|
في ذكري إستقلال السودان....ما أشبه الليلة بالبارحة....فما العمل؟
|
ما أشبه الليله بالبارحة .. هذه العبارة لخصت كل شئ .. فإستقلال بلادنا ، في أو يناير 1956 م ، جاء تتويج لنضال جسور وصبور لأبناء وبنات شعبنا ، وخلاصة شاقة وطويلة بداءات بسقوط دولة المجاهد الأول محمد أحمد المهدي وخليفته الفارس عبدالله التعايشي ، نتاج لتراكم ثورات ود حبوبة والسلطان علي دينار والشيخ السحيني والفكي علي الميراوي والسلطان عجبنا ، وبسالات النوير والدينكا والشكل ، وأبطال ثورة اللواء الأبيض ( 1924 م ) علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ ، والأباء المؤسسين لمؤتمر الخريجين بقيادة الزعيم الأزهري . فقد كتبوا تضحياتهم الجسام في السجل الوطني وذاكرته الخالدة ، حيث كان الإستقلال تعبيراً عن إرادة شعب السودان وعن أمانيه في بناء وطن عصري حديث . إن محاكمة الواقع يجب أن تنطلق من الحقائق العينية وتناقضاته المعقدة ، وليس من التصورات ىوالأوهام المسبقة (( وثيقة نحو مخرج ديمقراطي تقدمي لأزمة التطور الوطني ، مايو 1978 م )) . إن الحقيقة التي لا جدال حولها ، تجسدت في فشل الحكومات التي تعاقبت علي حكم البلاد في إنجاز مهام ما بعد الإستقلال ، وتحولت القوي الحاكمة إلي أكبر عقبة تهدد الإستقلال والوحدة الوطنية ، الأمر الذي قاد البلاد نحو الأزمة الوطنية الشاملة ، التي أضحت أكثر عمقاً وتجزر في ظل حكم الإنقاذ ، فقد كان أكثرها تفريطاً في السيادة الوطنية والوحدة التي أصبحت مواجهة بتحديات عظيمة تمظهرت بتناقض جوهري حيث أن وجود القوات الأجنبية التي تجاوزت ( 26 ) ألف جندي داخل الأراضي السودانية مقابل (4800 ) ألف جندي إنجليزي قبيل الإستقلال ، والوحدة الوطنية معادلاتها غير متوازنة ورحمتها تحت قوي الإنفصال في حزبي السلطة ، الإقتصاد الوطني مخرب لمصلحة الفئات الحاكمة ومقيد بسلاسل التبعية الرأسمالية العالمية المازومة ، عبر وصفات الخصخصة وسيادة قيم السوق وتحكم الصندوق والبنك الدوليين ، الأمر الذي قاد إلي تخريب إجتماعي طال القيم والأخلاق طالما أعتز بها شعبنا في مواجهة المحن والتحديات . فبدلاً من مخاطبة جزور وأسباب الأزمة الوطنية الشاملة المتمثلة في التقسيم العادل للثروة والسلطة والتنمية المتوازنة إقليمياً وجهوياً ونظام الحكم وعلاقة الدين بالدولة وشق الدروب المستقلة في التنمية والنهوض الإقتصادي المستند علي المصلحة الوطنية والتعامل المتكافي ، وصياغة كل ذلك في دستور ديمقراطي مستوعب للوحدة في إطار التنوع ، إتجهت حلول أنظمتنا إلي التعامل غير المسؤول في مواجهة تعبيرات الأزمة التي أعلنت عن نفسها من خلال خارطة الحروب الداخلية والتوترات القلقة ، فالحلول الزائفة غير المستندة إلي الحل الوطني الخالص ، التي تعيد الأجنبي من جديد كراعي أمن ومحضر خير بعد أن قلنا فيه كلمتنا قبل 53 سنة . ما أحوجنا إلي نضالات أباءنا المؤسسين فنضالنا من أجل الإستقلال والوحدة والتقدم لم تتوقف وإنما يجب أن تتخذ أساليب جديد في مواجهة الإستعمار وأساليبه الساعية علي إعادة الهيمنة علي بلادنا والمتجددة يوماً بعد أخر ، وفي مواجهة القوي التي أدمنت الفشل التي حافظت علي التخلف المؤروث وعلي روابط التبعية للقوي الأجنبية وضد النظام القائم الذي لا يمتلك القدرات الذاتية التي تجعله أميناً علي السودان وأمنه ووحدته وسيادته ، فسياسته مزقت الوحدة الوطنية وأثارة النزاعات القبلية والإقليمية وما يجري الأن خير دليل . فلنصوب جهدنا نحو مخرج وطني يتجدد من خلال النضال من أجل الإجابة علي الأسئلة الأساسية والمهام التي أوجدتها فترة ما بعد الإستقلال من خلال ترك تجريب المجرب وشق الدروب المستقلة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياًالتي تستوعب الوطني والقومي وتنعكس علي أمور حياتنا في التعليم والصحة والحقوق الأساسية ، فالأزمة الوطنية الشاملة لا يكافئها إلا الحل الوطني الجزري المتكئي علي الجماهير صاحبة المصلحة في التغيير . فالمناورة علي حل يأتي لدن الأمر الواقع ما هو إلا حرث في البحر ، فالتاريخ لا يكرر نفسه ، عليهم أن يذهبوا بمحض إرادتهم أو فلنجدد وسائل شعبنا الناجعة .
|
|
|
|
|
|