|
حرب السفارات بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني
|
حرب السفارات بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني
قبل أن توقع الحركة الشعبية علي اتفاق سلام نيفاشا مع حكومة الإنقاذ كنت أعلم أن الحركة الشعبية تتمتع بعلاقات دبلوماسية ممتازة مع مصر والجزائر وتونس ، بسبب هذه العلاقات القوية أتهمت حكومة الإنقاذ في يومٍ المملكة العربية السعودية بتقديم الدعم العسكري للحركة الشعبية ، وعرض برنامج ( ساحات الفداء ) أدلة قوية تؤكد هذه المزاعم ، ورأينا بعض ضباط الجبهة الإسلامية في الجيش السوداني وهم يعرضون صناديق ذخيرة عليها ديباجة المملكة العربية السعودية والمكونة من سيفين ونخلة ، وقد مضت الإنقاذ بعيداً وهي محبوكة بحبل الهواجس فأتهمت أيضاً دولة الإمارات العربية بدعم الحركة الشعبية ، فكان المقدم يونس محمود يردد هذه الأكذوبة صباحاً ومساءً ويكيل الإتهامات لكل دولة وقفت محايدة في تلك الحرب ، بشهادة الإنقاذ أن الرفيق جون قرنق كان يحظي بمعاملة خاصة من رفيق دربه الرئيس اليوغندي يوري موسفيني ، ليس هذا فحسب ، الحركة الشعبية تملك ثقل دبلوماسي كبير في زمبابوي ونيجيريا وجنوب أفريقيا وأثيوبيا وأرتريا وكينيا في وقت كانت فيه حكومة الإنقاذ تعاني من عزلة دولية تامة السبب فيها تعهد الإنقاذ بتصدير الثورة إلي دول الجوار ، بالتأكيد لن أتطرق إلي الدعم المعنوي والسياسي الذي لقته الحركة الشعبية في دول الغرب وبالتحديد في الولايات المتحدة وبريطانيا ،و إن قسنا المصالح التي جناها الطرفان الموقعان من اتفاق نيفاشا لقلنا بدون أي تردد أن الإنقاذ كسبت معركتها الدبلوماسية علي ظهر الحركة الشعبية . إذاً حديث السيد/الدرديري مردود عليه عندما يتهم الحركة الشعبية بأنها أصبحت تملك أكثر من 18 سفارة في الخارج ممثلة فقط لحكومة الجنوب ، الحركة الشعبية قبل توقيعها علي اتفاقية نيفاشا كانت تملك تمثيلاً دبلوماسياً أكبر من الذي رصدته حكومة الإنقاذ ، هذا القبول الواسع للحركة الشعبية في الخارج والذي أثار عليها حنق الإنقاذ لم تنله الحركة في غضون يوم أو يومين ، أو علاقة عابرة تمت في الخفاء وفقاً لمرئيات المصلحة المتبادلة ، بل علاقات الحركة الشعبية مع المجتمع الدولي هي إرث طويل خلفه الراحل قرنق ، وأكاد أجزم بأن علاقة الحركة الشعبية قد أهتزت مع المجتمع الدولي بعد تكوين ما يُسمي بحكومة الوحدة الوطنية ، فالوهن الذي أصاب الإنقاذ في تعاملها مع العالم أنعكس سلبياً علي الحركة الشعبية ، فمغامرات المؤتمر الوطني مع الأمم المتحدة سدد فاتورتها الطرفان ، وطرد المبعوث الإنساني يان برونك بقرار حزبي من المؤتمر الوطني ومن دون الرجوع إلي قواعد الشريكين يُعطي الحركة الشعبية مبرراً أن لا تبني تصورها في العلاقات الدبلوماسية مع الدول والحكومات وفقاً لمنظار حزب المؤتمر الوطني ، أصلاً أن حزب المؤتمر الوطني قد خرج للتو من عزلته الدبلوماسية ولا يمكن أن تعود الحركة الشعبية إلي نفس القمقم الكئيب ، الإنقاذ تعد عدتها لمحاربة أمريكا وبريطانيا في أرض دارفور ، لكن هذين البلدين بالنسبة للحركة الشعبية هما حليفين وشريكين في عملية السلام التي أوقفت سيل الدماء المسكوبة في أرض الجنوب ، ليس لحزب المؤتمر الوطني ما يخسره إذا قرر محاربة المجتمع الدولي ، فهو قبل هذا العهد أعتاد علي حياة الظلام والعزلة ، أما الحركة الشعبية فسوف تخسر الكثير إذا قررت مجاراة حزب المؤتمر الوطني في خبط عشوائه ، أهل الجنوب في حاجةٍ إلي المساعدات الإنسانية ويهمنا في المقام الأول أن تكون الأمم المتحدة حاضرة في الجنوب ،فالجنوب كان مسرحاً للحرب ولذلك ألم الخطب بالإنسان والحيوان والبيئة علي حد سواء فليس من المعقول أن تربط الحركة الشعبية علاقاتها كما يريد حزب المؤتمر الوطني !!! لكن أليس من حقنا أن نتساءل عن معنى مصطلح سفارات السودان في الخارج ، أجمع كل الذين عايشوا العمل الدبلوماسي طوال حقب حكومات السودان المتعاقبة أن هذه السفارات المتوزعة علي دول العالم ليست إلا بؤر إجتماعية يسيطر عليها طيف إثني واحد جاء علي قطار المحسوبية السريع ، في سفارة واحدة يُمكن أن تجد الزوج والزوجة والإبن وعريس الإبنة المرتقب ، وهناك سفارات تحولت إلي ( جمعيات ) أسرية وبعضها تحول إلي سوق تُباع فيه الشهادات الجامعية كما يمارس فيها دعاة النصب والإحتيال هواياتهم عن طريق عرض مخططات سكنية كاملة في العاصمة الخرطوم ، وأتمني أن لا تكون الحركة الشعبية قد تلطخت سمعتها بنزوات حزب المؤتمر الوطني أو سارت علي هذا الوحل ، ليس لدينا سفارات في الخارج حتى نتباكي عليها أو نوجه الإتهام للحركة الشعبية بأنها خطفت منا الأضواء : ولم تبقي لنا شيئ نعرضه في الإستفتاء المزمع كما يقول السيدالدرديري ، إن الحركة الشعبية مدرسة للأجيال في العمل الدبلوماسي كما هي أيضاً رأس رمح المهمشين ضد الفقر والمحسوبية والتمييز علي أساس العرق والدين ، وهي أيضاً شمس السودان الجديد الذي ينير بالحرية والديمقراطية فتعلموا منها يا أحبائنا في المؤتمر الوطني . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|