دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الإنقاذ وسياسة ( جوّع كلبك يتبعك )
|
منظر بثته قناة العربية ، ظهر فيه مواطن سوداني ملطخ بالطين ، وهو يتكئ علي ظهر مركب ، بعد أن أغرقت السيول فناء بيته ، يخاطب الجهات المسؤولة قائلاً : (( نحن لا نريد منها غير جوالات فارغة لنضع فيها الحصى والرمل لمجابهة الفيضانات )) هذا هو الشعب الذي تقوده الإنقاذ ، وتدعي أنها تقود معركة الكرامة والسيادة باسمه ، لا يريد منها شيئاً سوي أكياس فارغة ، لا يريد منها حرباً في دارفور أو الجنوب ، لا يريد منها جعجعةً أو طحناً ، بل يريد أكياس غير مملوءة بالطحين و الأرز ، يريدونها فقط فارغة ، حتى يستخدموها كسلاح من أجل مقارعة فارس الطبيعة الذي يكترث لحاكمٍ أو محكوم ، أنه شعب كريم الذي يغالب الجوع ويربط بطنه بالحجر ولا يطلب من حكومته سوي جوال فارغ من المحتوي ، ومستوى الدناءة يزيد ويضئ لنا باللون الأحمر إن عرفنا أن هذا المطلب البسيط لم يجد الرد اللائق ، وقد حدث ذلك ، فكارثة ارتفاع مناسيب النيل يتصدى لها الجنرالات في الفضائيات ، ويقولون للشعب : لا تقلق فنحن نسيطر علي الوضع !! أو بالأحرى يحملونه المسؤولية عندما يذكرونه : ألم نقل لكم ارحلوا عن هذه المنطقة ؟؟ وحذرناكم أكثر من مرة ؟؟ قبل أن نرسل الجيوش المحاربة إلي دارفور ، وقبل أن نفتح المعسكرات للمتطوعين ، أليس من حقنا أن نعرف وضعية مدن مهمة مثل الخرطوم وسنار وسنار ود مدني ودنقلا وعطبرة علي خارطة السودان ؟؟ فهل نتركها تذهب سدي تحت رحمة السيول والفيضانات ؟؟ أم أن مجابهتنا للعدو الوهمي في دارفور تجعلنا نأمن غدر الطبيعة ؟؟ ، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، ولا عدو لنا إلا في دارفور . فإن كانت بلادنا تواجه خطر المحو من الوجود بسبب ارتفاع مناسيب النيل ، والبقية منها سوف تذهب لمنازلة الأمم المتحدة في دارفور ، فهل يا تري أرتقي إعلام الإنقاذ و عاش مع الشعب محنته العصيبة ؟؟ ، بالتأكيد لا ، فهناك شئ لم تنساه ذاكرة الذين حكموا السودان منذ ليلة الثلاثين من يونيو 89 ، حكوا لنا كل شئ عن حياتهم وبالتفاصيل ، ومن خلال الإعلام المقروء والمكتوب والمتلفز والمسموع ، عرفنا عدد زوجاتهم ، وكم أنجبوا من الذكور وكم رُزقوا من الإناث ، عرفنا ماذا يأكلون ويشربون ، لونهم وفريقهم المفضل ، أغانيهم وموسيقاهم ومستوي تعليمهم ورقي ثقافتهم ، فإن الهرم يدفع الإنسان أن يسرد للسامعين كل ما مضي ، وأخبث الهرم أن ينال منك وأنت تسوس الناس ، فنقل اللهم أعوذ بك من أرذل العمر . عندما يطالعنا إنسان مثقف مثل الأستاذ/ربيع عبد العاطي ويقول لنا في الفضائيات إن الإنقاذ ترفض نشر القوات الدولية في دارفور بسبب معارضة الشعب السوداني لهذا القرار فإنه يستهزئ بعقولنا ، ويظن أننا قد خرجنا للتو من جلسة غسيل مخ في أحد معسكرات الحزب الشيوعي في أيام خروتشوف وبرجنيف ، هناك مواطن سوداني يريد من حكومته جوال فارغ حتى يصرف المياه عن باب بيته ولكنه لم يجده ، وهناك آخر مات في المستشفي لأنه لم يجد الطبيب الذي يسعفه ، وطالب انتحر في مدينة الدويم لأنه لا يملك مصاريف الدراسة . إذا أردت أن تعرف أين هو الشعب السوداني فعليك بقراءة صفحة الحوادث في الصحف اليومية ، وأحصي عدد من ماتوا و قُتلوا ، وتفحص أسماء الذين ينشرون نداءات الاستغاثة في الصحف تحت اسم ..عاجل لأهل الخير والإحسان وذوي القلوب الرحيمة ..مواطن يعيل أسرة من عشرة أفراد يحتاج إلي إجراء عملية عاجلة تكلف خمسة مليون جنيه . هذا هو الشعب السوداني الذي نتكلم باسمه ، ونجبي منه الزكاة والضريبة ، ونقوده إلي أذيال الموت تحت مسميات الجهاد والفداء . الإعلام السوداني لم يتغير بسبب الكوارث المختلفة التي ألمت بالشعب السوداني ، فالحفلة التي أُقيمت يوم أمس علي شرف الإعلاميين القادمين إلينا من الخارج دلالة علي عدم الجدية والاكتراث بما يدور في أرضنا من نكبات ، يجب أن لا يفهم من كلامي أنني ضد الغناء والرقص والتمايل فوق قامة الفنان ، ولسنا ضد أن نري صاحب عمامة وهو يسدل لحيته الطويلة ويرقص حتى نري ما خفي وراء ثيابه من بطن يحسده عليه الجوعي أو عجز هو حسنة بالنسبة للنساء ، ولكن كما قال الشاعر للفرح وقت وللحزن أوقات . فعيب علينا أن نرقص ونغني وهناك حي كامل في مدينة سنجا احتواه السيل وتحاصره الثعابين السامة ،و أنا هنا لن أتحدث عن ما يجري في دارفور حتى لا أتهم بالعنصرية والجهوية . إن من يريد الشعب لمعركة عظيمة عليه أن يعرف ماذا يريد هذا الشعب وكيف يعيش ؟؟ وكيف يتدبر قوت يومه ، قبل أن نعجزه بالمستحيلات ، ولا أظن أن سياسة (( جوع كلبك يتبعك )) التي تنتهجها الإنقاذ مع الشعب السوداني سوف تُعطي ثمارها ، هذا الكلب سوف ينهش جسد سيده يوماً إذا لم يجد ما يأكله . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الإنقاذ وسياسة ( جوّع كلبك يتبعك ) (Re: SARA ISSA)
|
قال الشاعر الكبير نزار قباني حينَ يصيرُ الناسُ في مدينةٍ ضفادعاً مفقوءةَ العيونْ فلا يثورونَ ولا يشكونْ ولا يغنّونَ ولا يبكونْ ولا يموتونَ ولا يحيونْ تحترقُ الغاباتُ ، والأطفالُ ، والأزهارْ تحترقُ الثمارْ ويصبحُ الإنسانُ في موطنِه أذلَّ من صرصارْ ..
لا أحسب أننا وصلنا إلى هذه المرحلة البغيضة ، في عهود قد خلت كانت هذه السياسة تؤتي أوكلها فإذا جاع الكلب تبع السيد أما عندما يفاضل الإنسان بين الموت الكريم والحياة الوضيعة سوف يختار دون شك أن يموت كريماً لذلك أصبح تجويع الكلاب يهدد أسيادها وأصبح المثل "جوع كلبك يأكلك" قد تقسو الطبيعة مرة علينا كبشر ونتقبل ذلك لإيماننا بقضاء الله وقدره لكن أن يقسو الإنسان على أخيه الإنسان آلاف المرات فلابد أن يكون لنا موقف لأننا هنا فقط نحن من نصنع القضاء وبيدنا القدر.
| |
|
|
|
|
|
|
|