|
أبو الغيط وعمر سليمان ..رمتكم مصر بفلذات أكبادها
|
أبو الغيط وعمر سليمان ..رمتكم مصر بفلذات أكبادها
عبارة تطرق تفكيري بقوة كلما رأيت المشير البشير ، وهو ضيفاً على احدى الفضائيات العربية يتحدث عن أزمة دارفور ، المقولة لزياد بن أبيه عندما تولى حكم العراق ، حيث قال : أن كذبة الأمير بغاء مشهورة الكذب في قاموس الإنقاذ الآن هو فضيلة من أجل النجاة ، وفي السابق كان فضيلة من أجل الوصول إلي الحكم ، ولعلنا نذكر المقولة الشهيرة للشيخ الترابي عندما خاطب سعادة العميد في عام 89 : اذهب إلي القصر رئيساً وسأمضي أنا إلي كوبر سجيناً ومعتقلاً . الكذب هو علاقة العقد الاجتماعي التي تربط رجال الإنقاذ مع بعضهم بعضاً ، في الأثر الإسلامي الشريف ، أن المسلم يزني ويسرق ويتعاطى الخمر ولكنه لا يكذب ، حكمة أهل العراق في تعاطي شئون الدين والسياسة لم تنقطع ، رغم تغير الزمان والمكان ، تذكرت مقولة للرئيس العراقي السابق صدام حسين عندما رأي الرئيس المصري حسني مبارك يرغي ويزبد في حرب الخليج الثانية ، فقال أن الرئيس المصري أشبه بهاتف العملة ، فكلما وضعت فيه قرشاً سمح لك بالتحدث لفترة أطول ، فمصر الآن رمتنا بفلذات أكبادها ، أبو الغيط ورئيس المخابرات عمر سليمان ، كلاهما في العاصمة الخرطوم ، توعدا بالشر كل من تسول له نفسه مس الإنقاذ ، مفردة غائبة في قاموس النضال المصري لعدد من السنين ، بأنها هذه المرة سوف ( تتصدى ) لمن يناور في السودان ، مثل هذا النوع من التصريحات يزيد الأوضاع سوءاً في السودان ، سوف تجعل النظام يكابر ويقف ضد إرادة المجتمع الدولي ، ومن يدفع الثمن هم أهل السودان سواء أكانوا في دارفور أم في الخرطوم ، فمصر التي نعرفها والتي تعيش على فتات القمح الذي تهبه له الولايات المتحدة لن تضع المبادئ في طريق المصالح ، ولن تغلق بوابة قناة السويس من أجل مناصرة نظام الإنقاذ عندما يحين وقت الحصار ، فقادتها يطلقون مثل هذا النوع من التصريحات من أجل إشعارنا بأنهم لا زالوا على قيد الحياة ويتنفسون هواء المصالح الإقليمية في إسفير السودان المترامي ، وما لا يطيقه العقل كيف تؤيد مصر الاحتلال الأمريكي للعراق علناً بينما ترى أن تدخل الأمم المتحدة في دارفور هو مشروع احتلال يجب الوقوف ضده ؟؟، فقديماً راهن الرئيس النميري على مصر من أجل بقائه في الحكم ، استمد من مصر كل شيء ، الأمن والمخابرات ، فمصر لا تستطيع حكم السودان منفردة ، فقد جربت حظها أربعة مرات في حكم السودان ، مرةً مع الأتراك ، ومرةً مع الإنجليز ، ومرةً مع النميري ، وها هي الآن تجرب حظها مع أبناء الشمالي النيلي لتكرير تلك التجربة البغيضة من الحكم الثنائي ، فقد الرئيس النميري عرشه ومصر لم تكافئه كما أعتقد ، فعاد إلي السودان وهو يجر أذيال الشيخوخة بعد أن سئم المصريون من بقائه بينهم . فكلما ضعف النظام في الخرطوم تزداد شوكة المصريون قوة ، مثلما يحدث بين إيران والعراق ، مثلما يحدث بين اثيوبيا والصومال ، فمصر الآن تحاول الاستثمار في جراحات السودان النادبة ، وقد علمت أن النظام قد ابدأ بعض الليونة في التعامل مع أزمة دارفور ، وقد بقيت الإنقاذ على قاب قوسين أو أدنى من قبول القوات الدولية ، لذلك جاء الآن اللواء عمر سليمان في معية أبو الغيط لاحتواء هذا التجاوب ، فالمصريون مع السودان أشبه بالشيطان الذي يحضر نزع الموت الأخير فيقول للإنسان أكفر ، وعندما يكفر يقول له أني برئ مما فعلت ..إني اخاف الله رب العالمين ، أعتقد الرئيس النميري أن اتفاقية الدفاع المشترك التي عقدها مع النظام المصري كفيلة بحماية عرشه من السقوط ، وهو مدفوعاً نحو هذا المسعى دخل في حرب الجنوب الثانية على ظن أن المصريون سوف يحاربون معه جيش الحركة الشعبية في الجنوب ، بقي المصريون كعادتهم – وهذا من حسن تدبيرهم – على الحياد ، فمضى الرئيس النميري وهو أعزل من الحلفاء نحو ميدان الحرب ، فباغتته الانتفاضة الشعبية قبل أن يقرأ النتيجة ، قبل أن نستفيض في دراسة التصريحات المصرية ..أليس من حقنا أن نعرف ماذا قدمت مصر لأهل دارفور ؟؟فحتى نسخ المصحف الشريف التي وزعها الأزهر بالمجان على الناس هناك أتضح أن بها الكثير من الأخطاء وسوء الترتيب للسور القرآنية ، هذه الهدية المجانية من الأزهر الشريف ذكرتني قصة : أن أحدهم بعد أن عاد من رحلة الحج أهدى لأحد معارفه مصحفاً ، وكان هذا الصديق يتوقع هدية غير المصحف ، ففاجئه الأمر فعلق قائلاً : كتاب الله بقبلوا ...لكن الفيك عرفتها . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|