرها الحزبية، ومهدت لحركات فئات المرأة والشباب أن تنطلق بتنظيمات حزبية تابعة لرؤيتها الأيديولوجية. أولا : المطلوب في مجال تعليم الخدمة الاجتماعية : 1/ وضع القواعد المتصلة بنظم القبول والالتحاق بأقسام الاجتماع ومعاهد وكليات الخدمة الاجتماعية . 2/ تطوير مناهج الدراسة النظرية وبرامج التدريب الميداني في أقسام الاجتماع ومعاهد وكليات الخدمة الاجتماعية وتطوير الدراسات العليا في هذا الجانب. 3/ وضع المعايير الخاصة بإعداد وتدريب وترقى القائمين على تعليم الخدمة الاجتماعية والاجتماع. 4/ تنظيم صدور المجلات المهنية وتوفير الدوريات المتصلة بعلم الاجتماع ومهنة الخدمة الاجتماعية . 5/ ربط أقسام الاجتماع ومعاهد وكليات الخدمة الاجتماعية بالمجتمعات التي توجد فيها عن طريق جهود أنشطة خدمة البيئة واقامة المعسكرات آلتي يشترك فيها الطلاب وعن طريق مشروعات تجريبية نموذجية في مجالات الرعاية الاجتماعية وتنمية المجتمع المحلى . 9/ عقد الندوات والمؤتمرات التي تهتم بقضايا العمل الاجتماعي في السودان وتطوير الممارسة المهنية في المجالات المختلفة وتحقيق الاعتراف المجتمعي بالمهن الاجتماعية وكذلك القضايا المرتبطة بتعليم علم الاجتماع والخدمات الاجتماعية . ثانياً : في مجال خطة الخدمة الاجتماعية هنالك الآن العديد من الوزارات الحكومية التي تطلع بأعباء في صلب التنمية والتخطيط الاجتماعيين: وزارة التخطيط الاجتماعي، وزارة الشباب والرياضة، وزارة التعليم، وزارة الداخلية (تطلع بأعباء الأحداث واللقطاء)، وزارة الحكومات المحلية ووزارة التعاون والتنمية الريفية. وهنالك المنظمات غير الحكومية التطوعية ومؤسسات الطفولة والمعوقين، والأحزاب خاصة في ظل وجود حزب يطمح لتحويل مهمته إلى تنمية مجتمع مثل حزب الأمة. ولاتخاذ خطة قومية في مجال الخدمة الاجتماعية ينبغي: - تحديد أهداف الخطة وهي: محو الأمية وتقليل الفوارق- إعادة تعمير الريف- تنمية المرأة والنهوض بالأمومة والطفولة- تحسين فرص الشباب والاستفادة من طاقاتهم- تقليل حدة الفقر- وبث ثقافة الديمقراطية والسلام واحترام حقوق الإنسان والتعايش- وترقية القطاع التقليدي في كافة مناشطه الاقتصادية والتعليمية والصناعية والثقافية. - إيجاد مظلة سياسية اجتماعية قومية لتوجيه كل برامج التنمية الاجتماعية في البلاد تكون استراتيجيتها واضحة، تنبني على اقتصاد السوق الحر، وتصل لمعادلة لإشراك الاقتصاد التقليدي في الدخل القومي. - يكون برنامج الرعاية الاجتماعية المتخذ جزء مكمل لخطط التنمية القومية، وهذا يتطلب التنسيق والعمل المشترك. - يجب أن تكون هنالك سياسات زراعية وصناعية وتجارية وتعليمية..الخ وسياسات أكثر خصوصية داخلها موجهة ومتكاملة مع برنامج التخطيط الاجتماعي. ويتسق هذا على المستوى القومي- المستوى الولائي- المستوى المحلي. - ينبغي تحديد الاختصاصات بين الوزارات والمؤسسات المعنية والإجراءات الإدارية المطلوبة. - كثير من برامج الرعاية الاجتماعية في السودان وفي أفريقيا أخذت من أقطار غربية بدون أي تعديل لأسباب تاريخية. ينبغي أقلمة برامج الرعاية الاجتماعية للواقع السوداني الزراعي والذي تطغى عليه القطاعات التقليدية. - استخدام خطة الرعاية الاجتماعية بشكل مزدوج: مساعدة الناس لتنمية وتكييف ظروف اجتماعية اقتصادية في المجتمع هذا من جانب، ومن جانب آخر خلق ظروف اجتماعية اقتصادية للتنمية ومتوافقة مع احتياجات المواطنين. الجانب الأول يعني تطوير وتحديث الممارسات الاجتماعية والاقتصادية القائمة استجابة للمستجدات، والجانب الأخير يعني أقلمة التنمية ومشاريعها للبيئة وللثقافة.
05-17-2003, 03:58 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
(2) محاربة الفقر: أوردنا في ملف التنمية المستدامة الأرقام التي أظهرت بجلاء انهيار الاقتصاد من جهة، وإزالة دولة الرعاية الاجتماعية من جهة أخرى مما جعل السودانيين في حال لا يحسدون عليه: نحـــن والله في سـوء حال لو رأيناه في المنام فزعنـــــا أصبح الناس منه في شقاء حق من مات منهمو أن يهنى!! إفقار للمواطن، وانهيار اقتصادي تجلت مظاهره في الآتي: - ظاهرة إعسار المزارعين والزج بهم في السجون. - ظاهرة تصفية الشركات (حسب تقرير المسجل التجاري عام199. - ظاهرة الشيكات المرتدة وامتلاء السجون وعجزها عن استيعاب أصحاب الشيكات واضطرارها لعمل مخيمات للمساجين. - تفشي ظاهرة الاختلاسات والفساد حتى اعترفت بها تقارير المراجع العام السنوية. - تفشي ظاهرة بيع المتعلقات الشخصية والعقارات لأجل مقابلة متطلبات الحياة. لقد تم إفقار السودانيين، ولولا رحمة من المغتربين والمهاجرين يرسلونها لذويهم لكانت أكثر الأسر في المدن والأرياف قد هلكت. سياسات لمحاربة الفقر: يعالج هذا البرنامج أمر الفقر في السودان من جهة أسبابه الحقيقية لذا يراعى في التخطيط لمحاربته: 1/إنتاج كافة أنواع الغذاء المستهلك بكميات وافره تكفى حاجة المستهلكين مع وفرة الاحتياطي. 2/ تحسين مستوى تغذية الفقراء إلي الدرجة التي تكفل دوام الصحة وترفع قدرتهم على الإنتاج . 3/ حوالي 12% من السكان يحصلون على اقل من الحد الحرج من السعرات الحرارية يجب العمل على رفع مقدار ما يحصل علية الفرد من السعرات الحرارية من مصادر نباتية وحيوانية . 4/تشجيع الصناعة لتوفير العناصر اللازمة لتحسين الوضع الغذائي خاصة للفئات المحرومة 5/تكثيف التثقيف الغذائي والتركيز على المورثات والمعتقدات التي تؤثر على المستوى الغذائي للفرد. 6/ الوقاية والعلاج من أمراض سوء التغذية الناتجة عن نقص البر وتينات والسعرات الحرارية ونقص فيتامين أ خاصة وسط الأطفال دون الخامسة والمسنين ومحدودي الدخل . (3) البيئة: إن التنمية التي لا تستند إلى اعتبارات بيئية واجتماعية وثقافية وأخلاقية سوف تنتهي إلى فشل تام. لذلك يجب: 2/ الاعتراف بمحدودية الموارد والقدرة الاستيعابية للنظم الايكولوجية . 3/ التركيز على التعليم والتدريب ونقل الخبرات ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات . 4/ تحقيق وعي بيئي عام بين كافة قطاعات المجتمع،خاصة لدى النساء ومحو أميتهن . 5/ ترشيد استهلاك المياه والطاقة . 6/ مراعاة العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين فئات المجتمع والاستثمار في ثقافة المستهلك ووعيه 7/ تغيير السياسات لتحقيق توازن بين السكان والموارد . 8/ الموازنة بين توفير الغذاء والبيئة وتطوير الريف وتشجيع ممارسات زراعية مستديمة لحفظ التربة وإدماج برامج مقاومة التصحر ضمن المخططات الوطنية . (4) النازحون : يقدر عدد النازحين في السودان بخمسة ملايين. النزوح مأساة إنسانية يتعرض فيها النازح لعذاب شديد يطال جسده وعقلة ونفسه فإن الإذلال والإهانة وعدم الطمأنينة يعرضة لصراعات تفقده أمنه واستقراره وثقافته وبئيته بمجملها. ولكن الأسباب التي تدفع أولئك النازحين قاهرة: الصراع المسلح والاقتتال لاسيما في جنوب البلاد الذي بدأ يتزايد عقب 1983م. ثم تأجج بشكل لا مثيل له وامتد في الشرق والآن في الغرب بعد يونيو 1989 بسبب سياسات الإنقاذ.. أيضا الصراعات المسلحة والنهب المسلح والاضطراب الأمني في غرب وشرق السودان ومناطق جبال النوبة. والجفاف والتصحر في كردفان ودارفور.. وبعد أن تعرضت الكرمك وقيسان للهجوم أدى ذلك لنزوح أعداد كبيرة. ولاية الخرطوم تستضيف اكثر 50% من النازحين. وتوزع الباقي علي ولايات السودان المختلفة. أوضاع النازحين في الخرطوم ( العاصمة القومية ) يتواجد النازحون في المدن الثلاث في ظروف بيئية متدهورة وأحوال اجتماعية قاسية مثل فريق الشوك شرق السوق المركزي بالخرطوم وفي المناطق الصناعية كمنطقة زقلونا بأم درمان وبين المنازل في الأحياء السكنية الراقية كالمنشية وحول محطات المجاري وحول المقابر كمقابر حمد النيل وحول النيل كالجزيرة وفي داخل المؤسسات الحساسة كاللاسكلي والإذاعة وحول الجامعات كالجامعة الإسلامية وحول أودية ومجاري المياه كخور شمبات في مرزوق وحول خزانات المياه كصهريج القماير واجتاحوا بعض الأحياء التي تحت التشييد كمنطقة المعمورة والفردوس ومعظم الميادين والساحات العامة في الأطراف. كيفية معالجة أحوال النازحين : تحتاج معالجة أحوال النازحين إلى تخطيط عاجل علي أن تتم المعالجة في ثلاث مراحل المرحلة الأولى علاجية ومرحلة متوسطة المدى وقائية ومرحلة استراتيجية تأخذ مشكلة النازحين بكل أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتخضعها لدراسة من أجل أيجاد حل جذري تطوي به البلاد هذه الظاهرة المؤسفة إلى الأبد. 1/ المرحلة العلاجية : لتجاوز الوضع المزري الحالي لا بد من معالجة عاجله لوضع النازحين يمكن إيجازها في الآتي : أ. توفير المعينات الرئيسية المرتبطة بالغذاء مثل الوفود وأوعية الطهي ومحاربة العادات الغذائية الضارة التي اعتاد عليها النازحون في بيئاتهم. ب. إشراك المنظمات العالمية العاملة في حقل النازحين والعون الإنساني عامة. ج. توفير مياه الشرب الصالحة بصورة فورية بتوفير الصهاريج الكبير وأوعية حفظ المياه ـ فتوفير المياه ضروري جداً لمتطلبات النظافة الشخصية وبالتالي الحماية من الأمراض . د. توفير اكبر قدر ممكن من الرعاية الصحية الأولية والتحصين من الأمراض المعدية وعمل مسوحات وملفات لنوع الأمراض، لتعمل الجهات الصحية على توفير العلاج حسب الحالة المرصودة للنازحين. ه. عمل إحصائية عاجلة لأبناء النازحين في سن التعليم وتوفير فرصة التعليم لهم عبر خطط مختلفة مثلا: إفراد جزء من ميزانية التعليم العام لذلك الغرض- والاستفادة من العون الإنساني العالمي لإنشاء مدارس لهم في أماكنهم- و إلحاقهم بالمدارس في العاصمة والولايات التي يقيمون فيها بالتناوب في الإجازات. 2/ برنامج العودة: أ/ يبدأ برنامج العودة بتعمير الأراضي المهجورة لاسيما في المناطق الجنوبية ومناطق الزحف الصحراوي والشرق، بكافة الوسائل من جهد أهلي محلي وتوجيه لمنظمات المجتمع المدني ونداء للمنظمات العالمية مقنن ومدروس حتى تهيأ بيئة جاذبه للنازح ليرجع إليها. ب/ إنشاء معسكرات الإيواء الصالحة للسكن والعمل على أن تكون هذه المعسكرات قدر الإمكان بالقرب من المناطق الزراعية والصناعية . ج/ إعادة تأهيل مناطق النازحين وتشجيع العودة إليها وتزويد العائدين بالمعدات الزراعية وغيرها. د/ التعاون مع المنظمات الطوعية الأجنبية في تقديم المساعدات الإنسانية في شكل مواد وأموال تساعد علي إقامة مشاريع منتجة. هـ/ التوسع في التخطيط العمراني لاستيعاب اكبر عدد من النازحين القدامى و/ توجيه رسالة تربوية إعلامية للنازحين تؤدي إلى إذكاء روح التكافل والتراحم وتبرز القيم الاجتماعية والثقافية والأعراف القبلية الحميدة. ز/ الشروع الفوري في تأسيس مؤسسة في مجال تأهيل الأطفال المشردين وكذلك الأطفال الفقراء حتى يعودوا صالحين في المجتمع وذلك من خلال خمسة أنشطة رئيسية: التعليم قبل المدرسي - تدريب الفاقد التربوي - حلقات محو الأمية- تنمية مصادر دخول الأسر الفقيرة- الرعاية الصحية على أن تعمل هذه الأنشطة تحت مظلة تنمية المجتمع المحلي. ح/ ضرورة إنشاء دار للأطفال المشردين تقوم برعايتهم رعاية كاملة وتقدم لهم الإرشاد والتوجيه الاجتماعي والنفسي والتدريب الحرفي والمهني بجانب الرعاية الطبية. ط/ العمل مع المنظمات الطوعية الوطنية علي إفشاء روح السلام والاهتمام بالثقافة المحلية للنازحين والتركيز علي تقديم المساعدات في مجال التأهيل والتدريب . ي/ الاتفاق مع المنظمات العالمية المعنية للعمل على حماية المواطن من النزوح وذلك بتهيئة العمل وإزالة كافه الأسباب الطاردة. ك/ مراقبة أداء المنظمات العالمية العاملة في مجال العون الإنساني حتى لا يكون ما يمنح للنازحين في مقابل استغلالهم لأغراض سياسية أو دينية أو ثقافية. ل/ تطوير نظرة إيجابية لمعسكرات النازحين حتى تصب في خانة الانصهار القومي والتمازج الثقافي وتعلية ثقافة حقوق الإنسان وممارستها علي أرض الواقع من خلال التعامل مع النازحين والإحساس بهم وتمكينهم من حقوقهم الإنسانية والوطنية المشروعة. م/ العمل علي أيجاد نظام إداري أهلي جديد وتحديثه في المعسكرات بدلا عن نظام الإدارة الأهلية التقليدية الذي يقوم علي أساس العرق والأرض . (5) المرأة إن اضطهاد النساء خاصية للثقافة العالمية. ففي الثقافة اليونانية، وهي أساس الثقافة الغربية الحديثة، وفي بلاد الشرق الأدنى، والأقصى نجد للمرأة أوضاعا متدنية. وعلى عكس الخطأ الشائع فإن الأديان كانت صيحات لأجل تحرير المرأة، ولكن الثقافات التي انبنت عليها تلك الأديان لم تحتمل جرعة التحرير فذوبتها- هكذا فعلت الثقافة العربية مع صيحات القرآن والسنة الواضحة في نصرة النساء، والثقافة اليونانية مع المسيحية. وقد أدرك العالم ضرورة العمل في مجال النوع لتحقيق العدالة. وفي السودان نالت المرأة معظم حقوقها في أوقات مبكرة نسبيا كالحق في الترشيح والانتخاب والأجر المتساوي. ولكن "المشروع الحضاري" الذي تبناه "الإنقاذ" جاء مشدودا للمثال العربي الإسلامي برؤية منكفئة. فالإسلام جاء بمفاهيم نصيرة للمرأة مغيرا للمفاهيم الجاهلية الحاطة من المرأة، مساويا لها بالذكر إنسانيا وكافلا لحقوقها السياسية والاجتماعية والسياسية والثقافية والروحية. إن بعض القراءات المستنيرة للمرأة في الدين التي ادعى الإيمان بها بعض منظري النظام لم تمنع النظرة المنكفئة من أن تعمل عملها. فجاءت على يد الإنقاذ السياسات الآتية: - التعامل مع المرأة بروح الاتهام والنظر لها كعورة كما في قانون النظام العام، واشتراط المرافق المحرم الذكر في السفر حتى للمرأة العاقلة البالغة، وغيرها من الممارسات. - تصفية وجود النساء في الخدمة المدنية في المواقع القيادية. والمجال الوحيد الذي أتيح للمرأة كان للمرأة المناصرة لرؤية النظام الحزبية. - عرقلة عمل النساء في المؤسسات الحكومية وقد ظهر ذلك جليا عند إجراء المعاينات الساخرة بهن والمسيئة لهن ضمن سياسات التوظيف للخدمة المدنية في مختلف المجالات خاصة في بداية التسعينيات من القرن العشرين. - الردة في مجال الحقوق والقوانين والتشريعات المتعلقة بالمرأة مما شكل ردة في الصورة الثقافية للنساء. - القيود على أزياء النساء والفتيات في المرافق العامة ومؤسسات التعليم العالي. - تكتمل تلك الصورة العبثية إذا علمنا أن التشريعات التي تحد من نشاط المرأة ومن فاعليتها، والثقافة التي تقلل من شأنها استشرت في عصر الاستيطان والهجرة والتبدد الذكوري، فقد زادت نسبة الفتيات في التعليم العالي، وزادت نسب الأسر التي تنفق عليها وترأسها نساء حتى كانت عام 1993 حوالي 22.6% من الأسر، وكانت تلك النسبة في تزايد مستمر بسبب هجرة الذكور للخارج، وزيادة نسب الطلاق بسبب الإعسار أو الغياب مما يترك للنساء أسر يقمن على عيالتها في الغالب، وزيادة نسب الفتيات في مؤسسات التعليم العالي بسبب سياسات الخدمة الإلزامية حتى عدن أكثر من الفتيان في كثير من الحالات. في هذا الفصل ترد الخطط الواجب اتباعها للنهوض بالمرأة والأمومة والطفولة: خطة نهضة المرأة: أولاً : في مجال المشاركة السياسية: يجب تعزيز المشاركة السياسية للمرأة وذلك علي النحو التالي : أ. مراجعة القوانين واللوائح لتعزيز مشاركة المرأة السياسية. ب. أن يتضمن قانون الانتخابات الآتي : التنسيق مع الأحزاب السياسية لتخصيص نسبة 15% علي الأقل في قائمة مرشحيها للمرأة . تخصيص دوائر انتخابية فئوية خاصة بالمرأة على أن تدعم الدولة هذه الدوائر. دعم الوحدات الخاصة بتنمية المرأة في الوزارات والمصارف وكافة مؤسسات الخدمة المدنية بالدولة. ثانياً في مجال القوانين والتشريعات : تلعب القوانين والتشريعات دوراً هاماً في نهضة المرأة، مما يوجب العمل على تنقيحها ومراجعتها لتلعب هذا الدور بفاعلية. يجب أن تكون المرأة جزء من العملية التشريعية بالبلاد وذلك عن طريق اشتراكها في لجان صياغة الدستور والقوانين الوطنية واللوائح العامة. لقد رأينا كيف تسبب المشروع الحضاري للإنقاذ في حدوث ردة بالنسبة لوضع المرأة، هذه الردة كان لها وجهاً قانونياً واضحاً تمثل في الآتي: 1- صدور قانون الأحوال الشخصية لعام 1991م ، الذي جاء مستهدياً بمشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية وهو مشروع صادر عن الأمانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب كنواة لتوحيد التشريعات العربية، فضلاً عن مرجعيات أخرى. هذه المرجعية التي ركز عليها القانون لا تراعي الخصوصية السودانية. وقد أحدث هذا القانون ردة حقوقية في مجال الأسرة، فسلب المرأة الحق في امضاء عقد زواجها أصالة عن نفسها ووضع قيود على حقها في العمل كما جاء بأحكام مجحفة بحق المرأة في الطلاق والحضانة وحقوق الزوجية. وقد جاءت صياغته اللغوية مشبعة بنظرة دونية للمرأة. وغاب عنه الاجتهاد العصري. 2- قوانين العمل التي لا تراعي متطلبات المرأة العصرية ومستجدات الوضع الحالي بالبلاد حيث تشكل المرأة نسبة عالية من الخدمة المدنية لم تشهدها من قبل. كما لم تعمل هذه القوانين على حماية العاملين في القطاع غير الرسمي وفي ما يعرف بالمهن الهامشية والذي تشكل المرأة أغلبيته. 3- القرار الذي أصدره السيد والي الخرطوم والذي يقضي بمنع النساء من بعض الأعمال حددها بمحطات الوقود والمطاعم والكافتريات، وهو قرار ينبئ عن نظرة تجريمية للمرأة. ولنصرة المرأة حقوقياً ينبغي تبني الآتي كموجهات عامة: أولاً: العمل على نشر الوعي القانوني بين النساء. ثانياً:الالتزام بالمواثيق المنصوص عليها دولياً والمتعلقة بحقوق المرأة. في الـدسـتـور : الدستور هو الوثيقة القانونية الأم وهي التي تكفل الحقوق الإنسانية وتحميها. حقوق المرأة جزء من الحقوق الإنسانية ولا بد أن ينص الدستور صراحة على : أ. كفالة الحقوق الإنسانية للمرأة وحمايتها. ب. مبدأ المساواة النوعية. ت. مبدأ التمييز القصدي للمرأة في كافة مجالات الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والتنمية والمشاركة السياسية . ج. وضع تدابير قانونية لحماية النساء في مناطق النزاع المسلح . في قوانين العمل: 1- ضرورة مراجعة قوانين العمل وإزالة التشوهات التي لحقت بها . 2- تبني سياسة التمييز القصدي للمرأة في مجال العمل. 2- ضمان عدم التمييز ضد المرأة في مجال العمل عند الالتحاق به وأثناء الخدمة وبعدها. 3- توفير البيئة المساعدة للمرأة العاملة بإنشاء دور حضانة ملحقة بأماكن العمل وغير ذلك من المعينات. 4-الالتزام بمواثيق منظمة العمل الدولية. في قوانين الأحوال الشخصية: بالنسبة للمسلمين: 1- استصحاب الاجتهاد الإسلامي المستنير في ما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية. 2- ضرورة الاجتهاد العصري الملتزم بالقطعيات وروداً ودلالة من الكتاب والسنة. 3- كفالة حقوق المرأة في مجال الحقوق الزوجية بدءاً بحقها الكامل في الاختيار الحر لزوجها، وتحديد سن أدنى لزواجها وحقها في الطلاق والنفقة والميراث وغير ذلك من الحقوق. 4- مراجعة الأحكام الخاصة بالطلاق خاصة. إن واقع محاكم الأسرة اليوم يشهد أعدادا هائلة من النساء تصطف بحثاً عن ورقة الطلاق خاصة بسبب الغياب والإعسار، ينبغي مراجعة الأحكام الخاصة بالطلاق لترفع عن المرأة العنت الذي تواجهه جرياً وراء الطلاق. بالنسبة للقوانين العرفية للأحوال الشخصية: 1- ضرورة احترام العرف كمصدر تشريعي ثانوي. 