|
جبل.. وجمل.. وسعن!..
|
جبل.. وجمل.. وسعن خط الاستواء عبد الله الشيخ Sunday, 01 March 2009 يقول المثل السائد إن النسايب ثلاثة.. نسيب زي الجبل، يشيل حملو وحمل غيرو.. ونسيب جمل، شايل حملو وبس.. والنسيب الثالث هو نسيب (سعن(.. إن شلتو يبِلك، وإن خليتو يعِلك.. وكما هو تصنيف النسايب، كذلك تصنيف الحكومات.. والأصدقاء.. والملاحظ في هذا المثل أنه ينبع من بيئة صحراء بيوضة، أو المنطقة الواقعة بين النيل الغربي وصحراء كردفان، لأنني سمعت بهذا المثل في تلك النواحي، ولأن مفردات المثل تدل عليه.. فتلك المنطقة ليس فيها من مقومات الحياة عير الجبال التي يسترشد بها على الطريق، والجمال التي تحمل الأعراب إلى بلاد لم يكونوا بالغيها إلا بشق الأنفس، بعد أن يربطوا على حواف سرج الجمل سعن الماء.. جبل، وجمل، وسعن.. هذه هي أدوات الأعرابي في الصحراء، هذه فقط هي معينات العمل، في حدها الأدنى بالطبع.. ولو تطور الأعرابي قليلاً فسيحمل في خرج الجمل راديو، ولن يفتح الأعرابي الراديو إلا بعد تكدس النجوم في السماء خوفاً على حجارة البطارية من الهلاك في فحيح الصحراء.. فهناك اعتقاد أراه صحيحاً يقول إن حرارة الجو (تأكل الحجار).. وإن تطور الأعرابي إلى درجة لا رجعة فيها إلى ثلاثيته المقدسة (جبل وجمل وسعن) فإنه قد يحمل معه مجلة مصورة لإلهاب الخيال.. ولو وجدت أعرابياً يمسك بمجلة فتأكد أنه لا محالة سيكون عما قريب من سكان (الضهاري) العشوائية.. إذن .. على السلطات المحلية إن أرادت التقليل من ظاهرة السكن العشوائي، عليها أن تقلل تداول الصور الملونة بين أيدٍ اشرأبت نحوها.. الأعرابي في بيوضة قابل للتطور، فهو يرى (ظلط) المدينة يشق الصحراء، ولا يترك هذا الظلط للاعرابى اى فرصة ليتأمل وجوه المسافرين.. وللأعرابي في كل (زول) وجهة نظر.. فالسمين يسمى عندهم بـ(المدقلب).. والضعيف عندهم (عويشاية).. والجميلة قمرا، والشينة.. فانا لم اسمع كيف توصف الشناة المرة في لغتهم.. ليس لأن الصحراء ليس فيها هذا النوع من النساء، ولكن ربما لأن التفريق بين أنثى وأنثى نادرة الظهور أمر عصيب.. من هذا المنطلق ، يجد النسيب نفسه في حيص بيص.. إما أن يكون جبلاً يحظى بالدوباي لموسم أو موسمين، ثم ينزوي بعد الإفلاس ويكون شيئاً عادياً.. وإما أن يكون جملاً، وأما إن كان في مصاف السعن.. فـ (الله قال بي قولو)..
وعلى ذلك أيضاً يمكن وصف الحكومات.. فمن لا يملك الجرأة الآن في توصيف ذاته في أي من أركان الثلاثية المقدسة في صحراء بيوضة (جبل أو جمل أو سعن) ، فيمكنه أن يرمي بسهم في توصيف حكوماتنا الوطنية المتعاقبة.. هل كانت حكوماتنا في صفة الجبال، أم في صفة الجمال، أم كانت في حقيقة الأمر (سعناً)، إن شلتو بلاك، وإن خليتو علاك)؟.. وطالما أننا قد (اتفقنا) منذ البداية أن نترك للشعب حرية أن يعبر عما يجيش بخواطره، فدعونا نكتب على هامش وريقات الاقتراع، التي يقال إنها ستوزع على الملأ قريباً.. دعونا نرسم هذه الرموز لأميز مرشحينا.. فالمرشح مثل النسيب.. إما أن يكون جبلاً، وإما أن يكون جملاً، وإما أن يكون سعناً.. وكل هذا وذاك ــ من مرشحينا ــ يمكن أن يتحدث عبر الراديو.. وقد يتطور أعرابي بيوضة أكثر ويكتشف أن حرارة الجو تأكل حجارة البطارية، بينما صوت بعض المرشحين يمصها مصاً.. إن لم يكن اصوات نوابنا (تحرق لمبات الصوت)!..
|
|
|
|
|
|