|
المُدرسة جليان ومظاهرات " شراب الدم " في العاصمة الخرطوم
|
المُدرسة جليان ومظاهرات " شراب الدم " في العاصمة الخرطوم
قضية المُدرسة جليان ، وردات الفعل التي تبعتها ، لا زالت محل جدل في الشارع السوداني ، بين مُكذب ومصدق وحائر ، فكيف خرجت هذه القضية من مؤسسات وزارة التربية والتعليم ، لتحط الرحال في مراكز الشرطة والمباحث وأروقة المحاكم ، هذه الحادثة وقعت في شهر سبتمبر الماضي ، لكنها لم تخرج إلي العلن إلا في هذا الشهر ، مما يضع علامات إستفهامات كبيرة تقول بأن هذه القضية كانت مُدخرة للوقت المناسب ، فهي تدخل في بوابة الصراع الكبير بين حزب المؤتمر الوطني وقوى المجتمع الدولي ، الضجة التي أثارتها قضية المُدرسة جليان تُعبر عن حالة اليأس والقنوط التي أصابت هذا الحزب ، فهو لم يستثمر القضية في الداخل على أساس أنه حزب إسلامي يُطبق حدود الله ولا يخاف في الله لومة لائم ، لأن الحكم جاء رمزياً في الشكل والمضمون ، فإن كانت المُدرسة جليان قد أهانت الرسول ( ص ) بالفعل فليس من المفترض أن تُعاقب بالسجن لمدة 15 يوماً فقط ، لذلك غضب الغوغاء وتحركوا في شوارع الخرطوم وطالبوا بقتل هذه المُدرسة ، هتفوا وهم يحملون المدي والسكاكين ، هذه المظاهرات اليتيمة لم تجد حظها المناسب من الإهتمام ، فصحيفة " الغارديان " رصدت سيارات البيك أب التي كانت تنقل المتظاهرين ، كما رصدت موقف قوات الشرطة التي لم تتحرك لردع الجموع كما كانت تفعل عندما يتظاهر الناس ضد النظام وهم يطالبون بالحرية أو الخبز ، إذاً ، الذين خرجوا يوم الجمعة الذي تلى محاكمة المُدرسة جليان هم من الفصيل المُتطرف في الحزب الحاكم ، وهم لا يمثلون تيار الإسلام السوداني المتسامح الذي لا يعرف " العكاكيز " والسكاكين كوسيلة للحوار ، وشرب دم الضحية ليس من صفات المسلمين ، بالإضافة إلي كل ذلك، فقدت التظاهرة الروح العفوية التي تقود الناس إلي الشارع ، فلذلك تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن مئات الناس فقط وليس عن ملايين ثائرة ومتجمهرة .ففي العادة كان رجال الإنقاذ يستخدمون نظام (Magnification ) في تضخيم الأرقام ، فعندما يتحدثون عن ندوة فيشيرون إليها بأنها " ندوى كبرى " وعندما يتحدثون عن مظاهرة يصفونها بأنها " مليونية " ، قد علّق أحد أبناء الجنوب في جامعة الخرطوم وهو الأخ : مادوت دينق على هذه الظاهرة قائلاً : أن الجبهة الإسلامية عندها مشكلة مع "calculation & Figures " لذلك كان عدد الذين تظاهروا ضد المُدرسة جليان أقلّ بكثير عن عدد الذين تظاهروا ضد القرار الأممي رقم 1593 ، مع الفارق الكبير بين المناسبتين ، فعندما يتعلق الأمر بروؤس رجال حزب المؤتمر الوطني يكون الضجيج أكثر ، ويعلو الصراخ والزعيق ، على المستوى الخارجي لم يستثمر الحزب الحاكم في هذه الأزمة بالشكل الذي يريده ، فبريطانيا واصلت الضغط على سفير الإنقاذ الحائر في لندن ، وقد أستدعته أكثر من مرة ، ولم تُلقي بثقلها الدبلوماسي بأكمله، فأرسلت إلي الإنقاذ مفاوضين مسلمين لا يحملون أي صفة دبلوماسية ، كل الدول الأوربية وقفت في مربع التنديد بالمحاكمة ولم تُقدم للإنقاذ شعائر الولاء والطاعة ، بل تنبهت القوى الغربية إلي مسألة نشر القوات الأممية في دارفور ، بعد أن غاب لعدة أيام عاد المحقق الدولي لورنس أكمبو من جديد وهو يقدم عريضة بأسماء المطلوبين ، رجال الإنقاذ مثل الشاة التي لقت حتفها بسبب ظلفها كما يقول المثل العربي ، يقيمون المحاكم ضد الأبرياء وينسون أنهم أول من تطلبه المحاكم .
|
|
|
|
|
|