دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تصدر عن الدار العربية للعلوم (ناشرون) ومنشورات الاختلاف قريباً رواية "بتروفوبيا" وهي رواية تتناول حياة شاب أمريكي باحث عن النجاح والمادة في بلاد النفط والبترول، وتغطي الرواية جوانب عديدة من حياته قبل مجيئه إلى "خليج البترول" وعلاقته بصديقته "إيميلي سميث" التي تلقى حتفها في أحادث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر المشهورة، كما تُحاول الرواية تسليط الضوء على نقاط التقاطع والاختلاف بين الثقافة العربية والغربية من خلال بعض الشخصيات هذا بالإضافة إلى الشخصيات المحورية في الرواية. تدور أحداث الرواية في أكثر من فضاء مكاني بين أمريكا وإيطاليا وألمانيا وخليج البترول. ومن المتوقع أن تنزل الرواية إلى الأسواق العربية مع نهاية الشهر الحالي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
أقف الآن مشدودة إلى تاريخي، أحاول إعادة قراءته وتفسيره، وكأنه تاريخ شخص أتذكر اسمه بصعوبة. شخص التقيته مصادفة في عيد الفصح قبل عامين، ارتطمنا بالأكتاف، وابتسم في وجهي معتذراً، فأعجبني بياض أسنانه أو رائحة عطره أو تسريحة شعره.
إنه لمن المدهش حقاً أن يكتشف الإنسان أنه لا يعرف نفسه، وأنه لا يعرف حتى أقرب الناس إليه؛ في حين أنه لم يصادقهم إلاّ لظنّه أنه يعرفهم جيداً، ويفهم ما يُثيرهم وما يُقلقهم وما يُفرحهم وما يفكرون به. لا أحد يعرف أحد؛ هذه هي النتيجة الأولى التي خرجت بها أول الأمر.
الآن تتفحت الأشياء أمامي لأبصرها بعين أخرى، كأنني كنت لا أرى من قبل، أو كأنني كنت أبصر الأشياء بالمقلوب. تُدهشنا الحقيقة عندما نبحث عنها، ثم نكتشف أنها هي من تبحث عنا، وهي من تجدنا دائماً. نفهم أن الكون يسير وفق خطة متقنة، دون أن تكترث بعشوائيتنا وتخبّطنا، وكل تصوّراتنا البلهاء. لأنك حين تعتاد الضجيج؛ يُؤرقك الهدوء!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
أفهم الآن سر بعض ما خفيّ عني، وأتقن حرفة التصنّت على الحواس. أعرف أنه لن يُفيد كثيراً، ولكن ذلك خير من القول بعبثية الحياة وهيلمان الحظ. كل الأشياء –في هذه الدنيا- متزنة وفي مكانها الصحيح، حتى تلك الفواجع والمضرّات، والمصادفات مرتبة أبجدياً ومُخطط لها من قبل!
للكون سرّه الخاص، والأشياء تفصح عن قداستها، وتزخر بالتلميحات وكلمات السر المخبأة بغير إحكام في كل ما نراه؛ ولكننا لا نرى ولا نفهم. ربما أضرّتنا إنسانيتنا، ولم نستطع أن نكون كما يُريد الكون لنا أن نكون. أن نرى في كل هفوة إشارة للملكوت الخاص.
آه! كم أننا أغبياء حين ندعي الفطنة والمعرفة! نحن لا نعرف شيئاً عن ذواتنا، ولا نعرف عن الحياة إلاّ ما نريد أن نوهم أنفسنا بأننا نعرفه. نتشاجر مع الحقيقة كأنها عدو أبدي، وشيطان يحمل جميع التناقضات. كم أننا ساذجون حين نسأل دائماً عن الحياة، وعن سرّها؛ كأننا لم نخلق إلاّ لنحلّ الألغاز. الآن فقط أعرف أن الحياة سهلة ومعقّدة كسحّاب بنطال!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
يقول لنا العارفون: إن الإنسان كلما كبر؛ تكشفت لديه الأشياء بصورة جلية، وكلما تعلّم شيئاً جديداً كلما اقترب أكثر من الحقيقة. كل يوم ينضج الإنسان، وتنضج أفكاره ورؤيته للكون ولمن حوله. وتلك هي فلسفة الكينونات العليا، وسر ولعنا بالبحث والتساؤلات اللانهائية. وأنا أقول: إنه كلما كبر الإنسان كلما ابتعد عن الحقيقة، وكلما تعلّم شيئاً جديداُ كلما قلّ رصيده المعرفي، وكلما نضج كلما كان أكثر بلاهة وسذاجة!
أقول الآن: إنه إذا تمكن الإنسان من إمساك الحقيقة من قرونها الغليظة فسوف يُصبح كائناً خالداً. ربما لم تكن المعرفة الحقة وهماً، بقدر ما أنّ الجهالة الكاملة قانون له سطوته. نحن نعرف بقدر ما أكله الأبوان من ثمرة المعرفة الأولى، ونفتقد الخلود بقدر ما كانا قريبين منه سابقاً. ياللإنسان! أمنذ ذلك الوقت وهو يبحث عن المعرفة والخلود ولم ييئس بعد؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
لست بصدد التأريخ لحياتي؛ فهي بلا قيمة، ولكن اكتشاف نفسي المفاجئ كان أكبر من قدرتي على الإندهاش. ضحكتُ كثيراً من قبل على كل ما كان يدور حولي من متناقضات، كنتُ أظنها فوضى مفضية إلى فوضى أكبر، وكنتُ أشعر بالأسى حيال نفسي والآخرين لأننا ندور في حلقة مفرغة داخل متاهة نخلقها نحن بأنفسنا. أعرف الآن أننا لا نخلق الفوضى، وأن الفوضى ليست سوى نسق كوني فائق النظامية، وأنها تشدنا إليها بحنو لا نستشعره، ولا نستحقه.
كنتُ أظنني وُلدت في الزمن الخطأ، وأن كل من حولي ليسوا سوى مُهرجين جهلة، وكائنات بيولوجية لا تتقن سوى حرفة الجنس والتغوّط. تدثرت بالفلسفة من جهل هذا العالم، وتساءلت: ما هو واجب الإنسان المقدس؛ معرفة نفسه أم معرفة الكون الذي يعيش فيه؟ الآن أعرف أن واجبه الأكثر قداسة هو ألا يعرف، وأن الجهل بداية العلم ومنتهاه.
ساعدني ذلك كثيراً في التخفيف من شعوري بالسخط تجاه نفسي، والإحساس بالاعتدال والتوازن. إنه شعور قد لا يستشعره إلاّ ممتطو الحبال والسائرون عليها في عروض السيرك المثيرة، الذين يحتالون على قواقع الأذن الوسطى، ويحاولون محاكاة أضدادهم. إنها أزمة منتصف العمر، والإنسان يهوى ألا يكون نفسه، يعشق أن يتحدى ذاته وقدراته، ليس لأنه كائن راق ومتميّز، ولكن لأنه يعلم –فطرياً- أنه يُشبه هذا الكون بطريقة ما، فيحاول أن يتسق مع ما يُحس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
نسعد كثيراً بمنجازات الإنسان العلمية، واختراعاته المذهلة، ولكننا سوف نصاب بالإحباط عندما نعلم أن دافع الإنسان للعلم والمعرفة، هو إحساسه بالغيرة من بقية الكائنات! يحاول الإنسان أن يُقلّد الطيور والأسماك والضفادع ويستلهم ابتكاراته من أتفه الحشرات. يدعي أنه يسنّ القوانين والشرائع، وفي الواقع؛ هو يقتبسها من الطبيعة. الكائنات تشعر بالراحة لأنها متسقة مع الطبيعة، ومتناغمة معها، ومأساة الإنسان الوحيدة أنه يُصارعها ويتحداها ويوهم نفسه بالانتصار عليها.
ماذا أضاف الإنسان لهذا العالم؟ أنا أقول: لم يضف شيئاً على الإطلاق. هو إما يكتشف أشياء موجودة، أو يدعي اختراع قوانين تعمل بمفردها حتى دون علمه بها، أو يخترع أشياء يستوحي فكرتها من هذا العالم المدهش من حوله. نحن خديعة كبرى؛ إذ أننا نحن من يسن القوانين ويلتزم بها، ثم نكتشف مدى فجاجة القوانين، فننسفها ونسن قوانين أخرى غيرها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
الأشياء جميعها ليست ذات قيمة، أو أنها جميعاً ذات قيمة، ولكن الإنسان هو من يوهم نفسه بتقييم وتثمين الأشياء حسب قوانين خرقاء! هو من افترض نفاسة الذهب على الفحم، وهو من قدّر اعتلاء الروح على الجسد، وهو نفسه من ثمّن قطعة الورق وأسماها عُملة.
الإنسان هو الوحيد الذي يُصدّق أن بعض الكائنات تتغوّط جواهر؛ ولذا نعتبر قيء الأصداف لؤلؤاً نفيساً وذى قيمة، ونعتبر عرق الحيتان عطراً باذخاً، وروث الديدان حريراً، ونُجلّ جلود الحيوانات! كلنا واهمون، وكلنا نُحب أن نعيش داخل هذا الوهم ونُصدّقه.
كلما تكشّفت الأسرار أمامنا، كلما اكتشفنا مدى الضآلة. وكلما أحسسنا باقتربنا من الحقيقة، كلما اكتشفنا مدى وهمنا الذي نغرق فيه، ورغم كل ما ندعيه من معرفة وحكمة؛ إلاّ أنّ الوهم يظل هو الحقيقة الوحيدة الكاملة والمطلقة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
أدهشتني التفاصيل أوّل الأمر، ثم أدهشتني الكليّات! لم أكن أعلم أن هذا الشيء أعمق مما كنتُ أتصوّر. اكتشفت آخر الأمر أننا لا نعرف إلاّ قشور الأشياء، بينما تحتفظ الأشياء بأسرارها طازجة ومغرية وأصيلة. فقط عندما تتوّحد الأشياء نعلم مدى بلاهتنا وغبائنا.
بينما كان روبن سينجر يحتضر، كنتُ أقول في نفسي: "ها هو يموت الآن بعد أن حقق كل أمنياته!" كنتُ كالبلهاء أبتسم في وجهه محاولة أن أنقل إليه عدوى الابتسام، ولكنه كان أحذق مني؛ حتى وهو على فراش الموت! كانت الحمى تعقد لسانه، ولكن عينيه قالتا لي الكثير.
كنتُ أعلم أنني سأحزن عليه، مثلما حزنت على أصدقاء ارتحلوا من قبل، وبعد بضعة أيام سأعود إلى الحانة التي في آخر الشارع، أحتسي كأس الشمبانيا مع من تبقى من رفاق على قيد الحياة، نتبادل الضحكات، والفكاهات البذئية، ونتراشق بقشور البندق والفشار كالأطفال، ونردد كلمات الأغاني الصاخبة التي بلا معنى، ونمارس الجنس باحترام مصطنع؛ ثم ننتظر أن نشيّع رفيقاً آخر من جديد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: محمد اشرف)
|
محمد أشرف يا دُفعة كيفك، وكيف أخبارك ووين أراضيك؟
بخصوص النسخة المجانية، فبالتأكيد نسختك المجانية محفوظة بس خليني أوّل حاجة أتحصل على نسخي المجانية من الناشر وتأكد إنّ نسختك حتوصلك مباشرة
ولي قدام يا حبيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
الآن فقط، أعرف أنني كنت ساذجة وحمقاء. الآن فقط، أعرف أن كل ما كنتُ أراه لم أكن أبصره. إنّ الأمر أشبه كمن يقبض بزمام فرس تجرّ ورائها عربة فارهة، يسير بهما ميلاً دون أن يُفكر أنّ بإمكانه قيادة الفرس وهو راكب على العربة، ثم يشتكي من وعورة الطريق!
بعض ما جرى هنا، عشتهُ ودخلتُ تفاصيله المؤلمة والمشوّقة، وحتى تلك المملة والسخيفة منها، ولكن لم يدر في خلدي -وأنا أبحث عن مجدي في الكتابة- أنّ ما أعرفه وما أعايشه سيكون روايتي الأولى والأخيرة. عندها عرفت لماذا كانت "مائة عام من العزلة" أجمل ما كتب ماركيز، ولماذا كانت "الجريمة والعقاب" أروع ما قرأت لدوستويفسكي، ولماذا جعلتني رواية "البؤساء" لفيكتور هيجو أشعر بالحنق؛ لأنها جميعاً كانت تتسم بالصدق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: Rawia)
|
مراحب يا راوية وبركة الشوفناكِ تاني .. الظاهر عُمر الشقي بقي (زي ما بيقولوا)
إنتي من الزمن داك ما أهديتي؟ :)
أكيد ممكن طبعاً
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
ولكن! ماذا عن أخلاقية الكتابة حول هذه القصة؟ هل أشتري مجدي المتوقّع بخيانة مؤكدة؟ كيف سأتخلّص من لعنات الضمير المتلاحقة التي سوف لن ترحمني ليلاً، فتظل تطاردني كأشباح موتى ناقمة، حتى أستسلم لرغباتها المجنونة، وينتهي بي الأمر ملقاة من هاوية صخرية سحيقة، أو معلّقة على جذع شجرة بلّوط عتيدة، تُؤرجحني الريح كورقة قنّب هزيلة وذابلة؟
منذ أسابيع وأنا غارقة في فضولي، ومنهمكة في ترتيب الرسائل والصور والأرواق المطبوعة التي وجدتها داخل صندوق بائس في خزانة الملابس الخاصة بروبن سينجر، ولا أدري كيف انتهى هذا الفضول الساذج إلى رغبة في الكتابة فيما بعد؟ بل، وكيف تحوّلت تلك الأوراق والصور والرسائل إلى قصة متكاملة يُمكن لها أن تعيش كما أراد لها أبطالها؟ لا أعلم، ولكن ما أثق به: أنّ هذه المصادفة لم تكن من أجلي ولاشك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع "مقدمة الرواية"
أتساءل عن جدوى نشر هذه القصة الآن، وأنا أبدو كإحدى عرائس القماش المربوطة بخيط رفيع إلى يد ماهرة الحركة. دمية تلعب دورها في فصول قصة لا تعلم عنها الكثير. دمية ترقد بسلام في صندوق الدمى بعد أن يُسدل الستار، دون أن تعلم أن ثمة حكاية عظيمة، وراء هذا الستار المخملي الأحمر. يالضآلة الذات! وتفاهة الملذات!
إنّ من واجبي على نفسي كي لا تسبّني أيها القارئ الكريم، وحتى لا تنهال عليّ باللعنات، أنّ أوضحّ جزءاً من الحقيقة؛ فكل ما ستقرأه هنا لم أكن أعرفه قبلك إلاّ بعدة أسابيع فقط، رغم أنّي كنتُ في بداياتها منذ سنوات. إنها قصة يحق لك أن تقرأها كيفما تشاء، وأن تشعر بها أو ألا تفعل، وأن تعجبك أو أن ترمي بها في مكبّ النفايات، فقد جمّعتُ فصولها من سلّة المهملات على أيّة حال!
كارولين باركر روائية خائنة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: عمر صديق)
|
الأخ: عمر صديق
الله يبارك فيك يا رب وأكيد النسخ المجانية محفوظة للجميع فقط بمجرّد أن أتحصّل على نسخي المجانية من الناشر
لك مني كل التحية
| |
|
|
|
|
|
|
|