|
|
 يا أحـزاب .. أريد حزب .. فأصحابي كلهم لديهم أحزاب
|
حتى قبل شهر أو شهرين .. كنت أظن نفسي .. على خير عظيم .. حيث أنني لديه الكثير من الأصدقاء .. خصوصاً في رياض الخير .. المدينة الجميلة رغم الغربة .. التي جمعتني بأصدقاء من كل لون .. بعضهم معارض .. بعضهم موالي .. بعضهم فنانيين .. بعضهم شعراء .. إلتقيت بكل السودان .. خالطهم جميعاً .. شمالاً .. وجنوباً .. وشرقاً .. غرباً .. بل صرت واحد منهم .. أذكرهم بالخير .. ويذكرونني بالخير ..
كنت أفخر بأنني .. صديق الكل .. بل لا أتأخر في مناصرة من ينشدني ..
ولكنني فجأة إكتشفت .. أنني أحتاج إلى حزب .. فلقد إكتشفت أن أصحابي جميعاً لديهم أحزاب .. ربما بحثي عن حزب أتى متأخراً .. ومن باب الضرورة ..
في عهد الديمقراطية الثانية .. كنت شاباً معجب بنفسه .. يحس أنه مميز .. لأسباب بعضها يعود لغرور الشباب وطيشه .. وبعضها .. لتلك السن التي تجمع بين الطيش والدنجوانية .. لاكنني كنت .. مثل كثيراً من أبناء جيلي الذين ولدوا في حقبة نميري .. لانعرف شئ عن السياسة .. ولانفقه دروبها .. بل نشأنا في وسط جيل يخاف السياسة بحجة إنه وراه كوم لحم .. وإنه يسعى لرزق عياله .. لذا تجربة الديمقراطية بالنسبة لنا كانت شئ من الدهشة .. فكنت أرى الدور قد فتحت في كل شبر من عطبرة .. ففي حي الدرجة الذي أسكنه لوحدة كانت هنالك أقوى الكوادر السياسية التي إنشقت الأرض وأخرجتها لنا بين ليلة وضحاها ..
فهاهو دار الحزب الناصري ..علق يافطته في المنزل المجاور لمنزل جدنا خواض إبراهيم .. الذي يفتح على ميدان الشبيبة .. ومدرسة الأقباط المصرية .. وتفاجأت بأن أبناء جيراننا [أولاد خليل ] هم من يترأسون سكرتارية الحزب .. فزادت دهشتي .. وهذا مركز جماعة أنصار السنة المحمدية .. الذي كنت أصلي فيه بعض الصلوات عندما يتقلب الخير في داخلي على نوازع الشر ... إكتشفت إنه المركز العام لجماعة أنصار السنة في عطبرة .. وبدء ندواته ومحاضرات .. وبدأت مكبراته تعلوا بالندوات التي تتخللها أيات من تلاوت الشيخ أحمد محمد طاهر الجميلة التي مازال صداها يتردد في دواخلي ..
وهاهم الجمهريون .. يفتتحون دارهم في ذلك المنزل الذي يفتح على محطة السندة [ شارع الشهداء ] .. وهو المنزر الذي يجاور منزل عم مصطفى [ والد شاذلي وأبوعبيد ] وبدأت أناشيدهم تعلوا :
عليك صلاة الله .. ثم سلامه ..
ألا يارسول الله إني لمغرم ..
كانت يأسرني أنشادهم .. ولكنني كنت أخاف منهم كثيراً .. فكل ما أعرفه عنهم .. إن إمامهم كافر .. تم إعدامه لأنه قال إن الصلاة رفعت عني ..
وهاهو محي دبورة [ عليه رحمة الله ] .. يعلن عن إنتمائه للحزب الإتحادي الديمقراطي .. بل دعانا أنا ومجموعة من شباب الدرجة لحضور إجتماع في منزله .. مع الوالي .. وقد قمت بتدوين حيثيات ذلك الإجتماع .. [ ولو كنت أعلم أنني سأكتب هنا ذات يوم ] لكنت أحتفظ بذلك المحضر الذي مازلت أذكر تفاصيله .. فقد وعدنا بأنه سوف يساعدنا في القراءة بمصر .. وإنه لن يتواني في دعم المناشط الرياضية في الحي .. ودعم فكرة تكوين نادي .. بل صرح لنا بأننا سنكون نواة لشباب الحزب في الدرجة ..
أما خارج الدرجة .. في براحات عطبرة الرحبة .. فرأيت في منزل يفتح على فسحة المولد .. مقابل مظلة التاكسي التي تقع غرب طرمبة توتال .. يافطة كبيرة علق عليها [ حزب الوحدة ] .. لم أعرف عنهم أي شئ حتى يومي هذا .. بيد أن صديقي ناصر .. إنضم إليهم .. وقال لي تعال زورنا .. وقد ذهبت إليهم وجدت أستاذ نادر الذي درسني من المسئولين في الحزب .. ووجدت عدد لابأس به من الشباب والشابات .. لكأن أهل عطبرة كلهم بين يوم وضحاها أصبحوا من الكوادر السياسيين المخضرمين .
