القااااع

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 04:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2008, 04:37 AM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
القااااع

    (1)



    نهض من فراشه في بطء .. جلس علي حافة السرير ممسكاً رأسه بين يديه وهو يتثاءب في تثاقل .. دعك عيناه في قوة مما زاد من إحمرارهما بعد ليلة تقاسمها الأرق والكوابيس
    .. كانت دقات قلبه مرتفعة وكأنه عائد من حصة للعدو وليس مستقيظاً من النوم .. إرتدى حذاءه البيتي وتناول بشكيره الأخضر ثم فرده أمامه وألقاه علي كتفه في إهمال وخرج
    من غرفته الي الحوش الذي إنتصبت عند زاويته الجنوبية الشرقية نيمة تمردت علي الجدار فتمددت فروعها الي الشارع وبالقرب منها ينتصب قن الدجاج الذي كان ينفض ريشه في كسل والنعاس لا زال يداعب عيونه الصغيرة اللامعة ماعدا الديك الذي كان قد أعتلى زاوية المطبخ التي تطل علي الميدان الذي يقع جنوب البيت مباشرة فارداً عنقه بطول إمتدادها وإن خرج صوته ضعيفاً وكأنه مصاب بالزكام محاولاً ممارسة مهمته الأزلية في إيقاظ الناس وقت السحر وإن كان متأخراً بما يزيد عن الساعة فقد كبر وهرم وإختلت ساعته البيوليجية منذ زمن بعيد كما فقد كل مزاياه التي كانت تمنحه الخيلاء والزهو بداخل قن الدجاج فهرب من مملكته الخاصة الي منفاه الإختياري عند زاوية سقف المطبخ قانعاً من الغنيمة بالإياب.

    إختلط صياح الديك بهديل ذكر الحمام وهو يقترب من أنثاه متمايلاً في إغراء .. قبلها قبلة طويل وهي تتراجع الي الخلف في خطوات مدروسة ويتبعها هو بنفس الإيقاع وشمس كانون الثاني ترسل أشعتها الواهنة فتداعب مقدمة الأشجار وأعلي البيوت في حياء , وقتها كان الديك العجوز قد أخفئ رجليه في الريش الكثيف عند بطنه وغفا غفوة صغيرة
    قبل أن تشتد حرارة الشمس .. تابع المشهد بعينيه وكأنه يراه لأول مرة .. صوت طرقات الماء التي كانت نساب من الصنبور الي طشت النحاس أخرجته من إستغراقه فأحكم إغلاقها ثم دلف الي الغرفة الثانية في بيته الكائن بقشلاق البوليس بمدينة ود مدني.

    نظر الي زوجته عواطف في حنان وصوت تنفسها المنتظم يصله في وضوح .. كان الشيب قد غزا مقدمة شعرها وتجاعيد الزمن قد تركت أثرها علي أسفل عينيها وعلي جانبي فمها وإن كانت قد تضاءلت أثناء نومها فبدت أقرب الي خطوط رقيقة قد خطها فنان منها الي تجاعيد , لم تكن جميلة في يوم من الأيام ولكنها أيضاً لم تكن دميمة , كان يدرك أنه لا يحبها وإن كان لا يستطيع الإستغناء عنها .. إقترب منها في حذر ثم قبلها علي خدها الأيسر فنهضت في ذعر وهي تنظر إليه في دهشة فهو لم يقبلها منذ مايزيد عن الخمسة أعوام .. لم يبال بالدهش التي ملاءت عينيها وهو ينظر الي إبنته مروة ذات الأربعة عشر ربيعاً وقد إنكفأت علي بطنها غارقة في نومها ثم حول نظره الي إبنه محمد ذو الستة أعوام وهو مكور علي نفسه في منتصف الفراش .

    كانت ولادة محمد خطاً فاصلاً لعلاقته الزوجية بعواطف فبعد أن أكملت الأربعين وعادت أمها الي بيتها لم ترجع الي غرفتهما وعندما سألها عن السبب تعللت بأن محمد مازال صغيراً وهو يكثر من البكاء ليلاً ولكن تحت إلحاحه أخبرته بصراحة بأن السبب هو الكوابيس التي تداهمه كل ليلة فتحرمها من النوم بسبب صراخه وبكائه أثناء نومه .. لم يرد عليها وانسحب في هدوء ولكن كبرياؤه كانت قد جرحت جرحاً بليغاً أدي الي كبت نداء الجسد وعواطف تتسلل اليه عند عتمة الليل فيتعلل بالإرهاق أو الصداع فتحتج في حياء ثم لم تعد تطالب بشئ وإن كانت عينيها تنطق به في بعض الأحيان فيتجاهله متظاهراً بالغباء حتى رفعت الراية البيضاء وحصرت حياتها بين طفليها وجاراتها وجلسات الجبنة عند ظل النيمة تتبادل فيها الأخبار والنميمة ورمي الودع وقراءة الفنجان
    فأصبحا أقرب لشريكي سكن منهما لزوجين.

    شد الحزام الأخضر حول خصرة المتضخم حتي آلمته بطنه .. نظر الي كرشه المتدلي في إستياء ثم أعاد الأزبليطة الي مكانها الطبيعي وارتدي قبعته التي زينها صقر الجديان ثم تأكد من أن وسام الخدمة الطويلة الممتازة مثبت علي بدلته الكاكي ثم خرج أخيراً من البيت وأغلق الباب من خلفه

    كان هذا هو عبد الرؤوف محمد عبد الرؤوف منفذ أحكام الإعدام في سجن ودمدني العمومي.
                  

