دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـــل
مما لا شك فيه فإن المسرحية زاخرة بالإيحاءات والمعاني الضمنية. أحد تلك المشاهد الرائعة هو عندما حانت لحظة عقد الصفقة وتوقيع العقد ممهوراً بدم "فاوستس"، حينها يُحدِث "فاوستس" جرحاً في يده ليسيل منها الدم الذي سيستخدمه في توقيع العقد .. إلا أن الدم يأبى أن يسيل ويتجمد في عروقه. هذا الإيحاء دلالة على جنونية الصفقة .. وإتاحة الفرصة لـ "فاوستس" بالتراجع .. إلا أن نهم المجد والرغبة الجامحة في استكشاف المجهول حالتا دون تراجعه.. ليعاود المحاولة مرة أخرى مسبباً هذه المرة جرحاً غائراً آخر يسيل منه الدم بغزارة فيتم التوقيع على الصفقة.. معلناً بداية الصفقة .. وحصول "فاوستس" على قوى السحر الخارقة. يبدأ بعد ذلك سقوط "فاوستس".. فهذه القوى التي كان ينشدها .. يتم إستخدامها في غير ما كان يريد. مع مرور الساعات مسرعةً يجد "فاوستس" نفسه يدور في حلقة مفرغة .. يستخدم قدراته الخارقة في تلبية نزعاته الشهوانية، وإرضاء فضوله المتواضع. أول ما يبدأ به هو أن يأمر خادمه "Mephistopheles" بتغيير هيئته التي لا تروق له. ليحس بعدها بالكبرياء والترفع لما يتمتع به من مقدرات تمكنه من التحكم في هيئة خادمه. ومن ثم يسترسل في إسفافه ليستدعي أرواح الموتى .. فيناجي طيف "هيلين" ملكة "إسبارطة" التي كانت على علاقة بإبن ملك طروادة ، والتي بسببها نشأت حرب طروادة الشهيرة. ولعل من أروع ما كُتب في الشعر الإنجليزي هذه الأبيات الشعرية التي يقولها "فاوستس" مناجياً "هيلين":
"Was this the face that launched a thousand ships, And burnt the topless towers of Ilium? Sweet Helen, make me immortal with a kiss. ''[kisses her]'' Her lips suck forth my soul: see, where it flies! Come, Helen, come, give me my soul again. Here will I dwell, for heaven is in these lips,
وتمر الساعات لتدنو ساعة الأجل المحتوم .. ولكن "فاوستس" يهدر قدراته في ما هو غير ذي جدوى ، وفي إحدى المشاهد يأمر خادمه ليأخذه إلى القس الأكبر "البابا" في روما ليجعله سخرياً ، فينتهك خلوته ليصفعه تارةً ويهزأ به تارةً أخرى.. كل ذلك وهو في حالة تخفي بفضل السحر الذي سخره له الشيطان. هنا تجدر الإشارة إلى الكاتب حاول تجسيد فلسفته وعدم قناعته بكثير من قيم الدين والقداسة. وقبل نهاية الأجل يبدأ "فاوستس" مضطرباً .. فهو قد أهلك نفسه.. وضيع جل علمه ومعرفته هباءً.. فيسأل خادمه "Mephistopheles" عن الجحيم، فيجيبه: "Why this is hell, nor am I out of it. Think'st thou that I, who saw the face of God, And tasted the eternal joys of heaven, Am not tormented with ten thousand hells In being deprived of everlasting bliss?"
من خلال ذلك المقطع أراد "كرستوفر مارلو" أن يقول أن الجحيم هي حالة يعيشها الإنسان أكثر من أن تكون مكاناً بعينه.. فهو الآن في الجحيم بالرغم من أنه بين البشر في الدنيا.. وكذلك فإن المقطع يدلل على أن "إبليس" يعرف الله عز وجل حق المعرفة، كما أنه يعرف الجنة.. التي يحن إليها.. لكن اللعنة حالت بينه وبينها. وليس هناك أروع من تراجيديا المشهد الأخير بعد إنقضاء المدة المحدد.. حينما يأتي "إبليس" ومعاونيه لأخذ روح "فاوستس".. عندها فقط يدرك غضب الله عليه ولعنته له.. يحاول التوبة لكنها لا تجدي نفعاً الآن .. رُفعت الأقلام وجفت الصحف.. وقبل أن ينقض عليه إبليس يصرخ فاوستس قائلاً:
My God, my god, look not so fierce on me! Adders and serpents let me breathe a while! Ugly hell, gape not! come not, Lucifer! I'll burn my books!--Ah, Mephistopheles!
هذا العمل المسرحي يجسد الروح التي سادت إبان عصر النهضة تجسيداً دقيقاً .. حيث الخروج عن الموروث الديني والإجتماعي والثقافي الذي كان سائداً آنذاك. كما يجسد التطلع اللا محدود للمعرفة وطرق أبواب المجهول..
إضافةً إلى هذا العمل المسرحي الرائع، كتب Christopher Marlowe أعمالاً أخرى يمكن تصنيفها على أنها تراجيديا شعرية .. أشهر هذه الأعمال: (تيمور لنك Tamburlaine) و (مذبحة باريس The Massacre at Paris) و (يهودي مالطا The Jew of Malta) و (إدوارد الثاني Edward II)
(عدل بواسطة مبارك السروجي on 02-26-2009, 09:11 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
وفي مسرحية "يهودي مالطا" The Jew Of Malta حاول "كرستوفر مارلو" تجسيد المفهوم الذي كان يسود أوروبا حول اليهود.. فالشخصية الرئيسية في المسرحية "براباس" اليهودي .. ذو شخصية معقدة يطغى عليه الجشع وحب الذات. ويُعتقد أن هذه المسرحية كانت إلهاماً لـ "شكسبير" في كتابة مسرحيته الشهيرة "تاجر البندقية" The Merchant of Venice . وقد نُسجت الخلفية التاريخية للمسرحية حول صراع السيادة على البحر المتوسط بين أسبانيا من جهة والإمبراطورية العثمانية من جهة أخرى. تبدأ المسرحية بمقدمة مفادها أن التاجر اليهودي "براباس" الذي لديه من المال ما لم ينله أحدٌ غيره في "مالطا" ، إلا أن تلك الثروة الهائلة يواجهها التهديد بالزوال لدى وصول القوات العثمانية إلى الجزيرة لأخذ الجزية من أهلها. يبدأ بعدها "براباس" في الإنتقام .. ويمارس كل ما أوتي من مكر ودهاء وخبث لتحقيق ذلك الهدف .. فهو لا يتورع في إستغلال إبنته لممارسة الرذيلة مع عدوه من أجل أن يصل إلى مبتغاه.. بل ويتسبب في مقتل كل من في دير الراهبات بمن فيهن إبنته التي أصبحت واحدة منهن بعد إكتشافها لغدر والدها وسوء إستغلاله لها لتحقيق مآربه وأطماعه الشخصية. ليلقى هو نفسه حتفه في نهاية المسرحية على أيدى الجنود المالطين الذين كان يدعمهم ليصل إلى مبتغاه. حيث ألقوا به في قدر من الماء الساخن كان قد أعده لقتل حاكم "مالطا". تعتبر المسرحية تراجيديا بكل ما للكلمة من معنى ، ففيها تجسد صراع الأدين (الإسلام – المسيحية – اليهودية) كما تتجسد فيها أزمة الضمير الذي لا يتورع من إرتكاب أبشع الجرائم من أجل تحقيق الأهداف. ولا شك فإن هذه الصورة القاتمة لليهود تجعل من المسرحية هدفاً لإتهامها بالمعادة للسامية. إلا أن المؤلف سعى من خلال هذا العمل أن يعكس عدم إعتقاده في الدين كحل لأزمة الضمير الإنساني .. لذلك فهو قد صور المسلمين الأتراك كوحشيين همهم هو السلطة والبطش .. كما جسد المسحيين كعبيد للذة والفجور .. واليهود خونة لا مبدأ لهم ولا يتورعون في فعل كل شيءٍ من أجل تحقيق أطماعهم.
أما العمل المسرحي الآخر لـهذا المؤلف هو "تيمور لنك" Tamburain وهي تحكي عن القائد المغولي المعروف "تيمورلنك" الذي يقود جيوشه نحو أفريقيا و بلاد الشام ليرتكب فيها أفظع ما عرف التاريخ القديم من المجازر الوحشية. فيصل إلى مصر حيث يأخذ إبنة الملك سبية ليتم تزوجيها له فيما بعد ، كما يصل إلى دمشق ويعيث فيها فساداً وحرقاً. كما لا يتورع في قتل إبنه الذي يرفض المشاركة في وحشية الجرائم التي يرتكبها أبوه. يرى كثير من النقاد أن هذه المسرحية فيها كثير من العداء للإسلام .. خصوصاً حينما يظهر بطل المسرحية "تيمورلنك" في إحدى المشاهد وهو يحرق كتاب الله الكريم "القرآن". إلا أن البعد الديني يظل قائماً حينما يصاب "تيمورلنك" بعلةٍ إثر حرقه لكتاب الله الأمر الذي يؤدي إلى وفاته في نهاية المسرحية. يسعى "كرستوفر مارلو" من خلال أعماله للإحتفاء بالمثُل الإنسانية والإمكانية البشرية المطلقة ، وقدرة الإنسان اللا محدودة في الوصل إلى القمة.. .. تلك الروح التي سادت إبان العصر "اليزابيثي" .. فـ "تيمورلنك" كان تجسيداً لهذه القدرة التي أتاحت له أن يسيطر على جزء كبير من العالم في ذلك الوقت ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: Muhib)
|
لك الود.. الأخ/ محب وشكراً على المداخلة الرائعة.. تعرف .. أن "فاوستس" يشبه كثير منا.. فنحن في كثير من الأحيان لا نرضى بما وهبنا إياه الخالق العظيم.. بل أنه كلما وهبنا شيئا سعينا إلى شيءٍ آخر .. أعظم شأناً ربما .. أو أكبر إنحاطاً لقدرنا .. ولهبة الخاق العظيم.
تحيتي لك..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
2 وليم شكسبير William Shakespeare عطيل .. تراجيديا الغيرة القاتلة.. وعقدة الشك تعتبر مسرحية "عطيل" Othello للروائي الإنجليزي "وليم شكسبير" من ضمن أروع ما كتب للمسرح الإنجليزي. تتكون المسرحية من خمسة فصول ، تدور أحداثها بين "البندقية" و " قبرص". الموضوع الأساسي للمسرحية هو الغيرة القاتلة.. فالزوج المخدوع "عطيل" المغربي الأصل .. وقائد الجيش يصيبه الشك والريبة في تصرفات محبوبته الشريفة "ديدمونة" ، وذلك من قِبل "اياغو" حامل علم "عطيل" في جيشه .. يتم الأمر من خلال بث الدسيسة وروح الفتنة في نفس "عطيل" تجاه محبوبته ، خوفاً من أن ينال حبها. ينجح "اياغو" في فعلته الدنيئة لفهمه العميق لشخصية "عطيل" ونجاحه في معرفة خفاياه.. فيستطيع التأثير عليه ويتسبب في خراب بيته.. فيحاول أن يقنعه بأن "ديدمونة" خائنة لأنها خدعت أباها .. وهي بذلك لا تتورع في خداع زوجها. بل ويتمادى في مؤامرته إلى أبعد من ذلك حين يطب من زوجته "إيمليا" لكي تسرق منديل "ديدمونة" الذي أهداه إياها "عطيل" دون أن يشرح لها أنه يحيك خيوط مؤامرة ضد "عطيل" وزوجته. فتفعل "إيمليا" ما يُطلب منها ، ليأخذ "اياغو" المنديل ويلقي به في غرفة "كاسيو" أحد مساعدي الجيش ، والذي يعتبره "اياغو" منافساً له.. كان الهدف من ذلك هو التخلص من "كاسيو" والتسبب في تدمير "عطيل" في آنٍ معاً. تدور الأحداث في هذا النسق حيث ينجح "اياغو" في تشويه صورة "ديدمونة" أمام أعين زوجها "عطيل" الذي يقتلها في آخر المسرحية خنقاً .. ولكن بعد ذلك تأتي "إيمليا" زوجة "اياغو" لتخبره بالحقيقة ، وأنها هي التي سرقت المنديل وأعطته لزوجها دون أن تعلم.. عندها فقط يعلم "عطيل" أنه كان ضحيةً لمؤامرة دنيئة ، فيطعن "اياغو" دون أن يقتله ومن ثم يقتل نفسه حزناً على زوجته الحبيبة "ديدمونة". بهذه النهاية أراد "شكسبير" أن يدلل على بقاء الشر ما بقي الإنسان.. وأن طيبة القلب قد تتسبب أحياناً في هلاك صاحبها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــل.. إن مسرحية "عطيل" هي من أكثر مسرحيات شكسبير واقعيةً ، وذلك لما تميزت به من شخصيات واقعية يمكن تواجدها في أي مكانٍ وزمان.. إلا أنه بالرغم من ذلك فإن هناك لمسة رومانسية تلقي بظلالها على التراجيديا الواقعية. تتجسد الرومانسية في الحب القاتل الذي كان يكنه "عطيل" نحو زوجته مما أدى إلى مقتلهما معاً. هذه الرومانسية تعتبر نقطة الضعف الوحيدة في شخصية "عطيل" الذي يصوره شكسبير في أول المسرحية على أنه بطل شجاع يتمتع بالرؤية الثاقبة والحكمة. لعل نقطة الضعف في شخصية عطيل هي أنه كان أذاناً صاغية للأقاويل التي ساقها له مساعده "إياغو".. فلو لم يكن ليتأثر بما سمعه لما كانت تلك النهاية المأسوية لحياة زوجته وحياته من بعدها.. إلا أن الخائن "إياغو" ظل يتربص به ويتحين الفرص ليلفق الأكاذيب حول زوجته الطاهرة. فها هو "إياغو" يبدأ ينفث مكائده بدعوى حبه لـ "عطيل" وخوفه عليه قائلاً: She did deceive her father, marrying you; And when she seem'd to shake and fear your looks, She loved them most. هنا يستغل "إياغو" معرفته بأدق التفاصيل في حياة "عطيل" وزوجته مذكراً إياه أنها حين تزوجته كانت قد كذبت على أبيها ، لذا من الطبيعي أن تكذب عليه هو أيضاً .. فهذه النظرات التي تبثها عيناك بالرغم من أنها تثير مخاوفها كثيراً.. لكنها هي نفسها النظرات التي تثير عشقها. بهذه الطريقة يبقى "عطيل" أسيراً في ارتيابه.. فهو لم يعد يثق بزوجته.. لقد أصابه داء الشك .. لم يعد يفكر في شيءٍ سوى الإنتقام لرجولته.. لذا يقرر قتلها خنقاً وليس طعناً لأن طلعتها البهية ووجها الجميل وجسدها الحريري الملمس لا يجب أن تصيبه الندوب أو الجراح .. عند هذه اللحظة الحاسمة كان الحكم قد صدر .. فلا تراجع عنه بعد الآن.. فهو لن يدعها تفلت بجرمها (المزعوم) حتى تغوي رجالاً آخرين. It is the cause, it is the cause, my soul, Let me not name it to you, you chaste stars! It is the cause. Yet I'll not shed her blood Nor scar that whiter skin of hers than snow And smooth as monumental alabaster Yet she must die, else she'll betray more men
فهيهات لروحه أن تهدأ قبل أن يواجهها بالحقيقة التي في نفسه عندما يأتي إلى غرفة نومه ويوقظها .. سائلاً إياها أن كانت قد أدت صلاتها واستغفرت لذنبها. نعم .. إن حبه لها لا يطاوعه أن يدعها تموت وهي آثمة: Have you pray'd to-night, Desdemona? ... If you bethink yourself of any crime Unreconciled as yet to heaven and grace, Solicit for it straight. كل محاولاتها لإقناعه بأنها بريئة من تلك الشبهة باءت بالفشل .. لم يجدي تضرعها وتوسلها له بأن يثق فيها وفي حبها الجامح الذي تكنه له.. لم يبقى له سوى أن يطبع على شفتيها قبلة الوداع .. ومن ثم ينقض عليها بكلتا يديه .. واضعاً حداً فاصلاً لحياتها.. "وداعاً لروحي .. أسأل الله لي القبول".. Nobody; I myself. Farewell Commend me to my kind lord: O, farewell! تلك كانت آخر كلماتها قبل أن تدخل "إيميليا" زوجة "إياغو" ليروعها ما تراه .. عندها تدرك أن زوجها كان قد إستغلها لتنفيذ خطته الدنيئة بسرقة منديل "ديدمونه". فتعترف لـ "عطيل" بأن زوجته كانت طاهرة كالملائكة .. نقية كما الماء. ولكن كان قد فات الأوان ذهبت "ديدمونة" .. بقي "عطيل" غارقاً في الإثم ووخز الضمير .. روحه المعذبة تحلق في جحيم الحسرة .. إنها لعنة الحب.. الحب الذي أفناه بيديه الآثمتين. الآن لن تروق له الحياة من بعد "ديدمونة" .. لن يقوى على إحتمال الإثم.. خلاصه هو الموت .. الإنتحار. ليس أكثر مأساوية من المشهد الأخير في المسرحية عندما يطعن "عطيل" نفسه بسيفه ويخر صريعاً على جثة "ديدمونة" الهامدة على الفراش .. عله يحظى بلمسةٍ أخيرة من جسدها قبل أن يأوي كلٌٌ إلى قبره. I kiss'd thee ere I kill'd thee: no way but this Killing myself, to die upon a kiss
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
وهكذا وقع "عطيل".. المغربي الأصل (أفريقي) ضحية لشكوكه.. ضحية للمكيدة.. إلا أن الفوارق الإجتماعية والعرقية بينه وبين زوجته التي تنتمي لأسرة إيطالية نبيلة كانت عاملاً آخراً من عوامل سقوطه.. وبسبب العقدة العنصرية لدى مساعده "إياغو" كان يراه ليس جديراً بحب "ديدمونة".. لذلك قرر التخلص منه وبث المكائد في نفسه. تجدر الإشارة هنا إلى الراحل الطيب صالح الذي صور "عطيل" على أنه كان ضحية لرغبته في الثأر والإنتقام. هذه الرغبة التي هي نتيجة حتمية للشعور بالنقص وعقدة العرق واللون. فهو قد وضع مقارنة ضمنية بين مصطفى سعيد وعطيل .. حيث أن كلاهما كان مصاباً بجرثومة الإنتقام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: ابراهيم محمد موسي)
|
الأخ/ إبراهيم محمد موسى..
شكراً على الـ Link الذي أرفقته.. في الحقيقة هناك مشكلة بالنسبة لمسرحيات شكسبير من ناحية اللغة.. فالإنجليزية القديمة فيها عبارات ومفردات لم تعد متداولة اليوم، لذلك يصعب فهما بسهولة.
لك التحية..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
3
هاملت Hamlet.. تراجيديا الوجود والفناء .. هذه المسرحية لـ "William Shakespeare" تتفوق على كافة أعماله المسرحية الأخرى لما تميزت به من صراعات نفسية معقدة ومعانٍ أخلاقية متداخلة تغوص في عمق التجربة الإنسانية. كما أن المعالجات الدينية والفلسفية والسياسية والنفسية التي تناولها "شكسبير" في هذا العمل المسرحي ساهمت في تربعه على قمة الفن المسرحي إبان عصر النهضة. بل وحتى يومنا هذا لا زالت المسرحية تلاقي رواجاً واسعاً بين المهتمين بشئون المسرح.
إنها قصة "هاملت" أمير الدنمارك الذي يسعى للثأر لمقتل أبيه الملك الذي يلاقي حتفه مقتولاً على يد أخيه "عم هاملت" الذي يرث العرش من بعده ومن ثم يتزوج بأرملة أخيه المقتول "Gertrude". تبدأ المسرحية في أحد جوانب القصر حيث يتراءى طيف والد "هاملت" ليلاً بينما هاملت يتبادل أطراف الحديث مع حراس القصر. وبحسب الأسطورة (فإن الأرواح لا تظهر إلا إذا أُزهقت غدراً). بعدها يبدأ الصراع داخل "هاملت" للوصول إلى الحقيقة .. هل تلك الروح التي تبدت له هي فعلاً لأبيه؟ .. وهل هو فعلاً مات مغدوراً؟ أم أن الشيطان يظهر له في صورة أبيه لكي يغرر به ويلقي به في براثن الإثم والهلاك. على هذا النحو يعاود الطيف ظهوره مرات متكررة على نفس الهيئة .. بل ويتمكن "هاملت" من مخاطبته ليخبره أنه طيف أبيه فعلاً ، وأن عمه"Claudious" قد إغتاله غدراً (ساكباً السم في أُذنه أثناء نومه).. ويطلب منه أن يثأر لمقتله. لكنه يحذر "هاملت" من أن يتعرض لأمه "Gertrude" بل يدعها لنقمة الله وعذاب الضمير. هكذا فإن الصراع في مجمل المسرحية يأخذ عدة أشكال: - صراع مع الذات دافعه الإيمان بجدلية الوجود.. وهل أن الموت هو نهاية المطاف؟ - صراع بين "هاملت" وأمه "Gertrude" التي يكتنفها الإثم لزواجها من شقيق الملك المغدور. - صراع بين "هاملت" ومحبوبته"Ophelia" لظنه أنها سُخرت لإستدراجه وصرفه عن هدفه النبيل "الثأر لمقتل أبيه". - صراع بين "هاملت" وعمه الملك الحالي"Claudious" الذي قتل أخاه وأستأثر بالعرش وتزوج من أرملته. يبدأ الصراع النفسي داخل "هاملت" من أجل الوصول إلى الحقيقة الذي يقوده لسبر أغوار معاني الحياة والوجود. وهل أن الموت هو الحد الفاصل لمعاناة الإنسان في الحياة؟ وهل من النبل أن نواجه الحياة بكل ما فيها من مصاعب ، ومن ثم وضع حداً لهذه المصاعب من خلال مواجهتها؟ أم أن الهرب من الحياة واللجوء إلى الموت هو الحل لتلك المعاناة؟ ولكن سؤالاً آخر يطرح نفسه وهو أننا لا ندرى ما ينتظرنا في عالم الموت ، لأنه ليس هناك شخص عاد من ذلك العالم ليصف لنا كيف يكون. وهذا هو سر تمسكنا بالحياة. هذه الجدلية الفسلفية طرقها "هاملت" من خلال أشهر ما كُتب في الأدب الإنجليزي.. :To be, or not to be: that is the question Whether 'tis nobler in the mind to suffer The slings and arrows of outrageous fortune Or to take arms against a sea of troubles And by opposing end them? To die: to sleep No more; and by a sleep to say we end
نواصــل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــل
إذن السؤال هو نكون أو لا نكون؟ To be or not to be .. على ضوء هذه الخلفية يُصاب "هاملت" بحالة أقرب إلى الجنون (أو هكذا يدعي) حتى يتمكن من كشف الحقيقة.. وإيجاد إجابة شافية للتراكمات والصراعات التي تدور داخله.. فيقرر أداء عرض مسرحي في باحة القصر بحضور عمه .. هذا العرض يروي قصة موت أبيه الملك على يد عمه.. بينما سيظل يراقب ردة فعل عمه التي من خلالها يستطيع أن يتيقن فيما إذا كان هو قد إرتكب الجريمة الشنعاء أم لا؟ لأنه حتى تلك اللحظة لا يزال الشك يسيطر عليه.. هذا الشك يبدو جلياً من خلال قوله:
The spirit that I have seen May be the devil: and the devil has power To assume a pleasing shape; yea and perhaps Abuse me to damn me
سنواصــل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـــل
على ذلك النحو وأثناء العرض المسرحي يصاب الملك "عم هاملت" بالإضطراب والقلق .. كان يحس أنه هو المعني بما يدور أمام عينيه.. فيخرج تاركاً العرض لينزوي مع نفسه في غرفته.. عندها تأكد هاملت أن عمه فعلاًً قد ارتكب الجريمة النكراء.. فيقرر أن يجازيه ثمن فعلته.
منذ تلك اللحظة التي يقرر فيها "هاملت" الإنتقام.. يبدأ بتقمص شخصية مغايرة لشخصيته الحقيقية.. يتقمص شخصية "المهرج" The Clown .. بل ويدعي الجنون. واقع الأمر أن شخصية المهرج في مسرحيات شكسبير بالرغم من إدعائه الغباء .. فإنه أذكى الشخصيات على الإطلاق وأكثرها جرأة .. فهو يستطيع أن يقول ما لا يجرؤ غيره على قوله.. كما أنه حاذقٌ ولمّاح .. يرقب كل ما يدور حوله بإدراك ووعي تامين.. بينما يعتقد الجميع أنه مجرد ساذج.
إذن هكذا يبدو "هاملت" .. لا يعير محبوبته "Ophelia" أي إهتمام.. لأنه كان يعتقد أن والدها"Polonius" وزير الملك قد دفعها لتوقع به في شباكها بإيعاز من الملك حتى يُلهيه عن هدفه الأساسي وهو معرفة حقيقة مقتل أبيه. إمعاناً في تجاهله لمحبوبته ذلك المشهد الذي يتم تهيئته من قبل الملك لـ Ophelia حتى تستدرجه وتكسب عطفه فتقدم له وردةً تعبيراً عن حبها له.. ولكن "هاملت" يصيبها بالغثيان ويحطم كبرياءها واحتفاءها بانوثتها..
Ay, truly; for the power of beauty will sooner transform honesty from what it is to a bawd than the force of honesty can translate beauty into his likeness: this was sometime a paradox, but now the time gives it proof. I did love you once.
إن للجمال قدرةً على تحويل الفضيلة إلى رذيلة وإنحطاط .. أكثر مما للعفة من مقدرة على تدنيس الجمال.. نعم لقد أحببتك ذات مرة ..أما الآن .. فلا. لقد وهب "هاملت" حياته للثأر.. لا شيء سوي الثأر.. لم تعد تلهيه الحياة ومباهجها.. لم يعد يأبه لجمال Ophelia الأخاذ.. لأنها غارقة في الدنس بتآمرها مع والدها ومع الملك. لذلك فهو ينصحهاإن كانت تخشى أن تعيش باقي حياتها عانساً بسبب هجران "هاملت لها.. من الأولى أن تذهب إلى الدير وتصبح راهبة بدلاً من أن تكون راعيةً للإثم والفجور.
Get thee to a nunnery: why would thou be a breeder of sinners
تبقى Ophelia ضحية بين مطرقة والدها وسندان هاملت .. تتجاذبها تيارات عنيفة ومتضادة.. فتنحدر إلى حافة الجنون.. ومن ثم تُغرق نفسها في البحراضعةً حداً لحياتها التي أضحت لا معنى لها بعد أن تكشفت لها صورتها البشعة أما مرآة "هاملت". وبعد أن يتمكن هاملت من مقتل والدها الذي كان يتوارى خلف الستارة في إحدى غرف القصر متجسسا ًعلى الحديث الذي كان يدور بين هاملت وأمه.. فعندما يحس بوجوده يلتف نحوه ويسدد له طعنةً قاتلة ترديه قتيلاً. هكذا تلاقي Ophelia حتفها مسدلةً الستار على إحدى فصول المأساة.. إلا أن فصولها الآخرى تبقى قائمة..
سنواصـــل..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــل
يحاول الملك الآثم "عم هاملت" أن يستغل موت "Ophelia" ووالدها في القضاء على "هاملت" والتخلص منه نهائياً.. فيزكي نار الفتنة وروح الإنتقام داخل نفس Laertes شقيق Ophelia الذي يعود من فرنسا ليجد أن أخته وأباه قد لقيا حتفهما. يحاول الملك أن يقنعه بأن هاملت هو المسئول عن تلك الأحداث ليشرع في الثأر من هاملت على تلك الفعلة. يتم الترتيب لمبارزة بالسيف بين هاملت وLaertes .. يضع الملك سيفاً مسموماً لـ Laertes. وبالفعل يبدأ النزال ويتمكن هاملت من قتل Laertes .. إلا أنه يُصاب بجرح من السيف المسموم الذي كان يحمله Laertes الأمر الذي يؤدي إلى وفاة هاملت في نهاية المطاف.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــل
قبل أن يلفظ Laertes أنفاسه الأخيرة يبوح بسر المؤامرة التي حاكها الملك "عم هاملت" وكيف أنه أراد أن يشعل فتيل الفتنة والتخلص من هاملت.. عندها ما كان من هاملت وهو في الرمق الأخير من حياته إلا أن سدد طعنةً قاتلة إلى صدر عمه ليفارقا الحياة معاً. أما أمه فتتجرع سماً زعافاً تفارق هي الأخرى الحياة إثر ذلك.. وعلى هذا الشكل التراجيدي يُسدل الستار على هذه المسرحية لتبقى أحد أبرز محطات الأدب الإنجليزي قديمه وحديثه. بدا جليا أن التردد والريبة كانتا هما نقاط الضعف في شخصية هاملت وهما العاملان الأساسيان في وقوع المأساة بشكلها الجماعي لتشمل (هاملت - أمه - محبوبته- عمه- والد محبوبته وشقيقها). وهي تعتبر الأطول من حيث الكم بين جميع مسرحيات شكسبير الشعرية. ولا غرو أن يتبوأ هذا العمل الرائع مكانة عالمية راقية إستمرت حتى يومنا هذا.. ومما لا شك فيه فإن مسرحية هاملت تعتبر مادة أساسية ضمن مواد المسرح العالمي لدى كافة معاهد التمثيل في جميع أنحاء العالم. المسرحية بكل فصولها شكلت حقبة جديدة في الأدب الإنجليزي بخروجها عن المألوف حيث أنها تناولت الجوانب التالية: - الجانب الديني الذي بدأ يخرج عن الموروث .. على سبيل المثال فإن جميع الشخصيات التي تقتل في المسرحية تموت دون أن تؤدى عليها الطقوس الدينية التي تؤدى في مثل هذه الحالات. - الجانب السياسي: بروز الجريمة السياسية كمكون للحياة السياسية في مجتمع إتسم بالتقاليد وتداول السلطة وراثياً بين أفراد العائلة الواحدة.. ولعله بذلك كان شكسبير ينظر بعين القدر للمصير الذي ستؤول إليه البلاد بعد الملكة اليزابيث الأولى (الإنقلاب على السلطة الملكية الذي سنتطرق له لاحقاً). - الجانب الفلسفي: الذي شهد ظهور فلسفات مثل "النسبية Relativitism التي تبدو جلية في فكر هاملت عندما يخاطب أحد مرافقية قائلاً: there is nothing either good or bad but thinking makes it so". وكذلك الفلسفة "الوجودية Existentialism " والتي تتبلور في تساؤلات هاملت حول الوجود والفناء To be or not to be; that is the question . وأيضاً فلسفة "الشك Skepticism " وهي التي بدت في تردد هاملت المتكرر في تصديق رؤيا طيف والده وإتخاذه لردة الفعل المناسبة وفقاً لذلك. هكذا نحن بدورنا نكتفي بهذا القدر من أعمال "وليم شكسبير" الذي يمثل العصر "اليزابيثي" أو عصر النهضة الإنجليزية والتي تزامنت مع فترة حكم الملكة اليزابيث الأولى (1558-1603). هذا العصر الذي شهد بزوغ شمس الحريات الفكرية والتطلع نحو تحرير الإنسان من غياهب الأعراف والقيود الإجتماعية التي كانت تسود قبل تلك الفترة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
بعد تسليط الضوء على أبرز النماذج المسرحية إبان العصر "إليزابيثي" أو عصر النهضة ممثلةً في "Christopher Marlowe وWilliam Shakespeare.. نعرج هنا لنلقي بعض التركيز على النماذج الشعرية خلال تلك الحقبة الهامة من تاريخ الأدب الإنجليزي:
( John Donne (1572 – 1631 يعتبر "جون دون" من أبرز شعراء تلك الحقبة.. كما أنه يعد أحد أهم الشعراء "الميتافيزيقيين"####physical Poets في الشعر الإنجليزي.. وسبب هذه التسمية هو أن شعره يركز على أمور تتعلق بالغيب و ما وراء الطبيعة.. يعتبر "جون دون" من أهم الذين تناولوا مواضيع الغزل في مراحله الشعرية الأولى.. بينما اتسمت المراحل المتقدمة في شعره بالنزعة الدينية. لربما كان ذلك انعكاسا لحياته الشخصية التي شهدت متغيرات مختلفة. فقد تحول Donne من المذهب الكاثوليكي السائد آنذاك إلى المذهب الأنجليكاني ليصبح بعد ذلك قساً ضمن الكنيسة الأنجليكانية. ولعل من المفارقات في حياته الشخصية أنه اشتهر بملاحقته لكثير من النساء في مرحلة شبابه التي تميزت بالانغماس في مباهج الحياة. فقد تزوج سراً من فتاة في السابعة عشر من العمر دون علم أهلها بينما كان هو قد بلغ سن التاسعة والعشرين. وبالرغم من المرتبة المرموقة التي تمتع بها ، إلا أنه كان يعاني من شظف العيش وضيق ذات اليد لدرجة أنه كان عالةً على بعض أصدقائه الموسرين الذين لم يبخلوا بمد يد العون له في كل الأوقات. على ضوء هذه الخلفية عن حياة الرجل فإن شعره تميز بثراء في المعاني والصور البلاغية الرصينة التي من خلالها أسس لمرحلة هامة في تاريخ الشعر الإنجليزي. سوف نحاول خلال هذا السرد أن تطرق بالشرح والتحليل لمنوذج من أعماله حتى تتبلور صورة واضحة للنتاج الشعري لـ John Donne .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
بوست قيّم أخ مبارك
واسمح لي أن اشارك بواحدة من أجمل قصائد شكسبير ،هذا طبعاً من وجهة نظري. في هذه القصيدة الرائعة يبدأ شكسبير بمقارنة بين جمال محبوبته واعتدال الجو فى يوم صيفي من أيام الصيف الإنجليزى حيث قال... ألا تشبهين صفاء المصيف
ثم بعد ذلك يغير وصفه وينكر هذه المقارنة نظراً لتقلّب هذا الفصل ... بل أنت أحلى وأصفى سماء ففى الصيف تعصف ريح الذبول وتعبث فى برعمات الربيع ولا يلبث الصيف حتى يزول
بعدها ينتقل بنا الى وصف آخر لمحبوبته والتي \كر بانّها تستطيع أن تعبر وتكسر حاجز الزمن ليكتب لها الخلود في قصيدته حتى يقرأها الناس على مر الأزمان والعصور. ستعاصرين الدهر فى شعرى سيظل شعرى خالداً وعليك عمراً يغدق
القصيدة.....
** Shall I compare**
Shall I compare thee to a summer's day Thou art more lovely and more temperate Rough winds do shake the darling buds of May And summer's lease hath all too short a date Sometimes too hot the eye of heaven shines And often is his gold complexion dimmed And every fair from fair sometimes declines By chance or nature's changing course untrimmed But thy eternal summer shall not fade Nor lose possession of that fair thou owest Nor shall death brag thou wanderest in his shade when in eternal lines to time thou growest So long as men can breathe, or eyes can see So long lives this. and this gives life to thee
لك التحيّة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: salma subhi)
|
سملى صبحي..
لك الود والتقدير.. على هذه المساهمة الرائعة..
بحق أنها قصيدة رائعة، وهي من القصيدة رقم 18 ضمن ما يعرف بـ "سونيتات" شكسبير Sonnets التي هي عبارة عن مجموعة من القصائد القصيرة والتي تمتاز بالإيقاع Rhythm الموسيقي السهل والصور البلاغية الأخّاذة. كما أن تلك القصائد غنية بالتشبيهات والتورية Similes & ####phors . تتناول الـ sonnets مواضيع مثل الحب ، الجمال ، الموت والخلود.
لك الشكر مجدداً .. Keep on following up …
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصل مع John Donne
سأتناول بالشرح والتحليل إحدى القصائد الرائعة التي كتبها بعنوان "بكاء الوداع" Valediction of Weeping والتي تعد من ضمن سلسلة من قصائد الوداع التي كتبها Donne . تصور القصيدة جانباً من حياة الشاعر الذي ظل متنقلاً في معظم فترات حياته.. وهذه القصيدة على وجه التحديد كتبها وهو يهم بالقيام برحلة بحرية إلى أوروبا.. تعكس القصيدة رؤيته الفلسفية فيما يخص "الفراق" وما يسببه من بكاء و ذرف للدموع. كما تجسد الرؤية "الميتافيزيقية" للشاعر حيث أن الفراق الجسدي يقوي إرتباط الروح بمن يحب ..
LET me pour forth My tears before thy face, whilst I stay here For thy face coins them, and thy stamp they bear And by this mintage they are something worth For thus they be Pregnant of thee Fruits of much grief they are, emblems of more When a tear falls, that thou fall'st which it bore So thou and I are nothing then, when on a divers shore
المقطع الأول من القصيدة يوضح المشاعر الدافقة التي تجسدت في تدفق الدموع من عيني الشاعر حزناً لفراق محبوبته .. فهو هنا يحاول أن يفلسف مسألة البكاء .. ذلك بأن دموعه هي ثمرةً أينعت حزناً لفراقها.. وأن دموعه في هذه الحالة ترسخ بقاءها داخله وذلك من خلال تشبيه هذا المشهد بعملية ضرب العملة .. فكما هو الحال بالنسبة للعملة المعدنية التي توجد بها صورة لوجه شخص ما ، هي بمثابة الختم البارز الذي يعطي العملة قيمتها النقدية، فإن دموعه التي تسيل على خديه تعكس صورتها وبذلك تكون تلك الصورة هي بمثابة الختم الذي بدونه لا يكون لحبه أي قيمة بدونها. ولكي يثنيها عن البكاء يقول لها طالما أن الدموع تحمل صورنا فإنها حينما تتساقط .. تسقط معها تلك الصور .. عندها يتلاشى الحب الذي نكنه لبعضنا بعد أن يقع الفراق.
we'll continue...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـــل..
في المقطع الثاني من قصيدة "دموع الوداع" يواصل الشاعر تصويره لدموع الفراق فيشبه هذه الدموع التي تسيل من عينيه بمجسم للكرة الأرضية يضعه من يعمل بعلم الجغرافيا أمامه.. فهذه الكرة الأرضية لا تكون لها قيمة من دون تحديد البلدان والمعالم الجغرافية الأخرى فيها. ونفس الحال ينطبق على دموعه المتدفقة فهي لا تعني شيئاً دون صورة محيا محبوبته التي تعكسها الدموع. وهنا مرة أخرى يلجأ الشاعر إلى احدى الصور "الميتافيزيقية" وهي فكرة التوحد بينه وبين محبوبته وانصهارهما في كيانٍ واحد حينما يستخدم لفظ all في السطر الرابع. ويستطرد مخاطباً محبوبته قائلاً بأن دموع عينيها حينما تتدفق فإنها تشكل إضافة إلى دموعه سيلاً عرماً من شأنه أن يغرق ذلك الكون.. وعلى ذلك يرسم الشاعر في السطر الأخير من هذا المقطع لوحة تصويرية لضبابية الرؤية التي تتكون بسبب تدفق الدموع في العين.. يقول هنا أن هذه الضبابية ستحول دون رؤية جنة الحب التي ستضيع من بين يديه بسبب الفراق.