2- العمل على تطوير الأعرف في اتجاه احترام المرأة وتأمين حقوقها الإنسانية في مجال الأحوال الشخصية. ثالثاً في مجال مـحاربة الـفـقـر: يشكل الفقر مدخلاً أساسياً لكثير من انتهاكات حقوق المرأة، فالمرأة تتضرر من الفقر بشكل خاص فيما يتعلق بصحة الأمومة والطفولة، وفرصها في التعليم والتنمية والاستفادة من مختلف الخدمات الاجتماعية. لذلك يعتبر الفقر من أكبر مهددات نهضة المرأة، عليه وجب مخاطبة هذا الأمر وفي ذلك يجب الآتي: 1- تتبنى الدولة استراتيجيات واضحة لمحاربة الفقر (كما ورد في ملف التنمية الاجتماعية- محور محاربة الفقبر). 2- دعم المرأة بمهارات ومعينات تساعدها على الإنتاج ومحاربة الفقر وذلك بتفعيل برامج الأسر المنتجة. 3- إنشاء مصارف خاصة بالنساء. 4- تشجيع المصارف على منح النساء فرصاً أوسع في القروض. رابعاً في مجال الـتـعـلـيـم : للتعليم دور مفتاحي في صياغة الفرد وتشكيل وعيه وتغذيته بالمفاهيم والأفكار، إن الواقع الماثل للمرأة السودانية يتحمل التعليم نصيباً كبيراً من المسئولية تجاهه بتبنيه لمفاهيم تكرس لدونية المرأة وتركيزه على أدوار نمطية لها تغمطها حقها في التقدير في كافة مجالات عطائها المختلفة. إن من الواجب في هذا المجال الآتي: أ. تبني سياسة استراتيجية واضحة لمحو الأمية في السودان. ب. التمييز القصدي لصالح المرأة في مجال التعليم لسد الفجوة التعليمية بين البنين والبنات. ت. تعميم التعليم الأساسي وفرض إلزاميته على الجميع لوضع حد للنسبة العالية لتسرب البنات من المدارس نتيجة لعوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية مختلفة. ث. مراجعة مناهج المؤسسات التعليمية التي تكرس لصورة نمطية للمرأة بهدف إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة. ج. ضرورة أن تشتمل المقرارت الدراسية على جرعات تعريفية بالصحة الانجابية وأهميتها، والثقافة الجنسية. خامساً في مجال الصحة الإنجابية : الدور الإنجابي أحد أدوار الإنسان ويتميز بأهميته وخصوصيته لدى المرأة لعدة عوامل ثقافية وبيولوجية، إن من الواجب في هذا المجال العمل على: 1- تهتم الدولة بالصحة الإنجابية وتعمل على تحقيق أهدافها ونشر ثقافتها بين الجميع. 2- تقليص نسبة وفيات الأمومة بالعمل على توفير أسباب الحمل والإنجاب الآمن وتشجيع الأسر علي تنظيم الأسرة بتمليكها المعلومات والخدمات التي تمكن من ذلك. 3- توعية المرأة والرجل بماهية الصحة الإنجابية، أهميتها وأهدافها وبرامجها. 4- محاربة العادات الضارة بصحة الأم والطفل خاصة ختان البنات . 5- الاهتمام بالثقافة الجنسية والمراهقين ومراعاة خصوصية قضاياهم. 6- نشر الوعي بأهمية الرياضة النسائية خاصة للمرأة الحامل والمرأة حديثة الولادة والمرضعة كأحد ضرورات الصحة الإنجابية. 7- بث مادة تعليمية عن الصحة الانجابية بالمناهج التعليمية. 8- تشجيع قيام جمعيات ومنظمات طوعية تعمل في هذا المجال. خامساً في مجال السلام: تؤثر ويلات الحرب بشكل أساسي على المرأة، فتدفع ثمناً غالية كمحاربة ونازحة وثكلى وأرملة ومعتدى عليها لذلك تحتاج المرأة في مناطق النراع المسلح لاحتياجات خاصة واجب مراعاتها لتقليل معاناتها وفي هذا الإطار لا بد من تحقيق الآتي: 1- إشراك المرأة في مفاوضات السلام الجارية الآن وفي جميع المراحل. 2- وضع تدابير قانونية خاصة لحماية المرأة في مناطق النزاع المسلح. 3-استهداف المرأة المتأثرة بالحرب خاصة النازحة ببرامج تنموية خاصة. 4- تمليك المرأة عن طريق التأهيل والتدريب مهارات فض النزاعات وإحلال السلام 5- مراعاة الاحتياجات الخاصة للمرأة في مشاريع العون والإغاثة. 6- تدريب النساء في مناطق الحرب والنزاع المسلح لحماية أنفسهن. سادسا:ً المؤتمر القومي للمرأة السودانية: I. إن للمرأة السودانية رغم التعدد الثقافي السوداني قضايا وهموم مشتركة، لتجميع الرؤى في هذه القضايا ينبغي عقد مؤتمر قومي نسائي لمناقشة جميع قضايا المرأة النوعية للخروج بميثاق نسائي تجمع عليه المرأة السودانية بمختلف توجهاتها وأعرافها وثقافاتها ودياناتها. فيكون نواة انطلاقها نحو النهضة النسائية المرجوة. (6) الأطفال: الأطفال هم مستقبل البلاد كله، وهم من أكثر الشرائح التي تعرضت للاستضعاف في تاريخ العالم. توضع استراتيجية نحو الأطفال تنفذ السياسات التالية: - الالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الأطفال. - مراعاة وضع الأطفال في النزاعات المسلحة وتأكيد عدم استغلالهم فيها. - كفالة حقوق الطفل الأساسية في الصحة والتعليم الأساسي وفي تلقي الرعاية الاجتماعية اللازمة لتنشئته. - حل مشاكل الأطفال المشردين عبر عمل المخيمات وغيرها من الخطط. - الاهتمام بالإصدارات الثقافية للأطفال كما وكيفا، وتوجيهها نحو ثقافة المواطنة والتعايش بين الثقافات ونشر التربية الوطنية. (7) الشباب : الشباب هو نصف الحاضر وكل المستقبل، وبناء أي أمة لا يكتمل إلا بتفجير طاقات الشباب وتحويلها إلى إنتاج مادي وفكري. إن الشباب في مجتمعات الجنوب غالبا ما يعاني من مشاكل أكبر من رصيفه في العالم المتقدم. إن الشباب السوداني الآن يعيش وضعا مأساويا بيانه: - تسببت سياسة الخدمة الإلزامية التي تفرض على الشباب والطلاب قسرا في فقدان الكثير من الأرواح في الحرب بالجنوب والشرق. - كما تسببت في أحداث مأساوية للشباب في عدد من المعسكرات مثلا العيلفون والسليت، تلك الأحداث فاقمت من شعور الشباب السوداني بالقهر والتسلط. - المصادمات مع الشباب والطلاب في انتفاضات الطلاب في منتصف التسعينيات كانت محطات مواجهة دموية مع النظام. - افتقاد تخطيط للقوى العاملة تسبب في وجود فائض في خريجي العلوم الإنسانية ونقص في خريجي العلوم التطبيقية، ونقص في القوى العاملة في القطاع الزراعي. - سياسات الخدمة الإلزامية تسببت في هجران التعليم العالي للكثير من الشباب، وفي هجرة الذكور الشباب للخارج بشكل كثيف. وصارت الهجرة حلما يراود كل شاب وشابة. - البطالة وانتشارها بشكل مخيف أيضا دفع الشباب المؤهل أكاديميا رجالا ونساء للهجرة للخارج أو للعمل بالأعمال الهامشية. - ازدياد حالات المرض النفسي وسط الشباب. - سياسات الإفقار والقهر أدت إلى تفشي الانحراف بكافة ضروبه: الجريمة والانحلال الأخلاقي. - أيضا تسببت الحالة الاقتصادية السيئة في التركيز على القيم المادية بين الشباب رجالا ونساء بشكل غير موزون ولا متوازن مع حاجات الإنسان الأخرى. - لكل تلك الأسباب صار قطاع كبير من الشباب السوداني في حالة رفض للمجتمع وظهرت ظاهرة الجفوة بين الأجيال وعدم القدرة على التواصل. - نتيجة لسوء الأحوال في الريف فقد تفاقمت هجرة الشباب من الريف للمدينة، يواجه هذا الشباب النازح مشاكل كثيرة جدا على رأسها البطالة. - وبسبب التفاوت الكبير بين المتخمين والمحرومين فقد نشأت في العاصمة فئات شبابية متخمة تتحدى القيود الرسمية وتبرع في إخفاء الممارسات الممنوعة. فانتشر إدمان المخدرات كالمورفين والكوكايين بين تلك الفئة وغيرها من الموبقات. وبين المحرومين انتشرت أنواع أخرى من المخدرات كالسلسيون والبنزين والحشيش وارتبطت بالضلوع في الجريمة. - وزادت ظاهرة العنوسة بين الشباب. والطلاق بين حديثي التزوج منهم. - وتسببت الضائقة الاقتصادية مع سيادة النظرة المادية للعلاقة بين الرجل والمرأة في انتشار أنواع الزواج السري بين الطلاب والزملاء مهددة الأسر بالانهيار. - وانتشرت ظاهرة المشردين في المدن وتكونت لهم ثقافة خاصة قائمة على شكل العصابات وضالعة في الجرائم. - كما انتشرت ظاهرة التسول بين مختلف الأعمار وكان للشباب منها نصيب. - وظهرت بين الشباب حركات تدعي التصوف وهي قشرية تنتشر مثلها مثل آخر الموضات. - كما ظهر بين الشباب ظاهرة الردة للقبلية العنصرية التي تهدد الوحدة الوطنية. إن الشباب السوداني الآن في أسوأ حالاته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية بل والروحية.. فما هو الحل؟ 1. غرس مبادئ السلام والديمقراطية والتنمية والعدالة في نفوس الشباب بشتى وسائل التربية. 2. العمل على توجيه الشباب للإشباع المتوازن لحاجات الإنسان وهي: روحية- مادية- خلقية- معرفية- جمالية- اجتماعية- رياضية- ترفيهية- بيئية وعاطفية. 3. تربية الشباب علي الانضباط التنظيمي والأخلاقي وتنمية روح العمل الجماعي في سلوكهم العام. 4. تربية الشباب روحياً مراعين التوفيق بين الأصل والعصر.. الحاجة الروحية تشبع عن طريق اتباع اجتهادات مستنيرة وتجنب النظرات المنكفئة التي تصرف هم الشباب في نشاطات عدائية للآخرين باسم الدين. 5. إذكاء روح الوطنية وحب الوطن والتضحية من أجل الآخرين. 6. إتاحة فرص العمل للشباب لإبراز إبداعاتهم ومهاراتهم في شتي المرافق العامة والخاصة. 7. تربيتهم علي نبذ العنف بكل أشكاله والتعاون مع الرأي الآخر بالتي هي أحسن. 8. غرس روح الانتماء والولاء القومي في الشباب، إن الولاء القومي لا يعني منع التعبير عن الإنتماءات الأضيق (القبلية والجهوية) أو الأكبر (الأممية والحضارية) ولكنه ينظمه بالمواثيق الدينية والثقافية (الواردة في البطاقة الفكرية) حتى لا يتعارض مع الثوابت القومية والوحدة الوطنية. 9. السعي لأحداث تواصل الأجيال محليا وإقليميا ودوليا. 10. تناول قضايا وهموم الشباب عبر الحوار الديمقراطي الجاد والمعالجات الموضوعية. 11. غرس الروح الوطنية في الشباب متجاوزين للأطر الحزبية فيما يتعلق بالقضايا الوطنية. 12. تفعيل وتحريك الشباب وتفجير طاقاتهم عبر الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية والروحية. 13. خلق منابر حرة يعبر فيها الشباب عن أفكارهم دون عصبية فكرية أو جهوية .. الخ. 14. إنشاء معاهد متخصصة لدراسة قضايا الشباب وتدريبهم في شتي المجالات. 15. تشجيع قيام مراكز الشباب والنوادي الثقافية والرياضية والفكرية وأماكن اللهو البرئ. ( الرياضة: يرى الكثير من الناس الرياضة لعبا، ولكن حتى للعب فوائده، بيد أن الرياضة ليست كذلك، إنها - الرياضة- أحد حاجات الإنسان العشر التي وردت في بطاقة الحزب الفكرية والتي يفوته التوازن إن أسقط إحداها.. ولأنها كذلك، فإن كل برامج الحزب التي صدرت من قبل: نحو آفاق جديدة، وإصلاح وتجيد، ونهج الصحوة كانت تحتوي على محور عن الرياضة..فلماذا كل هذا الاهتمام بالرياضة؟ فلسفة الاهتمام بالرياضة: الرياضة نشاط يستلزم الوصول للياقة البدنية، وهناك عدة عوامل تقيس المقدرة الكلية على إجراء النشاط البدني فضلاً عن القدرة الرياضية، تلك العوامل هي: التوازن، المرونة، قوة تحمل العضلات والقلب والجهاز التنفسي، القوة العضلية، نسبة الدهون في الجسم والمران والتدريب. تعود الرياضة بفوائد عديدة على الفرد والمجتمع والأمم، ففي المجال الأول يعرف عن الرياضة فوائدها الفسيولوجية للجسم، فهي تقوي من عضلات القلب والرئتين وتقلل من خطر الإصابة بأمراض ارتفاع ضغط الدم كما تساعد على تخفيض الوزن وضبط سكر الدم، وهي تقوي العضلات والعظام وتحافظ على مرونة المفاصل. أما فوائدها السيكولوجية فتتمثل في علاج الاكتئاب والوقاية منه والتخلص من التوتر النفسي وإشعار الفرد بالنشوة والسعادة عند ممارستها وعند النصر في المنافسات، كما تؤدي التمارين الرياضية للحفاظ على مظهر جيد وتزيد من الثقة بالذات ومن النشاط والانتباه والشعور بالإنجاز. وللرياضة فضلاً عن كل ذلك فوائد اجتماعية فهي تنمي في الفرد روح الاستعداد للنجدة والتفاني دفاعا عن الجماعة إن لزم الأمر، وتنمي فيه ملكات القيادة كما تساعد على نشر روح التعاون بين أعضاء الفريق وتمتص المشاعر العدائية. أما فوائد الرياضة على الأمم فتكمن فيما يمكن أن تلعبه في مجال الدبلوماسية والسفارة الشعبية بين الأمم. لقد نالت الرياضة حظوظاً مختلفة من الاهتمام على يد الحكومات المختلفة. النظم الشمولية تظهر اهتماماً بالرياضة كنشاط انصرافي يصرف الجماهير عن الشأن السياسي، أما الديمقراطيات فلم تمهل لتقوم بدورها في النهوض بالنشاط الرياضي، ولكن بشكل عام فإن الرياضة شأنها شأن غيرها تزدهر وتنمو وتؤتي أكلها في ظل النظم الديمقراطية. بل أصبحت الآن الديمقراطية متلازمة للرياضة وصار هناك ما يعرف بديمقراطية الحركة الرياضة، فأصبح السلوك الديمقراطي مطلباً رياضياً أيضاً. لذلك كان لحزب الأمة دائماً برنامجاً رياضياً ضمن أطروحاته الوطنية. هذه الحقائق عن الرياضة توجب الاهتمام الكبير بها من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة أحزاباً ومنظمات طوعية. المشهد الرياضي الآني: إن المشهد الرياضي الحالي جد حزين يعاني المثالب الآتية: 1- التردي الواضح في البنى التحتية للرياضة من ملاعب ومعدات وأجهزة رياضية وفي مجال الطب الرياضي والكادر العامل فيه. 2- العجز الماثل في تمويل النشاط الرياضي لتقلص الميزانية المخصصة للرياضة من قبل الدولة، وزهد المستثمرين في الاستثمار في المجال الرياضي. 3- العزوف الجماهيري عن النشاط الرياضي، فحتى أولئك الذين يبدون اهتماماً بالرياضة ليسوا في الغالب بالضرورة رياضيين بل يمارس أغلبهم الرياضة كمتفرجين أو مشجعين. 4- غياب الأنشطة الرياضية عن مؤسساتنا التعليمية المدرسية منها والجامعية، خاصة المؤسسات الجديدة. 5- تقلص الميادين العامة ببيع عدد كبير منها لصالح تمويل أنشطة أخرى. 6- أدى غياب التعددية السياسية إلى التمركز حول التعددية الرياضية مما خلق ولاءات متشددة ومتشنجة ومغالية في الانتماء الرياضي وأسفر عن طائفية رياضية. 7- كما تعاني الرياضة من الربط الحصري الخاطئ بين الرياضة والشباب، صحيح أن الرياضة مطلوبة للشباب ولكنها مطلوبة أكثر لغيرهم، الفهم للصحيح للرياضة هو أن "الرياضة للجميع". 8- مشاكل متعلقة بالتشريعات والنظم واللوائح الرياضية التي تقتضي اجراء بعض التعديلات عليها. 9- مشاكل إدارية تتعلق المركزية واللامركزية في الأجهزة الرياضة المختلفة والعلاقة بينها. 10- عدم التنوع الرياضي والتركيز على منشط كرة القدم على حساب غيره من المناشط الأخرى حتى تلك التي كانت لنا فيها إنجازات ومساهمات مقدرة. 11- تخلف الرياضة النسائية عن الحركة الرياضية عامة
05-17-2003, 03:59 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
خطة قومية للنهوض بالرياضة إن الفرصة الآن تواتي للنهوض بالرياضة في السودان، فلأول مرة يدور مثل الحوار الجار الآن حول مستقبل السودان، والجميع يتطلع الآن لرسم خريطة جديدة للسودان، يجب أن تحتل الرياضة فيها الموقع الذي تستحق، ولن يكون ذلك إلا بالآتي: 1- النهوض بثقافة رياضية جديدة تنظر للرياضة على أنها ليست عبثاً وإنما ضرورة نفسية وبدنية وفسيولوجية ومجتمعية وأنها إحدى مطالب الفطرة الإنسانية. 2- محو الأمية الرياضية. 3- التأصيل الرياضي ببعث الأنشطة الرياضية الكامنة في موروثنا الشعبي وتنميتها وتطويرها. 4- ضرورة الربط بين الرياضة والثقافة وتذكية الآراء المستنيرة تجاه الرياضة في ثقافاتنا وأدياننا المختلفة وتعزيز مفهوم الرياضة الجامعة المتعددة الأنشطة للجميع. 5- إنشاء مجلس قومي للرياضة بمشاركة مدنية واسعة. 6- ضمان استقلالية مسجل الهيئات الرياضية. 7- توفير وتصنيع الاحتياجات الرياضية من معدات وأجهزة وغيرها. 8- الاهتمام بالتدريب والتأهيل للمهارات الرياضية ورعاية الناشئين. 9- الاهتمام بالطب الرياضي وتأهيل وتدريب الكادر العامل فيه. 10- تشجيع الجهات المستثمرة للاستثمار في مجالات الرياضة المختلفة لإيجاد فرص أوسع للتمويل. 11- تشجيع ورعاية الرياضة النسائية، وإفساح المجال للمرأة للاشتراك في الأجهزة الرياضية ومجالس إدارتها، وتأهيل الأندية لذلك. 12- احترام استقلالية النشاط الرياضي والنأي به عن الاستغلال والتوظيف السياسي أو الحزبي. 13- إشراك الأسر والأحياء والمدارس والأكاديميات في دعم الحركة الرياضية بالبلاد. 14- إنشاء المدن الرياضية وتأهيلها. 15- الاهتمام بالبرتوكولات الرياضية لتوسيع فرص التعامل رياضياً مع الآخرين. 16- الاهتمام بدور الإعلام الرياضي في محو الأمية الرياضية وبث الثقافة الرياضية وإبراز مختلف الأنشطة الرياضية. 17- عقد مؤتمر رياضي قومي بحضور جميع مؤسسات المجتمع المدني والمهتمين والكتاب للخروج بمشروع رياضي قومي متكامل لسودان ما بعد السلام والتحول الديمقراطي. (9) السكان: توقعات تعداد السكان في عام 2003م حسب المسح السكاني لعام 1983م وتقديرات اللجنة القومية للسكان لعام 1990م هي 38.6 مليون نسمة بتوقع معدل زيادة سنوي 2.6%. التوزيع السكاني غير متزن فحوالي 33% من السكان يسكنون 7% من المساحة في الخرطوم والأوسط و 66% يعيشون في دائرة قطرها 300 كيلومتر فقط حول الخرطوم. جزء كبير من هذه النسبة راجع للنازحين بسبب الحرب في الجنوب (يقدر أن الحرب حولت 3.5 مليون نسمة من الجنوبيين إلى نازحين) وهنالك نازحين آخرين بسبب الجفاف والتصحر والمجاعات في شمالي كردفان ودارفور، ولغير ذلك من الأسباب. وفي السودان أعداد كبيرة من اللاجئين من أثيوبيا وإرتريا ويوغندا، وبها أعداد كبيرة من المستوطنين من رعايا الكثير من البلدان الإفريقية والعربية والآسيوية. والخريطة السكانية معيبة أيضا بسبب كبر الرقعة وقلة السكان بالنسبة لها مما تسبب في تشتت السكان على الرقعة بشكل يعوق عملية توفير الخدمات ومطالب التنمية التي توجب ترشيدا سكانيا يجمع القرى المشتتة وعددها حوالي 65 ألف قرية في قرى أكبر. الخريطة السكانية الجديدة في السودان سوف تظهر الحاجة لحقن سكانية في مناطق مختلفة في السودان. ولقد كان للحرب دور كبير في هذا العيب بما رافقها من تصفية للمجتمعات بالجنوب وجبال النوبة مع اتخاذ سياسات المناطق المحروقة. أيضا كان للسياسات الخرقاء تجاه الغابات دور في تأييد الزحف الصحراوي وازدياد النزوح خاصة من كردفان ودارفور.. مما أدى إلى إخلاء الريف وترييف المدن. رافق ظاهرة ترييف المدن عبر النزوح تفريغ لها من العقول والكوادر المؤهلة. فالهجرة للخارج بلغت على يد الإنقاذ معدلات خرافية، وصار حلم الرجال والنساء والشيب والشباب والأطفال هو الكرت الأخضر الأمريكي أو إعادة التوطين في أستراليا أو كندا أو هولندا أو غيرها.. هذا علاوة على الاغتراب لدول الخليج وزيادة أرقامه برغم سوء شروط عروض العمل وسعي الدول المخدمة للاستغناء عن العمالة الأجنبية.. لقد صار سودان المهجر رقما يوازي سودان الداخل ليس في تعداده ولكن في أحيان كثيرة فيما يقدمه للأسر من دعم مادي. السياسات السكانية المطلوبة: إن أي سعي للتنمية في السودان عليه أن يراعي هذا الواقع الكارثي في الخارطة السكانية، وأن يسعى لتنفيذ السياسات التالية: - تفعيل برنامج التعداد السكاني مع رصد التغيرات السكانية من مواليد ووفيات بصورة دقيقة وذلك لمؤاءمة النمو الاقتصادي مع النمو السكاني. - إعادة توزيع السكان بتجميع القرى الصغيرة في قرى أكبر، وباستقدام حقن سكانية من دول الجوار الجيوسياسي والحضاري ذات الكثافة السكانية العالية مصحوبة بغطاء مالي تنموي داعم، ويمكن أيضا الدعوة لتوطين اللاجئين باختيارهم حسب خطط مدروسة بالتعاون مع مفوضية اللاجئين. - تبني برنامج لعودة سودانيي المهجر (ترد تفاصيل البرنامج في ملف سودان المهجر). - عمل خطة متكاملة لإعادة النازحين لمناطقهم واستقرارهم فيها وذلك عبر تنمية الريف. - الارتقاء بالخصائص السكانية والمحافظة علي معدلات نمو سكاني تتناسب مع الاتساع الجغرافي للسودان وذلك بتشجيع التناسل المنضبط بتنظيم الأسرة، وخفض معدلات الوفيات من الرضع والأطفال دون الخامسة وذلك بالآتي: - القضاء علي أمراض الطفولة المعدية . - محاربة العادات الضارة . - القضاء علي الأمية الأبجدية والحضارية مع التثقيف الصحي. (10) الإحصاء : الاهتمام بالإحصاءات الاقتصادية لإحصاءات الدخل القومي و الإحصاءات الزراعية بشقيها الحيواني والنباتي وإحصاءات الصناعة والنقل والخدمات و التجارية الخارجية..الخ. فضلا عن الإحصاءات السكانية و الاجتماعية كحجم ونمو السكان والهجرة الداخلية والخارجية وحجم القوي العاملة وتوزيعها وإحصاءات التعليم والصحة..الخ. وذلك عبر: 1. تفعيل جهاز الإحصاء المركزي والمركز القومي للمعلومات. 2. إنشاء شبكة قومية للمعلومات في كل الوحدات والتنسيق بينها وبين الجهاز الإحصائي. 3. الاستفادة من التقنية في المجال الإحصائي وإدخال معايير ومقاييس إحصائية متطورة. (11) سودان المهجر: السودانيون بالمهجر هم الآن مجموعات: مغتربون : وهم الذين التحقوا بأعمال ووظائف خارج السودان، وتربطهم بالجهات التي يعملون معها عقود عمل محددة. هؤلاء يفترض أن اغترابهم مؤقت وسوف يعودون. لاجئون. وهؤلاء هم الذين غادروا السودان لأسباب مختلفة أهمها : الاضطهاد السياسي، العمليات الحربية، ضيق المعيشة، التشريد من الخدمة والمجاعات. هؤلاء أشبه بمن في حالة انتظار لأنهم لم يجدوا بديلا مناسبا فإن تحسنت الأوضاع التي طردتهم يتوقع عودتهم للبلاد. موطنون : ومنذ عام 1989 ظهرت مجموعة جديدة تزايدت أعدادها مع الأيام هي مجموعة إعادة التوطين. جاءت ظروف أثرت في وضع المغترب السوداني سلبا أهمها: أ. الظروف الطاردة في السودان زادت الحاجة للاغتراب فاندفعت أعداد كبيرة للاغتراب متجاوزة الضوابط ذاهبة للبلدان باسم الحج، والعمرة، والزيارة، ودعوة الأقارب وغيرها من الأسباب والذرائع. ثم يبقون بحثا عن عمل دون أوراق ثبوتية وربما اشتروا إقامات من السوق السوداء. ب. اتجهت بلدان الاغتراب إلى تشغيل مواطنيها الذين نالوا حظا من التأهيل مما أدى للاستغناء عن خدمة العمالة الوافدة ومنها العمالة السودانية . ج. زيادة العرض من الذين يبحثون عن العمل، وتناقص الطلب، جعل السودانيين يقبلون بأجور زهيدة ويقبلون شروط المخدم مهما كانت. د. وواجه المغترب السوداني مشاكل عائلية واجتماعية حقيقية لاسيما في مجال تشتت الأسرة وتعليم الأبناء. يجب تبني السياسات التالية : أ) بالنسبة للمغتربين: ¨ تتفق الدولة السودانية مع دول الاغتراب على رعايتهم وصيانة حقوقهم. ¨ إيجاد آلية مقبولة لديهم للتشاور المستمر مع الدولة بخصوص السياسات والتشريعات التي تخصهم. ¨ تسهيل مشاكل التعليم التي تعترضهم. ¨ تنظيم أندية جامعة ثقافية واجتماعية وترفيهية في مناطق تجمعاتهم. والمساعدة على إقامة رياض أطفال تحتضن أطفالهم. ¨ وضع سيناريوهات وخطط لتنظيم عودة من يقرر العودة منهم بحيث تكون العودة مصحوبة بمشروعات تنموية. ب) بالنسبة للاجئين: · تجري القوى السياسية والدولة اتصالات مكثفة بمفوضية غوث اللاجئين تتعلق بأوضاعهم المؤقتة. · العمل على أن تقترن عودة اللاجئين بحوافز تنموية لتقوم الأمم المتحدة والدول المتبرعة بتمويل برنامج استقرار للاجئين مقترنا بالتنمية. وببرامج محددة لإعادة استقرارهم الاختياري في بلادهم. ج) بالنسبة للموطنين: إزالة العداء تماما بين السودان الأم في بدايته الجديدة، وبين سودان المهجر. تبادل المنافع بين السودان الأم المتجدد وسودان المهجر. تبني السودان الأم لسودان المهجر ثقافيا وإعلاميا، عن طريق التواصل معه عبر الإصدارات والدوريات أو ما شابه. شد أنظار سودان المهجر للاهتمام بمصير، ورفاهية، وتنمية الوطن الأم. برمجة العودة الاختيارية بحيث ينتفع بها العائدون والوطن الأم. بل وعن طريق تطوير العلاقات تنتفع بها أوطان المهجر نفسها. (12) المجتمع المدني والمنظمات تذهب أغلب تعريفات المجتمع المدني إلى أنه جملة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في استقلال نسبي أو كامل عن الدولة لتحقيق أغراض سياسية، نقابية، ثقافية أو اجتماعية، وعليه فهي تشمل كل المؤسسات التي تملأ الفراغ ما بين الأسرة والدولة، وعلى الرغم من أن هذا التعريف يمكن أن يستوعب الشركات والمؤسسات الربحية، إلا أن الاتجاه الغالب يذهب إلى حصر المجتمع المدني في المؤسسات الطوعية غير الربحية، والتي تنضوي تحتها الأحزاب السياسية، الجمعيات والمنظمات الطوعية، المؤسسات ومراكز البحوث الأكاديمية، الاتحادات والنقابات الفئوية، المؤسسات والروابط الدينية والطرق الصوفية، الشركات الخيرية غير الربحية. لقد تعرضنا للمؤسسات التعليمية والنقابات في موضعين آخرين من هذا البرنامج لذلك يقتصر حديثنا هنا على الأحزاب السياسية والمنظمات الطوعية. 1- الأحزاب السياسية: النظم الشمولية لا تفتأ تكيل الكيل للأحزاب السياسية، واصفة إياها بأقذع الصفات فهي عاجزة، طائفية، فاشلة، مدعاة للصراع والفتن، ضيقة النظر ترجح مصالحها على المصالح القومية.. إلى غير ذلك الاتهامات، كل ذلك لتبرير الشمولية، وبحثاً عن شرعية مفقودة.. حيلة لجأت إليها كل الشموليات التي حكمت السودان -حتى تلك المدعومة من أحزاب- دون أن تنال من جماهيرية وقاعدة الأحزاب السودانية، إن الأحزاب السياسية كما أسلفنا من قبل هي قنوات المشاركة، ومنابر تحديد الخيارات وأدوات التنافس الديمقراطي، وآليات الأداء السياسي، وحوض تفريخ الكوادر القيادية، ولا ضمان لاستدامة الديمقراطية إلا بإصلاحها ومعالجة أمراضها. لقد ضرب حزب الأمة للأحزاب السياسية مثلاً حياَ في ممارسة النقد الذاتي وديمقراطية القرارات والقيادات ومؤسسية القنوات الحزبية، ومراجعة المواقف والهياكل بشكل دوري عبر المؤتمرات العامة والسمنارات وورش العمل المتخصصة، وهو يتطلع لأن تعمل جميع الأحزاب السودانية على الإصلاح الذاتي والبناء المؤسسي والديمقراطية الداخلية، وفي ذلك يعمل الحزب على: 1- وضع قانون للأحزاب يكفل حرية التنظيم وتكوين الأحزاب السياسية وممارسة العمل السياسي وفق الشروط الآتية: أ. الالتزام بمبادئ الميثاق الوطني والمواثيق المؤسسة لبناء الوطن. ب. أن تلتزم الأحزاب القومية في تكوينها وفي برامجها وألا يسمح بأن تخصص لانتماء ديني، أو ثقافي، أو اثني، أو جهوي واحد. ج. أن تكون ديمقراطية في تكوينها وأن تلتزم بالنظام الديمقراطي. د. أن تضمن شفافية مصادر تمويلها. 2- قيام جسم محايد لتسجيل الأحزاب وفق الشروط المطلوبة. 3- إنشاء آلية قضائية متخصصة للمساءلة على أية مخالفات في هذا المجال.
05-17-2003, 04:00 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
الملف السابع: الديمقراطية المستدامة الديمقراطية كنظام سياسي ولدت في الغرب ونمت وتطورت عبر تجربة تاريخية محددة مثلت الثورات السياسية والثقافية والصناعية. أدت تلك الثورات إلى تفوق حاسم للحضارة الغربية لاسيما في المجالين الاقتصادي والعسكري على ما عداها من حضارات. أخضعت الحضارة الغربية العالم للاستعمار، ولما خرجت من المستعمرات أورثتها تجربتها: فخلفت وراءها نظما ديمقراطية. وباختصار يمكن القول بأن الديمقراطية نظام غربي وافد تم غرسه في تلك المجتمعات دون أن تصحبه المقدمات السياسية والثقافية والاقتصادية التي أنتجته في بيئته الأولى. ومما فاقم مشاكل التجارب الديمقراطية في المستعمرات السابقة وفي دول العالم الثالث ظروف التخلف وهشاشة التكوين القومي وضعف مؤسسات الدولة الحديثة فانعكس ذلك سلبا على الاستقرار السياسي وانفتح الباب واسعا للتدخل الأجنبي والتمحور لا سيما في فترة الحرب الباردة. هذه المشاكل والاخفاقات مهدت السبيل لقيام نظم انقلابية استبدادية استمدت وجودها من تلك المشاكل والاخفاقات ولكن ما تلبث النظم الاستبدادية إلا قليلا حتى يتضح أنها أكثر إخفاقا من سالفتها الديمقراطية: حيث تتسبب في إضعاف التماسك القومي والوحدة الوطنية ويتحول الخلاف السياسي إلى عداوة ضارية ويتم إضعاف الدولة الحديثة ومؤسساتها حينما يحل الولاء محل الكفاءة وتضمحل فرص التنمية حينما توجه الموارد لحفظ أمن النظام الحاكم ويتم إضعاف المؤسسة العسكرية بالتصفية السياسية وهكذا تنتهي التجربة إلى نقيض ما هدفت إليه وتنفجر تلك الاخفاقات غالبا في ثورات شعبية تطيح بالنظم الاستبدادية. لقد جربنا في السودان الدخول في هذه الحلقة لذلك نشأت الحاجة للحديث عن أي النظم أنسب لحكم السودان وكيف نستديم النظام الأنسب؟. يجيب الملف على هذا السؤال عبر ثلاثة محاور: الديمقراطية في السودان: الخيار الوحيد – الديمقراطية المستدامة – والإصلاحات المطلوبة. الديمقراطية في السودان :الخيار الوحيد بالإضافة للأسباب العامة، للسودان ظروف خاصة تجعل الخيار الديمقراطي هو الخيار الوحيد المتاح أمامه: 1) في كثير من الدول هناك ثورات وطنية حققت إنجازات تاريخية مثل تحقيق الاستقلال وإجلاء النفوذ الأجنبي فاكتسبت بذلك شرعية وطنية، وهناك أسر حققت مثل ذلك في بلادها فاكتسبت شرعية مماثلة.في السودان لا توجد ثورة ولا أسرة يمكن أن تشكل مرجعية متفقا عليها.لذلك لا مناص من الاعتماد على الشرعية الديمقراطية والرجوع إليها. 2) السودان بلد متعدد ثقافيا واثنيا، هذا التنوع والتعدد لابد من الاعتراف به واحترامه وأن يجد التعبير عنه فرصة كاملة وأنسب النظم لإدراك ذلك التنوع والتعبير عنه هو النظام الديمقراطي. 3) السودان بلد شاسع المساحة مع التعدد والتنوع المشار إليه آنفا مما يستوجب نظاما لا مركزيا، هذه الحقيقة أصبحت محل إجماع. ولكن اللامركزية تستوجب نظاما ديمقراطيا لأن فكرتها تنبني على مبدأ مهم وبسيط وهو القبول بتفويض السلطات والصلاحيات المركزية للأقاليم وهذا المبدأ يتعارض مع الشمولية فلا بد من نظام ديمقراطي ليقبل بذلك. 4) بلادنا تعاني من حرب أهلية شعواء استمرت حينا من الدهر وتولدت معها مرارات وانبنى حاجز نفسي من عدم الثقة ولا ينتظر لأي اتفاق سلام استمرار ما لم تحيطه ضمانات داخلية وخارجية.أكبر ضامن داخلي هو تضمينه في دستور البلاد القومي. في النظام الشمولي لا ضمان لاحترام الدستور ولا المواثيق(وما اتفاقية أديس أبابا1972 ونقضها ببعيدة عن الأذهان)، الضمان الوحيد هو النظام الديمقراطي الذي يقوم على الدستور ويحترمه ويلتزم به. 5) التجربة السودانية أوضحت بجلاء أن الحرب الأهلية تزداد ضراوة في العهود الاستبدادية (63-75-83-91) وكذلك التردي الاقتصادي وضعف التماسك القومي …فمن هذه التجربة ترسخت القناعة بضرورة النظام الديمقراطي. 6) هناك أسباب أخرى إقليمية ودولية تدفع في نفس الاتجاه الديمقراطي: أ. بعد انتهاء الحرب الباردة أصبحت موجة الديمقراطية هي الغالبة في العالم. ب. وأصبحت مؤسسات التمويل والمعونة تشترط استكمال المعايير الديمقراطية : من شفافية وحقوق إنسان وغيرهما للحصول على العون.يحدث هذا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واتفاقية كوتونو وبرنامج الشراكة الجديدة لأفريقيا (NEPAD)الذي تتبناه الدول الصناعية الثمان الكبرى G8 . ج. بعد أحداث 11 سبتمبر ازداد يقين الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بتلازم الإرهاب مع الاستبداد السياسي الفقر وأصبح مطلب الانفتاح الديمقراطي حتى داخل الدول الحليفة لها مطلبا ملحا. د. وعلى هذا الدرب تسير منظمة الدول الأفريقية. الديمقراطية المستدامة: ومع تسليمنا بأن الديمقراطية هي النظام الوحيد الصالح لحكم بلادنا فان التجارب الديمقراطية السابقة بها عثرات أساسية جعلت استمرارها مستحيلا. من أكبر الثغرات التي أتت منها مقاتل الديمقراطية في بلادنا بظروفها المعروفة هو الإصرار على ممارسة ديمقراطية معيارية. وبالديمقراطية المعيارية نعني ديمقراطية مثالية أو نموذجية: يتم فيها الالتزام الحرفي بمبادئها النظرية : فصل السلطات –حقوق الإنسان-الحريات. دون مراعاة لأية ظروف أو الخضوع لأية قيود. وإذا نظرنا حتى إلى الديمقراطيات الراسخة في الغرب نجد أن الديمقراطية ومبادئها النظرية قد تم أقلمتها في الواقع استجابة لظروف معينة. فمثلا: مبدأ الفصل بين السلطات تعرض لأقلمة وكذلك مسألة العلمانية التي وصل الغرب فيها لصيغة تم بها استيعاب الدين والتعايش معه بعد محاولات الطرد الفاشلة.وكذلك في مسألة حقوق الإنسان لا سيما في ظروف الأزمات والطوارئ – وأبرز مثال على ذلك الإجراءات التي تمت بعد أحداث 11 سبتمبر على صعيد الحريات الشخصية وحقوق الإنسان .وكذلك حدثت أقلمة للنظام الديمقراطي الغربي من حيث المحتوى الاجتماعي حيث تمت الاستفادة من النقد الماركسي للنظام الليبرالي الرأسمالي …وهكذا. إن أقلمة الديمقراطية ضرورة من ضرورات بقائها فالديمقراطية المعيارية هشة وغير واقعية ولذلك لا تبقى.أما الديمقراطية النسبية : مثل الديمقراطيات المتطورة من نظم اتقراطية عسكرية أو ملكية كما هو الحال في منطقتنا العربية فهي غير مقبولة في السودان لأنها أقل من تطلعات وطموحات وتجربة أهل السودان. الإصلاحات المطلوبة: هناك ثمانية عوامل عصفت وستعصف بالتجربة الديمقراطية في السودان ولابد من عمل إصلاح أساسي فيها، تلك العوامل هي: الحرب الأهلية – التوازن الاجتماعي - الانتخابات – الأحزاب – النقابات – الصحافة – القضاء – القوات المسلحة- ونظام الحكم. لا بد من مراجعة الأداء في هذه الملفات، وفقا للخطة التالية: 1) الحرب الأهلية: الحرب الأهلية تضعف أي نظام حكم، وهي في أي بلد تتطلب ضوابط وإجراءات تنتقص من القواعد الديمقراطية.إن الإصرار على ممارسة الديمقراطية الكاملة في ظروف الحرب الأهلية يعرضها للمخاطر بالإضافة إلى أن الحرب نفسها لها آثار سالبة على النظام الديمقراطي حيث تزيد النفوذ العسكري وتستنزف الموارد المالية والبشرية وتزيد المخاطر الأمنية داخليا وخارجيا. وعليه فان إيقاف الحرب الأهلية من أهم عوامل استدامة الديمقراطية. خطة السلام وردت في ملف السلام. 2) التوازن الاجتماعي: أهم اصلاحين مطلوبين في هذا المجال هما: § استيعاب القوى الحديثة: والتي لها دور سياسي أكبر من وزنها الشعبي فلا يجب التعامل معها بمبدأ الصوت الواحد للشخص الواحد بل يجب استيعابها في النظام الديمقراطي بما يحقق الاستفادة منها ويشبع تطلعها في المشاركة في بناء الوطن § التعامل مع الأقليات الثقافية: أيضا هنا لا ينبغي التعامل معها وفق الأغلبية الميكانيكية بل ينبغي أن تراعى تلك الخصوصيات الثقافية وتمثيلها والتعبير عنها بحرية وعدالة بحسب ما ورد في الميثاق الثقافي (ملف البطاقة الفكرية). وفي هذه النقطة يجب اصلاح النظام الانتخابي ليحقق التوازن المطلوب على النحو التالي: 3) الانتخابات: 1) وضع قانون جديد للانتخابات. 2) السجل الانتخابي الحالي غير متفق عليه لذلك يجب إجراء إحصاء سكاني قبل الانتخابات 3) تحديد نوع الدوائر الجغرافية والدوائر الخاصة وتقسيمها بعدالة حسب الوزن السكاني 4) النظم الشمولية أضعفت المنظمات السياسية وخلقت ظروفا أدت لتقوية الانتماءات الموروثة.ينبغي اعتماد أساس انتخابي جديد يقوم على التمثيل النسبي عبر قوائم الأحزاب. هذا الإصلاح سوف يؤدي لتمثيل كل ألوان الطيف السياسي عبر الأحزاب ويقوي الأحزاب. 5) تقفل دوائر بنسبة محددة للتنافس بين المجموعات الآتية: × الأقليات ذات الكينونة والتي لا يسمح التنافس المفتوح لها بالنجاح. × القوى الحديثة التي لها وزن اقتصادي واجتماعي يفوق وزنها العددي. × المرأة لأن الواقع الاجتماعي لا يسمح بتمثيلها بنسبة عادلة عبر الانتخابات. 3) الأحزاب والإصلاح الحزبي: يجب تطوير الأحزاب والممارسة الحزبية بالآتي: وضع قانون للأحزاب يكفل حرية تكوين الأحزاب وحرية التنظيم وممارسة العمل السياسي وفق الشروط الآتية: ه. الالتزام بمبادئ الميثاق الوطني والمواثيق المؤسسة لبناء الوطن. و. أن تكون قومية في تكوينها وفي برامجها وعدم السماح لها بان تخصص لانتماء واحد ديني، أو ثقافي، أو اثني، أو جهوي ز. أن تكون ديمقراطية في تكوينها وأن تلتزم بالنظام الديمقراطي. ح. أن تضمن شفافية مصادر تمويلها. ط. إنشاء آلية قضائية متخصصة للمساءلة على أية مخالفات في هذا المجال. 4) الإصلاح النقابي: الميثاق الاجتماعي تلتزم النقابات بميثاق اجتماعي ينص علي : أ. حماية مكتسبات الحركة النقابية السودانية ب. كفالة ديمقراطية التكوين النقابي بدأً من تسجيل الأعضاء إلي سلامة الترشيح والتصويت. ج. قيام سياسة للأجور علي الأسس التالية: - تغطية ضرورات المعيشة. - وتحديد نسبة مئوية معينة من الدخل القومي كمؤشر لا يجوز لفاتورة الأجور أن تتخلف عنه أو تتخطاه . د. الالتزام بمراحل التفاوض الحر بين النقابة والجهة المستخدمة وقبول نتائج التحكيم. ه. تنظيم حق الإضراب بحيث لا يكون إلا بعد استنفاذ السبل الأخرى. و. المشاركة في الأنشطة النقابية الدولية ز. تشجيع الأنشطة التدريبية والتثقيفية. ح. تشجيع الأنشطة التعاونية الاستثمارية النقابية والمؤسسات النقابية الخدمية. ط. منع كافة محاولات الانحراف بالحركة النقابية عن دورها واستخدامها أدوات للانقلاب المدني. تلتزم كافة التكوينات النقابية بهذا الميثاق الاجتماعي وتسجل وفق أحكام قانون خاص بها . وتكون آلية قضائية متخصصة للنظر في المخالفات النقابية وإنزال العقوبات المحددة. 5) الميثاق الصحافي: تلتزم الصحافة بالميثاق الصحافي الآتي: أ) الالتزام بمبادئ الميثاق الوطني. ب) الالتزام بالموضوعية والصدق والأمانة والابتعاد عن الإثارة ت) أن توضح بشفافية مصادر تمويلها. ث) للصحافة ضوابط مهنية وخلقية لا يرخص لأصحابها الانتساب للمهنة إلا إذا استوفتها. ج) تمنح الدولة تسهيلات للصحافة كمهنة وكصناعة ح) يضمن للصحافيين تنظيم نقابي ديمقراطي يدافع عن مصالحهم ويحقق لهم منافع تعاونية واستثمارية وخدمية. خ) يصدر قانون للصحافة والمطبوعات يوجب الالتزام بالميثاق الصحافي ويحدد أحكام التصديق لإصدار الصحف والمجلات والدوريات. د) وتنشأ آلية قضائية متخصصة للمحاسبة علي التجاوز. 6) القضاء: مع الحفاظ على مبدأ استقلال القضاء يجب أن يراعي القضاء وظائف أجهزة الدولة الأخرى دون أن يتنازل عن صلاحياته الشرعية،كما يجب على القضاة التزام الحياد السياسي.إن إصلاح القضاء على ضوء تجارب الماضي ضرورة لاستدامة الديمقراطية. 7) القوات المسلحة: هناك ميثاق عسكري مقترح في محور الأمن والدفاع يحدد دور القوات المسلحة الوظيفي ودورها السياسي منعا لتكرار التجارب السابقة ويحدد ما ينبغي عمله لتطويرها. نظام الحكم: أ. النظام البرلماني السابق الذي يعطي الصلاحيات التنفيذية لمجلس الوزراء ويجعل مجلس رأس الدولة رمزا للسيادة، تعرض للفشل بسبب عدم إحراز أي حزب لأغلبية تمكنه من الحكم المنفرد وبسبب غرابة مفهوم السيادة بدون الصلاحيات التنفيذية على السودان. لذلك صار يحدث شد وجذب بين أطراف الائتلاف مما عوق الأداء الديمقراطي.الإصلاح المطلوب هو التحول نحو النظام الرئاسي الذي يتجاوز هذا الخلل. ب. وسبب آخر للتحول نحو النظام الرئاسي هو أن اللامركزية تحتاج لسلطة تنفيذية قوية تتوافر في النظام الرئاسي بأكثر مما تتوافر في النظام البرلماني.إن سرعة البت في المسائل واتخاذ القرار تقفل الباب أمام المغامرين الذين يتعللون بضعف الأداء التنفيذي للنظام البرلماني وبطء القرارات .