11-26-2008, 04:42 AM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القااااع (Re: محمد الطيب يوسف)



                  

11-26-2008, 06:23 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القااااع (Re: محمد الطيب يوسف)

    --------------------------------------------------------------------------------

    (2)




    نزل عادل من الحافلة علي جانب الطريق .. إنتصب علي الجانب الآخر مبني حكومي طلي باللون الأصفر الباهت , الإضاءة الخافتة لم تكن تمنحه رؤية مريحة وإن بدت الحديقة مهملة الي حد ما .. غفير عجوز غفا أمام كنبة من الخشب وضعت أمام الباب متجاهلاً لسعة البرد التي تنخر في العظام, رفع عادل يده محيياً دون أن يهتم بعدم رده للتحية فقد كان يظن أنه مدرك لسره عقد معه إتفاق غير مكتوب يذيله بالتحية اليومية ويجدده بكيس الفواكه والخضار كل فترة وأخرى

    شتاء ود مدني كان قاسياً لهذا العام , أحكم شال الصوف حول عنقه وهو يتحرك في الإتجاه الغربي متوغلاً في الحي السوداني بخطوات واسعة .. لسعه البرد في أنفه فامتلأت عينيه بالدموع وهو يعطس في قوة , لفت حوله في جزع وهو يحك أنفه بظهر يده ثم ضحك في سخرية فلم يكن هناك مايستوجب حذره فهو لم يصل بعد.

    إنتبه الي الطريق الذي تناثرت علي جانبيه فلل صغيرة من طابق واحد أو طابقين تسللت من نوافذها أضواء النيون التي إعترضتها أشجار الحناء والسيسبان والتمر هندي ودقن الباشا فتمددت ظلالها الي الطريق وإن كانت أعمدة الإنارة المتباعدة تفصل بينها بين الفينة والاخري في إحتفائية دافئة من الضوء كان عادل يتجنبها قدر الإمكان وهو يبتعد الي الجهة المقابلة لأعمدة الإنارة ويحث الخطى عندما تفضحه الأنوار .

    أشعل لفافة دخان وأخذ منها نفس عميق أشعره بالدف ثم ابتسم إبتسامة صغيرة وهو يتذكر عبارة نهاد شوربجي عند أول زيارة له

    - شوف ياعادل شراب السيجار ده مامعانا ريحته مابتطلع من البيت إنت عاوز تفضحني ولا شنو؟؟

    أرجع اللفافة في العلبة وهو يبتسم

    - ما السيجارة دي ماعاوز أشربها .. عاوز أشربك إنتي

    قالها وهو يعتصرها بين ذراعيه وضحكتها تذغذغه عند ضلعه السفلي الأيسر

    لم يشبع منها طوال عامين (الحلبيه بت الكلب) كانت تثير جنونه بجسدها المشدود مثل (الشتم) رغم بلوغها الخمسة وأربعون عاماً والدخان يعطيه لون الذهب فتشع تحت الإضاءة الخافتة التي وزعت بعناية في غرفة النوم كان يدرك بأنها ربطته بوثاق لا يمكن فصمه .

    مرت إثنتا عشرة ليلة منذ آخر مرة رآها كان يشعر بأن حرارة جسده مرتفعة وهو يحث الخطا مقترباً من فيلا عند نهاية الطريق , داعب المفتاح المستكين في جيب سرواله

    - أسمعني ياعدولي كان لقيت الباب متربس من جوة معني الكام ده راجلي قاعد ترجع بي دربك طوالي


    هذه المرة الثالثة التي يأتي فيها بعد أن إتصل بها تلفونياً وأخبرته بأنها اليوم مستعدة له

    سيارة قادمه من الإتجاه المعاكس دفعته لأن يستمر في طريقه وهو يتابعها ببصره حتى اختفت عند نهاية الطريق ثم عاد الي الباب وفتحه وولج الي الداخل في عجلة ثم اغلقه من خلفه محاذراً أن يحدث صوتاً

    الحديقة الصغيرة كانت أول مايقع عليها نظره وهو في الحوش , مستطيل من العشب الأخضر حف بأشجار الجهنمية وتخللته أحواض صغيرة من عباد الشمس وصباح الخير ورائحة الريحان قد عمت المكان متناثراً في عشوائية بطول الحديقة , كراسي بيضاء من الحديد ثبتت عند المنتصف , كان هناك ممر ضيق يفصل بين بين الحديقة والمبني رصف بالسيراميك الملون في حين زين المبنى نفسه بالطوب الحراري الأحمر مما منحه منظراً جذاباً .

    تقدم في خطوات سريعة مخترقاً الممر حتي نهايته .. دفع الباب الداخلي فتسسلت الي أنفه رائحة البخور والموسيقي الناعم أعطت المكان جواً ساحراً .. غاصت قدميه في السجاد الإيراني الفاخر بلون العود .. ( ياخي البت دي عندها مزاج كيف)
    قالها وهو يجلس في أقرب كرسي ويتطلع الي البهو الواسع أمامه منتظراً في ترقب.
                  

11-26-2008, 08:25 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القااااع (Re: محمد الطيب يوسف)

    .
                  

12-19-2008, 05:23 AM

rani
<arani
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 4637

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القااااع (Re: محمد الطيب يوسف)

    *
    واصل
    تسجيل حـضور
                  

12-19-2008, 10:38 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القااااع (Re: rani)

    Quote: واصل
    تسجيل حـضور



    راني حبابك الف


    شكراً للإهتمام

    وأتمني جود الدافع للمواصلة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de