الإنقاذ وديك بني إسرائيل

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 08:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة سارة عيسي(SARA ISSA)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-29-2006, 03:31 AM

SARA ISSA

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 2064

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإنقاذ وديك بني إسرائيل



    لم تكن الحاجة ( بتول ) تعلم أن ذلك التاريخ سوف يوافق آخر يوم في حياتها ، لقد كانت تشكو من ألم شديد تحت الإبط ، سببه كيس دهني ملتهب ، زارت الطبيب الجديد في المستشفي ، وعندما عاين مكان الالتهاب بسّط لها الأمر ، وتعهد لها باقتلاع هذا الورم في أقل من ربع الساعة .لقد فعلت حاجة ( بتول ) خيراً عندما اصطحبت حفيدتها الصغيرة ، علي الأقل استطاعت أن تودع آخر فرد من عائلتها .
    نامت علي الأريكة وأغمضت عينيها ، بعد أن تشهدت ، طلب منها الطبيب الاسترخاء وعدم القلق ، حتى لا يرتفع ضغط الدم ، حقنها بجرعة مخدر كامل ، وبعد سريان الجرعة بثوان شُحب وجهها ، فأمسكت بعنقها وشعرت بالاختناق ، تحرك جسدها يميناً شمالاً وكأنها تصارع شبحاً غير مرئياً ، شَخُصَ بصرها إلي السماء ، وصدرت منها حشرجة قوية وأومأت برأسها ، كأنها تريد أن تقول شيئاً فخانتها الكلمات وانعقدت ربطة لسانها فماتت وسط ذهول الطبيب المبتدئ ، الذي كان لا يعرف أنها مصابة بالتهاب رئوي حاد ( أزمة ) يُحظر معه استخدام مخدر كامل ، قفز الطبيب من النافذة بعد أن أخبر أحدهم بأن هناك امرأة ميتة في عيادته ، هرب وتواري عن الأنظار لئلا يفتك به أهل الفقيدة .وصُدمت أسرتها بالخبر المفاجئ ، فقد ذهبت الفقيدة إلي الموت برجليها كما قالوا في بيت العزاء .
    هذه قصة بسيطة جرت وقائعها في إحدى المدن ، وبسبب الإهمال وتردي جامعات الطب في بلادنا تحّول الأطباء إلي فرق للموت ، ينفذون أحكام الإعدام السريعة من غير رحمة وبلا شفقة ، من غير شهود أو جلسة استماع بحضور المحامي ، لن ألوم الأطباء في عهد الإنقاذ ، فالدمار والخراب في السودان طال كل المؤسسات ، بما فيها الطبية والتعليمية .
    عندما يجري التلفزيون السوداني لقاءً مع مثقف سوداني ، ويعرض لنا جزء من سيرته العطرة ، بعضهم درس القانون في جامعة هارفارد ، والبعض الآخر يعمل في وكالة ناسا للفضاء ، ذلك غير الطابور الطويل من الجراحين وأصحاب الاختصاصات النادرة ، يظهرون ببزات جميلة وربطات غالية الثمن ويحكون لنا قصة حياتهم ، و هم لا يتحدثون إلا عن مجهدهم الشخصي وتجربتهم مع الحياة .
    عندما ماتت الحاجة ( بتول ) في عيادة الطبيب لم يكن هناك علماء ، لم نري هؤلاء الجهابذة والبروفيسورات الذين لهم باع طويل في تخصصاتهم ، إذاً ما هي الفائدة من العلم إن كنا نجهل مقدار المخدر الذي يُحقن به مريض الالتهاب الرئوي ، وماذا نفعل بشهادة ورقية من هارفارد أو حتى أكسفورد إن كنا نقف عاجزين أمام حالة مرضية في يوم ما كان يعالجها ممرض مبتدئ لا يحمل من التعليم سوي شهادة الثانوية العامة ، أن النخب المتعلمة في السودان مصابة بمرض التباهي (showing up) ، لأنها لا تحمل الإحساس الإنساني الذي يجعلها تستخدم هذا العلم لمصلحة المواطن السوداني ، رحِم الله حاجة ( بتول ) وتولاها برحمته ومغفرته . مضت إلي لقاء ربها الواحد القهار ، من غير وداع ووصية .
    عندما نتحدث باسم الشعب السوداني ، ونزعم بأننا ندافع عن كرامته وسمعته ، وتحرره وعزته ، علينا أن نسأل أين هو الشعب السوداني ؟؟ هل يا تري في زعمنا نشير إلي أولئك الذين يعيشون في الكهوف في جبال النوبة ؟؟ وهل نعني أهل الليري ونمولي والأنقسنا و ( الله كريم ) والكلاقي وأم طلوح ؟؟ أم أن مصطلح الشعب السوداني نقصد به الذين يعيشون في المنشية والرياض وحي كافوري والثورات ويثرب ؟؟ والذين يتظاهرون كل يوم بين شارعي الجمهورية والبرلمان ؟؟
    لن تدخلوها بسلام أبداً ، هكذا قالت متظاهرة حزب المؤتمر الوطني لمراسل قناة الجزيرة ، وهي تذرف الدموع وتبكي من الحرقة ، الذاتية مرض عضال ، فإن خرجنا إلي الشارع وكتبنا اللوحات الجميلة وقلنا : فريزر أرجعي إلي بلدك فلماذا لا نسمي الأشياء بأسمائها ، ونعترف بأن خروجنا للتظاهر تم بإرادة ذاتية ، محصلتها هي الاحتفاظ بالمصلحة الحزبية الخاصة ، من منصب مرموق ، وسيارة فخمة ، وبيت مملوء بالخدم والحشم ، أما المواطن المعني بهذا التدخل في دارفور لا يعلم شيئاً عن ما يجري في مجلس الأمن ، بل لا يعلم أن هناك شئ اسمه جينداي فريزر زار الخرطوم ، لأنه محروم من كل شئ يربطه بالحياة ، لا توجد شبكة كهرباء أو طرق ، ولا يملكون هواتف نقالة حتى يأتيهم اتصال من شخص غامض يطلب منهم الخروج للتظاهر في وجه الزائرة الأمريكية .
    الفاصل بين الذين خرجوا للتظاهر وبين الذين لم يخرجوا أشبه بجدار برلين ، في القوة والمتانة والصيت ، لأنه فاصل حقيقي بين الذين يملكون كل شئ وبين الذين لا يملكون شيئاً ، هناك فرق كبير بين مواطن يعيش في بيت كبير وهو يقلب المحطات الفضائية في ساعات متأخرة من الليل ، يذهب أولاده إلي المدرسة في كل صباح ، ويذهب هو إلي عمله مزهواً ويقبض الراتب والعلاوة والبدلات ، فيوسع علي أهل بيته في آخر الشهر بالفاكهة والتمر والحلويات ، وبين مواطن يعيش تحت خرقة خيش قديمة ، من غير ماء أو طعام ، والخروج من المعسكر مخاطرة كبيرة ربما تكلفه حياته ، لا يستطيع جمع الحطب لتدفئة أبنائه الصغار ، فالذين خرجوا في شارع علي عبد اللطيف هم غير الذين ماتوا من البرد والجوع في دارفور ، وغير الذين ماتوا في المستشفيات لأنهم لا يملكون ثمن الدواء أو بسبب الإهمال كما حدث للحاجة ( بتول ) .
    إن الشعب السوداني ليس في حاجةٍ للكرامة ، إنها ليست خبزاً أو دقيقاً ، وكلمة معنوية قرأناها في الأدب العربي وكرهناها في دنيا السياسة ، مصطلح فضفاض يجعلك تجري وراء ماء بقيعة يحسبه الظمآن ماء وليس هو بماء ، قُتلت كرامة الشعب السوداني في ليلة الثلاثين من يونيو 89 ، فعشنا تحت الذل والإهانة ، اُغتيلت طالبة بجامعة الخرطوم فلم نحرك ساكناً ، قتلوا بعدها كل من سليم وطارق فطأطأنا رؤوسنا وأثرنا سلامتنا الشخصية ، وسكتنا بعد أن ملأنا الخوف ، مات آلاف الناس في حرب الجنوب ، ذبحوا عشرين مواطناً في بورتسودان ، واستمر ياجوج وماجوج يعيثون في الأرض فساداً . فها هم الآن قد تذكروا كلمة ( الكرامة ) ، فهم يقايضون حياة الذل التي أذاقونا لها بميتةٍ من أجل الكرامة ،لا يريدون أن يخسروا شيئاً ويستخدمون الشعب السوداني كدرع بشري في سبيل بقائهم في السلطة ، لماذا لا يكون الحل هو ذهاب حكومة المؤتمر الوطني من سدة الحكم ؟؟ عوضاً أن يرزح كل الشعب السوداني تحت الحصار ؟؟
    قصة قرأتها في أحد الكتب ، أن ملكاً من إسرائيل أزعجه صياح الديك ، فاصدر أمراً بقتل كل ديك في المدينة ، و قبل أن يخلد للنوم أمر خادمه وقال له : عليك أن توقظني من النوم عند وقت صياح الديك في الفجر ؟؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de