|
من الذي أعدم صدام حسين : العدالة أم الطائفية ؟؟
|
هل هذه هي المرجلة ؟؟ هكذا خاطب الرئيس صدام حسين جلاديه من الطائفيين ، والذين هتفوا عندما ألتف حبل المشنقة السميك بعنقه النحيل : مقتده ... مقتده ..مقتده ، وبعد مقتل الحلاج وإستشهاد محمود محمد طه وإغتيال المفكر فرج فودة لأول مرة في تاريخنا الإسلامي يُعرض رئيس دولة أمام محكمة طائفية ، وهو الرئيس الذي حكم شعبه لفترة تزيد عن ثلاثة عقود بعقيدة البعث ، أمة عربية واحدة ذات تاريخ مشترك من المحيط إلي الخليج ، صدام حسين كما وصفه الرفيق صلاح عمر العلي : صدام لم يكن سنياً أو شيعياً بل كان صدامياً ، لذلك لم يكن لضحايا صدام حسين لون مميز ، وكما قتلت مخابراته ( الصدرين ) فهي أيضاً قد قتلت صهريه حسين كامل وصدام كامل المجيد ، وقتلت أيضاً الدبلوماسي الدكتور عبد الخالق السامرائي والصحفي عبد العزيز البركات ، والتاريخ العراقي يقول أن أول مؤتمر لحزب البعث عُقد في بلدة الناصرية إحدى مدن الجنوب الشيعي ، لم يكن في الفلوجة أو الرمادي أو حتى تكريت مسقط رأس السيد الرئيس ، فقد أخطأ صدام حسين في حق الجميع ، وشعبه الذي خرج للتو من منازلة العدو الفارسي في الشرق وجد نفسه للمرة الثانية في حرب دخلها تحت جناح الإدعاء التاريخي ، وأن الجزء عاد للكل وأن العراق الواسع أستعاد محافظته التاسعة عشر ، نهاية صدام حسين لم تكن يوم السبت الماضي الموافق لشروق شمس عيد الأضحي المبارك ، لكن نهايته بدأت منذ أن أعتمد علي رؤاه الخاصة في قراءة التاريخ ومعطيات السياسة فوقع في فخ غزو الكويت ، من يبكون صدام ليسوا بأصحاب رجاحة في العقل ، وهم لم يستمعوا يوماً إلي صيحات ضحاياه من الرفاق والبعثيين الذين ماتوا في غياهب سجونه من غير محاكمات ، ولا يعلمون أن الدكتور عبد الخالق السامرائي بانت أضلاعه قبل أن يموت ، وأن عبد العزيز البركات مراسل صحيفة الرياض السعودية في بغداد مات وهو ذائب في حقل من ( الأسيد ) السائل ، ومهما فعل صدام كنا نتمني له محاكمة عادلة وليس محاكمة طائفية بغيضة بالشكل الذي رأيناه طوال الشهور الماضية ، كنت أتمني أن يحاسبوه علي الظلم والتعذيب والحروب التي أشعلها في الداخل والخارج لكنهم حاسبوه علي جريمة قتل من الدرجة الثالثة وقعت في عهد سحيق ، مقتده الصدر العائد من إيران علي متن دبابة أمريكية يملك ثلاثين صوتاً في البرلمان ، وهي التي رجحت فوز المالكي برئاسة الوزراء أمام مرشح المجلس الأعلي للثورة الإسلامية عادل عبد المهدي ، قبيل عملية الإعدام هددت كتلة الصدر بالإنسحاب من البرلمان ولكنها تراجعت عن ذلك بعد أن أخذت وعداً بقطع عنق الرئيس صدام حسين ، وقد تحقق ذلك في صباح يوم عيد يوم ( السنة ) ، ولأول مرة في تاريخ الدول أن يعترف رئيس دولة بيوم عيد طائفته فقط كعيد للدولة ويتجاوز المفهوم القومي الواسع لمعنى أن تكون ممثلاً لكافة أطياف الشعب . إعدام صدام حسين لم يحقق المصلحة المرجوة للذين شنقوه ، وكما هزمهم وهم علي قيد الحياة هزمهم وهو علي حبل المشنقة ، كان في كامل كبريائه ولم يخف أو يرتاع وكان متماسكاً إلي آخر لحظة ، حتى خصومه تمنوا أن يموتوا مثله فهو علي الأقل شهيد الطائفية البغيضة والمحتل الأجنبي ، سيبقي صدام أثراً خالداً في ذاكرة الذين هتفوا له إلي آخر لحظة : بالدم والروح ..نفديك يا صدام . لكن المفارقة الغربية هو موقف الأكراد من هذه المحاكمة ، هناك من يري أن الأكراد كانوا رحيمين بالرئيس العراقي صدام حسين أكثر من فرق الموت التي يقودها مقتده الصدر وعبد العزيز الحكيم ، ويستدلون بعدم توقيع الرئيس العراقي جلال الطالباني علي صيغة الحكم ، والحقيقة الجلية تقول عكس ذلك ، لأن الأكراد ينظرون إلي مدى بعيد يتجاوز مسألة إعدام صدام حسين ، هم يستغلون حالة التشرذم بين النسيج العربي العراقي ، المُنقسم بين سنة وشيعة لتحقيق أكبر عدد من المكاسب السياسية ، وبنفس المستوي فهم ينظرون إلي ما يجري في تركيا ، خاصةً وأن هناك حكماً بالإعدام ينتظر عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردي في تركيا ، فإن وافق أكراد العراق علي إعدام صدام حسين فسوف تُعتبر هذه الموافقة تصريحاً أخضر للحكومة التركية يعطيها الحق بإعدام عبد الله أوجلان ، وكلنا نعلم أن الحكومة التركية تتعرض لضغوطٍ هائلة من قبل الغرب بعدم تنفيذ هذا الحكم ، لذلك أرتأي أكراد العراق كبح جماح غضبهم ولو مؤقتاً لمصلحة المشروع الكردي الكبير . ومما أتعجب له موقف نظامنا الحاكم في الخرطوم من عملية إعدام الرئيس صدام حسين ، وإستغرابه التام أن هذا التنفيذ تم في صبيحة يوم العيد ، لكن ..أليس من حقنا أن نعرف من الذين أعدموا الفريق خالد الزين واللواء عوض السيد بلول واللواء الكدروا في آخر ليلة من رمضان من سنة 1990 م ؟؟ ألم يعدموا ثمانية وعشرين ضابطاً في ليلة يوم العيد ؟؟ ودفنوا جثامينهم الطاهرة في مكان مجهول ؟؟
|
|
|
|
|
|