|
حماس والإنقاذ : ما أشبه الليلة بالبارحة
|
حماس والإنقاذ : ما أشبه الليلة بالبارحة
لعلنا نذكر في العام الماضي عندما فازت حركة حماس في الإنتخابات الفلسطينية ، لم يخب ظني بأنها سوف تكون الإنتخابات الأخيرة في هذا الوطن المنكوب ، لم أكن متفائلة بهذا الفوز ، حتى وإن بدأ ناعماً كجلد الثعبان ، حتى ولو زكاها الإتحاد الأوربي وختم عليها بالختم الأحمر وقال أنه لا تدانيها تجربة في الصحة والدقة ، حتى ولو أشرف عليها جيمي كارتر وهو خريج مدرسة تربت على احترام حقوق الإنسان وتطوير الديمقراطية ، فتجربة السودان مع الجبهة الإسلامية تعطيك المختصر المفيد ، يكفي أنهم في السودان قسموا البلاد إلي دويلات ، ولا أظن أن القوات الدولية كانت بنفس حضورها الفاعل الآن قبل ليلة الثلاثين من يونيو عام 89 ، ربما يقول بعض القائلون ، ومن حقهم أن يقولوا طبعاً ، لماذا تنظرين إلي تجارب الإسلاميين الفاشلة في السودان والجزائر والعراق وأفغانستان والصومال ؟؟ يكفي فقط أن تنظري إلي الإنجازات التي حققها حزب العدالة والتنمية في تركيا ؟؟ ، نعم لقد حقق هذا الحزب نمواً إقتصاديا ً ملحوظاً ، وقد وفر فرص العمل ، وعمل على تماسك البلاد ، وسعى حثيثاً إلي تحقيق حلم الأتراك وهو الإنضمام إلي الإتحاد الأوربي ، كما أنه لم يصطدم بالنخبة العلمانية الممثلة في الجيش والحياة العامة ، ومن إنجازاته ايضاً ، تحسن نمو حقوق الإنسان ، بالذات نحو الأكراد ، إذاً هذا لا يدع مجالاً للشك بأن نقول بأن حزب العدالة والتنمية هو صورة مُستنسخة من حماس في فلسطين ، أو من الجبهة الإسلامية في السودان ، فلا شبه يربط التجربتين ، ولا حظ للمقارنة ، مع يقيني التام أن التحدي الذي يواجه حركة " حماس " أصعب بكثير من الذي يواجه حزب رجب طيب أرودغان في تركيا ، فحركة حماس تعيش بين طيات الإحتلال الإسرائيلي ، لكن هذا التحدي لم يمنعها من تسلق الاسوار وتنفيذ إنقلابها المشئوم ، على الرغم أن مساحة القطاع لا تؤهله لأن يكون دولة ، لكن حماس كونت فيه دولة وجيش وشرطة وإستخبارات ، فطوله أربعين ميلاً ، وعرضه لا يتجاوز العشرة أميال ، و يعج بمليون ونصف نسمة من السكان ، يقتاتون ، بعد إنقلاب حماس ، على معين المنظمات الأجنبية بشكل كامل ، هذه الدواعي لم تردع حماس من تنفيذ إنقلابها وتكوين كيانها الخاص وهي تستلهم النموذج الأفغاني . ولبس رجالها الثياب السوداء مثل جيش المهدي في العراق ، ليس من أجل تحرير الأرض كما هو مفترض ، بل لرصد الحشود والتجمعات المناوئة ، لمراقبة المصلين والذين تركوا لهم المساجد ، فراراً من لغة الشتم واللعن ، وهاموا في العراء من أجل تأدية شعيرة أفسدتها السياسة ، يقول سامي ابو زهري ، أحدة قادة الإنقلاب ، ليس لدينا مانع أن يؤدي الناس صلواتهم ..لكننا نمنع السياسة والتجمهرات !!! حتى إسرائيل ليس لديها مانع أن يؤدوا الناس صلواتهم بأدب وحشمة ..لكنها لا ترضى التجمهر والسياسة والفوضى !!! في العام الماضي وفد إلينا خالد مشعل وهو في هودج صلاح الدين ، يبحث عن النصرة والمؤازرة ، يريد الدعم للحكومة المحاصرة ، كان في إستقباله حكيم الإنقاذ الدكتور غازي صلاح الدين العتباني ، ومن سيدات المؤتمر الوطني الدكتورة سعاد الفاتح ، في ليلة الإحتفاء بالزائر الكريم الذي يحمل سلة النصر ، ملكت المشاعر الدفاقة أحد الحاضرين ، فمضى يقبل يد خالد مشعل ، ليس هذا هو بيت القصيد ، لقد رأيت بعض الناس قبل ذلك يقبلون يد الدكتور حسن عبد الله الترابي ، واليوم يشتمونه و يدعون إليه ثبورا . فالمشهد الهزلي بدأ عندما عرض السيد/خالد مشعل على محبيه من حزب المؤتمر الوطني ، وطلابهم ، مشروعاً سقفه الزمني عشرة أعوام ، وقال : أبشروا كثيراً ،كان أول من أعترض على السقف الزمني للمشروع الدكتوره سعاد الفاتح ، فقد أستطالت المدة ، ونزل السيد خالد مشعل على طوعها ، ووعد بتنفيذ المشروع في مدة لا تزيد عن خمس سنوات ، لكن الأيام كانت تخبئ لحركة حماس أكثر مما أعدته من خطط وبرامج ، هي الآن تفرض الإتاوات على المتظاهرين ، 250 دولاراً على متظاهر قابلة للرد بعد ستة أشهر في حالة تحسن السلوك ، ذلك عند المظاهرة الأولى ، وخمسمائة دولار غرامة ، وقابلة للزيادة ، إذا شاركت في المظاهرة الثانية ، لا أعرف كيف يقضي قادة حماس وقتهم وهم يستمتعون بالأموال التي يجمعونها من المتظاهرين ،وهي لا تصرف هذه الأموال على الإنتفاضة ، بل تصرفها على المليشيات التي تجوب الشوارع وهي تحصي أنفاس الناس ، وقد لاحظت أن حماس بعد الإنقلاب ، خففت من عملياتها ضد إسرائيل ، وهم معذورين ، لأنهم وجدوا عدواً داخل التراب الفلسطيني ، يكفيهم شر الترحال ومنازلة المحتل الغريم ، هذا هو المشروع الذي بشرنا به خالد مشعل ، نفذه في أقل من عام فماتت القضية الفلسطينية في المهد ، والشعب الفلسطيني لن يجد حتى شبحاً لابوعمار من أجل عودة الوشائج الممزقة ،فيا ليت رجال الإنقاذ يرضون بذلك . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|