|
شاهد عيان يروي: كيف إجتُثّت براءة أطفال غزة .. لك الله أطفال غـزة!!
|
هذا بلاغ للناس: ابوبكر يوسف إبراهيم
بعد ستون عاماً من النكبة : النازحون الجدد لسان حالهم انتظار الرحمة والمساعدات قال لي محدثي الآتي لتوه من غزة وهو طبيب قضي إسبوعين من إجازته في تضميد جراحات أهلنا في غزة الصامدة:
عندما تقف في ساحة المدرسة - مدرسة الفاخورة - وتنظر للوهلة الأولى تجد طقوس المعاناة والأحزان والهموم وغيرها تخيم على وجه من يقطن فيها من نساء ورجال وشيوخ وأطفال, فإذا نظرت يمينا وجدت لوحة من المأساة معلقة على الجدران وإذا تلفت شمالا وجدت لوحة أخرى تروى وتحكى معاناة أخرى لهؤلاء العائلات الغزية الذين تشردوا وهجروا من بيوتهم عنوة نتيجة لاستهداف الطائرات الحربية الصهيوينة لبيوتهم المحاذية لمناطق التماس مع الاحتلال.
مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين " الأونروا " بمخيم جباليا شمال قطاع غزة تمثل نموذجا واحد من نماذج التشرد والهجرة المؤقتة التي أصابت العائلات الغزية المنكوبة جراء تواصل العدوان على غزة, حيث باتت تلك المدارس مأوى يقيهم من برد الشتاء القارص ومن غدر الطائرات الصهيوينة التي أصبحت تستهدف كل شيء يتحرك في غزة؛ وبالرغم من أنها مأوى لهم إلا أنها لم تسلم تلك العائلات من القصف الذي طالهم وهم متواجدون داخل المدرسة الأمر الذي أسفر عن استشهاد أكثر من أربعين مواطنا جلهم من الأطفال الأبرياء وإصابة عدد أخر بجروح مختلفة. من يزور تلك المدرسة يجد أطفال صغار يقفون وآخرون يلعبون بالكرة وسط ملامح الخوف والرعب اللذان لا يفارقان وجوههم البسيطة الصغيرة, كما انك تشاهد أناس جالسون ولسان حالهم ينتظر الرحمة والمساعدة متسائلين إلى متى ستستمر معاناتنا و جراحاتنا ؟؟
والصورة الأكثر ألما وإثارة في تلك المدرسة تتجسد بلحظة اقتراب موعد الغداء؛ حيث يصطف الصغير والكبير بجانب عربة الطعام التي كانت يومها حاملة على متنها أربعة من الأوعية الكبيرة الحجم والتي تعرف باسم " دست " المملوءة بالعدس ليأخذ كل واحد منهم نصيبه من هذا الطعام؛ فهذا المشهد يعود بنا إلى وعد بلفور المشئوم كما توقظ فينا تلك الشرائط الوثائقية وكأننا نرجع الذاكرة القهقرى لتشاهد ما حلّ يومذاك عندما حلت نكبة 48 على الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم تاركين خلفهم أمالهم وأحلامهم التي هدمها وشردها الاحتلال الصهيوني الظالم.
يروي لي صديقي والعبرة تخنقهوهو يحكي لي عن مشاهداته الأليمة: ومن بين كثرة مشاهدتي لتلك الأساة والمعاناة داخل المدرسة يطفو ويؤرق ذاكرتي وسيظل يؤرق ذاكرة التاريخ مشهد لطفلتين كانتا ترقدان برفقة معالم الخوف والحزن وراء عربة توزيع الطعام حاملتين بأيدهن الصغيرتين وعاء معدني لوضع طعام العدس بداخله؛ ليسجل هذا المشهد أقسى صفحة من صفحات كتاب المعاناة التي يتعرض لها الغزيون في أوقات الحرب الصهيوينة المتواصلة؛ لتزداد صفحات كتاب المأساة والهموم يوما بعد يوم.
قابلت الأخ خليل عودة شقيق المهندس حسن عودة صديقي المقيم بإمارة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة الذي تبرع بمساعدات لإغاثة الفلسطينيين المنكوبين والمهجرين من بيوتهم, قال باسم:" بعد مشاهدة ما يحدث في غزة من مجازر ومشاهد تهجير وتدمير طلب منى أخي التوجه إلى مدراس الوكالة والتنسيق معها من أجل تقديم المعونة والمساعدات للعائلات المتشردة بداخلها".
وأضاف عودة:" منذ تواجد العائلات بالمدرسة بدأنا بتوزيع وجبات غذائية لهم يوميا متمثلة برز ولحمة واستمر الحال لأربعة أيام, وبعدها لم يتوفر ذلك بالسوق فانتقلنا إلى وجبات البقوليات ", متابعا:" إذا بقيت المواد الغذائية متوافرة بالسوق ستستمر عملية التوزيع داخل كافة مدارس التي تأوي الآلاف من العائلات المنكوبة ".
ولم تقتصر معاناة العائلات المشردة على مدرسة الفاخورة وحدها بل هناك الكثير من مدراس الأونروا التي تأوي بداخلها العديد من العائلات الذين حرموا من العيش بحياة كريمة آمنة داخل بيوتهم التي دمرت... والتي لم تسلم أيضا من القصف والاستهداف الصهيوني .. لكم الله يا أطفال غزة وبراءتكم تجتثها يد نازية القرن الواحد والعشرين وضمير زعامات العالم العربي في سبات عميق وبيات شتوي!!
|
|
|
|
|
|