الملف الثامن: نظام الحكم لأسباب فصلناها في محور الديمقراطية المستدامة يجب أن تكون الدولة السودانية دولة مدنية ديمقراطية رئاسية لامركزية. أولا: الدستــور الديمقراطي: ظلت قضية الدستور تمثل على مر العهود محور الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي والديني حول ماضي وحاضر ومستقبل السودان ، وستظل تلقي بظلالها على واقع البلاد ما لم تتواضع كل الفعاليات والتنظيمات والقوى السياسية على وضع دستور قومي ديمقراطي مدني تتولى إعداده لجنة قومية ويجيزه برلمان منتخب انتخاباً حراً مباشراً برقابة قضائية ودولية . الموجهات : يجب أن يعبر الدستور ويحمل سمات الدولة المدنية الديمقراطية اللامركزية الرئاسية ،وأن تؤسس مرجعيته على ارثنا الدستوري الديمقراطي وعلى مبادئ وقواعد المواثيق والعهود الدولية .وأن تشمل موجهاته وسماته الأساسية الآتي : أولاً : المبادئ : 1- أن تكون المواطنة أساس الحقوق والحريات والواجبات الدستورية بلا تمييز بسبب الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة أو النوع. 2- النص على الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية فصلاً تاماً يكفل عدم تغول أي منها على الأخرى. 3- النص على الحريات والحقوق الدستورية بعبارات وألفاظ صريحة واضحة المعنى والدلالة كما وردت في العهود الدولية التي تكون جزءاً لا يتجزأ من الدستور ومكملاته وبحيث يتم تفسير أحكام ومبادئ الدستور وفقاً لمبادئ ومعايير وضمانات الشرعية الدولية لحقوق الإنسان . 4- النص على حرية التدين والاعتقاد والفكر حتى يكون للأديان والمعتقدات المحلية والثقافات دور فاعل في إرساء وترسيخ قيم العدل والتسامح والمساواة وقبول الآخر، كمصدر للإلهام والقوة الروحية والأخلاقية. 5- النص على سيادة حكم القانون والمساواة أمام القانون وكفالة المحاكمة العادلة. 6- النص على استقلال القضاء استقلالاً إداريا ومالياً تاماً وعلى نهائية وحجية أحكامه وعلى عدم إنشاء محاكم استثنائية أو نيابات خاصة لها سلطات قضائية. ويراجع الهيكل والكادر الحالي للقضاء لضمان حيدته ونزاهته. 7- النص على حرية التنظيم والفكر والتعبير مع مراعاة حظر تكوين تنظيمات أو أحزاب سياسية على أسس عرقية أو دينية أو جهوية. 8- النص على التزام الدولة وأجهزتها ومنسوبيها بالدستور وللقانون بحيث لا تكفل التشريعات والقوانين أية حصانة إجرائية أو موضوعية لأية جهة أو شخص فيما يتصل بتجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان. 9- النص على استصحاب قرينة البراءة وضمانات وقيود وضوابط الاعتقال والحجز والحبس. 10- النص على قيام محكمة دستورية كجهة قضائية مستقلة حارسة للدستور تختص بالفصل في الدعاوى الدستورية يتم تعيين رئيسها وأعضائها من قبل رئيس الجمهورية بموافقة مجلس القضاء العالي ممن لا تقل خبرتهم العملية في مجال القضاء / العمل القانوني عن خبرة قضاة المحكمة العليا، وتكون مسئولة لدى السلطة التشريعية. 11- تضمن اتفاقية السلام في الدستور بحيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الدستور. 12- تضمين المبادئ الموجهة للدستور من الميثاق الديني والميثاق الثقافي والميثاق الاجتماعي. ثانيا : مصادر التشريع : السودان بلد متعدد الأديان والثقافات واللغات والأعراق ، ولضمان وكفالة ممارسة كل مجموعة دينية أو ثقافية أو عرقية لحقوقها بحرية تامة دون حظر أو قيد أو تدخل في ظل هذا التعدد والتمايز، ولضمان مشاركة كل هذه المجموعات الوطنية في الحياة العامة مشاركة فاعلة وإيجابية، لابد من إقرار دستور مدني ديمقراطي يكفل النقاط الواردة في الميثاقين الديني والثقافي وينص على شروط العلاقة بين الدين والدولة والدين والسياسة على النحو الذي أوضحنا في ملف البطاقة الفكرية. ثانيا : حـقــوق الإنســـان: وثيقة حقوق الإنسان السوداني: تأكيدا علي التزام القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني السودانية بأهمية الحقوق الأساسية للإنسان بوصفها أحد ركائز النظام الديمقراطي القائم علي حكم القانون وبوصفها إحدى آليات استدامة الديمقراطية ، تلتزم القوى السياسية:- أولا: جميع المواثيق الدولية الصادرة من منظمات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان عامة وحقوق الفئات الخاصة مثل المرأة، الطفل، كبار السن، وكذلك المواثيق الصادرة من المنظمات القارية والإقليمية. ثانيا: تفعيل المواثيق والاتفاقيات الموقع والمصادق عليها من قبل حكومة السودان، والالتزام بالتوقيع والمصادقة علي أية وثيقة أخرى لم ينضم إليها السودان بعد النظر فيها بواسطة الهيئة التشريعية المنتخبة. ثالثا: إن التزامنا بمواثيق حقوق الإنسان لا يتعارض مع التزامنا بالأديان السماوية وكريم المعتقدات وقيم المجتمع السوداني. رابعا: الإقرار الصريح بأن جميع وثائق حقوق الإنسان وحقوق الفئات الخاصة الدولية هي جزء من دستور البلاد ولها نفس القوة والإلزام القانوني.والتأكد من عدم تعارض أي نص دستوري أو نص في قانون وطني مع هذه الوثائق. خامسا: منعا لأي التباس وتأكيدا لما سبق فإننا نلتزم بما يلي:- 一 حقوق الإنسان المدنية والسياسية المتعارف عليها دوليا. 二 الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية. 三 حقوق الطفل وفق ما هو منصوص عليه في الاتفاقات الدولية. 四 حقوق المرأة وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية المنظمة لذلك. 五 حقوق كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة وأي فئات أخرى تمنح رعاية خاصة. سادسا: إنفاذا لما سبق أعلاه فإننا نلتزم بإيجاد وتفعيل الآليات التالية كوسائل لإشاعة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان وتكريس الوعي العام بهذه الحقوق والتأكد من سلامة تطبيق الإجراءات الكفيلة بضمان صيانة هذه الحقوق والآليات هي: 一 تضمين المناهج الدراسية في جميع المراحل التعليمية مادة تتعلق بحقوق الإنسان واعتبارها من المواد الأساسية حتى ينمو النشء وهم علي علم ودراية بحقوق الإنسان. 二 رفع مستوي وعي المواطن بحقوقه الأساسية من خلال التوعية المستمرة عبر أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ووسائل الإعلام المختلفة. لتكوين رأي عام فاعل ومتنام بأهمية حقوق الإنسان وتبصير المواطن بإمكانية الضغط علي المشرعين بعدم تمرير أية تشريعات تنال أو تنتقص من حقوق الإنسان. والمراقبة الفاعلة للجهاز التنفيذي والتأكد من عدم قيامه بأية ممارسة تنتهك حقوق الإنسان. 三 تضمين ثقافة حقوق الإنسان لتصبح أحد أساسيات التأهيل المهني للمشتغلين في أجهزة تطبيق القانون المختلفة والإداريين. 四 تكوين هيئة قومية مستقلة لحقوق الإنسان لحماية ومراقبة والدفاع عن حقوق الإنسان في السودان. سابعا: أن يضمن هذا الميثاق في اتفاقية السلام. ثامنا: تلتزم الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة حقوق الإنسان بما جاء فيها باعتباره الحد الأدنى المقبول للحقوق الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتلتزم بتطبيق المعايير داخل الوثيقة وإنفاذها في حال تولي السلطة التنفيذية أو في حال المشاركة في المؤسسات التشريعية ومن خلال عضويتها. الهيئة القومية لحقوق الإنسان الاختصاصات والمسؤوليات: تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. تكون لها ولاية قدر الإمكان ومنصوص عليها صراحة في الدستور أو التشريع يحدد تشكيلها ونطاق اختصاصها. تقديم فتاوى وتوصيات ومقترحات وتقارير، علي أساس استشاري إلى الحكومة أو البرلمان أو أي جهاز آخر مختص، سواء بناء علي طلب السلطات المعينة أو باستخدام حقها في الاستماع إلى إي مسألة دون إحالة من جهة أعلي. كما يجوز للهيئة القومية أن تقرر نشر هذه الفتاوى والتوصيات والتقارير والمقترحات علي الكافة. 1. مجالات العمل: مراجعة التشريعات الوطنية القائمة ومدي مطابقتها للشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وبصفة خاصة المواثيق والإعلانات الدولية التي انضمت إليها حكومة السودان والعمل علي تنفيذها بطريقة فعالة. تشجيع الحكومة علي التصديق علي الصكوك الدولية التي لم تنضم إليها بعد علي سبيل المثال لا الحصر: سيداو، العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.. الخ إعداد تقارير دورية عن أوضاع حقوق الإنسان بوجه عام بالبلاد وكذلك عن مسائل أكثر تحديدا. المساهمة في إعداد التقارير الدورية التي ينبغي للدولة أن تقدمها إلى هيئات ولجان الأمم المتحدة وكذلك إلى المنظمات الإقليمية تنفيذا لالتزاماتها التعاهدية. وعند الاقتضاء إبداء الرأي في هذا الشأن مع احترام استقلالها. استدعاء نظر الحكومة السودانية إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان في أي جزء من البلد وتقديم مقترحات إليها تتعلق بمبادرات رامية إلى وضع حد لهذه الحالات، وعند الاقتضاء إبداء الرأي بشأن موقف الحكومة وردود فعلها. التعاون مع الأمم المتحدة وجميع المؤسسات الأخرى في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والهيئات الإقليمية المشابهة المختصة بمجالات تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. تثقيف الرأي العام السوداني وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان واحترامها والمساهمة في إعداد البرامج المتعلقة بالتعليم والبحوث المتصلة بحقوق الإنسان والمشاركة في تنفيذها في المدارس والجامعات. توفير المعلومات عن حقوق الإنسان بالبلاد. تلقي وبحث الشكاوي المتعلقة بحالات فردية. التشكيــل: تشكيل هيئة قومية الأهداف حيادية التكوين، تحكيمية تتراضى على تكوينها كافة الأطراف المعنية، تنشأ بقانون، و تمول من الميزانية العامة أسوة بالهيئات المستقلة. ثالثا: الحكم اللامركزي لقد أثبت الحكم الاتحادي جدواه في كثير من البلدان متقدمة ونامية التي تعيش ظروفاً مشابهة لظروف السودان وقد تواضعت القوي السياسية في السودان علي قبوله بالنظر للمعالجة النظرية التي وفرها لاحتواء التباينات المختلفة والمساعدة في تقليص الفوارق التنموية بين الأقاليم وكأنسب تدبير سياسي وإداري يمكٌن من تلبية طموحات المواطنين والأقاليم ويؤدى إلى تقصير الظل السياسي والإداري . بيد أنه قد شاب تطبيق النظام الاتحادي في السودان الكثير من المثالب التي أملتها طبيعة نظام الإنقاذ التي تستبطن الاستبداد وتدمن تركيز السلطات والموارد مما يتضارب مباشرة مع طبيعة الحكم الاتحادي الديمقراطية ومع الاستقلالية . لقد تم تقليص سلطات الحكم الاتحادي إلى مجرد سلطات تفويضية يمكن للمركز سحبها والالتفاف حولها بدعاوى شتي وقد تمثل ذلك في التعديلات الدستورية التي أعلت سلطة رئيس الجمهورية علي سلطة الولايات ليتم تعين الولاة بواسطة رئيس الجمهورية بدلاً من انتخابهم ومحاسبتهم بواسطة شعب الولاية وأجهزتها . وفي المستوى المحلي أخضعت المجالس المحلية للقرار الولائي فتحكمت الولاية في تشريعات وسلطات وموارد الحكم المحلي وجاء المحافظون بسلطات سياسية وأمنية ابتدعوها فأجهزوا علي الحكم المحلي تماماً فأصبحت أجهزته هياكل خاوية بعد أن كان يؤمل أن تكون القاعدة السياسية والإدارية للحكم . لقد احتفظ المركز في علاقته بالولايات { والولايات في علاقتها بالمحليات } بكافة الموارد المالية والمادية والبشرية التي يحتاجونها وابتلوا المحليات بمسئوليات و مهام لم يخولوا ما يتكافأ معها من موارد مما اقعد بها وأعجزها بصورة مستمرة. ومن ناحية أخرى عمد النظام ولاعتبارات سياسية أمنية بحتة إلى إعادة تقسيم البلاد في 2000م إلى كم هائل من الولايات ( 26) ولاية والمحافظات ( 121) محافظة والمحليات 674( قلصت إلى 531 لاحقا ) بعد أن كانت 9 ولايات و19 محافظة و240 محلية فقط في 1990م الأمر الذي ارتفع بتكلفة إدارتها من مبلغ240 مليون دينار في عام 1990م إلى 43،5 مليار دينار في عام 2000م بنسبة زيادة 18125% (وهذه الأرقام لا تشمل الولايات الجنوبية والعاصمة القومية ) لقد أدى ذلك إلى إدخال الولايات والمحليات في عجز مالي متصل عجزت معه 60% من المحليات عن مقابلة الفصل الأول( أجور ومرتبات ) ناهيك عن التفكير في تأسيس وتسير خدمات ضرورية أو ارتياد أي مجال تنموي لذا لجأت الولايات والمحليات إلى اعتصار المواطن بفرض الضرائب والرسوم والاتاوات التي أرهقت كاهله وزهدته في الحكم الاتحادي والمحلي . لقد تحولت الولايات والمحليات تحت ظل الإنقاذ إلى مستوى آخر إلى جانب المركز تمارس فيه سطوة الشمولية والتمكين مما اضطر المواطن إلى النأي بنفسه عن مجالس وأجهزة الولايات والمحليات والي مقاطعتها والامتناع أو التهرب أو التحايل علي دفع أي التزامات مالية يعلم تماماً إلى أين تذهب . وحتى يحقق الحكم الاتحادي أهدافه في المشاركة السياسية والاقتصادية والعدالة وحسن الإدارة يجب الآتي:
05-17-2003, 04:02 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
1) عقد مؤتمر قومي جامع ديمقراطي لتقويم تجربة الحكم الاتحادي والبناء علي إيجابياته وتجاوز سلبياته. 2) تعزيز مبدأ الديمقراطية لأن الديمقراطية شرط لازم لنجاح واستدامة أي نظام اتحادي. 3) إعادة النظر في تجربة الحكم الاتحادي الحالية بمجملها. 4) إعادة النظر في التقسيم الحالي ليتم على أسس واقعية وموضوعية تأخذ في الحسبان توفر الموارد المالية اللازمة والحقائق السكانية والجغرافية . 5) ضمان عدالة توزيع الثروة والموارد وتكافؤ الموارد والسلطات مع المهام والصلاحيات حتى لا تضطر الولايات للخضوع للمركز ولا المحليات للخضوع للولايات كما هو حادث الآن وهنا لابد من اتباع مبدأ التمييز القصدي في المجال التنموي والخدمي لإزالة الغبن والمظالم وتحقيق التوازن وتعزيز التكافل بين الولايات . 6) إزالة التضارب والتداخل في التشريعات والصلاحيات والسلطات . 7) توفير أقصى درجات الاستقلالية واللامركزية التي تلبي طموحات المواطنين والأقاليم وتقلل من مجالات الاحتكاك والتظلم من المركز فتحتوي بذلك أي نزعات انفصالية. تقديم الضمانات السياسية والدستورية بإقامة مجلس للولايات يؤمن مشاركة الولايات في صياغة الإرادة الوطنية ويؤمن مصالحها ويحميها من تغولات المركز . 9) مراجعة الكم الهائل من الهياكل والأجهزة والمناصب التي استحدثت ليتم إعادة ترسيم حدودها وتقليصها بما يتوافق وإمكانيات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والبشرية ومع درجة التقدم للمناطق والمواطنين . وفي هذا الصدد: أ/ تبقي الصلاحيات الآتية مركزية وهي: العملة- العلم-التخطيط القومي- الدفاع-المصالح العابرة للولايات . ب/ يكون التقسيم الإداري للبلاد كما يلي:عدد الولايات 9 ولايات وعدد المحافظات 19 الحكم المحلي: لابد من تدعيم الحكم المحلي ليكون بحق القاعدة الأساسية دستوريا وإداريا للحكم وذلك : ـ 1) بتوطيد وضعية اكثر خصوصية واستقلالية له في المجالات الدستورية والقانونية والإدارية . 2) تأسيسه علي قاعدة شعبية تنتخبه ديمقراطيا مع ضمان كفاءتها وتأهيلها . 3) منحه موارد حقيقية تتكافأ مع ما يناط به من مهام ومسئوليات، وعلي قدر موارده الاقتصادية والبشرية . 4) تحدد علاقته بالإدارة الأهلية بموجب قانون لتكون تحت أشرافه ومساعدة له .الإدارة الأهلية: الإدارة الأهلية نظام ترسخ تاريخياً واجتماعياً في الكثير من المناطق فلابد من الاعتراف به وبدوره التاريخي وبضرورته المرحلية في بعض المناطق ولابد من تقنين وجوده بتحديد صلاحياته وتوضيح علاقاته ودعمه معنويا وماديا ليسهم بفعالية في تحقيق السلام الاجتماعي وفي النواحي الإدارية والأمنية.لقد تعرضت الإدارة الأهلية لنكسات في العهود الشمولية إما بقرارات متطرفة غير مدروسة ومتجاوزة للواقع الاجتماعي مثلما حدث في عهد مايو وما ترتب على ذلك من آثار سالبة ،أو باستغلال سياسي أحدث تمزقا اجتماعيا وفتنا مثلما هو حادث في عهد الإنقاذ.وللوصول لدور إيجابي للإدارة الأهلية ينبغي الآتي: · الاعتراف بدور للإدارة الأهلية يحدد بوضوح ويقنن مع تحديد علاقات الإدارة الأهلية بمستويات الحكم المختلفة. · مراجعة ومعالجة الاختلالات التي أحدثها النظام في الإدارة الأهلية. · العمل على تطوير الإدارة الأهلية وتأهيل زعمائها وتطوير أسس الاختيار والتوفيق بين الأسس التقليدية وآليات الاختيار. · وضع سياسة جديدة لحيازة الأراضي. وفي النهاية ينبغي أن تبني استراتيجية الحكم وتعمل علي صهر الكيانات السودانية المختلفة والمتباينة في قومية وكيان واحد وذلك بخلق رابطة سياسية واجتماعيه متينة عن طريق تنظيم العلاقات الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وعن طريق تعزيز وسائل وأساليب التواصل المادي والمعنوي بما في ذلك الحرص علي البناء القومي الجامع للكيانات السياسية والاجتماعية والثقافية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني كافة وبالحرص علي قومية جهاز الخدمة العامة ( مدنية وعسكرية ) ليصار بالحكم الاتحادي إلى وسيله فعالة لبناء وتعزيز الوحدة الوطنية وتمتين النسيج الاجتماعي واحتواء ومحاصرة أية نزعات سالبة قد تهدد الوحدة الوطنية والأمن القومي.
الملف التاسع: الخدمة المدنية انشأ الاستعمار مؤسسات الدولة الحديثة بصورة غير متوازنة ميزت أقاليم معينة وهمشت أقاليم أخرى وميزت شرائح معينة من المجتمع و همشت شرائح أخرى. هذا التمييز والتهميش انتقص من قومية مؤسسات الدولة الوطنية في السودان. وجاء النظام الحالي في السودان بإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس جديد للتمييز لصالح حزبه ولتهميش للآخرين. يجب الاعتراف بهذه العيوب ووضع خطة محكمة لإزالة التمييز والتهميش وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس قومي عادل ومتوازن. مؤسسات الدولة الدائمة كما أشرنا آنفا هي: الخدمة المدنية، القوات النظامية، الاقتصاد الوطني والبنية التحتية. وقد تعرضنا للمؤسسات الثلاث الأخيرة في أبوابها. الخدمة المدنيـة: بالإضافة لما تعاني منه الخدمة المدنية من خلل موروث في التوازن فإنها مؤخرا تضخمت بصورة مَرَِضية وسيست لصالح فصيل سياسي واحد في المجتمع السوداني. لذلك صار المطلوب إعادة هيكلة الخدمة المدنية على ضوء الأهداف الآتية: 1) إزالة التضخم المَرَضي الذي علق بها وتخليصها من الشحم والورم والفساد. 2) تحقيق حيدتها الإيجابية ورفع كفاءتها. 3) التوازن في كوادرها بحيث يشعر الجميع بأنها قومية وأنها مرآة للواقع السكاني السوداني. 4) الالتزام بالتوجه القومي اللامركزي هدفا أساسيا تراجع بموجبه هياكل ومؤسسات الدولة النظامية والمدنية لضمان مواكبتها للنظام اللامركزي في البلاد وللحكم المحلي، وللإدارة الأهلية المطلوبة سيما في المناطق الريفية والبدوية. 5) مراجعة التعيينات الحزبية التي تمت في هذه المجالات للإبقاء على المستحقين وإعفاء الآخرين على أن تقوم بهذا آلية قومية قبل الانتخابات. 6) إنصاف الذين فصلوا من الخدمة النظامية والمدنية بدون وجه حق قانوني بالإرجاع للخدمة أو أية وسيلة عادلة أخرى. 7) فك الارتباط نهائيا بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم. تكون آليات الالتحاق بمؤسسات ومرافق الدولة قومية التكوين وملزمة بمقاييس موضوعية. سياسات الأجور: لا شك أن موضوع الأجور في السودان ظل من القضايا المثيرة للجدل منذ نهاية الستينات وقد تمت عدة معالجات آخذة في الإعتبار الحد الأدنى من الدخل الذي يوفي بالحد الأدني من مستوى المعيشة الذي يقبله المجتمع ويقي صاحبه من السؤال غير أن الزيادة الكبير في الدخول غير المكتسبة وخاصة المتولدة من الأعمال الهامشية قد أوجدت فوارق كبيرة بين قطاع العاملين في الأعمال المنظمة وتلك الشريحة الطفيلية خاصة بعد سياسة التحرير غير المدروسة التي أتخذتها الإنقاذ مما خلق آثاراً سالبة تتمثل في ارتفاع المتسوى العام للأسعار والضغوط النفسية المتزايدة مما جعل كثير من العاملين يترك العمل سعيا وراء الدخل المرتفع وقد أثر ذلك علي النمط الإستثماري مما جعل كثير من العاملين في الدولة غير مكترثين للعمل بسبب ضعف مردوده الأمر الذي قاد إلي تدهور كفاءة العمل وضعف الإنتاج ولمعالجة ذلك يطرح حزب الأمة مبادرة للعقد الإجتماعي تندرج في إطارها التوصيات التالية : 1. توفير وسائل ومقومات الإنتاج للمشاريع الإنتاجية في القطاع العام والخاص وهو المخرج من معضلة تدني الأجور في مواجهة تكاليف المعيشة. 2. دعم المشروعات الاقتصادية للعاملين وتمليكهم وسائل الإنتاج لهذه المشروعات وفقاً للإتفاقيات التي تبرم في هذا الشأن. 3. وضع السياسات التي تحقق الإستقرار في الخدمة المدنية وإزالة الأسباب التي جعلتها طاردةً لابنائها. وفي سبيل ذلك لا بد من إعادة النظر في الهيكل الراتبي والتدرج الوظيفي بما يواكب تكاليف المعيشة المتصاعدة. 4. ربط الأجر بالإنتاج وإعمال مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتكافئ وعدم اللجوء لازالة الفوارق بالمعالجات القطاعية. 5. لتحقيق العدل المنشود في هذا المجال لا بد من العمل علي الوصول بالعاملين إلي أجر الكفاية. 6. وضع السياسات التي تدرأ آثار التضخم الذي ينعكس سلباً علي الأجر الحقيقي للعاملين. 7. ضرورة تفعيل دور ومهام المجلس الأعلى للأجور فيما يتعلق بالأجر العيني للعاملين إلي جانب الأجر النقدي والذي لا بد من استمرار المراجعة الدورية له.
الملف العاشر: القوات النظامية والفصائل المسلحة أولا: القوات النظامية: القوات النظامية هي: القوات المسلحة- جهاز الأمن- الشرطة- السجون- وقوات حماية الحياة البرية. تتصف السياسة تجاهها بالآتي: 1) القوات المسلحة: لم تكن الإدارة البريطانية التي كونت قوة دفاع السودان معنية بقومية هذه المؤسسة، فقد كانت أغلبية الجنود من غرب البلاد ومن غير قبائل الأنصار. بينما تم استيعاب الضباط من قبائل الشمال. ومهما يكن من أمر فإن هذه الخلفية تنتقص شيئا ما من قومية القوات المسلحة. ولكن تطورات لاحقة زادت من الشكوك في إمكانية إطلاق صفة القومية على القوات المسلحة وهي الحرب الأهلية الطويلة وما صحبها من استقطاب حاد، ثم تسييس القوات المسلحة من قبل نظام الإنقاذ .كذلك حدثت تطورات سالبة أخرى وهي تعدد الجهات الحاملة للسلاح. لذلك لا بد عند حديثنا عن الإصلاحات المطلوبة في مؤسسات الدولة عموما وفي القوات المسلحة على سبيل المثال أن ندعو لأن يكون تكوين القوات المسلحة عاكسا صادقا للتعدد الإثني في السودان، وإلا أصبحت أداة تثاقف إجباري كما حدث في عهد عبود، وكما حدث في الإنقاذ. فدور القوات المسلحة هو حماية البلاد وحدودها وحماية الشرعية الدستورية ويجب أن تقوم بمهامها وفق الدستور والقانون. إن هيكلة القوات المسلحة على أساس جديد هي التي تتطلب درجة عالية من الاهتمام والوضوح لما دب فيها من استغلال سياسي ساهم في تدميرها وفي تدمير الوطن باسم شعارات زائفة أضرت أضعاف ما أصلحت. ولكي تقوم القوات المسلحة بدورها وتحمي النظام الديمقراطي يجب اتباع المبادئ التالية: أولا: أن تكون القوات المسلحة عالية الكفاءة والتدريب . و أن تكون قاعدتها المهنية قابلة للتوسع عند اللزوم (النهج السويسري). ثانيا: اعتماد الخدمة الوطنية الإلزامية والدفاع المدني والاحتياطي الشعبي لتأمين الإمداد البشري في أوقات الطوارئ والحاجة للدفاع عن الوطن. ثالثا: ضبط الصرف العسكري للسماح بإعطاء أولوية للتنمية. رابعا: إلزام القوات المسلحة كمؤسسة وأفراد بعقيدة عسكرية محددة ملتزمة بالديمقراطية أساسا لشرعية الحكم، وملتزمة بالوظيفة الدفاعية أساسا للقوات المسلحة، وملتزمة بطاعة القيادة التنفيذية المنتخبة. خامسا: ابتعاد القوات المسلحة تماما عن صراعات السلطة في البلاد وإبعادها عن مهام الأمن الداخلي. سادسا: تنظيم الاستثمار الاقتصادي والنشاط التجاري والخدمي التعاوني في القوات المسلحة و تطوير دور القوات المسلحة في ترقية مجالات التنمية أثناء فترة السلم على نحو لا يتعارض مع مهام إعدادها أو تدريبها الفعلي لمهامها الأصلية، وتطوير وتوسيع الخدمات الاجتماعية التي تقدمها القوات النظامية للمواطنين عبر وحداتها وأفرعها المتخصصة (القوات المنتجة).. سابعا: ضبط و تقنين وظائف كافة القوات النظامية منعا للتداخل في الاختصاصات. ثامنا: مراعاة التوازن في تركيبة القوات المسلحة على كافة المستويات مما يجعلها مرآة صادقة للتكوين السكاني للبلاد. تاسعا:حصر وظيفة القوات المسلحة في مهام الدفاع. عاشرا: حصر المهام الشرطية والادعاء في النيابة والشرطة. وتقنين أمن الدولة والأمن الخارجي بالحصر في جمع المعلومات للجهات المعنية وحصر التنفيذ في الشرطة والنيابة. حادي عشر: اتخاذ إجراءات محددة لحماية البلاد من الانقلابات العسكرية. ثاني عشر: تطوير الدارسات والبحوث الأمنية والعسكرية المساعدة في اتخاذ القرار في شئون الأمن القومي. 2) الأمن: إن تجربة أجهزة الأمن في العهود الشمولية أفرزت أجهزة تميزت بالبطش وأفرزت ضررا بليغا بأرواح المواطنين وأعراضهم وأموالهم وتميزت بالانقلاب والصرف البذخي على أجهزة متعددة يعمل كل منها حسب هواه مما خلق عداءا وبغضا بينها وبين المواطن. إن ارتباط الأجهزة الأمنية بحرمان المواطنين من حقوقهم جعلها بغيضة ولكن الأجهزة الأمنية القوية مطلوبة لحماية النظام الديمقراطي داخليا وأمن الوطن خارجيا. 1. المطلوب النص في الدستور على قيام جهاز أمن داخلي وخارجي تحدد مهامه ويفصلها القانون. 2. أجهزة الأمن هذه تقوم بجمع المعلومات الدقيقة الخاصة بأمن الوطن والمواطن داخليا وخارجيا وتحليل المعلومات والتوصية بما يجب عمله دون القيام بأية مهام تنفيذية. 3. تلحق هذه الأجهزة بالسلطة التنفيذية العليا للبلاد. 4. يتولى هذه المهام الأهلية كوادر مؤهلة ومدربة تدريبا عاليا وتزود بأجهزة حديثة للقيام بمهامها. 5. يراجع مجلس الدفاع الوطني الأجهزة الحالية لإعادة هيكلتها وتكوينها بما ينقلها من المهام الحالية إلى المهام القومية من حيث الهياكل والكوادر. 6. تكوين لجنة ذات اختصاص لوضع ورقة عمل تفصل ما يجب عمله. 7. في مرحلة الستة أشهر الانتقالية تعمل ضوابط وإجراءات معينة تحكم عمل جهاز الأمن. 3) الشرطة: تلعب الشرطة دورا مهما في الحفاظ على الأمن الداخلي للوطن وأمن المجتمع والأفراد- المادي والمعنوي- وفي تقديم بعض الخدمات. السياسات المطلوبة: 1) ضمان قومية تكوين الشرطة لتعكس التنوع السوداني. 2) تأهيل أفراد الشرطة وتقوية المناهج الشرطية وإدماج مفاهيم حقوق الإنسان فيها. 3) إعادة تأهيل قوات الشرطة وتوفير الآليات والمعدات اللازمة لأداء مهامها. 4) الاهتمام بأقسام الشرطة الفنية. 4) السجون: دور السجون مكمل لدور الشرطة والأجهزة العدلية في حماية المجتمع وعقاب وإصلاح المنحرفين. في هذا الصدد يجب: · وضع استراتيجية شاملة للسجون توضح فلسفتها العقابية والإصلاحية ومراعاتها لحقوق الإنسان. · التركيز على الجوانب الإصلاحية والتربوية الهادفة لإعادة إدماج النزيل في المجتمع. · تأهيل أوضاع السجون-لاسيما سجون النساء والأحداث- لتقوم بدورها. · تأهيل العاملين بالسجون وتثقيفهم بمفاهيم حقوق الإنسان. 5) قوات حماية الحياة البرية: تعمل هذه القوة على حماية الحياة البرية ومحاربة التعديات عليها. يجب تأهيل هذه القوات بما يمكنها من أداء مهامها بالتعاون مع الجهات ذات الصلة بحماية البيئة والحياة البرية كما هو وارد في محور البيئة. ثانيا: الفصائل المسلحة: في الآونة الأخيرة تعددت الفصائل المسلحة التي لا تتبع للدولة، وعلاوة على الجيش الشعبي لتحرير السودان وجدت جيوش أخرى في الجبهة الجنوبية- والجنوبية الشرقية- والشمالية الشرقية والآن في دارفور. يجب وضع استراتيجية للتعامل مع تلك الفصائل في إطار عمليتي السلام والتحول الديمقراطي.
الملف الحادي عشر: السياسة الخارجية السياسة الخارجية هي مرآة للسياسة الداخلية للدوله واوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وموقعها الجغرافي وأهميتها الاستراتيجية ودورها في المحيطين الإقليمي والدولي وهي الوسيلة التي تحقق بها الدولة مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية . ولهذا كان لابد من وضع وتأسيس العلاقات الإقليمية والدولية لبلادنا وفق مبادئ وأسس تحقق مصالح البلاد في التنمية والأمن وتراعي انتماءاتها الحضارية وتنظيم علاقاتها بالدول ذات التداخل الخاص مع السودان. في هذا الملف نستعرض السياسة الخارجية المثلى لبلادنا عبر المحاور: واقع السياسة الخارجية السودانية- الدبلوماسية السودانية- العلاقات الإقليمية- والسياسة الدولية. (1) واقع السياسة الخارجية السودانية لقد أنجزت حكومة الديمقراطية الثالثة في مجالات التعاون التنموي عبر منظمة الإيقاد والمنظمة الدولية، والبرناج الإغاثي "شريان الحياة" الذي صار يعرف باسم "الصيغة السودانية" والعون الأجنبي في درء آثار السيول والفيضانات 1988م، وفي التسليح وغيره مما يعكس نجاح السياسة الخارجية الديمقراطية في جذب التعاون الدولي للمصلحة القومية السودانية. ولكن السياسات التي اتخذت على عهد الإنقاذ الأول من تبنى النظام سياسة أحادية متطرفة داخليا وخارجيا برزت في الموقف من حرب الخليج (أغسطس 1990- يناير1991) - وتكوين المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي كمنبر راديكالي ضد الشرعية الدولية- وفتح الحدود: لكل المطرودين والمطاردين والمعارضين لأنظمتهم وسمح لهم بالدخول دون جوازات سفر أو تأشيرات مما جعله بؤرة تجمع فيها هؤلاء. إعطاء العرب الأفغان موئلا للإقامة وجوازات سفر سودانية. وتبني الإعلام الرسمي رسالة إعلامية متطرفة بشرت بعذاب أمريكا وروسيا وبالصلاة في الفاتيكان وأساءت لرؤساء الدول العربية.. بل بلغ التطرف إلي حد الإعتراف بالإنقلاب الشيوعي الذي وقع بالإتحاد السوفيتي علي جورباتشوف. تدهورت علاقات النظام الثنائية مع إرتريا – ويوغندا- وإثيوبيا خاصة بعد محاولة إغتيال الرئيس حسني مبارك على أراضيها – ومع مصر التي كانت تشكو من نشاط الجماعات الإسلامية وتشير للحكومة السودانية بإصبع الاتهام، ثم كانت محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس المصري بأديس أبابا والتي اتهمت فيها مصر الحكومة السودانية. مما جلب للنظام السوداني سلسلة من الإدانات الإقليمية والدولية: قرار مجلس الأمن رقم 1044 و1054 و1070. وتدهورت علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية التي أدرجته ضمن الدول الراعية للإرهاب في 1993. وفي نوفمبر1997 أصدر الرئيس الأمريكي مرسوماً رئاسياً بموجب قانون الطوارئ الدولية فرض بموجبه حظراً اقتصاديا علي السودان بسبب دعمه للإرهاب الدولي ومحاولته زعزعة استقرار الدول المجاورة وسجله المخزي في مجال حقوق الإنسان. استجابة للضغوط الداخلية والخارجية بدأ النظام ومنذ 1996 في التراجع نسبيا عن تلك السياسات، بدءا بطرد بن لادن في ذلك العام ومرورا بالاستعداد للتعاون مع مصر وإثيوبيا وأمريكا، وتجميد المؤتمر الشعبي عام 1999م، وتسليم كارلوس لفرنسا، وتمت زيارة بابا الفاتيكان للخرطوم. وتم القبول بمبادئ الإيقاد في 1997م. وتم فتح البلاد لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية للتفتيش لمدة عام بالبلاد. وتم توقيع اتفاق يسمح للجيش اليوغندي بدخول البلاد ومطاردة قوات جيش الرب وتم تجديد ذلك الاتفاق عدة مرات.. ومع كل هذا سارت العلاقات الخارجية للنظام سيرا بطيئا بسبب أزمة الثقة والشك الذي يحيط بالنظام.. هذا بعض من حصاد النظام في علاقاته الخارجية التي رفع شعار إعمارها فصار الجواز السوداني لأول مرة إما وصمة عار في جبين حامله بالإرهاب أو جواز مرور للعطف وإعادة التوطين!. وفي مجال الدبلوماسية السودانية تم إقصاء الكفاءات وإحلال كادر حزبي غير مدرب، وتمت ما يشبه تصفية للكادر النسائي العامل بالخارجية، وتعددت قنوات اتخاذ القرار في السياسة الخارجية بين الوزارة ومجلس الصداقة العالمية ورئاسة الجمهورية ومستشارية السلام ونواب رئيس الجمهورية ومستشاريه.. هذا التعدد هو أحد وجوه تعدد مراكز القوى في النظام عززته التناقضات داخل النظام التي تفجرت في انقسام الحزب الحاكم –حزب المؤتمر الوطني- إلى قسمين إثر مصادمات وإجراءات جراحية، على أن ذلك لم يحسم مسألة التعدد داخل النظام وفي مراكز اتخاذ القرار في السياسة الخارجية. فما هو السبيل لتجنب أمثال هذه الإخفاقات، ولبناء السياسة الخارجية التي تحقق مصلحة البلاد؟ (2) الدبلوماسية السودانية نستعرض البرنامج المطلوب فيما يتعلق بالدبلوماسية السودانية عبر محاور: موجهات عامة- الدبلوماسية الرسمية- الدبلوماسية الشعبية- والإعلام الخارجي. موجهات عامة للبلوماسية: في المجال الدبلوماسي هنالك موجهات ينبغي ان تلتزم بها الدبلوماسية في السودان هي: 1- اتخاذ استراتيجية واضحة ومدروسة للسياسة الخارجية في المجال الإقليمي، وأخرى في المجال الدولي (يرد تفصيلهما فيما بعد). 2- العمل على تحقيق المصالح القومية وفق الثوابت الوطنية المشار لها في باب البطاقة الفكرية. 3- تعطى أهداف: الوحدة الطوعية- السلام العادل- التنمية المستدامة أولويات في صياغة السياسة الخارجية. 4- خلق إجماع قومي حول سياسة البلاد الخارجية وعدم انفراد جهة معينة بذلك وفقا لرؤية حزبية أحادية. 5- تعكس السياسة الخارجية التنوع السوداني بكافة أوجهه، فلا تنحاز لجماعة ثقافية أو إثنية أو دينية دون الأخريات. 6- التكامل بين أداء الدبلوماسية الرسمية، والدبلوماسية الشعبية، وقطاع الإعلام الخارجي للوصول إلى أفضل أداء للسياسة الخارجية. 7- التكامل بين دور الدبلوماسية التقنية (التكنوكراط) والسياسية (التي تمثلها الأحزاب) بشكل مؤسسي يمنع التضارب ويحقق المصلحة. 8- عمل مركز للمعلومات والاتصالات تابع للوزارة يعمل على مسح الفرص المتاحة للدول والشركات والجامعات والمنظمات المختلفة في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والفني وإتاحتها لقنوات الدبلوماسية الرسمية والشعبية والإعلام الخارجي. الدبلوماسية الرسمية تتخذ الدبلوماسية الرسمية سياسات وموجهات معينة في مجالات: الكادر الدبلوماسي- والأمن القومي. الكادر الدبلوماسي: - تعكس تركيبة الكادر التنوع الثقافي والإثني والديني والنوعي والتعدد الحزبي، كما تتيح مجالا لتواصل الأجيال. بحيث يكون الجهاز الدبلوماسي الرسمي قومي التكوين وعادل بالميزان النوعي والعمري. - يتم اختيار الكوادر المؤهلة على أسس موضوعية هي: الخبرة- المقدرات الذاتية- العدالة الجهوية والثقافية والإثنية والنوعية. ويبتعد عن سياسات التغول على السلك الدبلوماسي بخطط عشوائية غير مدروسة. - ترقية الكادر الدبلوماسي عبر التدريب وإتاحة المعرفة عبر مركز قومي للدراسات الدبلوماسية، وإنشاء بنية تحتية للمعلومات والاتصال السهل والسريع داخل وزارة الخارجية. - ربط ثقافة الدبلوماسي بالتوجه القومي وبالثوابت القومية –لا الحزبية- الواردة في باب البطاقة الفكرية. وتركيزها على البعد التنموي وتحديات واقع العولمة الجديد. - العمل على استقرار الحكم، واستقرار الكادر الوزاري بصورة معقولة تقي من التخبط الناتج من التبديلات الوزارية الفجائية والمستمرة. الأمن القومي : هنالك صلة مباشرة بين السياسة الخارجية والأمن القومي، فنجاح الدولة في تحقيق الأمن لنفسها يؤثر على فعالية سياستها الخارجية، والسياسة الخارجية السيئة تهدد الأمن القومي. وقد أعطت "الإنقاذ" خير دليل على إمكانية تاثير السياسة الخارجية على الأمن القومي. من ذلك نشير لما تقدمنا به من تحويل الحرب في الجنوب إلى حرب عنصرية دينية وتأليب منظمات حقوق الإنسان والكنائس الإفريقية والعالمية، ثم السماح لقوات أجنبية يوغندية بالبقاء في الجنوب. الأمن القومي والسياسة الخارجية: تهدف الدولة لتحقيق الأمن القومي عبر المحاور العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السياسية، وتخطط لذلك عبر السياسة الخارجية بالآتي: · أول الطريق نحو سياسة خارجية تؤمن الأمن القومي هو الاستجابة للتوسط الدولي والإقليمي الحالي بقلب مفتوح لإنهاء الحرب ولتحقيق الحل السياسي الشامل بشقيه السلام العادل والتحول الديمقراطي. · تسعى الخارجية السودانية لاستقطاب الدعم الإقليمي والدولي لعملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، ولتحقيق الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي السوداني عبر دعم المشاريع المؤدية لذلك. · تدعيم الصلة بين وزارة الخارجية وأجهزة الأمن القومية والتنسيق فيما بينها لخدمة مصالح السودان العليا. · ترتيب المهددات الأمنية وفق المصالح الحيوية للبلاد، وتنشيط السياسة الخارجية في هذا الاتجاه. · تكون للأجهزة الأمنية أعراف وتقاليد قومية ويتم اختيار بعض عناصرها من كادر الدبلوماسية ذي الدراية. في المقابل يتم اختيار بعض عناصر الأمن ذات الكفاءة للعمل بالسفارات والقنصليات بالخارج. · رصد وتنظيم عمل منظمات الإغاثة والشركات الأجنبية بشكل يضمن عدم تأثيرها على الأمن القومي. · حل مشلكة اللاجئين وتنظيم إقامتهم بواسطة الأجهزة المختصة. · احتواء الصراعات القبلية والأهلية قبل استفحالها. · عقد اتفاقات تجارة حدود وخلق مصالح حدودية سلمية بين السودان وجيرانه. والتنسيق مع الدول المجاورة للحد من التهريب الجمركي، ولمراقبة الجرائم مثل تهريب المخدرات وغيرها.
05-17-2003, 04:03 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
الدبلوماسية الشعبية تتخذ الدبلوماسية الشعبية أبعادا: ثقافية (عبر البعثات الدراسية والمراكز الثقافية وكلها تنشر المعرفة والفنون والتراث والتعليم)- اقتصادية (الأنشطة التجارية والصناعية التي تقوم بها الشركات متعددة ومتعدية الجنسيات والاستثمار الأجنبي بالداخل أو السوداني بالخارج)- ورياضية (بالمشاركة في الأنشطة الرياضية العالمية أو استضافتها في البلاد) وبشرية (عبر الجاليات السودانية في الخارج). تندرج في الدبلوماسية الشعبية كل العلاقات الخارجية للتنظيمات الأهلية والسياسية والنقابية والأندية الرياضية واتحادات الغرف التجارية والصناعية، وتنظيمات الشباب والمرأة وروابط الجامعات والبعثات الدراسية، وكافة المؤسسات غير الحكومية وجمعيات الإخاء والصداقة مع الشعوب. لقد أعطى "المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي" مثالا سيئا للدبلوماسية الشعبية حيث لعب دورا في تخريب المصلحة الوطنية. أما مظلة النشاط الدبلوماسي الشعبي وهي "مجلس الصداقة الشعبية" والذي وإن كان أداؤه أفضل من المؤتمر الشعبي، فإنه مثله مثل غيره من المؤسسات الأهلية المناصرة للنظام يقع تحت النفوذ الحزبي لمناصير النظام ولا يشكل ذراعا شعبيا قوميا للدبلوماسية السودانية. هذا علاوة على وجوده إلى جانب مراكز أخرى أشرنا لها تسببت في تعدد مراكز اتخاذ القرار. لقد شكلت المعارضة الخارجية وجماعات حقوق الإنسان خارج السودان دبلوماسية شعبية عالية الصوت نالت احترام المجتمع الدولي والإقليمي. كما توسع سودان المهجر وانتشر على طول الدنيا وعرضها.. هذا النشاط الدبلوماسي الشعبي غالبا يتم بعيدا عن السفارات السودانية بل وبعداء نحوها لاتخاذها نهجا حزبيا أحاديا إقصائيا لا يسمح بوجود الآخر معه. وينبغي لتجنب هذا التنافر الرسمي- الشعبي، و للارتقاء بالدبلوماسية الشعبية السودانية الآتي: - أن ترحب الدواوين الرسمية بمناشط الدبلوماسية الشعبية المختلفة وتسعى للتعاون معها وتأهيلها. وفي المقابل لا بد من توحيد مراكز اتخاذ القرار الرسمية وعدم تغول بؤر الدبلوماسية الشعبية على ذلك. - التنسيق بين المنظمات الشعبية السودانية في إطار النشاطات الخارجية. - تنمية موارد وإمكانات العمل الشعبي بما يوفر تمويلا منتظما للنشاط الشعبي الخارجي. - إنشاء علاقات مع تنظيمات الدبلوماسية الشعبية العالمية. - تشجيع قيام الجمعيات الوطنية للصداقة مع شعوب العالم ووضع التدابير التي تضبط أداءها. - المساهمة في معالجة المنازعات الإقليمية والعالمية بالجهود الرسمية والشعبية. والترحيب بالدور الإقليمي والعالمي للتوسط في المنازعات المحلية. - تشجيع تبني المؤسسات الأهلية لموضوعات تهم الإقليم والعالم مثل: القضية الفلسطينية- حوار الأديان والحضارات..الخ. - تشجيع قيام منظمات فاعلة لحقوق الإنسان وأنصار حماية البيئة بخلق حوار قوي ومؤثر يكون له مردود في مجال حماية البيئة وحقوق الإنسان العالمية. - توظيف الرصيد الكبير في العمل الشعبي في إفريقيا والعالم العربي والإسلامي والمتمثل في الموروث الحضاري المشترك. ومد جسور مشتركة بين المنظمات الفكرية والثقافية نحو العالم وإفريقيا على وجه الخصوص لخلق توازن في الذات السودانية. - توثيق الصلة بالجاليات السودانية بالخارج والتعامل مع قطاع سودان المهجر كمحور أساسي في إطار الدبلوماسية الشعبية وذلك بالتنسيق مع سفارات السودان بالخارج. - تشجيع الجامعات على تبادل البعثات الدراسية مع الجامعات بالخارج. وإقامة الروابط الجامعية الأكاديمية والثقافية التي تسعى لتوطيد علاقاتها بالروابط المشابهة بالخارج. - تشجيع منظمات المجتمع المدني المعنية بالتنمية البشرية ومحاربة الفقر للاتصال بالمنظمات ذات التجارب الناجحة في هذا المجال في الدول النامية وبمنظمات الأمم المتحدة الإنمائية. - تفعيل المناشط الرياضية والفنية بين دول الجوار وعلى مستوى العالم. - الحرص على الاشتراك في المعارض والمهرجانات الإقليمية والدولية التي تقام في المجالات التجارية والثقافية والفنية والتكنولوجية. - الإفادة من قطاعات سودان المهجر في دعم الدبلوماسية الشعبية وتوجيهها نحو ترفيع التعاون الثقافي والاقتصادي والتقني مع الدول التي يقيم فيها السودانيون، وخدمة الثوابت الوطنية، وتمويل التنمية. الإعلام الخارجي: - يؤهل قطاع الإعلام الخارجي عبر تدريب كادره ليلم بمكونات النظام العالمي ، والواقع السوداني وتغيرات كل منهما. - غرس الوعي داخل الكادر الإعلامي بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ودوائر التعاون الدولي المختلفة في مجالات المياه والبيئة والمرأة والسكان والاقتصاد والسلام الدولي وغيرها. - إتاحة دراسات ومعلومات للإعلاميين للوعي بالتركيبة السودانية المتنوعة طبوغرافيا وتاريخيا وإثنيا وثقافيا. - تأهيل الملحقيات الثقافية والإعلامية بالسفارات السودانية، ودعم المراكز الثقافية السودانية بالخارج معنويا وماديا. - الشفافية في الأداء السياسي والدبلوماسي وإتاحة الحرية الصحفية كضرورة لتطور قطاع الإعلام الخارجي خاصة والإعلام عامة. - كل أجهزة الإعلام الخارجي الرسمية والأهلية تعمل على جذب الاستثمار الخارجي خاصة في مجالات الانفتاح على الأسواق العالمية والمؤسسات الخارجية الأهلية. التنوع الثقافي داخل الوحدة: إن التنوع الثقافي السوداني يمكن استثماره دبلوماسيا بهدف تقريب الشقة بين شعب السودان والشعوب الأفريقية والعربية وبقية شعوب العالم. ويمكن للأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والإعلام المساهمة بفعالية في وإنطلاقا من الإقرار بالتنوع داخل الوحدة تحرص السياسة الخارجية على الموجهات التالية: - تنطلق البعثات الدبلوماسية وتوجه الدبلوماسية الشعبية والإعلام الخارجي من حقيقة الوحدة مع التنوع. وتتخذ لنفسها لغة قومية تستصحب التنوع وتظهر جانب الوحدة. - تؤهل الكوادر العاملة في وزارة الخارجية لتلم إلماما كاملا بهذاالتنوع وتتفاعل معه. - يتم التعامل مع الدوائر الخارجية المؤثرة في السياسة السودانية (الإسلامية والعربية والإفريقية) بتوازن ومن منطلق الهوية السودانية. - تعكس السياسة الخارجية تركيبة السودان المتنوعة ثقافيا ودينيا وإثنيا ولا تقتصر على تفضيلات فئة دون الآخرين. - يتم عكس التنوع في مؤسسات وبعثات وزارة الخارجية. (3) العلاقات الإقليمية لقد جاء في باب البطاقة الفكرية قراءة للواقع الإقليمي ومشاكله والمطلوب للخروج من أزماته. وفي هذا الباب نركز على السياسة الخارجية التي يجب على السودان اتباعها حيال إقليمه: ملامح السياسة الإقليمية: تتسم السياسة الخارجية في الإطار الإقليمي بالآتي: - سيادة مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول المجاورة وفي الإقليم وعدم التدخل في شئونها الداخلية، وبناء العلاقات على التعاون والمصلحة المشتركة. - الاعتراف بالشرعية الدولية. - حل الخلافات والنزاعات بالوسائل السلمية لاسيما الخلافات حول الحدود، وقبول التحكيم الدولي فيها. - التوازن بين انتماءات السودان المختلفة. والتكامل والتعاون والمشاركة الفعالة في المنظمات الإقليمية وفقا للرؤية الواردة في باب البطاقة الفكرية. - وفيما يتعلق بالانتماء الأفريقي تأكيد أنه جيوسياسي قاري ويحظى بالاهتمام الجيوسياسي الأول. - وفي الإطار العربي يعرف الانتماء ثقافيا وتراعى التزاماته على السودان، مع مراعاة توجهات تكوينات السودان غير العربية كما ينبغي أن يهتم بتوثيق العلاقات العربية الأفريقية ليصل السودان ما فصلته الصحراء الكبرى. - وفي الإطار الإسلامي يجب مراعاة أن بالسودان أغلبية مسلمة وعليها أن تراعي وجود مجموعات وطنية متعددة الأديان بجانب الوجود الإسلامي. وان تراعي ان ثلث المسلمين يعيشون أقليات داخل بلدان أخرى. وان في العالم تنوعا دينيا والمطلوب مراعاة كل هذه العوامل بصورة تكفل حرية الأديان وحقوقها والتعايش السلمي بينها. الخطط والسياسات الإقليمية تقوم السياسات الإقليمية على ترفيع مستوى التعاون الثنائي مع الدول المجاورة والصديقة في الإقليم، والتعاون المتعدد الجبهات عبر التكتلات والاتحادات الإقليمية. فيما يتعلق بالسياسات الإقليمية نتعرض للموقف من: الاتحادات الإقليمية- التكتلات الإقليمية- التكامل السوداني المصري - والتكامل السوداني الليبي. الاتحادات الإقليمية ثمة انتماء قومي وإسلامي وإفريقي يوجب العمل المشترك في مؤسسات رسمية إقليمية ودولية. تلك المؤسسات تقوم على مراجعة للمؤسسات الحالية تتخلص من مكامن العجز الذاتية وتوجب إعطاء المؤسسات المشتركة صلاحيات حقيقية وتقيم أجهزة قيادية مشتركة بين الدول ومشاركة بآليات محددة للشعوب. أهم المؤسسات الرسمية الإقليمية هي الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة مؤتمر الدول الإسلامية وتتفرع عنها هيئات أخرى. إن هذه المؤسسات مرآة صادقة لعجز الدول الأعضاء فيها.. لا سبيل للفعالية في تلك المنظمات بدون حكومات ديمقراطية شرعية صحيحة النيابة عن الشعب قادرة على تفويض الصلاحيات لجسم مشترك. الاتحاد الإفريقي: لقد كان نشاط السودان الإفريقي ثانويا بالنسبة لنشاطه في الدائرتين الإسلامية والعربية. ولأسباب رصدت في مكان آخر من هذا البرنامج تم الالتفات لأهمية البعد الإفريقي في سياسة السودان الخارجية. بداية الاتحاد الإفريقي بالدعوة للديمقراطية وعدم الاعتراف بالانقلابات التي تقوم على حكومات شرعية ديمقراطية بداية حميدة. ونية النيباد –التي أسفرت اجتماعاتها عن تكوين الاتحاد- في ربط الدعم التنموي بالديمقراطية نية سليمة. يعمل السودان الديمقراطي الدستوري من داخل الاتحاد لتعضيد مفاهيم التحول الديمقراطي في القارة، ويدعو الاتحاد للآتي: أن يعمل على تعضيد التفسير القاري للإفريقانية وربطها بالعوامل الجغسياسية المشتركة، ورفض الفصل بين إفريقيا جنوب الصحراء وشمالها. والسعي لضرورات الجغسياسة للتعاون مع العالمين العربي والإسلامي. فغالبية العرب أفارقة وغالبية الأفارقة مسلمون. الدعوة لآلية لإشراك الشعوب في أعمال الاتحاد. ولدور أكبر لمنظمات المجتمع المدني. ودور أكبر للتخطيط الثقافي والنظر لدور الثقافة في النهضة الأفريقية، ودعم التعاون الثقافي بين دول القارة. والسعي للنهضة بشكل تأصيلي يرفد من الحضارة الأفريقية ويتلاقح مع الحضارة الوافدة بدلا عن أن يستلب لها. الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية: يعمل السودان من خلال عضويته في هاتين المؤسستين على تحقيق الآتي: الدعوة لتوسيع التعاون العربي والإسلامي والذي كان حلما وأصبح الآن ضرورة للبقاء والمنافسة. دعوة المؤسستين إلى تحقيق حد أدنى من تجميع الرأي العربي والإسلامي للضغط باتجاه حل للمسألة الفلسطينية وكل القضايا العربية العالقة والمستجدة. يجب أن تقود الجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي الدعوة للتحول الديمقراطي وللشرعية الدستورية. البحث عن آليات داخل الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية لإشراك الشعوب ومنظمات المجتمع المدني فيهما. المرأة العربية الإسلامية تلاقي قيودا أكثر من غيرها، يدعو السودان الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية قيادة الطريق لفك تلك القيود. فجوة المعرفة في العالم العربي لا تتناسب مع مكانته التنموية فالتدني المعرفي العربي هو الأبلغ في العالم، يجب زيادة الاستثمار في المعرفة. يجب على الجامعة العربية أن تقود العرب في مواجهة العولمة واستصحاب جانبها الحميد والتنسيق للحماية من جانبها الخبيث. نفس الشيء ينتظر من منظمة الدول الإسلامية. وفي ظل النظام الدولي الحالي على الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية السعي لتعريف الإرهاب (الترويع) بشكل موضوعي يربطه بالاستخدام التعسفي للعنف لتحقيق أهداف سياسية. التكتلات الإقليمية: انضم السودان في عهد الإنقاذ إلى بعض التكتلات الإقليمية (مثلا الكوميسا والاتحاد الجمركي العربي ودول الساحل والصحراء) دون إعداد أو دراسات عميقة لإمكانات الاقتصاد السوداني. وصرف السودان في الآونة الأخيرة مبالغ طائلة لاستضافة مؤتمرات قمم لبعض تلك المنظمات.. مؤتمرات فطيرة الإعداد لا تدرك التغيرات الدولية ومنطق الاستجابة لها، فكانت بمثابة منابر علاقات عامة عالية الصرف قليلة الفائدة. ينبغي أن تدرس هذه التكتلات على أساس المنافع المتبادلة والجدوى والخطط الأفضل لتحقيق المصالح المشتركة. نتعرض هنا لاثنين من هذه التكتلات: دول الكوميسا- ودول حوض النيل. دول الكوميسا: كانت الهيئة الاقتصادية الإفريقية المتفرعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة –ومقرها أديس أبابا- قد اقترحت أربعة تكتلات اقتصادية إفريقية منها كتلة شرق وجنوب إفريقيا التي نبعت عنها فكرة الكوميسا "السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا" عام 1993م الذي يضم عشرين دولة من بينها السودان، وبقية دول حوض النيل مع دول أخرى. خطت الكوميسا لنفسها أهدافا تكاملية اقتصاديا وبيئيا ودبلوماسيا. إن تحقيق التعاون المرجو من خلال الكوميسا مربوط جزئيا بالوصول إلى اتفاق حول مسألة مياه النيل على النحو المشار له أعلاه وإلا منع التوتر بين دول الحوض أي تعاون بينهم في مجال الكوميسا. ونجاح الكوميسا مربوط بالوعي بالمستجدات الدولية وعلى رأسها بروز مسألة الحكم الديمقراطي الصالح على رأس الأجندة الدولية. وربط المساعدة في تحقيق التنمية بحقوق الإنسان واحترامها. نجاح الكوميسا أيضا مربوط بإنهاء دور ملتقيات القمة أن تكون مجرد منابر علاقات عامة، واستثمارها لتقديم أفكار نابهة مبنية على دراسات واعية بواقع البلدان المعنية والعالم من حولها. كما يجب على دول الكوميسا الضغط عالميا من أجل تحقيق ظروف اقتصادية أفضل لدول الجنوب عامة وللدول الأقل نموا خاصة. دول حوض النيل تتشاطأ على حيضان النيل الثلاثة عشر دول هي: أثيوبيا – الكنغو- رواندا – بوروندي – تنزانيا – كينيا – يوغندا – إرتريا – السودان – مصر. وتشكل مسألة مياه النيل من أهم أوجه التعاون مع دول الحوض وأهم مسببات النزاع فهي باب للوعد أو للوعيد. وإذا تحقق وعد النيل فإن من شأنه أن يفتح الباب واسعا للآتي: أولا: خلق مناخ فكري وسياسي وفني يسمح بقيام تكتل اقتصادي إقليمي يضم دول حوض النيل ويحقق أهداف الأندوجو ويتجاوزها إلى إيجاد قوة إقليمية متعاونة وقادرة على حماية مصالح أعضائها في مناخ العولمة. ثانيا: تحقيق تواصلا إيجابيا بين أفريقيا شمال الصحراء وأفريقيا جنوب الصحراء، ويمهد لترابط عربي/أفريقي يعود بالفائدة على الشعوب العربية والإفريقية. ثالثا: السماح بتعاون أمني يحشد طاقات دول وشعوب الإقليم في اتجاه القضاء على الحروب الأهلية وتحقيق الاستقرار. رابعا: صون حوض النيل من آثار التوتر والنزاع والصدام الذي أحاط بأحواض مجاورة في إفريقيا وفي آسيا. خامسا: فتح باب واسع للدول الغنية والمؤسسات الدولية المتخصصة لتساهم مساهمة قوية في دعم مشروعات تنمية موارد النيل المائية بالإمكانات المالية، والفنية، والبشرية. ولتحقيق ذلك الوعد وتجاوز الوعيد الماثل في التهديدات المتبادلة بين دول الحوض، تعمل دول حوض النيل على عقد معاهدة شاملة لمياه النيل: مشروع معاهدة شاملة لمياه النيل لقد انطلقت مبادرة حوض النيل من دار السلام في فبراير 1999م مواصلة للمجهودات التعاونية التي سبقتها. إن مبادرة حوض النيل شراكة إقليمية تضامنت بموجبها دول حوض النيل لكي تحقق التنمية المستدامة لموارد النيل وإداراتها المشتركة. مبادرة حوض النيل خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها لن تستطيع تحقيق الآمال المنوطة بها إلا إذا صارت آلية تتفاوض عبرها دول حوض النيل من أجل الاتفاق على معاهدة شاملة لمياه النيل.. معاهدة تقوم على واحد وعشرين بنداً هي : 1. النيل وحدة مائية وتلتزم دول الحوض بالامتناع عن القيام بأية أعمال منفردة فيه تلحق ضررا بالدول الأخرى. 2. السيادة على النيل مشتركة بين كل الدول المتشاطئة عليه. 3. تتجنب دول الحوض الابتزاز، والتهديد، والتلويح باستخدام القوة وتحرص على حسم الخلافات بالوسائل السلمية. 4. استغلال مياه النيل يخضع لاتفاق شامل وملزم تبرمه وتلتزم به دول الحوض. 5. تلتزم دول حوض النيل بترشيد الطلب على المياه، وبالعمل لزيادة العرض من مياه النيل، وبإصلاح البيئة الطبيعية في حوض النيل، وبحماية النيل من التلوث، وتلتزم بالتعاون بينها لتحقيق هذه الأهداف. 6. لأسباب تاريخية تتعلق بالضرورة، والكثافة السكانية، وغياب البديل المائي، سبقت مصر ثم السودان إلى استغلال مياه النيل فصارت لهما حقوق مكتسبة. 7. لأسباب جغرافية -كثرة الأمطار، وأسباب طبغرافية- المرتفعات، لم تنل دول أعالي النيل حصة من مياه النيل في الماضي. لكن الضرورة التنموية، والزيادات السكانية، والإمكانات التقنية، أتاحت لدول منابع النيل فرصا لاستخدام مياه النيل للري والإنتاج الكهرومائي فصارت تطالب بحقها فيها. تعتبر المياه التي تستغلها دول منابع النيل الآن حقا مكتسبا. وتعتبر الحصص التي تطالب بها حقا مطلوبا.الحقوق المطلوبة تقوم على مستجدات.أما الحقوق المكتسبة فتقوم على موروثات.الماء ليس كالبترول كما قيل فالبترول ثروة طبيعية كامنة في جوف الأرض إلى أن يتم استخراجها.أما المياه فهي جارية من آلاف السنين ومن ثم ترتبت على ذلك حقوق مكتسبة. 8. تعترف كافة دول حوض النيل اعترافا متبادلا بالحقوق المكتسبة والحقوق المطلوبة. 9. بناء على الكثافة السكانية، والحاجة للمياه، وقلة البدائل لمياه النيل، يتفق على تحصيص مياه النيل على النحو التالي: أ. إعطاء مصر -دولة المصب- والسودان –دولة المجرى-معاً 80% تقسم بينهما وفق اتفاقية 1959م على أساس 3 :1في الحصة المشتركة وعلى أساس اقتسام النقص والزيادة بالتساوي . ب. يكون لدول المنابع نصيب محدد من المياه النابعة في أراضيها20%. 10. الأنصبة المتفق عليها تخص دفق المياه الحالي. والمياه المترتبة على زيادة دفق مياه النيل توزع على أساس الثلث للدولة المعنية، والثلث لمصر، والثلث للسودان. كذلك يوزع أي نقص في دفق المياه على أساس الثلث على مصر والسودان والدولة المعنية. 11. يوضع برنامج محدد متفق عليه بين كافة دول حوض النيل للمشاريع المشتركة لزيادة دفق مياه النيل:قناة مشار-بحيرة فكتوريا-بحيرة تانا-قناة جنقلي وهلم جرا. 12. تدرس آثار هذه المشروعات على السكان المقيمين في مناطقها وعلى البيئة لاحتواء أية أضرار ناتجة عن المشروعات وكفالة مصالح السكان وسلامة البيئة الطبيعية. 13. يجوز لأية دولة من دول حوض النيل أن تزارع أية دولة أخرى من دول الحوض على أساس مزارعة شراكة بين المياه، والأرض، والمال. 14. يجوز لأية دولة من دول حوض النيل أن تبيع نصيبها في المياه أو جزءاً منه لدولة أخرى من دول الحوض. 15. تقيم دول حوض النيل هيئة مشتركة كإدارة موحدة لموارد مياه النيل. 16. هيئة مياه النيل المشتركة تكون لها سلطة وزراية عليا، وسكرتارية، وأجهزة فنية لتبادل المعلومات، ولتوجيه الأبحاث العلمية، ولتحقيق التعاون الفني وإقامة آلية لمتابعة وتنفيذ التوصيات والمتابعة اللصيقة للأمور الفنية والمتخصصة المتعلقة بمياه النيل. 17. إنشاء مؤسسات لاستغلال الموارد البديلة مثل المياه الجوفية وإعادة استعمال المياه العادمة(مياه الصرف) في كافة دول الحوض وتتولى هذا الأمر مؤسسات مشتركة قائمة بذاتها وتتحمل دول المصب نصيباً كبيرا من التمويل. 18. تطوير النظام المؤسسي للتعاون بين دول حوض النيل بإنشاء نظام تمويلي يبين كيفية التمويل والتزامات الدول الأعضاء بما يقوي الاعتماد على الذات ويضمن المساعدات المشتركة لكل حسب حاجته وقدرته في تكامل مع المعونات الخارجية وموارد التعاون الدولي لدول الحوض. 19. الاهتمام بالمشاركة الشعبية والجهد الطوعي غير الحكومي. وإشراك القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وذلك بتوسيع قاعدة المشاركة بشأن قضايا تنمية الحوض والانتفاع الأمثل بالموارد المائية في تنمية المشاريع الاستثمارية والخدمية. 20. إنشاء مركز تدريب ودراسات لحوض النيل. 21. إنشاء بنك معلومات يعنى بكافة الإحصاءات والبيانات المتعلقة بمياه النيل. .. هذه المبادئ تعلنها دول حوض النيل وتتخذها أساسا لمعاهدة شاملة وملزمة. هذه المعاهدة من شأنها أن تنقل حوض النيل من التوتر العدائي إلى التعاون الاستراتيجي. إن الوقت يمضي مندفعا، وعوامل كثيرة تؤجج نيران الاختلاف وتوشك أن تجعل الاحتمالات العدائية حقيقة تجسد وعيد النيل. وفي الوقت نفسه إن وعيا قويا وطنيا، وإقليميا، ودوليا يحيط بحوض النيل ليحقق النيل الواعد هدية لشعوب الحوض في مطلع القرن الميلادي الجديد. التكامل السوداني المصري: لقد مرت على العلاقة بين مصر والسودان تجارب قاسية وتقلبت العلاقات بين البلدين. والعلاقات بين كافة دول حوض النيل في المناخ الإقليمي والعالمي الراهن توجب وصالا استراتيجيا يحقق اتفاقا شاملا كما بينا أعلاه. علينا في نطاق العلاقات بين مصر والسودان أن نتجنب الخصال الآتية: الركون للعاطفة ــ الركون للقوة ــ الركون للمداهنة. وعلينا أن نلتزم بثلاثة خصال : الحكم بالعقل والحكم بالمصلحة والحكم بالشفافية. إن بين مصر والسودان علاقة خاصة يمكننا أن نفسدها بالتمادي في اتجاه العاطفة أو الصدام أو المناورة. أو نصلحها بذهنية الوصال الاستراتيجي، وينبغي في مجال إصلاحها أن نقننها. يتم تقنين العلاقة عبر ميثاق للإخاء أو التكامل بين البلدين يقوم بين الشعوب الحرة مبنيا على مصالح شعبينا، بديلا لمشروع التكامل الذي اتفقت عليه –مع مصر- حكومة مايو الاستبدادية واستغلته للبطش بالشعب السوداني. أهم المعاني التي ينبغي أن تتضمن في ميثاق الإخاء هي: في المجال السياسي: تجاوز ذهنية العواطف الصماء من محب لمصر وكاره لها أي منطقي التبعية والعداء في السودان، وتجاوز المنطق المصري في التعامل مع النظم القهرية السودانية أو حصر التعامل مع فصيل سوداني موال. والتبشير بذهنية الوصال الاستراتيجي القائم على التسليم بالشرعية الديمقراطية أساسا للحكم في السودان. في المجال الاقتصادي: إصلاح الخريطة السكانية في كل من مصر والسودان بتنظيم هجرة مصرية للسودان لإقامة مشروعات زراعية لمصريين بغطاء مصري مائي ومالي (من السودان الأرض ومن مصر البشر والري والتمويل) ذلك لأن مصر تعاني من مشكلة عكسية وهي أن سكان مصر تقريبا يسكنون في 3% من أراضيها على شريط النيل و في الدلتا وهنالك محاولات متكررة منذ عهد مديرية التحرير والآن الوادي الجديد و توشكي للخروج من المواقع السكانية المعهودة والانتشار السكاني مع التكلفة العالية لإعمار الصحراء – في حركة هي عكس الحالة السودانية تماما. . الاتفاق على مشروع أمن غذائي متكامل بين البلدين و متكامل مع دول أخرى تدخل في المشروع التكاملي المرتقب. تطوير البنية التحتية: وسائل المواصلات البرية، والبحرية، والجوية، ووسائل الاتصالات الهاتفية، والإلكترونية فهي التي يؤدي تطويرها لتكامل اقتصادي. كذلك ينبغي التعاون في مشروعات زيادة مياه النيل، والإنتاج الكهرومائي، وخزانات المياه المطرية، واستغلال المياه الجوفية. وفي مجال الصناعة تعاد الهيكلة الصناعية ليوجه الإنتاج الصناعي لسوق مشتركة بين البلدين وليجد الاستثمار الأجنبي مجالا واسعا. في المجال الثقافي: هنالك مناطق تقاطع ثقافي بين البلدين تبدأ من حلقة النوبة في السودان ومصر والثقافة المشتركة، وتتصل بالعروبة والإسلام والتاريخ القديم المشترك (على عهد الفراعنة وممالك النوبة القديمة) والحديث المشترك على عهد أسرة محمد علي. وهنالك فروقات في التكوين الثقافي لكل من البلدين فمصر تعيش تجانسا ثقافيا برغم وجود المسيحيين كأقلية مع المسلمين، والسودان متعدد ثقافيا وإثنيا ودينيا.. التعاون الثقافي بين البلدين ينبغي ألا ينطلق من ثقافة المركز في السودان ويسقط الثقافات الأخرى بل يراعي التنوع الثقافي و الحقوق الثقافية. لقد كان لمصر دور هام في دعم التعليم في السودان. هذا الدور المصري انقطع بصورة وحشية على يد النظام الحالي في السودان. وينبغي استئنافه ولكن بأسس جديدة وذلك لأن التعليم المصري في السودان كان مشغولا بدوافع مثل تدعيم الموقف المصري في السودان، وإيجاد بديل للتعليم الغربي. ينبغي أن يكون التعاون المصري السوداني في مجال التعليم بموجب الإصلاح التعليمي المزمع في السودان. وفي مصر كذلك لأن التعليم في مصر يحتاج إصلاحا جذريا . في مجال الأمن والدفاع: مفهوم الأمن القومي واسع و متعدد الجوانب. وهو بالنسبة للسودان ومصر متداخل بحيث لا يمكن تحقيق الأمن القومي في البلدين بمعزل عن الآخر. والتداخل الأمني يقتضي وضع ميثاق الأمن المشترك وبرنامج مفصل لتحقيقه وأجهزة مؤهلة لتنفيذه. في المجال الدبلوماسي: تتقاطع الانتماءات السودانية مع المصرية في الإفريقية والعروبة والإسلام، ويمكن للبلدين التنسيق في التعامل مع الاتحاد الأوربي وأمريكا ودول الخليج والدول الآسيوية والإطار الدولي، والتعامل مع العولمة.. في هذه الأطر جميعا سيكون للسودان ولمصر سياستهما الخاصة ولكن ينبغي ان يتفق على خطوط عريضة للسياسة الخارجية تحقق المصلحة المشتركة وتحول دون التناقض، هذا على الصعيد الاستراتيجي. وعلى الصعيد الآني ينبغي تفعيل الدور المصري في عملية السلام السودانية سواء عبر المبادرة المشتركة أو إشراكها في عملية السلام الدولية الجارية في كينيا الآن والتي تنطلق عن بروتوكول مشاكوس في يوليو 2002م. التكامل السوداني الليبي: العلاقة بين السودان وليبيا علاقة قوية تدعمها العوامل الجيوسياسية والانتماءات المشتركة. وقد وصلت العلاقة بليبيا أقصى قممها في فترة الدولة الديمقراطية الثالثة استنادا على الدور الذي قامت به في دعم المعارضة السودانية لإسقاط النظام المايوي. ولليبيا دور مشهود في قيادة الدور العربي للدفع نحو الحل السياسي السوداني الشامل. ولإجراء التكامل مع ليبيا يرجى الآتي: - على الصعيد السياسي والدبلوماسي: في الوقت الحالي العمل على تفعيل الدورين الليبي والمصري في إطار المبادرة المشتركة. واستراتيجيا التعاون والتنسيق المشترك في إطار العلاقات الإفريقية حيث لليبيا علاقات جيدة- والعلاقات العربية والإسلامية- والعلاقات بالدوائر الأمريكية والأوربية خاصة إذا توصل السودان للحل السياسي الشامل وتوصلت ليبيا لصيغة تعايش مع المجتمع الدولي. - العلاقات الاقتصادية: تنظيم التعاون والتكامل الاقتصادي: o يمكن لليبيا أن تشارك في مشاريع استثمارية في السودان مثل: زراعة الحبوب- تصنيع الزيوت- التعدين- والتعاون الفني في مجال النفط. o عقد الاتفاقات التجارية والجمركية وإقامة مناطق التجارة الحرة والمعارض التجارية المتخصصة المشتركة. o التعاون المصرفي بين البلدين. والتعاون في المجال الزراعي ومكافحة الآفات والحجر الزراعي والبيطري. o الاتفاق على ترتيب أوضاع العمالة الوافدة في كلا البلدين. - العلاقات الثقافية: التعاون في مجالات الثقافة العربية والإسلامية والإفريقية- تنظيم أنشطة التبادل الثقافي. - التعاون في مجالات البيئة ومكافحة التصحر وحفر آبار المياه على طول الطريق البري الرابط بين البلدين. - إقامة اتفاقات تكاملية مؤسسة مبنية على رضا الشعوب. (4) السياسة الدولية الانفتاح الواسع علي الدول المختلفة يمكن السودان من الوجود الفاعل في الساحة الدولية في إطار من التعاون مع جميع الدول في ظل الاحترام المتبادل وعلي قدم المساواة معها في ظل العرف والقانون الدوليين . علي ان يراعي ذلك الانفتاح المتغيرات الدولية آنفة الذكر وخاصة تحول العالم من نمط القطبية الثنائية، والعولمة . إن صحة وعافية النظام الدولي يعتمد على تجاوز ذهنية الصدام، وما يتطلبه من إصلاحات في النظام العالمي وسلوك نهج الاستنارة الغربي وتحقيق شروط الصحوة الثقافية الإسلامية واتفاق الحد الأدنى بين المسلمين –كما ورد في ملف البطاقة الفكرية. يتم بحث السياسة الدولية هنا عبر محاور: الإطار الدولي – الإطار الأمريكي – الإطار الأوربي – الإطار الآسيوي – إطار العولمة – والتعاون الاقتصادي.. إن سياسة السودان الخارجية في المجال الدولي التي تحقق مصالحه القومية وتساعده في خدمة أهدافه الوطنية، وتمكنه من لعب دور رائد في مجالات التعاون بين الشمال والجنوب، وفي مجالات الدعوة لنظام دولي أفضل وأعدل، ينبغي أن تنطلق من الموجهات التالية:
05-17-2003, 04:04 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
أولا: في الإطار الدولي: - على السودان دعم الشرعية الدولية ودعم الأجندة الدولية التي اتفقت عليها المؤتمرات الدولية المتخصصة، والمواثيق العالمية التي وقع عليها. - يسعى السودان لإصلاح المنظمة الدولية في الملفات الست الواردة في باب البطاقة الفكرية عبر الشرعية الدولية وآلياتها. - يسعى السودان لدفع المنظمة الدولية لاتخاذ سياسات تنهي البؤر الملتهبة التي خلفها الاستعمار في العالم مثل مشكلة فلسطين ومشكلة جامو كشمير والفلبين وتايوان ومشكلة جنوب السودان وغيرها. - يسعى السودان لجعل المنظمة الدولية قادرة على فرض السياسات الدولية الراشدة مثل تحريم الألغام الأرضية- معاهدة كيوتو لسلامة البيئة- إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وغيرها والتي توقفت بسبب معارضة قوى ذات وزن مثل الولايات المتحدة الأمريكية لها. - ضرورة مشاركة المنظمة الدولية ومؤسساتها المتخصصة في عملية إعمار ما دمرته الحرب بعد تحقق عمليتي السلام والتحول الديمقراطي. - يسعى السودان لضبط مصطلح الإرهاب وفقا لما ورد في باب البطاقة الفكرية. ثانيا: في الإطار الأمريكي: - لقد تأرجحت سياسات الدول الصغيرة نحو الولايات المتحدة الأمريكية بين التبعية والعداء. كلا التبعية والعداء يؤدي لتفريط في المصلحة الوطنية. وزن الولايات المتحدة الأمريكية الإستراتيجي والاقتصادي في العالم وزن فريد يوجب التعامل الإيجابي معه لتحقيق المصالح الوطنية. تقوم العلاقة مع أمريكا على أسس التعاون والمصلحة المشتركتين. وتبتعد عن منطقي العداء والتبعية. - السياسة الأمريكية تجاه السودان كانت أفضل من سياستها في الشرق الأوسط، يثمن السودان التوسط الأمريكي في عملية السلام ويسعى ليكون بحق مساعدة للسودانيين لمساعدة أنفسهم للوصول للحل السياسي الشامل بشقيه السلام العادل والتحول الديمقراطي. - يسعى السودان لاستقطاب الدعم الأمريكي لبناء ما دمرته الحرب بعد تحقيق السلام، ولتحقيق التنمية المستدامة في كافة بقاع السودان. ولمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في حملة استقطاب الدعم الدولي لذينك الغرضين. ثالثا: في الإطار الأوربي : - الاتحاد الأوربي وزن اقتصادي عالمي وثقل ثقافي وحضاري والسودان يتطلع لعلاقات قوية بالاتحاد الأوربي. وسيجد أهمية لتعامل مع أوربا الشرقية بصورة تتكامل مع العلاقات بالاتحاد الأوربي. - الاستفادة من اتفاقية كوتونو الموقعة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي في يونيو 2000م، والتي شملت العديد من السياسات في مجال العون الإنساني. إن شروط الاستفادة من المساعدات التنموية حسب هذه المعاهدة هي: السلام- حقوق الإنسان- التحول الديمقراطي- الشفافية والحكم الصالح، مما سيفتح باب التعاون واسعا للسودان الديمقراطي. - يعد السودان استراتيجية واضحة لخلق علاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية والفنية وغيرها مع الاتحاد الأوربي تقوم على أسس منهجية ودراسة وافية. - يسعى السودان بعد تحقيق الحل السياسي الشامل لإعفاء ديونه من دول الاتحاد الآوربي ويستحق ذلك حسب شروطها. الجزء الأكبر من ديون السودان –البالغة 22 مليار دولار- مستحق لدول الاتحاد الأوربي بشكل أو آخر، والاتحاد فاعل في مسألة معالجة ديون الدول النامية الفقيرة والعالية المديونية (السودان منها). - يسعى السودان لترفيع مستوى التبادل التجاري وزيادة التصدير في السلع الغذائية والحبوب الزيتية والسكر وغيرها. كما يسعى للاستفادة من فرص تدفق الاستثمارات الخارجية في تلك الدول. - يسعى السودان لتوطيد العلاقات الثقافية بدول الاتحاد الأوربي والإفادة من فرص التدريب في مختلف الجوانب التكنلوجية والإنسانية والفنية. رابعا: في الإطار الآسيوي: اليابان، والصين، والهند، عمالقة آسيوية ينبغي تكوين علاقات اقتصادية وتجارية متينة معها. كذلك النمور الآسيوية: كوريا الشمالية- وماليزيا وأندونيسيا. خامسا: في إطار العولمة: - العولمة حلقة متقدمة من حلقات التنمية قادت إليها ثورة الاتصالات والمعلومات وتمدد السوق الحر. هنالك جوانب حميدة في العولمة توجب الاستعداد للتعامل معها والانتفاع بها. وهنالك جوانب خبيثة توجب حماية المصالح الوطنية منها. - بلورة موقف عالمي يحترم عطاء ودور الثقافات والحضارات المختلفة ويؤمن على استصحابها للحداثة بعد أقلمتها لبيئتها اختياريا وتفاعلها مع العولمة طوعيا. - رفض منطق الاستعلاء في الغرب والتآخي مع تيار الاستنارة فيه. ورفض منطق الانكفاء في كافة الحضارات ومنطق التبعية فيها، ودعم اتجاهات التحديث المؤصل. سادسا: التعاون الاقتصادي مع المجتمع الدولي إلى جانب التاثيرات الجيوسياسية والإنتماءات الحضارية والأيديولوجية، فقد برزت بشكل متنام المصالح الاقتصادية كأساس للعلاقات الدبلوماسية حتى لتكاد تطغى على غيرها من الأسس. وفي فترة حكومات الديمقراطية الثالثة، كان التعاون الاقتصادي الدولي كبيرا، هذا بالرغم من عدم رضا الولايات المتحدة الأمريكية عن إسقاط الديمقراطية الثالثة لحليفها النظام المايوي. فالحكومة الأمريكية كانت تطلب من الحكومة الديمقراطية رد ديونها وفوائدها التي أقرضتها من قبل للنميري ليقهر الشعب السوداني ويعيق الهبة الديمقراطية، كشرط للحكومة الديمقراطية لتلقى معونات تصل إلى 1% من حظ معونات نظام مايو. فتكون الحكومة الديمقراطية هي الممول لأمريكا في الناتج النهائي: تدفع 44 مليون دولار مثلا لتتلقى 25 مليون دولار، ومنتظر أن يهبط المبلغ الأمريكي لخمسة ملايين. بالرغم من ذلك فقد نجحت الديمقراطية الثالثة في استقطاب دعم المنظمة الدولية ومنظماتها المتخصصة مثل: البنك الدولي- برنامج الأمم المتحدة للتنمية وغيرهما. كما بلغت جملة المبالغ المستقطبة من أجل التنمية 3 بليون دولار، وولج التعاون السوداني الفعال عوالم دولية جديدة مثل اليابان والصين وإيطاليا ويوغسلافيا وألمانيا الشرقية. وفي نظام الإنقاذ وصل التعاون الاقتصادي حد المرسوم الرئاسي الأمريكي في نوفمبر 1997م الذي فرض بموجبه حظر اقتصادي علي السودان. إن تغيير سياسة النظام الخارجية بعد ذلك لم تثمر كثيرا تجاه الولايات المتحدة وإن لقت استجابة من الاتحاد الأوربي. كما أن التحسن الاقتصادي بسبب استخراج البترول قد جلب للنظام فرصا جديدة للتعامل مع بعض الجهات الدولية مثل البنك الدولي. فرص تشترط لاهتبالها تحقيق السلام والحكم الديمقراطي الراشد والحر، والشفافية، والقسمة العادلة للثروة والسلطة، وإزالة الفوارق التنموية بين ولايات السودان.. تشترط أن يزول النظام!. ومن أبرز الانتقادات على السياسة الحالية فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي الدولي: - عشوائية التجارة الخارجية، فالأسواق السودانية مغرقة بسلع مختلفة يمكن إنتاجها أو تصنيعها في السودان إذا كان للسودان استراتيجية واضحة للاندماج في التكتلات الإقليمية أو التعاون مع التكتلات الدولية. - كان السودان يتقدم الدول العربية والإفريقية بكوادره المميزة. ولكن وكنتيجة كبيرة لسياسات الإنقاذ في الخدمة المدنية عامة والخارجية خاصة فقد تدنى مستوى الخدمة المدنية بدرجة صارت المشروعات التي تقدم للمؤسسات الاقتصادية الدولية والإقليمية ترفض لسوء الإعداد (في مرحلة التقييم) أو تتعثر في مراحل التنفيذ أو المتابعة، - الانهيار الاقتصادي الكبير وانكماش القوة الشرائية لدخول الأفراد بسبب عجلة التضخم الكبير، أدى لزيادة الفقر بشكل حاد. من جهة أخرى فإن فوارق التنمية على الصعيد الداخلي والتي زادت بسبب سياسات الإنقاذ المنحازة، كل ذلك تسبب في ريبة البنك الدولي تجاه النظام ونواياه في الإصلاح التنموي والاقتصادي. - الحرب التي كانت دائرة أصلا في الجنوب. وأججتها سياسات الإنقاذ وأوقفت عملية السلام التي شارفت مرساها إبان الديمقراطية الثالثة. وبسبب تلك السياسات فقد تعددت جبهات الحرب شرقا وغربا. هذه الحرب من أهم العقبات أمام التعاون الاقتصادي الدولي. - الشمولية. فقد تغير المناخ العالمي الآن وصار يتطلب الديمقراطية للتعاون الاقتصادي كما سبق التفصيل في ملف الديمقراطية المستدامة. - عدم الالتزام بمتأخرات المؤسسات القارضة مما يوقف الدعم أو يمنع الدخول في استثمارات جديدة. موجهات التعاون الاقتصادي الدولي: إن تعبئة الجهد الاقتصادي الوطني ضروري لعملية التنمية. وستظل الدول النامية وتلك الأقل نموا كالسودان تحتاج للدعم الخارجي لوقت يطول أو يقصر لتمويل التنمية، سواء أكان من المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، أو كان من المؤسسات الاقتصادية الإقليمية مثل البنك الإسلامي للتنمية، البنك الإفريقي للتنمية أو مجموعة الصناديق العربية، أو كان عبر التكتلات الدولية والإقليمية مثل الاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي والنيباد والكوميسا وغيرها، أو من الدول الشقيقة والصديقة بشكل تعاون ثنائي. من أهم الموجهات لترفيع التعاون الاقتصادي الدولي لخدمة التنمية السودانية المستدامة الآتي: - السلام والديمقراطية هما أول المطالب لتحقيق التعاون الاقتصادي الدولي الآن، وهما مطلوبان لذلك ولبناء الوطن بشكل سليم. - التركيز على تمويل مشاريع إعادة ما دمرته الحرب واستقطاب الدعم الدولي لذلك. - توجيه التعاون الدولي نحو المناطق الأقل نموا لتحقيق العدل التنموي في السودان. - استقطاب الاستثمار في مجالات البنية التحتية المختلفة أو الدعم لتمويلها. - عملية تسوية متأخرات السودان مع المؤسسات الاقتصادية والتكتلات والدول ينبغي أن تنطلق من موقفين: الأول مخاطبة المؤسسات والتكتلات الإقليمية بالنظر في متأخراتها على ضوء الحقائق المذكورة في محور الديون (ملف التنمية المستدامة). هذا يفتح باب الحديث عن النسبة اللازم ردها لهذه التكتلات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تحقيق السودان للحكم الديمقراطي الراشد وللسلام يوجب إعفاء الديون لدى الاتحاد الأوربي، وتنضم أمريكا وكل دول الشمال المتقدمة لهذا الموقف. - حسن إعداد المشروعات التنموية المقدمة للمؤسسات الاقتصادية الدولية والإقليمية. - الإعداد لعضوية السودان في منظمة التجارة الدولية على أسس ونظرة عميقة للاقتصاد السوداني وإمكانية إدماجه في الاقتصاد الإقليمي والدولي على أساس المنافع المتبادلة والجدوى الفنية والاقتصادية والشراكة المنتجة والمستدامة وفق سياسة التحرير الاقتصادي. - زيادة الاستثمار في مجال المعلومات والمعرفة فهو يخدم مجال الاستثمارت الأجنبية بشكل كبير. - التركيز في التمثيل الدبلوماسي على مناطق الثقل التجاري والاستثماري والاقتصادي. - يسعى السودان لاستئناف المنظمة الدولية لحوار الشمال والجنوب الذي تم في السبعينيات وتحقيق توصياته: إزالة الفوارق في الدخول على المستوى العالمي بين الدول الغنية والدول الفقيرة- إعادة هيكلة النظام المالي العالمي وجعله مستجيبا للدول الفقيرة في العالم- ومعالجة مشاكل السلع الأولية والعمل على تصنيع الدول النامية عن طريق معالجة السلع الأولية قبل التصدير- وتقليل اعتماد الدول النامية على الدول المتقدمة. مع مراعاة مفاقمة مشاكل دو ل الجنوب مع العولمة، وضرورة ربط المساعدات التنموية بالحكم الراشد الدستوري الديمقراطي الحر والشفاف. الملف الثاني عشر: الثقافة والإعلام: الثقافة هي حياة الناس ومنتجاتهم المادية والمعنوية. والإعلام هو السلطة الرابعة التي تتضافر مع سلطات التنفيذ والتشريع والقضاء بغية ضبط وتوجيه وترقية الحياة العامة بمختلف جوانبها السياسية والثقافية والاجتماعية والبيئية، لذلك لهما علاقة وثيقة بكل جد وكل متعة حولنا. والثقافة والإعلام من أكثر الحقول التي تتأثر بحال البلاد من حرية وشمولية وتقدم أو تخلف. الثقافة: السياسة تجاه الثقافة تنقسم إلى نوعين: سياسة تجاه التركيبة الثقافية. وخطة للعمل الثقافي: الآداب والفنون والفلكلور. السياسة تجاه التركيبة الثقافية: سبق لنا في