البركان الثائر الشاعر المكاشفي محمد بخيت يترافع عن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 01:10 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2003, 04:40 PM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
البركان الثائر الشاعر المكاشفي محمد بخيت يترافع عن

    الحوار التالي منقول عن صحيفه الاضواء مع شاعرنا الفذ
    المكاشفي محمد بخيت


    حوار:عوض محمد احمد

    كثيرون لم يتلقوه.. على المنابر الثقافية والفنية لكنهم تعرفوا على ملامحه عند وردي«مسافة السكة» و«فتش في ترابك» و«ماني خايف» وعند حنان النيل في«عطر النداوة» وأخيراً عند حمد الريح من«انت وين» وقادمات بطعم الكادحين.. وتراب الوطن ذرة.. ذرة.

    يكتب الشعر.. ويتمرد على مدارسه ويؤمن بأن الشعر اكبر من ان تستوعبه مدرسة ما.. وشكل ما.. لذلك نجني على القصيدة ان قمنا بتحميلها أخذ اشكال والوان وأجندة حتى لا يوقعها منزلق المباشر والتقرير!! يعتقد ان الشعر قضية وتعبير عن الواقع وانه تحريض على مناصرة ومناصرة لهموم الناس واليوميات العادية.

    هو شاعرنا المكاشفي محمد بخيت ذلك الغائب ما يفوق الخمسة عشر عاماً خارج الوطن نافياً ان يكون ذلك هروباً ولكنها غربة املتها ظروف واضاف في تعبير شعبي قائلاً هووووي الحاضر يكلم الغايب جابني راجع صلاح احمد ادريس بعد ان ضاقت مواعين الحريات تفتح لي كوة تجدد التواصل بيني وأبناء شعبي.

    اظنه حواراً جريئاً او هكذا اراده هو كما اردته انا.. قال فيه مالم يقله من قبل دعوتي لك عزيزي القاريء ان تطالعه فتختلف معه او تتفق في رأي ديمقراطي ولك الحق في ان ترد وتعقب كما تشاء على ما اورده المكاشفي.

    كان للإغترب دور كبير في ان يجعل المكاشفي محمد بخيت بعيداً عن ذاكرة الأجيال فغربة خمسة عشر عاماً متواصلة جديرة بأن تجعلنا نتساءل من هو المكاشفي محمد بخيت لتقريب الصورة أكثر؟

    اعترف بأنني من الذين أثرت الغربة فيهم من وقت لآخر من حيث التواصل وهذا لا يعني إبتعادي الكامل عن الوطن.

    ويضيف هي هجرة في الجغرافيا.. ولا اتوقع ان يعرفني كثيرون من هذا الجيل فغربة خمسة عشر عاماً اضافة الى مغاليق النشر هي ظروف لم تسمح حتى بالتواصل بين الموجودين بالداخل وبين المبدعين!

    الإبداع لا يحتاح الى شروط حتى ينفذ للناس فهو قادر على كسر طوق المستحيل سراً وعلناً؟

    للإبداع شروط من حيث توفر الحريات وقنوات النشر وهذه للأسف امور لم تتوفر خلال حقبة طويلة من تاريخ هذا الوطن.. وحقيقة لا يختلف حولها اثنان ان فترة حكم الإنقاذ اعتقلت الإبداع وهاجر الكثير من المبدعين ومن بقي منهم بالداخل ظل يعاني ضيق مساحات التعبير وعدم تكافؤ فرص النشر وظلت السلطة في محاولات مستمرة لخلق الإبداع ولذلك لم يطرب كثيرون الى قيقم وعثمان اليمني واسماعيل حسب الدائم ومن لف لفهم.

    ويضيف المكاشفي قائلاً لم يعرف هؤلاء ان السلطة رغم الإمكانات المالية المهولة عجزت ان تقدم مبدعاً واحداً تقنع به هذا الشعب الذي مهما تكالبت عليه الظروف قادر على اقتلاع الحلم من عين المستحيل.

    فظل ينتظر محمد الحسن سالم حميد ومحمد وردي كرمزين للهجرة على ضفاف ما يرد من اشرطتهما وهو يعلم ان ريح الديمقراطية صلاح وقادرة على إرساء مراسيها في أكثر الأزمان صعوبة.

    مازالت الصورة غير واضحة حتى الآن؟

    تجدني في تواضع ما كتبت وما سأكتب منحازاً للإنسان الوطن، التقيت وردي في 1983م وفي اوج دكتاتورية نميري وكتبت له«ماني خايف ياوطن مصلوب ونازف» ثم أغنية«مسافة السكة» وبعد الإنقاذ اخذ التعامل معه شكلاً مباشراً من حيث التعبير عن رفض المجاميع فكانت اغنية«الشهيد» وبعض الأغنيات الناقدة وقد غنى وردي هذه الأغنيات في المحافل الخارجية وقت ان كتب عليه ان يكون بعيداً عن وطنه ثم كانت اغنية «فتش في ترابك».

    فتش في ترابك قلبو ذرة.. ذرة

    تلقانا بنحبك أكثر من مرة

    نحن ولاد كفاحك ورغم وجودنا برة

    رغم الخطوة تاهت رغم الغربة مرة

    وماذا عن فترة ام درمان في ذاك الزمن الجميل وكيف شكلت مكاشفي؟

    اتاحت لي فترة ام درمان الثانوية ان اكون قريباً من محجوب شريف.. والتيجاني سعيد، محمد نجيب محمد علي وتيجاني حاج موسى وغيرهم من الذين اسعدني الحظ ان اكون بينهم في تواصل قل عند جيل اليوم، ولك ان تتخيل ان تكون بين هذه الأسماء وفي ظروف كانت تحمل اسرار الإبداع في ظل حركة ثقافية نشطة.

    ويقول في فترة تالية وانا بالجامعة التقيت بالأحباء محمد الحسن سالم حميد، اسامة الخواض، عالم عباس، ازهري محمد علي، محمد طه القدال وقد قصدت من ايراد أمثلة الإلتقاء تلك لأبين حاجتنا الى التواصل لخلق مناخ صحيح لحركة ابداعية، وقد استفدت ايما إستفادة من مصاحبتي لهؤلاء وانعكس ذلك بصورة او بأخرى على ما اقدمه من أعمال حتى اليوم أراها متواضعة.

    قاطعته متواضعة.. كأنك تعتقد ان القصيدة لا تكتمل؟

    ـ قال نعم القصيدة لا يمكن ان تكتمل فهي تظل في موضع الطراد، فالإبداع حالة لا تنتهي بمجرد الكتابة انما لها ما يحكمها من ظروف ومناخات.

    اذاً لمن يكتب المكاشفي؟ ومن اين يستقي الهامه؟

    الشعر يمكن ان يكون حالة تعبير غير مسبقة الإعداد.. هي حالة خاصة وبالنسبة لي فهي تجريب ومحاولات للإضافة والتجديد لذا لا املك طقوساً للكتابة ولا إلهاماً سوى تلك التراكمات التي قد تعني الوطن وقد تعني انسان.

    الشعر قضية.. ماهي قضيتك كشاعر؟

    كل مبدع لابد ان تكون له قضية.. والإبداع ليس فراغاً يملأ بالكتابة.. ولكنه تعبير عن السياسي.. والإقتصادي.. والإجتماعي.. والثقافي.. ومساوقات عبر الممرات الشائكة.. انه تحريض ومناصرة للهموم ولليوميات العادية للإنسان الوطني المطحون ومن هنا كان الحديث عن رمز الحبيبة الوطن فالوجدان الشعبي يستوعب هذا الرمز كما حدث لاغنية«بناديها» و«قلت ارحل» و«الساقية» وان من يزعم ان هذا الشعب يمكن احتواؤه في حلقات ابداعية مفرغة ما يحدث فهو خاسر في النهاية رهاناته فهذا شعب واعٍ ومتعلم.

    ان كنت تعتقد ان للشعر مثلاً هذه الرسالة فلماذا هربت من السودان في اوج العواصف ولماذا لم تبق بين ابنائه منافحاً بالقصيدة والكلمة وآثرت حياة الدعة والراحة؟

    هناك جانب من الإغتراب سمح لنا بالتعبير وإيصال بعض الرسائل الى اهلها المستحقين وما ذكرته لك من اغنيات المقاومة التي عناها وردي بالقاهرة وغيرها من العواصم العربية والعالمية فقد كانت اسهاماً في حركة المعارضة التي انتظمت مهاجرنا بالخارج.

    ويقول المكاشفي لم يكن ما سعينا اليه هروباً من واقع وانما حكمته ظروف اخرى وانا الآن أكثر تفاؤلاً بعد ان عاد الى الوطن من أبنائه العلماء.. والأدباء.. والشعراء والمطربين والمهنيين واركان معارضة سياسية لأن الشعب مبدع في إلغاء دروسه على المسامع على مر الزمن.. لن اقول ان المياه ستعود الى مجاريها ان لم اقل ان مجاري التاريخ ستعود الى مياه تحمل السحب والغيوم والبرق أعلن لحظة الميلاد.

    يبدو ان دراسة الفلسفة اعطت شعرك بعداً عميقاً؟

    الدراسات الأكاديمية وغيرها من مساحات الإطلاع الأخرى لا تشكل مبدعاً بقدر ما تشكل أثره المعرفي الذي يساعده في فهم الكثير مما حوله وفي هذا السياق فإن المعرفة في ذاتها ليست إبداعاً نهائياً ان لم تتشكل وفق تراكمات ابداعية محددة فيها السياسي.. والإقتصادي والثقافي والنفسي!!.

    الإبداع عدوى فمتى ما كان صوتك في وسط الناس ومنتدياتها قد يكون العطاء ضعيفاً.. هل كان للغربة اثر في ان تأخذ منك أكثر مما تعطي؟

    اتفق معك ان الإبداع في بعضه عدوى وكل ما كان الشاعر بالقرب من المنتديات وساحات التعبير وصحف ومجلات وتجمع مبدعين واصدقاء يستمع فيها الناس الى تجارب بعضهم البعض تسري العدوى في الجسد الإبداعي ونجد تنافساً شريفاً في الخلق والإبتكار.

    ويستطرد مكاشفي قائلاً ورغم ان هذه غير متاحة في السودان خلال العقد النصف المنصرمين الا انها ظلت هماً يلازمني وكنت التقط اخبار الوطن في شتى المناحي بما يصلنا من قصاصات وما تتيحه الإنترنت من مواقع لبعض الصحف والإتجاهات، وفي اعتقادي ان المبدع في وطنه وفي ظل الظروف الصحيحة سيقدم اقصى حالاته الإبداعية في تواصل وحميمية ومنتديات وقنوات تعبير. لذا لم يكن ثمة جزء في هذه النواحي بين من هو في الداخل ومن هو في الخارج فقد قيدت السلطة الإبداع ومنعت إقامة كثير من الندوات ولم يكن منعها للشاعر حميد من الإلتقاء بجماهيره بنادي الزومة شيئاً مستغرباً انما كان المستغرب ان يحدث العكس.

    ويضيف كما قلت لك فإن الإصرار والعزيمة سمة من سمات هذا الشعب فإن ما يرغبه يجب ان يتحقق وهكذا وانت معي سترى حميد يعتلي خشبة المسارح معلناً صوت شعره المنحاز ابداً لقضايا الناس وهذا هو الإنتصار الإبداعي الذي اعنيه.

    هل يمكن ان يصل الشاعر ذروة عطائه ومتى؟

    الشاعر لا يصل ذروة عطائه والا سينتهي.. وكل مبدع يحس بأنه بلغ أوج هذا العطاء يعني انه قد تخلى عن الإبداع والإبداع يجب ان يكون مبنى ومعنى لم يكتمل ولن.

    قاطعته حتى ولو كانت الظروف صالحة؟

    قال ليست كل الظروف صالحة للإبداع، فالمبدع انسان مثله مثل الآخرين له همومه الشخصية ولكن الفرق انه عليه الإستجابة لدواعي الظروف العامة.. قد يتوقف الى حين وقد ينتج يومياً ولكن في كل الأحوال يبقى الإبداع لكسب محدد بكم ولكن بكيف.

    سألته هل للشعر العاطفي سن محددة بعدها يجلس الشاعر على رصيف المعاش؟

    المزج بين العاطفي والواقعي هو الأمثل فالعاطفة بداخل الإنسان تحتكم الى ظروف خارجة وواضحة ولكنها تتخذ من حيث التعبير كثيراً من القضايا، فالحب يشمل الوطن والمرأة ومن خلال العاطفة تطلع حتى الأغنيات الوطنية كما تطلع من احداث الواقع فقد مات زمن ان الحب فقط حب امرأة وان نفصل زمان الغناء للوطن.

    ومن خلال ذلك تسري الحركة الإبداعية لتأخذ مكانها تحت شمس التاريخ و

    قاطعته كأنك اردت ان تقول لا فواصل بين العاطفة والوطن؟

    نعم اذا فهمنا معنى العاطفة والوطن على الوجه الصحيح والا لماذا أحس الناس باشعار الدوش

    «ولما تغيب عن الميعاد»

    فهم الناس حتى اكبرهم عمراً وتجربة ان الشاعر يعني حبيبته التي غابت رغم ان الشاعر يعني وطن غاب عن الجميع.

    وهل تؤمن بالمدارس الشعرية وان كنت كذلك فأي المدارس تستوعبك او تنتمي اليها؟

    ـ مهمة الشعر أكبر والشاعر أكبر من ان تستوعبه مدرسة ما او شكل معين فالقصيدة اصبحت لها معاييرها الداخلية وشكلها وتعبيرها عن مختلف الحالات وفي كم من المتناقضات وعلى هذا الأساس نحن نجني على القصيدة ان قمنا بتحميلها اخذ اشكال وألوان وكتابة اجندة لها!.

    كأنك اردت ان تؤكد إيمانك بالتناقضات التي هي اساس الوجود؟

    كأنك تقرأ افكاري.. فقد اعجبني انني قرأت مؤخراً للشاعر تيجاني سعيد وهو يقول انه يؤمن بالتناقضات التي هي اساس الوجود وان لا تقف تجربته عند تكرار نفسه في قصائده ومن هذا المنطلق فإنني اؤيد ما قاله الشاعر الباحث تيجاني سعيد في انه يجب علينا طرق ابواب كثيرة في اوجه تجريب متعددة وان ينفك الشاعر من اسر خط المسار الوهمي الذي يجب على القصيدة ان تكون مقيدة به رغم تعددها الكمي، وفي هذا الصدد فإنني المح الى تجارب عظيمة لشعراء مثل محمد الحسن سالم حميد، ازهري محمد علي والقدال الذي تمشي قصائده بين الناس يحفظها الصغار قبل الكبار ويحس بها الجميع بأنها تعبر عن احزانهم وافراحهم واشواقهم.. وهذه مهمة الشعر ان ينحاز بكامله لهموم الآخر وتطلعاته.

    قلت للمكاشفي: في اجابة سابقة قلت لافواصل بين العاطفة والوطن هل تؤمن بالمرأة القصيدة ام انك ترفض مثل هذه القوالب الجاهزة؟

    حقيقة مثل هذه المقولات ذات القوالب الجاهزة لا تتفق وتمرد القصيدة على كثير من المعطيات التقليدية وبالفعل ذكرت لك في اجابة سابقة ان الوطن قد يكون امرأة وان المرأة قد تكون وطناً في ظل احاسيس متحركة وخطوط درامية تتصاعد لتبني قصيدة ما...

    قاطعته وكيف يمكن ان نفض مثل هذا الإلتباس؟

    هذا الإلتباس يحدث لان الشاعر في كثير من الأحيان لا يمكنه تفسير قصيدته للآخرين، فالتفسير يوقعها منزلق المباشر والتقرير وهكذا فنان تشكيلي لا يتمكن من شرح خطوطه لأخر وموسيقى لا يمكنه تفسير ماهو مفسر بالصوت!!.

    كأنك تقصد ان تكتب القصيدة وتترك للآخرين التفاصيل؟

    حقيقة ان المنتوجات الإبداعية تختلف عن شرح الروشتات الطبية التي توضح الاعراض وطريقة الإستخدام ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان نجد مبدعاً على إيضاحات وتفسيرات لما ابدعه فقد يكون هو نفسه يملك تفسيراً مستولداً للعمل لكن بعد ان تبلل بعرق الولادة، انتقلت الرؤية الى حالة من حالات العلاقة بين القاريء والنص فقد انسحب الشاعر من تلك المهمة وفي مدارس نقدية حديثه نقرأ عن هذه العلاقة التي يجب فيها ان تترك للقاريء حرية التفسير ورؤيته.

    قرأت لك اثناء بحثي في مجلة الإذاعة والتلفزيون والمسرح في السبعينيات نصين الأول بعنوان«زمن الرحيل» والثاني بعنوان«عطر النداوة» التي تغنيها الآن المطربة حنان النيل وفي ذات الوقت قرأت لك قصائد حديثة فرأيت ان هناك نقلات في الفكرة والتكتيك يختلف عما كان قديماً الا توافقني ان التجربة تطورت؟

    الشعر يتطور بتطور الأدوات.. وأدوات الشاعر وتراكم التجربة والأعمال القديمة التي وقعت بين يديك خلال بحثك في ارشيف مجلة الإذاعة والتلفزيون هي تجارب شعرية وجدت الكثير من التشجيع في وقتها حينما كنت مستقراً بكاملي داخل الوطن في السبعينيات وكأنها تمضي بعقد ونصف من الغياب ونقول ابيات«زمن الرحيل»

    استعدي عشان نسافر

    في عيون المستحيل

    سرجي الخيل التسابق

    زمنا في لقيا الجميل

    نادي للأطفال يغنوا

    لي زمن الرحيل

    واذكر انني تقدمت بهذين النصين الى لجنة النصوص برئاسة الأستاذ محمد يوسف موسى ورغم عدم اعتراضي بأن تكون للإبداع لجنة فوجئت يوم استلامهما بتعليق اللجنة القائل في ذيل كل قصيدة بان هذا العمل جديد ورائع يمثل تجربة جديدة.

    كثيراً ما يكتب الشاعر دون ان يصل للفكرة النهائية هل مزقت بعضاً من قصائدك لأنها لم تكن كما تشتهي؟

    من الطبيعي ان اكتب وكثيراً ما مزقت قصائد بعد كتابتها فأنا من الذين يكتبون القصيدة في أكثر من ورقة وتصادف تعديلات كثيرة وغالباً ما لا ترضيني وتظل القصيدة تجربة بلا قرار حالة من التعايش الصعب والولادة المتعثرة.

    قاطعته: كيف ترى ما يجري على الساحة الأدبية والشعرية؟

    الإبداع في السودان حالة خاصة ومهما تكالبت الظروف بوجهها القبيح فإن استمرار الغث لا يدوم طويلاً.

    وهل استمعت الى اصوات شعرية جديدة؟

    كنت سعيداً وانا بالخارج اقرأ للشاعر عاطف خيري والصادق الرضي زادت في قلبي طمأنينة بأن الوطن ولود وغني بمبدعيه فقد كانت تجربتهما معلماً بارزاً من حيث الرمز والتكثيف واشعال الدراما الكاملة وكانت ضربة قاسية لإدعياء الثقافة الجدد من المتزمتين والذين يجلسون على صخرة المنجز المكتمل ولا يعيرون انتباهاً لحركة التاريخ والأجيال والمجتمع ويقتصرون مهمة الشعر في القافية وصدر وعجز البيت وبحور الخليل... فقد اضافت تجارب المبدعين الى ساحاتنا الكثير الذي تفاعل معه الناس رغم الإدعاءات التي تحاول انفاذ قيمة التيارات الجديدة في الإبداع ككل.

    وماذا عن الأصوات الغنائية النافذة وهي جديدة وشابة؟

    ـ تيسر لي الإستماع الى بعضها ولفت نظري الفنان القادم عادل مسلم وآمال النور والتي هي من ضمن الأصوات التي تحترم فنها في المقام الأول ولها أعمالها الخاصة ولكن هناك كثيرين ظهروا اعيب عليهم اعتمادهم كلياً على اغنيات غيرهم.

    بعد توقفك عند محطة الإغتراب.. توقف نبض قصائدك بالداخل.. ولكن مؤخراً برزت لك قصائد واغنيات مثل«انت وين» بلحن علي أحمد وغناء حمد الريح كيف بدأت هذه العلاقة بينك والملحن علي أحمد وهل هي قديمة ام حديثة؟

    ليس هذا مجالاً للحديث عن الأستاذ صلاح احمد ادريس.. ولا اظن ان التعبير متاح ومفردات القول ستفي الرجل حقه فهو من ناصر المبدعين وقت ان طوقتهم ظروف الداخل والخارج، فالرجل مبدع في الأساس عاشق للقراءة والكتابة في مختلف ضروب التعبير ومثله مثل أي إنسان آخر له الحق في التعبير كيفما يشاء لم تثني عزيمته كلمات الآخرين المحبطة في حقه فقد ظل ملاذاً آمناً لكثيرين في غير مأمن وسلوى

    كيف التقيتما وبأي الأعمال؟

    ـ كانت اول الأغنيات«انت وين» التي غناها الفنان حمد الريح بعد ان وضع هو لحنها ومطلعها وقمت انا بأكمالها رغم ان فكرة القصيدة كانت مولد تلقائياً واذكر انني قد كتبت له بأنني قد أعدت لك قصيدتك كما هي والأغنية حملت مضامين في سياق يوميات الوطن العادية.

    انت وين كل الحصل بالمرة ما جابك علي

    لا سألت.. ولا اتصلت ولا عرفت الباقي لي

    الليالي تمر تقيلة على كتف شايلني حي.. الخ

    فقد التقيت به وتعرفت عليه عن قرب ولم ألمح سوى صورة ابن البلد الأصيل المتواضع العالي بسلوك واخلاقه النابض احساساً بالآخرين وهمومهم وفهمه العميق للعملية الإبداعية من واقع إبداعه الشخصي.. كما هو ملحن حباه الله بالكثير من جماليات فن الغناء والموسيقى.

    ويضيف مكاشفي هناك اعمال كثيرة بيننا يعالجها الآن بالألحان وآخرها أغنية آخر ما كتبت وانا بصدد عودتي للسودان باسم«البوابة» يقول مطلعها:

    بوابتك تودي على سفري وتجيبو

    في اهلاً وسهلاً عد الليل سبيبو

    جاك النجم جاري شايل عنقريبو

    تكتب في دفاترو اسامي الما بغيبو

    تسلم بالأماني.. ولي سقيا المعاني

    يااللاقيت مسافر بي ضحكة حبيبو

    وداويت جرح غائر غلب نوم طبيبو

    كيف فكرت في العودة بعد هذه الغيبة الطويلة هل جئت بطوعك ام بمؤثرات؟

    ـ قال: هوووي الحاضر يكلم الغائب والسمع يقول لي ما سمع انا جابني صلاح ادريس.. وكان خلف هذه العودة.. طلب مني ان اتذود بماء النيل.. ووجوه الغبش.. ويضيف مكاشفي الرجل ـ صلاح احمد ادريس ـ معجون من طينة الإبداع ويعرف تماماً من هو المبدع وماهية الإبداع.. ولم اكن راضياً عن معارضيه من الذين يسفهون القوي لا لسبب وانما من منطلقات شخصية وهذا يعكس ما احاق بالنقد الفني والرياضي والذي بدوره يعكس واقعنا السياسي والثقافي والفني والإجتماعي ولا تزال فكرة الفن معشعشة في اذهان الكثير من القيادات السياسية والرياضية والفنية يتساوى في ذلك قادة السياسة ورئيس النادي.. ورئيس لجنة الحي وريس المركب.

    كأنك اردت ان ترمي بفكرة السيطرة الفردية؟

    نحن في زمن لا يؤمن بإحلال الفرد مهما كان مكان الوطن اوالنادي.. او الحي.. وعلى ذلك جرت عادة بعض الأقلام في الترويج لفكرة السيطرة الفردية، وفي اعتقادي ان الأستاذ صلاح احمد ادريس الذي اختار ان يتحلى بأدب الأختلاف فهو ضحية هذه التناقضات التي اطلت برأسها واصابت واقعنا بالكثير.

    ويضيف مكاشفي اقول بكل جراءة من أخذ بأيدينا هو الأستاذ صلاح احمد ادريس من غير منٍ او سلوى ومن غير ان يطلب مني ان اتحول من اليسار الى اليمين او من المريخ الى الهلال فهو يحترم رأي الآخر وليس غريباً عليه هذا المسلك واظن ان كتاباته وردوده على الآخرين الذين ناصبوه العداء توضح بجلاء ان الرجل يمارس ادب اختلاف ما احوجنا اليه على كافة الأصعدة.

    بماذا يحلم مكاشفي؟

    ـ قال احلامي بسيطة وصغيرة.. احلم بوطن يتسع للجميع مثقف في اختلافه وتعدديته الدينية والسياسية والثقافية والعرقية.. وموحد في وحدته حر ديمقراطي.. فالسودان لا يمكن ان يكون فرداً او جهة او تنظيم واحد مالم تتفق جميع التنظيمات على حل يرضي جميع الأطراف ويأخذ في الإعتبار تلك التعددية ويترك للشعب حرية اختيار دستوره وحاكمه وعاصمته فهو شعب معلم وقادر على اجتراح المستحيل!.

    وعلى الصعيد الشخصي؟

    ـ قال ان اكون مواطناً بسيط يقول شعره المتواضع ويتاح له ايصال صوته الى مرافئ العشق السرمدي في وطن عالي الجبين شامخ ونبيل.

    يبدو على تقاطيع وجهك هدوء شديد ولكنك من الداخل تثور بركاناً؟

    ـ قال انا كثير الصمت هذه حقيقة يعرفها كل من حولي وأجد في الكتابة متسعاً من التعبير لا تتيحه ادوات النطق ولا ادعى ان هذه ميزة ولكن فعل داخلي يغمرني بالكثير من الضجيج رغم الهدوء البادي.

    وماذا بقي من قنتي نيلها.. ونخيلها وطنابيرها في ذاكرة مكاشفي؟

    ـ هي من ادوات التشكيل الأولى واذكر هنا اهمية اللواري السفرية وقتها في احضار الصحف والمجلات من الخرطوم وقد كان خالي عبد الله محمد موسى هو مزودي بتلك الصحف وانا في المرحلة الإبتدائية مما جعل ارتباطياً معها وثيقاً وتدرجت الى قراءة مختلف الكتب المقروءة انذاك. ومن الشعراء اذكر خضر محمود الذي كتب«نوارة قنتي» و«مرحبتين حبابك» للفنان النعام آدم.

    لقد حلقت بي اخي عوض الى تلك الأيام مع ترانيم الطنابير والسهرات على الكثبان الرملية والتي تشكلت معها دواخلي لحب الموسيقى فتعلمت الطمبور في المرحلة الثانوية بام درمان ثم تعلمت العزف على الأكورديون وثمة علاقة راسخة بين إيقاعات الشعر والموسيقى لذا لاحظ البعض ان قصائدي المتواضعة تحمل بداخلها بعض الموسيقى.

    كم هي مساحات الفرح بداخلك؟

    سأعود بك الى مسألة فلسفية في أيهما اطول زمن الفرح ام زمن الحزن؟ وانا منحاز للحزن النبيل في حجم ذلك التضاد الحاد ونحن في وطن كتب علينا فيه ان نجني ثمرات حزننا ولا نرضي بتلك الأفراح الملونة الوجوه ذات الزيف الكامل لذا لا أحدد متى افرح ولكني سأحدد لك كم سأحزن!

    وكم هو عنصر الدهشة في عندك؟

    هي عنصر من عناصر استمرار الحياة.. لها طعمها الحلو والمر في اوقات كثيرة غير ان معايير هذه الدهشة يجب ان تكون ضد المغاليق وضد المسكوت عنه فدهشة هذا الوطن حلم يُغظك من نومك ويلبسك ثيابه لينام مكانك ويتركك. والتي لابد فيها ان تستشعر وطنيتك كمواطن وعشقك كعاشق ومعشوق كمشتاق!.

    وهل بكيت صادقاً؟

    الدموع الحبيسة قد تكون أكثر من تلك المعلنة في مجال الوجه.. لن اشبهها بسحابة تبدو لترحل ولكنها سحابة تهطل في تلك الأعماق التي يحملها الحزن وانها شرف الإنتماء وشرف اختزان المشاعر تتفجر نهار بليل.

    متى تقول نعم.. ومتى تقول لا..؟

    نعم تعني القبول بأشكاله المختلفة وفي هذا الإطار فإن نعم تأخذ اوجهها المختلفات.. اقول نعم لوحدة السودان الواحد.. ولحريته.. وديمقراطيته.. اقول نعم لكل مبدع ابدع في حق وطنه وفي كل ضروب الحياة ومناطقها الوعرة. ولن اقول نعم اذا كانت هي المنقذ الوهمي لرد فعل لا.

    ختاماً الا تتفق معي بأنك جرئ متمرد على المألوف؟

    ليس تمرداً بالمعنى.. انما هو قناعة معرفتي بما هو معاش.. قد تكون بعض الحواجز عائقاً فلابد من ازالتها اوعبورها قفزاً وقد تكون اختلافاً في وجهة النظر وهذه امور محدودة تتبع صوت نفسك وقناعاتك في كثير من الأحوال اذاً فإن كلمة تمرد عندما تطلق على أحد فإننا نطلقها على فعل او سلوك لا نرضاه وبالطبع فإنه مرفوض على المستوى الأخلاقي لكن ان عُني بكلمة تمرد مسائل فكرية او ادبية فإنه مسموح به ان كان تمرداً على السائل يفضي الى تجديد واضافة وخلق وإبداع.





















    [email protected]

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de