|
|
 ماذا قال رئيس التحرير0 الاهرم!0: أسامة سرايا عن( البشير).. مقال خطير
|
مقال رئيس التحرير
السنة 133-العدد 2009 يناير 19 22 من محرم 1430 هـ الأثنين
قمة المجاريح!
بقلم: أسامة سرايا
مثلما توقعت مصر منذ البداية انكشف العدوان الإسرائيلي وأصبح المعتدي يدرك أن القوة الغاشمة لاتفيد, وعليها أن تنفذ دعوة الرئيس حسني مبارك التي أطلقها من اليوم الأول وأكدها أمس وقف عدوانها علي غزة فورا ودون إبطاء.
لقد واصلت مصر دورها وفعاليتها من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني عبر موقفها الواضح وسياستها الحكيمة ومبادرتها القوية, وطالب قائدها بإعادة الحياة إلي غزة وسكانها, وحدد خطوطا حمراء لايمكن تجاوزها, وشرحها للمجتمع الدولي وأمريكا وإسرائيل.
ومصر ـ في سعيها لوقف العدوان ـ تعمل علي تأمين حدودها مع إسرائيل وقطاع غزة, ولن تقبل أبدا أي وجود أجنبي لمراقبين علي أرضها.. وتقوم رؤيتها علي مايلي:
* تنفيذ المبادرة المصرية
* انسحاب إسرائيل من غزة.
* معبر رفح مفتوح أمام مساعدات الإغاثة.
* مصر ستحقق الوفاق الوطني الفلسطيني بما ينهي الانقسام.
* مصر تدعو لمؤتمر عالمي للدول المانحة لإعادة إعمار غزة. واليوم يلتقي الرئيس مبارك في قمة رباعية تضم فرنسا وتركيا وأسبانيا ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, لاستكمال مابدأته من مسيرة عملية لوقف العدوان وحماية الفلسطينيين.
وهذه حزمة سياسات جديدة تضاف لما حققته علي الأرض, ولم تتوقف كثيرا أمام المسميات بين الاعتدال والممانعة, أو أمام الخطب الرنانة وبيانات الشجب والإدانة والشعارات الفارغة واجتماعات تكتفي بالإدانة أو المزايدة, أو كلمات فارغة المضمون سبق اختبارها وفشلت.
وعلينا أن نتوقف أمام آخر المسرحيات الهزلية التي حاولت تجميل وجوه أصحابها في الدوحة يوم الجمعة الماضي16 يناير, حيث عقدت قمة عربية أو إسلامية, قمة طارئة من أجل غزة أو قمة بمن حضر. حيث حضرها خمسة من الرؤساء العرب وأمير الدولة المضيفة وحاكم عسكري لايزال يبحث لنفسه عن تكييف مشروع لوضعه البائس
, وهم لايمثلون شيئا يذكر لدي الشعوب العربية الملتاعة بما يجري للأشقاء في غزة.. لقد تغيرت عبارات تسمية ما جري في الدوحة, ولكنهم أبقوا في كل المسميات علي لفظ القمة.. وقل في هذه القمة ما تشاء, فسوف يصدق فيها كل قول.. فهي قمة التناقضات, وهي قمة التآمر, وهي قمة الانقسام, وهي قمة المجاريح الذين ذهبوا يبحثون عن دواء لجراح اقترفتها أيديهم فأصبحت تهدد بقاءهم.