ملف البطاقة الفكرية مسح التنوع البيئي والبشري في السودان، فكيف تم التعامل مع حقيقة التنوع عبر الحكومات المختلفة؟. دولة الحكم الثنائي التزمت سياسة نحو ثقافات السودان مرتكزة على ثقافة المركز أفضت إلى صورة ثنائية بين المناطق السالكة –وهي أقاليم الشمال- والمناطق المقفلة –وهي أقاليم الجنوب. الحكومات الوطنية التي توالت على حكم السودان منذ استقلاله اعتبرت تلك الثنائية خطيئة استعمارية، وبافتراض أن بناء الدولة القومية ينطلق من وحدة ثقافية اندفعت لتجعل ثقافة المركز ثقافة السودان. هذه الواحدية الثقافية التزمت بها الحكومات الوطنية الديمقراطية التزاما ناعما تتخلله درجة من الحوار ودرجة من المشاركة. الحكومات العسكرية الصرف والمتحالفة مع أحزاب الأيديويجيات الشمولية التزمت بواحدية ثقافية خشنة بلغت دركا من السوء على عهد مايو المباد، ولكنها على عهد "الإنقاذ" حطمت كل رقم قياسي في فرض واحدية ثقافية بالعصا والحديد والنار.. المدهش حقا أن هذا التعصب الأعمى حل بالسودان في وقت انهيار حائط برلين وبداية صعود التيار الديمقراطي، وبشائر حقوق الإنسان عالميا. وداخليا تنادت كل القوى السياسية – ما عدا صناع الانقلاب- للبرنامج الانتقالي الذي وقع عليه 29 حزبا ونقابة، والذي أكد العزم على عقد مؤتمر قومي دستوري في 18 سبتمبر 1989م.. مؤتمر من بنود أجندته حسم قضية الدين والدولة، والهوية السودانية، والمشاركة العادلة في الثروة والسلطة. النظام الانقلابي الجديد أدان هذا التوجه وخونه وفرض واحديته الثقافية. القوى السياسية التي أطاح بها الانقلاب والتي أجرت ذلك الحوار واصلت حواراتها مع الحركة الشعبية وحلفائها داخليا وخارجيا، عبر حلقات الحوار في الداخل، وعبر المؤتمرات في الخارج التي بلغت قمتها في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية في يونيو 1995م حيث تقرر الآتي: · التخلي عن الأحادية الثقافية واعتماد السودان وطنا متعدد الديانات، والثقافات والإثنيات. · إبعاد الدولة الدينية أو القومية بمفهوم إثني لصالح الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة أساسا للحقوق الدستورية. · الاعتراف بوجود فجوة ثقة لا تسمح بافتراض الوحدة مستمرة تلقائيا، وتوجب تجديد الثقة في الوحدة أو نفيها عبر استفتاء حر. لقد كان للاختلاف حول الملف الثقافي دوره الهام في هدم الجسور وتمزيق الثقة بين حراس ثقافة المركز والمجموعات السودانية الأخرى. لذلك يرجى أن يكون للاتفاق حول الملف الثقافي دور هام في ترميم جسور الثقة. الرؤية الشمالية: كانت رؤية القوى السياسية كما نضجت في الشمال تفترض أن الثقافة الإسلامية العربية سوف تهيمن على كافة الثقافات السودانية الأخرى. وتعتبر أن الهوية الثقافية المسيحية الانجلوفونية التي تقمصها المثقفون الجنوبيون غرسا أجنبيا لا يؤبه به. هذا المنطق غذى نهجاً سياسياً بدأ بمذكرة مؤتمر الخريجين التاريخية في عام 1942م فقد اشتملت ثلاثة من بنودها الاثني عشر على إلغاء المناطق المقفولة، ووقف المعونات الرسمية لهيئات التبشير المسيحي، وتوحيد التعليم في شطري البلاد. وهذه هي أدوات تكريس الهوية المسيحية الأنجلوفونية. هذا الخط اتبعته كافة العهود الوطنية التي حكمت البلاد منذ الاستقلال مع اختلاف في أن الحكومات الديمقراطية اتبعت نهجا ناعما بينما اتبعت الحكومات الدكتاتورية نهجا خشنا. أما نظام الإنقاذ فقد بلغت سياساته بالمواجهة الدينية والثقافية قمتها ورفعت درجة الاستقطاب لحدها الأقصى وتقف الآن أمام مفرق طريق: أن تتخلى تماما عن الأحادية الدينية والثقافية في سبيل وحدة السودان أو أن تبقى على جوهر أجندتها وتحمي سلطانها بالعمل على انفصال الشمال من الجنوب
05-17-2003, 04:06 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
رؤى العلمنة والأفرقة: هناك رأي آخر يرى أن الاحتجاج ضد سياسات النظام الأحادية بلغ درجة من الاحتجاج الإثني والكنسي المدعوم بتعاطف دولي وإقليمي متين لا مجال معها للتعايش المنشود بل هنالك خياران: الأول سودان بديل معلمن واثنيا مؤفرق والثاني دولة جنوبية موسعة. رؤية التعايش: هناك خط آخر في السياسة الوطنية. لقد كنا كالآخرين نتطلع لذوبان الثقافات الأخرى في الكيان العربي الإسلامي وإن اختلف موقفنا بالتطلع لحدوث ذلك طوعا. ولكن حواراتنا مع القيادات السياسية الجنوبية أدت لتصور آخر. بدأ موقفنا بما أعلناه في كتاب مسألة جنوب السودان الصادر في أبريل 1964م. هذا الموقف تطور عبر مؤتمر المائدة المستديرة 1965م، ولجنة الاثني عشر 1966م، ومؤتمر الأحزاب السودانية 1967م ثم عبر تكوين مؤتمر القوى الجديدة في 1968م، ومؤتمر الوفاق الوطني 1987م، ومؤتمر كوكادام 1986م، وبرنامج القصر الانتقالي 1989م، ومؤتمر نيروبي 1993م، ولقاء شقدوم 1995م، ثم مؤتمر أسمرا 1995م. خلاصة هذا التوجه يقتضي وضعا سودانيا جديدا يقوم على التنمية المتوازنة، واحترام التعددية الدينية والثقافية، وتحقيق لا مركزية فعالة، ومراجعة مؤسسات الدولة لاستيعاب هذه الإصلاحات، وتعديل سياسات البلاد الإقليمية والدولية لتتمشى مع هذه المستجدات. هذا التوجه ينطلق من ميثاق ثقافي يرفد استراتيجية ثقافية تحقق التراضي والتعايش وتساهم مع غيرها من العوامل في تحقيق الوحدة الطوعية. الحقيقة هي أن الرأي الأول (الرؤية الشمالية) والثالث (العلمنة والأفرقة) مهما وجدا من تأييد لأصحاب الأجندات الخاصة فإنهما لن يوقفا الحرب ولن يوقفا التدخل الأجنبي بل سوف يوجدان أسبابا جديدة لاستمرار الحرب ولزيادة التدخل الأجنبي. خلفية عن خطة العمل الثقافي: بالعمل الثقافي نعني كل مناشط المؤسسات الرسمية والجامعات والأفراد والجماعات والروابط والمنظمات العاملة في الحقول الثقافية: الآداب بأنواعها- الغناء والرقص- الدراما- السينما- الصحافة- التشكيل- الإذاعة والتلفزيون- والفلكلور، على تداخل بين هذه الحقول وتنوع داخلها. تشمل هذه المناشط أعمال الوزارات المعنية مثل وزارة الثقافة والمؤسسات التابعة لها- ووزارة التعليم خاصة إدارة وضع المناهج- وأقسام وكليات الآداب في الجامعات وكليات الفولكلور - وكلية الفنون الجميلة والتطبيقية- والمعهد العالي للموسيقى والمسرح- وغير ذلك من روابط أدبية وفنية وتراثية. ظل حقل العمل الثقافي يعمل بدون تنسيق بين مكوناته، والأوقات التي خضع فيها لخطط مرسومة كانت هي فترات الشمولية فلم يقصد بتك الخطط ضبط العمل الثقافي بمقتضيات الثوابت الوطنية، بقدر ما قصد بها تقييده بالثوابت الأحادية الحزبية للحكومات الديكتاتورية. وكانت تجربة "المشروع الحضاري" على عهد الإنقاذ خير دليل. عانى العمل الثقافي فيها من: o تحكم النظام في الخطاب الثقافي عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف وغيرها بحيث تتقيد بمضمون المشروع الحضاري. o وفرض قيودا على عمل المسرح والدراما التلفزيونية في المادة المعروضة والأزياء بشكل تسلطي. o حاكم الأعمال الثقافية الخاصة والتراثية بمقياس الثقافة العربية والإسلامية مما فاقم في الغبن الثقافي الموجود. o قام بمحاولة منهجية لإخضاع الفنون لخطابه الأيديولوجي. واتخذ أطروحات حول "الدين والفن" مستمدة من مصدرين: قراءة فقهية منكفئة تحرم أغلب أنواع الفنون- وقراءة فلسفية تقوم على أن الفن ليس نشاطا عقليا موضوعيا بل نشاط مرتبط باللذة الحسية وبالشهوة مثله مثل السلطة والمال والجنس. وفقا لهاتين الفكرتين، فقد تم التعامل مع الجمال والفن باعتبارهما مؤديان للغواية والانصراف عن الله. فإما أن نخوض فيهما أو نتجاوزهما ونستغلهما لمصلحة توجهنا الديني. ولذلك تم التضييق على الفنون إلا تلك التي تدعم "الجهاد" o احتوى دستور 1998م على مادتين: المادة 12 (العلم،الفن والثقافة) والمادة 18 (التدين) تؤكدان التزام الدولة بتشجيع كل أنواع الفنون وتعمل على حمل المجتمع على القيم الدينية لتتوجه نحو الجزاء الأخروي. مما يعني توجيه الفنون لرؤية معينة. o هذه المواد كانت تأكيدا لقياسات إدارية موجودة أصلا وسارية المفعول منذ سني النظام الأولى. من ذلك تعيين المحاسيب للمناصب القيادية في مؤسسات الفن، الجامعات، وأجهزة الإعلام.وحل اتحادات الكتاب والفنانين مثل اتحاد الكتاب السودانيين. وإنشاء منظمات مواكبة بديلة لتلعب دورا في تحفيز ما سمي الفن الرسالي. o تراجع العمل الثقافي الرسمي بين الأطفال وإن كان النشاط الأهلي قد شهد نشاطا ملموسا. o ومنذ 1997م غير نظام الإنقاذ خطابه الأيديولوجي المتشدد وأظهر نوعا من الانفتاح، بدأت فيه الحركات الصحفية والتشكيلية والسياسية تتخذ لنفسها حيوية أكبر وتسعى لفك القيود التي لا زالت تكبلها، إذ أن موقف النظام لا زال يتذبذب بين المناورة والحوار. وهنالك مشاكل أخرى يعاني منها العمل الثقافي عامة، مثل مشاكل التأهيل الأكاديمي واستلاب العديد من المناهج وخلوها من المعرفة الموجهة للسودان وخدمته، وعدم اعتبار المعرفة التقليدية في مجالات الثقافة مثل الموسيقى والتشكيل والآداب الفولكلورية في تلك المناهج. البرنامج الثقافي المطلوب أولا: التزام الدولة وتوقيع كافة الأحزاب والمؤسسات الأهلية على الميثاق الثقافي –الوارد في البطاقة الفكرية- والالتزام ببنوده. ثانيا: وضع خطة قومية للثقافة تستهدي بالميثاق وترسم السياسات التي تنفذه في مجالات: - التعليم والمناهج التعليمية. - السياسة التنموية. - المجتمع المدني - الإعلام. - العلاقات الإقليمية والدولية - الأراضي والتخطيط العمراني. - القوات النظامية خاصة الشرطة. ثالثا: تلتزم كافة جهات العمل الثقافي، أفرادا وجماعات ومؤسسات، والروابط الثقافية، مثل اتحاد شعراء الأغنية السودانية- اتحاد الفنانين السودانيين- الاتحاد العام للتشكيليين السودانيين- جميعة التشكيليين السودانيين وغيرها بالميثاق الثقافي وتعمل على تنفيذ بنوده المتعلقة بالعمل الثقافي. رابعا: عقد مؤتمر قومي تخصصي يناقش مشاكل ومعوقات العمل الثقافي ماضيها وحاضرها ويضع المعالجات الكفيلة بإصلاح العمل الثقافي. خامسا: العمل على عودة الكوادر الإبداعية التي شردتها الظروف الطارده وجعلتها تعيش الغربة الطاحنة داخل وخارج وطنها . سادسا: تهيئة المناخ الصالح للإبداع وتوفير المعينات الكاملة لذلك . سابعا: وضع خطه متكاملة لجمع التراث وتوثيقه وحفظه وذلك بواسطة المتخصصين في هذا المجال . ثامنا: تعضيد مراكز العمل الثقافي وسط الشباب والأطفال من ذلك تجربة قصر الشباب والأطفال لخلق البنية التحتية للعمل الثقافي بضروبه المختلفة: الموسيقى- الدراما- التشكيل..الخ. تاسعا: مراجعة الاستراتيجيات والمناهج الدراسية في الكليات التي تؤهل للعمل الثقافي مثل: كلية كلية الموسيقي والمسرح، كلية الفنون الجميلة- كليات الآداب وأقسام الفولكلور والإعلام في الجامعات والمعاهد المختلفة . بحيث تتسم تلك المؤسسات بالتالي: - استقلالية المؤسسات الأكاديمية عن سيطرة الدولة، وإشاعة الحرية البحثية والعلمية والفنية داخلها، مع الالتزام بالثوابت الوطنية، والموازنة بين حرية الطالب وتوجيه الأستاذ. - توضع المناهج بحيث تثري معرفة الطلاب وتنمي الرؤية النقدية فيهم. - ضرورة إعادة النظر في أقسام المعاهد والكليات على نحو يقابل الاحتياجات الفعلية في مجالات العمل الثقافي: المسرح- الموسيقى- الإذاعة- التلفزيون- المؤسسات الحكومية- الصناعة (الفنون التطبيقية)-..الخ. - توجيه المناهج نحو خدمة الثقافة السودانية التقليدية بتوثيقها وتحليلها وتطويرها عبر تدريب حامليها على الوسائل الحديثة. عاشرا: تشجيع وتحفيز المبدعين في المجالات المختلفة الأدبية والثقافية الفنية والفكرية مادياً ومعنوياً ويتم ذلك بصورة احتفاليه تقدم فيها أعمالهم وتقام دورية في أقاليم السودان حتى تعم الفائدة وتشحذ الهمم وتفتح الباب لولوج الكوادر المغمورة . حادي عشر: تطوير وتحديث البنيات الأساسية للثقافة والارتقاء بها حتى تصبح صنواً لبقية العلوم الإنسانية الأخرى. ثاني عشر: الانفتاح علي العالم وتبادل المعرفة مع دوله المختلفة بطرح ما لدينا وتلقي ما عندهم حتى نصل إلى تلاقح وتمازج الأفكار . ثالث عشر: الاستفادة من المراكز الثقافية للدول المتقدمة الموجودة بالخرطوم لتدريب الكوادر الثقافية، ومن العلاقات الدولية لتوفير فرص التدريب. وتشجيع تعلم العمل على الكمبيوتر والإنترنت والإفادة من المواقع الثقافية المتاحة فيها. الإعلام: الأجهزة الإعلامية السودانية تتمثل في: الإذاعة- التلفزيون- الصحافة- المواقع على الإنترنت- وبعض الوكالات والمنظمات الإعلامية. الإعلام في النظم الديمقراطية والشمولية الإعلام سلطة لأنه ضوء كاشف على ممارسات الأجهزة الرسمية والمنظمات الحزبية والمجتمعية وأدوات العمل الثقافي والرياضي.. إنه يخبر بما يدور ويحلل ويتوقع، ويشير للإنجازات كما ينبه للمؤامرات أو الصفقات اللا أخلاقية.. إنها سلطة تحيا بالحرية وتحييها، وتموت بالشمولية وتميتها. لذلك تزدهر أجهزة الإعلام في العهود الديمقراطية وتضمر لتكون مجرد أبواق للنظام في الأوتقراطية. وكأي حرية لا بد لها من سقف (هو سقف الثوابت الوطنية) فإن تجاوز ذلك السقف يضر بالحرية ذاتها. هذا ما حدث في الديمقراطية الثالثة حيث قامت الحكومة برفع يدها عن مؤسستي "الصحافة والأيام" الصحفيتين الرسميتين، وتزامن ذلك مع استثمار الجبهة الإسلامية القومية الكبير في قطاع الإعلام ممولا بدعم خارجي من المنظمات الإسلامية، ففتح الباب أمام صحافة أضرت بالديمقراطية وروجت للشائعات وسممت الجو في الديمقراطية الثالة ممهدة للانقلاب الذي قامت به الجبهة الإسلامية. تلك الصحافة استمرت في بعض رموزها لما بعد عهد الإنقاذ. وبالإضافة لثقافة هدم المثال الديمقراطي بكافة وسائل الهمز واللمز والتدليس، فقد أغلقت الإنقاذ في أول عهدها كل الصحف الوطنية وأصدرت صحيفتي "السودان الحديث" و"الإنقاذ الوطني" اللتان مثلتا دركا في العمل الصحفي وانفض من حولهما القراء. ومع زيادة هامش الحرية في أواخر التسعينيات سمح للكثير من الصحف بإعادة صدورها ولصحف جديدة بالصدور. وقد أحسنت الصحافة السودانية استغلال هامش الحرية وإن كانت لا زالت تعاني من: - القيود ومخاطر الإيقاف للصحف وللصحفيين حين تجاوز المقياس الأمني القهري للحرية. - المشاكل الفنية في التحرير وجودة الطباعة. ومشاكل ضعف التحرير في المادة المقدمة وفي التصحيح اللغوي. - مشاكل التمويل وتتعلق بها مشاكل ضعف التوزيع يرجع ذلك لعدة أسباب منها زيادة حدة الفقر لدى المواطن السوداني. - الصحف والنشرات الإعلامية تصدر غالبا من المركز وهنالك شبه غياب لصحافة الولايات. - انحصار الرسالة الإعلامية نفسها في مشاكل المركز وعدم الاعتبار الكافي للولايات وقضاياها. - الكثير من الصحف والصحفيين يروجون لثقافة تضاد الديمقراطية. وبعض الرسالة الصحفية مروجة لثقافة الحرب والاستعلاء الثقافي. - اختفاء الكثير من المجلات والدوريات أو تقلصها. ينطبق ذلك بصورة كبيرة على مجلة الطفل. أما بالنسبة للإذاعة والتلفزيون فقد عانى هذان الجهازان من التسلط الشمولي بدرجة كبيرة: تشريد وفصل الكفاءات- إحلال الكوادر المالية غير المدربة- ضعف الرسالة الإعلامية- سيادة خطاب إعلامي إنكفائي وعدائي كما في برنامج "في ساحات الفداء"- التضييق الأقصى والرقابة الشديدة على كل المادة المبثوثة- تركيز المادة الثقافية على ثقافة المركز برؤية أحادية منكفئة يمثلها خطاب الجبهة القومية والمؤتمر الوطني الحزب الحاكم الذي خلفها- طغيان المادة الدينية الإسلامية المنكفئة في برامج الفتاوى والقضايا الإسلامية.. هذا علاوة على تخلف في التلفزيون والإذاعة الولائيتين، وانحصار المادة المقدمة –أو تكاد- في الأجهزة القومية على المركز وقضاياه، وشبه غياب للرسالة الإعلامية الولائية. .. الإذاعة والتلفزيون لا زالتا تحت القيد الشمولي لم تدركهما الحرية النسبية التي أدركت العمل الصحفي، ولا الحرية الأقل في العمل الحزبي. البرنامج الإعلامي أولا: الإعلام يتداخل مع الثقافة ومع أن تعبير (الثقافة والإعلام) أطلق على كثير من الوزارات، فإن الربط محصور في الاسم وليس في الفعل.. ينبغي أن يعبر الإعلام بكل وسائله المعرفية والتعليمية والأدبية والفنية والترفيهية عن الاستراتيجية الثقافية (الميثاق الثقافي). ثانيا: تعبر أجهزة الإعلام عن الوحدة والتنوع الثقافي في البلاد بصورة متوازنة. ثالثا: تخدم الأجهزة الإعلامية الثوابت الوطنية (الواردة في باب البطاقة الفكرية) فترفد الوحدة الطوعية- السلام- التنمية- السيادة الوطنية- الشرعية الدستورية- حقوق الإنسان- العلاقات الخارجية المتوازنة..الخ. ثانيا: يتاح للأجهزة الإعلامية الحرية حتى تقوم بمسئوليتها المقدسة. ثالثا: ضرورة كتابة ميثاق صحفي لضبط الرسالة الصحفية بحيث لا تضر بالثوابت القومية (الواردة في البطاقة الفكرية).. الميثاق الصحافي المقترح وارد في باب (الديمقراطية المستدامة). رابعا: يكون هيكل الإعلام نفسه متوازنا بين المركزية واللامركزية. ينطبق هذا على الإذاعة والتلفزيون والصحف. خامسا : ترقية تأهيل الأجهزة الإعلامية المختلفة المرئية والمسموعة والمقرؤة وتأهيلها لتناول ذلك بصورة تسمح بترويجه محلياً وعالمياً وتوفير التقنية المتقدمة لها. سادسا: يوجه الإعلام للتنمية خاصة الإعلام الولائي لتنمية الريف. والإعلام الخارجي للتعريف بفرص الاستثمار للتنمية في السودان. سابعا: يخدم الإعلام الديمقراطية وحقوق الإنسان ويوجه للدعوة لأقلمة منجزات الحداثة، ولنقض دعايات الديكتاتوريين المغرضة.
لا يفوتني ابدا الاعتذار من كل رواد المنبر كبيرهم وصغيرهم ، على الاطالة ، واعتذار خاص من الاخ بكري لشغلي كل هذه المساحة ، انما المراد هو نشر وثيقة مهمة لكي تخضع للنقد والتقويم والقراءة المعمقة من مختلف الوان الطيف السياسي والثقافي السوداني
05-17-2003, 05:01 PM
sultan
sultan
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1404
استاذ خالد الف سلام لك تعرف انا من امس متتبع تماما لما تكتبه وقد قمت بطباعته ومنذ الامس اقراء ولا تقطعني عن القراء سوى المشاغل او انو الواحد يديكم طلة كده فقد اضفت اضافة حقيقية لهذا المنبر بهذا السرد الضافي وشكرا جزيلا لك وسوف حاول قدر المستطاع ان يديك بعض الطلة
05-18-2003, 04:10 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
عزيزي ابراهيم لك التحية والاحترام انا مثلك عاكف على قراءة هذا الموضوع ، كي يتسني لى تقديم قراءة نقدية له ، وبالتأكيد فان هذا الموضوع يحتاج الى مثابرة كبيرة مني ومنك ومن غيرنا لنقده ، بالطريقة التى توضح النقاط الايجابية فيه ، وتكفل كذلك التطرق وبشكل معمق للنقاط التى نري فيها ضعفا او سلبية واعد بالعودة لهذه النقاط فى شكل مفصل لاحقا ، على الرغم من توفر قراءات اولية لبعض مناحي الضعف فيه الآن ، الا انني افضل ان تكون قراءتي شاملة
05-24-2003, 04:57 PM
ebrahim_ali
ebrahim_ali
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2968
عزيزي ابراهيم علي فى تقديري فان الجهد المطلوب الآن من مثقفي حزب الأمة ومن المثقفين المهتمين فعلا بترقية حزب الامة ودفعه للأما هو قراءات نقدية موضوعية لهذا البرنامج من ناحيتي سأعمل على نشر مقالات قديمة بعض الشيء فى نقد مشروع الدولة المدنية لدى حزب الامة كانت نشرتها الزمان اللندنية تحت عنوان أطروحة الدولة المدنية بين الجدل الفكري والانجاز الفعلي حزب الأمة ولعبة الصراع السياسي فى السودان وأعمل جاهدا الآن على اعادة طباعتها على جهاز الكمبيوتر خاصتي بغرض نشرها هنا ، وهى ستكون جزء من كتاب انوي اصداره باسم السودان : خلل البني وامكانية الحداثة وكثير من فصوله ستكون فى نقد حزب الامة وتجربته الفكرية والسياسية تقبل محبتي وودي
12-01-2003, 01:13 PM
bunbun
bunbun
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1974
Quote: حزب الأمة المؤتمر العام السادس في الفترة ما بين15-17 أبريل 2003
الأخ خالد عويس كل سنة وانت طيب ... التهنئة لكم في حزب الأمة بإنعقاد مؤتمركم والسماح لو جات متأخرة أشكرك على هذه الوثيقة التي رأيتها الان فقط وسأقرأها بتأني
12-01-2003, 01:37 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22761
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة