|
الشاهد ( علي ) ويوميات شاهد إثبات
|
الشاهد ( علي ) ويوميات شاهد اثبات
في الاتحاد السوفيتي أيام الحقبة الشيوعية كانت الدولة تحرص علي التدقيق في كل ما يُنشر في وسائل الإعلام ، والمسموح به كانت ثقافة الحزب الشيوعي ، النظرة الأحادية في وسائل الإعلام انهارت في دول المنظومة الشرقية ، ليس لأن تلك الدول كانت ضعيفة وفقيرة في وسائل الدعاية والترويج ، بل لأن العالم بفضل العولمة أصبح مثل قرية صغيرة ، لا أحد له الحق في مصادرة الحقيقة ، ولا أحد يحق له وضع الأسلاك الشائكة أمام تدفق المعلومات ، عن طريق المسنجر يمكنك في وقت واحد أن تلتقي بأصدقائك في جميع أنحاء العالم ، لم تعد هناك حقيقة واحدة تمر إلينا عبر أنبوب ضيق يأتي إلينا من مجاري الأنظمة المستبدة ، لم يعد التلفزيون الحكومي يملك حق التأثير في مجريات الأحداث ، عندما يقع حدث ما في السودان أولاً نطالعه في المواقع الإلكترونية ، ثم ندلف إلي قناتي الجزيرة والعربية ، ومن يريد معرفة تفاصيل الخبر بصورة أدق وأشمل عليه أن يغوص في مشاهدة القنوات الإخبارية الغربية ، هروب السودانيين من تلقي الحقائق من الإعلام الرسمي سببه أن هذا الإعلام لا زال يتعامل مع جمهور المتلقين بعقلية الأنظمة البائدة في أوروبا الشرقية ، يطرح نوعاً محدداً من الحقائق بعد أن يغلفها بمظروف السياسة ، لذلك تحوّلت آلة الإعلام في عهد الإنقاذ إلي مستشفي للطوارئ يبرر سقم النظام ، وأصبح لا يوفر المعلومة الخبرية في وقت الحاجة ولكنه يتبنى في أغلب الأحيان موقف الدفاع . كل العالم الآن مشدوه بمتابعة تقرير أعدته (bbc) حول فظائع الجنجويد في دارفور ، هذا التوثيق علي الرغم من أهميته لن تجده منشوراً في ما يسمونها بصحافة الداخل ، والتي أصبحت ملتزمة بسياسة التوعية التي يقوم بها جهاز الأمن ، التقرير شمل فصلاً مهماً عن هذه الأزمة ، لقاء أجرته القناة مع رجل اسمه ( علي ) عرّف نفسه بأنه كان عضواً في مليشيا الجنجويد ، صحوة الضمير المباغتة جعلت هذا الرجل يعترف بقيامه بقتل العديد من القرويين ، مرحلة القتل كما أكدها الشاهد تأتي بعد قيام الطيران الحربي بقصف القرى . الشاهد (علي ) خدم لمدة عامين في هذه المليشيا وهو الآن يبحث عن اللجوء السياسي في بريطانيا ، وقد استطلعت البي .بي .سي رأي بعض أبناء دارفور في المنفي ، وعُرضت المقابلة علي طبيب نفساني للتيقن من المصداقية ، كل الذين شاهدوها حكموا بصدق أقوال الشاهد . يقول الشاهد : (الناس الذين اشرفوا علي تدريبنا كانوا من الشمال ومن الحكومة ، كانوا يصدرون إلينا الأوامر ، بعد التدريب وعدوا بإعطائنا الأسلحة والذخائر ، تم تقسيمنا إلي مجموعتين ، مجموعة علي صهوات الخيول ومجموعة علي أسنمة الجمال )) سأله مقدم البرنامج : كيف عرفت أن هؤلاء المدربين كانوا من الحكومة ؟؟ فأجاب : كانوا يلبسون الزي الرسمي للجيش وعندما سُئل هل في إمكانه تسمية أفراد الحكومة الذين كانوا يعطون لقواته الأوامر أجاب : أحدهم معروف بشكل كامل و هو زائر منتظم لدارفور وهو وزير الداخلية عبد الرحيم محمد حسين ويمضي الشاهد في سرد اعترافاته المثيرة حول هذه المليشيا المرعبة : (( سوف أطلعكم علي حقيقة واحدة ..إن الجنجويد لا يتخذون القرارات ..فهم دائماً ينفذون تعليمات الحكومة وقد أعترف بتورطه في شن 50 هجوماً علي عدة قرى ، بالتحديد منها قرية ( جنقا) ، مراحل الهجوم ـ كما وردت في أقواله ـ تبدأ بهجوم جوي عنيف علي القرية المستهدفة ، في هذه الأثناء يرقب الجنجويد المشهد ، وعندما يرون النيران المشتعلة والدخان المتصاعد يشرعون في الهجوم . بالنسبة للاغتصاب يعترف بأن بعض أفراد وحدته قد قاموا فعلاً باغتصاب بعض النساء أثناء الهجوم ، لكنه نفي حدوث ذلك في العلن ، لأن الجناة كان يأخذون الضحية بعيداً ثم يقومون باغتصابها بعد ذلك . السيد/هيلاري بين ، سكرتير بريطانيا للتنمية الدولية وهو عائدُ للتو من السودان قال للببي سي : ((أنه دليل واضح وسوف أحرص علي تمرير تلك المعلومات للمحققين الدوليين الخاصين بالمحكمة الدولية )) يُقال أن أول الغيث قطرة ، ومن سار علي الدرب وصل ، هذه بداية انهيار الحلف الشيطاني بين الإنقاذ والجنجويد ، قريباً سوف تتداعى كافة أوراق لعبة الدومينو ، لتكشف بجلاء أن الجنجويد سوف يتناولون أوصال الإنقاذ في وجبة الغداء قبل أن تتعشى بهم ، هذا اللقاء يؤكد أن الضمير الحي لم يموت ، وأن روح القتيل عبثت بعقل العاقل فقادته قدميه إلي لندن ، اليوم ( علي ) وغداً نستبين غيرهم . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|