ليلة اغتيال ( فيل ) حديقة مدينة الخرطوم

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 05:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة سارة عيسي(SARA ISSA)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-22-2006, 01:52 AM

SARA ISSA

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 2064

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ليلة اغتيال ( فيل ) حديقة مدينة الخرطوم



    عُلقت ورقة صغيرة علي حائط كلية العلوم بجامعة الخرطوم ، بالقرب من طاولة التنس ، كان هناك مبرد للمياه يطل علي شارع الكلية ، في تلك الورقة كُتب بخط جميل :
    يُقام اليوم حفل تأبين للفيل بقاعة كلية العلوم .. والدعوة عامة
    ترحمت علي الميت ، ودعوت له من وراء الغيب ، فكلنا سوف نسلك هذا الطريق ، وشعرت بأشد الحزن والأسف ، وعاهدت نفسي أن أحضر هذا الحفل ، وأن أسمع لأحباء هذا الميت وهم يذكرون محاسنه و أفضاله ، تبادر لذهني أن هذا الميت هو أستاذ جامعي ، يملك رسالة علمية في تطوير النفس الإنسانية ، حرياً بي أن أشارك في هذا الحفل .
    اشتريت مجموعة من المناديل الورقية ، ربما احتاج إليها إذا قرر المعزون اتباع المراسم السودانية في التعبير عن حالة الحزن الناتجة عن فراق الأحبة ، دخلت القاعة والتي كانت تقع تحت المكتبة الرئيسية ، في هذه القاعة كان الدكتور شداد يشرح لطلابه حالة الخسوف والكسوف ومواعيد صوم رمضان ، بدأ علي الحاضرين الحزن الشديد ، وكدتُ أقع علي الأرض من الحزن ، أحسست بأن القاعة تحوّلت إلي قبر كبير .
    ولكن لاحظت شئ آخر جذب انتباهي ، نحن السودانيين في أيام العزاء لا نستخدم العطور الصارخة ، ولكن القاعة كانت تفوح منها مختلف الروائح العطرية ، تألمت لذلك اشد الألم ، فحتى الفراعنة القدماء كانوا يحترمون موتاهم ، ويضعون لهم اللبن والخبز والحلي النفيسة في قبورهم ، فكيف بهؤلاء يقيمون تأبيناً للسيد الفيل ولكن النساء يضعن الكريمات والمساحيق ، المهم في الأمر أنني تقبلت الوضع ، فالميت لن يفيده شيئاً إذا تطيبنا أو سكبنا عليه دموع الألم .
    بدأ إلقاء الكلمة ، ووقف أمامنا شاب مهذب ، وبصوت خافض مملوء بالخجل بدأ يقرأ من ورقة وُضعت أمامه ، كان يفرك عينيه قبل أن يضع نظارته السميكة فقال :
    لقد كان للفيل دور هام في حياتنا الاجتماعية ، كان يلهي الصغار ويداعبهم ويطرد عنهم الملل والكآبة ، لم نكن نتوقع له هذه النهاية المحزنة ، أن يموت حبيساً وطريداً وجائعاً في الحزام الأخضر ، لا مكان لأصحاب العطاء في وطننا السودان ، وما حدث للفيل أمر يُستغرب له ومُستهجن ، ولا أحد يتوقع حدوثه ؟؟
    شعرت بأنني خارج الزفة ، فالسيد الفيل لم يمت من جراء ذبحة قلبية ، أو تناوله جرعة زائدة من المخدر ، فأنا أمام جريمة قتل ، فصرت أتساءل فهل هي من الدرجة (First degree Murder) ، أم أنها من الدرجة الثانية وبغير قصد (manslaughter) ، جلست بقربي سيدة غربية ، قيل أنها من وحدة اللغة الفرنسية بجامعة الخرطوم ، طبعاً لم تكن تفهم ما يقوله الخطيب ، ولكن بإحساسها كانت تعرف بأنه يقول :
    Our lord in the heaven ..and our lord on the earth ..we bring your lamb to you ..from dust to dust .
    سألتها : is there is something missing me??
    فردت علي باقتضاب : hussssh
    شعرت بأن لا أحد يريد أن يتكلم عن المرحوم الفيل ، فيا تري ماذا جري له ؟؟ هل شارك في مؤامرة تسميها الحكومة انقلابية ؟؟ أم أنه تعرض لعملية اغتيال غامضة ؟؟ دارت كل تلك الأسئلة في ذهني ، توهمت بأنني غير مرحب بي في هذا الحفل ، قطع الهدوء صوت آنسة تطلب منا زيارة معرض الفيل ، كدت أطير من الفرح ولم تسعني الدنيا ، أخيراً حُل اللغز وبإمكاني رؤية الفيل وهو يرتدي بدلة( كحلية ) وبربطة عنق حمراء ، فيظهر في صورةٍ محلاةٍ بإطار ذهبي وهو يتسلم شهادة الدكتوراه من جامعة غربية ، يمكنني الآن أن أري زوجته وأبناءه ومن أين المناطق ينحدر .
    تجولت في المتحف وزرت كافة الأجنحة ، ولكني لم أجد صورةً للفقيد ، بل صور لحيوان الفيل وهي تملأ المكان ، عدت من جديد لمنظمة المتحف وسألتها وأنا يتملكني الاستغراب أين صورة الفقيد ؟؟
    ردت علي بسخرية : يظهر انطبق عليك المثل السوداني .. عينك في الفيل وتطعن في ظله ..أن الفقيد يا أختي فيل (elephant) وليس رجل كما تعتقدين ، الحكومة طردته من وطنه حديقة حيوان الخرطوم ونقلته إلي منطقة ملوثة في الخرطوم (3) ، وبما أن الفيل حيوان في غاية الحساسية شعر هناك بالضجر والسأم فمات نتيجة لذلك ، وبعد موته جاء رجال البلدية وقاموا بنزع أنيابه الغالية ورموا بجثته في العراء لتنهشها الكلاب ، ونحن طلاب كلية العلوم نقوم بهذا العمل تكريماً للفيل وامتناناً له في عالم أصبحت قواعده الخيانة والغدر والجحود .
    هذه كانت البداية ، فيل يحس ويشعر ولكنه كان لا ينطق ، قبل أن يأتي الدور علي أهل دار السلام وسوبا ، فمات أهلها كما مات هذا الفيل ، ولكن لم يؤبنهم أحد ، فقد انتهي العزاء بنهاية مراسم الدفن .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de