|
نحن والشرطة ودفع ( الديات ) من المال العام
|
نحن والشرطة ودفع ( الديات )
لن أتوقف لمناقشة لجنة التحقيق التي كوّنها السيد/رئيس الجمهورية لبحث الأسباب التي أدت لنشوب معركة المهندسين الأخيرة في أمدرمان ، فنحن نعلم مسبقاً ماذا يعني تكوين مثل هذا النوع من اللجان ، بالتأكيد ليس من أجل الوصول إلي الحل ، لكن يأتي ذلك لجعل الناس ينسون هذه الكارثة عن طريق إطالة الزمن ، لا أعلم على وجه التحديد ماذا جرى للجنة الرئاسية التي كُوّنت سابقاً للتحقيق في أحداث الاثنين المؤسفة التي وقعت بعد رحيل قرنق ، نسي الناس تلك الأحداث الأليمة كما نسيت اللجنة المختصة الحدث الذي كُونت لأجله ، النقطة المهمة في أحداث حي المهندسين هي بروز مسألة التعويضات المادية ، تعهدت محافظة أمدرمان بدفع الأضرار المادية والمعنوية ، هُناك ديات سوف تُدفع لكن لا نعلم كم يساوي الإنسان السوداني في بورصة الإنقاذ ، والسؤال هو من أي حساب سوف يدفعون هذه المبالغ ؟؟ ، فمن المحتمل أن يدفعوه من مال الزكاة بعد توطئة الفتوى المناسبة ، أو القيام بمسرحية هزلية مثل الزعم أن أحد المُحسنين- على طريقة حاتم الطائي - قد تكفّل بدفع جميع الأضرار بما فيها الأرواح البشرية ، هذا سوف يعيدنا من جديد إلي بحث مسألة سعر المواطن السوداني في سوق القتل ، فسعره ، في أحسن الظروف ، أقلّ بكثير من سعر نظيره الأمريكي ، أقارب ضحايا طائرة لوكربي حصل الواحد منهم على تعويض وصل إلي 65 مليون دولار مقابل كل حبيب لهم فقدوه في ذلك الحادث ، فمن أين تأتي حكومة السودان بهذا المبلغ لو افترضنا أن الحركة الشعبية رفضت دفعه من عائدات البترول ؟؟ ثم تدفعه لمن ؟؟ لأناس تطعن حتى في انتمائهم للسودان !! خمسة وستون مليون دولار والتي دفعها العقيد معمر القذافي من مال البترول الليبي ، مقابل نفس أمريكية واحدة ، هذه المقايضة لن تقدر عليها الحكومة السودانية ، فالمواطن الأمريكي ارتفعت قيمته كما يرتفع ثمن الدولار أمام العملات الأخرى ، حكومته جعلته يحس بأن ثمنه باهظ ومُكلف ، على عكس حكومة الإنقاذ التي قتلت الملايين من أبناء شعب الجنوب ولم تسأل نفسها يوماً كم تساوي قيمة هؤلاء الناس ؟؟ وتتلعثم في قراءة عدد الضحايا الذين قتلتهم في دارفور ..فهل هم تسعة آلاف ؟؟ أم خمسة آلاف ؟؟ وفي كل الأحوال هؤلاء ماتوا بالمجان وبلا ثمن . هدم مقر حركة تحرير السودان في حي الموردة قُوبل بالتصفيق والتكبير ، أما في حي المهندسين فقد أضفت الروعة الفنية على الحدث بعض الأشياء الجديدة ، لم يكن هناك تكبير أو تهليل ، فالزغاريد المنطلقة من ثغر الصبايا جعلتنا نشعر بأن ما نراه هو ليلة عرس وليس ليلة قتل ودماء ، هذه هي ثقافتهم التي يعلمونها للناس ، وقد أحزنني مرة أنهم زفوا لأم مريضة وطاعنة في السن خبر مقتل ابنها في حرب الجنوب بمقولة : أفرحي وزغردي يا أم العريس !!! فماتت المرأة من وقع الخبر بعد أن سقطت على الأرض جثة هامدة وبلا حراك ، من هذا البيت حُمل البروفيسور ( العريس ) وأمه على النعوش فتم اللحد لهما في يوم واحد ، هؤلاء الناس غير سويين ومجردين من المشاعر الإنسانية ، أنانيين لأبعد الحدود وجبنهم بلا نهاية ، يعيشون الحياة ولا ينظرون إلي الغد ولا يتورعون من ارتكاب أكبر عدد من الجرائم طالما ذلك يبقيهم في السلطة . يقول بعض السذج والبسطاء : أن الثمانية الذين قتلتهم الشرطة في حي المهندسين يستحقون ذلك لأنهم قاوموا أمر الاعتقال (Arrest Resistance ) الصادر من الشرطة ، ومعلوم لنا أن الشرطة لا تصدر أوامر الاعتقال التي تُعتبر من اختصاص النيابة ، ثانياً هناك وسائل تُقلل من وقوع الأخطار مثل استخدام الغاز والقنابل الصوتية ، أو على أسوا الفروض الاستفادة من تجربة الجيش الإسرائيلي في فلسطين ، أن يطلبوا عن طريق مكبرات الصوت من المتحصنين إخلاء المبنى ريثما يتم هدمه بعد ذلك ، من الملاحظ أيضاً ، من يقوم بهذا العمل في إسرائيل هو الجيش وليس قوات الشرطة . نحن ليس في بلاد ديمقراطية حتى يُطلب منا احترام الشرطة وتقدير مجهوداتها ، فالشرطة في بلادنا هي أداة قمع تستخدمها السلطة ضد من يعارضونها ، الشرطة في السودان لا تغيث الناس من خطر الفيضانات عند ثورة النيل في كل عام ، حتى شرطة المطافئ والدفاع المدني اختفت وتبخرت وصدئت مركباتها ، صرنا لا نرى من وجه الشرطي سوى خوذة فولاذية في الرأس لا ترى منها إلا أعينه ، ودرع زجاجي وعصا غليظة يضرب بها كل يقف في طريقه ، فهؤلاء هم من يسمون بالشرطة الرسالية . عندما تمرّد الراحل قرنق واحتمى بالغابة صدرت في حقه مذكرة قضائية تتهمه بسرقة رواتب الجيش ، أما في عهد الإنقاذ فقد صدرت العديد من المذكرات القضائية وأوامر الاعتقال ضد منتسبي حركة العدل والمساواة ، تم اتهامهم من قبل الأجهزة العدلية المُسيسة باختلاس مبالغ من جهات العمل التي كانوا يعملون لديها ، عرائض الاتهام والملاحقة لم تنسى الدكتور علي الحاج محمد ، هذا الرجل كان يتصرّف في ملايين الدولارات بحكم منصبه كوزير للحكم الاتحادي ، لكن الإنقاذ لم تجد له تُهمة أنسب من نهب أموال طريق الإنقاذ الغربي مُعظم البلاغات وأوامر الاعتقال التي تصدرها حكومة الإنقاذ هي بلاغات ( كيدية ) وحسب الطلب والظروف . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|