On a round ball A workman, that hath copies by, can lay An Europe, Afric, and an Asia And quickly make that, which was nothing, all So doth each tear Which thee doth wear A globe, yea world, by that impression grow Till thy tears mix'd with mine do overflow This world, by waters sent from thee, my heaven dissolvèd so
سأواصــــل..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــــل...
أما المقطع الأخير من القصيدة فيرسم فيه الشاعر صورة حُبلى بالحقيقة العلمية التي مفادها أن للقمر تأثيراً قوياً في عملية المد والجذر التي تحدث في البحار.. فمحبوبته التي تشبه القمر في الضياء والجمال تسحب الدمع من عينيه كما يفعل القمر بارتفاع منسوب مياه البحار. كما أن تيارات الدموع المتدافعة هذه من شأنهاأن تسهم في تعليم البحر كيف يحرك أمواجه وهذا ما يخشاه الشاعر الذي يستغل البحر في رحلته. وكذلك فإن لزفراتهما ونشيجهما وهما يبكيان تأثيراً بالغاً على الرياح التي ستتعلم قوة الإندفاع من تلك الزفرات والنشيج .. وهذا أيضاً سيؤدي إلى تلاطم أمواج البحر الأمر الذي قد يودي بحياته وهو على متن السفينة.
O ! more than moon Draw not up seas to drown me in thy sphere Weep me not dead, in thine arms, but forbear To teach the sea, what it may do too soon Let not the wind Example find To do me more harm than it purposeth Since thou and I sigh one another's breath Whoe'er sighs most is cruellest, and hastes the other's death
هذا نموذج للشعر في عصر النهضة الإنجليزية التي يقف John Donne كعلامة بارزة من علاماته المميزة، ومما لا شك فيه فإن القصيدة التي تناولتها بالشرح غنية بالإشارات المباشرة لمدلولات المياه ومشتقاتها والتي تظهر في مفردات مثل: pour, tears, falls, shore, water, dissolve, sea, drown وهي تدل في مجملها على خصوبة الخيال وجموح الرؤية الفلسفية التي تميز بها John Donne ، حاله في ذلك حال كثير من شعراء ذلك العصر. ومن الملاحظ أيضاً في هذه القصيدة استخدام التناظر analogy وأحياناً التناقض Juxtaposition في سرد الأفكار والتي تعمل جميعها على تقوية المعني و دعم النص الشعري.. يبدو ذلك جلياً في استخدام مفردات مثل: tears/ sea و wind/ sigh .
في الجزء القادم سنتناول عمل أدبي آخر من الأدب الإنجليزي يبلور الفترة الزمنية التي تلت عصر النهضة وهي فترة ما يعرف بعصر "إحياء المَلَكية" Restoration Period ، وهي الفترة التي تمت فيها إستعادة الحكم الملكي في بريطانيا بعد الانقلاب الذي قاده Oliver Cromwell ليعلن قيام "جمهورية الكمنويلث" لأول وآخر مرة في التاريخ الإنجليزي ، والذي امتد حكمه من 1653 وحتى 1658.
سنواصـــل..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــل
تميز عهد الملكة Elizabeth I الذي إمتد من 1558 وحتى 1603 بالإزدهار وغزارة الإنتاج الأدبي حيث عُرف ذلك العصر بـ "عصر النهضة" Renaissance . خلف الملك James I الملكة اليزابيث على العرش وكانت فترة حكمه إمتداداً لحكمها واستمر لاثنتين وعشرين عاماً من 1603 وحتى 1625 تواصلت خلالها النهضة الأدبية والثراء المعرفي. بعد ذلك جاء الملك Charles I تشارلز الأول (1625- 1649) خلفاً للملك James I . تميز عهده بالإضطراب السياسي والإقتصادي .. هذا وقد تورط الملك تشارلز الأول في نزاعات جمة مع البرلمان بسبب زعمه أن منصب الملك هو تخويل إلهي من عند الله ، وعليه فإن للملك السلطة المطلقة في الحكم وإدارة شئون الدولة وفقاً لرؤيته الشخصية. لاقى هذا التخويل معارضة واسعة داخل وخارج البرلمان خصوصاً فيما يتعلق بالقرارات التي تُتخذ من قِبل الملك دون إستفتاء البرلمان في ذلك. من الناحية الدينية أيضاً تورط الملك تشارلز الأول في نزاع مع الكنيسة خصوصاً بعد زواجه من إحدى الأميرات الكاثوليكيات معارضاً بذلك منهج الكنيسة التي كانت تخضع للمذهب "الكالفيني" Calvinism (أحد مذاهب الإصلاح المسيحي) وكذلك الرأي العام. على ضوء تلك النزاعات وغيرها ظهرت معالم عدم الإستقرار السياسي الأمر الذي أدى إلى إندلاع حرباً أهلية أدت إلى إقصائه وتنفيذ حكم الإعدام عليه في عام 1649.
سنواصــل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
تحيّة طيبة أخ مبارك
وهذه مشاركة بصور لأشهر شعراء وكتّاب الأدب الإنجليزي ورد ذكر الكثير منهم هنا في هذا البوست...
William Shakespeare
Charles Dickens
Edmund Spenser
Mark Twain
Henry David Thoreau
John Donne
Orlando Gibbons
Emily Dickinson
تقديري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـــل..
تولي "التطهيريون" Puritans مقاليد الحكم في البلاد بزعامة Oliver Cromwell (وهم جماعة مسيحية متشددة كانت تسعى إلى إصلاح الكنيسة شأنها في ذلك شأن البروتستانتية Protestantism والكالفنية Calvinism) . أول ما قام به الـ "Puritans" هو تغيير نظام الحكم الملكي إلى نظام جمهوري تمت بموجبه تسمية الدولة بإسم "جمهورية الكمنويلث". كما قاموا بسن تشريعات متشددة فيما يتعلق بالأمور الدينية. أما من الناحية الأدبية فقد أُغلقت المسارح ودور العرض التي انتشرت إبّان حكم الملكة Elizabeth I . كما سادت نزعة متشددة حيال التحرر الفكري والفلسفي. إستمر الوضع على هذا الحال طيلة فترة حكم Cromwell من 1653 وحتى 1658 . خلال هذه الفترة إستمرت المناوشات بين الـ Puritans بقيادة Cromwell من ناحية وبين Charles II (إبن تشارلز الأول) من ناحية أخرى. وذلك في محاولة منه لاسترداد عرش أبيه المخلوع. تمكن Charles II من إستعادة العرش في عام 1660 ليبدأ عصر جديد في تاريخ الأدب الإنجليزي عُرف بعصر "إحياء الملكية" Restoration Period وهي الفترة التي امتدت بين 1660 – 1689. واقع الأمر أن تلك الصراعات أسهمت في تدهور الأوضاع السياسية في انجلترا.. وقد إنعكس ذلك سلباً على العطاء الأدبي والمعرفي. تكونت طبقة سياسية طفيلية ساعدت الملك على استرداد العرش ما انفكت تتطلع نحو جني ثمار مساندتها للملك. كما أصبح للملك حاشية وبلاط يتسابق الشعراء والكتاب للانتساب إليه.
سأواصــل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
أواصـــل
4- John Dryden جون درايدن (1631-1700) أشهر أدباء عصر "إستعادة الملكية" Restoration Period هو John Dryden الشاعر والناقد والكاتب المسرحي. ويُعتبر المؤسس الحقيقي لعصر ما عُرف بعد ذلك بـ " المدرسة الكلاسيكية الحديثة" Neo-classicism . هذه المدرسة التي حاولت إعادة القيم الكلاسيكية للأدب من حيث الشكل والمضمون. فأصبحت المفردات أكثر إنتقائيةً كما أن نزعة العقل صارت هي المسيطرة. لذلك فإن الشعر الذي كُتب إبّان تلك الفترة كان يلتزم بالقافية والإيقاع المنتظم. أما المسرح فقد كان يلتزم بمبدأ "وحده المكان والزمان".. حيث أن الأحداث تدور في مكان واحد وزمان محدد. بمعنى أنه ليس هناك تعدد في الأماكن .. كما أنه ليس هناك إمتداد لفترات زمنية متفاوتة. لذلك نجد أن العمل المسرحي الذي بين أيدينا من تلك الحقبة الأدبية تدور كافة أحداثه في أحد المعابد بينما أن الأحداث لا تتجاوز فترتها الزمنية التاريخية الأربعة وعشرين ساعة فقط. هذا بعكس عصر شكسبير الذي كان يقدم مسرحياته كمن يتجول بكاميرا سينمائية تتجول في أماكن مختلفة وتصور حقب زمنية متفاوتة. تناول John Dryden مسرحية "أنتوني وكليوباترا" التي كتبها من قبله وليم شكسبير ، ولكن Dryden تناول تلك المسرحية من منظور المدرسة الكلاسيكية المحدثة. وجه الإختلاف بين شكسبير و درايدن هو أن الأول قدم المسرحية على شكل دراما عاطفية صور فيها علاقة العشيقين "أنطونيو" و "كليوباترا" من منظور تاريخي وتراجيدي بحت. أما الآخر فقد عمل على تصوير الصراع بين ما هو سياسي متعلقاً بأمور الدولة وبين ما هو شخصي متعلقاً بعشق "أنطونيو" لكليوباترا. فالصراع في المسرحية ليس بين العشيقين والعالم المحيط بهما بقدر ما هو صراع بين واجبات "أنطونيو" كرجل دولة وعاطفته نحو "كليوباترا" كعاشق لها. إذن فهو صراع بين العاطفة والعقل. صاغ "جون درايدن" المسرحية بعنوان "All For Love" التي يمكن ترجمتها "الجميع ضحية الحب" أو "المجد المفقود". بالطبع هذا العنوان يتوافق مع مفاهيم المدرسة الكلاسيكية التي حكّمَت صوت العقل على العاطفة. هذه المسرحية التراجيدية تصور الأربع وعشرين ساعة الأخيرة من حياة الملكة "كليوباترا" وعشيقها "أنطونيو" القائد الروماني الشهير. وجميع مشاهدها تدور في معبد "إيزيس" الفرعوني. إنها اللحظات الأخيرة قبل موت "كليوباترا" وعشيقها "أنطونيو".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
أواصــــل
أحد الجوانب التي تجسدها المسرحية هي روح الخيانة لدى "أنطونيو" الذي يهجر زوجته ووطنه روما ليرتمي في أحضان عشيقته "كليوباترا" في مدينة الإسكندرية ، وهذه نقطة الضعف الأساسية في شخصيته.. حيث أنه كان يُعد أحد أبطال روما و فرسانها الأفذاذ. تُفتتح المسرحية بمشهد موقعة "Actium" التي تدور رحاها في عرض البحر بين الجيوش الرومانية بقيادة "أوكتافيوس سيزار" وجيوش "أنطونيو" الذي يخوض الحرب بمؤازرة "كليوباترا". إلا أنه حينما يحمى وطيس الحرب تهرب "كليوباترا" وتدع "أنطونيو" ليواجه الهزيمة النكراء هو وجنوده مما يضطره للتراجع واللجوء إلى "كليوباترا" مرة أخرى في مدينة الإسكندرية وهو مجرد من الرجال والعتاد. لم يكتفي "سيزار" بهذا الانتصار بل يتقدم ليصل هو وجنوده على مشارف الإسكندرية ليحاصروا المدينة ومن ثم يدخلوها بنية قتل أنطونيو وأسر كليوباترا والتشنيع بها في شوارع روما. ينقل أحد الأعوان هذا الخبر إلى انطونيو وكليوباترا لتتعاظم عندهم الهواجس والقلق من جراء المصير المحتوم الذي ينتظر كليهما. هاهو أنطونيو يُعبر عن مدى تعاسته وخيبة أمله بعد الهزيمة النكراء التي لحقت به. يبدو هنا حزيناً مثقلاً بالهموم والآلام في ذكرى يوم مولده متحسراً على الجاه الذي كان يحظى به في يوم من الأيام وكيف أن نجمه كان ساطعاً. أما الآن فقد هوى إلى الحضيض ليس ذلك فحسب بل أصبح مطارداً من قبل "سيزار" الذي ينوي تدميره وإزالة كل مجده. They tell me, 'tis my birthday, and I'll keep it With double pomp of sadness 'Tis what the day deserves, which gave me breath Why was I raised the meteor of the world Hung in the skies, and blazing as I travelled 'Till all my fires were spent; and then cast downward To be trod out by Caesar
بينما هو في وطأة الحزن يدخل عليه أحد مساعديه ليخبره بوصول زوجته "أوكتافيا" بصحبة ولديه لعلها تفوز بحبه مرة أخرى وتستأثر بها لنفسها برغم كبوته وفشله في صون حبها له. ليس أروع من المشهد الذي تمسك بيده لتعبر عن حبها له .. وهنا تستخدم أطفالها كوسيلة للتأثير عليه: I come to claim you as my own; to show My duty first; to ask, nay beg, your kindness Your hand, my lord; 'tis mine, and I will have it ... Sweet Heaven compose it Come, come, my lord, if I can pardon you Methinks you should accept it. Look on these Are they not yours? or stand they thus neglected As they are mine? Go to him, children, go Kneel to him, take him by the hand, speak to him
حينما يصل ذلك الخبر إلى كليوباترا تثور ثورتها وتدخل في مواجهة مع "اوكتافيا".. وتقرر أخيراً أن تلجأ إلى الحيلة لترى إلى أي مدى يكن لها أنطونيو مشاعر الحب فترسل أحد حراسها لينقل له خبراً زائفاً مفاده أن كليوباترا قد لقيت حتفها انتحاراً بعد أن سمعت بنبأ اندحار أنطونيو أمام "أوكتافيوس سيزار". ولكن كانت النتيجة على عكس ما كانت ترغب كليوباترا لأن هذا النبأ يعمق من جراح أنطونيو ويزيد من حسرته.. الآن بدأ يحس قتامة الحياة. لقد فقد مجده كقائد.. وفقد كليوباترا التي ضحى من أجلها بالجاه والسلطان والزوجة.. ليس أمامه الآن سوى الموت لعل ذلك يكون شرفاً له.. فيأخذ سيفه ويغرسه في أحشائه واضعاً حداً فاصلاً لحياته التي أصبحت بلا معنى. I will; but not by fighting. O Ventidius What should I fight for now?--my queen is dead I was but great for her; my power, my empire Were but my merchandise to buy her love And conquered kings, my factors. Now she's dead Let Caesar take the world An empty circle, since the jewel's gone
أما كليوباترا فقد فقدت حبيبها بسبب غيرتها الزائدة .. وما يزيد الطين بلة هو إبلاغها بأن جيوش "اوكتافيوس سيزار" على مشارف مدينة الإسكندرية ، وأنه ينوي أخذها سبية يعرضها في شوارع روما أمام حشد الملأ.. عندها تقرر هي الأخرى أن تضع حداً لحياتها متخذةً سم الثعبان وسيلة في ذلك.. لطالما أن الرجل الذي عشقته ولم تستطع أن تستخلصه لنفسها وحدها لعلها تُحظى به في العالم الآخر دون أن تنافسها "أوكتيفيا" عليه. وهكذا تسقط كليوباترا صريعةً في أحضان أنطونيو لتدع الحسرة لـ "سيزار" الذي لن يروقه ذلك المشهد العاطفي الذي تخيم عليه المأساة. Already, death, I feel thee in my veins I go with such a will to find my lord That we shall quickly meet A heavy numbness creeps through every limb And now 'tis at my head: My eyelids fall And my dear love is vanquished in a mist Where shall I find him, where? O turn me to him And lay me on his breast وهكذا يُسدل الستار على تراجيديا "أنطونيو وكليوباترا" التي تداخلت فيها تيارات متعددة هي الحب.. الخيانة.. الغيرة.. والكبرياء. بنهاية المسرحية يترك لنا "Dryden" المجال مفتوحاً لعدة تساؤلات يُجيب عنها المتلقي كلٌ حسب فهمه ووجهة نظره: - هل كان "أنطونيو" آثماً في علاقته بـ "كليوباترا"؟ - هل يُعتبر خائناً لوطنه، لزوجته ولمبادئه؟ - هل تُعتبر "كليوباترا" ساقطة بهذه العلاقة؟ - هل هي خائنة لـ "أنطونيو" بتركه وحده في ساحة المعركة؟ - هل العاطفة الجياشة تؤدي إلى الهلاك؟
سنواصل مع الأدب الإنجليزي وذلك باستعراض كاتب آخر..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـــل..
فيما يلي أتناول عملاً أدبياً لأحد الشعراء الذين كانت لهم إسهامات بارزة في الأدب الإنجليزي:
5- أندرو مارفل 1621 - 1678 Andrew Marvell:
يعتبر "مارفل" أحد أبرز الشعراء "الميتافيزيقيين" الإنجليز في عصر ما بعد "شكسبير". إمتاز شعرة بالحذق والسخرية وتناول مواضيع الساعة.
إحدى أهم القصائد التي إشتهر بها "مارفل" هي قصيدة "To His Coy Mistress" "إلى فتاته الخجولة". يخاطب "مارفل" فتاته التي يتضح لنا أنها على قدر من الدلال والخجل نسبةً لجمالها الأخاذ الذي يأسر الشاعر مما يقوده إلى مخاطبتها وحثها على التنازل عن ذلك الدلال والغنج ولو لفترة وجيزة من الزمن. فهو يقول لها لو أنه كان لنا متسع من الوقت في هذه الحياة فإنه لا بأس من الدلال والغنج. ولكن الحقيقة الماثلة أمام أعيننا هي أن العمر قصير وأن الحياة لا تدوم طويلاً لذلك وجب عليك التنازل وترك الدلال. هذه الأبيات الشعرية أصبحت من ضمن الأكثر شهرة في الشعر الإنجليزي. وقد إنتهج الشاعر ما يعرف بالقافية المزدوجة Rhyme Couplet حيث ينتهي كل بيتين بنفس القافية (time/ crime).
Had we but world enough, and time This coyness, lady, were no crime
يستمر الشاعر بعد ذلك في تداعيات فكرة قصر الحياة ليقول بأنه لو أُتيح لنا الوقت الكافي لتأملنا وتمعنا في إختيار الطريق الذي سنعبره في مسيرة الحب. ستجلسين بالقرب من نهر "الجانج" في الهند وأنا على ضفاف نهر "همبر" في أقصى القارة الأمريكية الشمالية ليفكر كلٌ على طريقته في مسيرة الحب. تجدر الإشارة هنا لبدء توسع الإمبراطورية البريطانية نحو الشرق والغرب.
We would sit down, and think which way To walk, and pass our long love's day Thou by the Indian Ganges' side Should'st rubies find: I by the tide Of Humber would complain
ولو أُتيح لنا الوقت لظللت أستجدى حبك منذ ما قبل الطوفان وحتى ردة اليهود. هنا تكمن الإشارة الضمنية إلى "سفر التكوين" وإثارة موضوعين هامين هما طوفان سيدنا نوح عليه السلام الذي وقع بعد خلق الكون.. وكذلك موضوع ردة اليهود واعتناقهم للمسيحية وهو المعتقد السائد بالنسبة للمسيحيين بأنه عند عودة المسيح إلى الأرض سوف يحل السلام ويعتنق بنو البشر المسيحية.. وهذا ما يُعتقد بأنه سيحل عند نهاية الحياة الدنيوية. ملخص القول هو أن حبه واستجدائه كان يمكن أن يستمر منذ بداية الخليقة وحتى نهايتها. , I would Love you ten years before the flood And you should, if you please, refuse Till the conversion of the Jews
وعلى هذا النحو من الإنتظار فإن حبه سينمو ببطء وتدرج ليكون أكبر حجماً من الإمبراطوريات والمستعمرات التي تتوسع شيئاً فشيئا.
My vegetable love should grow Vaster than empires, and more slow
وبنفس التمهل فإنه سيقضي مئات السنين مغازلاً عيني محبوبته ونظراتها.. وكذلك سيمضى مئات السنين لتمجيد نهديها. أما باقي جسدها و مفاتنها فسيتطلب الأمر ثلاثون ألف سنة للتغزل فيها .. أو على الأقل عمراً بأكمله ليفي كل جزء فيها حقه. اما قلبها فهو ما سينظر إليه في نهاية الأمر.. حيث هناك مكمن الأسرار.. ومنبع الحب.. فقط عند تلك النهاية سيبوح بما في داخله. ما يرمي إليه الشاعر هنا هو إنه سيتعاطى مع محبوبته بهدوء وبطء وتدرج إن كان ذلك هو ما ترغبه. فهو يبدو أسيراً لها .. مذعناً لرغباتها طالما أن ذلك يرضي شغفها.. فهو يبدو مستمتعاً في ذلك الإنتظار لأنه يشبع رغبتها.. دون شك هذه الأبيات مفعمة بالإشارات والمدلولات الجنسية التي تتعلق بإشباع الرغبة.
An hundred years should go to praise Thine eyes, and on thy forehead gaze Two hundred to adore each breast But thirty thousand to the rest An age at least to every part And the last age should show your heart [For, lady, you deserve this state Nor would I love at lower rate
بعد ذلك يأخذنا الشاعر إلى نقلة درامية في إيقاع القصيدة هي الأسرع من نوعها في الشعر الإنجليزي. نسبةً لشغفه ورغبته العارمة في إذعانها فهاهو يستجديها بعدم التأني لأن "عجلة الوقت المجنحة" تسرع خلفه.. وتكاد أن تلحق به. ويمضي في محاولة إقناعها بأن الفناء سيطالهما معاً كما طال غيرهما من قبل.. فكم من ممالك إندثرت وتلاشت بعوامل الزمن ولم يبقى منها سوى الحطام. وكذلك فإن الجمال الأخّاذ الذي تباهين به مصيره الزوال .. وسيكون الموت هو النهاية الحتمية لهذا الجسد الفاتن الذي سيتحول إلى رماد وتراب.. ومعه ستفنى رغباتنا وعنفواننا. فهناك في القبر بالرغم من خصوصية المكان وإنزوائه.. إلا أنه ليس فيه فرصة للعناق والأحضان.
But at my back I always hear Time's winged chariot hurrying near And yonder all before us lie Deserts of vast eternity Thy beauty shall no more be found Nor, in thy marble vault, shall sound My echoing song: then worms shall try That long-preserved virginity And you quaint honor turn to dust And into ashes all my lust The grave's a fine and private place But none, I think, do there embrace
لكل هذه الأسباب التي يسوقها.. يطلب من فتاته أن تبادله الحب ليستمتعا معاً بذروة الشباب اليانع الذي يضمخ محياها وروحها. هذه الأبيات تفضح ثورة الرغبة التي تهيج في دواخله.. والشبق الذي يكتنف محبوبته في إشارة واضحة على ذلك ( Thy willing soul.. instant fires).
Now, therefore, while the youthful hue Sits on thy skin like morning dew And while thy willing soul transpires At every pore with instant fires Now let us sport us while we may
يستمر الشاعر في إغراء محبوبته باقتناص الوقت تماماً كما تفعل الطيور الكاسرة حينما تنقض على فريستها. فقبل أن يداهمنا الوقت والفناء دعينا نسرق اللحظة الماثلة أمامنا لأنها لن تتاح لنا غداً.. فالمتعة آنية.. وكذلك هي الحياة.. لذلك دعينا نستجمع كل قوانا ونكرسها لنرشف رحيق الحب والمتعة. فلطالما أنه ليس بوسعنا أن نوقف دوران الشمس وبالتالي مرور الوقت .. فلندعه يمضي ولكن بعد أن نسترق اللحظة .. ونرضي رغباتنا.
And now, like amorous birds of prey Rather at once our time devour Than languish in his slow-chapt power Let us roll all our strength and all Our sweetness up into one ball And tear our pleasures with rough strife Thorough the iron gates of life Thus, though we cannot make our sun Stand still, yet we will make him run
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
6- Richard Lovelace 1618–1657 يُعتبر Richard Lovelace من أهم الشعراء الإنجليز في القرن السابع عشر (. وهو أحد شعراء البلاط الملكي في عهد الملك Charles II . تعرض للسجن عدة مرات خلال فترة الحكم الجمهوري قبل إستعادة الملك تشارلز الثاني للحكم الملكي وذلك بسبب آرائه السياسية المعارضة. تعتبر القصيدة التي نحن بصدد تناولها هي أهم قصائده والتي تحمل معاني الحرية ووطأة المعاناة في السجن.
-إلى آلثيا من السجن To Althea From Prison: هذه القصيدة الرومانسية كتبها الشاعر إبّان فترة سجنه في العام 1642. وهو يبث اشواقه لمحبوبته "Althea" التي حال بينه وبينها للسجن. ومن خلال هذه المناجاة يسطر Lovelace أشهر ما كُتب عن معاني الحرية ، ويرسل رسالة إلى سجانيه مفادها هو أنهم بإمكانهم سلب حريته ولكنهم لا يستطيعون أن يسلبوه القدرة على الأحلام وإطلاق العنان لخياله ليهيم في فضاء فسيح من الحنين. فالموضوع الرئيسي في القصيدة هو أن السجن وسلب الحرية لا تطالان عقل الإنسان. وهذا القول لا ينطبق فقط على السجن كمكان للحبس ولكن ينطبق أيضاً على الظروف التي من شأنها أن تحد من حرية الإنسان وتحول دون إنطلاقه بلا حدود مثل الظروف الإقتصادية أو السياسية أو العلة الجسدية.
تُستهل القصيدة بتصوير الـ atmosphere أو الحالة النفسية التي يعيشها الشاعر لحظة كتابة القصيدة. فطيف محبوبته يزوره في زنزانته متسللاً عبر القضبان ليناجيه ويحرك خلجاته فيطلق سراح خياله مستدعياً خصلات شعرها وبريق عينيها. مثل هذه الحالة الروحية من التأمل والخيال الجامح لا يضاهيها سوى الحرية التي تتمتع بها الطيور وهي تحلق في الفضاء دون قيود أو حدود. لعل هذه الفكرة مشابهة لفكرة "الطيور الما بتعرف ليها خارطة .. ولا في إيدها جواز سفر". When love with unconfined wings Hovers within my gates, And my divine Althea brings To whisper at the grates; When I lie tangled in her hair, And fettered to her eye, The birds that wanton in the air Know no such liberty. يستمر الشاعر في تصوير مشاعره في تلك اللحظة .. فهو في تلك اللحظة كمن يحتسي الخمر النقي غير المخلوط بالماء مع أصدقائه.. ويصل إلى مرحلة الانتشاء لينسى كل الهموم وينسى حريته المسلوبة (يغرقها في كأس الخمر). فهو في هذه الحالة يحس بالحرية التي تتجسد في دوران كؤوس الخمر بين جلسائه من الأصدقاء. مثل هذه الحالة من الحرية في احتساء الخمر حتى الثمالة وهي بالطبع حالة يعشيها في خياله لا تحظى بها حتى الأسماك التي في أعماق المحيط والتي تنهل من مياهه دون حد. When flowing cups run swiftly round With no allaying Thames, Our careless ######### with roses bound, Our hearts with loyal flames; When thirsty grief in wine we steep, When healths and draughts go free, Fishes that tipple in the deep Know no such liberty. في المقطع الذي يلي يتحول الشاعر ليعبر عن ولائه للملك الذي كان في المنفى حينها ليقول أنه تراوده ألحاناً قديمة تمجيداً للملك.. فيتغنى بها .. فعندما يردد تلك الألحان فإن صوته يفوق صوت الرياح الهادر الذي يدوي مزمجراً عندما تهُب. When, like committed linnets, I With shriller throat shall sing The sweetness, mercy, majesty, And glories of my King; When I shall voice aloud how good He is, how great should be, Enlarged winds that curl the flood Know no such liberty. أما المقطع الأخير من القصيدة فيحتوي على أشهر أبيات الشعر الإنجليزي على الإطلاق عن الحرية.. ذلك فإن الجدران لا تشكل سجناً .. وكذلك قضبان الحديد لا تكون قفصاً طالما إنه يتمتع بحرية الخيال ونقاء السريرة. في هذه الحالة فإن السجن بالنسبة إليه هو عبارة عن (صومعة) للعبادة يتنسك فيها و يتعبد بحبه. إذن فإن حرية الروح وتدفق الحب الذي يتمتع به لا تضاهيه فيها سوى ملائكة السماء التي تسبح في فضاءٍ رحيب. Stone walls do not a prison make, Nor iron bars a cage; Minds innocent and quiet take That for an hermitage; If I have freedom in my love, And in my soul am free, Angels alone, that soar above, Enjoy such liberty
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـل..
فيما يلي نعرج للحديث عن شكل آخر من أشكال الإبداع الأدبي وهو فن الرواية Novel. يُعتبر القرن السابع عشر هو البداية الحقيقية لفن الرواية في الأدب الإنجليزي. فالبرغم من أن الشعر والمسرح كانا هما السمة السائدة في تلك الفترة إلا أن بوادر الكتابة الصحفية والروائية بدأت تلوح خلال تلك الفترة. أبرز كتّاب ذاك العصر هو Daniel Defoe الذي عاش في الفترة بين 1661 – 1731 وذلك من خلال روايتيه الشهيرتين "روبنسون كروزو Robinson Crusoe" و " مول فلاندرز Moll Flanders". وهذه الأخيرة هي سوف أقوم بتناولها في هذا البوست.
7- مول فلاندرز Moll Flanders: Moll Flanders هو الإسم غير الحقيقي لبطلة القصة التي تخفي إسمها الحقيقي بسبب ملاحقتها من قبل الشرطة لارتكابها عدة جرائم. إذن فالقصة تروي إخفاقات ونجاحات "مول فلاندرز" خلال عمرها الذي إمتد لقرابة السبعين عاماً. تروي "مول فلاندرز" قصتها عند بداية الفصل الأول ليُدرك القارئ أنها وُلدت في سجن "New Gate" لأن أمها كانت تقضي عقوبة الحمل سفاحاً ، لتُستتاب بعد ذلك ويتم ترحيلها إلى أمريكا (التي كانت مستعمرة إنجليزي آن ذاك) حسب النظم القضائية التي كانت تسود آنذاك. بذلك تُترك "مول فلاندرز" وهي في المهد لا حول لها ولا قوة ، حيث تقوم برعايتها مرضعة حتى الثالثة من عمرها. " My true name is so well known in the records or registers at New-gate, and in the Old Bailey, and there are some things of such consequence still depending there, relating to my particular conduct, that it is not be expected I should set my name or the account of my family to this work; perhaps, after my death, it may be better known
تروي "مول فلاندرز" أنها عند بلوغها الثالثة من العمر تهرب من مربيتها لتهيم في شوارع مدينة لندن حتى يعثر عليها أحد الرهبان ويأخذها إلى إحدى الممرضات التي تتكفل برعايتها حتى تبلغ سن الرابعة عشر من العمر. بعد موت مربيتها تذهب "مول فلاندرز" للعمل كخادمة لدى أسرة موسرة. هنالك تبدأ رحلتها الحقيقة في مواجهة الحياة. تقع "مول فلاندرز" في غرام كلا الأخوين في البيت الذي تعمل فيه. بداية الأمر يرمي بها الأخ الأكبر في شباكه .. ليأتي لاحقاً ويرفض الزواج منها.. ومن ثم تتحول إلى شقيقه الأصغر الذي يتزوج بها بعد ذلك. كانت تلك أول مرة تمارس فيها الحب.. بدأت تحس بأنوثتها.. كما بدأت ثورة الرغبة فيها. He repeated it afterwards several times, that he was in love with me, and my heart spoke as plain as a voice, that I liked it; nay, whenever he said, 'I am in love with you,' my blushes plainly replied, 'Would you were, sir . However, nothing else passed at that time; it was but a surprise, and when he was gone I soon recovered myself again
سنواصـــل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصــل
بعد وفاة زوجها الأول تترك "مول" أطفالها لذوي زوجها وترحل لتبحث لنفسها عن ملاذ آخر.. رجل آخر يوفر لها الحماية ويرضي رغباتها. من أجل ذلك تلعب دور الأرملة الثرية.. مستغلة ثروتها التي ورثتها عن زوجها.. وتبدأ بالترويج لتلك الفكرة.. فترتاد محال الأثرياء والأندية الليلية الباذخة علها تجد ضحيتها الثانية. وبالفعل تجد مبتغاها وتتزوج برجلٍ في العقد الرابع من العمر كان هدفه هو إستغلالها والوصول إلى ثروتها. ولكن بعد قضاء وقت قصير معها وتجريدها من كل ما تملك يعلن إفلاسه ويهرب إلى أمريكا مخلفاً لها إرثاً مؤلماً من الخيبة و الخداع. إلا أن مساعي "مول" لم تتوقف عند ذلك الحد فتسافر إلى أمريكا علها تجد زوجها الهارب .. ولكن في هذه الأثناء تقع في حب رجل هناك و تتزوج منه للمرة الثالثة. وكما تروي لنا فإن زوجها كان رجلاً صالحاً، طيب القلب وحنوناً. وبعد إنجابها لطفلين تدرك أنها تزوجت من أخيها لأمها التي أُبعدت إلى أمريكا في أول القصة.. وكنتيجة حتمية تنهار تلك الزيجة الآثمة لتعود "مول" بعدها إلى إنجلترا مجرجرةً في أطرافها أذيال الخيبة والضياع.
سأعــود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
نواصـــل..
بعد عودتها إلى وطنها تستمر "مول" في سعيها وراء إرضاء ذاتها ورغباتها لتخرج من علاقة عاطفية لتبدأ أخرى. ليصل عدد زيجاتها إلى خمسة زيجات كانت محصلتها أطفالاً لم تكن ترغب في رعايتهم والسهر عليهم.. فتلقي بهم للمربيات مقابل أجر زهيد.. وكنتيجة طبيعية لم تكن جميع تلك العلاقات ناجحة.. تجد مول نفسها آخر المطاف مثقلة بتبعات تلك العلاقات.. كما تجد نفسها مفلسة لا تملك حتى ما يسد رمقها..ومع تقدم العمر لم تعد تملك تلك الجاذبية والسحر الذي تأسر به قلوب الرجال.. تلجأ"مول" لشكل آخر من اشكال الجريمة.. هي الغش والإحتيال والسرقة. فمن أجل الحصول على المال لم تكن تتورع من إظهار أبشع خصالها الرذيلة التي إكتسبتها مع الأيام. في أخر المطاف يتم القبض عليها وتُرسل إلى سجن "Newgate" تماماً كوالدتها.. وعند المحاكمة تدان "مول" بعدة جرائم منها النهب والإحتيال والتي تصل عقوبتهما ربما إلى الإعدام.. ولكنها تستخدم ذكاءها لتقنع أحد الكهنة المشرفين على السجن بتوبتها لتكتفي المحكمة بإبعادها إلى أمريكا. يرافقها في هذه العقوبة أحد أزواجها السابقين الذي كان يقضي أيضاً عقوبة السرقة. هنالك في ذلك المنفى تتزوج "مول" وزوجها السابق مرة أخرى .. كما يتبادر إلى علمها أن أمها قد ماتت وتركت لها إرثاً هو عبارة عن مزرعة ضخمة . بعد ذلك تصارح إبنها من زواجها (باخيها) الذي تزوجت به دون علم بالحقيقة.. وهاهو زوجها الحالي يبرر لها خطيئتها بزواجها من أخيها بإنها ليس لها يد فيما حدث: "It was no fault of yours, nor of his; it was a mistake impossible to be prevented" الآن بعد بلوغها سن السبعين تعود Moll" هي وزوجها إلى إنجلترا بشخصيات أخرى وفي رصيدهما ثروة طائلة.. وبذلك تحاول التوبة ممما اقترفت من آثام علها تعيش عيشاً كريماً في ما تبقى لها من عمر. وبذلك يُسدل الستار على قصة "Moll Flanders" التي تحولت إلى مومس وهي في الثانية عشر من العمر ، وتزوجت خمس مرات بعد ذلك .. من ضمن زيجاتها زواجها من أخيها. وهي التي تكرس إثني عشر عاماً من عمرها للسرقة .. وثمانية منها في المنفى كعقاب له جرائم قامت بارتكابها.. لتعود بعد ذلك إلى وطنها وهي من الأثرياء.. لعل السؤال الذي أراد أن يطرحه المؤلف Daniel Defoe هو هل يجب أن نحاكم "Moll" لما قامت به ، أم نحاكم المجتمع الذي أوصلها إلى ذلك المستنقع؟
سنتـــابع مع موضوع آخر..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملامح من الأدب الإنجليزي.. (Re: مبارك السروجي)
|
7-الاسكاندر بوب (1688-1744) Alexander Pope يعتبر"Pope" علمٌ من أعلام الشعر الإنجليزي في مطلع القرن الثامن عشر. وهو الذي تُنسب له المدرسة الكلاسيكية المحدثة في الشعر الإنجليزي Neo Classicism. عاش "Pope" طفولته وهو يعاني من مرض السل الذي تسبب له في كثير من المعاناة الصحية خلال حياته القصيرة. تميز شعره بالأسلوب الهجائي والسخرية Satire. وهو يُعتبر المؤسس لمدرسة شعر القافية الثنائية Heroic Couplet في الشعر الإنجليزي. وهي أسلوب شعري يتناول في العادة أحد المواضيع الملحمية بإيقاع منتظم وقافية موحدة لكل بيتين من الشعر. يُعد شعر Pope من أبرز علامات الشعر الإنجليزي إلى يومنا هذا لما يحتوية من مضامين فلسفية تطرق أعماق التجربة الإنسانية وتحتوي على كثير من الحكمة التي أصبحت دارجة على لسان كثير من متحدثي اللغة الإنجليزية والتي ربما لا يعرفون مصدرها الحقيقي. في ذلك الشأن تبقى المقارنة قائمة بين شعر Pope وشعر أبي الطيب المتنبيْ من عدة جوانب سوف نتطرق لها في مقامٍ آخر. في هذا السياق يشير قاموس أوكسفورد Oxford Dictionary of Quotations إلى ما لا يقل عن 200 مثالاً من شعر Pope أصبحت دارجة كمضرب للمثل والحكمة في اللغة الإنجليزية، مثال على ذلك:
A little learning is a dangerous thing وهو ما يوازي المثل القائل (قليلٌ من المعرفة.. قليلٌ من الحكمة).
To err is human, to fogive divine ويقابله في العربية (الخطيئة شيمة البشر والمغفرة من شيم الرب).
Know then thyself, presume not God to scan The proper study of mankind is man وهو ما يقابله (أعرف نفسك قبل معرفة ربك).
ســاعود
| |
|
|
|
|
|
|
| |