دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن
|
قراءة في ( تداعيات ) يحي فضل الله *
لاقت تجربة ( التداعيات ) التي ظل ينشرها يحي فضل الله تباعا منذ أكثر من العام بالملحق الثقافي بجريدة ( السودان الحديث ) إقبالا وتجاوبا منقطعي النظير من قبل القراء . هذا الإقبال وهذا التجاوب يوجب علينا أن نقف أمام هذه التجربة بشيء من التأمل …
ولعل أول تجربة سؤال يتبادر إلى ذهن القارئ هو إلى أي جنس أدبي تنتمي هذه التداعيات ؟ هل هي شكل متميز في كتابة القصة القصيـرة ؟ أم أنـها لا تعدو أن تكون مجرد خواطر وانطباعات شخصية ؟ …
لا شك أن ( التداعيات ) تجارب قصصية متميزة تصب في خانة القصة القصيرة ولا يمكن أن تصنف إلي أي جنس أدبي آخر خارج إطار القصة القصـيرة .. صحيح أن الكاتب يخرج أحيانا من إطار القصة ويوظـف بعـض ( التداعيات ) للتعبير المباشر عن بعض الأحداث والمواقف الاجتماعية ولكن مع ذلك يظل الطابع الغالب على التداعيات هو طابع قصصي بكل ما تحمل الكلمة من معني ..
ولكن إذا لم تكن التداعيات سوى تجار قصصية متميزة ، فلماذا أسقط عنها كاتبها صفة القصة القصيرة ؟
في اعتقادي أن السبب يرجع إلى عدم رضا الكاتب عن ذلك الكم الهائل من القصص الذي يسود صفحات الجرائد ولا يحمل من مقومات القصة القصيرة سوى الاسم .. فقد أغرت السهولة الظاهرية لكتابة القصة القصيرة الكثيرين . وأصبح كل من هب ودب يريد أن يصبح كاتب قصة حتى اختلط الحابل بالنابل ولم نعد نفرق بين القصة واللا قصة ..
لقد أراد يحي فضل الله للتداعيات أن تأتي متميزة عما هو سائد في الساحة الأدبية من قصص قصيرة . لذلك لم يطلق عليها وصف القصة وتركها تحدث عن نفسها . وأظن أنه قد وفق إلى حد بعيد في اختيار اسم ( تداعيات ) لوصف هذه التجربة القصصية الجديدة . فلفظ ( التداعي ) يوحي بالعديد من المعاني التي تصب كلها بصور أو بأخرى في فن القصة ..
والتداعي لغة هو التنادي من دعا يدعو كما تفيد التكاتف والاستنفار ولم الشمل جاء في الحديث " المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " .. وربما تشير عبارة " تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " في معنى خفي إلى التضعضع المفضي إلى التهالك . ومن هنا جاءت ترجمة رواية ( Things fall apart ) للكاتب النيجيري تشنوا اتشيبي " الأشياء تتداعى " أي تتفكك وتؤول إلى السقوط والانهيار ...
أما التداعي كمصطلح ، فقد استعاره النقد الأدبي من علم النفس إذ يقصد به في التحليل النفسي تدفق وانسياب الخواطر والأفكار والذكريات وأحلام اليقظة ، والرغبات المكبوتة دونما ترابط أو تسلسل منطقي .. وهل العملية الإبداعية سوى تداعي أو اندلاق لتجارب الكاتب المختزنة في لا وعيه وتجسيدها في فعل الكتابة ؟ وذلك عــرف ( التداعــي ) في النقــد الأدبــي بتيــــار الوعـــي ( The Stream of consciousness ) وهو تكتيك في كتابة القصة يعنى بتصوير العالم الداخلي للإنسان في جدليته مع الواقع الخارجي ..
علاوة على ذلك فإن لفظ التداعي يوحي هنا برغبة الكاتب في ممارسة حريته الداخلية من خلال فعل القص دونما التقيد بأساليب ومضامين بعينها .. كما يوحي في ذات الوقت أن الكاتب قد وصل مرحلة لم يكن قادرا بعدها على التماسك فأراد أن يتداعى ويتدلق بكل ما يعانيه من شجن وإحباط ولوعة ..
القصة بين التجريب والتجريد :
وكان يحي فضل الله قد أعرب عن عدم رضاه عن الحال الذي آلت إليه القصة في استطلاع أجرته معه مجلة الخرطوم ( عدد يونيو 1994م ) جاء فيه :
" هنالك انتهاك واعتداء على القصة القصيرة من قبل أولئك الذين لا يملكون أدنى مقومات كاتب القصة فيحيلونها إلى عوالم مجردة لا يملك أمامها القارئ إلا الهرب . أنا لا أعني أن التجريد لا يصلح في كتابة القصة القصيرة ولكن أي تجريد . أن ممارسة التجريد في القصة أسلوب صعب لا يتمكن منه إلا كاتب حصيف ، له رؤية عميقة يمكنها الاحتفاظ بالقارئ حتى النهاية .
" لاحظ الكثير من الكتاب في الملاحق الثقافية في الصحف أنك لا تجد من القصة إلا ذلك الذي كتب عليها بأنها قصة قصيرة .. قصص كثيرة لا تجد فيها غير ذلك الهذيان الشعري الذي يطغى على الحدث الدرامي وعلى الشخصية وعلى كل فضاء القصة ويختفي السرد تماما .. وهنا أقول لا أعني أن تستبعد من القصة القصيرة اللغة الشعرية متى ما احتجنا إليها . لكن أن تتحول القصة إلى قصيدة شعرية لهذا شئ آخر " ..
ولكن ما المخرج من هذه الأزمة التي تمر بها القصة القصيرة ؟
يرى يحي فضل الله " أن المخرج يكمن في العودة إلى السرد الخشن ، لأنه محك حقيقي لكاتب القصة خاصة مع الموجة العالية التي تحاول أن تخفي الكثير من عيوب الكتابة باستخدامها الشعر في كتابة القصة " .. ويقول " أعتقد أننا بحاجة إلى شخصيات درامية ومواقف درامية داخل مضامين تحمل تفرد وتنوع هذا السودان وأظن أنه بالاستطاعة أن نفعل ذلك " ..
واتفق هنا مع يحي فضل الله فيما ذهب إليه . والحقيقة أن إصرار الكتاب الشباب على التجارب المستمرة جريا وراء تقليد أحدث الأساليب في كتابة القصة وإهمالهم للأساليب التقليدية وإيغالهم في الرمزية المتعمدة ، خلق جفوة بين القارئ العادي والقصة . وجعل قطاعات كبيرة من جمهور القراء تنصرف عن قراءة القصة القصيرة ..
كانت القصة في الخمسينات والستينات واضحة المعالم محددة القسمات ، محتفظة بكل المقومات التقليدية لفن القص . أما في السبعينات والثمانينات وما بعدها أخذت القصة في التماهي مع الأجناس الأدبية الأخرى وتداخلت ملامحها مع القصيدة والمقالة والخاطرة حتى صار من الصعب جدا التمييز بين القصـة والـلا قصة . كما بدأت تنحو نحو الخاص أكثر فأكثر حتى صارت في بعض الأحيان أشبه بالاستبطان الذاتي . كما يقول المتصوفة ، وكانت النتيجة اختفاء السرد التقليدي واللغة التقريرية المباشرة حل محل ذلك التجريد واللغة الشعرية المتوترة الحالمة . لكن هذا لا ينفى أن هنالك بعض الكتاب الشباب من جيل السبعينات والثمانينات استطاعوا أن يعيدوا للقصة مجدها وجاذبيتها كفن أدبي رفيع قادر على التعبير عن أدق خلجات النفس البشرية . وذلك بفضل نجاحهم في خلق معادلة موزونة تجمع بين الوظيفة الاجتماعية من ناحية والطاقة التعبيرية للقصة من ناحية أخرى . ومن هؤلاء الكتاب الشباب نخص بالذكر بشرى الفاضل ويحي فضل الله وعادل القصاص .
والحقيقة أن القصة بلغت لدى هؤلاء الكتاب شأوا عظيما من حيث البناء الفني وأحكام الصنعة وتجويد الأداء وتكثيف اللغة وتفجير إمكانياتها المدهشة وتركيز الأحداث واختزال المشاهد وفوق هذا وذاك إظهار مقدرتهم على الاحتفاظ بالقارئ حتى النهاية ..
السرد الخشن :
وكأنما أراد يحي فضل الله أن يقرن القول بالعمل فجاءت التداعيات تطبيقا عمليا لدعوته إلى العودة إلى " السرد الخشن " وخلق المواقف والشخصيات الدرامية التي تحمل ملامح المجتمع السوداني ..
والعودة إلى " السرد الخشن " التي ينادى بها باعتبارها مخرجا من الأزمة التي تجتازها القصة ، هي عودة إلى الواقعية ورد اعتبار لها .. الواقعية بمعناها الأوسع والأشمل .. واقعية تستوعب الواقع بكل تجلياته وابعاده المادية والروحية والأسطورية .. واقعية " بلا ضفاف " على حد تعبير روجيه غارودي .
ومن أهم مقومات تلك الواقعية " السرد الخشن " على حد تعبير يحي فضل الله . التي تجلت في التداعيات . وهي اللغة المباشرة والموحية في آن معا ، والخالية من الترهل والثرثرة المجانية ، التصوير الدرامي للوقائع والاعتناء برسم الشخصيات وابراز كافة ابعادها الجسمانية والاجتماعية والنفسية ، الاعتماد على الحوار كمرتكز أساسي في بناء القصة وقد اظهر يحي مهارة فائقة في إدارة الحوار لا سيما باللهجة العامية ، واختيار المضامين من صلب المعاناة اليومية للإنسان السوداني ومن واقع المعايشة والتجربة المختزنة في الذاكرة .. ويبدو أن يحي فضل الله قد اتعظ من تجربته القصصية الأولى في " حكايات وأحاديث لم تثمر " التي صدرت عام 1988 والتي اتسمت بالتجريب والإيغال في الرمزية المفرطة ..
وعن فلسفته في اختيار مضامين قصصه يقول يحي " علمتني تجربتي في كتابة التداعيات أن أنتبه على ذاكرتي وأن أكثف حاسة الالتقاط والكشف في ذهنـي .. علمتني التداعيات أن التجربة السودانية تجربة إنسانية ثرة بأساطيرها وخرافاتها وحكاياتها وبتأملاتها بأحلامها وأنها تجربة ذات مخزون إبداعي لا ينضب متى ما وجدت تلك الذاكرة التي تستطيع أن تحول كل ذلك المخزون الثر إلى تجليات فنية " . السودان الحديث 11 أكتوبر 1994م ..
ولحسن الحظ نجح يحي فضل الله أن يحول هذا المخزون الإبداعي وهذه التجارب الثرة إلى عمل فني رائع كما تجلي ذلك في ( التداعيات ) ومن هنا كان هذا الحماس والإعجاب اللذين قابل بهما جمهور القراء هذه التجربة القصصية المتميزة .
يحكي يحي أن قارئا اقتحم عليه داره في وقت متأخر من الليل ليعبر له فقط عن احتجاجه للطريقة التي أنهى بها حياة بطل إحدى التداعيات .
يا أخي الراجل ده كتلتو ليه ؟ - الراجل ياتو ؟ .. جمعة كافي تيه . كاتلو مالك ؟ - أنت ليه ما عايزو يموت ؟ كاكا – كاكا دي حتعمل شنو ؟ .. أنت قاسي يا أستاذ .. دي منتهى القسـوة ! - أنت عايز نهاية سعيدة يعني ؟ .. مش نهاية سعيدة .. لكن يا أستاذ تعبتنا ..
وهكذا يستمر هذا الحوار بين القارئ والكاتب بهذا الحماس وينتهي بنفـس الحماس .. وهذا أن دل إنما يدل على أن القصة كفن أدبي مازالت قادرة على التغلغل في أعماق القارئ وتحريك وجدانه وذلك إذا وجدت الكاتب الموهوب العارف بأسرار فنه ..
وفي موقف آخر يحكي يحي ( السودان الحديث 11 أكتوبر 1994م ) أن شابا التقى به بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم وبعد أن حياه قال له :
بالمناسبة أنا فاروق .. - فاروق – أهلا وسهلا . بقول ليك يا أستاذ أنا فاروق .. - طيب مالو – أتشرفنا .. ما فهمتني يا أستاذ .. - في شنو يعني ؟ أنا أقصد فاروق الكتبت عنو في التداعيات .. - أوع يكون حصل ليك الحصل لفاروق بالضبط يا أستاذ لدرجة حسيت بأنك بتكتب عني ، ليه يا أستاذ البنات دائما علاقاتهم بالثقافة ضعيفة .. ؟ - ما ممكن نقول كل البنات كدا ؟ كلهم يا أستاذ ! ..
وفي نهاية الحوار يقول أن ذلك الشاب أخذ منـه موعـد للنقـاش حـول ( الفـار وقزم ) أي حالة فاروق – على حد تعبير الشاب .
وفاروق هو بطل إحدى التداعيات وهو طالب جامعي يؤمن بنظرية التثاقف في التعامل مع الطالبة الجامعية لأن عملية المثاقفة في نظره تجعل العلاقة مشروع متنام ومفتوح دائما على المستقبل . ولكن صديقه " يوسف " يرى على العكس من ذلك ويقول أن نظرية التثاقف من شأنها أن " تطفش البنات " بدلا أن تخلق علاقة معهن إلا أن فاروق يصر دائما على ممارسة نظريته المفضلة في التعامل ، بحثا عن الفتاة التي تجادله في رواية قصيرة ، قصـة ، مسرحية ، ولكن سرعان ما كانت العلاقة تذوب أمام تلك العبارات ذات المتن الثقافي الرفيع ، حتى " ناهد " تلك التي قبلت أن تمارس معه وبكل نعومة فكرة التثاقف يكتشف أن الثقافة بالنسبة لها لا تمثل سوى ديكور مكمل لمكياجها الخارجي ..
النهايات المقفولة :
ولكن على الرغم من ذلك لدينا ملاحظة حول نهايات قصص يحي فضل الله . فهو أحيانا يميل لوضع نهاية حاسمة أو مغلقة للقصة . والنهاية الحاسمة كثيرا ما لا تكون في مصلحة القصة .. لأنها تؤطر مخيلة القارئ ولا تترك له مجالا للمشاركة في تصور النهاية المناسبة حسب المخزون المعرفي والتجريبي الذي تستشيره تفاصيل القصة في الذاكرة . ومن هنا يمكننا أن نسوق مثالين على ذلك :
في واحدة من التداعيات ( السودان الحديث 8/11/1994م ) يعالج الكاتب موضوع فتور العلاقة الزوجية بسبب الروتين وتراكم مشاكل الحياة وذلك من خلال تصويره لحياة الفاتح لطافة وزوجته سوسن واللذين كانا في بداية حياتهما الزوجية يكنان لبعضهما البعض قدرا عاليا من الحب والمودة والحنان ، ويتجلى ذلك من خلال الخوار الذي يدور بينهما أثناء مشاهدة مباراة لكرة القدم في التلفزيون :
- عليك الله يا سوسن . ده لاعب نص ده ! في لاعب نص يثبت الكورة بي ساقو ؟ بالمناسبة لاعب النص ده لازم يكون احرف زول في الميدان – أغلى لاعب في الميدان – لأنو ده صانع الألعاب البعتمد عليهو الفريق – أيوه شايفه الحيرفع الكورنة ده ، ده أسرع جناح في البلد " ..
ولكن بمرور الزمن تبدأ هذه العلاقة الودية الحميمة في الفتور وأصبــح الفاتح لطافة – الذي لا يحمل أسمه داخل البيت – لا يطيق أن تشاركه زوجته سوسن مشاهدة مباريات كرة القدم في التلفزيون وإذا تجرأت وحاولت التدخل بالتعليق ولو من باب المجاملة زجرها :
قلت ليك يا الفاتح المباراة بين منو ومنو ؟ - هلال – مريخ ؟ إجابة قاطعة ونهائية .. اللابسين أزرق بي أبيض ده المريخ .. - لا ده الهلال أنت يا الفاتح زمان المريخ مش كان بلبس أزرق ؟ - يا وليه أنت عندك عمى ألوان – غوري من وشي – مالك ومال الكورة ، حي من هنا .. ما توترينا – برانا متوترين … "
وهنا تختلط ثورة " الفاتح لطافة " بشفافية ذاكرة سوسن حيث كانت تسمع في ذات الوقت ، نفس الصوت وهو يأتيها من بعيد : " أيوه - شايفه حيرفع الكورنة ده – أسرع جناح في البلد " ..
وهكذا تكتمل الصورة – صورة الإحساس بانقلاب العلاقة الودية بين وحيـن . ولكن الكاتب لا يتوقف عند هذه النهاية المنطقية والمقنعة للقصة بل ذهب أكثر من ذلك ليضيف إلى القصة نهاية أشبه بالزائدة الدودية ، حيث أنهى القصة بقوله :
" كانت سوسن قد أحست بالانقلاب في شخصية الفاتح منذ تلك الليلة الأولى حيث لا زالت تذكر الحادثة على سلالم الفندق وهي عروس . كان الفاتح يمسك بها وهي تصعد درجات السلم نحو الغرفة ويقول " أعملي حسابك – الكعب العالي أيوه .. براحه .. براحه .. ما تقعي . " حين خرجا من الغرفة ظهيرة اليوم التالي تعثرت سوسن على نفس السلم فصرخ فيها الفاتح بغضب حقيقي " عميانة .. ما تعايني قدامك … "
وأوضح أن هذه النهاية التي أقحمها الكاتب إقحاما لم تأت نتيجة للنمو والتطور الدرامي لتفاصيل القصة لذلك فهي تصلح نكتة أو قصة قائمة بذاتها .. هذا بالإضافة إلى عدم معقولية هذه النهاية من الناحية الواقعية .. إذ لا يعقل أن يحدث الانقلاب في العلاقة الزوجية بعد يوم أو يومين من ليلة الزفاف ..
والمثال الآخر للنهاية الحاسمة أو المغلقة هو القصة التي يصور فيها الكاتب حالة من حالات خرف " الحبوبة " في أسلوب ممتع جذاب " السودان الحديث 2/12/1994م " .
ارتبك أهل البيت أثر تلك الولولة التي قذفت بها " الرضية بت حمد " في وجه ذلك الصباح الشتوي . عباس استيقظ مذعورا لدرجة أنه تعثر وسقط حين حاول الخروج من الغرفة ، قطعت به المنى صلاتها وركضت نحو غرفة " الرضية بت حمد " من فم ولدها الرضيع سحبت ( عواطف ) حلمة ثديها ، وتناولت ثوبها وخرجت ليختلط احتجاج المولود بولولة الرضية .. عطا المنان حاول أن يتناوم وأن يتعامل مع الأمر بحياد لكنه فشل تماما حين استمرت تلك الولولة فنهض مهتما بالأمر – تجمع الجميع داخل حجرة الحبوبة التي كانت تولول وتشير بيديها إشارات تتناغم مع ولولوتها . احتار الجميع ولم يدركوا سببا لصراخ الحبوبة . وبعد محاولات مضنية لاستنطاق الحبوبة أجابت : " الأوضة دي مسكونة . مسكونة بي ناس بسم الله – النار الولعتها عشان أدفي لي فيها موية اتبرد بيها طفوها ، أنا الأوضة دي .. ما بسكن فيها .. بري .. بري.. ما بسكن فيها ما بسكن فيها " .
وهكذا تستمر أحداث القصة في إيقاع سريع شيق ويستمر معها القارئ مشدود الأنفاس حتى النهاية لمعرفة السبب الذي جعل الرضية بت حمد تصدر تلك الولولة الغريبة في ذلك الصباح ..
لكن الكاتب لا يفصح عن سبب صراخ " الحبوبة " إلا في نهاية القصة ويقول :
" أثناء ترحيل محتويات غرفة الرضية اكتشفوا أن الجدة كانت تحاول أن تستحم رغم برد الصباح ، أشعلت النار وملأت الجردل إلى نصفه ووضعته على النار لكنه كان جردلا من البلاستيك فكان عقلها قد عجز عن فهم الأمر فولولت خوفا من الشيطان الذي أطفأ النار " ..
كنت أحبذ لو ترك الكاتب القارئ يستشف سبب صراخ الحبوبة من خلال تفاصيل القصة . وذلك بدلا من أن يتدخل في نهاية القصة تدخلا مباشرا لشرح ذلك السبب . إن الاحتفاظ بسبب صراخ الحبوبة حتى النهاية جعل القصة أشبه بالقصة البوليسية التي تنهي علاقة القارئ بها بمجرد معرفة اللغز في النهاية ..
كنت أفضل أن تكون نهاية القصة هي قول " الرضية بت حمد " الأوضة دي ما بسكن فيها الأوضة مسكونة مسكونة بي ناس بسم الله بري .. بري .. ما بسكن فيها .. " وذلك بعد أن يكون الكاتب قد أوحى بالسبب الحقيقي لصراخ الحبوبة في ثنايا القصة . لأن في هذه الحالة ستكون النهاية درامية مفتوحة غيـر مغلقـة .. النهاية المفتوحة تسمح للقارئ الاستمتاع بالقصة لأول فترة ممكنة وتجعله يستعيد تفاصيل القصة في مخيلته أكثر من مرة ، أما النهاية الحاسمة – المغلقة ترغم القارئ على إنهاء علاقته بالقصة بمجرد الفـراغ منـها ..
عبد المنعم عجب الفيا _______________________________ * نشرت بمجلة الملتقي - العدد 133 - اول سبتمبر 1995
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: خالد الحاج)
|
شكرا استاذنا عجب الفيا حقيقة تحليل ممتع وشدانى اكثر تعليقك: {وإيغالهم في الرمزية المتعمدة ، خلق جفوة بين القارئ العادي والقصة} الاحظها حين اقرأ بعض القصص المغولة فى الرمزية فاحس بحالة هروب نفسى من هذا الجو الذى اقحمت نفسى فيه، عكس القصص التى تستمد روحها من بساطة العباره ونفاذها الى الداخل دون حواجز
وشكرا لامتاعنا بهذا النقد البناء
اشراقه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
العزيز الفيا الف شكر على هذا المقال الدسم لاحظت انك ويحي متفقان على ان تداخل الاجناس الادبية سمح للكثيرين من عاطلي الموهبة بالولوج لعالم الكتابة اتفق لكن اسمحا لي بان اختلف معكما في ان رفع الحدود بين الاجناس الادبية غير مسؤولة عن الترهل والثرثرة والحشو وكل عيوب كتابة عاطلي الموهبة هذا امر اخر فكما لا يعيب الشعر الحضور القوي للسرد بكل مكوناته لا تعيب القصة او الرواية اللغة الشعرية فالكاتب/ة الحذق من يستطيع الامسكاك بما ينحته من تقنيات كتابه بقوه ويجعل القاري / ة يجلس القرفصاء وينصت له/ ها لاخر نقطة . والا فما تفعله اشراقة مصطفى القارئة هو العقوبة المناسبة له ولامثاله وفي النهاية اما الزبد فيذهب جفاء
احترامي وعميق مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
فيا .. سلامتك يا زول .
اتفق مع الجندرية .. ودعنا نعود بعد عودتك لنناقش العلاقة بين السرد الخشن والجودة . تعرف فيما يخص النهايات المفتوحة والمقفولة ..في احدى تداعيات استاذ يحي تتكسر السينما ويتظاهر الجمهور لان الفلم كانت نهايته مفتوحة . لا اعلم ان كان يعبر عن رايه في النهايات المفتوحة .. و .. عاجل الشفاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: mutwakil toum)
|
الحبيب متوكل مشتاقين والله لقد سعدت كثيرا بعودتك ومواصلة الكتابة في المنبر ولي عودة الي ندكول
جميل جدا ان نفتح حوار حول تداخل الاجناس والجودة والنهايات المفتوحة
ودعني اسمع رايك اولا وسوف اعود اليك لاهن حان الان موعد الدوام الصباحي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
ربما يكون اختيار تسمية هذا النوع من الابداع باسم تداعيات بدلا من قصص قصيرة مرده الي ان هذة التداعيات تحتوي علي تفاصيل شخصية حقيقية حادثة للمؤلف ... فكاتب التداعيات يكاد يكون بطل لكل تداعياته او علي الاقل شاهد عيان ... و نكاد نتلمس الشخصيات و الاحداث و كانها تعيش بيننا .... لذا و للتفريق بينها و بين القصص القصيرة ربما فضل المبدع فضل الله اطلاق اسم التداعيات عليها ...
هذا بخصوص التسمية اما من حيث كون التجارب السودانية ثرة باساطيرها و خرافاتها و حكاياتها فربما هذا ما جعل ابداع فضل لله للتداعيات يختلف باختلاف تموضعة الجعرافي بحيث تكون التداعيات اكثر ابداعا و حميمية و التصاقا بالواقع كلما كان الكاتب في السودان و كلما ابتعد شمالا كلما بدأ هذا الرباط السري و السحري في الخفوت ... و لذا نجد ان اقوي التداعيات تاثيرا و اكثرها بقاءا في الذاكرة تلك التي كتبت في السودان او علي الاقل عن السودان في الفترة التي تلت خروج المبدع فضل الله مباشرة ... ثم بدأ التداعي في الخفوت قليلا قليلا ...ليس هذا انتقاصا من مقدرة فضل الله الابداعية عموما و لكن الحديث هنا مقصور فقط علي التداعيات ...
اعتقد – شخصيا – ان يحي فضل الله هو رائد هذا الضرب من الابداع و الذي قد بدأ في الانتشار حيث ان العديد من الكتاب اصبحوا يميلون للكتابة بهذة الطريقة لانها ممتعة للكاتب و المتلقي علي حد سواء .
و اكرر تحياتي و اعجابي بابداع الاخ يحي فضل الله و شكري و تقديري للاخ الفيا علي ايراد هذا التحليل الجميل .
ملاسى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: إيمان أحمد)
|
الدكتورة ايمان احمد مشكورة وكتر خيرك علي زياراتك لينا وما قصرت علا متلومين معاك بلحيل والله ابدا ما لاقين طريقة نرد بيها الزيارة مع مشاغل الدنيا الكتار ديل واتفضل البيت بيتك ومرحب بك دائما واكيد حنجيكم بهنالك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: لاحظت انك ويحي متفقان على ان تداخل الاجناس الادبية سمح للكثيرين من عاطلي الموهبة بالولوج لعالم الكتابة اتفق لكن اسمحا لي بان اختلف معكما في ان رفع الحدود بين الاجناس الادبية غير مسؤولة عن الترهل والثرثرة والحشو وكل عيوب كتابة عاطلي الموهبة هذا امر اخر
|
العزيزة الجندرية لك التحية وعميق الاحترام
هنالك استلاف بين الاجناس الادبيةوتاثير متبادل وهذا امر طبيعي لان القاسم المشترك بين كل هذه الاجناس هو الكلمة اما رفع الحدود بالكامل عن الاجناس الادبية بحيث نلغي التصنيف المعروف :قصة - شعر - رواية،ونكتفي بان نطلق علي كل كتابة وصف :نص فهذا امر محل خلاف فموسم الهجرة مثلا يمكن ان توصف بانها رواية شعرية للغتها الشعرية ولكن تظل موسم الهجرة رواية ولن تصير الي قصيدة مهما كانت كثافتها الشعرية.لان المقومات الاساسية الرواية او القصية غير مقومات القصيدة ليس هذا راي فيصل واترك الموضوع مفتوح لمزيد من النقاش واتمني من الاخ متوكل الذي يشاطرك الراي ان يثري النقاش بافكاره النيرة خاصة وللاخ متوكل تجربة قصصية متميزة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
الاخ عجب الفيا اولا ما يكون الضرس ده ضرس العقل شكرا لهذا الاهتمام و يحزنني كثيرا ان لا الاحق ايقاع النقاش هنا و حتما لامناص اصدقاء التداعيات المجملين هذا البوست سانفض عن كاهلي تفاصيل الجري والهضربة و ساكتب مداخلة ما متواضعة يا متوكل و ساحاول اتنقع امهلوني قليلا حتي امتص كل هذا الحب والتقدير مع كثيف المودة وهميم التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: و لذا نجد ان اقوي التداعيات تاثيرا و اكثرها بقاءا في الذاكرة تلك التي كتبت في السودان او علي الاقل عن السودان في الفترة التي تلت خروج المبدع فضل الله مباشرة ... ثم بدأ التداعي في الخفوت قليلا قليلا ...ليس هذا انتقاصا من مقدرة فضل الله الابداعية عموما و لكن الحديث هنا مقصور فقط علي التداعيات ...
|
الاخ ملاسي التحية لك والمودة وانت تشرف هذا البوست وتثريه بمساهماتك المتميزة كنت قد كتبت اخر سطرين في المقال المنشور تحت عنوان كلمة اخيرة ولكن حذفت هذه الكلمة الاخيرة لاحساسي بانها غير ضرورية وربما اسي فهمها،ولكن تعليقك اعلاه جعلني اعيد النظر في قرار سحب هذين السطرين من المقال هنا.وقد قلت في اخر المقال المنشور مايلي:
"الملاحظ في الاونة الاخيرة ان التداعيات قد اكملت دورتها الابداعية واتت اكلها كتجربة متميزة واعتقد ان يحي فضل الله قد هيا نفسه لدورة ابداعية جديدة نتمني ان تلقي النجاح الذي لاقته التداعيات"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
الأعزاء عجب الفيا وملاسي هاكم آخر التداعيات ...ومن كندا كمان
حارس الهذيان
هانذا اطل علي مدينة هاملتون من الغرفة 12 في الطابق السادس في الجناح الغربي بمستشفي ماكماستر التعليمي ، احس ان الصباح يسرب تفاصيله ببطء علي المدينة التي غمرها الضباب ، والمريض الذي احرسه ـ دونسكي جرجوري ـ نائم و به من هواجسه هذيان و همهمات وآنات ، اقف امام النافذة من ضجر بي فقد اكملت وانا في نوبة حراستي هذي المجموعة القصصية للكاتب المصري الراحل عبد الحكيم قاسم ـ ديوان الملحقات ـ و اكملت ايضا رواية الكاتب الايرلندي جيمس جويس ـ صورة الفنان في شبابه ـ النسخة الانجليزية ـ التي كنت قد بدأت قراءتها قبل ايام في ورديات حراسة ليلية سابقة واكملت و بتداعي متنوع حالات سرحاني و تجولاتي في الذاكرة و عنادي الوظيفي المكتسب ضد النعاس ، واثناء كل ذلك اسجل علي ورقة التقرير حالة المريض ـ دونسكي جرجوري ـ الذي نجا من محاولة انتحار بقذف نفسه من شاهق و كانت النتيجة كسور في القدمين و اليد اليسري و اصابة خطيرة في السلسلة الفقرية ، حاولت ان اعرف لماذا فعل ذلك ولكنه قال لي وبحرقة واضحة انه غبي لانه اختار طريقة غبية لانهاءحياته
انظر الي ساعتي ، انها الثالثة و دقيقتين ، ها هي هاملتون تتهيأ لصباح غائم وبه برودة بداية الشتاء الكندي و اكون قد قضيت ثلاث ساعات من ورديتي التي تمتد الي الثانية من ظهر اليوم و قد كانت بدأت في الثانيةعشر ليلا ، زمن طويل وكثيف و ممتد امامي ، وعلي ان ابحث عن ما يشغلني غير كتابة التقرير و متابعة مريضي الذي احرس الان هذيانه ، انظر الي وجهه ، اراه يبتسم ، اتحرك من النافذة ، واجلس علي الكرسي القريب من سرير المريض ، اتناول ورقة التقرير وقبل ان اسجل انه نائم نظرت الي وجهه فوجدت تلك الابتسامة قد تحولت الي تجهم ، بعد ان سجلت ان مريضي نائم فتحت حقيبتي التي تسع بداخلها الكثير من التفاصيل علني اجد ما يشغلني ، وجدت مفكرتي للعام 1998 التي كنت قد حملتها معي قبل ايام دون ان انفذ غرضي نها و هو البحث عن يوم محدد من ايامي في القاهرة ، وحين شرعت في تقليب صفحات المفكرة سقطت منها ورقة جريدة مطبقة بعناية ، التقطتها من ارضية الغرفة اللامعة و فردتها فوجدت انها الصفحة الاولي من جريدة الخرطوم التي كانت تصدرمن القاهرة ، العدد 1885 ليوم الخميس 20 ـ 8 ـ 1998 و حاولت ان اتذكر لماذا احتفظت بها مطبقة داخل المفكرة دون جدوي ، علي كل ساشغل نفسي بها هاربا من كثافةو بطء زمن الوردية ، نظرت الي وجه مريضي النائم فوجدته محايدا هذه المرة فشرعت في قراءة الصفحة
ــ وزراء سابقون ـ 70 وزيرا يتجمهرون امام وزارة المالية يطالبون بفوائد ما بعد الخدمة وافاد بعضهم علي مدخل الوزارة ان وزارة المالية قد تأخرت في سداد المبالغ المصدقة لهم رغم اكتمال الاجراءات من جهات الاختصاص في رئاسة الجمهورية ديوان الحكم الاتحادي ، محافظة النهود تعلن انها تتوقع بحلول منتف اكتوبر القادم ان تحدث وفيات كثيرة بمحلية ريفي النهود بسبب المجاعة الناجمة عن الفر اضافة لظهور بعض الامراض الوبائية وامراض سوء التغذية في هذه الفترة و ان المواطنين ان لم يجدوا الاغاثة خلال شهر اغسطس الجاري فانهم سيخرجون دائرة الانتاج وتصبح كل المحلية عالة علي المجتمع وهناك دراسة اعدتها محلية ريفي النهود عن المجاعة تقول ان اسبابها ناجمة عن الفقر و ليس ندرة الحبوب الغذائية حيث بدأت المعاناة الحقيقية عندما وصل 50 في المائة من مواطني المحلية الي مرحلة الفقر المدقع في مايو الماضي مما اضطر الاهالي لاكل ثمار المخيط و هي ثمار شديدة المرارة حيث يقومون بغمر هذه الثمار لمدة 3 ايامفي الماء و تجفف ثم تطحن و تطهي بعد ذلك و اعلنت الدراسة ان هذه الثمار ذاتها نفدت بنهاية يوليو الماضي ــ
يتوجع دونسكي جرجوري بآهة عميقة ، اقف بعد ان لاحظت انني كنت كنت قد وضعت خطا بقلم احمر علي كلمة ـ ثمرة المخيط ـ اقف و اقترب من المريض ، لا زال نائما ، اقف امام سريره حتي اتاكد من ضرورة استدعاء الممرض ام لا ، ارجع الي جلستي و اسجل علي التقرير انه نائم وان الامر مستقر ، اصب قهوة من السرميس علي الكوب ، فكرت في ان سبب احتفاظي بهذه الصفحة الاولي من جريدة الخرطوم هو ثمرة المخيط ، اغلق السرميس و ارشف من القهوة و اتابع قراءتي المتجولةعلي صفحة الجريدة
ــ احصائية رسمية تكشف ان عدد الذين فصلوا من الخدمة واحيلوا الي مركز فائض العمالة منذ العام1990 وحتي الان بلغ حوالي 2400 عامل بالقطاع العام ، الفان منهم في الفترة من ـ 90 ـ 1994 ، واحيل 70 بالمائة بالغاء وظائفهم واستوعب الثلاثون بالمائة الاخرون في المرافق العامة بالخدمة المدنية و لم تشمل الاحصائية المفصولين للصالح العام الذينتم فصلهم و تسوية حقوقهم بعيدا عن اجراءات تحويلهم الي فائض عمالة .
المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات عمال السودان يعلن رفضه لقرار وزير الطرق والاتصالات الهادي بشري بفصل 200 عامل و انتقد المجلس الفردية التي تعامل بها الوزير في اتخاذ مثل هذا القرار دون اشراك الاتحاد في الامر ـ
ضحكة ضاخبة تنبعث من احلام دونسكي جرجوري و حين اقف واقترب منه يصمت فجأة و يتجهم منه الوجه ، اعود الي جلستي و اسجل في التقرير انه نائم واعود لقراءة .
ـ
ــ المياه تغمر اكثر من خمسين محلا تجاريا بسوق ابو حمد و حاصرت محطة مياه ابوحمد مما ادي الي توقف المحطة تماما ، كما غمرت المياه مشروعات زراعية بالمنطقة الي جانب محاصرتها لمشروع خلاوي الفكي علي اثر ارتفاع مناسيب النيل بولاية نهر النيل و اكد نائب مديرادارة الدفاع المدني ان الوضع بمدينة ابي حمد سيئ للغاية و ان قوات الدفاع المدني بادرت بالمساهمة لاحتواء الكارثة وتم ارسال 205 الف جوال فارغ لمجابهة الخطر و عمل الردميات ، الفيضان بمحافظة الدامر يغمر مشروع الكتياب الزراعي وتم ارسال 25 الف جوال من قبل الدفاع المدني ، مصادراخري توضح ان احوال ولاية كسلا مطمئنة بعد انحسار المياه بنهر القاش و معالجة الكسر الذي حدث بالجسر الواقي جنوب غرب القاش ، قوات الدفاع المدني قد تأهبت لمواجهة الموقف بولاية الخرطوم بالمراقبة المستمرة خلال ال24 ساعة في نقاط الارتكاز بكل من توتي والكلاكلات و ابوروف وابو سعد التي زودت بجوالات الخيش و معدات الحفر والردم ، الوالي د. رياك قاي لا يستبعد ان تكون هذه الفيضانات التي غمرت مناطق بور و كنقور و جزء من مناطق نهر البيبور بولاية جونقلي ، لايستبعد ان تكون هذه الفيضانات المفاجئة بسبب الامطار الغزيرة قد ادت الي وفيات وسط المواطنين الذين فقدوا مساكنهم و مواشيهم و قال ان مثل هذه الحالات قد حدثت بالفعل و لكن لم يصلحتي الان رصد حقيقي لاعداد الضحايا ، وكشف الوالي ان الفيضانات ادت الي غمر مطار بور علي مستوي يقارب المتر تحت الماء الامر الذي تسبب في توقف حركة النقل الجوي والاعتماد علي المروحيات التي تدهم بها القياة العسكرية و قال رياك قاي عقب محادثة لاسلكية مع نائبه المقيم ببور ان الاف الاسر قد تضررت بقدانها لمأواها و مواشيها وان الزراعة قد تلفت تماما ووجه الوالي نداء عاجلا للمنظمات الطوعية الوطنية والاجنبية بدعم الموقف في جونقلي موضحا ان المواطن يحتاج الي خيام و ادوية بشرية وبيطرية و غذاء و قال انه ....
يدخل الممرض الفلبيني الاصل الي الغرفة يوقظ دونسكي جرجوري كي يعطيه جرعة دواء و انتهز وجوده و اخرج الي دورة المياه القريبة و في طريقي الي هناك يصادفني زميلي الهندي الاصل كي يحل محلي حتي اخذ استراحة لمدة نصف ساعة ، ارجع معه الي الغرفة و اسلمه ورقة التقرير وارتدي الجاكت الثقيل واحمل طاقيتي الصوفية و الحقيبة معي و ادخل صفحة الجريدة داخل المفكرة اخرج الي الحمام و من هناك الي المصعد لاصل الطابق الاول كي اخرج الي المنطقة المخصصة للتدخين ، اجلس علي مقعد خشبي واشعل سيجارتي بعد تناولي لسندوتش فول بالبصل والتوم ،مع كل نفس من السيجارة اتامل حالي ، هانذا اعمل حارس مع شركة امن ، احرس بنايات قيد التشييد و احيانا كاميرات تلفزيونية مثبتة علي شوارع في احتفالية هاملتون وهي تستضيف هذا العام منافسة سباق الدراجات العالمي و مرة احرس مدرسة شيدوك المتوسطة ، واستمتع احيانا وانا احرس مدرجات دار الرياضة اثناءمباريات كرة القدم الامريكية كي امنع الجمهور من التدخين والمسموح له قانونيا باحتساء البيرة و هانذا الان احرس هذيان مريض من اصل اوكراني فاشل في الانتحار ، لا ادري لماذا اخترت ان اعمل ف ورديات ليلية ، لعلي احاول ان ابيع لشركة الامن قدرتي علي السهر الذي علمتني اياه القاهرة ،هانذا ابيع سهري و احرس قبل كل شئ و باستراتيجية حاذقة نفسي من مغبة الجنون والحنين ، اكمل سيجارتي واتشبع بضباب هذا الصباح و ادلف الي داخلالمستشفي وبي رعشة من برد واصل الي غرفةمريضي
استلم مهامي من بديلي ، اسجل في التقرير ان دونسكي جرجوري نائما ، واخرج صفحة الجريدة من المفكرة و ادخل في نسيج هذا الفلاش باك الذي داهمني مصادفة ــ وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم محمد الشيخ مدني بصرح ان ان مدارس الاساس في الولاية تعاني نقصا حادا في المعلمين نتيجة للهجرة ، و زاد ان 310 فقط تقدموا لشغل وظائف المعلمين الشاغرة بالولاية و التي تقدر بحوالي 1400 وظيفة ، واوضح الوزير في لقاء بوزارة الثقافة و الاعلام حول استراتجية وزارته ان وزارته استعانت بطلاب الخدمة الالزامية و خريجي الجامعات في تدريس طلاب مرحلة الاساس بالولاية و اشار الي تخوف المحليات من عدم امكانية توفير مرتبات المعلمين و تسربهم ـ
اسجل ان دونسكي جرجوري نائم و اقف واتمشي في الغرفة لانفض عني النعاس ، الساعة الان تقترب من الخامسة صباحا.
ــ مصادر صحف تعلن ان قوات الشرطة ما زالت ترابط في جامعة الجزيرة تحسبا لاي طارئ قد يحدث بعد الجولة السابقة من المظاهرات و الاحتجاجات الطلابية ، واكد البروفسور محمد علي المجذوب مدير جامعة الجزيرة استقرار الاحوال الامنية بالجامعة بعد ما وصفه بحوادث الشغب التي وقعت الاسبوع الماضي بعد احداث جامعة الخرطوم الاخيرة و زيادة الرسوم الدراسية و قال انه تم اطلاق سراح كل الطلاب الذين تم اعتقالهم مبينا ان الدراسةو الامتحانات تستمر بصورة عادية ، ورفض مدير الجامعة ان يدلي باي معلومات عن التقريرالذي رفعته لجنة تقصي الحقائق في احداث الجامعة التي كونها و تجدر الاشارة الي ان الاشتباكات التي حدثت قد ادت الي اصابة 23 طالبا و 15طالبة وقد تلقوا العلاج بمستشفي الشرطة بودمدني و اضاف انه تم تعليق موضوع الرس ......
صرخة مدوية ، يستيقظ دونسكي جرجوري مفروعا ، حين اقتربت منه قال لي و بحدة ـ اريد ان اري وجهي.
احترت فيما افعل تجاه هذا الطلب
ـ قلت لك اريد ان اري وجهي
هرعت الي المرض و اخبرته بطلب دونسكي ، ضحك الممرض و جاء معي ، من ركن الغرفة جاء بمنضدة بعجلات وقربها من سرير دونسكي و بحرفة واضحة رفع مستوي ارتفاع المنضدة حتي تناسب ارتفاع السرير بواسطة رافعة مثبتة علي المنضدة تشبه مبراة الاقلام و اخرج مرآة من وسط المنضدة و قربها من وجه دونسكي ، مرت اكثر من ربع الساعة ودونسكي ينظر الي وجهه و بتمهل وانا و الممرض ننتظر النتيجة و فجأة صرخ دونسكي و بصوت باكي و عميق
ــ لا ، هذا ليس وجهي
و اقترب الممرض منه و بحنو و تهذيب واضح قال
ــ لا يا صديقي ، هذا وجهك
ــ لا ، لأ ، ليس وجهي ، ليس وجهي ، اريد ان اري وجهي ، هذا ليس وجهي ، ليس وجهي
و دخل دونسكي في نوبة بكاء متشنج استدعي ذلك حقنه بمهدئ حتي نام تدريجيا كي اسجل ذلك في التقرير واتابع القراءة في صفحة الجريدة ــ المؤتمر الوطني ، التنظيم الحاكم في السودان يعلن التعبئة العامة كرد فعل مباشر علي اجتماع هيئة التجمع الوطني و صدور اعلان القاهرة و قال بيان صادر من المؤتمر الذي يتولي الدكتور حسن الترابي قيادته ـ ان اعلان التعبئة العامة يجئ لمواجهة التحديات التي تواجه الامة ــ
وصلت الي البيت بعد انتهاء ورديتي و تركت دونسكي جرجوري مستمرا في البحث عن وجهه ، لم اجد احدا في البيت ، دخلت علي الانترنت ، لا رسائل جديدة علي الاميل و اثناء تجوالي السريع في الصفحة السودانية صادفني خبر ضحايا حوش البربري ببورتسودان ، 31 فردا يموتون اختناقا لنيل زكاة الفطر ، 10 اطفال ،16 من النساء ، 5 من الرجال ، وها هو وزير الداخلية يترحم علي الاروا الضحايا ويتمني لمصابين ـ46ـ عاجل الشفاء و يدعو اسرة البربري وكل المسئولين للتوسع في اعمال الخير و دعم الفقراء والمحتاجين مع اخذ الحيطة والحذر و عمل التدابير اللازمة في هذا المجال؛؛؛؛؛
خرجت من الانترنت واغلقت الجهاز بعد ان سجلت في مفكرتي هذا الحدث ليوم الاثنين العاشرمن نوفمبر للعام 2003 و صعدت الي الغرفة و قذفت باليونفورم الاسود علي ارضية الغرفة وقذفت بنفسي علي السرير.
يدخلني النعاس وادخله بتوتراسمع معه جرس التلفون يرن، يرن ، يرن هناك في البعيد ، يبتعد الصوت ويتحولالي ولولة و عويل و تمتزج اصوات العويل و الولولة بغبار كثيف لان موتي ينهضون من قبورهم ، يتجمهرون امام القصر الجمهوري ، حشد من الهياكل العظمية تحمل لافتات مضيئة تطالب بمتأخرات رواتب تعدت الخمس سنوات ، دونسكي جرجوري معلقا في الهواء ، لا المح وجهه ، بدون وجه يسقط علي فيضان من الدماء ، سيل عنيف من الدماء يهدم بيوت الجالوس والحوانيت والاكشاك و يحتل الشوارع و يصبغ الاشجار بالاحمر القاني و يلطخ وجوه البشر، زحمة من البشر يتخاطفون ثمرة المخيط ، كلهم بلا وجوه ،مكان الوجوه جماجم ولكن بعيون حمراء تبرق من الجوع ، عساكر بهراوات ضخمة يضربون بها اجساد نساء عجفاوات وهن يتزاحمن علي باب حوش البربري ، دونسكي جرجوري يسقط من مبني البنتاغون ، طفل يمضغ ثمرة المخيط و تتساقط من الاسنان ، شيخ بلحية تصل اخمس قديميه بزي راقصة خليعة يتراقص بخلاعة علي انغام نشيد جهادي و بين اقدامه الراقصة جماجم متناثرة وسط ثمار المانجو المتساقطة من اشجارها في جنوب السودان ، اقف خلف مرآة دونسكي جرجوري واري و جهي في هيئة غريبة ، الفم في مكان العيون و الاذن في مكان الانف و الانف علي الجبهة والاسنان في مكان الحنك و وجه دونسكي يختفيو يبين، اقدام جنود تسحق اطفال تحتها، دونسكي طائر في الهواء ، لا اري وجهي في المرآة ، وجوه بلحي كثيفة تهدر بضحك عالي و اقدامهم تبعثر الجماجم و تدوس علي ثمار المانجو ، صقر ينهش جثة طفل، ثمرة المخيط تتضخم وتتبتلع في جوفهااللزج كتل من البشر المح بينهم دونسكي و اراني اسقط من علو شاهق في لزوجة ثمرة المخيط واختنق باللزوجة و احاول الانفلات ، اختنق ، اختنق ، اختنق
، اخت..... و استيقظ مفزوعا، انهض من السرير ، اهرع نحو المرآة ، لا زلت احس بالاختناق اتأكد تماما من وجهي ، اتحسسه جيدا و اتسأل ـ هل استطيع ان احرس هذياني؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: haleem)
|
الاستاذ عجب الفيا
تحباتى وودى
اليوم الوحيد الذى كنت احرص فيه على شراء صحيفة هو صباح الاثنين من كل اسبوع وتحديدا صحيفة السودان الحديث , وكنت احرص اشد الحرص على اخفاء الجريدة بين طيات دفاتر المحاضر فكم كنت اكره ان يسبقنى احدهم الى قراءة الجريدة فى ذلك الصباح ونحن فى الحافلة فى طريقنا الى الجامعة بالطريقة السودان ( لو سمحت الجريدة دى دقايق ) كنت اتجاوز كل الصفحات لاصل الملف الثقافى حيث الاستاذ احمد الطيب زين العابدين ( منظور سودانوى ) ثم د/ احمد عبد العال ( امشاج ) والاستاذ يحى فضل الله ( تداعيات ) وفى الصفحة التانية الاستاذ عمر الطيب الدوش ( عن المسارح نحكى ) . فى ذلك اليوم وانا اجوس خلال صفحات الملف الثقافى اشعر بنوع من المتعة اللذيذة تتسرب الى دواخلى وانا انزوى الى ركن قصى فى محاولة متعمدة للاستئثار بكل هذا الكم من الابداع لوحدى .
مختصر الكلام , تداعيات يحى فضل الله من لحم ودم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: الأعزاء عجب الفيا وملاسي هاكم آخر التداعيات ...ومن كندا كمان
حارس الهذيان
|
شكرا الاخ العزيز حليم علي هذا النص الجميل الحقيقة عندما قلت ان التداعيات قد اكملت دورتها الابداعية وان يحي فضل الله يتهيا لدورة ابداعية جديدة لم اقصد بذلك مجمل تجربة يحي القصصية وانما قصدت التداعيات تحديدا والدليل علي صدق ما ذهبت اليه ان يحي صار يعطي القصة عنوانا وتخلي عن كتابة :تداعيات كعنوان للنصوص القصصية التي يكتبها.بدليل ان هذا النص الذي تفضلت به يا حليم،اسمه حارس الهذيان. ملاحظة مهمة وهي ان يحي عندما نشر التداعيات في كتب اعطي لكل نص اسما وهو ما لم يحدث عند نشر ها في البداية في جريدة السودان الحديث حيث اكتفي بكلمة تداعيات كوصف لكل النصوص.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
الاخ عجب الفيا ان اكثر ما يقلقني في كتابتي لنص التداعيات اختيار بداية النص و اختيار نهايته ، لذلك ادقق كثيرا في كتابتي لخاتمة النص وادقق بمعيار هو معيار طبيعة النص و مع ميلي الغالب للنهايات المفتوحة الا ان هنالك نصوص قد لاتحتمل النهايات المفتوحة و لكن ان النموذجين هذين ، نص الفاتح لطافة و نص الرضية بت حمد ، لا اعتبرهما تحت ما اسميته بالنهايات المقفولة و ساوضح ذلك الان 1 ـ نص الفاتح لطافة هذا النص يحتفي بكوميديا المواقف من خلال التناقض في شخصية الفاتح لطافة ، لذلك هو نص لايحفل كثيرا بالنمو والتطور الدرامي كما اشرت و اعني هنا النمو الدرامي التصاعدي ـ بداية ، سط ، نهاية ـ لاحظ ان استرجاع الزمن في النص ـ الفلاش باك ـ عنصر مهم في بناء الموقف الكوميدي ، لذلك جاءت خاتمة النص بالرجوع الي ليلة الفندق ـ الزائدة الدودية في النص ـ و هذه النهاية ليست مغلقة بحكم ان النهاية المغلقة دائما ما تكون بمثابة حل لازمة و لم تحل خاتمة اي ازمة انما ذهبت نحو تكثيف تناقضات الشخصية في شكل نكتة مرتبطة تماما بطبيعة الشخصية الدرامية فهي اذن نهاية ترابطية و ليست مغلقة، اما الحديث عن عدم معقولية هذه النهاية من الناحية الواقعية اسمح لي ياعجب ان اصف هذه الجملة بخيانتها للحساسية النقدية وذلك باعتبار دراسة علائق الواقع والواقع الفني و الواقع و المتخيل ساواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: كنت اتجاوز كل الصفحات لاصل الملف الثقافى حيث الاستاذ احمد الطيب زين العابدين ( منظور سودانوى ) ثم د/ احمد عبد العال ( امشاج ) والاستاذ يحى فضل الله ( تداعيات ) وفى الصفحة التانية الاستاذ عمر الطيب الدوش ( عن المسارح نحكى ) |
صدقت يا ازرق اذكر ذلك جيدا حيث كان ينتظر القراء يوم الثلاثاء بشغف شديد لالتهام ما تجود به اقلام هؤلاء المبدعين الحقيقة ساهمت التداعيات في توزيع معدلات الجريدة وردت الاعتبار للقصة كما اعادت للقصة جمهورها رحم الله الاستاذين احمد الطيب وعمر الدوش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
2 ـ نص الرضية بت حمد قبل ذلك ، مهم جدا الاشارة لملاحظتك الذكية لموضوع عنوان النصوص اذ انني فعلا كنت انشر نصوص بدون عنوان واكتفي بالعنوان ـ تداعيات ـ ذلك كان في السودان الحديث و قد اضفت عناوين لنصوص الكتاب الاول من التداعيات و من ثم عنونت كل النصوص حين اعدت نشرها في جريدة الخرطوم التي كانت تصدرمن القاهرة بطلبمن قراء كثر في الخليج و لازلت امنح نص التداعيات عنوان مع الاحتفاظ بالعنوان الكبير و لهذه الاشارة ارتباط مهم بهذا النص فقد كتب الاستاذ الشاعروالمترجم سيد احمد بلال عن الكتاب من التداعيات في العدد الثاني من مجلة الواح التي كانت تصدر عن اتحاد الكتاب والصحفيين بلندن وقدم ملاحظةعدم اهتمامي بشخصيات العجائز والمسنين فكان اننشرت هذا النص تحت عنوان ـ عندما ولولت الرضية بت حمد ـ ونشرته مرة اخري تحت ـ عنوان ـ عصر البلاستيك ـ وهذا العنوان الاخير هو الذي قد يلقي بظلال تحليلية علي خاتمة النص موضوع المداخلة فهو نص يمتاز بتوتر درامي عالي و كوميدي كثيف من خلال تفاصيل خرف الرضية بت حمد و تأتي خاتمة النص هنا كخاتمة تحليلية تدعو للتأمل و لاتغلق النص ، من حيث ارتباط العنوان بالحدث مو ضوع الولولة ـ عصر البلاستيك ـ وانت اقترحت نهاية اخري للنص لا اراهامنسجمة مع تكنيك النص الذي اعتمد علي اخفاء سبب ولولة الرضية ، الا تري ان وضع جردل بلاستيك علي النار بمثابة صدمة حضارية لا يسعها او يستوعبها عقل الرضية بت حمد فتحيل الامر الي ناس بسم الله ، هي نهاية تحليليةوليست مغلقة فيما يخص اكتمال الدورة الابداعية لتداعياتي فانا اري غير ذلك اذ لا زلت مواصلا في هذا المشروع السردي و معه احلام ممتدة شكرا يا عجب الفيا علي هذا التحريض الذي منحني ما يكفي من دفء كي امد لساني ساخرا من بردالشتاء الكندي ومتجاوزا عزلتي الثقافية و هذا من اهم انجازات هذا الحوش الالكتروني الواسع الحميم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: haleem)
|
الاخ خالد الحاج الكتاب الثاني من التداعيات نشرته دار عزة باخطاء فظيعة ولاتحتمل و قد اوقفت هذا الكتاب عن التداول ببيان نشرتة في جريدة الايام و لازال هذا الكتاب موجلا وشكرا لاهتمامك الاخ متوكل اتمني ان اكون قد تخلصت عن حالة كوني احد ضحايا التواضع نعم انا كثيرا ما اميل الي النهايات المفتوحة حتي في النصوص المسرحية التي اخرجتها فالنهاية المفتوحة تمنح الص براح من التاؤيل شكرا علي تحريضي بعدم التواضع ،تري هل استطيع؟ الاخت الجندرية انا لست ضد اللغة الشعرية في السرد و قد ذكرت ذلك في نصالحوار الذي اورده عجب الفياهنا اذ قلت ـ لا اعني ان نستبعد عن القصة اللغة الشعرية متي ما احتجنا اليها ـ انا مع تداخل الاجناس الابداعية واؤكد ان ممارسة هذا النوع من الكتابة الي حرفة عالية و رؤية عميقة وفعلا يذهب الزبد جفاءو يبقي ما ينفع الناس فقط علينا ان ننتبه الي الاقنعة الكثيرة التي يتواري خلفها الزبديون الاخت اشراقة مصطفي دعيني اولا اهنئك علي المثابرة وحصد النجاح وهكذاسنغني معك اشراقة الامر ليس الايغال في الرمزية بقدر ما هو افساد لقيمة الرمز والمرموز في العمل الفني الاخ ملاسي ان قياس حميمية التداعيات بموقعي الجغرافيمن العالم قياس قد يصيب احيانا وقد يرتبك احيانا كثيرا ولكن احس ان التوغل في الابتعاد قد يذكي جمرة الكتابة ، احس ان نصوص التداعيات التي انجزتها خارج السودان بها نوع من التكثيف و التكنيك فيها معقد نوعا ما ، علي كل اثمن ملاحظتك هذه بمعيارمن اهتمام ولك هميم شكري الاخت ايمان احمد شكرا لانتمائك لتداعياتي وانا فخور بذلك الاخ ازرق شكرا علي الحرص والمتابعة و قد تحدثت عن موضوع في ردي علي عجب الفيا ولجميع المتابعين هنا كثيف المودة وحميم التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Yahya Fadlalla)
|
حمد الله علي السلامة استاذ فيا .. وشكراً على المداخلات الـ(متنقعــة) استاذ يحي .. ** فيما يخص السرد الخشن .. اظن ان السرد الخشن في تغلغل كاتب القصة في الذات (الانا) – كما يفعل عادل القصاص – او السرد الخشن بالتغلغل في في الآخر مدعوما بالحوار كـ (سرد خشن ) كما يفعل يحي فضل الله لا يعذر النص المكتوب عن التخلي من شاعريته و الا فقد اهم مقومات نجاح النص ..فالسرد الخشن لا يعني بالضرورة عدم شاعرية النص او القصة .. وهو ما لا يهمله كتًاب القصة من ذوات السرد الخشن (تجد الكثير يحفظ عن ظهر قلب مقاطع من مجموعة البنت التي طارت عصافيرها . وبعض التداعيات ومجموعة القصاص) وذلك يرجع لشاعريتها ..(نلاحظ ان كتًاب القصة القصيرة المتميزين في السودان جميعهم في الاصل شعراء – بشرى الفاضل- يحي فضل الله – عادل القصاص-) السرد الخشن – نعم – يحفظ للقصة هويتها لكنه لا يحميها من خطر المباشرة الذي يهدد ها بالانقراض مجرد اكمال قراءتها . (تداعيات لا تنتمي لهذا الصنف المهدد بالانقراض لشاعريتها و لتركيزها علي (المهمشين) وهي طبقة قريبة جداً للناس وبعيدة جداً عن الناس والغوص فيهم لا حدود له) .. دعنا نعود نناقش دخول القصيدة بكامل معالمها –دون حجاب-(حوش) القصة دون مراعاة حدود الجنس الادبي ( وهو ادب سوداني خالص حسب اعتقادي ) ..لاحقاً
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
استاذ يحي ، التواضع فعلاً يلتهم حقوق جميع الكتاب السودانيين – طبعا الحاله المعاكسة للتواضع الذي اعنية ليست التكبر او التنقعة – وكنت بصدد فرد بوست لنقاش هذه الصفة التي لا تتعدى فقط على الكاتب او الفنان انما تتعدي على نصوصه .. الطيب صالح يقول انا تربال طرقت درب الكتابة بالصدفة .. شايف كيف .. تعرف .. قال لي صديق ناقشته في هذا الامر ان الامر عادي فيحي فضل الله كتب ياضلنا (في سطوح لوري ) – لا أعلم مدى حقيقة هذه المعلومة – لكن ان يكون الطيب صالح تربال في الاصل وان تكون يا ضلنا مكتوبة في (سطوح لوري) تضيف من قوة الكاتب والنص .. فشاليهات الاسكندرية لم تضف الي حافظ ابراهيم قوة في النص .. عادل القصاص يقول في الحوار الذي اجراه معه عاطف خيري بمناسبة اصدار مجموعته الاولي (للصمت صليل غيابك) ان اصدار المجموعة جعله يرتدي ملابس جديدة او نظيفة .. واستمر الحوار في كثير من النقاط تباريا لانكار الذات بينهما وعاطف يعتبر من اميز الشعراء والقصاص من اميز القصاصين .. ما اعنيه .. لا يضير الكاتب ان يتحدث بحرية عن تجربته ويمكن ان يحدث ذلك دون (تنقعة) .. دمت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: mutwakil toum)
|
الاخ متوكل ساحكي لك هذه الحكاية عن التنقعة كنا مرة ومعي الصديق عمر الدوش نرافق الاخ المغني عبداللطيف عبد الغني ـ وردي الصغير ـ في حفل عرس في امبده السبيل وحين انتهي الفاصل الاول جاء شخص انيق بعباية وعمة كبيرة وقال لعبداللطيف ـ قبل ما تبدأ الفاصل الثاني قول للناس الشاعر ...... شاعر اغنية ..... بحضر معانا الحفلة وهنا تدخل الدوش بحدة ـ وليه ياخي ؟ وتحول الامر الي شجار بين الدوش و ذلك الشاعر النرجسي جدا وتدخلت انا قائلا ـ انت عارف البتكلم معاك ده منو ؟ ـ ابدا ـ واضاف شاعرنا ساخرا ـ ما حصل لينا الشرف ـ فقلت ـ ده عمر الطيب الدوش فما كان من ذلك الشاعر المحب لظهوره الا التفت لعبداللطيف ـ خلاص قول نحن الاتنين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: وانت اقترحت نهاية اخري للنص لا اراهامنسجمة مع تكنيك النص الذي اعتمد علي اخفاء سبب ولولة الرضية ، الا تري ان وضع جردل بلاستيك علي النار بمثابة صدمة حضارية لا يسعها او يستوعبها عقل الرضية بت حمد فتحيل الامر الي ناس بسم الله ، هي نهاية تحليليةوليست مغلقة
|
لعل من مهددات نظرية السرد الخشن، يا يحي،هو الوقوع في التقريرية وقد اشار الي ذلك اشارة مبطنة كل من الاخوان متوكل والجندرية في معرض حديثهم عن ضرورة توفر عنصر الشعرية في النص القصصي.
ان اشكالية نص الرضية بنت احمد ،ليس في الثيمة يا اخ يحي ، انما في التقريرية التي عولجت بها هذه الثيمة،وذلك علي النحو الوارد في صلب المقال.حيث ينتهي نص الرضية بنت احمد كالتالي:
"اثناء ترحيل محتويات غرفة الرضية ،اكتشفوا ان الجدة كانت تحاول ان تستحم رغم برد الصباح،اشعلت النار وملات الجردل الي نصفه ووضعته علي النار لكنه كان جردلا من البلاستيك،فكان عقلها قد عجز عن فهم الامر فولولت خوفا من الشيطان الذي اطفا النار"
الا تتفق معي يا يحي ان هذه النهاية تقريريةمحضة ،وهي بالتالي لا تتناسب مع طبيعة وفنيات القصة القصيرة؟!
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
الاخ عجب الفيا عارم الود والتحايا انا لا اري ذلك بحكم ماقلته سابقا لان النص اعتمد علي اخفاء سبب الولولة و هو سبب لو تأملته ستجد فيه تلك المسافة الحضاريةالتي لم يستوعبها عقل الحبوبه الرضية بت حمد ، اذ انهااحالت ذوبان جردل البلاستيك الذي وضعته علي النار الي سبب غريب ، لذلك قلت ان العنوان ـ عصر البلاستيك يلقي بظلال كثيفة علي خاتمة النص ويبعده عن التقريرية و يجعل منها خاتمة تحليلية اخشي من نقاشنا هذا ان ينحصر بيني وبينك فقط و هو نقاش سيكون مثمر لو كان النص حاضرا في هذا البوست ،فهل يمكنك نشر النص كاملا لاني لااستطيع طباعته فانا لازلت استخدم الماوس لطباعة العربي؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: 1 ـ نص الفاتح لطافة هذا النص يحتفي بكوميديا المواقف من خلال التناقض في شخصية الفاتح لطافة ، لذلك هو نص لايحفل كثيرا بالنمو والتطور الدرامي كما اشرت و اعني هنا النمو الدرامي التصاعدي ـ بداية ، سط ، نهاية ـ لاحظ ان استرجاع الزمن في النص ـ الفلاش باك ـ عنصر مهم في بناء الموقف الكوميدي ، لذلك جاءت خاتمة النص بالرجوع الي ليلة الفندق ـ الزائدة الدودية في النص ـ و هذه النهاية ليست مغلقة بحكم ان النهاية المغلقة دائما ما تكون بمثابة حل لازمة و لم تحل خاتمة اي ازمة انما ذهبت نحو تكثيف تناقضات الشخصية في شكل نكتة مرتبطة تماما بطبيعة الشخصية الدرامية فهي اذن نهاية ترابطية و ليست مغلقة، اما الحديث عن عدم معقولية هذه النهاية من الناحية الواقعية اسمح لي ياعجب ان اصف هذه الجملة بخيانتها للحساسية النقدية وذلك باعتبار دراسة علائق الواقع والواقع الفني و الواقع و المتخيل
|
اراك اخ يحي تتفق معي هنا في وصف نهاية هذا النص ،بانها زائدة دودية،وانها نكنة قائمة بذاتها.اذن ان حذفها من النص كان لازما لانها ليست جزء من بنية النص اذ انها لم تضف جديدا الي فكرة القصة والتي هي ليست ابراز التناقض في حياة الفاتح لطافة ،وانما تصوير التبدلات التي تطرا علي الحياة العاطفية بعد الزواج.وقد عالج النص هذه الثيمة باسلوب ممتاز جدا.واكتملت المعالجة عندما صار الفاتح لطافة لا يطيق ان تساله زوجته عن اسماءاللاعبين او الفرق المتبارية بعد ان كان في بداية حياتهم الزوجية يلح عليها ويستمتع بان تجلس الي جواره لمشاهدة المباريات معه ويرد بكل اريحية عن اسئلتها الساذجة . هنا كان يجب ان ينتهي النص! اما تلك النهاية النكتة فتصلح ان تكون قصة قائمة بذاتها!
Quote: وهنا تختلط ثورة " الفاتح لطافة " بشفافية ذاكرة سوسن حيث كانت تسمع في ذات الوقت ، نفس الصوت وهو يأتيها من بعيد : " أيوه - شايفه حيرفع الكورنة ده – أسرع جناح في البلد " ..
وهكذا تكتمل الصورة – صورة الإحساس بانقلاب العلاقة الودية بين وحيـن . ولكن الكاتب لا يتوقف عند هذه النهاية المنطقية والمقنعة للقصة بل ذهب أكثر من ذلك ليضيف إلى القصة نهاية أشبه بالزائدة الدودية ، حيث أنهى القصة بقوله :
" كانت سوسن قد أحست بالانقلاب في شخصية الفاتح منذ تلك الليلة الأولى حيث لا زالت تذكر الحادثة على سلالم الفندق وهي عروس . كان الفاتح يمسك بها وهي تصعد درجات السلم نحو الغرفة ويقول " أعملي حسابك – الكعب العالي أيوه .. براحه .. براحه .. ما تقعي . " حين خرجا من الغرفة ظهيرة اليوم التالي تعثرت سوسن على نفس السلم فصرخ فيها الفاتح بغضب حقيقي " عميانة .. ما تعايني قدامك … "
وأوضح أن هذه النهاية التي أقحمها الكاتب إقحاما لم تأت نتيجة للنمو والتطور الدرامي لتفاصيل القصة لذلك فهي تصلح نكتة أو قصة قائمة بذاتها .. هذا بالإضافة إلى عدم معقولية هذه النهاية من الناحية الواقعية .. إذ لا يعقل أن يحدث الانقلاب في العلاقة الزوجية بعد يوم أو يومين من ليلة الزفاف ..
|
اما تعليقك علي وصفي لعدم معقولية هذه النهاية بانها :خيانة للذائقة النقدية، فانا اعتبر ذلك اخلاص للذائقة النقدية،وللعلاقة الجدلية بين الفن والواقع،ان نجاح اي نص ابداعي يكمن في قدرته علي تجسير العلاقة بين الفن والواقع .
والان دعنا يا اخ يحي ان ننظر الي النصف المتلئ من الكوب!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
الاخ عجب الفيا طبعا لا اتفق معك علي ان الخاتمة في نص الفاتح لطافة وقد اوردت الجملة ـ الزائدة الدودية في مداخلتي السابقة لتحديدها فقط وبحكم علائق تيمات النص وحسب رؤيتي اري هذه الخاتمة ضرورية جدا ولا اتصور ابدا التخلي عنها و بدونها اري النص غير مكتمل لانها عصب التكنيك في هذا النص و هو تكنيك يعتمد علي استرجعات في الزمن كما اشرت سابقا و لا اري انها مجردة نكتة لا علاقة لها بالنص لانها تشير الي التحول الاول في علاقة الفاتح لطافة مع زوجته و انا في عدد من نصوص التداعيات قد احتفيت بتوظيف النكتة خاصة النصوص التي تكون فيها شخصية ـ عباس الوناس ـ اخرها نص كان قد نشر في هذا المنبر بعنوان ـ هكذا بتلقائية ببغاء ـ والغريب في الامر ان خاتمة هذاالنص احتفي بها واراها ذات تميز واختلاف. بخصوص الخيانة والاخلاص للذائقة والحساسية النقدية اقول لك يا صديقي ان هذه الجملة ـ عدم معقولية هذه النهايةمع الناحية الواقعية ـ هي جملة مرتبكة لانها تراهن علي التطابق بين الواقع الفني والواقع وانت تعرف تماما ان اساليب في الكتابة مثلا الفنتازيا واللامقول ترفض هذا التطابق ولكنها تستند بديهي بمرجعية واقعية لان مثلا مقلوب الصورة يعتمد علي الصورة في حالتها العادية مثلا في الواقع لا نجد معقولية لهذه الصورة الشعرية لحميد حيطة تتمطي وتفلع في قفا الزول البناها وفي مسرحية يوجين يونسكو ـ الاستاذ ـ يصل الاستاذ بعد ضجة اعلامية كثيفة ، يصل بدون الرأس ، وهذه نهاية فيها عدم معقولية من الناحية الواقعية و لكنها تحتفي بكثافة تعبيرية عالية و كذلك في مسرحية يونسكو ـ فتاة في سن الزواج ـ تأتي هذا الفتاة بعد حديث وثرثرة عنها تأتي الفتاة في هيئة شاب مفتول العضلات وبشارب كث وهكذاما اردت قول ان هذا القياس ـ معقولية التعبير من الناحية الواقعية قياس نقدي مرتبك كما تجسير العلاقة بين الفن والواقع لايعني الرهان علي معقولية التعبير مع الناحية الواقعية ولك هميم الشكر علي اهتمامك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
عزيزي عجب الفيا انا لم اقصد ان اجرحك بهذا التعبير ـ خيانة الذائقة او الحساسية النقدية و اعتقد انه تعبير اردت به تأكيد التباس وارتباك هذه الجملة في مجال الاشتغال بالنقد ـ عدم معقولية هذه النهاية مع الناحية الواقعية ـ وتجدني شديد الاسف اذا كانت هذه الكلمة ـ خيانة ـ قد سببت لك اي حرج واؤكد انها متداولة في النقد الحديث مثل ـ خيانة النص او خيانةالمرجعية واكرر اعتذاري واشكر لك هذا الاهتمام مع كثيف ودي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: omdurmani)
|
استاذ / يحي فضل الله .. (تنقعة ) الشاعر ده والتي لم تستحي بوجود الدوش.. (تنقعة) متطرفة ، الراجل – فعلاً – يحتاج دوز عالي من التواضع عشان يجيب البلانس .. او المعدل العادي .. ياريت لو نطلع من التركيز الحصل علي نص محدد الي رحاب التجربة عامة .. أعلم ان يحي فضل الله يا استاذ فيا حينما يكتب تداعيات تأتي بالمواصفات المذكرورة سلفاًً الا انه – احيانا- يكتب قصة قصيرة ويكون لها ملمح مختلف فهي تأتي معنونة وفوق العنونة يصرح بهويتها أي (قصة قصيرة) .. وهي ايضاً ايضاً ذوات السرد الحشن .. سؤالي .. ماهو الفاصل بين التجربتين ..
وأعود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: mutwakil toum)
|
الملاحظة 2 ..
في التداعيات يعتمد يحي فضل الله المباشرة في السرد والحوار ، لكنه في الشعر يلجاء الي الرمزية – احيانا ً رمزية مربكة - ، يمكن للشعر ان يكون بسيطاً مباشراً ناعماً مقبولاً – كما يفعل محجوب شريف وحميد والفرجوني – اظن ان المباشرة في الشعر تجعل يحي فضل الله متناسقاً في خط التداعيات .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: mutwakil toum)
|
الاخ متوكل التداعيات مشروع سردي يستند في الاساس علي تنويعات في فن السرد ، لذلك افضل تعريف التداعيات بانها حكايات و نصوص قصصية ، عنصرالحكاية اعتمدته في عدد من النصوص خاصة تلك التي يكون موضوعها شخصية من الشخصيات التي اعرفها او عايشتهامثل نص ـ توتو كورو ينسج ايقاع نومه ـ او نص ـ الوجيه عبد الوهاب الجعفري ـ وقد اوظف عنصر الحكاية في تعرية الواقع السياسي المرتبط بالثقافي مثل نص ـ حكاية عن الموز والسفر ـ اما جانب النصوص القصصية فهذي تقترب بالمعيار و المواصفات من جنس ما يسمي بالقصة القصيرة وهذا الصنف من التداعيات لجأت فيه الي تجريب عالي في التكنيك و بناء الشخصية و الحدث الدرامي مع احتفاء خاص بالمكان والزمان و لايضير هذا الصنف من التداعيات لو وسم بانه قصة قصيرة ولي تجربة قصدتها فقد نشرت كتابي الاول ـ حكايات واحاديث لم تثمر ـ في جريدة الخرطوم تحت عنوان تداعيات ، قصدت من ذلك اثارة النقد حول تصنيف التداعيات لم اعد احفل كثيرا بتصنيف النص القصصي بانه ـ قصة قصيرةـ وافضل هذا التصنيف ـ نص قصصي ـ لاني قد اكتب قصة ليست قصيرة مثل نصي ـ تداخلات ـ هذا علي مستوي و قياس التجربة الطويلة والمتنوعة في كتابتي للتداعيات وفيها لي اشباع يخص ممارستي للسرد ،اذن يمكنني القول ان بداخل مشروع التداعيات الكثير من النصوص القصصية التي يمكن ان نصفها بالقصة القصيرة فليس هنالك فاصل بين تجربتي في كتابة القصة القصيرة وكتابتي للتداعيات وانما هنالك مشروع سردي كبير هو التداعيات بداخله الكثير من التصنيفات السردية اما عن علاقة الشعر بالتداعيات من حيث انني امارس النوعين من الكتابة اقول ان ذلك اتاح لي نوع من الحرفة كي اكون مخلصا لحالة كوني شاعروكذلك لحالةكوني قاص و لكل حالةحالاتها فكتابة الشعرحالة غير كتابة النص القصصي وهنا تكمنحرفةو خبرة التمايز بين النص الشعري والنص القصصي و هي لدي مكتسبة من تعدداشتغالي بالدراما تلك الطاقة السحرية ولذلك تميزي كشاعرـ اذن كان هناك تميزـ يختلف كقاص بحكم اختلاف نوع الكتابة الشعر هو تاريخ انفعالي بالكون والسرد هو تراكم ملاحظاتي لهذا الكون و قد يختلط تاريخ هذا الانفعال بتراكم الملاحظات فيحالة كوني كائن درامي وشكرا متوكل علي المداخلة مع حميم الود والتقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: وفي مسرحية يوجين يونسكو ـ الاستاذ ـ يصل الاستاذ بعد ضجة اعلامية كثيفة ، يصل بدون الرأس ، وهذه نهاية فيها عدم معقولية من الناحية الواقعية و لكنها تحتفي بكثافة تعبيرية عالية و كذلك في مسرحية يونسكو ـ فتاة في سن الزواج ـ تأتي هذا الفتاة بعد حديث وثرثرة عنها تأتي الفتاة في هيئة شاب مفتول العضلات وبشارب كث وهكذاما اردت قول ان هذا القياس ـ معقولية التعبير من الناحية الواقعية قياس نقدي مرتبك كما تجسير العلاقة بين الفن والواقع لايعني الرهان علي معقولية التعبير مع الناحية الواقعية ولك هميم الشكر علي اهتمامك |
العزيز يحي هذا الكلام لا يحتج به علي، ولو كنت قرأت بوست :حكاية البنت بين الافادة والامتاع،لما احججتني بهذا الكلام،حيث جاء ما يلي:
Quote: وكان بشرى الفاضل ، قد استهل هذه القصة البديعة ، بأبيات من قصيدة " أقول لكم " لصلاح عبد الصبور وهي :
هذا زمان الحق الضائع لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله ورؤوس الناس على جثث الحيوانات ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك فتحسس رأسك
ويرى بعض النقاد أن هذه الأبيات مستوحاة من مسرحية " الخرتيت " أو وحيد القرن ، ليوجين يونسكو ، والتي تحكي عن خرتيت بدأ يطارد الناس في الشوارع وأماكن العمل ثم يكتشف الناس أن كل إنسان قد تحول إلى خرتيت . فالزوجة التي جاءت إلى مكتب زوجها تشكو إلى زملائه أن خرتيتا كان يطاردها في الطريق ، تكتشف أن الذي كان يطاردها هو زوجها . وذلك الموظف الذي يقدس روتين العمل يجد نفسه وقد تحول هو الآخر أيضا إلى خرتيت . ويقول يونسكو في مذكراته بعنوان ( لا ) أنه استوحى مسرحية " الخرتيت " من شخصية هتلر .
وكان صلاح عبد الصبور قد عبر عن إعجابه بطريقة يونسكو في الكتابة المسرحية إلى الحد الذي جعله يستعير أسلوب يونسكو في الكتابة والذي عرف بأسلوب العبث أو اللا معقول في مسرحية ( مسافر ليل ) والتي تحكي عن مسافر يجلس وحيدا في أحد القطارات ، فيظهر له الكمساري في زيه الذي يشبه الزي العسكري ويطالبه أولا بالتذكرة فيأكلها ثم يطالبه ببطاقة الهوية فيلتهمها الكمساري أيضا فتتوحد في هذه الأثناء في ذهن الراكب صورة الكمساري بصورة الطغاة عبر التاريخ : الاسكندر ، هانيبال ، تيمور لنك ، هتلر ، الخ .. ويواصل الكمساري تعذيبه للمسافر حتى يقضي عليه أخيرا بطعنة من خنجر .
فالملاحظ أن القاسم المشترك بين هذه الأعمال الثلاثة : " الخرتيت " ليونسكو و " مسافر ليل " لصلاح عبد الصبور و " الطفابيع " لبشرى الفاضل ، هي معالجة قضية القهر السياسي والارهاب الفكري بهذا الأسلوب الفني العبثي .
|
وجاء ايضا في ذات السياق
Quote: ولا يخفى تأثر أسلوب بشرى الفاضل في هذه القصة ، بأساليب أدباء العبث واللا معقول لا سيما فرانز كافكا ويوجين يونسكو . فاستحالة الركاب في القصة إلى مسوخ مشوهة . تذكرنا بقصة ( المسخ ) للكاتب التشيكي كافكا والتي تحكى قصة ذلك الشاب ، جريجوري سامبا ، الذي استيقظ ذات صباح فوجد نفسه قد تحول إلى خنفساء أو حشرة كبيرة . كما تذكرنا أيضا بمسرحية ( الخرتيت ) للأديب الفرنسي ذي الأصل الروماني ، يوجين يونسكو ، حيث تحول الموظف المثالي ، بسبب الروتين إلى خرتيت أو وحيد قرن .
|
الاخ متوكل اعود الي اسئلتك الصميمية ومداخلة يحي الاخيرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحي فضل الله - ونظرية السرد الخشن (Re: Agab Alfaya)
|
الاخ عجب الفيا انا لا احتج ولكني كنت اناقش مفهوم نقدي و لست حساسا تجاه النقد ولا ادخل في ذلك النموذج المعمم و كنت قرأت مقالك عن تجربة الصديق بشري الفاضل في حكاية البنت التي طارت عصافيرها و لاني وجدتك تشتهد بالكاتب العبثي يوجين يونسكو اخترت انا يونسكو و تحديدا مسرحيته الاستاذ كي تكون بيننا ارضية مشتركة لمناقشة مفهوم ـ عدم معقولية التعبير الفني من الناحية الواقعية ـ فيا صديقي عجب الفيا لا احتج عليك وانا سعيد بالنقاش في هذه الجزئية من مقالك ـ النهايات المقفولة ـ لانها فيها توغل نقدي عميق و هذا ما احلم به لان ذلك يتيح لي التعرف اكثر علي ماانتجه من نصوص مع كثيف ودي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
|