|
شرف السودانيات في سلة ( البنغالة )
|
من المفترض أن نسمي عام 2006 عام الإغتصاب الجماعي في السودان ، ليس لأن هذه الظاهرة أصبحت عادية وتحوّلت إلي جزء أصيل من عاداتنا الإجتماعية بل لأن هذه الحمي الخبيثة تفشت في كافة أرجاء السودان ، فهي السلاح الوحيد القادر علي تحطيم معنويات الخصم ، وجعله يعيش في ظلمات فوقها ظلمات إلي أبد الآبدين ، فرح الناس باستقلال السودان ، ولا شيء في الوجود يوازي فرحتنا برؤية علم السودان وهو يرفرف فوق سرايا غردون ، لكن هذ الفرحة تلاشت وذهبت بعيداً من قلوبنا ، لأن المستعمر علي الرغم من كراهيتنا له لم تُسجل عليه حالة إغتصاب واحدة ، مع كونه مستعمر إلا أنه وضع حول نفسه بعض الخطوط الحمراء ، وحواجز أسمنتية سميكة قفزت عليها الإنقاذ لاحقاً متجاوزة حدود الضمير والقوانين ، المفارقة المهمة ونحن نغوص في نفاصيل هذه القضية ، وهي لماذا لم يختار الإغتصاب أرضاً سوي دارفور والجنوب ؟؟ ولماذا الفاعل دائماً هو طرف مسلم ؟؟ إذا أخذنا في الإعتبار أن حكومة الإنقاذ لا تُعتبر مسلمة وكفي بل هي أيضاً صاحبة مشروع رسالي ربط أهل الأرض بأهل السماء ، أيضاً في الجنوب أستغلت القوات البنغالية المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية الوضع ، وتوّرط جنودها وهم من دولة إسلامية في قضايا إغتصاب ضد القصر ، وتسجيل اللوم هنا لا يقع علي الأمم المتحدة والتي تستهجن هذا النوع من العمل الخسيس ، ولكن اللوم موجه في الغالب إلي من يسيئون وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً ، و إلي من يدين بالدين الإسلامي ويخالف أبسط قواعده . ما حدث في الجنوب لا يدخل في باب السياسة الممنهجة أو الخطة المدروسة للإغتصاب (systemic Pattern) ، هي جريمة المحرك الأساسي فيها الغريزة والشهوة وخالية من أي بعد سياسي ، هي جريمة لا تُقارن بما جري في دارفور ، لأن الفاعل فيها طرف أجنبي والمتضرر الثاني فتيات قاصرات ربما جعلتهن ظروف الحرب يعانين الأمرين ، والطرف الفاعل كان عليه أن يتمثل بالقيم الإسلامية قبل أن يتقيد بقوانين الأمم المتحدة ، وكان عليه أن يعرف أنه جاء علي رأس مهمة نبيلة وهي حراسة سلام صعب المخاض ، جاء بعد تضحيات عظيمة وخسائر فادحة . لكن الأمر الذي شد إنتباهي وجذبني إليكتباة هذا المقال هو موقف الإنقاذ من هذه الجريمة ، سُرعان ما خرجت الحشود من جحورها وهي تُندد وتردد علي المسامع الخطب البلاغية ، وسمعنا عقيرتهم ترتفع بالبكاء وتشجب وتدين ، هذه المرة ليس بكاءً علي صدام حسين أو حزناً علي أفول نجم المحاكم الإسلامية في الصومال بل بكاءً علي عرض الفتيات الجنوبيات الذي أُنتهك ، وسبب الخروج ليس كما اشاروا – رفضاً لحدث الإغتصاب أو التغرير كما زعموا – فالخروج كان ضد الأمم المتحدة من حيث المبدأ ، ولا يعلم هؤلاء الغوغاء أن مصدر الخبر هو صحيفة بريطانية أقل ما يُقال في حقها أنها صحيفة غربية وصهيونية لا تُؤتمن الأخبار التي تنشرها ، وجمهور الإنقاذ يتشكك في كل ما تنشره وسائل الإعلام الغربية ، فهو يراها متحيزة وصاحبة غرض ، لكننا نراه الآن يخرج ثائراً ويقلب الدنيا رأساً علي عقب ، فالإنقاذ لا يهمها عرض الفتيات الجنوبيات ، فقد قالها كتابها قبل أن يحين عهدهم ، في مقال صحفي طلبوا فيه من الصادق المهدي في إبان ترؤسه للوزارة : نريد منك جيشاً يحمي أعراض نساء المسيرية !!! إذاً لا مكان لأعراض نساء دارفور وهن مسلمات في حرم الإنقاذ ، كما أنه في المقابل ، لا تهتم الإنقاذ بما يجري لنساء الجنوب من إغتصاب أو سبي ، وطوال خمسة عشر عاماً لم تًقدم الإنقاذ للجنوب سوي الحروب والكوارث ، وهي الآن تُندد بفيديو إعدام صدام حسين ولكنها في يوم ما كانت تبث حلقات طوال متلفزة عن قيام مجاميعها بإعدام الحياة كاملة في جنوب السودان ، في برنامج ( ساحات الفداء ) شاهدنا آلاف حالات الإعدام بدم بارد ، إن الإنقاذ آخر من يدين جرائم الإغتصاب ، وإن كان لا بد من محاسبة ومساءلة فلنبدأ بمحاسبة رموزها في البداية ، وهؤلاء ( البنغالة ) لم يلغوا في أعراضنا إلا بعد أن رأوؤا الإنقاذ تفعل نفس الشيء في دارفور. سارة عيسي
|
|
|
|
|
|