كادي .. سميرة .. مارتن .. (قصة قصيرة)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 12:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-19-2009, 05:38 AM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كادي .. سميرة .. مارتن .. (قصة قصيرة)


    كانت شمس يوليو عند تمام حضورها وهي ترسل زفراتها الملتهبة سوط عذاب على الرؤوس حتى الظلال فرت إلى مسام الجدران مكرهة علي الانكماش وتركت الساحة نهباً لاجتياح الشمس ودخان الحافلات وصراخ الباعة علي بضائعهم التي قاربت حرارتها من درجة الغليان.

    قرقعة آنية الألمنيوم وطرقها المتكرر علي قطع الثلج التي طفحت تعلو مياه
    احتوتها آنية من البلاستيك أوهنها الزمان كانت تعبر كالموسيقى إلى آذان السابلة وكان ذلك موسم فرح للباعةالذين تسعدهم حفنات من النقود تقيم الأود وتقيهم ذل الحاجة .

    نعيق أبواق السيارات ممتزجاً بالغناء القادم من محلات المرطبات وصياح السوقة يعطي تعريفاً وافياً لما يعرف بالإزعاج .

    مابين براثن الحافلات التي تراصت بطول الممرات الأسمنتية التي أعدت لها سلفاً انسل مارتن وكادي بعد الظفر بقطعة من القماش ارتوت بالبنزين ودخان العوادم والغبار العالق , وضعها مارتن علي أنفه طويلاً وهو يجذب منها نفساً عميقاً فاسترخت عضلاته وفتح عينيه الغائمتين دون أن يرى شيئاً ثم توسد الرصيف المغطي برزاز البصاق المختلط بالصعوط وهو يناولها لكادي الذي لم يكتفي باستنشاقها بل ربطها حول أنفه ثم توسد الرصيف أيضاً بجوار مارتن .


    من داخل كفتيريا السعادة كانت سميرة تتابع المشهد في فضول محاولة قتل الوقت في انتظار نادر ثم تحول الفضول إلى اهتمام وهي تراقبهما , قدرت أن مجموع عمريهما معاً لا يتعدى الخمسة عشر ربيعاً أو دون ذلك , قرأت في عيني مارتن الواسعتين نقاء لم تلوثه الأيام بعد وأشفقت علي جسد كادي النحيل من قسوة واقع قد يحيله إلي شبح , تابعت خطوات التحضير لغيبوبة مؤقتة لحين إكتمالها ثم نظرت إلى كوب العصير الذي يقبع أمامها وسعره يكفي لإشباع غريزة الجوع لديهما فأزاحته جانباً في امتعاض.

    شعرت بالقلق وهي تراقب ثباتهما الأقرب للموت غير عابئين بجحيم الظهيرة وغليان الرصيف ثم عاودها اطمئنانها وهي تبصر حركتهما الضعيفة ثم استواء مارتن جالساً وهو يتلفت حوله وكنه يبحث عن شيء معين ,ثم نهض كادي وإن بدأ الاستياء على وجهه وهما يتجادلان , نهضا معاً متوجهين في اتجاهها ,لم تغفل عينيها منظر الضلوع التي تبرجت خلف أسمال لا تستر شيئاَ .
    شعرت بالانقباض يتملكها .. أصلحت من جلستها وهي تنظر إلى ساعتها (لقد تأخر نادر كما هو معتاد ) لا تدري حتى متى تتمسك بهذا الحب البائس ,صديقاتها حذرنها من استهتاره كثيراَ ولكن يبدو أنها راهنت علي الجواد الخاسر .

    إنتبهت من شرودها علي صياح عامل الكفتيريا فالتفتت في اتجاهه ,كانا يبتعدان بخطواتهما الصغيرة عن مكب القمامة الخاوي علي عروشه والعامل يمعن في صياحه وهو يراقب صاحب الكفتيريا من طرف خفي , أشفقت عليهما فمكبات القمامة أضحت لا تكفي حتى القطط التي اتخذتها مسكناَ , تابعت مناورتهما مع العامل وقد تحول الأمر على لعبة بالنسبة إليهما ,فما ان يلج الي الداخل حتى يعودا مرة اخري ثم يبتعدان حال قدومه وهما يطلقان ضحكات ساخرة , بعد قليل ملا اللعبة فنداء البطن كان أقوى من إغراء اللعب ,فجلسا بالقرب من الباب واستغلا انشغال العامل وولجا إلى داخل الكفتيريا ,كانت المنضدة التي أمامها تجاور الباب تماماً, اقتربا
    منها وهما يتسولان الجالس لقمة ,بدا عليه القرف والامتعاض وهو يحاول أن يبعدهما دون أن يلمساه .

    شغلها هاتفها ونادر يعتذر عن المجيء لظرف طارئ كالمعتاد , أنهت المكالمة في هدوء وهي تدرك أنها قد أنهت معها الكثير , غامت عينيها للحظة بالدموع ولكنها قاومت في كبرياء جريح , وضعت الهاتف في حقيبتها ورفعت رأسها بحثاً عنهما , كا ن العامل ممسكاً بكادي ومارتن يقف غير بعيد لا يدري ماذا يفعل .

    أغلقت حقيبتها ونهضت في حزم

    - دعه
    نظر إليها العامل في دهشة وهو يتمتم مبرراَ

    - إنهما يتسولان وفد أزعجا الزبائن

    - لا أنا من دعوتهما إلى هنا

    أمسكت بكادي من ذراعة وأجلسته بجوارها , عيناه الواسعتان كانتا خليطاً من الدهشة والشك , وكان يجلس علي طرف المقعد وكأنه يستعد للفرار

    ابتسمت له مطمئنة وهي تطلب له كوباً من العصير , إقترب مارتن في حذر ووقف غير بعيد يتابع في صمت , نادته في رفق فوقف بالقرب منها ,أشارت إلى المقعد فجلس وعيناه لا تفارقانها , تحسست النقود في حقيبتها ثم طلبت لهما طعاماً ,كانت تراقبهما في سعادة وهما يغتالان وحش الجوع , قرأت الشبع ممزوجاً بالدهشة في زوج الأعين الذي كان يتطلع غليها في عرفان , تجاهلت نظرات العامل التي كانت تتهمها بالجنون ثم ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تنهض مببتعدة .

    كانت تدرك أنها لم تفعل الكثير ولكنها غرست وردة في قاحل الواقع


    تمت

    محمد الطيب يوسف

    مكة المكرمة

    (عدل بواسطة محمد الطيب يوسف on 03-22-2009, 09:09 AM)

                  

03-22-2009, 09:11 AM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كادي .. سميرة .. مارتن .. (قصة قصيرة) (Re: محمد الطيب يوسف)


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de