|
السودان وبداية عهد الفوضي الخلاقة
|
السودان وبداية عهد الفوضي الخلاقة
بعد ستة أيام اعترفت الإنقاذ بأن هناك معركة حامية الوطيس وقعت بالفرب من الحدود السودانية التشادية ، كانت الخسارة سبعين عربة مصفحة ، تم تدميرها بالكامل ، بالاضافة إلي سقوط ما بين 200 إلي 300 من صفوف القوات الحكومية بين أسير وجريح من بينهم ستة ضباط ذو رتب رفيعة ، هذا التطور النوعي في عمليات جبهة الخلاص الوطني يكشف بجلاء أن الإنفاذ أصبحت نمراً من ورق ، وان الحمية للقتال التي يحس بها خطباء المسيرات في الخرطوم هي غير الرغبة الحقيقية للفتال في أرض المعارك ، وهناك اتساع كبير بين الخطاب الحماسي المؤدلج وبين وقائع الأحوال التي تقول أن جبهة الخلاص الوطني أصبحت ما بين قوسين أو أدني من السيطرة علي كامل التراب الدارفوري ، وإذا مضت جبهة الخلاص الوطني في عملياتها العسكرية علي هذا المنوال فسوف تريح قريباً المجتمع الدولي من عناء إقناع الإنقاذ بضرورة السماح للقوات الدولية بالعبور إلي دارفور ، البيان العسكري الحكومي جاء متأخراً ، وعلي غير العادة جاء يحمل صفة التخوين للضباط المنضوين تحت جناح الجيش الحكومي ، فقد اتهمهم وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين بالفرار إلي تشاد ، هذا الإتهام لضباط لهم سجل طويل في الخدمة العسكرية السودانية جاء علي رياح بين الشك والتكذيب ، فقد نفت القيادة العامة في الخرطوم علمها بأي عمليات عسكرية تجري في دارفور ساعة المعركة ، ولم تؤكد أو تنفي أسر العميد عبد الرحمن محمد عبد الرحمن ، لكنها بعد ستة أيام صوّرت المعركة من جديد ورسمت خارطة حديثة للميدان ، فأتهمت تشاد بأنها ضالعة في هذه المعارك !! كيف يستقيم الظل والعود أعوج ولو كان الأمر كذلك فلماذا يلجأ العميد عبد الرحمن بكتيبته إلي تشاد ؟؟ التطور الخطير الثاني هو قيام القوات المسلحة بنهب المتاجر والاسواق في مدينة الفاشر ، وسط تكتم حكومي شديد علي هذه الحادثة ، مع أن القاصى والداني كان يعلمان أن مدينة الفاشر قد أُستبيحت ليومين وكانت مقطوعة عن العالم خلال هذه المدة ، التوسلات نجحت الآن في كبح جماح الفوضى العارمة في مدينة الفاشر ، لكن من المحتمل أن تعود من جديد وتحمل في تداعياتها نذراً في غاية السوء ، تعيد إلي الأذهان صورةً غير مسبوقة من الانفلات الأمني لم يعهدها السودان من قبل ، عندها سوف يحتار المواطن السوداني كيف يحمي نفسه من الجيش والشرطة والأمن ، أحداث الفاشر تكشف بجلاء أن الإنقاذ لم تعد تمسك بخيوط اللعبة ، وأن التفكير بلغة المليشيا أصبح ذا صيت أكثر من لغة الجيش النظامي ، وان المواطن السوداني أصبح أكثر خوفاً من الأجهزة الأمنية القومية .
|
|
|
|
|
|