ذهب بشار الأسد مهموما بأرضه التي مازالت منذ أربعة عقود ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي, ومازال يكرر كلمات جوفاء اختبرناها في مراحل عديدة فكان لايتحرك, ولم يستطع في النهاية إلا أن يعلن عن انسحابه من مفاوضات تجري حول أرضه المحتلة.. وبالتأكيد فقد ارتاحت إسرائيل بعد أن تنازل عن أرضه, وكف عن المقاومة, ومازال يهدد فقط, ومرعوبا مما يمكن أن تنتهي إليه التحقيقات الدولية في مقتل رفيق الحريري.. وذهب أيضا باحثا عن سند له فيما يواجه من مشكلات!!. وجاء الرئيس عمر البشير وقد أصبح مطلوبا في أكثر من مائة وثماني دول جراء اتهامه بارتكاب جرائم إبادة في دارفور
وجاء الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وهو يحاول الخلاص من أزمته مع الغرب بشأن الملف النووي الذي بات مصدر الخطر الأساسي علي نظام الملالي في إيران. وجاء أيضا باحثا عن شعبية تسانده في الانتخابات الرئاسية القريبة. وحل الرئيس اللبناني ميشيل سليمان مكبلا بقيود وتناقضات كثيرة بعضها مرتبط بالشيعة اللبنانيين وحزب الله والوجود الإيراني في القمة, وبعضها ارتبط بمجاملة قطر التي كانت الموقع الذي مكنه من حل الأزمة اللبنانية فيه بعد توافق عربي إيراني. وجاء رئيس جزر القمر مدعوا لوليمة في الصحراء ليمثل دولته التي تربطها بالنظام العربي لغة شاعت بين بني وطنه. وكان ذهاب الرئيس الموريتاني إلي الدوحة محاولة للبحث عن شرعية للحكم الذي اغتصبه اغتصابا بانقلاب عسكري أطاح بالتجربة الديمقراطية الوليدة في بلاده.
هذه الجراح هي التي دفعت ببعض قادة العرب وغير العرب إلي الدوحة لإلقاء المسئولية علي قمة الكويت في إيجاد مخرج لهم, فهؤلاء المجاريح لن يكفوا بمساعيهم المرتبكة عن استثمار المتناقضات العربية, واللعب علي الحبال وتقديم المصالح الصغيرة علي قضايا الأمة الكبري, بما يوجد في النهاية واقعا شديد الارتباك, يفضي إلي استهتار القوي الكبري بنا وبمطالبنا. ولقد انعقد لقاء الدوحة وعينه علي الشارع العربي الملتهب بفظائع العدوان الإسرائيلي, وجمدت قطر وموريتانيا علاقاتهما مع إسرائيل في مشهد ينم عن عبث سياسي. ولم يسألهما أحد لماذا أقامتا علاقات أصلا مع إسرائيل ورغم أن السلام والدولة الفلسطينية لم يتحققا حتي الآن, وبالمخالفة للمبادرة العربية التي تفرض تحقق السلام وقيام الدولة أولا..
إذ لاتطبيع مجاني مع إسرائيل, وكانتا في ذلك أقل شأنا من بعض دول أمريكا اللاتينية التي قطعت علاقاتها بإسرائيل. ودعونا اليوم نري كيف تركع إسرائيل, وتذعن لمطالب لقاء الدوحة أسفا وألما علي تجميد علاقاتها التجارية مع الإمارة الخليجية الصغيرة والدولة المنكوبة بحكم عسكري جاءها علي ظهور الدبابات؟ فالعلاقات الدبلوماسية المصرية والأردنية بإسرائيل تنطوي علي أبعاد يدركها حكام سوريا وقطر وإيران, ولكنها ورقة تمارس بها الضغط علي مصر والأردن. وهي علاقات لاتخضع لرؤي الحكام في سوريا وإيران وقطر. ولكنها تخضع لرؤي من تحمل في صبر وشجاعة محنة فلسطين منذ أن بدأت, وقدم من أجلها التضحيات الكثيرة ولو أن مصر قبلت المزايدات منذ سنوات لكان واقع الحال اليوم أسوأ كثيرا مما يظنون.
******
انعقد اجتماع الدوحة بمن حضر من المجاريح في وقت كانت فيه مصر قد اقتربت من إيجاد حل للكارثة الماثلة في غزة. وانتهي هذا الاجتماع دون أن يقدم أي مستوي من الدعم للجهود المصرية لوضع نهاية لمأساة الفلسطينيين في غزة. وقد انفض بعد كلمات ما أكثر ما ترددت, ولم يكن الأمر بحاجة إلي كل هذا الصخب السياسي والإعلامي لينتهي اجتماع الدوحة إلي ما انتهي إليه. وكان بوسع خالد مشعل أن يلقي من مقره الوثير في دمشق بيانا يصف فيه قطر بأنها منارة للشجاعة والموقف العربي الجريء, وكان بوسعه وهو في دمشق أن يمتنع مثلما فعل عن أن يطالب قطر بإزالة القواعد الأمريكية الكبري التي تقع علي مقربة من مقر إقامته في الدوحة. وهي القواعد التي استخدمت في ضرب العراق ونقل الذخائر والأسلحة لإسرائيل
-------------------------------------------------------------------
تضرب بها مواطنيه في غزة, وتصدير البترول إلي إسرائيل, أو تتوقف عن أن تلعب دور العراب للإسرائيليين, وهي الآن تخطط لتكون عراب الإيرانيين وتقدم قضيتهم الأم قربان محبة للأدوار المستقبلية. ولم يكن رئيس جزر القمر بحاجة إلي أن يأتي للدوحة ليعلن قطر زعيمة للأمة العربية.
وفي الواقع الحقيقي للأزمة الراهنة فإن مصر ومعها القوي الحقيقية في العالم العربي تواصل مساعيها لوقف العدوان وتوفير كل الظروف التي تسمح لقمة الكويت غدا الإثنين بأن تنتهي إلي قرارات ذات أهمية علي أرض الواقع, انطلاقا من أن المطلوب هو مواجهة كل التهديدات التي يتعرض لها العرب, وفي المقدمة منها هذا العدوان الهمجي علي غزة.
وقمة الدوحة بتعليق المبادرة العربية للسلام وقطع العلاقات مع إسرائيل تكون قد أعلنت الحرب علي إسرائيل وليس أمامها سوي الجبهة السورية تدخل منها لتحرير فلسطين. وهذا يوم تنتظره الجماهير العربية التي جيشوها ودعموا مظاهراتها وأمدوها بالشعارات اللازمة لتسميم المناخ العربي, حيث اختار بعض العرب لغة قديمة بالية, تتنكر لواقع عصرنا فأغرقونا بخطابات وبيانات من الشجب والإدانة. واختار أغلب العرب لغة أخري قادرة علي تغيير الواقع, وهذا ما سوف يسود قمة الكويت.
فالعمل الاقتصادي العربي المشترك يؤدي إلي تعبئة جميع مقومات القوة الاقتصادية العربية, بما يعزز قدراتها الدولية, وممارسة الضغوط علي كل القوي استنادا إلي أن العالم الآن لايعني كثيرا بالأيديولوجيات قدر ما يعني بالقوة الاقتصادية التي باتت حجر الزاوية في كل تحرك سياسي. وثمة فارق هائل بين قمة الكويت وقمة الدوحة المزعومة. فالأخيرة كانت محاولة للتشويش علي جهد سياسي رفيع أعد له جيدا قبل عام كامل, ليناقش مجمل التحديات الاقتصادية العربية.
أما انعقاد قمة الكويت في موعدها ووفقا لجدول أعمالها فيؤكد فشل المحاولات القطرية ومن تبعها في إرباك القوي الكبري في العالم العربي, ونشر الفوضي من حولها, خدمة لمن يعملون ضد المصالح العربية في نهاية الأمر, بمن فيهم إسرائيل وإيران. وغدا تنعقد قمة الكويت بالقادة الكبار وأصحاب الرؤي الحقيقية لما يهدد مصالح العرب وأصحاب القوي القادرة علي تغيير الواقع بعيدا عن شعارات زائفة, ملأنا بها ملايين الصفحات علي امتداد سنوات الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وكما قلت من قبل يبدو أن بعض العرب قد توقف بهم التاريخ حيث تمر عشرات السنين, ولكنهم يكتشفون أنهم مازالوا في مواقعهم لم يغادروها. وهم لايريدون للأمة أن تنفض عن نفسها غبار الزمن وتعايش واقعا تغير من حولها.
فدعونا نتجاوز قمة المجاريح في الدوحة, ونتطلع إلي أمل في إنجاز حقيقي, تأتي به قمة الكويت في وقت تتواصل فيه المساعي المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي, متجاهلين تماما الحفل الخطابي الذي أقيم في الإمارة الخليجية الصغيرة. فما أكثر ما سمعنا وما أكثر ما سوف نسمع من شعارات وخطابات, مادام بعض العرب قد رضوا أن يكونوا رأس جسر لقوي تتربص بأمتهم, وماداموا قد رضوا أن يقدموا مصالحهم الصغيرة علي حساب مصالح أمة أكبر كثيرا مما يفكرون.
المصدر
http://www.ahram.org.eg/archive/Index.asp?CurFN=mkal1.htm&DID=9832
عبد العظيم احمد
القاهرة
(عدل بواسطة عبد العظيم احمد on 01-22-2009, 07:31 AM)
|
|
 
|
|
|
|
عبد العظيم احمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست