فيما يخص الذاكرة - فنتازيا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 09:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-05-2007, 10:06 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فيما يخص الذاكرة - فنتازيا

    ____________________________


    اعتقد الجنس البشري طويلاً – مائة على الألف منهم على الأكثر – أو رددوا غالباً أننا لا نكتسب الأفكار إلا عن طريق الحواس، وأن الذاكرة هي الأداة الوحيدة التي بفضلها نتمكن من جمع فكرتين أو كلمتين معاً. لهذا وقع "جوبيتر" ممثل الطبيعة في هوى "منيموزين" إلهة الذاكرة من أول نظرة. ومن هذه الزيجة الألوهية ولدت الربات التسع حاميات الفنون كلها. هذه العقيدة التي بنيت عليها كل معارفنا، شاعت عالمياً، وحتى كلية اللاهوت في جامعة السربون اعتقدتها على اعتبارها حقيقة مقررة.


    بعد مضي بعض الوقت جاء مجادل نصفه هندسي ونصف الآخر واهم، يجاد ضد الحواس الخمس وضد الذاكرة. فقال للفئة القليلة من الجنس البشري المفكر: "لقد أخطأتم حتى الآن. لأنه لا فائدة من حواسكم. ولأن الأفكار فطرية فيكم قبل أن يكون أي حس من حواسكم قادراً على التأثير. ولأنكم تملكون كل المفاهيم الضرورية حين تأتون إلى هذه الدنيا، فأنتم تعرفون كل شيء دون أن تحسوا به. وكل أفكاركم المفطورة معكم، كانت معروضة على فكركم الذي اسمه الروح دون إعانة من الذاكرة. فهذه الذاكرة لا تصلح لشيء."


    استنكر رجال السربون هذه النظرية ليس لأنها سخيفة بل لكونها جديدة: ولكن عندما أثبت أحد الإنجليز ولزمن طويل أنه لا توجد أفكار فطرية. وأن لا شيء أكثر ضرورة من الحواس الخمس. وأن للذاكرة فائدة في إمساك الأشياء التي تستقبلها الحواس، حينئذ استنكروا أفكارهم ذاتها لأنها تطابق ما قاله أحد الإنجليز. فأمروا الجنس البشري بالاعتقاد بالأفكار الفطرية، وألا يؤمنوا بالحواس الخمس ولا بالذاكرة. وبدل أن يطيعهم الجنس البشري، هزئ بهم! وبلغ الغضب بالسربون درجة كادوا أن يحرقوا معها أحد الفلاسفة لأنه قال إنه يستحيل علينا أن نكوّن فكرة كاملة عن قطعة جبن إلا إذا رأيناها وأكلناها. وقد جرؤ أحد الآثمين على الزعم بأنه لم يكن ممكناً للرجال والنساء أن ينسجوا السجاد لولا أن عندهم إبراً ، وأن لديهم أصابع يدخلون بها الخيوط في تلك الإبر.


    وقد روى أحد خيول إسطبلي لـ"بيكاز" الحصان المجنّح هذه الحكاية فرواها هذا بدوره إلى ربات الفنون التسع بحيويته المعهودة. أما حاميات الفنون اللواتي يؤثرن تلك البلاد المتوحشة التي جرت فيها هذه القصة، فقد استنكرن هذا أشد الاستنكار. إنهم يحببن "الذاكرة" و "منيموزين" أمهن التي بفضلها عرفت أولئك الفتيات التسع كل ما يعرفن. فأغضبهن جحود البشر، وأردن أن يسخرن بفلاسفة السربون. لكنهن يعلمن أن السخرية تثير الحمقى وتزيد في نزوعهم إلى الشر. لقد كفر البشر بالذاكرة ، فقررت حاميات الفنون أن تسترد منهم هذه النعمة التي جاد بها الآلهة عليهم، ليظهروا على ما هم عليه بلا ذاكرة، فيعرفون فضلها.


    حدث في منتصف ليلةٍ صافية أن أصيبت كل العقول بالبلادة، بحيث استيقظ الناس جميعاً من الغد دون أن تكون لديهم أي ذكرى من الماضي! بعض قضاة البرلمان النائمين مع نسائهم حاولوا الاقتراب منهن ببقية من غريزة لا صلة لها بالذاكرة. فالنساء اللواتي نادراً ما دفعتهن الغريزة إلى تقبيل أزواجهن، تمنّعن بنفور شديد، فغضب الأزواج وصرخت الزوجات، وانتهى الأمر بالجميع إلى تبادل اللكمات!


    وجد الرجال قبعة مربعة الشكل فاستعملوها لحاجة معينة، لا الذاكرة قادرة على قضائها ولا الذوق السليم، واستخدمت النساء آنية المغاسل استعمال الرجال لها. أما الخدم الذين نسوا العقد الذي أبرموه مع سادتهم، دخلوا إلى غرفهم دون أن يدروا أين هم. ولكن، بما أن الإنسان مخلوق فضولي ، فقد فتحوا كل الأدراج، وبما أن الإنسان محب بطبيعته لبريق الفضة والذهب دون أن يحتاج إلى ذاكرته، فقد أخذوا كل ما وقعت عليه أيديهم. وأراد السادة أن يصرخوا: "أمسكوا السارق" لكن عند اختفاء فكرة السرقة من أذهانهم لم يمكن لكلمة "سارق" أن تصل إلى ألسنتهم! ونسي كل واحد منهم لغة القوم. فأصبح يطلق أصواتاً مختلطة منكرة. وغدت المدينة أسوأ من "بابل" حيث يبتدع كل إنسان على البديهة، لغة جديدة. واستيقظ الإحساس الفطري لدى فتيان الخدم نحو النساء الجميلات، فارتمى السفهاء بخفة وطيش على أول من صادفوا من نساء أو فتيات، سواء كن خادمات أو سيدات. وهؤلاء تركنهم – وقد أُنسين كل دروس العفة – يفعلون ما يشاءون بكل حرية.


    وجاء وقت العشاء. فلم يدر أحد كيف يتصرف. فلم يمض أحد إلى السوق لا لبيع ولا لشراء. ولبس الخدم ثياب سادتهم، وارتدى السادة ملابس الخدم وجعل الجميع يتبادلون نظرات البلاهة والغباء. هؤلاء الذين يملكون موهبة الحصول على الضروريات – وهم من العامة – وجدوا ما يعيشون به. أما الآخرون فكان ينقصهم كل شيء. رئيس الوزراء ورئيس الشرطة يتجولان عاريين. أما سائسو الخيل فبعضهم ارتدى الملابس الحمراء وبعضهم الآخر لبس ثياب فضفاضة. واختلط كل شيء. وكاد الجميع يهلكون بؤساً وجوعاً.


    بعد بضعة أيام مسّت الشفقة على هذا الجنس البائس قلب حاميات الفنون. إنهن طيّبات وإن كنّ يغضبن أحياناً على الخبثاء. فرجون أمهن أن ترّد إلى هؤلاء الجاحدين ذاكرتهم التي نزعتها عنهم. فهبطت "منيموزين" إلى مساكن أولئك الأضداد الذين تجرأوا على إهانتها وخاطبتهم:


    "أيها الحمقى لقد عفوت عنكم، ولكن لا تنسوا أنه لا ذاكرة بلا حواس ولا عقل بلا ذاكرة"


    فشكرها الجاحدون بجفاء شديد، ومنعوا توجيه أي عتاب إليها. ونشر بعضهم هذه المغامرة في جريدته. وتندر بها أفراد الحاشية في البلاط. أما الأستاذ "كوجيه" ولم يكن قد أفاق من دهشته بعد، فقد نطق أمام تلامذته من السنة الخامسة بهذه الحكمة: "إن التي اسمها (ذاكرة) ليس فيها ضرر لا على حاميات الفن ولا على البشر!"
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de