كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع.
|
محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع
السياحة تكون في الأماكن الأثرية أو في مواضع الجمال والإبداع ولذلك قصدت بهذا البوست أن نقف برهة لنتأمل بهاء وطرافة وعمق بعض قصائد شاعرنا الأديب الأستاذ فضيلي جماع. فهي بحق قطع من الياقوت والللألئ النادرة التي قلما يجود الزمان بمثلها ولا أبتغي من سياحتي هذي غير تسليط مزيد من الضوء على سلاسة وعنفوان القوافي التي سطرها يراع شاعرنا الأديب الأستاذ فضيلي جماع.
جاء في صدر قصيدته (كلبها وكلابنا) :
مرت جواري .. حلوة القسمات وانطلقت يغازلها النسيم! والفجر يدلق سحره غرداً ويسكب دونما وجل .. حليب ضيائه متأنياً في الخطو.. سلطاناً توشح غيمة.. ومشى!
الصبح إنبثق لتوه .. ضياؤه البهي في سطوعه كحليب مسكوب ونسماته الرقيقة تغازل حسناء مليحة القسمات مرت بجوار الشاعر الذي وقف مفتوناً بحسن تلك الفتاة وروعة ذلك الصبح.. والمغازلة إشارة بليغة لرقة نسيم ذلك الفجر الذي تعمد الإبطاء حتى ترتوي نسماته من عذوبة وحلاوة تلك الأنثي كما شبه الصبح المبطئ بسلطان مشي يتمخطر مزهواً.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
رقصت شوارعنا وبارحها الأسى!! ومضيت ... يعبر في خطاك الكلب يبعد خطوتين وينثني نشوان يمرح في الطريق ينط يرفع ساعديه كما الصديق إلى الصديق وتمسحين ببض كفك رأسه
حتى الشوارع والطرقات طربت من وقع الخطا فتراقصت ... الشاعر يشخذ خياله الرحب وقدرته البلاغية ... فقد ذكر الشوارع وأراد المارة فهم الذين يطربون وينتشون فيرقصون. والكلب يجاري خطاها في نشوة غامرة فقد أحس بدهشة من حوله إعجاباً وهياماً بصاحبته والتي كلما قفز ليحييها مسحت على رأسه بأكفها الناعمة في حنية يحسده عليها المارة ومن بينهم الشاعر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
فيعود.... يلهو مترفاً مرحاً يمد لسانه كرة من القطن النظيف قطيفة لمع الضياء بها وقد سطع البياض على البياض! أنت ضج العطر من فوديك فاتنة تغازلها العيون والكلب يخطر في جوارك مستريح البال تحسده فلول العابرين!
ويعاود الكلب لهوه وعبثه وهو يخطو بجوارها ماداً لها لسانه الأبيض النظيف هذه المرة... كيف لا .. فهو لا ينام إلا بعد أن يأخذ حماماً بذلك الشامبو المعطر ممنياً نفسه بقبلة أو عناق حار كي يملا خياشيمه من عطر فوديها والق فتنتها. راحة البال التي يفتقدها الشاعر وكثير من العابرين هي نعمة ملازمة لذلك الكلب المنعم. كيف لا يهنأ باله فيستريح وهو الوحيد الذي تحيطه بغامر حبها وأهتمامها. السعادة وراحة البال هما إنعكاس طبيعي للظروف التي يعيشها الكائن الحي إنساناً كان أم حيواناً أم نبات. عيون المارة تغازلها بغية أن تجود لهم بإبتسامة أو إيماءة تبدد ما بهم من يأس وقلق وإضطراب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
Quote: واصل فنحن في حالة من العطش الشديد لابداع هذا المسكون بالجمال التحايا لك ولفضيلي |
أستاذ الموصلي
شكراً لك فقد أسعدني مرورك ... إنها يا صديقي محاولة للغوص في بحر خضم متلاطم الأمواج .. ذلك المسكون بالإبداع كما تفضلت بوصفه لا يستطيع فرد واحد أن يتناول أعماله الشعرية... بل يحتاج ذلك إلى فريق من الفنانين والمبدعين والأدباء.
أبقى معنا ياصديقي فالطريق طويل.
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
Quote: الأخ الأستاذ محمد هارون
توقفت بسبب شواغل كثيرة عن قراءة سودانيز أونلاين والمداخلات فيها لبعض الوقت. أعمل محاضرا في جامعة (نزوى) بسلطنة عمان ، وقداستحوذعملي على معظم الوقت الذي كنت أدخره لجهدي المتواضع في المطالعة والكتابة. واليوم وجدت من الوقت ما سمح لي بالنزهة قليلا في "سودانيز اونلاين" حيث توقفت عند سياحتك الجميلة في قصيدة (كلبها وكلابنا). مجرد أنك قمت بواجب قراءة القصيدة متأملا ما بها من صور شعرية وإيحاءات ورمز وأنك قمت بتقديم ذلك للقارئ في هذا المنبر _ مجرد هذا الفعل منك يعتبر محمدة أشكرك عليها. واصل سياحتك..أتابعك باهتمام،إذ من الضرورة أن يرى الكاتب وجهه أحيانا في مرآة الآخرين..أعجبه ذلك أم لا. |
أستاذ فضيلي
شكراً لك على هذه الرسالة الودودة ... أعلم مشاغلك ياصديقي ... ألا تذكر تلك المصادفة التي جمعتنا أنت وأم العيال والأستاذة عواطف إدريس وشخصي في مطار هيثرو ... من تلك اللحظة علمت أننا سنفتقدك لبعض الوقت لكن أرجو أن لا يكون كل الوقت.
هذه مجرد محاولة من شخص مغمور جداً ... الغموض الذي يكتنف جل قصائدك ياصديقي هو التحدي الحقيقي الذي يجعلني أتهيب هذا المشوار.
لا بد أن تمد لي يد العون لتخرجني من هذه الورطة(ثلاثة وجوه ضاحكة).
| |
|
|
|
|
|
|
سياحة ليس إلا... (Re: Mohammed Haroun)
|
الشاعر العربي الكبير نزار قباني يصف الشعر فيقول:
- الشعر هو الكلام المجنون الذي يختصر كل العقل، والفوضى التي تختصر كل النظام. - الشعر هو ذلك الزلزال الإستثنائي، الذي يأتي ويرحل، تاركاً وراءه قمحاً .. وورداً .. وعرائش عنب. - الشعر هو الجنون الوحيد الذي لا تستطيع الحكومة أن تأخذك بسببه إلى مستشفى الأمراض العقلية..
ويقول واصفاً القصيدة:
- إن القصيدة الحرة هي إجتهاد، وقصيدة التفعيلة هي إجتهاد، والقصيدة الدائرية هي إجتهاد .. وقصيدة النثر هي اجتهاد، ولا يجوز لنا أن نطلق الرصاص عليها بتهمة الخيانة العظمى، أو بحجة أنها تقول كلاماً ليس له سند أو شبيه في كتب الأولين.. - كل قصيدة، بصرف النظر عمن كتبها .. وفي أي عصر كتبت فيه، هي محاولة لإعادة هندسة النفس الإنسانية .. وإعادة صياغة العالم.
أما موسيقى الشعر في رأيه هي:
- هي البحر بشكله المطلق، أو الماء بشكله المطلق .. والأوزان هي عناصر في تركيب الماء .. وليست كل الماء.. موسيقى الشعر، هي شيء أكبر من الوزن والبحر والقافية. - الذين يتصورون أن علم العروض، هو ضابط الإيقاع الذي لا يتعب، ولا يشيخ .. ولا يتقاعد .. ولا يسمح لأي من الموسيقيين أن (ينفرد) أو يجتهد .. أو يتجاوز النغمة الأساسية، يريدون أن تبقى موسيقى الشعر العربي في مرحلة الـ (دوم – تاك) ... أي مرحلة التخت الشرقي.
| |
|
|
|
|
|
|
محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
عن امرأة مستحيلة !
كما ينْفَذُ النّورُ بيْنَ الأصابِعْ وتجلس عصفورةٌ فوق ساعدِ طفلة وينْبُتُ وردٌ بقلْبِ الزوابعْ كما الحلمُ يفتحُ جفناً ويغمِضُ جفنا عشقناك يا امرأةً من لهيب..ٍ وضِعْنا ! * *
الشاعر يناجي هذه المرة إمرأة لا وجود لها إلا في خياله الرحب ... إمرأة جامح متمردة .. لا تعترف إلا بنفسها .. وليقرب لنا صورتها يصحبنا معه إلى آفاق وتخيلات لا تتسع لها إلا حياض الشعر. يقول الشاعر كما ينفذ النور من بين الأصابع المغمضه، وتجلس عصفورة مطمئنة فوق ساعد طفلة، وتنبت وردة ندية مزهرة في قلب الزوابع والأعاصير .. أو كما يداعب الحلم الأجفان فيعبث بها .... فقد عشقناك أيتها المرأة المستحيلة .. فاصطلينا بلهيبك الحارق .. وضعنا. عبقرية الشاعر تتجلى في دقة الوصف ... فعشقه للحرية المفقودة وعبقريته الشعرية هما اللذان تنزلا عليه بهذه القصيدة. هناك أكثر من صورة شعرية يمكن معالجتها نقديا كما قال الشاعر نفسه، ولما كنت سائح في أرض الله الجميلة كما قال أديب المحبة رجاء النقاش (رحمة الله عليه) فإنني لا انصت إلى المناهج الأدبية الدقيقة، بل أنصت إلى مشاعري وأحاسيسي وتذوقي لمفردات ومعاني القصيدة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
إلهام الشعر... يقول عنه شاعر القضية الأستاذ محمود دريش:
( الإلهام هو أحياناً توافق عناصر خارجية مع عناصر داخلية، إنفتاح الذهن على الصفاء، وعلى طريقة يحول بها المرئي إلى لا مرئي واللا مرئي إلى مرئي من خلال عملية كيميائية لا يمكن تحديد عناصرها. )
فهو يعتقد أن هناك سراً ما للحافز الشعري. لماذا ينهض الشاعر ويكتب؟ لماذا يأتي بالورق الأبيض ويعذب نفسه ولا يعرف إلى أين هو ذاهب؟ خطورة العمل الشعري تكمن في أن لا ضمانات أكيدة للنجاح. الكتابة مغامرة دائمة وخطرة ولا تأمين لها، بل ليس هناك (شركة) تأمين توافق على المغامرة الشعرية بتاتاً و(حوادث المرور) في الشعر كثيرة جداً.
إذا كانت كتابة الشعر مغامرة غير مضمونة وحوادث المرور في الشعر كثيرة جداً فذلك يفسر لنا حجم المعاناة والخطر الذي يواجه كبار الشعراء ... لوركا مثلاً أغتيل وعمره ثمان وثلاثين ربيعاً .. ونيرودا يقال أنه مات مسموماً ... والشاعر محمود درويش يحكي لنا كيف أنه خرج من بيروت إلى دمشق ثم إلى تونس بأعجوبة.
شاعرنا فضيلي أيضاً دفع ثمناً غالياً لقصائده التي نظمها ... غايتو الحكاية ما ساهلة تب.
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
تجاوزْتُ في لمحةِ البرْقِ ظلَّ الزمانْ! وأعطيْتُ نفسِيَ إسماً ، ولوناً .. وصوتاً .. إذا صِحْتُ أجفلَ ليلٌ وضاق المكانْ! لألقاكِ لحْماً ووشْما فينأى خيالكِ منّي وأبقى أسيركِ يا امرأةً من لهيبْ ! * *
البرق يلمع في سرعة خاطفة ... وشاعرنا يصور لنا كيف أنه تخطى ببراعة وسرعة فائقة أحداث الزمان الجسام وذكرياته التي مافتئت تلازمه ولا تنفك عنه. وحينها منح نفسه إسماً ولوناً وصوتاً إذا صاح ارعد به الليل وسمعه كائن من كان ... وهو في تقديري يرمز إلى إيمانه بفكرة آيدولوجية ذات لون محدد . فلما إلتقاها ورأها بعينيه لم تبد له كما تخيلها ورغم ذلك أسرته بحسنها البديع وبريقها الذي لا ينطفئ. تلك هي لعمري مفاتن الحرية ... عشق شاعرنا عبق الحرية ورحيقها كما عشق نيرودا رغيف الخبز ووصفه بأنه أعجوبة تتكرر وأنه إرادة الحياة ... هل العلاقة بين الخبز والحرية علاقة طردية أم علاقة مصيرية؟ تأملوا معي رغيف الخبز بمرآة نيرودا:
أيها الخبز بين الطحين والماء والنار أنت تقوم وأنت ثقيل وخفيف محني ومستدير مثل بطن الأم... يا خبز .. كم أنت سهل.. كم أنت عميق.. في صينية الفرن تستطيل خيوطك البيضاء كالأواني كالصحون كالأوراق وفجأة .. تتحرك فيك موجة الحياة حيث تلتقي النطفة بالنار فتنمو وتنمو.. فجأة مثل خصر مثل ثغر مثل نهد مثل تلال الأرض مثل الحياة منك تصعد الحرارة ويغمرك الكمال والآن وأنت قبل أن تلمسك يد أنت (فعل إنساني) أنت أعجوبة تتكرر أنت إرادة الحياة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
لحبِّكِ رائحةُ المِسْكِ والموْت ومهرُكِ دمعةُ أمٍّ وأُخْت وشمسٌ على كلِّ بيتْ! لماذا وأنتِ الشموعُ بقلبي ونارٌ.. وقنديلُ زيتْ لماذا تبيعينَ .. برْقَ ابتسامة؟ وطُهْرَ غمامة وحُسْنَ البوادي وسحْرَ الأحاجي لمن ليس أهلاً لحبِّكْ ؟! * * حبها يعطر دنيا الشاعر برائحة المسك والموت في إعتقادي مفردة استخدمها الشاعر للضرورة الشعرية إذ لا رائحة للموت ولكنه خطر مصاحب لذلك الحب. وقد جعل لها مهراً باهظ الثمن وهو دموع الأم الأخت .... فما أغلى مهرها!! وقد شبه ذلك الحب بأشعة الشمس التي ما أن تسطع على كل بيت حتى يسري فيه الدفء ويتبدد الزمهرير وينبعث الأمل. ثم يتساءل الشاعر في حيرة بالغة لماذا تبدل تلك المرأة المستحيلة مواقفها طالما جعلها هو شموعاً لقلبه وناراً وقنديلاً من الزيت. لماذا تبيع كل تلك الأشياء الجميلة الرائعة .. برق الإبتسامة وطهر الغمامة وروعة البوادي وسحر الأحاجي لمن ليس هو أهل لها؟؟ هذه الأبيات سهلة ممتنعة فالشاعر وحده هو الذي يستطيع فك طلاسمها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
وزوْبعةً في دموعي ! فأنْتِ الزوابِعُ في داخِلي أنتِ عُرْسٌ تمنّيْتُه قبل أنْ.. أتعلّمَ في حبِّكِ الأبجديّة ! وأحجيةٌ أنتِ أحفظُها دائماً ربّماألتقيكِ مصادفةً.. في محطة حزنٍ ومنفى بعيدٍ، بعيدْ فأُقسِمُ – أنِّي أراكِ - كما أنتِ- في خاطري امْرأةً مستحيلة!
السماء حين تزمجر تزجرنا بالزوابع ثم تزرف أمطاراً منهمرة ... قرن الشاعر دموعه بما يعتمل في دواخله من غضب متأجج. العرس هو نقطة تحول في حياة كل إنسان وله طعم خاص وكذلك تلك المرأة المستحيلة فقد تمناها قبل أن يدمن حبها وربما ذلك لأنه سمع بها في قصص الأحاجي التي حفظ كثيراً منها منذ الصغر. فقد يقابلها - دون سابق موعد – في لحظات حزن أو منافي بعيدة ويقسم الشاعر أنه يراها بعين الخيال زهرة يانعة في الخاطر. ما اروع التصوير بكلمات قريبة إلى خيال السامع بعيدة عن إدراكه وحسه!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
أغنّيك لكنّ حنجرتي صُودِرتْ ! فلم يبْقَ إلاّ شظايا بحلْقي تحدِّثُني عن صباحٍ قريبْ ووعدٍ قريبْ.. لحبٍّ كوقْعِ السِّياطِ أتاني.. رماني.. فما عدْت أتقِنُ إلاّ الأغاني عن امرأةٍ مستحيلة تعلمتُ منها تخطِّي اللّهيب لأبعث صوتي .. ولوني.. ومجْدَ القبيلة !!
الطائر حينما تضعه في قفض لا يستطيع أن يغرد كما يحلو له وهو حر طليق يقفز من فنن إلى فنن .... فهذا حال الشاعر فهو يحس بأن أنفاسه حبيسة وأن صوته غاص في حنجرته التي لا تقوى على الغناء كما ينبغي. لكن بقايا حشرجات في الحلق تبعث في نفسه الأمل وتمنيه بقرب فجر الحرية التي تلوعه سياط حبها ويبدو أن ذلك الحب أتاه بغتة فصرعه وأنساه كل شيء إلا الغناء لتلك المرأة المستحيلة التي علمته الجرأة والقفز فوق حواجز الخطر ليعبر عن نفسه ولونه ومجد إنتمائه والله أعلم.
هذه القصيدة تبدو في ظاهرها سهلة بسيطة لكنها مستعصية المعاني فلا يستطيع الإنسان العادي فك ألغازها ومضامينها إلا بعد عناء شديد. هكذا هو شاعرنا فضيلي يفضل أن يصور لنا مبادئه وقناعاته شعراً ويتركنا نختار لأنفسنا ما نريد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
شمس على النافذة (1) علِقتْ شمسُ الصباحِ الحُلْوِ في نافذتي طبَعتْ قُبلَتها ورْداً وياقوتا .. وطارتْ .. كان في نافذةِ القلبِ بلادي ِوصدَى همْسِكِ كالجدول مغسولاً بأمطارِ بلادي! وضِفافُ الجنّة الخضراءِ في بسمةِ أمِّي ! وهطولُ الأملِ المنشودِ في ضحْكةِ أطفالِ بلادي!
سطوع الشمس في مدينة الضباب له سحر خاص ... الشمس تعني الدفئ المفقود أغلب العام. حينما يكون الطقس مشمساً في أوروبا ترى الكل مستدفئ مبتهج طربان. الشاعر يقول علقت شمس الصباح الحلو .. أي سطعت الشمس وقتاً ليس بالقصير على زجاج نافذة بيته وهذا أمر نادر الحدوث خاصة في موسم الشتاء. شبه الشاعر تسلل أشعة الشمس من خلال النافذة بقبلة نادرة كالياقوت ... حينها عاوده الحنين لوطنه النائي البعيد. صدى همسها!! لا أدري أي همس يرمي إليه الشاعر... كصوت خرير مياه الأمطار التي تنداح فتجرف ما علق بالجدول من رواسب وأعشاب. بسمة الأم وضحكة الطفل في بلاده هما فردوسه المفقود وشاطيء الأمل الذي يصبو إليه ولا يتخيله إلا في ضحكات الصغار وقهقهاتهم البريئة.
حينما وصفت الشاعر فضيلي بالصفوي لم أبالغ فالغوص في معاني أشعاره ومحاولة تفسيرها لا يخلو من مخاطر وصعاب جمه. رأيت الشاعر فضيلي ثلاث مرات في حياتي ... مرة كان يتأبط كتاباً في حفل كردفاني ساهر تجلى فيه الفنان المبدع عبد القادر سالم وفرقته. المرة الثانية رأيته يلقي قصيدة في تأبين الراحل الأستاذ الخاتم عدلان والمرة الثالثة قابلته صدفة في مطار هيثرو وهو يتأهب للسفر إلى مقر عمله الجديد في سلطنة عمان. تلك اللحظات النادرة فقط كانت فرصة لتأمل هيئته وملامحه الكردفانية الأصيلة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
شمس على النافذة قصيدة كتبها الشاعر في شهر مارس أي في نهاية فصل الزمهرير في بلاد تموت من البرد حيتانها كما قال أديبنا العالمي الروائي الطيب صالح طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته.
الشاعر فضيلي شاعر له فلسفة في الحياة وقناعات راسخة منها يستمد حرارة كلماته وصدق أشعاره. تقييمي المتواضع لأعماله الشاهقة ينبع من إحساسي بعمق كلماته االثائرة الأبية بغض النظر عن أي إعتبارات أخرى.
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محاولة للسياحة في بعض قصائد شاعرنا الصفوي فضيلي جماع. (Re: Mohammed Haroun)
|
((2
قُمْتُ مبهوراً أغنِّي بيْد أنِّي .. ما تغشّاني شعاعُ الشمسِ أو همْسُكِ أوْ بسْمةُ أمِّي سرقوا الشمسَ ومِن حوْلي تنادَوْا ! بيْدَ أنِّي .. صِرْتُ في نشْوةِ أحلامي ومن تلقاءِ نفسي وطناً أسعى به ه عبْر المطاراتِ..المواني ! فيه ماضيَّ ومستقبلُ أيّامي وأحْلامي وعِشْقي وسُهادي وبه أنتِ وأُمِّي .. وأساطِيرُ بلادي
لندن ، مارس/2007
كتبت هذه القصيدة في شهر مارس اي حينما بدأ فصل الشتاء القارس يلملم أطرافه إيذاناً بالرحيل. حينها أحس الشاعر بالفرح والسعادة فطفق يترنم بالأهازيج الشجية والأنغام الندية كالطائر الشحرور الذي يطرب حينما تهب عليه نسمات الربيع العليلة. إلا أن تلك السعادة لم تدم طويلاً، فما أن أحس بشعاع الشمس ودفئها وهمس محبوبته وبسمة أمه الحانية، حتى سرق الأعداء منه دفء الشمس وأغتالوا نشوته وحبوره. يقول الشاعر أنه لن يستسلم رغم كيد الأعادي ولسان حاله يردد ما قاله الشابي:
سأعيش رغم الداء والأعداء *********** كالنسر فوق القمة الشماء
فقد استطاع الشاعر أن يبني من النشوة التي يحسها في أحلامه وطناً كبيراً بنفس ملامح ورحابة وطنه يسعى به في حله وترحاله بين المطارات وبين الموانئ. وطن يتذكر فيه أيامه الخوالي ويصبو فيه إلى أحلامه الزاهرة التي لابد أن تتحقق في المستقبل المنظور.
أعذرني أيها الشاعر العظيم فقد شغلنني مبدعاتي الأربع ومبدعات أخريات لم أقرأ لهن بعد عن هذا البوست الذي أحاول فيه جاهداً أن أسوح بين أدغال شعرك وكلماتك التي لا تنفك تنجلي حتى تعود فتتشابك مرة أخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
|