|
مقال د. الحواتي عن الحوار مع السودانيين المهاجرين
|
الحوار الخطير «المنسي» مع الشرائح «المهاجرة» «1» اتاحت ظروف سفري الى الولايات المتحدة الامريكية «كلفورنيا» لمدة ثلاثة اشهر الملاحظات الآتية: ? ليست «الهجرة» على اطلاقها «سوءا» فقد حدثنا «التاريخ»، وما زالت تؤكد «التجربة» ان في بعض «ابعادها» ـ «ايجابا وفائدة ـ ولذلك بالضرورة شروط وضوابط، ولعل من اهم المعايير ـ هو «مدى القدرة» ـ على الارتباط «بالوطن»، بمعنى «التواصل الموضوعي» ـ حتى لا ينبت «الفرد» ـ وتتلاشى «الاسرة» «فيما لايزيد» عن الجيلين «على احسن التقديرات» ـ فالذي يعقب ذلك «هو الاندغام» او بالاصح «التكيف» ـ مع المجتمع الجديد، «سلوكا وقيما»، وحينها تبقى «الذكريات» بعض حنين ـ لجذور في «بؤرة النسيان» «اردنا او لم نرد» ـ «وللهجرة» في جانبها الآخر وبالرجوع الى دوافعها ومبرراتها ـ «كموقف سياسي» ـ «خطورة» بلا حدود، «فالموقف السياسي» ـ لا يبيح «في كل الاحوال» ـ «للحكومة» ان «تهدر» قيمة تلك «الشرائح» ـ كما لا يتيح ـ لمن «هاجروا» ـ «مقاطعة الوطن» الا من رسائل «تنضح بالمرارات» «وكربجة» النفس بالمزيد من «النوستالجي» ـ و«الهجرة السياسية» ـ بهذا الفهم البسيط ـ ادانة «للحكومة» وادانة لمن استجاب لها من «المواطنين» ـ بهذا «الكم والكيف» من النخب العلمية والمهنية «للاسف ـ فإن الاحصاءات الدقيقة غير متوفرة». ? هذه «الشرائح» ـ زادت ـ في زعمي ويقيني ـ من «قدرات البلاد» التي هاجروا اليها، سواء ان كان ذلك على المستوى العلمي او السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي، فهي «امكانات» ـ جاهزة الوعي والتدريب والتشكيل، فإذا كان «المواطن» ـ في «كمه وكيفه» من اهم عناصر «قوة الدولة» فإن «خسارته» تبدو ـ بكل المعايير فادحة ـ لانها تضرب «اس التنمية» ـ و«معادل المستقبل» ولم يكن صدفة ـ في هذا السياق ـ ان تستعيد «الدول» اسراها ـ في حالات الحرب، بكل نفيس وغال. يبدو ذلك مدخلا «مناسبا» لا خلاف عليه «من حيث المبادئ العامة» لاستراتيجيات الدين والعلم والاخلاق ـ ولعله ـ اي ذلك المدخل، يجد القبول من الاخ الاستاذ علي عثمان محمد طه ـ نائب رئيس الجمهورية ومن الاخوة قادة العمل السياسي «المعارض».. فالحوار «المنسي» ـ مع الشرائح «المهاجرة».. يشكل ـ في كل الاحوال ـ «رغم تأخره» ـ هاجسا «استراتيجيا» وبعد. «2» «للتاريخ» احكامه وضوابطه «الصارمة» في مسألة «الصراع على السلطة والثروة» وهو «صراع شرس» يصل الى كل درجات «المواجهة» في مرحلة ـ ثم اذا توفر «الوعي» ـ يصل عبر «المفاوضات» والحوار ـ الى نقاط الارتكاز ـ التي تتيح القدر اللازم من «التفاهم المتبادل في سياق من وحدة الادراك Unity of Perception ومن اخطر حلقات مثل ذلك «الصراع» ـ تعدده واتساع حلقاته ـ بما يتيح للنفوذ الاقليمي والاجنبي «مدخلا» ـ ومن اعقد حلقات ذلك الصراع ـ «بعده النفسي» ـ على الاطراف من «الافراد» ـ وهي ـ بالفعل «فوبيا» تستحق التوقف، فما اقسى بالفعل «ظلم» ذوي القربى ـ وما اقسى ان تعيش ـ «بإحساس» «المطارد» او «المطرود» في ضجيج حضارة ا لغرب. «3» ? ان «ادارة الصراع» ـ تنظر اول ما تنظر الى ضرورات «التوازن» ـ في عناصر «قوة الدولة»، و«الانسان» ـ فيما سبق «اول» بل «اس» تلك العناصر ـ «ويحرج» كثيرا ـ ان يعرض «بعض اهلنا» صدورهم للرصاص ـ في حدود «اسرائيل» ـ بديلا لمجرد التفكير في العودة. ان حلم الجواز «الاجنبي» «حتى باحتمال العودة» ـ يظل محلا «للسؤال» و«التساؤل» ـ والثمن في كل الاحوال غال وفادح.. لسبب بسيط وسهل ـ وهو تجاوز «مرحلة الجيل الحالي» الذي يعيش «تراجيديا» الشتات ـ ويتنفس «دراما» المرارات ـ ما هو مستقبل الاجيال القادمة ـ واراه ـ جليا وواضحا: افتقاد قدرات وامكانات على «حساب الوطن». ? والذي يتابع ـ حال تلك «الشرائح» ـ في الولايات المتحدة الامريكية وكندا واستراليا والمملكة المتحدة وهولندا وألمانيا وغيرها ـ يتساءل اسئلة مشروعة: ـ هل ثمة إحصاء علمي «لاعدادهم» ـ و«نوعيتهم»؟ ـ كم «عدد» الذين «تجنسوا» ـ بجنسيات دول «المهجر»؟ ـ هل ثمة علاقة لتلك الشرائح «بوطنها» ـ غير «الاجازات» ـ التي يتباعد مداها ـ و«المناسبات» ـ التي تجاوزت عند البعض ـ اعراف الحضور لاسباب اقتصادية او قناعات عملية.؟ ـ ما هو امكان ودرجة «الحوار» بشأن تلك العلاقة ـ وهي مشروعة ومطلوبة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ ? سياسيا ـ ان مرحلة التطور باتجاه الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ـ تستدعي «الاستفادة» من قدراتهم وخبراتهم ـ في ذلك المقام، ثم ان «وطنا» حانيا ـ يبدو «موقفا» نبيلا ـ في مواجهة جراحات نفسية قاسية ـ وقال المثل جحا اولى بي لحم تورو». ان نضجا فكريا ـ لا بد ان يكون قد توصل الى حقيقة بسيطة مؤداها ـ ان «صراع الفكر» لم ولن تحسمه «القوة» المادية، بأنواعها واساليبها فالقوة، فيما ثبت تاريخيا ـ هي «الحجة» والحجا. ? اقتصاديا: للوطن بحمد الله ـ قدراته التي تنمو «بمعدلات عالية» وتشهد البلاد في كل يوم جديد افواجا وافواجا ـ من «المستثمرين والخبراء» ومن «المفارقات»، ان تكون صفة «الخبير» من مستوى الاستاذ «الجامعي» او «المهني» ـ هي التي تغلب على شريحة «المهاجرين» وان لم يكن ـ فكثير من تلك «الجماعة» ـ اكتسبت في نشاطاتها الاقتصادية المتعددة ـ «خبرات» تقدمت بها على ما عداها ـ وفي ذلك اشارة وفي ذلك قناعة. ? اجتماعيا: فلكل بلد.. احكام نشأته، وهي احكام «قيمية» تقوم ـ في بلادنا اول ما تقوم على «النسيج الجماعي»، في مواجهة «الامعان الفردي»، وتبدو خطورة هذه «المقابلة» ـ اذا وعينا مشاق «الانتقال النفسي» مما تعاني هذه الشريحة على الاقل بالنسبة لجيلها، ومحاولة ضبط ايقاع ذلك «الانتقال»، بحيث لا تكدره قسوة «الابتعاد»، او تجرحه «دقة الارقام»، وعلى احترامي وتقديري ـ وثقتي لدرجة «الانتماء» العالية التي تتمتع بها تلك الشريحة من المهاجرين والمهاجرات، الا انني «انظر» وكما اوردت في بداية ذلك المقال ـ خوفي ـ بل هلعي ـ من ارتخاء بل انعدام ـ المقاومة ـ عند جيل هذه الشريحة القادم. «4» الملاحظات: ? ان «الحوار» الذي يقوده ـ ويتصدى له الاخ الاستاذ «علي عثمان محمد طه» نائب رئيس الجمهورية.. بقبول تام من كل الاطراف، يمثل «املا» تهفو له قلوب «كل السودانيين» ـ و«الحوار» مع جماعة «المهاجرين قسرا او اختيارا» ـ يمثل حلقة من أهم حلقاته ـ اذ انهم ـ وبحكم «قيمي» ـ ديني واخلاقي وعلمي، يمثلون «عنصرا» من اهم عناصر «قوة الدولة». ? ان الاستجابة الاخلاقية ـ «للقوى السياسية ـ من اهل المعارضة ـ للدعوة والحوارمع تلك الشريحة ـ تمثل ـ «مدخلا» لمحاولة جمع شتات قاس «دياسبورا سودانية» ? لهذه الشريحة «رأيها غير المقيد.. وغير المشروط ـ بطرح ـ تصورها لمثل ذلك الحوار ـ ومن «المأمول» ـ ان تتبلور «الفكرة» لتسجل في صفحة التاريخ «للسودانيين» وهم يتجاوزون جراحاتهم «الشخصية». وغني عن «الذكر» ـ ان الوطن.. وفي كل الاحوال، اكبر مكانا وزمانا ـ من كل تفاصيل الاختلاف.. ? هل يوجه «الاستاذ علي» ـ متبنيا ـ بقبول وتنفيذ «الفكرة»؟. ? هل يستضيف الاخ «مالك عقار».. الحوار «في الدمازين».. على سنة «كنانة». ـ هذا المقال ـ يختلف تماما ـ عن مؤتمر السودانيين العاملين في المنظمات الدولية والاقليمية المزمع انعقاده في الاسبوع الاول من يناير 2009م. ملاحظات د. بركات موسى الحواتي
|
|
|
|
|
|