|
لماذا أعلن المشير البشير حربه علي حركة الخلاص من منبر الكنيسة
|
ثلاثة أزمات شغلت العالم ، البرنامج النووي الإيراني ومساعي كوريا الشمالية لإجراء تفجير نووي يساعد في بسط قدراتها الدفاعية ، أما الثالثة فهي أزمة السودان مع المجتمع الدول والمتعلقة بالأوضاع الإنسانية المتردية في دارفور ، صحيح أن ما يجمع هذه الأنظمة الثلاثة هو الروح الشمولية المقترنة ببقائها في جسد هذه الشعوب لمدة طويلة من الزمن ، إلا أن هناك فوارق ، فالإيرانيون ينقلون إلي العالم وجهة نظرهم والتي تُحظى بدعم شعبي ملحوظ ، فما المانع أن يمتلكوا برنامجا نووياً مثل غيرهم ، يستخدمونه كمصدر من مصادر الطاقة ، أما كوريا الشمالية فهي دولة مهددة بحكم قربها الجغرافي من الولايات المتحدة ، إذاً هاتين الدولتين تملكان مبرراً أخلاقياً يجعلهما تقفان في وجه مجلس الأمن ، لأنهما بالأحرى تطالبان بحقها الشرعي في إنتاج بدائل للطاقة ، والعالم لم يوفر لهما ضمانات تجعلهما آمنتين من خطر الاعتداء . أما السودان كدولة ونظام فهو حالة شاذةٌ بين الأمم والشعوب ، الخلاف بين المجتمع الدولي والسودان محله المدنيون في دارفور ، فتصدر القرارات الدولية الواحد تلو الآخر من أجل حماية المدنيين هناك ، فتواجه هذه القرارات بمعارضة شرسة من نظام آيل للسقوط وهو يتخفى في صفوف المدنيين من أجل حماية ثلة من المجرمين ، فإن كان اليهود قد حققوا حلم دولتهم في فلسطين وهم مستفيدين من التنكيل الذي تعرضوا له في أوروبا علي أيادي النازيين ، فالإنقاذ في المقابل تبني نموذجها في الحكم معتمدة علي الإقصاء والاستئصال ، في حربها الضروس ولا فرق بين الأفراد والجماعات ، أو القرى والحضر ، فالكل يقع تحت نيران المدفعية ، وحرب دارفور الحالية أعلنها الرئيس البشير في شهر رمضان ، ومن منبر الكنيسة القبطية ، وربما تكون هذه أول سابقة في التاريخ ، أن يعلن حاكم مسلم الحرب علي مجموعة مسلمة ، خلال شهر رمضان الكريم وفي احتفال للسلام كان من باب أولي أن يجمع بين المسلمين والمسيحيين ، هذا الإفطار الرمضاني الذي أقامه لنا اخوتنا الأقباط تحوّل إلي مناسبة لإعلان الحروب والمضي قدماً نحو مصير الحرب المجهول ، كنت أتوقع أن يعترض البابا شنودة علي هذا الخطاب الحربي ، وهو الرجل الضليع في الحكمة والصبر ، وفي غمرة أيام حرب الجنوب كان يصف الحركة الشعبية : باخوتنا الذين اختلفوا معنا في الرأي ، و في وسائل الإعلام كان يدعو الناس إلي ترسيخ ثقافة السلام ونبذ العنف وإحياء قيم التسامح ، فقد رفضنا في السابق تحويل المساجد إلي منابر لزرع الكراهية وتباديل التكفير ، ومن حقنا أن نرفض تحويل المناسبات العامة التي تجمع السودانيين بمختلف أديانهم إلي منابر تدعو إلي الكراهية أو تحرِّض علي العنف . لكن كما قلت الأزمة السودانية فريدةٌ من نوعها ، ربما يشعر قادة الإنقاذ أن الأمر بسيط ، أو كما قال أحدهم أن عدد القتلى لم يصل إلي خمسة آلاف وتعجب من حدوث كل هذه الضجة !! عليه أن يقول ذلك ، وعليهم أن يقولوا أن عدد الضحايا هو 10% من العدد الذي قدّرته المنظمات ، فقد أصبحنا بالنسبة إليهم مجرد أرقام بيانية ليست ذات معنى ، لا أحد يقول أن قتل نفس واحدة من غير نفس أو فساد في الأرض تُعتبر كقتل الناس جميعاً ، أو أن حرمة نفس المؤمن عند الله اشد من حرمة الكعبة التي يحج إليها الناس ، لا أحد يقول من دخل في بيته وأغلق عليه الباب فهو آمن ، ولكن هناك ألف من يقول ..اقتلوا كل من تجدونه حتى ولو دخل بيته وأغلق عليه الباب ، واستغرب للضجة التي أثرناها كمسلمين حول تصريحات البابا الأخيرة حول زعمه أن الإسلام قد انتشر بحد السيف ، ربما يكون الحبر الأعظم قد وقع تحت تأثير التجربة العثمانية في أوروبا ، فهي تجربة مقيتة وشديدة المرارة ، استلزمت أن نثور ضدها في السودان تحت قيادة الإمام المهدي ، واستلزمت من الشريف حسين أن يثور في وجهها ويعلن الثورة العربية الكبرى من أرض الحجاز ، الأتراك حكموا العالم الإسلامي بالحديد والنار وأرهقوا شعوبه بالضرائب ، لكن هل يصح أن نقول أن الأتراك كانوا يمثلون الإسلام عندما ارتكبوا كل هذه الفظائع ؟؟ لا يصح ذلك لأن ما قاموا به يدخل في باب الطمع والجشع ومصادرة أراضي الغير ، و في ظلمهم للناس لم يفرقوا بين مسلم ومسيحي ، بل أن بعض المسلمين وقع عليهم ظلمٌ أكثر من المسيحيين ، فالغيرة علي الإسلام جعلت البعض منا لا يقبلون اعتذار البابا عندما عزي انتشار الإسلام إلي حد السيف ، لكن أين الغيرة الإسلامية إذا ما نظرنا إلي ما يجري في دارفور فالإنقاذ في نظر البعض دولة إسلامية و تطبق الشريعة الإسلامية ، فيا تري كم من المسلمين وقفوا في وجهها عندما قتلت 500 ألف إنسان وأحرقت ألفي قرية وهجّرت 3.50 من ديارهم ؟؟ فإن كان البابا نال من المسلمين بلسانه فهناك من نال منهم بسيفه وهو مسلم !!!
|
|
|
|
|
|