|
|
 المسكوت عنه .. إغتيال القائد صديق مساليت من قبل الحركه الشعبيه
|
إغتيال مساليت ..القصة الناقصة
اعداد: أميرة الحبر
لا يستطيع أحد ان يجزم يقيناً بحقيقة ما حدث وسط روايات متعددة واتهامات متبادلة بين عدد من القيادات ،ولكن اغتيال القائد العام لحركة تحرير السودان الموحدة صديق عبد الكريم الشهير “بصديق مساليت “ في منطقة بورو بالقرب من مدينة واو مع “18” من اعوانه، يعكس تداعيات واقع آخر في أزمة دارفور وهو الصراع بين قيادات الحركات المسلحة ليتجاوز هذا الصراع المجاهرة في الخصومة والانشقاقات الى الاتهامات بالتصفية.
وصديق مساليت كان قائدا بارزا في حركة تحرير السودان منذ تكوينها، وهومن أوائل العساكر الذين انضموا الى الحركة، وشارك في معظم معاركها مع الحكومة ،أبرزها الهجوم الشهير على مطارالفاشر بولاية شمال دارفور، وخرج نبأ اغتياله بعد اسابيع من الحادثة وشكلت ثلاث لجان للتحقيق تمثل ثلاث جهات مختلفة ، تلتقي ثلاثتها في نقطة ليست لها علاقة بالحادث.
أول هذه الجهات هي مجموعة من القيادات داخل حركة تحرير السودان الموحدة أبرزها ابراهيم احمد ابراهيم وعصام الدين الحاج وهما من أعلن اغتيال مساليت لاجهزة الاعلام في بيان رسمي يتهمان فيه رئيس الحركة احمد عبد الشافي وأمينها العام علي كلاي بالتورط في مقتل القائد العام لقوات الحركة بمساعدة جنود من الجيش الشعبي وصلت لجنتهم فعليا مدينة جوبا ، وطالبوا الحركة الشعبية لتحرير السودان بالتحفظ عليهما في جوبا والتحقيق الفوري في الحادثة واعلان مصير المفقودين ،وأبراهيم وعصام كانا على خلاف معلن مع أحمد عبد الشافي وكلاي بعد اعلان الاخير اعفاءهما من منصبيهما وقابلا الامر باعفاء مماثل للاثنين من مناصبهما ،وظلا لفترة يتبادلان الاتهامات عبر البيانات على مواقع الانترنت والصحف المحلية ،عموما هذه اللجنة وصلت جوبا وتنتظر التنسيق مع لجنة الحركة الشعبية ،في ذات الوقت الذي تحذر فيه الحركة من مآلات عدم التحفظ على احمد عبد الشافي الذي قالت انه وصل يوغندا ،وطلبت من الحركة الشعبية ارجاعه ومحاسبته بمدينة جوبا.
الجهة الثانية هي الحركة الشعبية لتحرير السودان التي رعت في سبتمبر من العام الماضي مؤتمرا لتوحيد الفصائل المسلحة بتمويل كامل من الامم المتحدة خرجت نتائجه بتوحيد عدة فصائل وتعيين احمد عبد الشافي رئيسا وكلاي امينا عاما ومساليت قائدا للجيش في حركة واحدة سميت حركة تحرير السودان الموحدة ،كانت سمة موتمر جوبا لتوحيد الفصائل مراعاة التركيبة القبلية لهذه الفصائل في توزيع المناصب في الحركة الموحدة والتي احتفظت بكلمة “تحرير السودان “ كارث كبير لا يمكن تجاوزه او التفريط فيه ، لذلك كانت هناك علاقة قوية جدا للحركة الشعبية بهذه الحركة التي سبقها في تكوينها ود قديم مع عدد من قياداتها المؤسسين ودعمها بمساعدات قيمة قدمتها الحركة الشعبية لشبيهتها الوليدة في دارفور.
الجدل حول من قتل مساليت امتد الى مكان قتله، فبينما تؤكد قيادات من دارفور انه تم في الجنوب قال د رياك مشار انه قتل في دارفور الا ان الحركة الشعبية اعلنت اعتقال عدد من الجنود في الجيش الشعبي للتحقيق معهم عبر لجنة وجه بتكوينها رئيس الحركة الفريق سلفاكير ميارديت للتحقق فيما حدث ومدى صحة تورط جنود الحركة في الامر ،ولعل اتهام جنود الجيش الشعبي يرتبط بصورة مباشرة باتهام القائد احمد عبد الشافي الذي تربطه علاقات وثيقة وقوية بعدد من القيادات المؤثرة في الحركة الشعبية ،لذلك جاء اتهام هؤلاء الجنود الى جانب احمد عبد الشافي الى ان تثبت التحقيقات اذا مضت عكس ذلك. ويرى كثير من المراقبين ان الحركة الشعبية سعت الى احتواء الفصائل بعد توحيدها والاستفادة منها للعب دور بارز تسهم فية كشريك ثانٍ في الحكومة لحل أزمة دارفور ،لكنها سارعت الى نفي علاقتها كحركة بحادثة الاغتيال ولم تستبعد تورط بعض منسوبيها بصورة فردية.
مجموعة احمد عبد الشافي التي تمثل الجهة الثالثة تعاملت مع الحادث في اطار الصراع بينها وبين المجموعة الاخرى التي كونها منشقون عن الحركة ورفضت في بيان ممهور بتوقيع علي كلاي الامين العام الاتهامات واعتبرت الامر في اطار انشقاق الحركة الجديد ووصفت بيان مجموعة ابراهيم احمد ابراهيم بتورط احمد عبد الشافي في الحادثة بالضعف وعدم التوفيق.. وأشار البيان الى قيام الحركة بتكوين لجنة عسكرية للتحقيق في مقتل مساليت واعوانه خاصة ان الاحداث وقعت في الميدان.
عدد من ابناء دارفور وممثلين للادارة الاهلية برئاسة يعقوب الملك - ملك قريضة - وصلوا جوبا لمعرفة الحقائق وكشف ملابسات الحادث ، لكن الملك في اتصال هاتفي مع “الرأي العام “ رفض الحديث عن الزيارة ونتائجها وأشار الى التزامه مع الحركة الشعبية بأهمية تجنب الحديث لوسائل الاعلام الى حين اكتمال التحقيقات حول الحادث، بينما شجبت وأدانت عدة فصائل مسلحة عملية الاغتيال في بيانات رسمية ابرزها الجبهة الشعبية الديمقراطية التي طالبت بتحقيق دولي في الحادثة و اعتبرتها مجافية للمباديء التي قامت عليها فكرة العمل المسلح في دارفور.
اذن من الصعوبة التكهن وتأكيد الجهة التي نفذت الاغتيال، وما هي الدوافع لكن كثيراً من المراقبين يتوقعون تداعيات سلبية للحادثة في ظل التعقيدات التي تمر بها ازمة دارفور والتي برزت فيها العصبية القبلية بصورة مزعجة خاصة ان القتيل والمتهم من أكبر قبائل دارفور.
الحادث الآن تلاحقه ثلاث لجان.. اثنتان في جوبا وثالثة عسكرية في الميدان من ثلاث جهات مختلفة ما يفرق بينها اكثر مما يجمع ، مما يقلل من فرص الوصول الى نتيجة يتقبلها الجميع ، الى جانب ان التحقيق نفسه يواجه عقبات اهمها المنطقة التي وقع فيها الحادث ،والكيفية التي ستجري عليها المحاكمة ،في ظل قانونين ،قانون الجنوب والقانون المتبع في المناطق التي تسيطر عليها الحركات بعيدا عن قبضة المركز.
ما حدث يعكس بوضوح مدى صعوبة المهمة التي ستواجهها الوساطة بغض النظر عن هويتها لانهاء ازمة دارفور عبر الحوار ،فتوحيد رؤى الحركات واحلال الوفاق بين قياداتها اصبح ذراعاً اخرى معطوبة لازمة دارفور يستغرق علاجها زمنا طويلا، ولا تزال الحرب مستمرة.
|
|
 
|
|
|
|
محمد فرح
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست