|
للمغتربين : كيف تتجاوز إمتحان كذبة الضريبة
|
للمغتربين : كيف تجتاز امتحان كذبة الضريبة
يُقال أن الرئيس البشير أدي القسم في حياته ثلاثة مرات ثم حنث به المرة الأولي عند تخرجه من الكلية الحربية ، عندما أقسم علي احترام الدولة والقانون ، وأنه سوف يكون جندياً مطيعاً للأوامر ومخلصٌ للذين هم أعلي منه في الرتبة العسكرية ، ولكنه في ليلة الثلاثين من يونيو أعتدي علي مؤسسات الدولة بعد أن انقلب إليها ، فرقي نفسه إلي رتبة مشير وعمل علي تصفية زملاء المهنة ، فقتل بعضهم وأحال الكثير منهم إلي المعاش ، ثم أدخل إلي القوات المسلحة (فيروس ) السياسة ، فأصبحت هذه المؤسسة العريقة وكر يضم مليشيات الجبهة الإسلامية القومية . الانقلاب الثاني للرئيس البشير علي ( القسم ) لاح في الأفق بعد خلافه مع الترابي ، وكما يقول المثل من المستحيل أن يكون هناك شرف بين اللصوص وقطاع الطرق ، ومن يئد الحرية ويسرق الديمقراطية لا يختلف كثيراً عن اللص الذي يسرق متاع الناس ساحة نومهم وراحتهم ، ولكن من الواضح أن هناك اتفاقاُ تم إبرامه بين الشيخ الترابي والرئيس البشير ، بموجبه يتم تقاسم السلطة والثروة في السودان بشكل خاص وبعيد عن أعين الشعب السوداني ، إذا أختلف اللصان أنكشف المسروق ، وقد ذكر الترابي في أكثر من مرة أن الرئيس البشير خرق المواثيق والعهود والقسم ، مما أغضب الرئيس البشير وجعله يحلف بالله ثلاثاً بأنه قادر علي دق عنق الترابي أمام الأشهاد ، وأن الله لن يحاسبه علي هذا العمل . لذلك صار أداء القسم في السودان أمراً روتينياً لا تسنده قناعة أخلاقية ، فالشرطي يقسم أمام النائب العام بأنه سوف يُؤدي واجبه علي الوجه الأكمل ، ولكنه يسارع إلي أخذ الرشوة في الطرقات ، وكذلك المهندس الذي يغش في مواد البناء ، والمتقدم لمنح الأراضي السكنية والتي من شروطها أداء القسم ، وعدد أفراد الأسرة في أيام المرحومة ( البطاقة التموينية ) ، لقد دخل أداء القسم الحياة السودانية من أوسع أبوابها بعد مجيء الإنقاذ ، , مع العلم أن الإنقاذ وعدت بصياغة الإنسان السوداني من جديد ، وجعله ملبياً لطموحات المشروع الحضاري ، فمن المفترض أن يتوفر الصدق بين الناس ويصبح فضيلة نتسابق عليها في الميادين العامة ، رغماً عن كل ذلك لا تثق الإنقاذ في هذا الإنسان الذي صنعته بماكينتها الأخلاقية ، ولذلك تجدنا مضطرين عند مغادرتنا للبلاد أن نحلف بالله أننا لا نتغاضى أجراً في الخارج . وإن ذهابنا لتلك البلاد هو بغرض التنزه ونقل الأخبار ، أما إذا غنمنا شيئاً من المال فالإنقاذ نصيبٌ منه ، ضرائب وزكاة وخدمات وضريبة سلام ودمغة جريح وفضائية ، وغيرها من سنن الجباية التي ورثناها من دولة التركية السابقة . والقسم من أجل دفع الضريبة هو أحد المحن العظيمة التي أُبتلي بها من يغادرون هذه البلاد ، فمعظم السودانيين الذين يعملون في الخارج ربما يكونوا قد خضعوا لامتحان كذبة الضريبة ، وعادةُ ما تطالع إحدى موظفات الكاونتر الشخص صاحب الجواز وترمقه بعين ذكية لتعرف من خلقته هل هو مرتاح وسعيد أم لا ؟؟ والويل له إن كان يحمل جوال من الجيل الثالث ، وتلاحظ بعدساتها أيضاً نوع الساعة وقماش العمامة ، عندها تشعر الموظفة بالغيظ والهلع عندما تقارن مبلغ الضريبة بهيئة هذا الشخص الذي تفوح منه رائحة المال، وتسأله بريبة ..كم يبلغ دخلك الشهري ؟؟؟ يسقط الجوال علي الأرض من يد صاحبنا ، ويتلعثم وهو يحاول الإجابة علي السؤال المباغت ، فيعترف لها بمبلغ صغير يتقاضاه من عمله كسائق شاحنة ولكنها تصدمه بسؤال آخر ...تحلف علي المصحف ..لا يدري صاحبنا كيف يتصرف أو بماذا يجيب ، فقد أُخذ علي حين غرة ، ويرفض أداء القسم ، فيتم تحويله إلي قسم التحقيق ، وهو مكتب كبير يقع في أول مبني المغتربين ، وهناك يجلس بعض الملتحين والذين عندما يتم تحويلك إليهم تجدهم يؤدون صلاةً طويلة ، وهم خليط من الجنسين رجال ونساء ، ولكن النساء فيهم أخطر من الرجال في ملاحقة المتهربين من الضريبة ، يرمقون الشخص بنظرة فاحصة ، يستطيعون من خلالها معرفة ما في جيبه الآن من دولارات وريالات ، يُحاول صاحبنا أن يكون صادقاُ معهم فيفشي لهم بالمبلغ الحقيقي الذي يتقاضاه مع سرد بعض الأعذار من بينها غلاء المعيشة في الداخل والخارج ومصاريف الدراسة التي يدفعها لأبنائه في كل عام ، وغير كل ذلك أن أبنته الصغرى خضعت لعملية جراحية مكلفة ، ولكن كأنه يؤذن في مالطا ، جباة الضريبة لا يكترثون لمثل هذا النوع من الأعذار ..فخاطبته المحققة : كل ما في وسعي هو تأجيل الضريبة المستحقة عليك لمدة عام أما قصتك هذه فقد سمعتها آلاف المرات !!! لم يملك صاحبنا سوي التوجه إلي اقرب مركز اتصال ، فيكلم بعض أصدقائه في الخارج ليحولوا له مبلغ الضريبة ..
فإن كان رئيس الجمهورية يؤدي القسم أمام الجميع ثم يحنث به ، مع أن سعيه كان من أجل الوصول إلي السلطة والتي تعتبر مترفة في نظر الفقهاء ، فلماذا يكون الشعب السوداني صادقٌ معه في أداء الضريبة ، فقد أجاز الله أكل الميتة في حالة عدم وجود الطعام ، فما المانع أن نعتبر السير فوق القسم من الضرورات التي تبيح المحظورات ، وخاصة إذا علمنا أن مسألة دفع الضريبة تخضع لخيار وفقوس ، فهناك أناس يتسللون من دفع الضريبة والقسم في آن واحد ، لأن لهم معارف في هذا الجهاز ، وهناك سؤال آخر ..أين تذهب أموال الضرائب ؟؟ فهل يا تري نجدها في الصحة ورصف الطرق والعلاج ؟؟ فإن كانت الإجابة بلا ..فلماذا ندفع أموالنا لجهة غير معلومة ؟؟ وهناك من يقول أن هذه الأموال تُدفع كرواتب لموظفي الجباية ..يعني (( زيتكم في بيتكم )) ، والفائض منها يذهب للصرف علي الاحتفالات التي تقيمها الإنقاذ مثل الخرطوم عاصمة للثقافة العربية ، وهذا أفضل بكثير من أن تذهب هذه الأموال لشحن مدفع الحرب الذي يصوب فوهته نحو المدنيين في دارفور ، مما يعني أن الله سوف يُحاسبنا علي هذا المال الذي ننفقه من غير إرادتنا علي نظام الإنقاذ الفاسد ، والله سوف يسألنا يوم القيامة من أين جنيناه وكيف أنفقناه ، والذين يعذبهم الله بالكي في وجوههم وجباههم هم الذين اكتنزوا الأموال ولم يصرفوها في سبيله ، وهؤلاء بالتأكيد ليسوا معشر المغتربين والذين اصبحوا أفقر خلق الله في الأرض . وطالما هناك عقوبة علي صرف المال في السفه فما المانع أن نحلف بالله أن نحلف بالله ( متقين ) حتى نتجاوز محنة الضريبة ونصرفه علي احتياجاتنا الخاصة مثل الغذاء والعلاج ، وهناك أكثر من وجه شرعي يصوغ هذا العمل بحكم أننا في حاجةٍ لهذا المال أكثر من الدولة ، وأن الزكاة أو الضريبة يجب أن تُدفع من المال الفائض ، وفي الدولة الإسلامية يجب أن لا تجتمع الضريبة والزكاة في إناء واحد ، مع علمنا التام أن الدولة السودانية أصبحت الآن غنية بعد تدفق البترول وغلاء أثمانه في البورصات العالمية ، ولكن الإنقاذ مصرة علي جعل إيماننا عرضةً في الأسواق ومحلٌ للاختبار والتمحيص . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|