.... في مثل هذا الـيوم( 28 اكتوبر 1964)، اي قبل اثنين واربعين عامآ، هبت الخرطوم في غضبة ضاريـة متوحدة صـفوفها تحت قيادة القضـاة الابرار الذين قدمـوااستقالاتهم ورفـضوا العمل تحـت القوانين العسكرية الجارية في البلاد وقتها، وتضــامنوا مع الشارع الـملتهب، ونزل الالآف من ابناء العاصـمة المثلثة الي الشوارع متجهين الي القصـر لاسقـاط نـظام عبـود وعـودة الحرية والديقراطية، كانت الهتافات ملء الـحناجر.." الـي القصر حـتي النصر، دماء القرشي تنيـر الطريق، مقصلة مقصلة امام القصر، الارهاب لن يثنينا، الي الثكنات ياعساكر، قسـمآ قسـمآ لن ننــهار،سـحقآ سـحقآ للعساكر، الرصاص لن يفنينا، لن نتراجع ولن نتخاذل، دماء الشهداء لن تضـيع، تسـقط حكومة العـسكر، لـن يحكمنا القصـر الفاســد، ضيعـت البلد ياعـبود ". وكـلما سارت المظاهرة واقتربت من القصـر ازدادت الـجماهير المتظاهرة عـددآ. كانت مقدمة الـمظاهرة تمامآ وامام بوابة القصـر من الناحيـة الجنوبيـة ومـؤخرتهـا عـند مبني معمل ( إسـتاك ) الطـبي، وقدر عـدد الـمتظاهرين بنـحو 60 الـف متظاهر (وهـو رقـم كبيـر بحســاب ذلـك الـوقت).
وازدادت الهتافات علوآ وحـدة في مـواجهة الـمئـات من جـنود الجيـش الذين رابـطوا بكامل عتادهـم واسلحـتهم الـنارية يحرسـون مداخل القصـر وعلي سمـاتهم علامات الارهاق والتعـب الظاهـريين من جــراء الحراسة الطـويلة للقـصـر وسـهر ليـالي عـديدة بلا نوم او راحـة، كانت ملامحهــم مليئـة بالـغيظ الشديد لهتافات المتظاهرين الاستفزازيـة وتلـويح بعض المتظاهرين بقبـضات اياديـهم في وجوة الضباط .
بـدأت الحشـود الخلفية وتدفع التي امامها للوصـول للـمقدمة والاقتراب من القصـر، وماعاد الفاصـل ومابيـن المتظاهرين في الصـفوف الاولي والـجنـود الـمرابطين خــلف اكيـاس الرمال الا بضـعة امتــار، اي بصـورة اخري ونصـف الـموقف ان " فـوهات بنادق العسـاكر كانت تلامـس ايادي المـتظـاهرين".
وفـجــاءة وبلا سـابق انذار، وبلا اطلاق رصـاصات تحـذيرية في الهـواء كما درجت العادة كنوع من التحذيــر والارهـاب، انطـلق زخـم من رصـاصـات الجنود ومباشـرة في صـدور وروؤس المتــظاهرين فسـقط قتيـلآ من سـقط وتناثرت الـجثـث في كل مكان والـمئات من الجـرحي يئـنون ولااحـد وكان يسـتطيع وان يقترب منـهم وسـحبهم لمناطق الامان، وعـمت الفوضي في كل مكان وراح المتظاهرين ويحاولون مجـددآ التجمـع لمـقاومة العسـكر الا ان الصـدمة كانت عند الناس قوية وهـم االكل نجدةالـمصابيـن واخراج الجــثث من منطقــة العسـكر.
في 28 اكـتوبر 1964، كـانت الـمستشفيات في الخرطوم في حالة طــوارئ، وفي كل مرة تستـقبل مشـرحة الخــرطوم عشـرات الـجـثث الـمجهولة الهـوية ممزقة برصـاات العـسـكر، وبدآت حشــود المواطنيـن وبعد سـماعهـم اخبار"لضـرب" ويسارعون لـمستشــفي الخـرطوم بحـثآ عن اخوانهـم واقاربـهم او لتقـديم العـون والتبرع بالـدم، وتـطوع الـمئات للعمل في المستشـفي في مهن متعـددة. بلـغ عـدد القتـلي 177 قتيــلآ منهـم نـحو 40 قتيـلآ لم يتعرف عليـهم احـد.
سـمـيت فيـما بعــد وبعد نجـاح ثورة اكـتوبر الـساحة التي سـقط فيـها الـقتلي بإســم " سـاحة الشـهداء ".
الاخ الحـبيـب الحبـوب، د. مـحـمد الطـاهـر، الاخ الحـبيب الحـبـوب، شــــــــــــــايقي،
تحــية الـود والتقدير، والمشاركة المقـدرة.
... ماإن علمت باقي المدن السودانية وباقي القري في الاصقاع البعيدة بخبر المجزرة في الخرطوم ، حتي زحفت الالآف من الجماهير الغاضبة اغلبهم متسلحين بالأسلحة البيضاء،جاءوا من كل فج عميق راكبين وراجلين، وازدحمت شوارع بهم حتي ماكان هناك مكان لقدم. وقد ساعدت الاقاويل الكثيرة والشـائعات التي إنتشرت وقتها عن الخرطوم في ان تكون محل اهتمام محلي وعالمي. صـورت الشائعات ان الخرطوم قد غدت قطعة من الجحيـم، وان القتلي تجاوزوا العشرة الف قتيل والجثث مبعثرة في كل مكان ولا يستـطيع أحدآ وان يسـترها بسـبب المصفحات والاليآت العسكرية ااي تجـوب الشوارع وتتصيـد المواطنيـن، راحت الاقاويل والتي تداولوها الناس حتي وصـلت الي المناطق البعيدة ،ان الخرطوم قـد اصبحـت صـورة من تلك المدن الاوروبية والتي وقعت في يـد الجنود النازيون الالمان ابان الـحرب العالمية الثانية وراحوا يبـدون من فيها من سكان عزل!!!!.
إمتلئت شـوارع الخـرطوم عن بكرة ابيها بمئات الالوف من الجماهير التي جاءت من كل حدب وصـوب عازمين الايتركوا الشـوارع ولايبارحوها حتـي يسـفط نظام عبـود العسكري وتعود الديقراطية ويعـودواالعسـكر الي قواعـدهم.
وفي ظل الاضـراب السياسي واستقالات القضـاة حيث غدت البلاد بلا قانون، وفي الانهاك والملل الذي دخل رجال وضباط الشرطة من الفوضي العارمة وتحطيم الموتطنين لعـرباتهم الخاصة والعامة، وإعلان نقابة الاطباء عن تضـامنهـم مع المضربين وان المسـتشفيات قد غـدت شــبة خالية من الاطباء في العاصمة المثلثة ماعدا وقلة منهم سـتعمل بنظام (الـورديات )لقابلة الحـالات الطارئة والمستعجلة، وأيضآ في ظل الانباء التي جاءت لتـقول ان موظفي ومهندسي الاذاعة والتلفزيون ومعهـم الفـنيين بادرة المواصــلات السلكية والاسلكية قد دخلوا في إضراب مفتوح ونزلـوا للشارع مع بقيـة المضربين من رجال الصحافة والاعلام وموظـفي المطار والسـكك حـديد الخرطوم.
يـوم 29 اكـتوبر 1964، إنقطع السودان عن العالم بســبب توقـف كل انواع الاتصالات وخاصة الهاتفيـة، ومما زاد الـطين بلة علي راس القـصـر،ان الاذاعة والتلفزيون توقفتا تمامآ عن العـمل مما واسـتحال معها وان يعـرف الناس حقيقة مايجري في البلاد. وجـاءت الاخبـار من مستشــفي الخرطـوم وتداولـتهاالناس ان اعـداد الوفيـات في المستشـفيات بالعاصمة المثلة نتيجـة الاعتداء عليهم بالرصــاص قد واصلت ارتفاعها وان المئات من الجـرحي يعانون من نـزيف مسـتمر.
كـانت " جـبهة الهيئـات " وهـي الهيئة الوطنية التي اشرفت علي كل الترتيبات علي تجميع كل القوي الوطنية والاحزاب والنقابات والمؤسسـات الكبيرة والصغيرة والاتحادات تحـت بوتقة واحـدة متضامنة منعآ للتشــتت، قـد راحت وتفتـح حوارآ مع القـصر ورآسـآ مع عبـود بهـدف التنــحي وان..." زمانك ياعبـود قد ولـي وراح" ،وانة ومنعآ لمزيـدآ من سـفك الـدماء خصـوصآ وان الشعب مصـمم علي التضـحيات بالروح والـدم فإنة ومن الاجدي الا تعـاند الحكومة وتصمر علي البقاء.
كان عبـود عاقـلآ في كـلامة وان الامور فعـلآ لاتســير في البلاد بصـورة حسـنة وانة سيتشـاور مع بقية زملاءة في مجلس قيادة الثورة والحكومة بـخـصوص اقتراح التنـحي وتسـليم السلطة لشعـب.
كـان اللـواء حـسن بشـير نصـر ( والمـشهور بالصرامة والعسكرية الجادة والانضـباط والضـبط والربط )من أقوي المعارضـين لتسـليم السـلطة لـ "رجـرجة" الشارع!!! وان الثورة ( 17 نوفمبر ) لن تنصـاع للمظاهرات وستـضرب بيـد من فـولاذ !!!.
بقيـة أعضاء المجلس كانوا مختلفين في الرأي حملـوا اللواء حسـن بشـير مسئولية تـدهور الوضـع بإصــدارة التوجيهات بضــرب الـمتظـاهرين المسالمين بالنار، انفعل حسـن كال لهم من السباب وامام عبود مالم ويتعـودوا سماعة من قبل من اللواء المنضبـط المـهذب وراح يؤكد لهـم انة ملتزم بالقرارالجـماعي للأعضـاء وان كان وسيبـقي علي رأية ان البلاد ستضيـع تـمامآ في حالة تسـليم مقاليـد زمام الامور للأحــزاب الـرجعــيـة!!!!!.
طلـب عبـود جلسـة مشتركة مابيـن قيـادة" جبـهة الهيئات " والتي كان من أعضاءها الشفيع احـمد الشـيخ ممثلآ عن العمال، الامـين احمد الامين ممثلآ عن نقابة المزارعين، فاروق ابو عيسي عن المحامين، ممثل عن حزب الامة، ممثل عن الشعب الديمقراطي، وممثل عن الوطني الاتحادي، وممثل عن الحزب الشيوعي، وتلاثة شـخصيات قيادية اخري كبيـرة. وليجـتمعوا معة والمجـلس العسكري الحاكم للثباحت حول إيجاد مخــرج للإزمة الـتي تمـر بها البـلاد وانجــع الطرق لـحلـها.
دارت المباحثات في القصـر مابين الجانبين العسكري والمدني لمدة يومين، وبعد اتفاق علي شروط مابينها والايـقدموا قادة 17 نوفمبر اطلآقآ للمحاكـمة، والاتمـس املاكهم وممتلكاتهم ايضـآ وافـق عبـود علي التنحـي من السلطة وتسـليم سـرالختـم الخليـفة كامل السلطات ولـمدة سـتة أشـهر تجـري بعـدها انتخابات عــامة.
في اليوم الواحد وثلاثيـن من اكتـوبر 1964، اعلـن الفـريق ابراهـيم عبود حل المجلس العسكري والحكومة ،والغاء حالة الطوارئ، وتسـليم الراية لجـبهة الهيـئات.
.. بعـد ان غادر عبود القصـر مع زمـلاءة الضبـاط الكبار ولزموا منازلهـم وقـدموا إستقالاتهـم من القوات الـمسلحة وخلعوا بزاتاهم السكرية وتفرغوا لحيــاة أخـري جـديـدة، تكـون ااـقوات الـمسلحـة قد ودعت أخـر جيل من الابـطال الـعظـام الذين عرفتهم العسكرية العالـمية كأشـجع ابطال سـودانيين خاصـوا معارك الحرب العالمية الثانية بجســارة وبـطولة واقـدام قل وان نجـدها في زماننـا الـحالي. كـانوا أخـر ( دفعــة ) سـودانية شـاركت في معارك ( العـلمــين ) بالصـحراء الكبري ضـد قـوات روميـل الالـماني الـملقب بــ " ثعـلب الصـحراء" والـتحمـت قواتنا بقيـادة اللواء محـمد طلعت فريـد ( أطـال اللة عـمرة ) مع القوات الايطاليـة في معارك ( كـرن ) و (تسـني ) ويقال ان محمـد طلعت كان يضـع الـمدفع الثقيل علي حجـرة كقاعـدة يرتكز عليها المدفع مما وجعلة وحـتي اليوم و ( يعــرج ) في مشـيتة. تعـتبر دفعـة ضـباط ( 17 نوفـمبر ) أخـرالعــظـماء في تاريـخ العسكرية السـودانيـة: يـقول نبيـنا الكـريـم " وأعطــوا لكـل ذي حـق حـقة "، فـوجب علينا وان نعطـيهـم حقــهم من التـكريـم والتقـدير هـؤلاء الذيـن رفعـوا رؤوسـنا وحـرروا العـالم من قبضــة النازية.
زيارة خاصة جداً وردي .. يغني لـ «اكتوبر» الموءُود..!
عادل سيد أحمد * مرّ أكتوبر .. ونسينا «القرشي» وما «أنْسانِيها» إلا الانقاذ..انشغلنا بدارفور ..! وانشغلنا بـ «برونك» ..!
مساجلات غير مجدية بين المؤتمر الوطني ولا أقول «حكومة الوحدة الوطنية» وبينه وبين المجتمع الدولي. إنهم يناطحون الصخر .. ويدخلون بلادنا في «ورطة».. شعبنا بريء منها «براءة الذئب من دم بن يعقوب»! * مرّ اكتوبر «الحزين».. وقد ذكّر النّاس به الفنان العملاق وردي .. في حفلة ضخمة ، ثاني أيام العيد بقاعة تاجوج بشارع النيل .. حينما طلب منه الجمهور أن يغني أغاني الثورة .. فقال وردي «محتاراً» : «اتقصدون اكتوبر الموءُود ». * وفي استراحة الحفلة.. وكان وردي يجلس في ركن ركين .. قلت له : «دعني اجلس معك .. واعتبرها معايدة.. ودعني استضيفك في زيارة خاصة جداً.. فاستجاب. كان يتحدث والسودان في حدقات عيونه.. يحاجي الكبار ويداعب الاطفال .. ويعانق «بالأحضان الشديدة» كل من التقاه في تلك الليلة من أهل السودان. تغني لإسماعيل حسن .. وغنى بالرطانة.. وختم بـ «يانور العين» وحينما طلب منه أحد المعجبين أغنية «غلطة».. قال له وردي : «إنت بتغلط ليه»؟. سألناه : يا وردي إنت مغرور؟.. فقال : «أنا ابن ريف ، وقد تربيت على الوضوح والصراحة، والنّاس في الحضر يعتبرون ذلك غروراً». * السهرة كانت جميلة جداً .. اخرجتنا من الحالة «البرونكية» التي نعيشها وذكرتنا بشيء عظيم جداً اسمه «أُكتوبر»!.
..... لـن ينسـي الشعـب السوداني وقائع 30 أكتـوبر 1964، فقـد اعلنـت " جبهـة الهـيئات " وعبـر مـكبرات الصـوت الـمعلقة علي عـربات " وزارة الاسـتعلامات والعـمل " للجماهير الـمحتشـدة في الشـوارع انها ستذيـع بيانآ هامـآ يتعلق بآخر التطورات والمباحثات الجارية في القصـر بيـن الطرفيـن الـمتفاوضـيين حول التنـحي وتشـكيل حكـومة قوميـة إنتقالية تسـير دفة إمور البلاد حـتي الانتخـابات القادمة، وان الـماوضات تواجـة بعـض الصعوبات والعراقيل.
بـقي الناس وطوال اليـوم في الشـوارع عـازمين عـلي الا يغادروهـا الا بعـد التنـحي وعودة الثكنات للعساكر، ومن جهـة كان التوتر قـد وصـل الي أقصـي مـداة لـدي جنـود الـقوات الـمسلـحة ( للـعلم: تعبيـر القوات الـمسلحـة جـاء وبـديلآ عـن كلـمة جـيـش، واول من أمر بإستـخدام هـذا الـمصطـلح الجـديـد هـو الريـئس السـابق نـميـري عام 1969، تمشـيآ مع قرار صـادر من الجامعـة العربية بتوحـيد الـمصطلحـات الـحربية ورتـب القادة في القوات المـسلحة والغاء القـديمة مثل بكباشي واميرلاي )، الذين شـعروا ان إزدحام الشوارع بالجماهيـر قد يدفع بالبعض لارتكاب حماقات تؤدي الـي مزيد من الـدماء وفي نفس الوقت كانت الجماهير متخـوفة وان يرتكب الضباط الناقميـن علي الجماهيـر التي راحت وتسبهم وتنعتهـم بالجبناء المتخفيين وراء سـلاحـهم وان يتـهوروا في ظل التعب والارهاق البادي عليـهم والتوتـر النفسـي ويبادروا باطلاق النـار مجـددآ علـي الجماهـير عمـلآ بالقول المعروف " خربانة ام بنـاية قـش " و "يارائـح كـتر من الفضـائح!!!). كانت الخرطوم عبارة عن برميل بارود يقترب منة رويدآ رويدا عـود ثقاب مشتعل، كان الكل في هـذا اليوم في غاية التوتر والتشـجن، ولاأحـدآ يعرف هـل ســتذيع "جبهـة الهيئات " خبر فشل الاتفاق مع اعضاء المجلس العسكري ام سيكون خـبر يعلن الاطاحة بالنظام العسكري وعـودة الديفراطية مرة أخري ??، وفي حالة فشـل " جبهة الهيئات " في الوصول لاتفاق وان العـسكر باقييـن في السـلطة، كيف سـتتقبل الجـماهير الخبر وكيف ستكون ردود الفعل، وهل من مواجهـات سـتقع ام وبحـبوط شـديد ستتـركالجـماهير اماكنها في الشوارع وتعود لـمواقعها ومنازلهـم يلعـقون الـمر والـحنظل???.
وبـدآت الشـائعات تنطلق ان الـمجلس قد قام بإعتقال الـمتفاوضـين اعضـاء "جبهـة الـميثاق"!!!، وزاد البـعض عليها قليلآ من البهارات الـحاذقة واكدوا إنهم سـمعوا صـوت طلقات رصــاص صــادرة من داخل القصـر،وزاد البعض من بهاراتهـم وان اصـوات صـراخات وعويل قـد جاءت وعقب اطلاق الرصاص!!!!.
وانتشـرت الاشــاعات كإنتشار النار في الهشـيم ومارفض احـدآ وأن يرفضها او يتمعن بدقة في صـدقهـا، وتقبلوها وكأنها فعـلآ قـد وقعت كـما جاءت في الاشاعات. وتوتـر الجـميع وأصـلاوا علي الالتقاء بأحد اعضاء الـوفـد الشعبي والا إقتحـموا القصــر. تبرع أحـد الضباط بالمهمـة ودخل القصـر ليـخرج مع احـد عضاء الـوفـد ليعلـن في قــرف شــديـد ان الـمباحثات تسـير بصـورة سـيئة للغاية وان إحتمال فشـل الاجتماع تصـل الي 88 في المائة!!!وقفـل عائـدآالي مكان الاجتماع بعد ان أكـد ان الجـميع في القـصـر بخـير.
ولـما لم يصـدر اي بيان في مســاء ذلك اليوم30 اكتوبر، إضـطرت الجـماهير للبقـاء في الشوارع حـتي اليوم التالي 31 أكتوبر.
تقول كتب التاريـخ عن هذا اليوم الخـــالد " 31 اكتوبـر"،ان جماهيـر الاقاليـم البعيدة وبضـواحـي الخرطوم ماإن وصلتـها أخبار " إشاعات " ضـرب الرصـاص في القصــر وأيضـآ الاخـري التي تقول ان عربات الاسعاف قـد دخلت القصـر مسـرعة وخرجت بعـدها بـدقائق أيضـآ مســرعة صـوب مستشـفي الخرطوم،وان العسـكر قـد قاموا بإعتقال قادة مفاوضـات جبهــة الـهيئات ونقلـتهم سـرآ للقيادة العامة في الشـجرة، وماإن سـمعت هـذة الجماهيـر البعيـدة بإنة وهناك تحـرشات واستفزازات من قبل الجنـود المنتشـرين حول القصـر، حتي سارعت هـذة الجماهيـر وبالالـوف منهـم ويقصـدون الخرطوم عازمين علي مقاومة العسكر وإنهاء الـوضـع العسكري.
الوضـع داخل القصـر كان مختلف تمـامآ عن الصـورة التي في أذهان الناس . فقـد توصــل الـطرفان في القصـر الي اتفاقية يتنـحي بموجبها الرئيس ابراهيـم عبود عن السلطة، ويقـوم بحـل المجـلس العسكري الـحاكم ، ويقيـل الحكومة والبرلمان ويلغي كل القـواتين الإســتثنائية التـي فرضـها علي البلاد وإلغاء حالة الطوارئ وعـودة العسـكر للثكنات إخلاء الشـوارع من كل المظاهـر العسكرية، وتسـليم كـــامل السلطات لـجبهــة الـهيئات علي ان تقام إنتخابات حـرة بكامل البلاد خــلال سـتة أشـهر من بداية التسـليم،وتشـكيل حكومــة قومية تـعمل علي إدارة البلاد وتجـهـز للإنتخابات القـادمة، وانة وعـلي هذة الحـكومة التعهــد بعدم الـمساس بحـرية المجلس العسـكري الـمنحل وضــمانة عـدم تقـديمهم مســتقبلآ للمحاكمة او لاي نوع من الـمسـآلة وإحـترام خصـــوصـــيات واملاك الضباط الذيـن حكـموا البلاد وطوال سـتة عشــر عامآ.
الـتزم الاعضــاء الـمفاوضـين من " جبـهة الـهيئـات " بإحـترام وتنفيـذ كل بنـد في الاتفاق والعمل علي عـدم الاخلال باي بنـد فيــة:
وفي تمـام السـاعة مســـااء من يــوم 31 أكتـوبر 1964، تـم إذاعـة خـبر تنحــي الفريق عبود عـن السلـطة وتسـليم كامل السلطات للـشـعب .
31 أكتـوبر 1964، واحـدة من أعظـم أيام دخلت التاريـخ العالـمي وتقول صفـحات من هذا الكتاب، ان الثورة الفرنسـية ثـم وبعدها ثورة اكتوبر الاشـتراكية في روســيا عام 1917، وبـعدها ثورة 21 اكتـوبر السـودانية، كلها من أعظـم تورات دخلت تاريـخ القـرن الـماضــي.
اتلـفت حـولي فلا أري ملامـح لاي ذكريات او قابلية من السودانيين لإجــترار معاني وجــوهــر هذة الثورة، ولاأحــدآ أيضــآ هناك ومن يهــتـم بتقليـب صــفحاتها لتنشـيط ذاكـرة وإحياء ذكــري شــهداء قـدموا هـم ومايـمكن تقـديمة وســلمونا أمانــة.... وماحافظــنا عليـها!!!!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة