|
قصة ياسر عرمان مع الحركة الشعبية
|
الحركة الشعبية لتحرير السودان من غير ياسر عرمان
تابعت في الأيام الماضية ما يتعرض له الرفيق والقائد ياسر عرمان من هجوم وتآمر ، هالتني كثرة القيل والقال والهمز واللمز ، وأقاويل يروّجها إعلام الإنقاذ كلها تصب في خانة الإساءة لهذا البطل العظيم ، هم يعلمون الدور الحساس الذي لعبه الأخ ياسر عرمان في تاريخ صناعة الحركة الشعبية ، هم يعلمون أيضاً ، أن الأخ ياسر عرمان أشتهر بالوضوح وعدم المواربة ، وعندما أعلن إنضمامه للحركة الشعبية لم يفعل ذلك في الخفاء ، أو أنتظر لعدة سنوات في الخرطوم حتى تأتيه الحركة الشعبية وهي مكللة بزهور النصر ليقول : أنا كنت معكم بقلبي ومشاعري !! الأخ ياسر عرمان كما يقول عنه تاريخه الذي يعرفه المقربين إليه ، أعلن إنضمامه للحركة الشعبية أمام الشهود والأعيان بعد أن قدّم طلبه بالإستقالة عن الجبهة الديمقراطية للطلاب ، وقتها راجت الكثير من الأقاويل ، هناك من أدعي أن الأخ ياسر قد توّرط في جريمة قتل ، وهروباً من تنفيذ الحكم لجأ إلي الحركة الشعبية بحثاً عن الحمي والحماية ، وما أعرفه عن الأخ ياسر أنه لم يكن مطلوب في أي قضية جنائية ساعة إنضمامه للحركة الشعبية ، والذين روّجوا لهذه الأكذوبة نسوا أن يكتبوا لنا إسم الشهيد الذي أغتاله الأخ/ياسر عرمان وأين تم ذلك وكيف ومتى ؟؟ الأخ ياسر عرمان محسود على مبادئه ومحسود علي مواقفه منذ أبد بعيد ، ونظر خصومه إلي صفحته البيضاء فوجدوها خالية من عيوب الساسة فساءهم ذلك ، لذلك عمدوا إلي تشويه صورته بهذا الشكل الرخيص ، من يهرب من عقوبة الموت فلن يختار الحياة في أحراش الجنوب والتي نسبة أن تعيش فيها أقل من الصفر ، وقد قاتل في صفوف الحركة الشعبية ، في وقتٍ كرست فيه الإنقاذ كل موارد السودان لإستئصالها من الوجود ، لن يتخلي الأخ ياسر عرمان عن الحركة الشعبية في وقت السلم وهو الذي قاتل في صفوفها في أيام الخريف والشتاء ، وقد أكبرت في ياسر عرمان قراره عندما زهد في صينية المناصب ، فهو لم يحارب من أجل الجاه أو المنصب ، هذا هو ياسر عرمان عرمان الذين نعرفه ، عاش وهو نصير للمهمشين ، وحارب من أجل السودان الواحد الموحد ، رجل لا يسيل لعابه من أجل المناصب ، وقد رأينا كيف يبدل أقوام جلودهم بين يوم وليلة من أجل منصب صغير ، هناك من تنكر للسيد الكبير وباعه بثمن بخس وكان فيه من الزاهدين ، طينة الأخ ياسر عرمان ليست من هؤلاء ، إنه رجل حارب لغيره ويحمل بين أضلاعه هماً قومياً أصبح عملة نادرة في هذه الأيام . في عام 92 كنت أسير بشارع الموردة ، وصادف أن وجدت الشارع مغلقاً لأن المتخندقين داخل المجلس الوطني قرروا الخروج إلي الشارع لمخاطبة مسيرة مليونية ، تذكرت مقولة لصديقي مدوت دينق عندما سألته مرةً : لماذا يصف أهل الإنقاذ المسيرة بأنها مسيرة مليونية؟؟ أو أن يقولوا في منحى آخر ندوة كبري؟؟ قال لي ساخراً : هؤلاء عندهم مشكلة في (Figures & calculation) ، المهم ، خرج علي الجموع كل من محمد الأمين خليفة وكان وقتها يشغل منصب رئيس المجلس الوطني فقال لهم : إن أرادوا السلام فأهلاً به وإن رفضوه فرضنا السلام ، تجاوبت الجموع المنفعلة مع خطاب الأمين خليفة بالتكبير والتهليل ، ما عدا السيد عبد الباسط سبدرات ، فهو الوحيد الذي خرج من طوره وهتف بملء الفم : الليلة مبيت في توريت عرفت عندئذً سبب هذه الضجة ، مدينة توريت قد سقطت في يد مليشيات الجبهة الإسلامية ، شعرت بالحزن والأسي لأننا فقدنا آخر أمل نعتمد عليه للخلاص من الإنقاذ ، حزن لم يعدله إلا حزني علي رحيل الشهيد قرنق ، تحدثت صحافة الإنقاذ عن نجاعة الحل العسكري ، وكتبت الأقلام عن عدم جدوي التفاوض مع الحركة الشعبية في أبوجا ، متمثلين بقول المتنبيء : من وجد البحر استقل السواقيا بالفعل ، ما هي ضرورة أن تتفاوض الإنقاذ مع الحركة الشعبية إن كان هناك يُسر في تحقيق الإنتصارات عليها في الميدان ؟؟ بعد عام من هذه الواقعة ، تابعت تداعيات زيارة الدكتور الترابي للولايات المتحدة ، هناك أفضي الدكتور الترابي بسر خطير لم يكن من المطلوب أن يبوح به ، أعترف الدكتور الترابي أن الجيش السوداني تمكن من تحرير توريت بعد أن تسلل داخل الأراضي الأثيوبية فقام بضرب الحركة الشعبية من الخلف ، والعهدة علي لسان الدكتور الترابي ، إن هذا التنسيق قد أُعد مسبقاً بين الجيش السوداني وفصائل التيغراي ، وهو أن يتعاون الطرفان وفق ما تتطلبه المصلحة الظرفية ، فتقوم الحكومة السودانية بمساعدة هذه الفصائل عسكرياً ولوجستياً من أجل إسقاط مانقستو ، على أن تسمح هذه الفصائل بعد وصولها للحكم للجيش السوداني بغزو الحركة الشعبية في معاقلها من قبل الجنوب ، رفضت الحكومة الأثيوبية تصريحات الدكتور الترابي بشدة ونفت أن يكون الأمر قد تم علي هذا النحو ، وفي نفس الوقت نفي الرئيس البشير تصريحات الدكتور الترابي بشدة وأعتبر ما قاله لا يخرج عن حدود الرأي والرأي الآخر وأن للجيش متحدثٌ ينوب عنه في تلاوة البيانات العسكرية ، وأظنه في ذلك الوقت كان اللواء عبد الله عويضة . هذه الحادثة وإن بدت بسيطة إلا أنها كانت شرارة البداية لحريق النزاع بين القصر والمنشية ، أو كما يحلو للبعض أن يسميها بداية النزاع بين عسكر الجبهة ومدنييها الذين لم يعملوا بالمثل الصيني : إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب .لكن هذه الحادثة دلّت أن مدينة توريت لم تسقط في يد جيش الجبهة الإسلامية إلا بعد أن عقدت الإنقاذ صفقة مع حليف خارج الحدود وهو جبهة التيغراي ، لكن هل أستمر الوضع علي هذا الشكل ؟؟ وكيف خرجت الحركة الشعبية من هذا الحصار المباغت ؟؟ وكيف نجحت عبقرية الراحل قرنق في إستعادة ذمام المبادرة من جديد كما تجلى ذلك في أيام غرٍ طوال بدأت بتحرير الكرمك وقيسان في عام 97 وإستعادة كبويتا وتوريت في عام 2001م ؟؟ سارة عيسي
|
|
|
|
|
|