الدفاع الشعبي وقصته مع داخلية " تهراقا" بجامعة الخرطوم
كان حديث الإنقاذ عن العودة لتجميع المجاهدين داوياً في أجهزة الإعلام العالمية ، وقد تصدرت تصريحات الرئيس البشير معظم صفحات الصحف العالمية ، وقد أرفقت بعضها تعريفاً مبسطاً عن قوات الدفاع الشعبي ، فوصفتها بالمليشيا العربية الإسلامية التي كانت تقاتل في السابق المسيحيين الجنوبيين ، أما صحيفة الواشنطن بوست فقد تحدثت عن دور قوات الدفاع الشعبي في إقليم دارفور ، حيث أعتبرتها طرفاً في النزاع الذي يدور هناك ، فقوات الدفاع الشعبي هي الجيش الحقيقي لحكومة الإنقاذ ، ولذلك أرتبط تاريخ تأسيسها بعمر حزب المؤتمر الوطني في السلطة ، لذلك يُقال في وسائل إعلام حكومة الإنقاذ : العيد الثامن عشر لقوات الدفاع الشعبي . والدفاع الشعبي قوات عقائدية وتتغذى بفكر تنظيمي واحد ، ويتمتع قادتها بسطوة حتى على قوات الجيش السوداني ، يقول الإنقاذيون أن تكوين هذه المليشيا جاء من أجل توفير السند الشعبي للجيش السوداني ، لكن ضباط الجيش السوداني الذين أجبرتهم ظروف الحرب في الجنوب على التعامل مع هذه المليشيا ، يقولون أنا قرار المبادأة بالهجوم والإنسحاب أثناء العمليات العسكرية يقوم بإتخاذه قادة قوات الدفاع الشعبي وليس ضباط الجيش السوداني . كما أن هذه القوات تتمتع بزخم إعلامي وسند مالي يبرره قربها من مراكز القرار في الخرطوم ، هذا الجيش البديل تعرض لهزة عنيفةبسبب إتفاقية نيفاشا أدت إلي تحجيم دوره وتقليل الحظوة التي كان يتمتع بها ، فكلنا نعرف أن قوات الدفاع الشعبي استمدت قدسيتها من طول أمد حرب الجنوب ، لذلك عندما وضع قرنق في بنود اتفاقية شرط تعريف القوات المشمولة ، حيث قسمها إلي الجيش الحكومي وجيش الحركة الشعبية والقوات المشتركة فهو كان يعني بالتحديد تحجيم قوات الدفاع الشعبي ، فهو كان يعلم أكثر من غيره أن هذه المليشيا الحزبية قد أرتكبت فظائع وجرائم حرب في حق الجنوبيين ، ما يؤيد هذا الإنطباع هو خلو عهدة القوات المسلحة من أي أسير حرب جنوبي ، فالقاعدة التي كان تتبعها قوات الدفاع الشعبي مع الجنوبيين هي " أحسنوا الذبحة " .لذلك تحفظ الراحل قرنق على توصيفها كقوات لها مشروعية في إتفاقية نيفاشا ، على الرغم أن الإعلام الحكومي في الشمال كان يؤكد في بياناته العسكرية أن قوات الدفاع الشعبي قد قتلت كذا ..ودمرت كذا معسكر ...و لكنه لم يكون يقول أسرنا كذا من جنود الحركة الشعبية ، وقد كان قتلى الدفاع الشعبي يجدون التبجيل والإحترام من قبل منظري الحرب ، وتُعلق صورهم في الشوارع والميادين العامة .وفي العادة يتم نسيان أو تجاهل شهداء القوات المسلحة ، هذه الحرب مات فيها أكثر من مليونين من السودانيين ، لكن إعلام الإنقاذ لا يعرف فيهم غير خمسين شخصاً ، يمثلون المكون العقائدي لهذه الحرب اللعينة . قبل أيام أحتفل المهندسون السودانيون بعيدهم ، ربما يكون هذا الموضوع غير ذي صلة بالسياق الخاص بقوات الدفاع الشعبي ، لكن العلاقة تتضح أكثر فأكثر إذا علمنا أن جمعية المهندسين السودانيين هي التي قامت بإنشاء داخلية " تهراقا" سابقاً بجامعة الخرطوم ، هذه الداخلية كانت مخصصة لطلاب السنة الخامسة بكلية الهندسة ، وهي مكونة من غرف يُطلق عليها (deluxe) بلغة العقار اليوم ، يسكنها كحد أقصى إثنان من الطلاب ، ذلك على خلفية أن طالب السنة الأخيرة بكلية الهندسة يحتاج لنوع محدد من الهدوء ، في أيام ثورة التعليم العالي قامت الإنقاذ بحرمان طلاب كلية الهندسة من هذا الإمتياز ، فقد أستولى الصندوق القومي للطلاب على هذه على المبنى ثم قام بتأجيره للميسورين من طلاب الشهادة العربية ، والتبرير لذلك أنه يجمع المال من الأغنياء ليصرفه على الطلاب الفقراء ، ليس هذا هو بيت القصيد كما قالت العرب ، فقد أتضحت الصورة أكثر فأكثر ، لأن الطلاب الفقراء أيضاً كانوا يدفعون لهذا الصندوق الذي تحوّل إلي مكتب عقار ناجح في تحصيل الإيجارات و يعج بالموظفين الفاسدين ، فعلاقته مع الطلاب كانت كعلاقة بين المستأجر والمُؤجر منه تبدأ عند الدفع وتنتهي عند التعثر في السداد ، إذاً ضاعت في السراب أسطورة " روبن هود " الذي يسرق أموال الأغنياء ليقوم بتوزيعها على الفقراء ، هنا اللص يسرق من الجميع بلا تفرقة . أستولى الصندوق القومي لدعم الطلاب على داخلية " تهراقا " ، تحت مسميات تقسيم السلطة والثروة كما أسلفنا ، وفي إطار ثورة التأصيل وطمس الهوية التاريخية للمجتمع السوداني أمرت قوات الدفاع الشعبي بتحويل مسمى الداخلية من " تهراقا" إلي " أبو دجانة " تجاوباً مع ثورة التأصيل والعودة إلي الجذور ، سألناهم ما العيب في إسم " تهراقا " ؟؟ فهو كملك لعب دوراً بارزاً في تاريخ السودان ، فقد أنشأ مملكة عظيمة وهزم المصريين ، فأبو دجانة كان طالباً بكلية التربية ، وقد تأثر بالفكر الجهادي منذ نعومة أظفاره ، وقد ذهب إلي ربه بما كان يراه صحيحاً في تلك الحرب التي فرضتها الإنقاذ على الجميع ، لكن ليس بالضرورة أن نتفق معه في أفكاره ، ودوره مهما تعمقنا في فهم دواعي الحرب لن يصل به إلي مكانة " تهراقا" الملك ، فإعلان الجهاد وهو شعيرة إسلامية على مواطن سوداني مبدأ يرفضه الجميع الآن . كان رفضهم لمسمى " تهراقا" على أساس أنه ملك غير مسلم ، وقبولهم لمسمى " أبو دجانة " على أساس أنه مجاهد مسلم حارب الكفار في جنوب كردفان حتى لقي ربه ، ربما لا يعلم الإنقاذيون أن التاريخ القبطي والفرعوني بقي في مصر سليماً لم يمسه أحد في كل العصور الإسلامية ، فعمرو بن العاص لم يهدم تمثال أبو الهول ، ولم ينهب المسلمون الأوائل الكنوز الفرعونية .
ساره سلمت يدك منذ اول شهور عدت فيها لللاقامه فى السودان قررت انو نحن بتحكمنا عصابه حراميه(حتى شرف الحراميه ما عندها)
عشان كده اجدنى اعف عن مناقشه ما يسمى بالمشروع الحضارى لاننى احس كأنما اشارك فى تغبيش وعى الناس بطبيعة الطغمه الحاكمه والباسها التوب العاوزه تلبسه (يعنى بنساعدهم عديل كده) .. بس نفضح حرمنتهم و سرقاتهم دى ... وذى ما قلت انتى سرقاتهم امتدت لتاريخنا المشرف...عاوزين اسرقو تاريخ الحضاره السودانيه كله من قبل ظهور الاسلام وعاوزين يمسحو بجرة قلم تاريخ الصوفيه المتسامح الممتد عميقا فى جذور ارضنا
Quote: ربما لا يعلم الإنقاذيون أن التاريخ القبطي والفرعوني بقي في مصر سليماً لم يمسه أحد في كل العصور الإسلامية ، فعمرو بن العاص لم يهدم تمثال أبو الهول ، ولم ينهب المسلمون الأوائل الكنوز الفرعونية .
ملاحظة سديدة ... ولكن من يقنع اهل الهوس الديني عندنا ؟؟؟
سارة مررت امس على بوست يتناول الدفاع الشعبي من منظور آخر بموقع نيوسودان دوت اورغ وصاحبه يقول
Quote: قلمي لا يستطيع نقل تلك الصورة البهيمية عليكم مشاهدة الحلقتين والمقارنة وألا فلا مفر لكم من الإلحاح علي سارة عيسي لتقوم برسم صورة طبق الأصل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة