|
الشهيدة/أميرة الحكيم ومحمد طه محمد أحمد في سجل الجرائم البشعة
|
الشهيدة/أميرة الحكيم ومحمد طه محمد أحمد في سجل الجرائم البشعة
ما حدث للأستاذ/محمد طه ذكرني بجريمة قديمة ، جرت فصولها في أيام الديمقراطية الثالثة ، إنها جريمة اختطاف وقتل الشهيدة/أميرة الحكيم ، ليس علينا أن نغالط الواقع وننكر لون ثوبنا الحقيقي ، بأن نقول أن جرائم الخطف والاغتيال غريبة علي مجتمعنا السوداني ، وأننا مجتمع ملائكي طاهر لا يحمل في كيانه سوي قيم المحبة والجمال ، بعد يونيو 89 أصبح كل مستحيل ممكن ، وكل صعب ذلول ، وكل طيب معرض للانقراض ، شغلت قصة أميرة الحكيم أذهان الناس ، وجعلتنا من المتابعين لقراءة الصحف في تلك الفترة ، وقد استخدمت الجبهة الإسلامية تلك القضية علي أكمل وجه ، ووظفتها في إطار سعيها الدائم للتشكيك في الحكم الديمقراطي ووصفه بالحكم الضعيف والساقط ، كان محمد طه أحد الساعين في قضية أميرة الحكيم ، لم يكن الاستهجان مصوباً نحو الجريمة ، لمعرفة أن قيمنا في التسامح قد اضمحلت ، بل النقد اللاذع وجدته حكومة الصادق المهدي ، فكيف تطيب نفسها بالبقاء في الحكم بينما هناك أميرة في عمر الزهور قد اُختطفت والشمس في كبد السماء ، لم تطالب الجبهة الإسلامية بإقالة وزير الداخلية وكفي بل طالبت بتغيير كافة الحكومة .علي الرغم أن الدافع السياسي والمذهبي كان غائباً عن تلك الجريمة .فهي علي الأقل كانت قضية جنائية بالدرجة الأولي يمكن أن تحدث في كل بلاد العالم .وإن كان هناك وطن بلا جريمة فليدلونا عليه . لا أعلم علي وجه التحديد كيف تعاملت السلطات أنذاك مع قضية أميرة الحكيم ، وحسب ما أذكر أن هناك علاقة كانت تربط الجناة بمؤسسات الدولة الأمنية ، هذا يقودنا إلي أمر محير ، أن معظم الجرائم الغامضة التي تقع في السودان تقف من ورائها الأجهزة الأمنية ، فهي الوحيدة التي تقدر علي ضبط ساعة التنفيذ ، والشروع في التحقيقات والتلاعب في الأدلة ، حتى المذبحة التي نفذها الخليفي بمسجد الثورة الحارة الأولي تم التلاعب في تحقيقاتها من قبل الأجهزة الأمنية ، فقد تم التعامل مع الخليفي كشخص وليس كتنظيم وفكر ، ولذلك تكررت نفس الجريمة في مسجدي الجرافة وود البخيت ، المنفذين هذه المرة كانوا يحملون الجنسية السودانية ، أحدهم شارك في حرب الجنوب ، فنقل خبرته العسكرية التي أكتسبها من معسكرات الدفاع الشعبي إلي صدور المصلين الأبرياء وهم يؤدون الصلاة ، والحصيلة سقوط نفر من المصلين قتلي ، في مكان من المفترض أن يكون واحدةً من الأمان . ليس كافياً أن نقول أن هذه الجرائم جديدة ومستحدثة ، فالجريمة سلوك إنساني ، وطبيعة بشرية تنتقل من عالم إلي آخر ، ومن بقعة إلي أخري ، مثل حلاقة مايكل جاكسون وتقليد مادونا والرقص علي أنغام موسيقي الراب ، قد قرأت قصة مراهق أمريكي قام بقيادة طائرة مروحية وصدم بها مبني بنك أمريكا ، فعل ذلك بعد أن كتب وصية يصف فيها الرئيس بوش بأقذع النعوت ، يأتي كل ذلك في مسعى تقليده لتنظيم القاعدة حتى ينال الشهرة ويطير اسمه في الأفاق . أما في السودان فهناك من ساهم بصورةٍ واضحة في تأصيل ثقافة العنف والكراهية ، منذ أيام ساحات الفداء والحديث المكرر عن الدماء والجماجم والقتل وإحسان الذبحة ودنو العذاب ، من يزرع الرياح يحصد الأعاصير ، وهذه الثقافة البغيضة رمتنا أمام أبواب الهلاك والفناء ، وجعلت قيم التسامح تنزوي بعيداً وتحل مكانها ثقافة التشفي والاستئصال ، حتى الخلاف داخل الحركة الإسلامية أصبح مقلقاً للجميع ، وربما يحمل في حالة تصاعده المزيد من العنف وإراقة الدماء لأهل السودان ، وكلنا نذكر الصراع الذي نشأ بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي حول مخابئ السلاح السرية في أمدرمان ، وكيف أن الناجي عبد الله الشهير بناجي ( الزيت ) وهو من أنصار الترابي قد تعرض لطلق ناري بسبب رفضه تسليم ذلك السلاح ، هناك من يري أن الأخطار تحدق بالسودان من دارفور ولكنني أري شجراً يسير في الخرطوم ، قبلها قامت قوات الأمن السودانية باغتيال شخص اسمه عصام البشير علي خلفية ممانعته لأمر الاعتقال ، ورفضه تسليم سيارة خاصة بجهة حكومية ، ظاهر الأمر يقول أن هذا المواطن تحدي القانون ، وباطن الأمر يقول أن هذا المواطن تعرض لعملية اغتيال بدم بارد ، لأن المعركة لم تكن بين فريق الشرطة وعصابة اللصوص ، بل كانت بين الحزبين الغارقين في اقتسام الغنائم .وأن عملية القتل في الشوارع تحت خلفيات سياسية قد بدأت في السودان .وقد يتكرر هذا الأمر عدة مرات إذا رجعنا لتصريحات الفريق صلاح قوش بأن قواته سوف تبدأ حرب دارفور من الداخل ، عن طريق القضاء علي الخونة والمأجورين وعملاء الاستعمار ، وهو بذلك التهديد يقصد القوى التي أيدت السماح بنشر القوات الأممية في دارفور ، فنحن لا زلنا في أول الباب ، والإنقاذ لن يرتاح لها بال حتى تنقل إلي السودان كامل التجربة العراقية ، من تدخل أجنبي وتنازع مذهبي وقتل علي الهوية ، انهم يحرقون الهيكل حتى لا يستفيد منه أحد ، وعملية اغتيال محمد طه ليس إلا رقم صغير من قائمة من الأسماء تنتظر دورها أمام سيف الجلاد . حتى الرئيس البشير يخاطب خصومه بلغة العنف ، في خلافه مع الترابي قال أمام الأشهاد في المجلس الوطني : (( يمكنني أن أقطع عنق الترابي وأذهب إلي الله مطمئن بأنه لن يصيبني عقاب )) ليست المشكلة أن تقع الجريمة ، ولكن كل خوفي أن يتمثل الجاني بالآيات القرآنية ، ويعتقد بأنه يفعل الصواب ويخدم قضية إسلامية يكسب من ورائها الأجر والثواب ، أن لا يظن أن هناك رب يحاسبه في يوم ما علي هذه الجريمة .عندها ينتفي المعني الحقيقي لكلمة الجريمة ، لأنها سوف تصبح أمراً حسناً لا يعترض عليه أحد . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|