|
حزب المؤتمر الوطني : لا أرضاً قطع ..ولا ظهراً أبقى
|
حزب المؤتمر الوطني : لا أرضاً قطع ..ولا ظهراً أبقى
أحد المستبصرين من رجال الإنقاذ ، في بداية عنفوانها وثورتها ، تنبأ بأن الإنقاذ سوف تبقى في الحكم لمدة أربعين عاماً ، فمن المفترض أن تذهب الإنقاذ في عام 2029 م كما اشارت تلك التوقعات ، لعلي نسيت إسم هذا الشيخ القارئ للغيب لكنني أظنه الآن مع مجموعة الدكتور الترابي يقاسي الأمرين ، فالنسبة له الإنقاذ قد سقطت بعد خروج الشيخ ، أي بعد عشرة سنوات من تاريخ النبوءة ، وقد دعم أصحاب هذه النبوءة وجهة نظرهم بمقارنة تاريخية هامة وهي إن كان النميري قد حكم السودان من غير حزب عقائدي لمدة ستة عشر عاماً ، فما المانع أن يحكم الإسلاميون لمدة أربعين عاماً وهم يملكون الحزب العقائدي والخبرة والثروة ؟؟ هذه النظرية يعارضها رأي آخر وهو أن النميري قد حافظ على قومية الخدمة المدنية ، وربما يكون لهذا السبب بقى لمدةٍ أطول في السلطة ، كما أنه حافظ على الوحدة الوطنية ولم يقسم البلاد جنوباً وشرقاً وغرباً ، وبما أنه لم يكن مقيداً بسياسة حزبية فإنه تغاضى عن الكثير من الأشياء التي فعلتها الاشياء الجبهة الغسلامية ، من بينها عدم تسييس الجيش والخدمة المدنية ، كما أنه لم يكن في حالة صدام مع الدول الغربية ، فهناك من يقول أن الأحزاب التي تصالح معها النميري تسببت في سقوطه ، ولولاها لبقى في الحكم من غير أن ينازعه عليه أحد . فحرب الجنوب الثانية قامت لأن النميري طبق المشروع السياسي للأخوان المسلمين ، هذا العامل ولحق به التراجع عن اتفاقية أديس اببا هما اللذان دفعا الحرب إلي الأمام . وتجربة الأحزاب الشمولية في حكم العالم العربي والأفريقي عادةً ما تنتهي بكارثة ، فعلينا أن نستوحي تجربة الكونغو زائير والصومال والعراق ، عندما سقط الحزب تفككت الدولة ، فملأت فراغ الدولة القبائل والعشائر ، و أخشى أن تكون نهايتنا في السودان على هذا النحو ، فحزب المؤتمر الوطني لا يقر إلا بوجوده في السلطة ، ورفض أي صيغة لحكم السودان تضعه في رف التاريخ ، إذاً لم تعد عندنا دولة بالمعنى المفهوم بين الشعوب ، ومصير الحزب الحاكم كما قال الحكماء أصبح مربوطاً بمصير الشعب السوداني ، فلا أمل في عودة الحريات طالما هناك رجال ينحني لهم التاريخ مثل على محمود حسنين في غياهب السجون فالإنقاذ لا يترك رجالها الأحقاد والثأرات والسودان في أحلك لياليه التاريخية ، وتجميد الحركة الشعبية لمشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية أصابت النظام في مقتل ، وحار المنظرون في كيفية الخروج من هذه المعضلة ، ولم تفلح المناشدات أو التوسلات في جلب قادة الحركة الشعبية إلي القصر ، ومؤتمرات قاعة الصداقة جعلت الحركة الشعبية تتصلب وتضع المزيد من الشروط مقابل العودة ، والوقت يمر بسرعة البرق ، وأيام قلائل و سوف يدهم الوقت حزب المؤتمر الوطني ، فلا يدري هل سيسير إلي سرت وهو مهيض الجناح ؟؟ أم سيبقى في الخرطوم من أجل حل هذه الأزمة الناشئة ؟؟ أتضح بأن ما تطالب به الحركة الشعبية ليس التعديل الوزاري كما أعتقد منظرو الإنقاذ ، ففي السودان من السهل جداً أن تصبح وزيراً ، وليس كل الاشخاص الذين يشغلون مناصب في حكومة الإنقاذ كانوا يملكون وزناً في الشارع ، أو لهم قواعد حزبية رشحتهم لهذه المناصب ، كمثال فلنأخذ حزب مجموعة الهندي أو حزب المناصب كما يسمونه في مجالس الخرطوم ، فعدد أعضائه لا يزيدون عن ألف شخص ، و95% من هؤلاء الأعضاء يشغلون مناصب في الدولة على مختلف المراحل ، لكن إذا نظرنا إلي تمثيله في الحكومة ، لن أطلق سراً إذا قلت أن حصتهم أفضل من الحركة الشعبية ، لأن الحركة الشعبية نالت حصتها في هذه الحكومة بعد أن قدمت الشهداء والدماء ، أما هؤلاء فقد أتوا من فنادق لندن والقاهرة كما كان يقول إعلام الإنقاذ فوجدوها جاهزة على طبق من ذهب . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|