ثم علمت أن حزب البحث .. ماهو إلا تؤم سيامي .. تم فصله بواسطة عملية جراحية .. إلى حزب البحث السوري .. وكان دراهم بالقرب من المنطقة الصناعية .. في منزل يمتاز مدخله بعلو ملحوظ .. علي أكثر من 3 درجات يجب أن ترتقيها حتى تدخل إلى ذلك الدار .. ذهبت إليه بدعوة من تلك الإنسانة [ رشا ] التي كنت أحبها .. ولكنها تحب غيري .. دعتني لكي أحضر معرض تم إعداده بمناسبة أعياد الإستقلال .. وكان ذلك عندما كان أهل السودان يحتفلون بالإستقلال في وقته يوم 1/1 .. كما لا أدري كيف أصبحت رشا .. من كوادر حزب البحث .. وأنا الذي كنت أدعي أنني أعرف كل شئ عنها وعن اسرتها .. بل كان جلوسي عندهم أكثر من جلوسي بمنزلنا .. لم تتحدث عن السياسة أبداً .. ولم أراها تذكر شئ عن القومية العربية .. أو عن حزب البحث أو عن الحكومة .. سبحان الله .. لا أدري ما الذي أصاب أهل عطبرة .. حتى رشال جميلتي أصحبت تحب السياسة أكثر من حبيبها الذي تحبه أكثر مني ..
كذلك كان حزب البحث العراقي .. له دار .. وله أنصار .. رغم ماكان يقال بعد ذلك الحادث الشهير الذي ذهب ضحيته أحد أبناء عطبرة من كوادر حزب البحث العربي العراقي .. حيث سرت شائعات وأقاويل .. إنه تأثر من جراء التعذيب في معتقلات العراق .. والكثير الكثير من الأقاويل ..ولكنها لم تفلح في أن يتراجع أنصار حزب البحث العربي العراقي .. بل زاد وجوده ..
كذلك لأول مرة سمعت باللجان الثورية .. حيث إنه حزب أتانا من ليبيا .. وكانت دهشتي أيضاً عندما علمت أن صديقي طارق .. عضو في ذلك الحزب .. ضحكت وقلت له .. شنو ياطارق .. داير تمشي ليبيا ولا شنو .. لكن عرفت أن عضويته لم تكن مجرد مزحة .. عندما .. علق أستاذ الشيخ وهو ينده إسم طارق .. قال إنت طارق .. قال نعم .. قال ياسلام أنا أمس سمعته إسمك في مكان مشرف .. وإتضح لي أن أستاذ الشيخ من كوادر اللجان الشعبية ..
كذلك حزب الأمة كان حاضراً بثقل قوي .. ووجدت صديقي الفاضل .. من أعتى كوادره .. بل أسرته جميعها من أعتى كوادر حزب الأمة ..
بسم الله الرحمن الرحيم ..
ماذا يحدث .. أصبح جميع العطبراويين .. كوادر حزبية .. ماعدا أنا .. وبعد أصدقاء شلة الحفلات .. وطيش الشباب .. التي كانت تتكون من بعض شلة العمود التي حكيت عنها في مكان ما هنا ..
[ بين ليلة وضحاها وجدت نفسي محاطات بكوادر الأحزاب من كل إتجاه .. أنا لا أفرق بينهم .. لأنهم كلهم أصدقائي وأحبابي .. أكلت معهم .. وتقاسمنا الحارة والباردة .. أزرتهم وأازروني .. بيوتهم بيوتي .. وهمي همي .. ولكنها كارثة نزلت علينا .. فالآن المشاعر صارت موجهه .. وسوف أحدثكم لاحقاً كيف إشتكي صديقي ..صديقي الآخر .. وقد كاد أن يفلح في تسليمه إلى أجهزة الأمن لولا ألطاف الله ..]
شغلني أمر السياسة التي تفشت هكذا .. بدأت أفكر في السياسة من زاوية العلم بالشئ لا الجهل به .. فلبية تلك الدعوة التي قدمت لي من صديق .. أكتشف أيضاً إنه كادر من كوادر الحزب الشيوعي في عطبرة .. ولكنني هذه المرة لم أندهش .. لأن الإندهاش كان قد مات .. بل خيل إلي .. أنني سوف أتلقى غداً دعوة من حزب الشيعـــة .. وسأكتشف أن أبي كادر من كوادره
فذهبت إلى دارهم التي كانت تقع .. بالقرب من مكتبة البلدية عطبرة .. وكانت ليلة جميلة .. بها بعض الكورالات .. وبعض الإسكتشات .. وأعتقد أن المناسبة كانت بمناسبة تخريج دفعة من طلبة الإسعافات الأولية من كوادر الحزب .. وعاودتني الدهشة بعد أن كنت قد أيقنت أنها لن تأتي .. عندما تحدث جارنا [ سيد ] .. وبعدها عرفت أنه من قيادات الحزب ..
خرجت .. وقد أدركت تماماً أنني محاط بقادة أحزاب لايشق لهم غبار .. وبالتالي يجب أن أحترس في ونستي معهم .. ومزاحي معهم .. فقد كنت ألتقيهم هكذا .. أضحك من أعماقي .. وأرمي قولي على هواهنه دون أن أحسب له حساب .. بل كنت أقاسمهم همي .. فإذا بالأحزاب .. تأتي لكي تقسمنا ..
الآن هذه دعوة مني لكل ألوان الطيف السياسي .. خصوصاً إولئك الذين تجمعني بهم مدينة الرياض .. أفيدكم بأنني المواطن خالد سعيد .. ليس لي أي حزب .. وهذا لايستقيم مع وضع الرياض الحالي [ الذي وصل مرحلة تمايز الصفوف ( يا أبيض يا أسود) ].. لذا أناشدكم بأن تهبوني حزباً .. أرهن إليه كل قراراتي .. وأطيعه طاعة مؤسسة .. لعلى .. أستطيع أن أمنح صوتي في الإنتخابات القادمة [ إن كان هنالك إنتخابات ] .. ولعلي أستطيع أن أحافظ على علاقاتي الإجتماعية التي أضتح أنها لاتستقيم دون حزب .
تحياتي ،
خالد الأرباب
|
|
 
|
|
|
|
Khalid Saeed
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست