والآن ... الفيسبوك بتكلم عربي .........

Quote: "فيسبوك" بالعربي! د. عمار بكار أعلن موقع "فيسبوك" الشهير facebook.com خلال الأسبوع الماضي إطلاق نسخته العربية، ليفتتح بذلك فصلا جديدا من التأثير والاستقطاب والنجاح في العالم العربي. فيسبوك له أكثر من ربع مليون عضو في السعودية، ولكن لمن لا يعرفه، هو أكبر موقع لما يسمى بـ "التشبيك الاجتماعي" Social Networking الذي يعطي الفرصة لأي عضو من أعضائه لبناء شبكة من الأصدقاء الذين يختارهم، وتأسيس مجموعات للنقاش ومناسبات وأنشطة من كل الأنواع التي يمكن القيام بها على شبكة الإنترنت في أوساط المجموعات. في مصر يوجد لموقع فيسبوك نحو 900 ألف مشترك، وقد تحول بفضل هذا الانتشار وخاصة في أوساط صفوة الشباب المصريين إلى القاعدة التي انطلقت منها عدد من الأحداث السياسية الشعبية التي أذهلت المراقبين بسبب تنظيمها واتساعها وذلك على الرغم من اعتمادها على العالم الافتراضي بشكل أساسي، وإن كان التنفيذ ينتهي بعدها إلى الشارع! لكن هذا الانتشار هو البداية فقط، فكل المؤشرات تقول إن "فيسبوك" سيتوسع وينتشر أكثر، وإيجاد نسخة عربية منه، هي فقط خطوة في هذا الطريق. الملاحظة التي تحتاج إلى كثير من التأمل هي أن "فيسبوك" موقع أمريكي يسيطر الآن على مجتمعات افتراضية حول العالم تضم نحو 175 مليون مستخدم (حسب إحصاءات فيسبوك)، منهم أكثر من مليوني شخص من العرب. ورغم أن موقع فيسبوك يتصرف حاليا بشكل حيادي مطلق، بمعنى أنه لا يتدخل في المحتوى الذي يضعه الجمهور (تماما كما يفعل موقع يوتيوب)، إلا أن امتلاكه لقاعدة معلومات بهذا الحجم، أو قدرته على التأثير من خلال أي قرارات قد تظهر في "أوقات الأزمات" يعتبر تطورا مهما في حياتنا. بكلمات أخرى، العولمة وصلت إلى حدود جديدة عندما صار الإنسان في حياته "الافتراضية" تابعا لإدارات شركات تقع في دولة كبرى لها مصالحها في العالم العربي. من جهة أخرى، فإن بناء موقع بهذا الضخامة أمر قد لا تتحمل تكاليفه من الناحية التجارية إلا شركة أمريكية (وهذا ينطبق على جوجل ويوتيوب وياهو وإم إس إن وغيرها من المواقع الكبرى). هذا الواقع المخيف يتطلب رؤية جديدة من صناع القرار في العالم العربي حول أهمية تمويل مواقع عملاقة تستطيع استقطاب المستخدمين العرب والمشاركة في المنافسة العالمية، والتي قد لا تحتاج في هذه الحالة إلا أفكارا مميزة ورؤوس أموال تستطيع تمويل هذه الأفكار. هذا الأمر يجب أن يتم بسرعة، لأن المواقع الكبرى تطلق النسخ العربية الواحدة بعد الأخرى، وقريبا سيصبح من المستحيل منافستها أو حتى التأثير فيها، فالقرار الكلاسيكي بإغلاق موقع ما قد يحدث هذه المرة ضجة كبرى عندما يكون لموقع بضخامة فيسبوك أو يوتيوب! الفيسبوك اعتمد أسلوبا لطيفا في الترجمة، عندما ترك مهمة الترجمة للجمهور المشارك في الموقع، الذي سيصوتون على الكلمات المترجمة لاختيار الكلمات بشكل نهائي، وهذا الأسلوب له أيضا إيحاءاته في كيفية الصناعة الشعبية للكلمات العربية الجديدة في ظل الغياب الكامل لأي جهود منظمة لتطوير اللغة العربية. يوجد حتى الآن نحو ألف شخص يشاركون في عملية الترجمة، وسيشارك في التصويت عشرات الآلاف، وهؤلاء سيصنعون مفردات تدخل حياتنا اليومية بسرعة هائلة تتجاوز قدرة أي مؤسسة عربية نخبوية على صناعتها. الفيسبوك أيضا أضاف تقنية جديدة في "تعريب" مواقع الشبكات الاجتماعية حيث يتعرف الموقع على جنس الزائر (رجلا أم امرأة) ثم يقوم بتحويل الكلمات على هذا الأساس، لأن تصفح موقع الفيسبوك يتطلب الاشتراك فيه، ويتطلب تقديم هذه المعلومات الأساسية عن المشترك. إطلاق الموقع العربي جاء في نفس الوقت الذي تم فيه إطلاق الموقع العبري، رغم الفارق العددي الهائل في عدد المستخدمين، ويبدو أن إدارة الموقع أرادت ألا تصبح جزءا من الصراع العربي - الإسرائيلي، فاختارت إعلان الإطلاق في اليوم نفسه كجزء من عملية الحياد في التعامل مع جماهير الموقع! في السابق كنا نتكلم عن مستقبل الإنترنت، والآن وصل المستقبل وصار جزءا من حياتنا، وصارت مواقع الإنترنت ذات تأثير يتجاوز الحدود بأنواعها، وحصل هذا بسرعة هائلة، بينما ما زال كثير من الجهود العربية "الإنترنتية" تنتقل من تعثر إلى آخر بسبب مشكلاتنا الأيديولوجية والثفافية والتنموية والبشرية. قصة الإنترنت قد تصبح فصلا جديدا في العلاقة بين العالم الأول والعالم الثالث!