|
الجريمة والعقاب بقانون الحارث بن عباد التغلبي
|
الجريمة والعقاب بقانون الحارث بن عباد التغلبي
تابعت بقلبٍ مملوءٍ بالحزن والأسى قضية صابرين الجنابي ، بنت الرافدين التي لم يغتصبها المحتل الأجنبي ، بل أغتصبها أبناء جلدتها من العراقيين ، وشعرت بالخزي والعار عندما أقدمت حكومة المالكي علي تبرئة الجناة ، ليس هذا فحسب ، فقد كرّمتهم أيضاً وقلّدتهم الأوسمة والنياشين ، وهي حكومة جاءت في قطار الديمقراطية الذي يُبشر بالحرية والعدل ، وسألت نفسي لماذا ظلت جريمة إغتصاب المرأة قاصرة على العراقيين والسودانيين ، أعني بذلك الإغتصاب المربوط بدوافع سياسية مثل ما حدث في دارفور .ولماذا تتحمل المرأة تكلفة الثمن السياسي للمواقف الحزبية في العالم العربي ؟؟ ما فعلته حكومة المالكي في قضية صابرين الجنابي أعادته الإنقاذ في أزمة دارفور ، إن كان أحمد هارون متهماً في جرائم ضد الإنسانية ، كما عرفنا لاحقاً أن تحقيقاً معه قد جرى .. فلماذا تم ترفيعه وتعيينه وزيراً للشئون الإنسانية ؟؟ والإنقاذ الآن في ورطة ، فهي بسبب العناد لا تستطيع تسليمه للقضاء الدولي ، وفي نفس الوقت لا تستطيع محاكمته داخلياً ، لأن الرجل عبارة عن مستودع من الأسرار القاتلة ، فكلمة واحدة تصدر منه يُمكن أن تجر كل فريق الإنقاذ إلي لاهاي ، ذلك إذا عملت الإنقاذ بمبدأ التضحية بالسمكات الصغار لإنقاذ الحوت الكبير ، أحمد هارون الذي ترعرع في قن الإنقاذ لن يسكت إذا شعر بأنه عُومل ككبش فداء (escape goat) ، فعلى الإنقاذ في الوقت الراهن حمايته وعدم خلعه عن منصبه ، حتى لا تزيد سحابة الشكوك التي سوف تتحول إلي يقين بين عشية وضحاها ، لأول مرة يتابع الشعب السوداني بإهتمام بالغ المؤتمر الصحفي للمحقق الدولي السيد/أوكمبو ، أصابت الناس دهشة شديدة وهم يشاهدون الفظائع تُروي على لسانه ، جريمة أحمد هارون ليس هي إرتدائه للزي المرقط للقوات المسلحة والرقص في الساحة الخضراء وهو يحمل السلاح ، لا هذا ولا ذاك ، لكن هذا الرجل خلع ثوب القاضي وحمل سيف الجلاد ، فكيف به يمنع المواطنين المتضررين من البلاغ وبث الشكوى ؟؟ وكيف يجرؤ على وصف قبيلة الفور بأنها غنيمة حرب (spoil of war) ؟؟ فهل أستلزم ولاءه الحزبي للإنقاذ أن يموت كل هذا العدد من الناس ؟؟ وفي حقيقة الأمر صُدمت من هول الفظائع وكيف سكت المجتمع المدني في السودان على هذه الجرائم ؟؟ ونحن دولة كما قال الرئيس البشير أو من نال استقلاله في شمال القارة السمراء!! ، والسؤال الثاني كيف أنجبت البيئة السياسية في السودان أناس مثل شخص أحمد هارون ، وجعلت منهم قواداً وزراء يعيثون الفساد في الأرض بيد طليقة من غير أن يحاسبهم أحد ؟؟ فهل هذا هو مشروع السودان الوطن الذي يدعوننا إليه ؟؟ أما أن نكون غنائم حرب أو سبايا يسلبنا الجنجويد الشرف والعفة . كثير من الذين تلطخت أيديهم بدماء الدارفوريين حازوا على وسام نجمة الإنجاز ، عودة الفريق عبد الرحيم محمد حسين إلي سدة وزارة الدفاع تعني الكثير لأهل دارفور ، أن الإنقاذ كما أكدّ الرئيس البشير لم تتبدل ولم تتغير ، فالرجل كان متهماً بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية عندما كان وزيراً للداخلية ، لكن الإنقاذ رقّته فوصل إلي رتبة فريق بالقفز كما أنه أصبح وزيراً للدفاع !! هذا يُعتبر رسالة لأهل دارفور مثل رسالة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عندما أدخل قضية صابرين الجنابي في مربع النزاع بين السُُنة والشيعة فعفى عن المجرمين بتكريمهم . كنت أول من أدان عملية إغتيال المرحوم/محمد طه محمد أحمد الذي قُتل غيلةً وغدراً ، وتفاءلت بسرعة عمل الأجهزة الأمنية وتوصلها في وقت سريع إلي خيوط قادتها بدقة إلي مكان الجناة ، هم لا زالوا متهمين ولم تثبت عليهم التُهمة في رواق المحكمة ، فنحن كقانونيين يجب أن لا تدفعنا بشاعة الجريمة إلي التنكر لحقوق المتهمين ، وقد هالني الحشد الإعلامي للمحاكمة المقبلة ، والإستعانة بالعدد الكبير من المستشارين ورجال السلك القانوني الذين كانوا خلف الكواليس لفترة طويلة حتى أنتزعتهم قضية محمد طه محمد أحمد من حالة العزلة والإنكفاء ، لن أقول قد سبق السيف العذل ، لا زال هناك وقت إذا قامت الإنقاذ بحشد نفس العدد الذي توفر لقضية محمد طه محمد ، وكوّنت محكمة وطنية من شخصيات غير مرتهنة للفضاء الحزبي ، محكمة محايدة ملتزمة بالمعايير المهنية والأخلاقية ، تشرف عليها المحكمة الدولية في لاهاي وتمدها بالخبراء والمستشارين ، فليكن نصب أعيننا تحقيق العدالة ولنبدأ بمحاكمة أحمد هارون وعلي كشيب ، المحكمة الأساسية تكون في الخرطوم، أما الفروع ، يجب أن تكون في كل مدن السودان ، حتى لا يبقى هناك ظالم أو مظلوم ونحن في ذلك متمثلين بمقولة الحارث بن عباد في حرب البسوس : لن يبقى لأحد ثأرٌ معلقٌ بعد اليوم )) سارة عيسي
|
|
|
|
|
|